Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

عيد التجديد

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
عيد الفصح- بيساح
عيد التجديد
عيد المظال
يوم السبت
أعياد اليهود
عيد الكفارة
التطهير
عيد رأس السنة اليهودية

 عيد التجديد  "عيد الأنوار"  Fest of Dedication:

واسمه بالعبرية "حنُّوكا" Hanukkah والتي تعني "التدشين" (أي المسح بالزيت) لذلك دُعي أيضًا "عيد التدشين"، وباليونانية Egkainia أي التجديد.

عيد التجديد ،عيد الأنوار ،

 هو طقس ديني يستمر لمدة 8 أيام ويبدأ من مساء اليوم الخامس والعشرين من الشهر اليهودي كسلو . وهذا العيد إحياء لذكرى الانتصار التاريخي لمجموعة صغيرة من المكابيين على قرار الحاكم اليوناني السوري .
وقد بدأت قصة عيد التجديد في عهد الأسكندر الأكبر الذي غزا سوريا ومصر وفلسطين، لكنه ترك هذه الأراضي وهي تحت سيطرته تمارس عقائدها، ولتبقى هذه الأراضي إلى درجة ما مستقلة . وبعد مرور أكثر من قرن ، أصبح خليفة الأسكندر أنطيوخس أبيفانوس ملك اليونان وسوريا . وأجبر اليهود ليعبدوا الأوثان و يأخذوا بأسلوب الحضارة اليونانية . وقد قُتلت أسر يهودية بأكملها بسبب تقاليدهم في يوم السبت وفى الختان . فقد قتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ،الذين رفضوا عبادة أي ألهة أخرى.
وفى عام 167 ق . م ، زحف هذا الملك إلى أورشليم ودخل الهيكل ودنسه. ونصب تمثال الإله زيوس في داخل الهيكل ، وبنى مذبحا له . وعلى المذبح قدم خنزير كذبيحة وهو الحيوان الذي تحرم التوراة اليهود من أكله . وقد أحضر دم الخنزير إلى داخل قدس الأقداس ، وهو المكان الذي لا يدخله أحد حتى رئيس الكهنة ألا في يوم الغفران. فلم يسمع بمثل هذه البغضة من قبل.
في قرية مودين اليهودية ، جمع الجنود اليونانيين الناس في ساحة المدينة ، وبنوا مذبح هناك ،وأمروا الكاهن الكبيرمتتيا أن يقدم خنزيركذبيحة للناس ليأكلو. فرفض متتيا أن ينجس نفسه وشعبه وقد أصر الجنود على هذا مقدمين حافز مالي كبير. أخيرا ، تطوع رجل من أهل القرية ليتعاون مع هؤلاء الجنود . وبينما يقترب الرجل من الخنزير ، جرى متتيا الكاهن فجأة تجاهه وضربه بمطرقة كبيرة وقتله (لذلك جائت التسمية مكابيين وتعني مطرقة). بعد ذلك سحب أولاد متتيا الخمسة أسلحتهم، و أوقعوا الجنود ، ثم توجهوا نحو التلال ، وقد صاحبهم بعض الرفقاء الثائرين ، ومن ثم بدأت ثورة غير متكافئة ضد الإمبراطورية اليونانية السورية القوية .
بعد ذلك بقليل ، نسبت قيادة الجيش اليهودي الشعبي إلى يهوذا ابن متتيا ، الملقب بالمطرقة أي المكابي في العبرية ، ومن هنا عرفوا هؤلاء الثوار بهذا الاسم بالمكابيين. وبعد ثلاثة سنوات من حرب شعبية ، حققت الثورة النصر. وفى اليوم الخامس و العشرون من الشهر اليهودي كسلو من عام 165 ق. م ، دخل المكابيون المنتصرون إلى الهيكل المدنس و المهدم تقريبا. لذلك بدأوا في اعادة البناء والتطهير.
إن الشعلة الخالدة ، والباقية في منارة الهيكل ، وهى متفرعة إلى سبعة مصابيح عظيمة ، وهى أساس العبادة الإسرائيلية ، قد أطفئت . فقد دنس اليونانيون تقريبا كل الزيت المقدس المستخدم لإنارة منارة الهيكل . فقد ظل وعاء صغيرا واحدا غير مدنس يكفى احتياج يوم فقط من الزيت. ولكي يقدس الكهنة المزيد من الزيت ، يحتاجوا إلى8 أيام . بالرغم من ذلك أضاء رئيس الكهنة المنارة وحدثت المعجزة : فقد استمرت شعلتها مضيئة لمدة 8 أيام.
ولتخليد (لأحياء ذكرى) هذا الحدث ، فقد قرر أن منذ ذلك الوقت فصاعدا ، أن هذا يكون عيد ديني يحتفل به سنويا وذلك بإضاءة شعلة واحدة كل يوم لمدة 8 أيام . ومن ثم عرف عيد التجديد بعيد الأنوار. والمنارة التي تستخدم في عيد التجديد لها 9 أفرع ، 8 لإحياء ذكرى أيام العيد الثمانية . ففي الاحتفال يضيء اليهود في كل ليلة في عيد التجديد الشموع التي في منارتهم ، أبتدا من الشمعة الوسطى(وهى الشمعة المتوسطة التي تضيء الشمع الأخر ، وفى بعض المنارات الأخرى ترتفع عن الثمانية الأخرين). ولا يزال اليهود يحتفلون بهذا العيد حتى اليوم، فتجتمع الأسرة حول الأب وهو يوقد الشموع مع صلاة شكر لله على تحريره لشعبه من الاضطهاد والجور، وتوزع الهدايا والعطايا للأطفال.

********
ويأتي ذكره في سفر المكابيين الثاني (2مك1:10-8)، وهو خاص بذكرى انتصارات المكابيين لمدة ثلاثة سنوات (16-164 ق.م.) إذ كان أنطيوكس ملك سوريا قد هاجَم اليهودية ودخل هيكل أورشليم وأشاع فيه الخراب ونهب نفائسه وفرض الديانة اليونانية على الشعب اليهودي، فاعتنقها كثيرون منهم وقد تمرد متاتيا وخرج مع أبنائه إلى الجبال وأعلن الحرب على انطيوكس. فلما مات خلفه في زعامة المتمردين ابنه يهوذا الملقب بـ"المكابي". وقد ظل هذا يقاتل حتى استطاع الاستيلاء على أورشليم، وهناك وجد الهيكل وقد التهمت النار معظمه ونجَّسوا مذبح المحرقة بإقامة صنم بعل "شاميم"، وإذ لم يجد يهوذا وسيلة إلى تطهير حجارته من الدنس الذي لحق به حسب الشريعة اليهودية هدمها وجاء بحجارة جديدة وأعاد بناء المذبح من جديد وقام بتطهير الهيكل.
وقد "أتموا تدشين المذبح في ثمانية أيام، وقدموا المحرقات بفرح وذبحوا ذبيحة السلامة والحمد. وزينوا وجه الهيكل بأكاليل من الذهب وتروس ودشنوا الأبواب والغرفات وجعلوا لها مصاريع.. ورسم يهوذا وأخوته وجماعة إسرائيل كلها أن يُعيَّد لتدشين المذبح في وقته سنة فسنة مدة ثمانية أيام؛ من اليوم الخامس والعشرين من شهر كسلو بسرور وابتهاج" (1مك56:4-61). "كما في عيد المظال.. ولذلك سبحوا لمن يسر تطهير هيكله وفي أيديهم غصون ذات أوراق وأفنان خضر و سعف" (2مك7،6:10). ويسميه يوسيفيوس "عيد الأنوار" إذا كانت تُضاء الأنوار في البيوت والمجامع والشوارع، بينما كان اليهود يطلقون عليه اسم "عيد المكابيين"، ويذكره التلمود كذلك باسم "عيد النور". وكان نظام الإنارة يبدأ بوضع نور واحد في اليوم الأول، ثم يضيفون إليه نورًا آخرًا كل يوم حتى الثمانية الأيام.
كان اليهود يعتبرون هذا العيد من أهم وأعظم أعيادهم، وكانوا يجعلون له من أسباب البهجة ما كانوا يجعلون لعيدي الفصح والمظال فينيرون بيوتهم ، معتبرين أن تجديد الهيكل هو إعادة عودتهم تحت مظلة (خيمة الله)، أو ود حلول الله وسطهم، كما في أول خيمة في البرية وفي تدشين هيكل سليمان حينما حل الله ببهائه وملأ الخيمة أو الهيكل. وهذا في الحقيقة كان رمز مجيء الرب بالفعل وحلوله وسط إسرائيل "عمانوئيل الذي تفسيره: الله معنا" (مت23:1).
وجاء ذكر "عيد التجديد" في العهد الجديد كذلك في (يو22:10)، أما العلاقة بين تعالم الرب وبين طقوس هذا العيد ومعناه، فكانت تتركز في الربط بين آمال اليهود الملتهبة التي تثيرها ذكر انتصارات المكابيين وتخليص الأمة اليهودية من أعدائها، وبين موضوع الخلاص الذي ينادي به المسيح كقائد النور والخلاص الأبدي الذي خلَّص خرافه ودشَّن هيكله بدمه.
وحينما كان يُفتَح باب الخراف في الهيكل لتدخل خراف العيد للذبائح اليومية، وقف المسيح يقول: "أنا هو باب الخراف" (يو7:10) للهيكل الجديد، "كما هو مكتوب أننا من أجلك نُمات كل النهار، قد حُسِبنا مثل غنم للذبح" (رو36:8).

******************

 أساس عيد التجديد هو تجديد بناء هيكل زربابل:

بعد ثمانية وأربعين عاماً من تدمير نبوخذ نصر لهيكل سليمان ، انتهت الإمبراطورية البابلية ( 538 ق.م.) وحلت محلها الإمبراطورية الفارسية بانتصار كورش ملك فارس . وفي السنة التالية اصدر كورش الملك أمراً بعودة اليهود المسبيين ، إلى بلادهم وإعادة بناء الهيكل فى أورشليم ( 2 أخ 36 : 23 ، عز 1 : 1 - 4 ) ولم يقتصر الأمر على زن يأمر كورش بإعادة أوانى الهيكل المقدسة ( عز 1 : 1 - 11 ) ، بل زمر داريوس الملك أيضاً بأن تُغطى النفقـــــــــة (التكاليف ) من بيت الملك وأمر حكام الولايات الواقعة غربى الفرات بأن يقدموا لليهود كل ما يلزم لبناء الهيكل وتقديم الذبائح أيضاً (عز 6 : 3 - 12 ) .
عادت الجماعة الأولى من المسببين - ولم يتجاوز عددهم أربعين ألفا - بقيادة " شيشبعر رئيس يهوذا " (عز 1 : 8 و 11 ) ، والذى يرجح الكثيرون أنه الاسم البابلى لزربابل الذى يسمى " والى يهوذا" ( حج 1 : 1 ) وكان معهم أيضاً يشوع أو يهوشع الكاهن العظيم ( عزه : 5 ، زك 3 : 3 ) .
وكان أول عمل قاب به يشوع وزربابل هو بناء المذبح فى موقعه القديم ، في الشهر السابع من عودتهم من السبي ، وقدموا عليه الذبائح ( عز 3 : 3 ) ، وطلبوا من الصيدونيين والصوريين فأمدوهم بخشب أرز من لبنان لبناء بيت الله (عز 3 : 7 ) . ووضعوا أساس الهيكل فى السنة الثانية باحتفال عظيم وسط بكاء الرجال المسنين الذين رأوا البيت السابق الذي بناه سليمان ( عز 3 : 8 - 13 ) .
ولكنهم قوبلوا بمعارضة شديدة من السامريين وغيرهم ، الذين أرادوا أن يشاركوهم فى بناء البيت ، ولكن زربابل ويشوع وبقية رؤوس الآباء رفضوا هذا العرض . فأرسلوا شكوى لملك فارس ، كان من نتيجتها أن توقف العمل في بناء الهيكل مدة خمسة عشر عاماً إلى السنة الثانية من ملك " داريوس هستاسبس "( 250 ق.م . - عز 4 ) .
وجاء النبيان حجي وزكريا وأيقظا حماسة الشعب - التى كانت قد فترت ، فاستصدروا إذنا جديداً من الملك ، واستأنفوا البناء بسرعة حتى تم في 516 ق.م . واحتفلوا بتدشينه بفرح عظيم ( عز 5 ، 6 ) .
وليس لدينا سوى القليل من المعلومات عن هذا الهيكل . لقدبُني على نفس الموقع القديم . وعدم مضاهاته هيكل سليمان في العظمة والفخامة ( عز 3 : 12 ، حج 2 : 3 ) لا علاقة له بحجم الهيكل وأبعاده ، فإن مجد البيت الأول - المشار إليه - إنما يشير إلى فخامة المبنى وما كان يزدان به هيكل سليمان من ذهب وفضة وحجارة كريمة ، ووجود تابوت العهد به ، الذى لم يكن فى هيكل زربابل . وتذكر المشنا ( أحد كتب التلمود اليهودي ) أن هذا الهيكل كانت تنقصه خمسة أشياء : التابوت ، والنار المقدسة ، وسحابة المجد ، والروح القدس ، والأوريم ،التميم .
وكان الهيكل مقسما مِثل سابقه - إلى القدس وقدس الأقداس بنفس النسب بلا شك . ونجد إشارة إلى الحجاب الذي كان يفصل بين القسمين فى 1 مل 1 : 22 . ولم يكن في قدس الأقداس شىء سوى حجر كان يضع عليه رئيس الكهنة المنجرة في يوم الكفارة .
أما القدس فكان ، أدواته : المذبح الذهبي ( أي مذبح النجور ) ، ومائدة واحدة لخبز الوجوه ، ومنارة ذات سبع شعب . وقد أخذ هذه جميعها أنطيوكس إبيفانس ( 1 مك 1 : 21 و 22 ) . ولكن جددها بعد ذلك يهوذا المكابي الذي قام بتطهير الهيكل مما دنسه به أنطيوكس ، كما هدم يهوذا المذبح المدنس وبنى مذبحاً جديداً ( 1 مك 4 : 41 - 50 ) وأصبح ذلك اليوم أساساً للاحتفال " بعيد التجديد " ( يو 10 : 22 ) .
وما جرى لهذا الهيكل بعد ذلك نجده مفصلا فى سفر المكابيين الأول وفي تاريخ يوسيفوس ، وفي الإصحاح الخمسين من سفر يشوع ابن سيراخ ( الأبوكريفي ) حيث نقرأ أن سمعان بن أونيا الكاهن العظيم رمم البيت وبنى سوراً شامخا حول الهيكل ( 50 : 1 ر 2 )
كما قام يوناثان المكابي بعمل المزيد من التحصينات ، وكذلك يوحنا هركانس ( 134 - 103 ق.م. ) الذي كان أول ملك أسموني يشغل مركز رئيس الكهنة أيضا . ومن المعروف أن هركانس هو الذي بنى القنطرة الكبيرة فوق وادى التيروبيون ، والتى ربطته بفناء الأمم . كما أن " الكسندريانيوس " ( 101 - 75 ق.م.) هو الذي بنى الدوايزين الذي يفصل فناء الكهنة عن فناء إسرائيل . وقد تعرض الهيكل للتخريب عند استيلاء بومبي - القائد الروماني - على أورشليــــــم ، واقتحامه للهيكل في يوم الكفارة ، بعد حصار دام ثلاثة أشهر . وكذلك عند اقتحام هيرودس لأورشليم ( 37 ق.م. )

 

***********************

قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية
شرح كلمة
عِيد التَّجْدِيد
أحد الاعياد اليهودية السنوية أنشأ الاحتفال به يهوذا المكابي سنة 165 ق.م. تذكارًا لتطهير الهيكل به وتجديده (عيد تدشين الهيكل) . وبعد ثلاث سنوات دنسه اليونانيين بأمر أنطيوخس أبيفانيس سنة 163 ق.م. كما جاء في تاريخ المكابيين الأول 4: 52 - 59.
ويسمى هذا العيد أيضًا عيد الأنوار كما ورد في تاريخ يوسيفس (اثار 12: 7) وكان الاحتفال بهذا العيد يشبه الاحتفال بعيد المظال ويدوم ثلاثة أيام ابتداءً من 25 كانون الأول (ديسمبر). ويقع عادة في الشتاء وقد حضره المسيح مرة على الأقل وفيه ألقى خطابًا على الجمهور المعيج (يوحنا 10: 22) وما زال اليهود يحتفلون به للآن.

*****************

المراجع

(1) موقع الأنبا تكلا  http://st-takla.org/

(2) كتاب الأعياد (من سلسلة دراسات لاهوتية في العهد القديم -4) – الراهب القمص مرقوريوس الأنبا بيشوي
(3) Encyclopedia Judaica
(4)  The interpreter's Dictionary of the Bible, Abingdon
(5) Harper's Bible Dictionary
(6) The Mishnah, Herbert Danby
************************************************************************************************

(1) حقبة من التاريخ اليهودى/ قصــة عيد حانوكا

حــانــــــوكـــــــا : عيد الأنوار أو عيد التجديد

 

يفتقر الأقباط عامة وبعض رجال الإكليروس إلى معرفة جعرافية الكتاب المقدس بعهديه وكذا التاريخ المرتبط به وألاثار التى تشير إلى صدقه وتؤيده  والتقاليد والعادات اليهودية الدينية والمدنية التى عاشها يسوع المسيح  والفروق التى بين العقيدة الأرثوذكسية وبقية الطوائف وبقية الأديان بما يسمى الدين المقارن وقد أهمل دارسى الكتاب المقدس من الأقباط هذه الفروع  وجعلوها سطحية  مع أن بعضها يدرس فى  الإكليريكية وبالكنيسة ووسائل الإعلام المسيحية ودارت عظات بعض الكهنة حول أسماء شخصيات رهبانية أو شهداء مما كان السبب فى ضياع إسم يسوع بين أسماء لا حصر لها من الرهبان والقديسين والشهداء التى نسمع عنهم أكثر مما نسمع عن يسوع حتى جف الينبوع وتشققت ألابار وإشتاق الشعب لسماع إسم يسوع يرن فى جنبات كنائسنا يفيض بالمياة الحية فترتوى النفوس ويشبع الجياع ويشفى المرضى وتخرج الشياطين حينئذ تشرق شمس البر فلا تغيب عن كنائسنا النعم والبركات والمواهب الروحية واليوم هذه المقالة حقبة من التاريخ اليهودى وضعتها فى صورة مبسطة من الخروج حتى العصر المكابى ينتفع به كل من الدارس والقارئ العادى والأراضى المقدسة حدثت على أرضها أكثر من 200 معركة حربية  ولا يوجد على الكرة الأرضية مكان حدثت فيه هذا الكم من المعارك غير التى حدثت على ارضها فى العصر الحديث أثناء الإنتداب الإنجليزى وقيام دولة إسرائيل كما تضيف للقارئ معلومة عن أحد الاعياد اليهودية السنوية ويسمى حانوكا أى عيد الأنوار أو عيد التجديد مارس فيه المسيح ذاته عادات الإحتفال اليهودية (يوحنا 10: 22) وهذا العيد كان وما زال عيدا دينيا وقوميا فى نفس الوقت إحياءا لذكرى أعادة اليهود تجديد وتدشين الهيكل الثاني في أورشليم القدس سنة 164 ق. م مكان الهيكل الأول الذى بناة سليمان وأصبحوا أمة مستقلة على الأرض التى وعدهم الله بها

*********************************

 عيد التجديد والبروتستانت

هناك أسفار مقدسة من العهد القديم لم يضعها البروتستانت في طبعات الكتاب المقدس الخاصة بهم واسموها الأسفار المحذوفة ويذكر التاريخ أن مارتن لوثر مؤسس المذهب البروتستانتى وأتباعه حذفوا أيضا في زمانهم أسفارًا أخرى من العهد الجديد مثل سفر الأعمال ورسالة يعقوب وقيل أنهم حذفوا أيضًا سفر الرؤيا غير أنهم أعادوا هذه الأسفار لمكانها في الكتاب المقدس وتتضمن الأسفار التى حذفها البروتستانت أحداث تاريخية يهودية هذه الأسفار لم يختلف أحد من المؤرخون على صدقها والبروتستانت يعتبرون أن هذه الأسفار لا ترتقي إلى مستوى الوحي الإلهي وهي من وجهة نظرهم أسفارًا مدسوسة على الرغم من أن كلا من الأرثوذكس والكاثوليك يؤمنون بقانونية هذه الأسفار ويسمونها الأسفار القانونية الثانية  ومن أكبر الأدلة على صدق هذه الأسفار وقانونيتها هو أن عيد التجديد أو عيد الأنوار مارسه الرب يسوع  ذاته وورد ذكره في (يوحنا 10: 22) وهو عيد اسسه يهوذا المكابي سنة 165 ق.م. تذكارًا لتطهير الهيكل  وتجديده بعد أن دنسه أنطيوخس أبيفانيس بذبح خنزيرة على باب الهيكل سنة 163 ق.م. ووردت هذه الأحداث التاريخية فى أحد الأسفار التى حذفها البروتستانت (المكابيين الأول 4: 52 - 59.) كما أورد ذكر هذا العيد المؤرخ اليهودى الشهير يوسيفس (اثار 12: 7) ولربما كانت هناك علاقة ما بين عيد الحانوكا (التجديد) عيد الأنوار ابتداءً من 25 كانون الأول (ديسمبر) وميلاد السيد المسيح الذى كان فى نفس هذه الفترة وأن إنتشار مظاهر هذا العيد بإضائة الأنوار فى ميلاد المسيح عند شعوب فى الغرب  اساسها عيد الأنوار اليهودى فى هذا الميعاد بالذات فى كل سنة

**********************************

كيف يحتفل اليهود بعيد حانوكا / الأنوار؟

 يحتفل اليهود بعيد حانوكا (عبرية: חֲנֻכָּה)  وتعني بالعبرية "تدشين"  / الأنوار / التجديد  ويشير هذا الاسم إلى تدشين هيكل سليمان من جديد بعد ترميمه على يد الحشمونيين إثر إنتصارهم وموعده ابتداء من 25 من شهر كيسليف بالتقويم العبري وحسب التقويم الميلادي بين الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر والأسبوع الأخير من شهر ديسمبر مدة الإحتفال حوالى 8 أيام وهو من الأعياد اليهودية الصغيرة حيث لايعتبر عطلة بل فترة سعيدة فقط، تتميز بالامتناع عن الحداد والتعبير عن الحزن والقيام ببعض الطقوس الدينية الخاصة وتوقد في مساء كل يوم من أيامه بمعدل شمعة كل يوم في شمعدان ذو سبعة أو تسعة فروع ينتهى كل فرع بشمعة ويوجد فى كل بيت يهودى وهو معد خصيصا لذلك الغرض ويسمى مينــورات  يتم إضاءة شمعة واحدة في اليوم الأول ثم شمعة ثانية في مساء اليوم الثاني وهكذا حتى تكتمل إضاءة الشموع السبعة أو الثمانية  ويوضع الشمعدان عند إحدى نوافذ البيت ليمكن مشاهدته من الخارج فتظهر نوافذ بيوت المدة اليهودية مضائة وتشير هذه الأنوار إلى الإشارات التى كان يرسلها الثوار المكابيين لبعضهم البعض بإشعال نار من فوق أعالى الجبال ، ومن الأطعمة التقليدية في هذا العيد الكعك المقلي بالزيت وفطائر البطاطس المقلية  ومن تقاليد العيد أيضا منح الأطفال دوامات رباعية الأضلاع يلعبون بها مكتوب عليها الأحرف الأولى لكلمات جملة "معجزة كبيرة حدثت هنا"، كما أنه يجري بمناسبة العيد مسابقة العدو بالتتابع من موديعين إلى أورشليم القدس لنقل مشعل العيد ويتم نصب الشمعدانات الكهربائية العملاقة في الساحات والمباني العامة.

***********************************

حقبة من التاريخ اليهودى

أولا : عصر الحرية من الخروج حتى الإنقسام

إن التاريخ اليهودى ملئ بالأحداث الشيقة فالشعب اليهودى مرتبط بوعد إلهى وعهدا مشروطا فى التوراة بأن يعطيهم  الأراضى المقدسة من النيل إلى الفرات بشرط أن  يسيروا طبقا لفرائضة مطبقين الشريعة الموسوية  واليهود كما هو معروف يوظفون الدين لخدمة الدولة (دين ودولة) والتاريخ اليهودى ملئ بالأحداث التى تركوا فيها شريعة إلههم فكان الرب يدفعهم لأيدى جيرانهم  ويمكن تقسيم التاريخ اليهودى لحقبات مميزة أولها : حقبة التاريخية من خروج بنى إسرائيل من مصر وتكوينهم دولة واحدة إلى أن إنقسمت دولتهم وفيما يلى ملخص لهذه الحقبة ..  خرج بنو إسرائيل من أرض مصر نحو سنة 1446 ق.م.، وتغربوا في أرض سيناء 40 سنة مات في نهايتها موسى النبي وتولى يشوع المسئولية فدخل بالشعب إلى أرض كنعان نحو 1406 ق.م وعاش معهم ثلاثين عامًا بدأ بعدها عصر القضاة خلال الفترة من (1375 - 1050 ق.م.) على مدار نحو 325 عامًا وبدأ عصر الملوك بمُلك شاول أول ملوك إسرائيل (1050 - 1010 ق.م.) أعقبه داود ثاني ملوك إسرائيل (1010 - 970 ق.م.) أعقبه سليمان ثالث ملوك إسرائيل (970 - 930 ق.م.) وبذلك عاشت إسرائيل مملكة موحَّدة تضم جميع الأسباط خلال الثلاثة ملوك وهم شاول وداود وسليمان خلال فترة تبلغ نحو مائة وعشرين عامًا أعقبها انشقاق المملكة اليهودية في بداية عصر رحبعام إلى مملكة إسرائيل في الشمال مكونة من عشرة أسباط عاصمتها السامرة وأقاموا هيكلا آخر على جبل جرزيم  بدلا من الذهاب إلى أورشليم وكان أول ملوكهم يربعام بن نباط وهو ليس من بيت داود وكانت هذه المملكة هي الأكبر من حيث المساحة والعدد ودامت دولتهم 250 سنة وانتهت سنة 721 قبل الميلاد حينما غزاهم سرجون ملك آشور واستولى على السامرة وسبى الأسباط وأجلى اليهود إلى ما وراء نهر الفرات وبذلك انتهت هذه الدولة ولم تقم لها قائمة.ومملكة يهوذا في الجنوب وهم سبطين يهوذا ولاوى وعاصمتهم أورشليم وإحتفظوا بالهيكل الذى بناه سليمان على جبل المريا  وكان أول ملوكها رحبعام  ابن سليمان من نعمة العمونية (1 مل 14: 13) ومع أنه كان ابن رجل حكيم إلا أنه كان ضيق التفكير فبعد موت سليمان حوالي سنة 931 ق.م. اجتمع في شكيم ممثلون للاثني عشر سبطًا ليجعلوه ملكًا إذ كان هو الوارث الشرعي فطلبوا منه أن يخفف من النير الذي حمّلهم إياه أبوه   أما هو فقد أمهلهم ثلاثة أيام. فاستشار الملك رحبعام الشيوخ الذين كانوا يقفون أمام سليمان أبيه وهو حي قائلًا كيف تشيرون أن ارد جوابا إلى هذا الشعب فكلموه قائلين أن صرت اليوم عبدًا لهذا الشعب وخدمتهم واحببتهم وكلمتهم كلاما حسنا يكونون لك عبيدا كل الأيام فترك مشورة الشيوخ التي اشاروا بها عليه واستشار الاحداث الذين نشاوا معه ووقفوا امامه. وقال لهم بماذا تشيرون انتم فنرد جوابا على هذا الشعب الذين كلموني قائلين خفف من النير الذي جعله علينا ابوك. فكلمه الاحداث الذين نشاوا معه قائلين هكذا تقول لهذا الشعب الذين كلموك قائلين ان اباك ثقل نيرنا واما أنت فخفف من نيرنا هكذا تقول لهم أن خنصري اغلظ من متني ابي. والان ابي حملكم نيرا ثقيلا وأنا ازيد على نيركم ابي ادبكم بالسياط وأنا اؤدبكم بالعقارب الأمر الذي أثار في الشعب روح الغضب والثورة وأدى إلى انقسام المملكة. وخرج عليه عشرة أسباط سميت باسم مملكة إسرائيل ولم يبق معه سوى سبطي يهوذا وبنيامين وقد سميا باسم مملكة يهوذا (1 مل 12 و2 أخبار 10) وقد عاشت هذه المملكة أكثر من أختها إسرائيل وتعرضت لغزوات من الشمال والجنوب وكان آخرها على يد نبوخذ نصر ملك بابل الذي غزاها سنة 606 ق.م وتغلب عليها ودفعت له الجزية، ثم ثارت مرة أُخرى فغزاها سنة 593 فسبى  شعبها  من بينها أعيانها وأشرافها ونهب كنوز الهيكل وثارت عليه سنة 593 ق.م فأتاها هذه المرة سنة 586 ق.م وهدم أسوارها وأحرق الهيكل وسبى اليهود إلى بابل - وقد انتشرت العبادة الوثنية في مملكة إسرائيل منذ بدايتها وبعد ثلاث سنوات سارت ملكة يهوذا في ذات الطريق الذي سلكته إسرائيل (1 مل 14: 21-24 و2 أخبار 11: 13-17 و12: 1).

********************************* 

ثانيا : بعد الإنقسام حتى السبى البابلى

بعد إنقسام المملكة اليهودية لمملكتين تنازعت عليهما الإمبراطورية الاشورية والمصرية كل واحدة منهما تريد ضمهما إلى أملاكها  وحدث أن ساندت المملكة الشمالية (إسرائيل)  الجانب المصري مما أثار حفيظة سنحاريب ملك آشور الذي صمم على إخضاع تلك المنطقة فقام بحملة على المملكة الشمالية في عام 697 قبل الميلاد فحطم هيكلها و شرد أهلها وقام باعمال القتل والسبي في أهلها  وأخذهم سبياً إلى آشور و انتهى بذلك ذكر المملكة الشمالية وبقيت المملكة الجنوبية يهوذا فتره من الزمن  فقد قامت على أساس أكثر رسوخًا وصمدت أورشليم بهيكلها وكهنوتها أمام الأعداء الذين أطاحوا بالسامرة عاصمة المملكة الشمالية لمدة نحو قرن ونصف بعد سقوط السامرة  وقد حاول الآشوريين اسقاط مملكة يهوذا أيضا بسبب عدم قبولهم دفع الجزية إلى ملك آشور {و يقول الكتاب المقدس بعد ان شتم الملك سنحاريب اله مدينة أورشليم ارسل الله الملاك فقتل 850 الف من الجيش الاشوري فعادوا ادراجهم و لم يقدروا اسقاط المملكة اليهودية} بعد سقوط مملكة آشور أصبح الصراع بين إمبراطورية البابليون والمصريون سجالا حتى تمكن البابليين من هزيمة المصريين وأخضعوا بالتالى تلك المنطقة بالكامل

*********************************

سبى البابليون الأول لليهود

وكان السبي الأول فى 606 ق.م.: حيث ورد فى في سفر دانيال "في السنة الثالثة من ملك يهوياقيم ملك يهوذا، ذهب نبوخذ نصر ملك بابل إلى أورشليم وحاصرها" (دانيال 1: 1) وأخذ معه بعض آنية بين الله وبعض أفراد من النسل الملكي وشرفاء يهوذا وكان من بينهم دانيال النبي ورفقائه كما شمل السبى الأول  الملك يهوياقيم نفسه : " صعد نبوخذنصر ملك بابل وقيده بسلاسل نحاس ليذهب به إلى بابل" (2أخ 36: 6) 

*********************************

سبى البابليون الثانى لليهود

وكان السبي الثاني فى 597 ق.م : جاء نبوخذ نصر بنفسه في أثناء حصار جيشه لأورشليم فاستسلم له يهوياكين فأخذ نبوخذ نصر ملك بابل، الملك يهوياكين وأمه وعبيده ورؤساءه وخصيانه وجميع جبابرة البأس "عشرة آلاف مسبي، وجميع الصناع والأقيان. لم يبق أحد إلا مساكين شعب الأرض" كما حمل معه "كل خزائن بيت الرب وخزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك، وكسَّر كل آنية الذهب التي عملها سليمان ملك إسرائيل في هيكل الرب، كما تكلم الرب.. وجميع أصحاب البأس سبعة آلاف، والصناع والأقيان ألف، وجميع الأبطال أهل الحرب، سباهم ملك بابل إلى بابل. وملَّك ملك بابل متنيا عمه عوضًا عنه وغَّير اسمه إلى صدقيا" (2مل 24: 10-17) وعاش يهوياكين الملك المسكين 37سنة أسيرًا في بابل. ويبدو أنه كان يحظى باحترام وولاء المسبيين الذين عاش بينهم، إلى أن رفع أويل مرودخ ملك بابل في سنة تملكه رأس يهوياكين من السجن (2مل 25: 27-30)

*********************************

سبى البابليون الثالث لليهود

وحدث السبي الثالث في 586ق.م ودمرت أورشليم : ففي السنة الحادية عشرة لصدقيا في 586ق.م في الشهر الرابع في اليوم التاسع من الشهر، ثُغرت المدينة (إرميا 39: 1 و2) بعد أن أرهقها الحصار والمجاعة ويبدو أن صدقيا ورجال الحرب لم ينتظروا بالمدينة حتى سقوطها بل هربوا من المدينة ليلًا "في طريق جنة الملك من الباب بين السورين" وساروا شرقًا نحو العربة ولكن جيش الكلدانيين سعى وراءهم، فأدركوا صدقيا في سهول أريحا وأخذوه أسيرًا وأحضروه إلى نبوخذنصر في ربلة. فقتل ملك بابل بني صدقيا أمام عينيه ثم قلعوا عيني صدقيا وقيوه بسلسلتين من نحاس وجاءوا به إلى بابل (2مل25: 4-7) ولم ينج من هذه المرة لا المدينة ولا الهيكل ولا القصر، فقد أحرق نبوزرادان "بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت العظماء أحرقها بالنار" (2مل25: 9) كما هدم جنوده أسوار أورشليم وكل ما نجا من كنوز الهيكل وأمتعته الثمينة نُقل إلى بابل  ويلخص إرميا هذه الأحداث بالقول: "فسبى يهوذا من أرضه" (إرميا 52: 27، 2مل 25: 21)

*********************************

سبى البابليون الرابع لليهود

 وحدث السبي الرابع في 581ق.م: ذكرت نبوة إرميا الدفعات الثلاث الأخيرة من السبي البابلي ففي السنة السابعة لنبوخذ نصر ملك بابل (أي في 597ق.م) سبى نبوخذ نصر 3.023 من اليهود، وفي السنة الثامنة عشر (أي في 586ق.م) سبى 832 شخصًا فحاصر الملك نبوخذ نصر مدينة أورشليم ودمر أورشليم  وهى السياسة التى يطلق عليها اليوم "الأرض المحروقة" وسبى عددا كبيرا من اليهود وأخلى الأرض منهم والتى يطلق عليها اليوم إسم "التهجير القسرى" كما دمر الهيكل الذى بناة سليمان (وكان هذا السبى البابلى لليهود سببا فى ظهور مصطلح يهود الشتات) ومع هذا السبي انتهى أي وضع سياسي جغرافي لليهود في المنطقة  ولكن لم ينسى اليهود بلادهم وأورشليم عاصمتهم فى بابل فكان اليهود يترنمون هناك بمزمور 137 الذى يقول " على أنهار بابل هناك جلسنا بكينا أيضا عندما تذكرنا صهيون على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا لأنه هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة ومعذبونا سألونا فرحا قائلين: رنموا لنا من ترنيمات صهيون  كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة إن نسيتك يا أورشليم  تنسى يمينى ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحي" وفي السنة الثالثة والعشرين (أي في 581ق.م) سبى نبوزرادان رئيس الشرط 745 شخصًا من اليهود أي أن جملة النفوس أربعة آلاف وست مائة (إرميا 52: 28-30، انظر أيضًا 2مل 24: 14-16) ويقدر جورج آدم - بناء على ما جاء في سفر الملوك الثاني ونبوة إرميا أن مجموع المسبيين كان يتراوح بين 62,000، 70,000 نسمة. ففي 606 ق.م سُبي أفراد من النسل الملكي وشرفاء يهوذا (دانيال 1: 1-4). وفي 597ق.م سبي الأمراء والشرفاء والصناع والأقيان ولم يترك سوى "مساكين شعب الأرض" (2مل 24: 14). وفي 586 ق.م سُبي "بيقة الشعب الذين بقوا في المدينة" ولكنه أبقى من مساكين الأرض "كرامين وفلاحين" (2مل 25: 12). وفي 581ق.م وهي السنة الثالثة والعشرون لنبوخذ نصر، سبى نبوزرادان رئيس الشرط سبع مئة وخمسًا وأربعين نفسًا (إرميا 52: 30). وهكذا لم يترك سوى مجموعة من مساكين الفلاحين غير المثقفين بلا هيكل ولا قائد وبلا تنظيم، أنهكهم الجوع وأحاط بهم الأعداء من كل جانب. كانوا كمية مهملة، بل صاروا عبئًا على الذين عادوا من السبي وأعادوا بناء الأمة.
********************************* 
اليهود كشعب بين الحرية والسبى
لم يؤثر على اليهود كأمة تدمير أورشليم  ولا السبى  لمدة 70 عاما ولا هدم الهيكل وحرقه والإستيلاء على مقتنياته الذهبية  ولا إفراغ الأرض منهم  بل زادهم صلابة وإصرار - فسبي يهوذا كان من الأحداث الهامة في تاريخهم الديني. فبالسبي  وجدوا أنفسهم بين شعوب وثنية انفصلوا عن نجاسات جيرانهم وحافظوا على إيمان الآباء بإله إبراهيم وإسحق ويعقوب  وبالرغم من تعرضهم للسخرية والاحتقار من الأمم حولهم تقوقعوا على أنفسهم وكوَّنوا مجتمعات منعزلة أصبحت طابعًا لهم لقد أصبحوا بلا وطن ولا هيكل ولا ذبائح ولا طقوس ولا  حتى أساس مادي لحياتهم كشعب فأدركوا أكثر من ذي قبل أهمية تراثهم وتاريخهم الدينى المسجل فى كتبهم  الذي وصل إليهم من العصور الماضية فبنوا قوميتهم اليهودية - في محيطهم الجديد - على أساس الدين. ولم تنقطع النبوة فلم ينسهم إلههم فى أرض العبودية فأرسل لهم  إرميا وحزقيال - بالكلام عن البركات الروحية التي لهم وبالوعد بالعودة فكما كان الأنبياء صريحين في الإنذار بالسبي كذلك كانوا في التنبؤ بالعودة فإشعياء بحديثه عن البقية كما أن ميخا وصفنيا وإرميا وحزقيال وغيرهم، قد أناروا الأفق أمام الأمة بالحديث عن يقين العودة ليس ليهوذا فقط بل لكل إسرائيل فستعود جبال السامرة ووديان يهوذا تزهو بكرومها وتينها بل لقد تنبأ إرميا عن مدة السبي عندما ذكر أن شعوب الأراضي سيخدمون ملك بابل سبعين سنة (إرميا 25: 12، 29: 10). وهكذا لم يجد المسبيون لهم من سند إلا في التمسك بشريعة موسى فأصبحت الشريعة والمجتمع هما رابطة العقد وإيمانهم بالعهد الذى قطعه الله لهم بأرض الميعاد التى تفيض لبنا وعسلا  وأنهم أمة مختارة من بين شعوب وأمم الأرض الوثنية
********************************* 
ثالثا : العودة من السبى وبناء الهيكل الثانى
إنتهت حقبة الحكم البابلى السابقة وأورشليم  أصبح خرابا يسكنها قلة من فقراء اليهود وغالبية أهلها مسبيين فى بابل كما هدم نبوخذ نصر الهيكل الذى بناه سليمان ونهب مقتنياته الذهبية  وظهرت قوة جديدة فى المنطقة حيث قاد ملك الفرس كورش جيشه وهاجم بابل وقضى على الإمبراطورية البابلية في 539 ق.م انتعشت آمال المسبيين فقد كان كورش هو "الفأس" التي سيسحق بها "يهوه" بابل (إرميا 51: 20)   وقد تنبأ إشعياء قائلًا: "(الرب) القائل عن أورشليم ستعمر ولمدن يهوذا ستُبنين وخربها أقيم، القائل للُّجَّة انشفي وأنهارك أجفف  القائل عن كورش راعَّي فكل مسرتي يتمم، ويقول عن أورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس" (إش44: 26-28)  لم تمض سنة على دخول كورش إلى بابل حتى أصدر مرسومًا بمنح المسبيين الإذن بالعودة وبناء بيت الرب في أورشليم (2أخ 36: 22 و23، عز1: 1-4). كما أخرج آنية الهيكل التي أحضرها نبوخذ نصر إلى بابل وسلَّمها إلى شيشبصر رئيس يهوذا فأصعدها شيشبصر معه عند "إصعاد السبي من بابل إلى أورشليم" (عز1: 7-11)
وغادر بلاد الفرس زهاء خمسين ألفا من اليهود في نطاق العودة الأولى إلى أرض إسرائيل يقودهم زروبابل وكان من ذرية الملك داود وبعد أقل من قرن قاد عزرا الكاتب العودة الثانية إلى أرض إسرائيل كانت عودة اليهود بقيادة عزرا الملهمة وبناء الهيكل الثاني في موقع الهيكل الأول وزيادة إحكام أسوار أورشليم بالإضافة إلى تأسيس "كنيست هاغدولاه" (الجمعية الكبرى) باعتبارها الهيئة الدينية والقضائية العليا للشعب اليهودي بمثابة إيذان ببدء حقبة الهيكل الثاني حيث أصبحت يهودا ضمن مقيدات الامبراطورية الفارسية بلادا  وكان على رأس احد هذين الفوجين نحميا، وهو فتى يهودي في الحادية والعشرين، وكان يعمل في البلاط الفارسي ببابل، وقد وصل على رأس فوجه في عام 444 قبل الميلاد أودعت قيادتها في أيدي الكاهن الأكبر ومجلس الأعيان في أورشليم ونجد أخبارًا مفصلة عن العودة في سفري عزرا ونحميا وفي نبوتي حجي وزكريا وقد رجع من المسبيين 42.360 بقيادة شيشبصر علاوة على العبيد وفي أيام يشوع بن صادوق الكاهن وزربابل بن شألتئيل، بنوا المذبح ووضعوا أساسات الهيكل، ولكن العمل توقف لمقاومة السامريين لعدم الإذن لهم بالمشاركة في البناء وهنا قام النبيان حجي وزكريا بحث الشعب على استئناف العمل وتشجيعهم بالقول بأن مجد هذا البيت سيكون أعظم من مجده الأول (حجي 2: 9) وأخيرًا في شهر آذار في السنة السادسة لداريوس الملك (515ق.م) تم العمل واحتفلوا بالفصح فيه (عز 6: 15-18) وبعد صعوبات عديدة واجهته نجح في بناء الهيكل ثانية في عام 515 قبل الميلاد. وكان ذلك على عهد داريوس ملك الفرس، وقد تم بناء الهيكل على نفقة حكومته. فأقاموا ببناء الهيكل في موقع الهيكل الأول (سليمان) ووسعوه توسعة عظيمة وارجعوا قدس الأقداس وأعادوا المقدسات التي استطاعوا أن يحافظوا عليها مرة أخرى وزيادة إحكام أسوار أورشليم وأطلق المؤرخون على ما بنوه  إسم الهيكل الثاني ثم حدث أن سمح الفرس لليهود بحكم ذاتي في داخل أورشليم ولكنهم افردوا لهم مكانا محدودا جدا فانحصر حكمهم لمساحة 30 كيلو متر مربع فقط من القدس وكانت تلك فقط المساحة المتاحة لليهود ليقوموا بحكمهم الذاتي فيها. فكانوا يعبدون ويتقاضون بينهم ويديرها واحد منهم واستمر حالهم كذلك من عام 515 قبل الميلاد وهو العام الذى أنتهوا فيه من بناء الهيكل الثانى وإستمروا لمدة 200 سنة ساد خلالها في هذه المملكة الصغيرة الهدوء والتسامح وبدأت أعدادهم بازدياد وبدؤوا يمتدون داخل الأراضى المقدسة ولم يعد الهيكل المكان الوحيد للعبادة إذ استمر اعتماد المنازل والمدراش كأماكن للعبادة الثانوية المهمة  وإنتهت هذه المرحلة ببناء الهيكل الثانى وأصبح تعليم موسى أساس الحياة القومية  وتمت صياغة المجتمع اليهودي على الصورة التي لم يطرأ عليها تغيير جذري طيلة القرون التالية. لتبدأ حقبة ورحلة جددة تحت حكم دولة جديدة هى الحكم الهلينى اليونانى
********************************* 

رابعــا : اليهود أثناء الحكم الهلينى / اليونانى

وغزا الإسكندر الأكبر العالم وضمّت أمبراطوريته مجموعة سياسيّة وإداريّة واحدة هى : مكدونية - واليونان - مملكة الفرس بما فيها ممتلكاتها اى التى أستعمرتها مثل مصر والشام والعراق - جزءًا من الهند ومن بعد موت الأسكندر قسم الإمبراطورية قواد جيشه وأعطى حكم مصر سنة 323 ق.م إلى بطليموس الأوّل سوتر (أي المخلّص) ابن لاجوس وأشهر قوّاد الإسكندر .وأعلن نفسه ملكًا سنة 306 ق.م  وسميت سلالته بالبطالمة كما أُعطيت بابل والشام ومن ضمنها  الأراضى المقدسة لسلوقس الأوّل نيكاتور وسميت سلالته بالعائلة السلوقية وكانت السلالتين البطلمية فى مصر والسلوقية فى الشام كثيراُ ما كانت الأحتكاكات بينهم سواء بالصداقة أو الحرب أو التزاوج وبلغت الحروب بينهم ستة سمبت بالحروب السورية وبالرغم من هذه الحروب والعداء بينهم كانت الحضارة الهلّينيّة تنموا وتزدهر فى المنطقة وكانت هي القاسم المشترك رغم كلّ الخلافات وفوق كلّ الحدود وقبل الحرب السورية السادسة إعتلى انطيوخوس الرابع السلوقى العرش [أانطيوخوس  أبيفانوس]  ما بين (175-164 ق.م)  فرض سياسة التهلين أى فرض الثقافة والتقاليد والعادات اليونانية  بالقوة على اليهود ما نتج عنه فرض إجراءات قاسية على الذين رفضوا منهم تبني الثقافة الهيلينية. ومما أثارهم حقا أنه أُرغِم اليهودعلى أكل لحم الخنزير الممنوع في الشريعة اليهودية كما فرض حظر على الاحتفال بيوم السبت والختان التى هى فريضة من فرائض التوراة وأحكام الشريعة اليهودية ،بل أنزلت عقوبة الإعدام بمن ضبط وهو يؤدي هاتين الفريضتين ضمن مسعىً استهدف فرض الثقافة الهيلينية وعاداتها وتقاليدها على السكان جميعا وفى هذه الأجواء حدثت الحرب السورية السادسة (170 ق.م) واحتل مصر وهزم البطالمة وتمت سيطرة الدولة السلوقية على الجزء الأكبر من مصر السفلى وامتد حكمه في مناطق واسعة من مصر  وفي طريق عودته قام بتدمير معبد أورشليم (القدس) في عام (167 ق.م) وتم تدنيس هيكل سليمان وتكريسه للإله اليوناني زيوس ووضع تمثال زيوس هناك ليصبح معبدا لعبادة الأوثان وتنكيلا للمقدسات اليهودية أمر بذبح خنزيرة على المذبح لمعاقبة اليهود الذين تحالفوا مع البطالمة ضد دولته وعلى أثر ذلك حدثت الثورة الحشمونية (المكابية اليهودية) (165 ق.م) وقام اليهود بثورة مسلحة إستمرت ثلاث سنوات

**********************************

Hasmonean Rebellion

الثورة الحسمونية / ثورة المكابيين (168-142 ق.م)

مقدمة

كأى محتل اتخذ أنطيوخوس الرابع قرارات لدمج اليهود في إمبراطوريته عن طريق فرض العبادة اليونانية الوثنية ونشر الثقافة والحضارة الهيلينية (إغريقية / يونانية) وإنتشرت بسرعة  النزعة الهيلينية بين أثرياء اليهود وتعاونوا بالكامل مع السلوقيين ومن جراء هذا التعاون حصلوا على حق المواطنة اليونانية وتَعاظُم نفوذهم التجاري على الصعيد الدولي  ونشأ صراع بين أعضاء الطبقة الحاكمة اليهودية المتأغرقة  للحصول على مناصب فى المجلس اليهودى الأعلى (السنهدرين)  ومنصـب رئيس الكهنة . ومما لا شك فيه أن تَزايُد الضرائب التي فرضها السلوقيون على اليهود وعانى منها الفقراء  ونتيجة للحرب مع البطالمة ضعف أنطيوخوس الرابع  وكان أوامرة بإقامة تمثال للإله الوثنى زيوس فى الهيكل وتدنيسه بذبح خنزيرة هو الذى أدى إلى ثورة اليهود علي حكمه

************************************

من هم الحسمونيين ؟

 "الحسمونيين" أو "المكابيين" وكلمة أسمونيين مشتقة من الكلمة العبرية "هسمان" (أو أسمونوس) أي "الغنى". وكان هسمان كاهنا من عائلة يهوياريب (أو يوياريب - 1مك 2: 1، 1 أخ 24:7) أما اسم المكابيين فمأخوذة عن لقب يهوذا بن متتيا ولعله اشتق من الكلمة العبرية "مكبة" بمعنى "مطرقة" أو "مكبي" بمعنى "المخمد" أو أنها الحروف الأولى من عبارة عبرية تقول: "من بين الآلهة يا رب، من يمكن أن يشبه لك؟ " وكانت هذه الحروف الأولى تكتب على أعلام المكابيين الحسمونيين هم عائلة كهنوتية مكونة من متتيا كاهنًا من بيت يهوياريب  وكان له خمسة أولاد : يوحنا _ جديس أو كديس) سمعان (متى)، يهوذا ( المكابى)، ألعازار (أواران)، ويوناثان (أفوس ). ويغلب أن متتيا كان لاجئا من أورشليم يعيش في مودين في مرتفعات اليهودية غربي أورشليم ولعله اقتنى هناك مزرعة وعندما حاول السلوقيون إجباره على تقديم ذبيحة عبارة عن خنزيرة للأوثان لم يكتف بأن يرفض فحسب بل وقتل رجلا يهوديا تقدم إلى المذبح ليقدمها كما قتل أبلس القائد السلوقى وعددا من حرسه (تاريخ اليهود ليوسفوس، المجلد الثاني عشر، الباب السادس)  وقد ظلت هذه العائلة أمينة للرب رغم كل الضيقات والتجارب حتى في الأوقات التي وصلت فيها الحياة القومية والدينية إلى الحضيض. وقد نجحوا -لفترة محدودة- في استعادة العزة القومية. وكان الأسمونيون أسرة من المحاربين ولكن تاريخ الأسمونيين يدل دلالة قاطعة على شدة تعصبهم القومى الذي استنزف قوى أمتهم أكثر مما فعلت كل الاضطهادات التي صبها عليهم أعداؤهم، وقسمت الأمة إلى أحزاب متنازعة يضمر بعضها لبعض أمر العداوة. ولم يستطع الأسمونيون -في كل تاريخهم- أن يجمعوا كل الشعب ليقف كرجل واحد من ورائهم، فقد مزقتهم المنازعات الداخلية مثلما واجهوا الأعداء من الخارج، ولم يستطع جزء كبير من الشعب مقاومة التأثير الوثني في أيام سيادة المكدونيين والسلوقيين، ولا شك أنه -من هذه الناحية- كان للآلاف من الجنود العبرانيين الذين حاربوا تحت علم اليونان تأثير بالغ وأهم مصادر معلوماتنا عن هذه الفترة هي أسفار المكابيين وتاريخ اليهود وحروبهم ليوسيفوس

 

 

رغم ان الحشمونيين كانوا متحدرين من الكهنة،‏ لم يخدم ايٌّ منهم في مركز رئيس كهنة.‏ فقد شعر يهود كثيرون ان هذا المركز لا ينبغي ان يشغله إلا كهنة متحدرون من صادوق،‏ الذي عيَّنه سليمان رئيسا للكهنة.‏ (‏١ ملوك ٢:‏٣٥؛‏ حزقيال ٤٣:‏١٩‏)‏ فاستخدم يوناثان الحرب والدبلوماسية لإقناع السلوقيين بتعيينه رئيسا للكهنة.‏ ولكن بعد موته،‏ حقق اخوه سمعان انجازا اعظم.‏ ففي ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٤٠ ق‌م،‏ صدر مرسوم مهم في اورشليم،‏ حُفر على الواح من نحاس وكُتب باليونانية:‏ «ثبَّته .‏ .‏ .‏ ديمتريوس الملك [الحاكم السلوقي اليوناني] في رئاسة الكهنوت الاعظم وحسبه واحدا من اصدقائه،‏ وأكرمه كل الإكرام .‏ .‏ .‏ اليهود وكهنتهم سرَّهم ان يكون سمعان رئيسا لهم وكاهنا اعظم مدى الحياة الى ان يقوم نبي امين».‏ —‏ ١ مكابيين ١٤:‏٣٨-‏٤١ (‏سفر تاريخي في اسفار الاپوكريفا)‏.‏

لم تكن السلطة السلوقية الاجنبية وحدها مَن وافق ان يشغل سمعان والمتحدرون منه مركز حاكم ورئيس كهنة،‏ بل ايضا «المجمع العظيم» لشعبه الخاص.‏ وقد شكَّل ذلك نقطة تحول مهمة.‏ وهذا ما عبَّر عنه المؤرخ اميل شورِر في قوله انه عندما اسَّس الحشمونيون سلالة سياسية،‏ «لم يعد اهتمامهم الرئيسي تطبيق التوراة [شريعة اليهود] بل المحافظة على سلطتهم السياسية وتوسيعها».‏ وفي محاولة لعدم جرح مشاعر اليهود،‏ اطلق سمعان على نفسه لقب «قائد الشعب»،‏ وليس «الملك».‏

ولكن لم يُسرّ الجميع باغتصاب الحشمونيين للسلطة الدينية والسياسية.‏ فعلى حدّ قول علماء كثيرين،‏ تشكّل مجتمع قمران في هذه الحقبة.‏ فقد ترك اورشليم كاهنٌ من سلالة نسب صادوق،‏ وهو على ما يُظنّ «معلِّم البرّ» الذي تشير اليه كتابات قمران،‏ وقاد فريقا مناوئا الى صحراء اليهودية عبر البحر الميت.‏ وأحد ادراج البحر الميت،‏ وهو تعليق على سفر حبقوق،‏ يدين «الكاهن الشرير الذي دُعي باسم الحق في البداية،‏ ولكنَّ قلبه صار متعجرفا عندما حكم اسرائيل».‏ ويعتقد علماء كثيرون ان وصف هذه الفرقة الدينية لـ‍ «الكاهن الشرير» الحاكم ينطبق إما على يوناثان او على سمعان.‏

تابع سمعان الحملات العسكرية لتوسيع منطقة سيطرته.‏ لكنَّ حكمه انتهى فجأة عندما اغتيل هو وابناه على يد صهره بطليموس وهم في مأدبة قرب اريحا.‏ لكنَّ هذه المحاولة للسيطرة باءت بالفشل.‏ فقد حُذِّر يوحنا هيركانوس،‏ ابن سمعان الذي بقي على قيد الحياة،‏ من محاولة اغتياله.‏ فقبض على الذين كانوا سيغتالونه واستولى على الحكم ورئاسة الكهنوت مكان ابيه.‏


 


وقد أخذ التمرد شكل حرب عصابات، فتجنب الحشمونيون المعارك النظامية مع القوات السلوقية، وكانوا يلجأون إلى نصب الكمائن والحركة السريعة والهجمات الليلية. وكان مركزهم في الريف حيث القوى الشعبية، وليس في المدينة حيث الأثرياء والتفوق الهيليني. وأثناء الثورة، ذبح الحشمونيون أعداداً كبيرة من اليهود دعاة الهيلينية، وقاموا بتختين أولادهم عنوة، كما ذبحوا أعداداً كبيرة من السكان غير اليهود.

قاد التمرد عام 168 ق.م الكاهن ماثياس الحشموني وأبناؤه الخمسة. ولكن القوات السلوقية ألحقت به الهزيمة، فلقي مصرعه وهو يحاول الهرب، فتولى ابنه يهودا المكابي القيادة من بعده وسيطر على كل مقاطعة يهودا السلوقية، ثم استولى على القدس عام 164 ق.م باستثناء قلعة يونانية. وقام بتطهير الهيكل وهي المناسبة التي يُحتفَل بها في عيد التدشين (حانوكه). وقد تبعت ذلك مجموعة من الغارات، إلا أن يهودا هُزم عام 163 ق.م في المعركة التي قُتل فيها أخوه إليعازر.

ونظراً لحدوث خلافات في الأسرة المالكة السلوقية في سوريا، نجح الحشمونيون في توقيع معاهدة سلام مع السلوقيين ضمنت لهم شيئاً من الحرية الدينية. ولكن يهودا وجماعته طمعوا في الحرية السياسية، ولذا فقد استمروا في الحرب مع أن بعض القوات الحشمونية التي وجدت أن شروط التسوية مقبولة انسحبت منها. وقد تحرَّك يهودا على الصعيد الدولي، فحصل على تأييد البطالمة والأنباط، كما بعث برسالة إلى روما (القوة العظمى الصاعدة في ذلك الوقت) مؤكداً لها أن دولة يهودية مستقلة في فلسطين ستخدم المصالح الرومانية. وقد سعى يهودا إلى الحصول على الاعتراف بأن دولته دويلة صغرى لا يمكنها البقاء إلا تحت حماية دولة عظمى. وقد اعترفت روما بالفعل في عام 161 ق.م بالقوة الحشمونية.

وسقط يهودا قتيلاً عام 161 ق.م، كما قُتل الأخ الثالث يوحنا، فحل محله أخوه يوناثان الذي كان لا يزال حتى ذلك الوقت موظفاً سورياً تابعاً للسلوقيين. وقد استفاد يوناثان من الصراع الذي كان دائراً في سوريا بعد موت أنطيوخوس الرابع أثناء حربه ضد الفرثيين عام 164 ق.م، فأثار المطالبين بالعرش في سوريا الواحد ضد الآخر. وفي عام 152 ق.م، نجح يوناثان في الحصول على منصب الكاهن الأعظم وحاكم مقاطعة يهودا السلوقية من الإمبراطور السلوقي. ونجح أخوه شمعون من بعده في الحصول على إعفاء من الجزية عام 147 ق.م، كما عيَّنه المجلس الأكبر كاهناً أعظم بالوراثة وقائداً للشعب وقائداً عسكرياً (140 ق.م). وبذا، ظهرت مرة أخرى الدولة الكهنوتية التي تتسم بارتباط السلطتين الروحية والدنيوية وتتمركز حول الهيكل. وقد تم فصل منصب الكاهن الأعظم عن منصب الملك فيما بعد، ولكن الكاهن الأعظم ظل خاضعاً خضوعاً كاملاً للملك.

وقد اغتيل شمعون، هو واثنان من أبنائه، على يد زوج أخته (بطليموس) حاكم أريحا (135 ق.م)، ففرَّ ابنه يوحنا هيركانوس واستولى على السلطة قبل أن يتمكن بطليموس من السيطرة عليها. وفي عام 133 ق.م، اعترف الحشمونيون بسلطة السلوقيين، ولكنهم استقلوا بحكـم فلسـطين منذ عام 129 ق.م إلى أن وصـل الرومـان في عـام 67 ق.م.

وقد نجح الحشمونيون في إحراز الاستقلال للسبب نفسه الذي نجحت فيه المملكة العبرانية من قبل، وهو الفراغ النسبي والمؤقت في منطقة الشـرق الأدنى القديم. وكما يقــول المؤرخ الروماني تاسـيتوس: « كان كل خلفاء الإسكندر (أي المقدونيون)، في حالة ضعف وصراع دائم. وكانت الدولة الفرثية لاتزال في طفولتها، كما كان الرومان بعيدين عن الحلبة ». ومما ساعد الحشمونيين على تحقيق هذا الاستقلال المؤقت تلك التحالفات التي عقدوها، تماماً كما فعل داود وسليمان من قبل، مع القوى العظمى الناشئة والقوى الصغرى المجاورة.


تعود جذور حركة المكابيين ( الحشمونيين ) و دولتهم إلى متى حشمون و هو سليل عائلة كهنوتية من الحشمونيين و الذي قاد تمر المكابيين أو الحشمونيين و كان له خمسة أولاد مشوا معه , هم يوحنا الملقب كديس , و سمعان المسمى طسيّ و يهوذا الملقب بالمكابي , و اليعازر الملقب اوران , و يوناثان الملقب افوس . مارس اليهود من الحشمونيين حرب العصابات ضد السلوقيين و استطاع الإخوة الخمسة بقيادة يهوذا الملقب بالمكابي طرد الحامية السلوقية خارج أورشليم عام 164 ق . م و طهروا معبد أورشليم من رموز الإصلاح الديني و لكن يهوذا المكابي قتل في المواجهات . و تولى القيادة بعده أخوه يوناثان الذي اضطر للانسحاب من أورشليم مع مقاتليه و الاحتماء ببيت لحم . و قام يوناثان بمساندة الأمير السلوقي ديمتريوس المطالب بالعرش السلوقي أمام منافسه الكسندر بالاس . و قد كافا الحاكم السلوقي ديمتريوس يوناثان بتثبيته كاهنا أعلى , و سمح له بالاحتفاظ بقوات عسكرية خاصة به , و خففت عنه الضرائب , كما أعطي الإذن بتوسيع مقاطعته حتى عادت إلى ما كانت عليه أيام الفرس تقريبا . في عام 143 ق . م توفي يوناثان و خلفه أخوه سمعان , آخر الإخوة المكابيين من أبناء متى حشمون و التي تسمى بالأسرة المكابية أو الحشمونية. و سمعان المكابي يعتبر المؤسس الحقيقي لدولة أورشليم المستقلة أي دولة المكابيين . و في عهده تمت النقلة الحاسمة نحو استقلال مقاطعة اليهودية . فقد حاصر سمعان قلعة الاكرا السلوقية و افتتحها ثم هدمها حجرا حجرا و سواها بالتراب . و تم إعلان اليهودية دولة مستقلة عام 142 ق . م . لم يكن وضع البلاط السلوقي في حالة تسمح له بالتحرك فخضع للأمر الواقع . كانت الدولة التي أسسها سمعان المكابي دولة دينية يرأسها الكاهن الأكبر الذي تركزت بين يديه جميع السلطات الدينية و الدنيوية معا . فإلى جانب لقب الكاهن الأكبر , اتخذ سمعان لقبين آخرين هما إثنارك ( Ethnarch ) أي رئيس الشعب و ستراتيجوس ( Strategos ) أي القائد العسكري الأعلى . و قد ابتدأ بخطة شاملة لمحو كل آثار الهلينية و العودة إلى التقاليد الدينية اليهودية القديمة . و هكذا نرى ان سمعان المكابي كان ملكا و كان كاهنا أعظما و معلوم ان الملك يكرس بمسحه بالزيت و يدعى مسيحا أو ( مسيح الرب ) و بذلك جمع سمعان المكابي بين ملكوت الرب و ملكوت قيصر حيث يسوع أحدث الفصل بينهما ( ادفعوا , إذا , إلى القيصر ما للقيصر , و إلى الله ما لله ) متى 22 / 21 . و قد ساعد سمعان المكابي في حملته هذه طائفة الصادوقيين التي كانت آخذة بالتشكل في تلك الآونة . توفي سمعان المكابي عام 134 ق . م و خلفه ابنه جون هيركانوس الذي كان ابنا للمدرسة التوراتية و قد قام بحملة عسكرية ضد السامرة استمرت عاما كاملا سقطت على إثرها , فاحرقها و دمرها و ذبح عشرات الآلاف من سكانها , خصوصا في بين شان . ثم توجه إلى احتلال أدوميا و كان على سكانها إما اعتناق اليهودية أو مواجهة الموت . حكم جون هيركانوس قرابة الثلاثين عاما , و كان نموذجا لليهودي المتعصب الذي لا يرى في البشر إلا نوعين , هما اليهودي و غير اليهودي ( الاغيار ) . توفي هيركانوس عام 104 ق . م و خلفه ابنه أرسطو بولس الأول و استطاع خلال سنة واحدة من احتلال منطقة الجليل . ثم توفي و خلفه ابنه الكساندر ينايوس . كان ينايوس آخر الشخصيات المهمة في الأسرة المكابية . لقد تابع سياسة التهويد بقوة السلاح و طبقها على أوسع نطاق , كما مارس القمع و الإرهاب و القتل الجماعي في كل مكان , و لم ينج من طغيانه سكان اليهودية الذين قتل منهم الآلاف . و هذا ما أحدث تململا شعبيا واسعا في أورشليم و المقاطعة اليهودية , ما لبث ان تحول إلى تمرد بقيادة الطائفة الفريسية . و في مقابل هذا التمرد و الثورة تحالفت الفكرية الأصولية للصادوقيين مع الأصولية العرقية للمكابيين . في الأخير انتهى حكم دولة المكابيين بالاحتلال الروماني لفلسطين بحدود عام 64 ق .م . بعد انتهاء حكم الأخوة المكابيين الذين قاتلوا عن عقيدة و إيمان تحول ملوك الأسرة الحشمونية إلى طغاة يستمدون حق الملك من قوة السلاح وحدها . و انفض عنهم عامة المتدينين بسبب فسقهم و فجورهم و تسلطهم . في رفض يسوع لحكم المكابيين الناطقين باسم الله و اعتبار الملك هو المسيح المنتظر و لرفضه العنف فقد قال في إنجيله بحسب يوحنا : ( الحق الحق أقول لكم : من لا يدخل حظيرة الخراف من الباب , بل يصعد عليها من مكان آخر , فهو لص و سارق ) يوحنا 10 / 1 . و قال أيضا في يوحنا 10 / 7 و 8 : ( الحق الحق أقول لكم : أنا باب الخراف . جميع من جاؤوا قبلي سارقون و لصوص ) . و قال أيضا في ( يوحنا 10 / 10 ) : ( لا يجيء السارق إلا ليسرق و يقتل و يهدم ) . و هكذا نرى ان يسوع يرى حسب يوحنا 10 / 7 و 8 ان المكابيين و من جاء قبلهم الذين ادعوا أنهم المسيح هم لصوص و سراق و ليس كما يذكر الباحث فراس السواح في كتابه ( الوجه الآخر للمسيح ) ان المقصود بالآية هو أنبياء بني إسرائيل و آبائهم مثل إبراهيم و اسحق و يعقوب ... الخ .
المصادر : -



ترد قصة تدشين الهيكل في سفر المكابين الأول (4: 51-57) وفي كتاب "تأريخ اليهود" للمؤرخ اليهودي الروماني يوسيفوس فلافيوس (الفصل ال12)، أما التلمود فيذكر هذه القصة ويضيف إليها شرحا لعدد أيام العيد، حيث يقول إن أيام العيد الثمانية تشير إلى معجزة حدثت للحشمونيين عند تدشين الهيكل واستمرت 8 أيام. حسب التلمود لم يبق في الهيكل ما يكفي من الزيت الصالح لإيقاد الشمعدان المقدس، وبرغم ذلك فإنه أنار الهيكل 8 أيام بالكمية القليلة من الزيت الباقي حتى تم تخضير الزيت الجديد. كذلك يذكر التلمود سببا آخر للاحتفال بالعيد عندما لاحظ آدم لأول مرة تقليص ساعات النهار في ذروة الشتاء فخاف ودعا إلى الله ليعيد نور الشمس. بعد مرور 8 أيام لاحظ أن النهار يمتد من جديد فقرر جعل هذه الأيام موعد فرح وشكر لله.
يذكر التراث اليهودي سببين للاحتفال بعيد الأنوار، السبب الرئيسي هو إعلان المعجزة التي حدثت لليهود حسب التراث اليهودي بعد نجاح التمرد على الدولة السلوقية.

" عيد التجديد"  هو عيد تطهير الهيكل  أمر به يهوذا المكابى تذكارا لتطهير الهيكل من النجاسة  التى نجسه بها أنتيخوس أبيفانوس

 

 


إعادة بناء الهيكل

جمهورية يهودية

وقد كانت حركة الاخوة المكابيين في بدايتها ثورة دينية، ثم تطورت الى ثورة قومية تستهدف تحرير البلاد، ولم يكن الصراع ضد قوات الحكومة فقط. بل كان ايضا صراعا بين هؤلاء القوميين اليهود وبين قومهم من انصار الثقافة الجديدة، الذين كانوا قد ألفوا حزبا باسم الحزب الهلنستى (حزب الاصلاح) وقد انتصر القوميون اليهود على قوات الحكومة كما انتصروا على انصار الثقافة الجديدة من قومهم. واضطر الملك السلوقى ديمتريوس الثاني الى منح اليهود المنتصرين الاستقلال، وانتخب سمعان، وهو شقيق يهوذا، في عام 141 قبل الميلاد كاهنا اعظم وحاكما على الجمهورية اليهودية الجديدة. واخذ سمعان يضرب النقود ودخلت اورشليم عهدا جديدا، وأخذت تؤرخ منذ ذلك الحين فصاعدا كما يلى: ((فى السنة الاولى من حكم سمعان الكاهن الاعظم والحاكم)). وقد دامت هذه الجمهورية اليهودية الجديدة الى ظهور الرومان في مسرح التاريخ خلفا لليونان. وذلك بعد ثمانين سنة من بدء ظهور هذه الجمهورية اليهودية.
وبظهور الرومان في مسرح التاريخ، وحلولهم محل اليونان في السلطة، اصبحت سوريا ولاية رومانية، ونقضت من يومئذ سلطة الجمهورية اليهودية وجرد الكاهن الاعظم من السلطان، وفرضت على السكان الضرائب الباهظة، وكان ذلك حوالى 60 قبل الميلاد.. وأصبح بذلك الكاهن الاعظم مجرد رئيس طائفة دينية تعينه الاستقراطية اليهودية. واما عامة اليهود فقد انبثوا في جاليات في سائر المدن السورية يعايشون في تحفظ، السكان المختلفين، ويحتفظون بالعبرية كلغة مقدسة.
كان المجتمع السورى، عقب الفتح الروماني، قد أخذ يستجيب لتأثير الحضارة الرومانية، ما عدا اليهود فان ارستقراطيتهم كانت قد انصبغت بالصبغة اليونانية، وعامتهم قد اقامت على نقاوة دينية، وعلى تعصب موروث من عهد الاخوة المكابية التي وردت الاشارة اليها آنفا.

نهاية اليهود كدولة

يحدثنا الدكتور فليب حتى في كتابه آنف الذكر صفحة 375 عن نهاية اليهود على أيدى الرومان، فيقول ((عومل اليهود منذ عهد بومبى كجماعة متميزة بسبب الوحدانية الشديدة لدينهم. فكانوا في عهد الاباطرة معفيين من الخدمة في الجيش ومن الطقوس الواجبة نحو الامبراطور. فلم يطلب منهم المساهمة في عبادة الحاكم الروماني المقرونة بتقديم القرابين له. وكانوا بممارستهم سياسة الانطواء والعزلة يغذون شعورهم القومى. وأدى هذا الى اصطدامات اتسعت فأصبحت ثورة قومية بين 66-70 ميلادية في عهد نيرون وبين 132-134 تحت حكم هادريان. ونتج عن هاتين الثورتين الانفصام النهائى بين اليهود والمسيحيين وحلت بالمجتمع اليهودي كارثة دائمة)).
ففى الثورة الاولى عهد نيرون بقمعها الى أحد قواده الذي أخضع الريف والحصون المنعزلة ودمر بعض المدن ومنها مدينة يافا. ثم قام قائد روماني آخر على راس جيش جرار فحاصر اورشليم مدة خمسة شهور سقطت بعدها في أيدى الرومان، وكان ذلك في سنة 70 ميلادية، وقد حل بالمدينة من الخراب ما تقشعر له الابدان، ويكفى في تصوير هذه الفاجعة الميثاق المتبادل بين اليهود الذين تعهدوا فيه بابادة أنفسهم حين كان الرومان يفتحون المدينة. وكانت الخطة التي اتفقوا عليها ان يقتل كل منهم نساءه وأطفاله ثم يلقى سلاحه ويقدم رقبته ليتلقى الضربة القاضية من الذي جعلته القرعة منهم يباشر هذه المهمة الكئيبة. ولقد كتب الوصف التالى مؤرخ ساهم بنفسه في هذه الحرب، قال:
((كان الازواج يضمون زوجاتهم بحنان ويحملون أطفالهم بين اذرعهم ويتعانقون عناق الوداع والدموع تترقرق في مآقيهم، ولكنهم نفذوا في الوقت ذاته ما اعتزموا عمله كأنهم يعملون ذلك بأيد غريبة. وقد جعلوا عزاءهم لضرورة ما قاموا به تفكيرهم بالمصائب التي سيقاسونها فيما لو سقطوا بأيدى أعدائهم. وكانوا رجالا تعساء بالحقيقة بسبب الضرورة التي وجدوا فيها وهم الذين بدا لهم ذبح زوجاتهم وأطفالهم بأيديهم أهون الشرور التي تنتظرهم)).
هذا ولقد أجبر كثير ممن بقى من هؤلاء ووقع في الاسر ان يقاتل بعضهم بعضا، او يقاتل ضد الحيوانات المفترسة في المدرجات. ومنعت البقية الباقية منهم من الاقتراب من عاصمتهم اورشليم التي كانت قد دمرت تدميرا تاما واحرق معبدها، ولقد قدر عدد من لقى حتفه في هذه الكارثة بمليون يهودي.
ثم اذا كان موعد الثورة اليهودية الثانية على الرومان تعرض اليهود لقصة موت أخرى، وذلك بين عام 132 و عام 134، حين قام قائد غامض يسمى سيمون باروخبا بثورة سحقها هادريان الروماني، ودمر في سحقها من القرى ما قدر بتسعمائة وخمس وثمانين قرية، وقدر عدد القتلى من السكان بخمسمائة وثمانون الفا، وحول اورشليم الى مستعمرة رومانية وانتهت بذلك الامة اليهودية كأمة لها وطن، ومن يومئذ ((تفرق اليهود في مختلف انحاء العالم فلم يكن لهم بيت أو وطن، واينما حلوا كانوا يعاملون معاملة الغرباء غير المرغوب فيهم)) كما يحدثنا جواهر لال نهرو في كتابه (لمحات من تاريخ العالم) ويمضى نهرو في حديثه ذلك فيقول ((فاضطروا ان يسكنوا في أماكن خاصة في المدن منفصلة عن باقى الاحياء، حتى لا يدنسوا بقية الناس. وكانوا في بعض الاحيان يجبرون على ارتداء ألبسة خاصة تميزهم عن غيرهم. لقد أذلوا، وعذبوا، وذبحوا، حتى ان كلمة يهودي أصبحت مرادفة للبخل والربا، ومع ذلك فقد استطاع هذا الشعب العجيب ان يعيش ويحتفظ بكل مقوماته وينجح وينجب رجالا يعتبرون من أعظم رجال العالم. فترى منهم اليوم العلماء والسياسيين والادباء ورجال الاعمال والمال، غير ان أغلبيتهم لا تعتبر غنية، فترى كثيرا منهم يتجمعون في مدن شرقى اوروبا ويتعرضون من آن لآخر لمذبحة من المذابح.فهؤلاء الناس الذين يعيشون بلا بيت ولا وطن يحلمون دائما بالقدس التي تتراءى لهم أحسن وأعظم مما هى بالحقيقة. يسمون القدس ((صهيون)) والارض الموعودة ومنها كلمة ((الصهيونية)) التي تعني نداء الماضى للعودة الى القدس)). هذا ما يحدثنا به نهرو في نهاية اليهود كدولة على ايدى الرومان، عام 134 م

////////////////////////////////////////////

(1) الهيكل في الاناجيل :
دعاه الرب يسوع " بيت الله " ( مت 12:4،مع يو 2 : 16 ) ، وأنه مكان مقدس ويقدس كل ما به ، لأن الله يسكن فيه ( مت 23 : 17 و 21 ) وغيرته لبيت أبيه ، جعلته يظهره ( يو 5 : 17 ) . كما زن المصير الذى كان ينتظر المدينة المقدسة ، جعله يبكى عليها ( لو 19 : 41 - 44 ) . ولكنه كان هو " أعظم من الهيكل " ( مت 12 : 6 ) ، كما تنبأ بأن الهيكل سينقض تماماً لا يترك فيه حجر على حجر ( مرقس 13 : 1 و 2 و 14 ) . وهو ما حدث فعلاً على يد الجيوش الرومانية بقيادة تيطس فى 70 م .
**
السؤال: ماذا حدث لتابوت العهد؟

الجواب: إن مصير تابوت العهد هو سؤال قد حيَّر اللاهوتيين ودارسي الكتاب المقدس وعلماء الحفريات لقرون عديدة. ففي السنة الثامنة عشر من ملك يوشيا ملك يهوذا، أمر يإعادة تابوت العهد إلى الهيكل في أورشليم (أخبار الأيام الثاني 35: 1-6؛ ملوك الثاني 23: 21-23). وهذه هي آخر مرة يذكر فيها مكان تابوت العهد في الكتاب المقدس. بعد ذلك بأربعين سنة، قام نبوخذنصر ملك بابل بإحتلال أورشليم وأغار على الهيكل. وثم بعد أقل من عشر سنوات عاد مرة أخرى وأخذ ما تبقى في الهيكل ثم أحرق الهيكل والمدينة. فماذا حدث لتابوت العهد إذاً؟ هل أخذه نبوخذنصّر؟ هل تم تدميره مع المدينة؟ أم هل تم إخراجه من هناك وتخبئته، كما حدث عندما أغار شيشق فرعون مصر على الهيكل أيام ملك رحبعام إبن سليمان؟ (لأنه لو كان شيشق قد إستولى على تابوت العهد فإذاً لماذا طلب يوشيا من اللاويين إعادته؟ لو كان تابوت العهد في مصر – كما تقول حبكة فيلم "المغيرين على التابوت المفقود" – فإنه لم يكن في حوزة اللاويين وبالتالي لم يكن في إستطاعتهم أن يعيدوه.)

يقول السفر الأبوكريفي مكابيين الثاني أنه قبل الغزو البابلي مباشرة فإن أرميا "بعد إعلان إلهي، أمر أن تصحبه خيمة الإجتماع وتابوت العهد ... وذهب إلى الجبل الذي صعد إليه موسى ليرى ميراث الرب (أي جبل نبو؛ تثنية 31: 1-4). وعندما وصل ارميا إلى هناك وجد غرفة في كهف وضع فيها الخيمة، والتابوت، ومذبح البخور، ثم قام بسد المدخل" (2: 4-5). ولكن، "بعض الذين تبعوه جاءوا يقصدون أن يضعوا علامة على الطريق المؤدي إلى ذلك المكان لكنهم لم يجدوه. عندما سمع غرميا بهذا، فإنه وبخهم قائلا: هذا المكان يجب أن يظل غير معروف حتى يجمع الله شعبه مرة أخرى ويرحمهم. حينذاك سيعلن الرب هذه الأمور وسيرى مجد الرب في السحابة، كما حدث أيام موسى، وأيضاً عندما صلى سليمان أن يتقدس الهيكل بصورة مجيدة" (2: 6-8). ليس من المعروف إذا كانت هذه الرواية المنقولة عن آخرين (أنظر 2: 1) هي رواية دقيقة ؛ وحتى إذا كانت صحيحة، فلن نعرف ذلك حتى مجيء الرب كما تقول الرواية نفسها.

النظريات الأخرى المتعلقة بمكان تابوت العهد المفقود تتضمن إدعاء المعلمين اليهوديين شلومو جورين و يهودا جيتز بأنه مخبأ تحت الهيكل، إذ قد تمت تخبئته هناك قبل أن يتمكن نبوخذنصّر من سرقته. وللأسف فإن جبل الهيكل اليوم هو المقام عليه مسجد قبة الصخرة والذي هو مكان إسلامي مقدس ويرفض المجتمع الإسلامي السماح بالحفريات في ذلك المكان. لهذا لن نتمكن من معرفة ما إذا كانت نظرية المعلمين جورين وجيتز صحيحة أم لا.

يعتقد المكتشف فينديل جونز وآخرين معه أن أحد الإكتشافات ضمن مخطوطات البحر الميت، وهي "المخطوطة النحاسية" المبهمة في الكهف الثالث بوادي قمران، هي في الواقع شكل من أشكال خريطة كنز توضح مكان عدد من الكنوز الثمينة التي أخذت من الهيكل قبل وصول البابليون، ومن بينها تابوت العهد المفقود. ما زال يجب إثبات ما إذا كانت هذه النظرية صحيحة أم لا، حيث أنه لم يتمكن أحد من تحديد المواقع الجغرافية المذكورة في المخطوطة. من المثير للإهتمام هنا هو أن بعض العلماء يظنون أن المخطوطة النحاسية قد تكون في الواقع السجل المشار إليه في مكابيين الثاني 2: 1-4، والذي يصف كيف أن ارميا قد خبأ التابوت. ورغم أن هذه نظرية مثيرة للإهتمام، إلا أنه ينقصها الدليل على صحتها.

قام جراهام هانكوك، وهو مراسل سابق من شرق أفريقيا لجريدة "الإيكونوميست"، بنشر كتاب في 1992 بعنوان: "العلامة والختم: البحث عن تابوت العهعد المفقود"، وفي هذا الكتاب ناقش نظرية أن تابوت العهد قد تم وضعه في كنيسة القديسة مريم من صهيون في مدينة آكسوم، وهي مدينة قديمة في إثيوبيا. كما يعتقد المكتشف روبرت كورنوك من معهد B.A.S.A. أن تابوت العهد موجود الآن في آكسوم. ولكن لم يجده أحد هناك حتى الآن. وبالمثل أيضاً يعتقد عالم الحفريات مايكل ساندرز أن التابوت مخبأ تحت معبد مصري قديم في قرية جهايره الإسرائيلية، ولكنه لم يجده هناك حتى الآن.

يقول تقليد آيرلندي غير موثوق فيه بأن تابوت العهد مدفون تحت جبل تارا في آيرلندا. بعض العلماء يعتقدون أن هذا هو مصدر أسطورة "وعاء الذهب في نهاية قوس القزح" الأيرلندية. كما أن إدعاءات رون وايات وتوم كروستر أقل مدعاة للثقة من هذا، حيث يزعم وايات أنه شاهد بالفعل تابوت العهد مدفوناً تحت جبل الجلجثة، وكروستر بزعم أنه شاهده على جبل Pisgah بالقرب من جبل نبو. إن كلا هذين الرجلين يتمتعان بالقليل من المصداقية في مجتمع علم الحفريات، كما أنه لم يستطع أي منهما أن يؤيد ما يقوله بالبراهين.

وفي النهاية نقول أن تابوت العهد مازال مفقوداً بالنسبة للجميع، ما عدا الله. ويستمر توارد النظريات المثيرة للإهتمام بشأنه، ولكنه لم يوجد بعد. قد يكون كاتب مكابيين الثاني مصيباً؛ فقد لا نكتشف ما حدث لتابوت العهد المفقود حتى مجيء الرب بنفسه مرة ثانية.
*********
ماذا حدث لتابوت العهد؟
تحضير / فكتورأنيس تاوضروس

تابوت العهد
هل سيُعثر عليه؟
خلفية تاريخية:
كلمة تابوت في اللغة العبرية هي "عارون" وهي كلمة عامة معناها صندوق. وقد سُمّي هكذا في سفر العدد 10:33 وفي سفر التثنية 31:26 وفي رسالة العبرانيين 9:4 ، و قد سٌمّي كذالك لآنه في شكله يشبه صندوق إيداع حُفظت فيه لوحي الشريعة. أمّا تسميته بتابوت الشهادة فقد وردت في سفر الخروج25:22 لآن وصايا الرب كانت تُسمّي شهادة الرب لشعبه. وأخيراً سُمّي بتابوت الرب في سفر صموئيل الآول 3:3 , 4:11 إذ آنه عرش الرب المقدّس بين شعبه كما سنري بعد.
وصف التابوت:
كان التابوت هو قطعة الآثاث الوحيدة الموجودة في الجزء الداخلي من الهيكل الذي كان يُدعي قدس الآقداس ذلك لآنه كان مسكن الرب وسط بني إسرائيل, حيث لا أحد يستطيع الدخول إلا رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة ومعه دم ذبيحة نيابة عن نفسه وعن الشعب.
وقد كان التابوت حسب أمر الرب مصنوعاُ من خشب السنط بأبعلد 2.5 ذراعاً طولاً × 1.5 ذراعاً عرضاً × 1.5 ذراعاً عمقاً (والذراع يساوي 18 بوصة). وقد كان مغشي بالذهب الخالص من الداخل والخارج.
ويجيط بأعلي جدران التابوت الآربعة حاشية من الذهب الخالص لتمنع الغطاء من الإنزلاق عند نقله. وهذا الغطاء كان يُدعي كرسي الرحمة وكان حجمه مثل حجم التابوت نفسه وكان أيضاً مصنوعاً من خشب السنط ومغشّي بالذهب الخالص من كل جانب.
أمّا نقل التابوت فقد كان بواسطة قضيبين مغشّيين بالذهب يجري كل منهما داخل حلقتين من الذهب علي جانبي التابوت ولا يُفصلا منه أبداّ إلاّ إذا لزم الأمر لوجوب تغطية التابوت عند نقله (عدد 4:6).
وكان مثبّتاُ فوق طرفي الغطاء (كرسي الرحمة) إثنين من الكاروبيم واحد من كل جانب في هيئة ملاكين من الذهب المضروب واقفين يواجه أحدهما الآخر وفي نفس الوقت ينظران إلي أسفل علي كرسي الرحمة ولهما جناحان مفروشان يُظللان الكرسي (خروج 25:20 & تثنية 32:11).
أمّا المبخرة الذهبية ألتي يستعملها رئيس الكهنة كلّ عام عند دخوله قدس الأقداس فهي تُحفظ فوق كرسي الرحمة إلي وقت إستعمالها في العام الذي يليه.
وبين الكاروبين كان يعمُّ السحاب (شكاينا) عندما يحلُ الربُّ الإله فوق كرسي الرحمة (لاويين 16:2). ولم يكن هذا السحاب بسبب إحتراق البخور (خروج 16:13) بل كان تعبيراً عن ظهور المجد ا لإلهي.
محتويات التابوت:
كان التابوت يحتوي علي الآتي:
*لوحا الشريعة التي تحوي الوصايا العشر.
*إناء ذهبي يحوي بعض المَنّ (خروج 16:33).
*عصا هارون التي أفرخت (عدد 17:10 وعبرانيين 9:4).
أين التابوت الآن؟
لأ أحد يعلم. كان الكهنة يحملون التابوت أمام جيوشهم عندما يخرجون إلي الحرب كرمز لوجود الرب معهم (عدد10:33 وتثنية 1:33 ومزمور 132:8).
وهكذا كان بنو إسرائيل يحملون التابوت معهم أينما ذهبوا أو حيثما إستقرّوا، إلأّ أنّ النابوت ظلّ في شيلون إلي وقت عالي الكاهن عندما حُمل أمام الجيش علي أمل أن يكون سبب النصرة لهم علي الفيلسطيين ، لكنّ الفلسطينيين هزموهم وأسروا التابوت (صموئيل الأول 4:3 إلي 4:11) ،لكنّهم أعادوه بكل سرورٍ بعد سبعة أشهر إذ أنهم تكبّدوا خسائر فادحة إعتقدوا أنها بسبب إحتفاظهم للتابوت في وسطهم (صموئيل الآول 5:7). ومنذ ذلك الحين حُفظ التابوت في بيت أبيناداب في قرية يعاريم (صموئيل الآول 7:2) إلي وقت داود الملك حينما إستقرّ الرأي علي نقله إلي أورشليم ، لكٍنّه تأخّر ثلاثة أشهر بسبب موت عُزّه إذ لمس التابوت بإهمالٍ. ثُمّ إستقرّ التابوت في بيت عوبيد آدوم إلي أن أُخذ إلي جبل صهيون في إحتفالٍ عظيم (صموئيل الثاني 6:1 إلي 6:19). وعندما إكتمل بناء هيكل سليمان وُضِعَ التابوت في هيكل الرب (ملوك الأول 8:6 إلي 8:9). ثُمَّ أُ شير إلي اللاويين بنقله إلي قدس الأقداس (أخبار الأيام الثاني 35:3) ، وبقي هناك إلي أن دُمِّر الهيكل بواسطة البابليون ، ومنذ ذلك الحين لا أحد يعلم إن كان قد دُمِّر أم فُقِد. إلاّ أن هناك إشاعة سائدة بين اليهود أنّ الملك يربعام أخفاه في مكانٍ سِري غير معروفٍ لأحد في محاولته لتدمير عبادة الإله الحقيقي حيث قد نهي أيضاً فريضة الحج السنوي إلي الهيكل في أورشليم كما أقام تمثالين من الذهب لعجلٍ للناس ليعبدوهم.
ثُمّ في القرن العشرين وبالتحديد في سنة 1930 حصل هيلاسيلاسي علي القوة التي أهّلته ليُعلن نفسه إمبراطوراً لأثيوبيا ثُمّ زعم أنّه الحفيد الحادي عشر للملك سليمان وخلع علي نفسه إسم حامي نجم داود الذي إتّخذه أيضاً شعاراً لأُمّته. ثُمّ أعلن أنّ تابوت العهد في حوزته وأنه أخفاه في مكان لا يعرفه أحد إلّا هو. ثُمّ مضت الأيام وخانه إبنه وإغتاله إلّا أن إبنه لم يرث الحكم ثُمّ أُغتيل إبنه وعمّت الفوضي في الإمبراطورية وسقطت في يد المسلمين والشيوعيين المتطرفين. وهكذا ذهب هيلاسيلاسي وذهب معه سر مكان التابوت إلي الأبد.
إلّا أن السوْال عنوان هذا المقال "هل سَيُعثر عليه؟" لم نُجِب عليه بعد ، وأمّا الجواب فهو: لليهود: إنهم ما زالوا يحاولون وسيداومون المحاولة للعثورعليه إذ أنه بمثابة دِثار الطمأنينه لهم لأنه بدونه يشعرون أنّ الرب الإله ليس بينهم وخصوصاً في هذه الأيام حيث يزداد الفكر العالمي يوماً بعد يوم أنهم ليسوا بعد شعب الله المختار ، وهذا يتمشّي يداً بيد مع تفكيرهم في بناء الهيكل إذ أنّ الواحد لا يكون بدون الآخر.
للمسيحيين: إن مجئ السيد الرب قد غيّر الوضع كُلّية إذ أننا الآن لا ننظر بعد إلي إله يسكن في هياكل مصنوعة باليد (أعمال 7:48 و17:24) لأننا نعلم الآن ونوْمن أننا هيكل الله وروح الله ساكن فينا (كورنثوس الأولي 6:19). نحن لا نتطلّب تابوت عهد أو هيكل لنري مجد الله الأسني لأنّ كل هذا مُدركٌ في قلوبنا نُحسُ به ونلمسه في كل نبضة تنبض بها قلوبنا. وإلي كلّ مسيحي يعتقد أو يحس أنّ التابوت يجب أن يُعثر عليه ، أقول له إقرأ الكتاب المقدّس.
****
المراجع
(1) كتاب أحد الشعانين - البابا شنودة الثالث

******

ثورة اليهود الثانية ودمار الهيكل

وثار اليهود الثورة الثانية ضد الإحتلال الرومانية أملا فى الحرية  ولما دوت في آذان المسيحيين جلبة جيوش الرومان التي جاءت لإخضاع اليهود وإخماد نيران الثورة علموا أن الوقت قد حان لإكتمال نبوّة السيد المسيح عن نهاية العالم وخراب اورشليم وهيكلها [راجع  (مت24 + مر13 + لو5:21-38)]  فغادروا اورشليم هاربين الى مدينة " بلا " الواقعة في شرقي الاردن بالقرب من بيسان مع اسقفهم سمعان البار . فجاء تيطس وحاصر اورشليم حصاراً شديداً وأفتتحها عنوة سنة 70 م ودمّر المدينة تدميراً هائلاً . وقد سلم القبر والجلجلة من التدمير لأنهما لم يكونا في حالة تسترعي الانتباه لم يحل خراب المدينة دون عودة بعض المسيحيين الى اورشليم عندما خمدت نار الحرب . فرجعوا اليها ونزلوا في جبل صهيون حول العليّة إذ كانت الجهة الوحيدة التي نجت من الدمار العام فظل موقع قبر المسيح معروفاً عندهم بعد الخراب أيضاً كما كان معروفاً قبله . ولا شك أنهم أخذوا يفدون على زيارة الأماكن المقدسة كعادتهم.

*********************************** 

ثورة اليهود الثالثة ودمار الهيكل

بقيت المدينة خربة 62 سنة والهيكل مهدم والأراضى المقدسة تحت الإحتلال الرومانى وحدث أن ثار اليهودد للمرة الثالثة وانتزعوا المدينة من أيدي الرومان ورمّموا بعض مبانيها وأخذوا يكرهون المسيحيين على الدخول في دينهم والاشتراك معهم في الثورة . فأرسل القيصر هدريان القائد يوليوس سفروس لإخضاع الثائرين فحاربهم هذا القائد سنة 136 م وهزمهم شرّ هزيمة وقتل منهم خلقاً كثيراً ثم حوّل هدريان اورشليم المدينة اليهودية الى مدينة رومانية جديدة أطلق عليها إسم  ( ايليا كابيتولينا ) وطرد منها اليهود وحذّر عليهم دخولها الا مرّة واحدة في السنة وصاروا يبكون عزّهم السابق . ولما بلغ المسيحيين الذين اصلهم يهود  القاطنين في (بلا) وغيرهم من الأمم هذا الخبر جاؤوا الى اورشليم وتوطّنوا فيها وأخذوا ينتخبون لإدارة الكنيسة أساقفة منهم . وكانت الأمم التي استوطنت القدس من السريان والرومان واليونان .
ولما كان هيكل سليمان هو قبلة اليهود وقبر المسيح مطمح أنظار المسيحيين على الدوام وسبب حنينهم الزائد الى اورشليم أراد هذا الامبراطور ان يمحي آثار هاتين الديانتين ويقيم عليهما معابد وثنية لآلهة رومانية فشيّد على أنقاض هيكل سليمان المدمر هيكلاً للإله جوبيتر ظل قائما عليه لمدة 180 سنة  ومن الواضح من نبوءة يسوع أن هذا المكان لعن ولن يقام هيكلا لعبادة يهوه مرة أخرى وسيكون علامة لـ يوم القيامة وأصبح مكان الهيكل رجسة للخراب (لها تفسيرات عديدة) منها معنى كلمة رجس أى وثن أى معبد للأوثان أقيم على خرائب وقد خرب معبد هادريان الوثنى وأقيم عليه قبة الصخرة التى للمسلمين  كما أمر الإمبراطور هادريان بردم  الجلجلة والقبر فطمرهما تحت تلّ صناعي من الحجارة والتراب  أقام عليه هيكلاً لفينوس " الزهرة " . وبعمله هذا الذي أراد به طمس معالم الأماكن المقدسة وإبادة آثارها أحيا ذكرها الى الأبد . فقد تعلّق المسيحيين بالقبر وأخذوا يستدلون بهذا الهيكل على محله . ويؤخذ مما رواه اوريجانس واوسابيوس وايرونموس ان الزوار استمروا يفدون على اورشليم لزيارته من سائر الأنحاء طيلة الجيلين الثاني والثالث فموضع القبر اذن لم يضع قط وفي زيارات المؤمنين المتواصلة له برهان قاطع على حرص المسيحيين الأولين عليه.

***********************************  

الأمبراطور يوليانوس الجاحد والهيكل اليهودى

 وأراد الإمبراطور يوليانوس الجاحد أن يظهر أمام الشعب أن ذبائح للآلهة ليست أمراً غريباً ، فاليهود كانوا يقدمون ثيراناً ذبيحة لإلههم الذى هو نفس إله المسيحيين وعلم يوليانوس أن يسوع تنبأ بأن لا يبقى من الهيكل في أورشليم حجر على حجر. فلكي يكذب الكتب اهتم لإعادة بناء الهيكل. فارسل لليهود وطلب منهم ضرورة بناء هيكل سليمان القديم مرة أخرى وتقديم الذبائح عليه وحينما سمع اليهود ذلك فأسرعوا بكل قوة وغيرة وحماس لتنفيذ أمر الإمبراطور الذى يوافق مشيئتهموانهم لن يتكلفوا شيئاً بالأمر الإمبراطورى تضمن أن : جميع مصاريف إعادة بناء الهيكل ستكون على حساب الخزينة العامة للدولة ، فأرسل إلى أورشليم أحد أمنائه اليبيوس ليشرف على العمل. وتقاطر اليهود واجتمع عدد كبير منهم في مكان الهيكل. فجرفوا المكان وحفروا الأرض كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً وهكذا أستطاع اليهود بمعونة الدولة فى تجهيز كل أدوات البناء والحجار والأخشاب وغيرها . ولما انتهوا من هدم الأساسات القديمة وأوشكوا أن يضعوا الأساسات الجديدة حدثت زلزلة هدمت الأبنية المجاورة وما كان قد بقى من الأسوار العالية سواء للمدينة أو للهيكل ، وقتلت بعض الفعلة وملأت الحفر تراباً ، وإرتعب اليهود حول الركام المتهدم وإذا بنار تخرج وتحرق كل الأدوات والأخشاب التى أعدت للبناء وظلت النيران مشتعلة فيها يوماً كاملاً .

أراد الأمبراطور يوليانوس الجاحد أن ينقض هذه النبوة فرفع الأساس القديم وأحضر مواد بناء جديدة فخرجت نار وإلتهمت الكل فكأن يوليانوس تمم النبوة بالأكثر إذ رفع الأساس
واشاع اليهود أن ما حدث نتيجة لوجود مقابر للمسيحيين بجوار مقابر الهيكل ملاصقة لجدرانه ، فأشاروا على مندوبى الإمبراطور بإزالة المقابر وحرق الجثث ، ولعلم المسيحيين بأهمية تراث الاباء تحايلوا على أمر حرق الجثث وأعطوا لرجال الإمبراطور أموالاً وحملوا اجساد القديسين وكان منها ، إليشع النبى ويوحنا المعمدان ، وكانا فى قبر واحد وحملوها للأسكندرية وقموها لأثناسيوس (5) وليس صحيحاً بالمرة ما يدعيه البعض أن الأجساد لحقتها آثار الحريق .
وكان الإمبراطور قد صك نقوداً تحمل صورة ثور بقر ( عجل أبيس رمز الإله الذى نادى بعبادته الإمبراطور ، فأخذوا يتشائمون ويصرخون على هذا الرسم وقالوا أن الثيران سوف تختفى من العالم ، لأن الجيش لم يبقى على ثور واحد ، بالإضافة إلى الذبائح الكثيرة التى قدمها الإمبراطور على مذبح الإله ابيس .
 
موت يوليانوس وقولته الشهيرة " لقد غلبتنى أيها الجليلى "
ونهض يوليانوس في ربيع 363 إلى الفرات وزحف إلى بابل وانتصر على ذي الأكتاف شابور الفرس عند سلوقية فاستأنف الزحف على طيسفون ، وإجتاح جزءاً كبيراً منهاوإستولى على مدن كثيرة ، ولما طلب إمبراطور الفرس الهدنة والتسليم والصلح رفض لأن قواده ومشيريةأوهموه أن روح الإسكندر الكبر قد حلت عليه والآلهة تؤازره مما دفعه للكبرياء والصلف ورفض الصلح ، وكان يركب حصانه بدون درع معتقداً فى حماية آلهته الوثنية وأصابه سهم فى ذراعه وأصاب جنبه عقبه نزيف فتوفي وقيل أن فارساً مسيحياً من فرسانه رماه بهذا السهم للقضاء عليه ، وهو يحدث أصدقاءه عن صفات النفس السامية فى 26 يونية سنة 363م ، ومما سجله المؤرخون أن يوليانوس قبل أن يموت مباشرة أخذ حفنه من دمائه وقذفها ناحية السماء قائلاً " لقد غلبتنى أيها الجليلى "
وتشاور رؤساء الجند في من يكون خلفاً ليوليانوس فأجمعوا على يوفيانوس. وكان هذا رئيس الخدم في القصر. مسيحياً نيقاوياً أرثوذكسياً فوقع صلحاً مع الفرس وعاد إلى أنطاكية في خريف 363 م.

********************************

 

This site was last updated 11/07/16