المماليك

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

صعود النشو وسيطرته على السلطان الناصر بن قلاوون

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل 

Home
Up
‏قصر‏ ‏الأمير‏ ‏بشتاك
النشو والناصر بن قلاون1
النشو والناصر بن قلاون2

Hit Counter

 

  شخصيات مملوكية (١-٢) صعود النشو  

جريدة المصرى اليوم كتب   جمال الغيطانى    ٣/ ٩/ ٢٠٠

النشو

يفصلنا عن شرف الدين عبدالوهاب النشو سبعة قرون هجرية، مات الرجل منذ زمن بعيد، ولكنه مازال يسعى بيننا، هذا ما تقوله سيرته وأفعاله، وما تقول سيرة وأفعال الكثيرين ممن يعيشون حولنا الآن.

والنشو لم يكن بطلاً من أبطال التاريخ، إنما كان رجلاً عادياً، بدأ حياته بخدمة الأمراء فى زمن السلطان الناصر بن محمد بن قلاوون.

كان مستخدماً عند ابن هلال الدولة شاد الدواوين، وكان يتردد عليه كثيراً ويبالغ فى خدمته، واستخدمه ابن هلال الدولة فى الأشغال، وأثناء ذلك تزوج الأمير أنوك ابن السلطان من ابنة الأمير بكتمر الساقى، وبدأ السلطان يفكر فى شخص يعينه لخدمة ابنه، ولابد أنه فكر فى النشو، كان النشو قد وقف بين يديه أكثر من مرة، وتحدث إليه، وعندما كان يتكلم إلى السلطان كان يركز كل حواسه ومواهبه حرصاً على أن يترك أثراً فى نفس السلطان، فى صفر سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة هجرية، التحق النشو بخدمة الأمير أنوك، وكان هذا أول صعوده.

أصبح النشو قريباً من السلطان بحكم موقعه الجديد، وصار يتردد كثيراً على القلعة، يخلو إلى السلطان، ويحادثه فى أمور الدولة، ويبدى الحرص البالغ على أموال السلطان، ومصالحه، وسير العمل فى الدواوين، وفى أثناء إبدائه والحرص، كان يرمى عبارات هنا وهناك فى حديثه، فى البداية كان يلفظها بحذر، ثم لاحظ أن أذنى السلطان مصغيتان إليه فزاد من الدس والوقيعة، وكان مظهره يساعده، إنه طويل القامة، مليح الوجه، حلو التقاطيع، برىء السمات، أثر كلامه فى نفس السلطان حتى بات مقتنعاً أن النشو بحرصه عليه يمكنه أن يحصل له مالاً كثيراً، فأصدر مرسوماً بأن يتولى النشو نظارة الخاص،

أى يكون مسؤولاً عن أموال السلطان وممتلكاته، وهذه وظيفة مهمة جداً، ولكن النشو لم يهدأ، ولم يتوقف، أخذ يتحدث إلى السلطان عن أولاد موظف كبير اسمه التاج اسحق، راح يحدثه عن الأموال التى جمعوها بالباطل، وكرههم له، وكان أحد هذين الولدين قد تولى وظيفته فى نفس اليوم الذى عين فيه النشو ناظراً للخاص، وهو شرف الدين موسى، لم يمض إلا عشرون يوماً فقط، وعمل كلام النشو عمله فى السلطان، فأصدر مرسوماً بعزل شرف الدين موسى من نظر الجيش،

وأمر بالقبض عليه، وعلى شقيقه، ومصادرة ثروتيهما، وكان أسلوب السلطان الناصر قلاوون غريباً فى ضرب موظفيه، لقد استدعى ابن هلال الدولة، وأسر إليه أن يمضى ليحاصر بيوت أولاد التاج إسحق بمجرد دخول الأمراء البلاط، وبالفعل دخل الأمراء، وكبار موظفى الدولة، وبينهم شرف الدين موسى إلى السلطان، عندئذ التفت السلطان إلى القضاء وأخذ فى الثناء على شرف الدين، وقال فى آخر كلامه:

«أنا رأيت هذا وعملته كاتبى»

فى هذه اللحظة بالذات كان الجنود يحيطون بيته، وبيت شقيقه، وعندما خرج من البلاط، واتجه إلى مقر وظيفته، كانت العيون تحيطه بالرهبة، ألم يثن عليه السلطان علناً، ولكنه ما إن جلس بديوان الجيش حتى بلغه أن الحوطة قد وقعت على بيته، وأن رسل الديوان، على باب الجيش، وبلغ الخبر أيضاً إلى أخيه علم الدين، وفى العصر صعد ابن هلال الدولة بأوراق الحوطة «كشوف جرد المحتويات» وهى تشتمل على أشياء كثيرة جداً، منها على سبيل المثال، أربعمائة سروال لزوجة علم الدين، أمر السلطان بتسليم الأخوين إلى ابن هلال الدولة للتحقيق معهما، والتوصل إلى الثروات المخفية، وأحضرت آلات التعذيب، من أسواط، ومعاصير وسئل موسى عن صندوق ذكر أنه أخذه من تركة أبيه، فيه من الجواهر والذهب ما يبلغ مائة ألف دينار، وكان النشو قد أفضى إلى السلطان بوجود هذا الصندوق، فأنكر ذلك، وأقسم الأيمان المغلظة، فرق له ابن هلال الدولة ولم يعذبه،

وهنا استنكر النشو ذلك، وأخذ على ابن هلال الدولة هذه الرقة مع أن الرجل هو أول من استخدمه، وهو ولى نعمته، واضطر ابن هلال الدولة إلى التضييق على موسى، لينتزع منه كل ما لديه.

إن النشو الآن لا يقيم وزنا لابن هلال الدولة، إنه يتحدث إلى السلطان رأساً، والكلام يخرج من فمه إلى أذنى السلطان رأساً، كما أنه لم يكن يدع فرصة إلا ويظهر فيها إخلاصه وولاءه، عند عودة السلطان من الحج، تولى النشو الإشراف على مظاهر الاحتفال، خرج الناس للقاء الناصر، وغلقت الدكاكين والأسواق، وجمع النشو من الأمراء الأبسطة، والمنسوجات الحريرية الثمينة المشغولة بالذهب، وبسطها فوق الأرض أمام القلعة، وحتى مقعد السلطان، وتمضى الأيام، ونفوذ النشو يقوى، ويتزايد، يقول المقريزى فى كتابه «السلوك لمعرفة دول الملوك».

«وفى هذا الشهر كثرت مصادرات النشو للناس، فأقام من شهد على التاج إسحق أنه تسلم من المسكين الترجمان صندوقاً فيه ذهب وزمرد وجوهر مثمن، فرسم لابن الحسنى بعقوبة موسى بن التاج إسحق حتى يحضر الصندوق، وطلب النشو ولاة الأعمال وألزمهم بحمل المال، وبعث أخاه لكشف الدواليب بالصعيد وتتبع مواشى ابن التاج إسحق، فقدم قنغلى والى البهنسا وقشتمر والى الغربية وفخر الدين إياس متولى المنوفية، وعدة من المباشرين فتسلمهم ابن هلال الدولة ليستخلص منهم الأموال.

كان النشو إذا اضطهد شخصاً فإنه يتتبعه حتى يدمره تماما، ويتتبع أى إنسان يمت إليه.. هكذا فعل مع موسى بن التاج إسحق.

يستعين بالأشخاص

ذوى السمعة السيئة والأشرار

بدأ النشو يعتمد على أقاربه، وأرسل أخاه واسمه المخلص إلى الصعيد فى مهمة، عاد منها ليقدم إليه تقريراً عن ثروات مباشرى الوجه القبلى، وطلع النشو إلى السلطان، راح يغريه بهم جميعاً، ويتحدث عن إتلافهم مال السلطان، وهنا صدر مرسوم بالحوطة على جميع مباشرى الوجه القبلى. واعتقالهم، وطلب النشو تجار القاهرة ومصر، وطرح عليهم عدة أصناف من الخشب والجوخ والقماش، بثلاثة أمثال قيمتها، كان يبيع بضائع السلطان بأسعار مرتفعة جداً، وهكذا يحصل له على أموال طائلة، فى الوقت الذى بدأ هو بتكوين ثروته ولكن فى حذر شديد، وكان السلطان الناصر يصدر أحياناً بعض المراسيم التى تتسم بالخير،

وهكذا أصدر مرسوماً بمسامحة الأمراء فى الأموال المدينين بها للديوان، ولكن النشو لم ينفذ هذا المرسوم وألزم مباشر الأمراء بتسديد هذه الأموال، وركب إلى السلطان، وأوضح له قيمة الأموال التى يمكن أن تضيع نتيجة لهذه المسامحة، وأن مال السلطان يضيع ويتبدد، وأن الدواوين تسرق بحجة مسامحة الأمراء، وتأثر السلطان بما سمعه، ومكن النشو من عمل ما يختاره، وألا يسامح أحدا بشىء مما عليه للديوان، وشق ذلك على بعض الأمراء، فراجع الأمير قوصون السلطان، ولكنه لم يجبه إلى شىء، عندئذ كف الأمراء عن السؤال، وعظم النشو فى أعين الناس.

واستعان النشو بالأشخاص ذوى السمعة السيئة، استدعى الشمس بن الأزرق وكان ظلوما غشوماً، فكتب له أسماء أرباب الأموال من التجار، وفرض عليهم قماشا بثلاثة أمثال قيمته، يقول المقريزى:

«وعمت مضرة النشو الناس جميعاً، وانتهى إليه عدة من الأشرار، ونموا على الجميع من أهل الوجه القبلى والوجه البحرى، ودلوه على من عنده شىء من الجوارى المولدات لشغف السلطان بهن، فحملت إليه عدة منهن يطلبهن من أربابهن، وسعوا عنده بأرباب الأموال أيضاً، فدهى الناس منه بلاء عظيم».

وبين الحين والآخر، كان كبار رجال الدولة يفضون بشكواهم إلى السلطان ، ولكنه كان ينهرهم، ويبدى الثقة بالنشو، وأذن له فى عمل ما يختار، وأن يتصرف فى أمور الدولة كما يشاء وألا يبالى بأحد، ووعده بتقوية يده، وتمكينه، ومنع من يعارضه، بل إن السلطان استدعى إخوة النشو وأقاربه، وعينهم عند كبار الأمراء، فجعل المخلص أخ النشو مباشرا عند الأمير سيف الدين الناق، واستخدم أخاه رزق الله عند الأمير ملكتمر الحجازى، واستخدم صهره ولى الدولة عند الأمير أرغون شاه، وخلع عليهم.

انبسطت يد النشو، واشتدت وطأته، واستدار ليضرب أول شخص أحسن إليه، وكان بداية صعوده التفت إلى ابن هلال الدولة نفسه.

ابن هلال الدولة

يلزم بيته بتدبير من النشو

أخذ النشو فى التدبير على ابن هلال الدولة، رتب عليه أنه أخذ من مال السلطان جملة، وأنه أهمل فى المحافظة على أمور السلطان، وأنه بسببه ضاع مال كثير، وانتدب لتحقيق ذلك ثلاثة، أمين الدولة ابن قرموط المستوفى، والشمس بن الأزرق ناظر الجهات، وشخص ثالث اسمه لؤلؤ الحلبى، وحدد يوماً للمواجهة، بالطبع رتب النشو كل كبيرة وصغيرة، وواجه ابن هلال الدولة بأنه أهمل الأمور، وبرطل «رشا» بالأموال، ولم يستمع السلطان إلى الباقين، بل أمر ابن هلال الدولة أن يلزم بيته، وعين شخصاً آخر بدلاً منه فى وظيفته، وأمر بدر الدين لؤلؤ الحلبى باستخلاص الأموال، قبض على ابن هلال الدولة، وصودرت أمواله، وهكذا أجهز النشو على ولى نعمته، والذى كان وجوده يذكره بأيام الزمن القديم عندما كان موظفاً صغيراً فى خدمته.

ثم اختار النشو شخصاً قاسياً، غتيتاً، هو إيدكين الأدكش لولاية القاهرة، وبدأ نشاطه بمهاجمة البيوت، ومصادرة الأموال، وصار يتنكر فى الليل ويمشى فى أزقة القاهرة، فإذا سمع صوت غناء أو شم رائحة خمر هاجم المكان وأخذ من أهله أموالاً طائلة طبقاً لأحوالهم، وكان النشو يوجهه، وينفذ أغراضه من خلاله، ولما تزيد أمر إيدكين طلع الأمير قوصون وشكاه إلى السلطان، وهنا تغير السلطان على قوصون وقاله له:

«أنتم كلما وليت أحداً ينفعنى أردتم إخراجه، ولو أنه من جهتكم لشكرتم منه كل وقت».

وفى الحال أصدر مرسوماً بأن يتولى إيدكين ولاية مصر، إلى جانب القاهرة، ولم يجمع الولايتين أحد قبله، وعظم أمر إيدكين، فى أحد الأيام خرج من القاهرة إلى قرية النخيلة بالوجه البحرى، وكانت منتزهاً للناس، هاجمها وقت الغروب فما قبض على أحد إلا وسلبه ثيابه وتركه عارياً، عرى البلدة كلها عن بكرة أبيها، وجمع أموالاً كثيرة.

غير أن إيدكين لم يستمر طويلاً فى منصبه، ففى أول سنة خمس وثلاثين وسبعمائة هجرية عزل، ونفى إلى الشام، وكان السبب سعاية عدد من كبار الأمراء ضده عند السلطان.

وفى نفس الوقت لاحظ النشو أن مستوفى الدولة أمين الدين قرموط يكثر من الاجتماع بالسلطان ، فخاف عاقبة ذلك، مع أنه هو الذى قدمه إلى السلطان، وبدأ يتكلم فى حقه، وقال إنه جمع كثيراً من مال السلطان لنفسه، فقبض عليه، وعلى جماعة معه، وعوقب قرموط وضرب بالمقارع سعياً لاستخلاص أربعين ألف دينار منه، ولكنه صمد للضرب، عندئذ قيل إنه جلد، وأنه لن يعترف إلا إذا ضرب ابنه أمامه، وجاءوا بولده وبدأوا بضربه فلما اشتد البلاء بقرموط ضرب نفسه بسكين فى حلقومه محاولاً الانتحار، ولكنهم انتزعوها منه، واستمر تعذيبه وتعذيب ابنه.

فى هذه الفترة قدم الأمير تنكر، نائب الشام يوم الأربعاء الحادى عشر من رجب «٧٣٥ هـ»، وسعى عند السلطان ليفرج عن ابن هلال الدولة، وساعده الأمير قوصون، وبالفعل استجاب السلطان لهما، وأفرج عن الرجل، وكان النشو مسافراً إلى الإسكندرية، وعند عودته فوجئ بالخبر، وشق عليه الإفراج عن ابن هلال الدولة، وطلع إلى السلطان، وراح يتحدث عن ابن هلال الدولة وخطورته، ومال السلطان إليه، فأمر الوالى بإحضاره إلى القلعة، وخرج الوالى إلى ابن هلال الدولة، سبه ولعنه، وأبلغه عن السلطان أنه متى اجتمع به أحد شنقه، فنزل وأقام بالقرافة منقطعاً عن جميع الناس، واستمرت سعاية النشو فى الناس، اتهم والى دمياط بأنه خرب أساسا قديماً فى البحر بين البرجين، كان عليه الطلسمات تمنع ماء البحر المالح عن ماء النيل حتى تلفت الطلمسات وغلب البحر على النيل، فتلفت بساتين كثيرة، وأن الوالى نال من ثمرة هذه الحجارة أموالاً طائلة، واعتقل والى دمياط، وعذب، واستخرج منه وجمع أموالاً كثيرة.

وقبض النشو على امرأة موسى التاج، عاقبها وهى حامل عقوبة شديدة على إحضار المال حتى طرحت ما فى بطنها ولداً ذكراً.

كان النشو يستخدم شرار الخلق، وكانت له نساء عجائز يتجسسن فى البيوت الكبيرة، وحدث أن إحدى هؤلاء النسوة أبلغته عن أولاد ابن الجيعان، وأنه يسعى فى نظر الجيش، والآخر يسعى ليتولى نظر الخاص، عندئذ طلب النشو كاتب الاصطبل منهم، وطلب منه أن يكتب حساب الاصطبل، فامتنع، ورد عليه بكلام خشن، عندئذ سعى النشو عليه عند السلطان حتى قال له السلطان:

«لم لا تعمل حساب الاصطبل، وتعطيه الناظر؟ يقصد النشو.. فقال:

«يا خوند: بدل أن تطلب حساب الصبى والمقاود، أطلب حساب الذهب الذى يدخل إلى خزائنك».

وأغلظ فى حق النشو، وعندما قابله، قال له: «ونعمة مولانا السلطان أظهر فى جهتك مائتى ألف دينار».

وهنا قامت قيامة النشو، وانفض المجلس على ذلك فمازال النشو بأولاد ابن الجيعان حتى سلمهم إلى لؤلؤ فعاقبهم حتى هلكوا، وصودرت ثرواتهم، ولم يكتف النشو بذلك، بل قبض على أقاربهم، وصادر أموال عدد من أصحابهم.

مملوك السلطان

فى هذه السنة ٧٣٥هـ، كثر شغف السلطان بمملوكه الطنبعا الماردينى شغفاً زائداً، لدرجة أنه قرر أن ينشئ له مسجداً يحمل اسمه، واختار موقعه خارج باب زويلة، وكان لابد من إزالة عدد من البيوت بعد شرائها، طلب السلطان النشو وكلفه بتحقيق ذلك، عندئذ استدعى النشو أصحاب البيوت، وابتاعها منهم بنصف قيمتها، وتم بناء المسجد والذى مازال قائماً حتى الآن.

وفى نفس هذه السنة جرت محاولة للتخلص من النشو عن طريق الوقيعة، إذ كتبت رقعة إلى السلطان تذكر ظلم النشو، وتسلط أقاربه على الناس وكثرة أموالهم، وعشق صهره لغلام تركى، استدعى السلطان النشو، وبعد أن قرأت عليه القصة قال: «أنا أعرف من كتبها»، وحلف على براءة أقاربه من هذا الشاب وبكى ثم انصرف.

وحاول عدد من الأمراء أن ينبهوا السلطان إلى ثروة النشو الطائلة، لكنه لم يستجب لهم، ولم يصدقهم، كان النشو يحرص دائماً على أن يبدو أمام السلطان فى مظهر الفقير المعدم حتى تزداد ثقة السلطان به، ولكى يؤمن السلطان بفقره كان يقترض من كبار موظفى الدولة المتصلين بالسلطان، مبالغ صغيرة من المال بين الحين والآخر ليوهمهم أنه لا يملك شيئاً، أرسل ذات يوم إلى رئيس الأطباء يطلب منه مائة درهم بحجة أن ضيفاً نزل عنده وليس لديه ما يكرمه به ولكى تجوز حيلته على السلطان انتهز فرصة وجود كبير الأطباء عنده ذات يوم، وشكا فقره للسلطان، وقد أمن رئيس الأطباء على هذه الدعوى بحكم ما وقع بينه وبين النشو من قبل وأمعن النشو فى تصرفاته التى لحقت الخاصة والعامة على السواء، فتدخل فى تجارة السلع الضرورية للحياة من لحم وفول وأقمشة يشترى منها باسم السلطان كميات كبيرة بأسعار رخيصة ثم يبيعها للناس بأثمان عالية.

وهنا لندع المقريزى يحدثنا من خلال كتابه «السلوك» عن وقائع النشو رسالة تتضمن الوقيعة

 

This site was last updated 09/05/09