Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 المقريزى يسجل تاريخ الخليفة العزيز بالله

 +إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
العزيز بالله 344 -384
الخليفة العزيز بالله

******************************************************************************************

الفاطميين الذين أحتلوا مصر بأسم الإسلام نقلت من كتاب اتعاظ الحنفا - أحمد بن علي المقريزي ج 1  13/1 لفائدة القارئ الدارس وكعادة الموقع وضعنا لكل مقطع عناوين

****************************************************************************************************

العزيز بالله أبو المنصور
ابن المعز لدين الله أبي تميم معد ابن المنصور بنصر الله أبي الطاهر إسماعيل ابن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد ابن المهدي عبيد الله
أمه أم ولد، واسمها درزان.
ولد بالمهدية يوم الخميس الرابع عشر من المحرم سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.
وولى العهد بمصر وبويع لسبع بقين من ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاثمائة.
ومن كتاب ابن مهذب: سمعت مولانا العزيز يقول: خرج مولانا المعز يوماً بمصر يمشي في قصره، وأنا، وأخي تميم، وعبد الله، وعقيل، نمشي خلفه، فخطر ببالي أن قلت: ترى بصير هذا الأمر إلي، أو إلى أخي عبد الله، أو إلى أخي تميم؛ وإن صار إلي، ترى أمشي هكذا وهؤلاء حولي ؟.
قال: وانتهى مولانا المعز إلى حيث أراد، ووقفنا بين يديه، وانصرفت الجماعة، وأراد لانصراف، فقال: لا تبرح يا نزار، فوقفت حتى إذا لم يبق أحد بين يديه غيري استدناني وقال: بحياتي يا نزار إذا سألتك عن شيء تصدقني ؟.
قلت: نعم يا مولانا.
قال: التفت إليك فرأيتك وقد أعجبتك نفسك، وأنت تنظر إلي وإلى نفسك وإلى أخوتك، وأنا أسارقك النظر وأنت لا تعلم، ، فقلت في نفسك: ترى هذا الأمر بصير إلي وإخوتي حولي؟.
قال: فاحمر وجهي، ودنوت منه فقبلت بين يديه، وقلت وقد غلبني البكاء: يجعل الله جميعنا فداك.
فقال: دع عنك هذا؛ كان كذا ؟.
قلت: نعم يا مولانا، فكيف عرفته ؟.
قال: حزرته عليك، ثم لم أجد نفسي تسامحني في إعجابك بنفسك على شيء سوى هذا الأمر، فهو صائر إليك، فأحسن إلى إخوتك وأهلك، خار الله لك ووفقك.

وقد تقدم أن المعز لما مات كتم موته إلى يوم النحر فأظهرت وفاته، فركب العزيز بالمظلة، وخطب بنفسه، وعزى نفسه، والناس تسلم عليه بالخلافة، وركب إلى قصره فسلم عليه عماه: حيدرة وهاشم، وعم أبيه: أبو الفرات، وعم جده: أحمد بن عبيد الله.
وقال ابن الأثير: لما استقر العزيز في الملك أطاعه العسكر واجتمعوا عليه، وكان هو يدبر الأمر منذ مات والده إلى أن أظهره؛ ثم سير إلى المغرب دنانير عليها اسمها فرقت في الناس؛ وأقر يوسف ابن بلكين على ولاية إفريقية، وأضاف إليه ما كان أبوه استعمل عليه غير يوسف، وهي طرابلس وغيرها، فاستعمل عليها يوسف عماله، وعظم أمره، وأمن ناحية العزيز، واستبد بالملك، وكان يظهر الطاعة مجاملةً لا طائل تحتها.
وخطب للعزيز بمكة بعد أن أرسل إليها جيشا فحصرها، وضيقوا على أهلها ومنعوهم الميرة، فغلت الأسعار بها، ولقى أهلها شدةً شديدة.
وأما أخبار الشام: فإن أفتكين لم يزل طول مقامه بدمشق يكاتب القرامطة ويكاتبونه بأنهم سائرون إلى الشام، إلى أن وافوا دمشق بعد موت المعز في هذه السنة، وكان الذي وافى منهم: إسحاق، وكسرى، وجعفر، فنزلوا على ظاهر دمشق، ومعهم كثير من العجم أصحاب أفتكين الذين تشتتوا في البلاد وقت وقعته مع الديلم، لقوهم بالكوفة في الموقعات، فأركبوهم الإبل، وساروا بهم إلى دمشق، فكساهم أفتكين وأركبهم الجبل؛ فقوى عسكره بهم وتلقى أفتكين القرامطة وحمل إليهم وأكرمهم وفرح بهم، وأمن من الخوف؛ فأقاموا على دمشق أياما ثم ساروا إلى الرملة وبها أبو محمود إبراهيم بن جعفر فالتجأ إلى يافا، ونزل القرامطة الرملة، ونصبوا القتال على يافا حتى مل كل من الفريقين القتال، وصار يحدث بعضهم بعضاً.
وجبى القرامطة المال فأمن أفتكين من مصر، وظن أن القرامطة قد كفوه ذلك الوجه، وعمل على أخذ الساحل، فسار بمن اجتمع إليه، ونزل على صيدا، وبها ابن الشيخ، ورؤساء المغاربة، ومعهم ظالم بن موهوب العقيلي، فقاتلوه قتالا شديداً، فانهزم عنهم أميالا، فخرجوا إليه، فواقعهم وهزمهم وقتل منهم، وصار ظالم إلى صور؛ فيقال إنه قتل يومئذ أربعة آلاف من عساكر المغاربة، قطعت أيمانهم وحملت إلى دمشق، فطيف بها.
ونزل أفتكين على عكا، وبها جمع من المغاربة، فقاتلوه، فسير العزيز القائد جوهر بخزائن السلاح والأموال إلى بلاد الشام في عسكر عظيم لم يخرج قبله مثله إلى الشام من كثرة الكراع والسلاح والمال والرجال، بلغت عدتهم عشرين ألفاً بين فارس وراجل، فبلغ ذلك أفتكين وهو على عكا، والقرامطة بالرملة، فسار أفتكين من عكا ونزل طبرية، وخرج القرامطة من الرملة، ونزلها جوهر.
وسار إسحق وكسرى من القرامطة بمن معهم إلى الأحساء، لقلة من معهم من الرجال الذين يلقون بها جوهر، وتأخر جعفر من القرامطة فلحق بأفتكين وهو بطبرية، وقد بعث فجمع في حوران والبثنية؛ وسار جوهر من الرملة يريد طبرية، فرحل أفتكين، واستحث الناس في حمل الغلة من حوران والبثنية إلى دمشق، وصار أفتكين إلى دمشق، ومعه جعفر القرمطي، فنزل جوهر على دمشق لثمان بقين من ذي القعدة فيما بين داريا والشماسية، فجمع أفتكين أحداث البلد، وأمن من كان قد فزع منه، فاجتمع حمال السلاح والذعار إليه، ورئيسهم قسام.
وأخذ جوهر في حفر خندق عظيم على عسكره، وجعل له أبوابا، وكان ظالم بن موهوب معه، فأنزله بعسكره خارج الخندق، وصار أفتكين فيمن جمع من الذعار، وأجرى لكبيرهم قسام رزقاً.
ووقع النفي على قبة الجامع والمنابر، وساروا فجرى بينهم وبين جوهر وقائع وحروب شديدة وقتال عظيم، وقتل بينهم خلق كثير من يوم عرفة، فجرى بينهم إثنتا عشرة وقيعة إلى سلخ ذي الحجة.
ولم يزل إلى الحادي عشر من ربيع الأول سنة ست وستين فكانت بين الفريقين وقعة عظيمة، انهزم فيها أفتكين بمن معه، وهم بالهرب إلى أنطاكية، ثم إنه استظهر.
ورأى جوهر أن الأموال قد تلفت، والرجال قد قتلت والشتاء قد هجم، فأرسل في الصلح، فلم يجب أفتكين، وذلك أن الحسين بن أحمد الأعصم القرمطي بعث إلى ابن عمه جعفر المقيم عند أفتكين بدمشق: إني سائر إلى الشام، وبلغ ذلك جوهر، فترددت الرسل بينه وبين أفتكين حتى تقرر الأمر أن جوهر يرحل، ولا يتبع عسكره أحد، فسر أفتكين بذلك، وبعث إلى جوهر بجمال ليحمل عليها ثقله لقلة الظهر عنده؛ وبقي من السلاح والخزائن ما لم يقدر جوهر على حمله فأحرقه، ورحل عن دمشق في ثالث جمادى الأولى.
وقدم البشير من الحسن بن أحمد القرمطي إلى عمه جعفر بمجيئه، وبلغ ذلك جوهر، فجد في السير، وكان قد هلك من عسكره ناس كثير من الثلج، فأسرع بالمسير من طبرية، ووافى الحسن بن أحمد من البرية إلى طبرية، فوجد جوهر قد سار عنها، فبعث خلفه سرية أدركه، فقابلهم جوهر، وقتل منهم جماعة، وسار فنزل ظاهر الرملة، وتبعه القرمطي، وقد لحقه أفتكين، فسارا إلى الرملة؛ ودخل جوهر زيتون الرملة، فتحصن به، فلما نزل الحسن بن أحمد القرمطي الرملة هلك فيها، وقام من بعده بأمر القرامطة ابن عمه أبو جعفر، فكانت بينه وبين جوهر حروب كثيرة.
ثم إن أفتكين فسد ما بينه وبين أبي جعفر القرمطي، فرجع عنه إلى الأحساء، وكان حسان ابن علي بن مفرج بن دغفل بن الجراح الطائي أيضاً مع أفتكين على محاربة جوهر، فلم ير منه ما يحب، وراسله العزيز فانصرف عن أفتكين، وقدم القاهرة على العزيز، واشتد الأمر على جوهر، وخاف على رجاله، فسار يريد عسقلان، فتبعه أفتكين.
واستولى قسام على دمشق وخطب للعزيز، فسار أبو تغلب بن حمدان إلى دمشق، فقاتله قسام ومنعه، فسار إلى طبرية.
وأدرك أفتكين جوهر، فكانت بينهما وقعة امتدت ثلاثة أيام انهزم في آخرها جوهر، وأخذ أصحابه السيف، فجلوا عما معهم، والتحقوا بعسقلان، فظفر أفتكين من عسكر جوهر بما يعظم قدره، واستغنى به ناس كثيرون.
ونزل أفتكين على عسقلان، فجد جوهر حتى بلغ من الضر والجهد مبلغا عظيما، وغلت عنده الأسعار، فبلغ قفيز القمح أربعين دينارا، وأخذت كتامة تسب جوهر وتنتقصه، وكانوا قد كايدوه في قتالهم، فراسل أفتكين يسأله: ماذا يريد بهذا الحصار، فبعث إليه: لا يزول هذا الحصار إلا بمال تؤديه إلي عن أنفسكم.
فأجابه إلى ذلك؛ وكان المال قد بقى منه شيء يسير، فجمع من كان معه من كتامة، وجمع منهم مالاً؛ وبعث إليه أفتكين يقول: إذا أمنتكم لا بد أن تخرجوا من هذا الحصن من تحت السيف وأمنهم، وعلق السيف على باب عسقلان، فخرجوا من تحته.
وسار جوهر إلى مصر، فكان مدة قتالهم على الزيتون وقفلتهم إلى عسقلان حتى خرجوا منها نحوا من سبعة عشر شهرا بقية سنة ست إلى أن دنا خروج سنة سبع وستين .
وقدم جوهر على العزيز، فأخبره بتخاذل كتامة، فغضب غضبا شديدا، وعذر جوهر في باطنه، وأظهر التنكير له، وعزله عن الوزارة، وولى يعقوب بن كلس عوضه في المحرم سنة ثمان وستين.
وخرج العزيز فضربت له خيمة ديباج رومى عليها صفرية فضة، فخرج إليه أهل البلد كلهم حتى غلقت الأبواب، وسألوه في التوقف عن السفر، فقال: إنما أخرج للذب عنكم، وما أريد ازدياداً في مال ولا رجال.
وصرفهم.
ومنع العزيز في هذه السنة وهي سنة سبع وستين النصارى من إظهار ما كانوا يفعلونه في الغطاس: من الاجتماع، ونزول الماء، وإظهار الملاهي، وحذر من ذلك.
وسار العزيز، وعلى مقدمته حسان بن علي بن مفرج بن دغفل بن الجراح الطائي، فتنحى أفتكين عن الرملة، ونزل طبرية.
واتفق أن عضد الدولة أبا شجاع فناخسرو بن ركن الدين أبي يحيى الحسن بن بويه أخذ بغداد من ابن عمه بختيار بن أحمد بن بويه، فسار بختيار إلى الموصل، واتفق مع أبي تغلب الغضنفر بن ناصر الدولة ابن حمدان على قتال فناخسرو، فسار إليهم فناخسرو وأوقع بهم، فانهزموا، وأسر بختيار وقتله، وفر حينئذ من أولاد بختيار إعزاز الدولة المرزبان، وأبو كاليجار وعماه: عمدة الدولة أبو إسحاق، وأبو طاهر محمد، ابنا معز الدولة أحمد بن بويه، وساروا إلى دمشق في عسكر، فأكرمهم خليفة أفتكين، وأنفق فيهم، وحملهم وصيرهم إلى أفتكين بطبرية، فقوى بهم، وصار في اثنى عشر ألفا، فسار بهم إلى الرملة، ووافى بها طليعة العزيز، فحمل عليها أفتكين مراراً، وقتل منها نحو مائة رجل، فأقبل عسكر العزيز زهاء سبعين ألفاً، فلم يكن غير ساعة حتى أحيط بعسكر أفتكين، وأخذوا رجاله، فصاح الديلم الذين كانوا معه: زنهار، زنهار، يريدون: الأمان، الأمان.
واستأمن إليه أبو إسحق إبراهيم بن معز الدولة، وابن أخيه إعزاز الدولة، والمرزبان بن بختيار؛ وقتل أبو طاهر محمد بن معز الدولة، وأخذ أكثرهم أسرى، ولم يكن فيهم كبير قتلى، وأخذ هفتكين نحو القدس، فأخذ وجيء به إلى حسان بن علي بن مفرج ابن دغفل بن الجراح، فشد عمامته في عنقه، وساقه إلى العزيز، فشهر في العسكر، وأسنيت الجائزة لابن الجراح.
وكانت هذه الوقعة لسبع بقين من المحرم سنة ثمان وستين.
فورد كتاب العزيز إلى مصر بنصرته على أفتكين، وقتل عدة من أصحابه وأسره، فقرىء على أهل مصر فاستبشروا وفرحوا.
وكتب أبو إسماعيل الرسي إلى العزيز يقول: يا مولانا: لقد استحق هذا الكافر كل عذاب، والعجب من الإحسان إليه.
فلم يرد عليه جوابا.
وسار العزيز ومعه أفتكين مكرماً من الرملة، وبقية الأسرى إلى مصر.
قال المسبحي: فخرج الناس إلى لقائه وفيهم أبو إسماعيل الرسي، فلما رآه العزيز قال: يا إبراهيم: قرأت كتابك في أمر أفتكين، وفيما ذكرته، وأنا أخبرك: اعلم أنا وعدناه الإحسان والولاية فما قبل، وجاء إلينا فنصب فازاته وخيامه حذاءنا، وأردنا منه الانصراف فلج وقاتل، فلما ولى منهزماً وسرت إلى فازاته ودخلتها سجدت لله الكريم شكراً، وسألته أن يفتح لي بالظفر به، فجيء به بعد ساعة أسيراً؛ ترى يليق بي غير الوفاء ؟!.
فقبل أبو إسماعيل رجله.
ودخل العزيز إلى القاهرة ومعه أفتكين والأسرى، وعليه تاج مرصع بالجوهر، فأنزل أفتكين في دار، وأوصله بالعطاء والخلع حتى قال: لقد احتشمت من ركوبي مع مولانا العزيز بالله ونظري إليه مما غمرني من فضله وإحسانه، فلما بلغ العزيز ذلك، قال لعمه حيدرة: يا عم: أحب أن أرى النعم عند الناس ظاهرة، وأرى عليهم الذهب والفضة والجوهرة ولهم الخيل واللباس والضياع والعقار، وأن يكون ذلك كله من عندي.
وبلغ العزيز أن الناس من العامة يقولون: ما هذا التركي ؟ فأمر به فشهر في أجمل حال، فلما رجع من تطوافه وهب له مالا جزيلا، وخلع عليه، وأمر الأولياء بأن يدعوه إلى دورهم، فما منهم إلا من أضافه، وقاد إليه، وقاد: يديه دوابا.
ثم سأله العزيز بعد ذلك: كيف رأيت دعوات أصحابنا فقال: يا مولاي: حسنة في الغاية، وما فيهم إلا من أنعم وأكرم.
وكان الذي أنفق العزيز على هفتكين حتى أسره ألف ألف دينار وقال العزيز عند خروجه إلى حربه لحسين الرابض: كم عدد ما تحت يدك من الدواب ؟ فقال: عشرة آلاف رأس.
فقال العزيز: لقد أوجلتني يا حسين.
وفيها نافق حمزة بن نعله الكتامي متولى أسوان ، فخرج إليه جعفر بن محمد ابن أبي الحسين الصقلي، وأخذه وأتى به وبأمواله، فأنعم بها العزيز على هفتكين، ودفعه إليه فقتله شر قتلة.
وفيها قدم حسان بن علي بن مفرج بن دغفل بن الجراح الطائي على العزيز، فخلع عليه، وحمل على خمسة أرؤس من الخيل، وقاد إليه بين يديه خمسة أحمال مال، وأنزله داراً.
وفيها جهز الفضل بن صالح على جيش إلى الشام، وقلد الشام كله، ولقب بالقائد، وخلع عليه ثوب مذهب، ومنديل مذهب، وقلد بسيف محلى بذهب، وحمل على فرس، وبين يديه أربعة أفراس بمراكبها، ومائة ألف درهم، وخمسون قطعة من الثياب الملونة؛ فركب بالطبول والبنود، وسار.
وخرجت قافلة الحاج في ذي القعدة، وفيها صلات الأشراف، والقمح والشعير والدقيق والزيت، وسائر الحبوب والزيت، ومحراب من ذهب للكعبة.
وفيها كان بمصر وباء عظيم، مات في خلائق، فحكى بعض من سمع نواب السلطان يقول: الذي قبر من الديوان سبعة آلاف وسبعمائة وستون، سوى من لم يعلم بموته، أما من دفن بلا كفن فكثير.
وكان الماء في المقياس خمسة أذرع وثلاثا وعشرين إصبعاً، وبلغ خمسة عشر ذراعا وتسعة عشر إصبعا.
وأما بلاد المغرب فإن الأمير أبا الفتوح يوسف بن زيرى كتب إلى العزيز في سنة سبع وستين يسأله في طرابلس وسرت وأجدابيه، وكان عليها عبد الله بن خلف، فأنعم له بها، فرحل عنها عبد الله، وتسلمها أبو الفتوح.
وفي سنة ثمان كتب أبو طالب أحمد بن أبي القاسم محمد بن أبي المنهال قاضي المنصورية إلى العزيز يسأله في القدوم، فأجابه إلى ذلك، فسار بأهله وأولاده في آخر شوال، وقدم القاهرة، فأجرى له العزيز في كل سنة ألف دينار.
وكتب أبو الفتوح إلى العزيز يشاوره من يولى القضاء ؟ فكتب إليه: قد رددت هذا الأمر إليك، فول من شئت.
فاختار محمد بن إسحق الكوفي، وولاه آخر ذي الحجة سنة ثمان وستين، وكتب إلى العزيز يخبره بذلك، فأجاز فعله، وبعث إليه سجلاً بالقضاء.
وفي يوم الاثنين لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة خمس وستين سير الأمير أبو الفتوح الهدية من رقادة، ومعها المال مع محمد بن صالح صاحب بيت المال ، وعيسى بن خلف المرصدي، وقائد المهدية زروال بن نصر، فقدموا إلى القاهرة والعزيز آخذ في حركة السير لحرب هفتكين، فأمر برد المال الذي أحضره الأمير زيرى مع الهدية، وذلك أن عبد الله بن محمد الكاتب لما وصل إليه السجل من العزيز بموت أبيه المعز وقيامه بعده في الخلافة، قرأه على الناس بالمنصورية من القيروان، وفرق ما بعثه العزيز من الدنانير والدراهم التي ضربت باسمه على رجال الدولة، ثم بسط رداءه، وألقى فيه دنانير، وقال: ليلق كل واحد فيه ما يستطيع من التقرب.
ثم جمع أهل القيروان وصادرهم، فأخذ من عشرة آلاف دينار إلى دينار واحد، حتى عم أكثر أهل البلد وسائر أعمال إفريقية، فجبى زيادة على أربعمائة ألف دينار عيناً.
فلما بلغ ذلك العزيز كتب برد المال لأربابه، فرأى عبد الله بن محمد برد المال نقضا عليه وحمله إلى العزيز مع الهدية، وجعل مال الهدية خاصة في صرر، وكتب على كل صرة اسم صاحبها، فرد العزيز صرراً نفسية إلى أصحابها، وهم يومئذ بمصر، وأمر برد باقي المال إلى المغرب ليفرق على أربابه، فقال له الوزير يعقوب بن كلس: هذه أموال عظيمة، ونحن محتاجون إليها للنفقة على هذه العساكر، وإن رجعت أمرت يردها إليهم من بيت المال.
فقبل منه، وأنفقها على العسكر.

This site was last updated 02/21/12