Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة أربع وتسعين ومائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
باقى سنة 193 وخلافة الأمين
سنة 194
سنة195
سنة196
سنة196
سنة198

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

حوادث سنة أربع وتسعين ومائة
ذكر خلاف أهل حمص على الأمين

في هذه السنة خالف أهل حمص على الأمين، وعلى عامهم إسحاق بن سليمان، فانتقل عنهم إلى سلمية، فعزله الأمين واستعمل مكانه عبد الله بن سعيد الحرشي، فقتل عدة من وجوههم، وحبس عدة، وألقى النار في نواحيهأن فسألوا الأمان فأجابهم، ثم هاجوا بعد ذلك فقتل عدة منهم.
ذكر ظهور الخلاف بين الأمين والمأمون
وفي هذه السنة أمر الأمين بالدعاء على المنابر لابنه موسى.
وكان السبب في ذلك أن الفضل بن الربيع لما قدم العراق من طوس، ونكث عهد المأمون، أفكر في أمره، وعلم أن المأمون إن أفضت إليه الخلافة، وهوحي، لم يبق عليه، فسعى في إغراء الأمين، وحثه على خلع المأمون والبيعة لابنه موسى بولاية العهد، ولم يكن ذلك في عزم محمد الأمين، فلم يزل الفضل يصغر عنده أمر المأمون، ويزين له خلعه، وقال له: ما تنتظر بعبد الله والقاسم، فإن البيعة كانت لك قبلهمأن وإمنا أدخلا فيها بعدك. (3/119)
ووافقه على هذا علي بن عيسى بن ماهان، والسندي وغيرهمأن فرجع الأمين إلى قولهم.
ثم إنه أحضر عبد الله بن خازم، فلم يزل في مناظرته حتى انقضى الليل، وكان مما قال عبد الله: أنشدك الله، يا أمير المؤمنين، أن تكون أول الخلفاء نكث عهدهن ونقض ميثاقه، ورد رأي الخليفة قبله؛ فقال: اسكت! فعبد الملك كان أفضل منك رأيأن وأكمل نظرأن يقول: لا يجتمع فحلان في أجمة.
ثم جمع القواد عليهم خلع المأمون، فأبوا ذلك، وربما ساعده قوم حتى بلغ إلى خزيمة بن خازم فقال: يا أمير المؤمنين! لم ينصحك من كذبك، ولم يغشك من صدقك، لا تجرئ القواد على الخلع فيخلعوك، ولا تحملهم على نكث العهد فينكثوا عهدك وبيعتك، فإن الغادر مخذول، والناكث مغلول.
فأقبل الأمين على علي بن عيسى بن ماهان، فتبسم، وقال: لكن شيخ الدعوة، ونائب هذه الدولة لا يخالف على إمامه، ولا يوهن طاعته.
ثم رفعه إلى موضع لم يرفعه إليه قبلهأن لأنه كان هووالفضل بن الربيع يعينانه على الخلع؛ ولج الأمين في خلع المأمون، حتى إنه قال يوماً للفضل بن الربيع: يا فضل! أحياة مع عبد الله؟ لا بد من خلعه؛ والفضل يعده، وهويقول: فمتى ذلك؟ إذا غلب خراسان وما فيها؛ فأول ما فعله أن كتب إلى جميع العمال بالدعاء لابنه موسى بالإمرة، بعد الدعاء للمأمون وللمؤتمن.
فلما بلغ ذلك المأمون، مع عزل المؤتمن عما كان بيده، أسقط اسم الأمين من الطراز، وقطع البريد عنه.
وكان رافع بن الليث بن نصر بن سيار، لما بلغه حسن سيرة المأمون، طلب الأمان، فأجابه إلى ذلك، فحضر عند المأمون، وأقام هرثمة بسمرقند، ومعه طاهر بن الحسين، ثم قدم هرثمة على المأمون، فأكرمه، وولاه الحرس، فأنكر ذلك كله الأمين؛ فكان مما وتر عليه أن كتب إلى العباس بن عبد الله بن مالك، وهوعامل المأمون على الري، يأمره أن ينفذ بغرائب غروس الري؛ يريد امتحانه، فبعث إليه بما أمره، وكتم ذلك عن المأمون وذي الرياستين، فبلغ المأمون، فعزله بالحسن بن علي المأموني.
ثم وجه الأمين إلى المأمون أربعة أنفس، وهم: العباس بن موسى بن عيسى بن محمد بن علي، وعيسى بن جعفر بن المنصور، وصالح صاحب المصلى، ومحمد بن عيسى بن نهيك، ويطلب إليه أن يقدم ابنه موسى على نفسه ويحضر عنده، فقد استوحش لبعده؛ فبلغ الخبر المأمون فكتب إلى عماله بالري، ونيسابور وغيرهمأن يأمرهم بإظهار العدة والقوة، ففعلوا ذلك، وقدم الرسل على المأمون، وأبلغوه الرسالة؛ وكان ابن ماهان أشار بذلك، وأخبر الأمين أن أهل خراسان معه.
فلما سمع المأمون هذه الرسالة استشار الفضل بن سهل فقال له: أحضر هشاماً والد علي وأحمد ابني هشام، واستشره، فأحضره، واستشاره، فقال له: إمنا أخذت البيعة علينا على أن لا تخرج من خراسان، فمتى فعل محمد ذلك، فلا بيعة له في اعناقنأن والسلام عليك، يا أمير المؤمنين، ورحمة الله وبركاته، ومتى هممت بالمسير إليه تعلقت بك بيميني، فإذا قطعت تعلقت بيساري، فإذا قطعت تعلقت بلساني، فإذا ضربت عنقي كنت أديت ما علي.
فقوي عزم المأمون على الامتناع، فأحضر العباس، وأعلمه أنه لا يحضر، وأنه لا يقدم موسى على نفسه؛ فقال العباس بن موسى: ما عليك أيها الامير من ذلك، فهذا جدي عيسى بن موسى قد خلع فما ضره؛ فصاح به ذوالرياستين: اسكت! إن جدك كان أسيراً في أيديهم، وهذا بين أخواله وشيعته.
ثم قاموأن فخلا ذوالرياستين بالعباس بن موسى واستماله، ووعده إمرة الموسم، ومواضع من مصر، فأجاب إلى بيعه المأمون، وسمي المأمون، ذلك الوقت، بالإمام، فكان العباس يكتب إليهم بالاخبار من بغداد.ورجع الرسل إلى الامين، فأخبروه بامتناع المأمون، وألح الفضل وعلي بن عيسى على الأمين في خلع المأمون والبيعة لابنه موسى بن الأمين؛ وكان الأمين قد كتب إلى المأمون يطلب منه أن ينزل عن بعض كور خراسان، وأن يكون له عنده صاحب البريد يكاتبه بالأخبار، فاستشار المأمون خواصه وقواده، فأشاروا باحتمال هذا الشر، والإجابة إليه، خوفاً من شر هون أعظم منه. (3/120)
فقال لهم الحسن بن سهل: أتعلمون أن الأمين طلب ما ليس له؟ قالوا: نعم! ويحتمل ذلك لضرر منعه؛ قال: فهل تثقون بكفه بعد إجابته، فلا يطلب غيرها؟ قالوا: لا! قال: فإن طلب غيرهأن فما ترون؟ قالوا: مننعه، فهذا خلاف ما سمعناه من قول الحكماء، قال: استصلح عاقبة أمرك باحتمال ما عرض من مكروهه في يومك، ولا تلتمس هدنة يومك بإخطار أدخلته على نفسك في غدك. فقال المأمون لذي الرياستين: ما تقول أنت؟ فقال: أسعدك الله، هل تؤمن أن يكون الأمين طالبك بفضل قوتك ليستظهر بها عليك؟ بل إمنا أشار الحكماء بحمل ثقل ترجون به صلاح العاقبة.
فقال المأمون: بأيثار دعة الاجل صار إلى فساد العاقبة في دنياه وآخرته؛ فامتنع المأمون من إجابته إلى ما طلب؛ وأنفذ المأمون ثقته إلى الحد، فلا يمكن أحداً من العبور إلى بلاده إلا مع ثقة من ناحيته، فحضر أهل خراسان أن يستمالوا برغبة أورهبة، وضبط الطرق بثقات أصحابه، فلم يمكنوا من دخول خراسان إلا من عرفوه، وأتى بجواز، أوكان تاجراً معروفأن وفتشت الكتب.
وقيل: لما اراد الأمين أن يكتب إلى المأمون يطلب بعض كور خراسان، قال له إسماعيل بن صبيح: يا أمير المؤمنين! إن هذا مما يقوي التهمة، وينبه على الحذر، ولكن أكتب إليه فأعلمه حاجتك، وما تحب من قربه والاستعانة به على ما ولاك الله، وتسأله القدوم عليك، لترجع إلى رأيه فيما تفعل.
فكتب إليه بذلك، وسير الكتاب مع نفر، وأمرهم أن يبلغوا الجهد في إحضاره، وسير معهم الهدايا الكثيرة؛ فلما حضر الرسل عنده، وقرأ الكتاب أشاروا عليه بإجابة الأمين، وأعلموه ما في إجابته من المصلحة العامة والخاصة؛ فأحضر ذا الرياستين، وأقرأه الكتاب، واستشاره، فأشار عليه بملازمة خراسان، وخوفه من القرب من الأمين؛ فقال: لا يمكنني مخالفته وأكثر القواد والاموال معه، والناس مائلون إلى الدرهم، والدينار لا يرغبون في حفظ عهد ولا أمانة، ولست في قوة حتى أمتنع، وقد فارق جيغويه الطاعة، والتوى خاقان ملك التبت، وملك الكابل قد استعد للغارة على ما يليه، وملك اتردبنده قد منع الضريبة، ومالي بواحد من هذه الأمور بد، ولا أرى إلا تخلية ما أنا فيه، واللحاق بخاقان ملك الترك، والاستجارة به لعليّ آمن على نفسي.
فقال ذوالرياستين: إن عاقبة الغدر شديدة وتبعة البغي غير مأمونة، ورب مقهور قد عاد قاهرأن وليس النصر بالكثرة والقلة، والموت أيسر من الذل والضيم، وما أرى أن تصير إلى أخيك متجرداً من قوادك وجندك، كالرأس الذي فارق بدنه، فتكون عنده كبعض رعيته، يجري عليك حكمه من غير أن تبلي عذراً في قتال، واكتب إلى جيغويه وخاقان، فولهما بلادهمأن وابعث إلى ملك كابل ببعض هدايا خراسان، ووادعه، واترك لملك اترابنده ضريبته، ثم اجمع أطرافك، وضم جندك، وأضرب الخيل بالخيل، والرجال بالرجال، فإن ظفرت وإلا لحقت بخاقان.
فعرف المأمون صدقه، ففعل ما أشار به، فرضي أولئك الملوك العصاة، وضم جنده، وجمعهم عنده، وكتب إلى الأمين: أما بعد، فقد وصل إليّ كتاب أمير المؤمنين، وإمنا أنا عامل من عماله، وعون من اعوانه، أمرني الرشيد بلزوم هذا الثغر ومكايدة من كايد أهله من عدوأمير المؤمنين، ولعمري إن مقامي به أرد على أمير المؤمنين، أعظم غناء عنه المسلمين من الشخوص إلى أمير المؤمنين، فإن كنت مغتبطاً بقربه، مسروراً بمشاهدة نعمة الله عنده، فإن رأى أمير المؤمنين أن يقرني على عملي ويعفيني من الشخوص إليه فعل إن شاء الله. والسلام.
فلما قرأ الأمين كتاب المأمون علم أنه لا يتابعه على ما يريده؛ فكتب إليه يسأله أن ينزل عن بعض كور خراسان، كما تقدم ذكره، فلما امتنع المأمون أيضاً من إجابته إلى ما طلب، أرسل جمعاً ليناظروه في منع ما طلب منه، فلما وصلوا إلى الري منعوأن ووجدوا تدبيره محكمأن وحفظوا في حال سفرهم وإقامتهم من أن يخبروا ويستخبروأن وكانوا معدين لوضع الأخبار في العامة، فلم يمكنهم ذلك؛ فلما رجعوا أخبروا الأمين بما رأوا. (3/121)
وقيل إن الأمين لما عزم على خلع المأمون، وزين له ذلك الفضل وابن ماهان، دعا يحيى بن سليم، وشاوره في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين! كيف تفعل ذلك مع ما قد أكد الرشيد من بيعته، وأخذ الشرائط والأيمان في الكتاب الذي كتبه؟ فقال الأمين: إن رأي الرشيد كان فلتةً شبهها عليه جعفر بن يحيى، فلا ينفعنا ما نحن فيه إلا بخلعه وقلعه واحتشاشه.
فقال يحيى: إذا كان رأي أمير المؤمنين خلعه، فلا تجاهره فيستنكر الناس ذلك، ولكن تستدعي الجند بعد الجند، والقائد بعد القائد، وتؤنسهما بالألطاف والهدايأن وتفرق ثقاته ومن معه، وترغبهم بالأموال، فإذا وهنت قوته، واستفرغت رجاله، أمرته بالقدوم عليك، فإن قدم صار إلى الذي تريد منه، وإن أبى كنت قد تناولته وقد كل حده وانقطع عزه.
فقال الأمين: أنت مهذار خطيب، ولست بذي رأي مصيب، قم فالحق بمدادك وأقلامك.
وكان ذوالرياستين الفضل بن سهل قد اتخذ قوماً يثق بهم ببغداد، يكاتبونه بالاخبار، وكان الفضل بن الربيع قد حفظ الطرق، وكان أحد أولئك النفر إذا كاتب ذا الرياستين بما تجدد ببغداد، سير الكتاب مع امرأة، وجعله في عود اكفاف، وتسير كالمجتازة من قرية إلى قرية، فلما ألح الفضل بن الربيع في خلع المأمون أجابه الأمين إلى ذلك وبايع لولده موسى في صفر، وقيل في ربيع الأول، سنة خمس وتسعين ومائة، على ما نذكره إن شاء الله تعالى، وسماه الناطق بالحق، ونهى عن ذكر المأمون والمؤتمن على المنابر، وأرسل إلى الكعبة بعض الحجبة، فأتاه بالكتابين اللذين وضعهما الرشيد في الكعبة بيعة الأمين والمأمون، فأحضرهما عنده فمزقهما الفضل.
فلما أتت الأخبار إلى المأمون بذلك قال لذي الرياستين: هذه أمور أخبر الرأي عنهأن وكفانا أن نكون مع الحق.
فكان أول ما دبره ذوالرياستين، حين بلغه ترك الدعاء للمأمون وصح عنده، أن جمع الأجناد الذين كان اتخذهم بجنبات الري مع الاجناد الذين كانوا بهأن وأمدهم بالأقوات وغيرها؛ وكانت البلاد عندهم قد أجدبت، فأكثر عندهم ما يريدونه، حتى صاروا في أرغد عيش، وأقاموا بالحد لا يتجاوزونه، ثم أرسل إليهم طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن أسعد أبا العباس الخزاعي أميراً فيمن من قواده وأجناده، فسار مجداً حتى ورد الري، فنزلهأنفوضع المسالح والمواصل، فقال بعض شعراء خراسان:
رمى أهل العراق ومن عليها ... إمام العدل والملك الرشيد
بأحزم من نشا رأياً وحزماً ... وكيداً نافذاً مما يكيد
بداهية تأدى خنفقيق ... يشيب لهول صولتها الوليد
فأما الأمين فإنه وجه عصمة بن حماد بن سالم إلى همذان في ألف رجل، وأمره أن يوجه مقدمته إلى ساوة، ويقيم بهمذان؛ وجعل الفضل بن الربيع، وعلي بن عيسى يبعثان الأمين ويغريانه بحرب المأمون.
ولما بايع الأمين لولده موسى جعله في حجر علي بن عيسى، وجعل على شرطه محمد بن عيسى بن نهيك، وعلى حرسه عثمان بن عيسى بن نهيك، وعلى رسائله علي بن صالح صاحب المصلى.
ذكر خلاف أهل تونس على ابن الأغلب
في هذه السنة عصى عمران بن مجالد الربيعي، وقريش بن التونسي بتونس على إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية واجتمع فيها خلق كثير، وحصر إبراهيم بن الأغلب بالقصر، وجمع من أطاعه، وخالف عليه أيضاً أهل القيروان في جمادى الآخرة، فكانت بينهم وقعة وحرب قتل فيها جماعة من رجال ابن الأغلب.
وقدم عمران بن مجالد فيمن معه، فدخل القيروان عاشر رجب، وقدم قريش من تونس غليه، فكانت بينهم وبين ابن الأغلب وقعة في رجب، فانهزم أصحاب ابن الأغلب، ثم التقوا في العشرين منه فانهزموا ثانية أيضأن ثم التقوا ثالثة فيه أيضأن فكان الظفر بن الأغلب، وأرسل عمران بن مجالد إلى أسد بن الفرات الفقيه ليخرج معهم، فامتنع، فاعاد الرسول يقول له: تخرج معنأن وإلا أرسلت إليك من يجر برجلك؛ فقال أسد للرسول: قل له: واله إن خرجت لأقولن لناس إن القاتل والمقتول في النار. فتركه.
ذكر عصيان أهل ماردة وغزو الحكم بلاد الفرنج
في هذه السنة عاود أهل ماردة الخلاف على الحكم بن هشام، أمير الأندلس، وعصوا عليه، فسار بنفسه إليهم، وقاتلهم، ولم تزل سراياه وجيوشه تتردد وتقاتلهم هذه السنة، وسنة خمس، وسنة ست وتسعين ومائة.  (3/122)
وطمع الفرنج في ثغور المسلمين، وقصدوها بالغارة، والقتل، والنهب والسبي، وكان الحكم مشغولاً بأهل ماردة، فلم يتفرغ للفرنج، فأتاه الخبر بشدة الأمر على أهل الثغر، وما بلغ العدومنهم، وسمع أن امرأة مسلمة أخذت سبية، فنادت: واغوثاه، يا حكم! فعظم الأمر عليه، وجمع عسكره واستعد وحشد وسار إلى بلد الفرنج سنة ست وتسعين ومائة، وأثخن في بلادهم، وافتتح عدة حصون، وخرب البلاد، ونهبهأن وقتل الرجال، وسبى الحريم، ونهب الأموال، وقصد الناحية التي كانت بها تلك المرأة، فأمر لهم من الأسرى بما يفادون به أسراهم، وبالغ في الوصية في تخليص تلك المرأة فتخلصت من الأسر، وقتل باقي الأسرى؛ فلما فرغ من غزاته قال لأهل الثغور: هل أغاثكم الحكم؟ فقالوا: نعم، ودعوا له، واثنوا عليه خيرأن وعاد إلى قرطبة مظفراً.
ذكر عدة حوادث
وفيها وثبت الروم على ملكهم ميخائيل، فهرب، وترهب، وكان ملك نحوسنتين، وملك بعده أليون القائد.
وكان على الموصل إبراهيم بن العباس استعمله الأمين.
وفي هذه السنة قتل شقيق اللخي في غزاة كولان من بلاد الترك.
وفيها مات الوليد بن مسلم صاحب الأوزاعي، وقيل سنة خمس وتسعين ومائة، وكان مولده سنة عشر ومائة.
وفيها مات حفص بن غياث النخعي، قاضي الكوفة، وكان مولده سنة سبع عشرة ومائة. غياث بالغين المعجمة.
وفيها توفي عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وكان مولده سنة ست عشرة ومائة، وكان قد اختلط في آخر عمره، وكان حديثه صحيحاً إلى أن اختلط.
وفيها توفي سيبويه النحوي، واسمه عمروبن عثمان بن قنبر أبوبشير، وقيل: كان توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة، وقيل: كان عمره قد زاد على أربعين سنة، وقيل كان عمره اثنتين وثلاثين سنة.
وفيها توفي يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص وعمره أربع وسبعون سنة.

This site was last updated 07/13/11