Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

الثورة المكابية بقيادة يهوذا المكابي ( 166 - 160 ق.م)

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الثورة المكابية بقيادة متياس وأولاده
الثورة المكابية بقيادة يهوذا المكابي
الثورة المكابية بقيادة يوناثان
الثورة المكابية بقيادة سمعان
الثورة المكابية بقيادة يوحنا هركانوس
الثورة المكابية بقيادة أرسطوبولس الأول
الثورة المكابية بقيادة اسكندر حنَّاؤس
الثورة المكابية بقيادة ألكسندرا
الثورة المكابية بقيادة أرسطوبولس الثاني

226

 (ب) الثورة المكابية بقيادة يهوذا المكابي ( 166 - 160 ق.م):
تقلَّد يهوذا المكابي قيادة الجيش ، وابتدأ حرب العصابات، وأحرز نصراً ضد الحاميات السورية بقيادة أبولونيوس ثم ليسياس اللذين أوفدهما أنطيوخس لمقاومة اليهود وهذه المواقع وأوصافها وردت كلها في سفر المكابيين:
+ وجمع أبلونيوس أمماً ومن السامرة قوة عظيمة لمحاربة إسرائيل. » ( 1مك 10:3 )

+ فقال يهوذا يسيرٌ على الله أن يدفع كثيرين بيد قليلين وليس اختلاف عند إله السماء أن ينجِّي بكثير أو بقليل ؟» ( 1مك 18:3 ) 

 + وسمع يهوذا و نهض هو والمقتدرون ليضربوا جيش الملك (أنطيوخس إبيفانس)  الذي كان في عمَّاوس، فإنه إلى ذلك الوقت أيضاً كانت الجيوش متبدِّدة من المعسكر، وأتى جُرجيَّاس (أحد قوَّاد الجيش اليوناني) إلى معسكر يهوذا ليلاً ولم يجد أحداً، وكان يطلبهم في الجبال لأنه قال: إن هؤلاء يهربون منّا. ولماَّ أصبح النهار ظهر يهوذا في البقعة بثلاثة آلاف رجل إلاَّ أنه ما كان لهم من أتراس ولا سيوف كما كانوا يختارون ( 1مك 3:4 - 6 )
+ وبينما يهوذا يتكلَّم هذا الكلام ظهر مكان إدبارهم من الجبل، ورأى جُرجيَّاس أنه قد انهزم وهم يحرقون المعسكر (معسكر جُرجيَّاس) فإن الدخان المنظور كان يظهر، فلمَّا رأوا أيضاً هذه خافوا خوفاً شديداً لأنهم  معسكر يهوذا في السهل مستعداً للقتال، فهربوا جميعهم إلى أرض الغرباء "( 1مك 4 : 19- 22)
وفي سنة 164 ق.م مات أنطيوخس إبيفانس في بلاد الفرس حيث كان  مهموماً بسلب المدن وجمع الأموال. وخلفه ابنه أنطيوخس الخامس ( 164- 162 ق.م).

بداية تطهير الهيكل وعيد “حنوكا” أي “عيد التجديد” أى عيد تجديد الهيكل

وفي ديسمبر سنة 164 ق.م قام يهوذا المكابي وبقية الثائرين بتطهير الهيكل وترميمه وإعادة تكريسه، وذلك تقريباً بعد مرور ثلاث سنوات منذ أن أقام فيه الوثنيون ذبيحتهم ( 1مك 4 : 52- 59)  وجُعل هذا اليوم تذكاراً  سنوياً يُعيِّد له اليهود باستمرار وهو المدعو “حنوكا” أي “عيد التجديد”، الذي جاء ذكره في إنجيل ق. يوحنا وأحتفل به يسوع (يو 22:10 ). أمَّا في سفر دانيال فيحدِّد المدة بين بداية إبطال المحرقة الدائمة وترميم الهيكل بعد أن صار رجساً وخراباً أنها 1290 يوماً أي ثلاث سنوات ونصف. أمَّا بداية إقامة الذبيحة واستعادة العبادة فبعد .( ذلك بمدة 45 يوماً أي نحو شهر ونصف (دا 12:12)
وهكذا عادت حرية العبادة التي كانت منتهى غاية الثائرين، والتي ظلوا يتمتعون بها حتى مجيء المسيح،

الحربٌ  المكابية الأولى والثانية

وانسحب الجيش السوري واستمر الهدوء من سنة 164 إلى سنة 162 ق.م بسبب موت أنطيوخس إبيفانس. هنا تنتهي المرحلة الأُولى من الحرب والتي يمكن أن نسمِّيها « حربٌ للرب ولمقدَّساته » : 
وتبدأ المرحلة الثانية من الحرب والتي يمكن أن نسميها "حرب الطمع والاتساع والضلالة» : ويُلاحَظ أن الله أعا نهم جداً في المرحلة الأُولى التي فيها  استعادوا حريتهم الدينية، والتي أبقاها لهم الله حتى مجيء المسيح، ولكنه خذلهم في محاولتهم للتحرير السياسي ومقاومة السلطات بلا أدنى داعٍ.
فقد طمع يهوذا المكابي في الامتداد وفتح أراضٍ جديدة، فامتد إلى الشمال وفتح عدة مدن في أرض جلعاد وعاد أدراجه إلى أورشليم. ولكن “ليسياس”
والي سورية، رغبة منه في العودة إلى سوريا، عقد مع يهوذا المكابي شروطاً للهدنة سخية جداً وباحترام بالغ الوصف ( 2مك 11- 21) ولكن سرعان ما  نقضها يهوذا طمعاً في أرباح سياسية جديدة، وبذلك انتقل من الدفاع عن الدين والهيكل وحرية العبادة التي أقام عليها ثورته إلى محاولة للتوسع والغزو وامتلاك أراضٍ جديدة.

موت يهوذا ورئيس الكهنة الكيمس .. الراعى الأحمق
وقد حاول يهوذا في هذه المدة عقد مُعاهدة مع روما (مارس 160 ق.م) ونجح فيها وحصل عليها ( 1مك 8 : 1- 32)   غير أنه لم يستفد منها شيئاً إذ أن الجيش السوري اليوناني هجم عليه وقتله قبل عودة رسله الذين أرسلهم لعمل المعاهدة مع روما. والذي أثار عليه هذه الحملة الأخيرة من الجيش اليوناني هو رئيس الكهنة “الكيمُس” المدعو “يواكيم” وهو “الراعي الأحمق” الذي وصفه زكريا النبي هكذا : " فقال لي الرب: خذ لنفسك بعد أدوات راعٍ أحمق لأني هأنذا مقيم راعياً في الأرض لا يفتقد المنقطعين ولا يطلب المنساق ولا يجبر المنكسر ولا يربي القائم، ولكن يأكل السمان وينزع أظلافها، ويل للراعي الباطل التارك الغنم، السيف على ذراعه وعلى عينه اليمنى، ذراعه تيبس يبساً وعينه اليمنى تكل كلولا (زك11: 14- 17)  وقد رعى ثلاث سنين ومات سنة  159 ق. م  بالشلل، كما وصفته الرؤيا تماماً، ولم يخلفه أحد وظلت أُورشليم بدون رئيس كهنة سبع سنوات.

ويذكر يوسيفوس المؤرِّخ  Josephus, Antiq. XII, X, 6.

حادثة موته أنها كانت مفاجئة وكنقمة بيد   الرب، لأنه حاول أن يزيل حائط السياج المتوسط بين رواق الأُمم وبين القدس حتى يجعل للأُمم حق الدخول إلى القدس
وكان رئيس الكهنة الكيمُس هذا من شيعة اليهود اليونانيين، وقد عيَّنه الملك اليوناني ديمتريوس الأول ( 162- 150 ق.م)  بناءً على رشوة ( 1مك 9:7 )، وقد جرَّ ويلات الحرب على يهوذا المكابي من جديد، إذ استعان بالملك ديمتريوس الذي أرسل له القائد “نيكانور” مع حملة لمحاربة يهوذا، فإنهزم الجيش السوري في البدء وقُتل القائد “نيكانور” مما اضطر الملك ديمتريوس إلى إرسال جيش كبير بتعزيزات قوية، فدارت الدائرة على اليهود وسقط يهوذا المكابي ومات في هذه الموقعة سنة 160 ق.م.
أمَّا الوصف الروحي لتدخُّل الله في حرب المكابيين ضد اليونان في مرحلتها الأولى  لما كان هدفهم هو تخليص الهيكل من أيديهم وتطهيرة من نجاساتهم  وإعادة العبادة فيه، فيصفه سفر زكريا بوضوح: "لأني أوتَرتُ يهوذا لنفسي، وملأت القوس أفرايم، وأ نهضت أبنائك يا صهيون على بنيكِ يا ياوان (اليونان)، وجعلتكِ (يا صهيون) كسيفِ جبَّارٍ، ويُرى الرب فوقهم وسهمه يخرج كالبرق، والسيد الرب ينفخ في البوق ويسير في زوابع الجنوب. رب الجنود يحامي عنهم فيأكلون ويدوسون حجارة المقلاع ... ويخلِّصهم الرب إلههم في ذلك اليوم كقطيع شعبه بل كحجارة التاج مرفوعةً على أرضه، ما أجوده وما أجمله " (17-13:9)
ومما يعزز نبوَّة زكريا النبي أن اليهود لم يحاربوا اليونان قط إلاَّ في أيام المكابيين! والحرب في بدايتها كانت قائمة أساساً على غيرة إلهية صادقة وحماس
روحي وأمانة لله رغبةً في تطهير الهيكل وتكريم اسم يهوه بين الأُمم، لذلك هبَّ الرب في معونتهم، وأنجح طريقهم، وحامى عنهم، وخلَّصهم وكلَّل جهودهم بعيد التجديد.وهكذا تنطبق نبوَّة زكريا ( زك 13:9- 17)  على ما جرى بالفعل، والمذكور في (1مك 3: 10- 12)   شهادة على أمانة الله وتحقيقاً لوعده وعهده.
ومن الأعداد التي اشتركت في الحرب من كلا الجانبين يظهر بوضوح أن الله فعلاً تدخَّل بصورة فعَّالة في صف اليهود. فالجيش اليوناني السوري كان عدده 40000 محارب، 7000 فارس، أمَّا جيش المكابيين فلم يزد عن 6000 .( 2مك 16:8) ، محارب جميعاً ( 1مك 39:3)
لذلك يعترف المكابيون، كما أشارت نبوَّة زكريا، أن النصرة كانت بالرب فقط( 1مك 18:3 & 1مك 55)ويلاحظ هنا كيف تأثرت نبوة زكريا بهذا الموقف ، ووصفت الرؤيا مجيء المسيح كملك، وديعاً منصوراً راكباً على حمار!
والعجيب أن فى وسط أوصاف زكربا النبى لمواقع المكابيين وحروبهم بالسيف واستعادة حريتهم الروحية بالقوس والرمح وتجديد العبادة بالقوة والمقلاع، فإن النبوَّة تنطلق إلى مسافة أبعد لتصف المسيح كملك آتٍ بنصرة أخرى وتحرير آخر وتوطيد سلام جديد، لا بقوة ولا بسيف ولكن بوداعة واتضاع:
ابتهجي جداً يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أُورشليم، هوذا ملككِ يأتي إليكِ هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار ( زك 9:9 )
ومن خصائص ملك صهيون الجديد أنه : " يقطع المركبة من أفرايم والفرس من أُورشليم وتقطع قوس الحرب، ويتكلَّم بالسلام للأُمم»( زك 10:9 ) وتفسير
هذا أنه منذ المسيح فصاعداً لا يعود الله يدخل في حروب، لأن كافة الأُمم تكون شعبه ولا يتكلَّم معهم إلاَّ بالسلام : " ليس يهودي ولا يوناني ... لأنكم جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع» (غل 28:3). وأُورشليم لا تعود قلعة صهيون لتحصين الجيوش ومقاتلة الأعداء وتكتُّل اليهود، بل تصير حصناً للرجاء : " ارجعوا إلى لحصن يا أسرى الرجاء»  ( زك 12:9 ). ولا تكون أعمال الرب بعد بقوة ذ راع الإنسان ولا بواسطة آلات حرب : " لا بالقوة ولا بالقدرة بل بروحي يقول رب الجنود»  ( زك 6:4 )
والواقع أن الذي جعل زكريا النبي ينطلق بالرؤيا بسرعة من منظر حروب المكابيين إلى منظر مجيء المسيَّا باتضاعه وسلامه الجديد الغامر
وإنهاء عهد  الحروب الدينية إلى الأبد، هو إعتبار حروب المكابيين عملا أساسيا للتمهيد لمجئ المسيَّا فقط من أجل تطهير الهيكل وتجديده، مع إحساسه الشديد بقرب مجيء سيد الهيكل بغتة. فعمل المكابيين للهيكل هو بمثابة إعداده لدخول المسيح المنتظر، وهذا تمَّ بالفعل عند دخول المسيح أُورشليم واقترابه للهيكل راكباً على حمار رمز الاتضاع والوداعة والسلام (مت 21 : 1- 12)  وهذه الترتيبات التي  أكملها المكابيون هي بعينها التي أشار إليها حجَّي النبي بعين النبوَّة وقال: " فالآن ... تشدَّدوا يا جميع شعبِ الأرض، يقول الربُّ، واعملوا فإني معكم، يقول ربُّ الجنود، حسب الكلام الذي عاهدتكم به عند خروجكم من مصر وروحي قائم في وسطكم. لا تخافوا، لأنه هكذا قال ربُّ الجنود، هي مرَّة بعد قليلٍ فأزلزل السموات والأرض والبحر واليابسة،وأزلزل كل الأُمم ويأتي مشتهى كل الأُمم، فأملأ هذا البيت مجداً، قال ربُّ الجنود ... مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول، قال ربُّ الجنود، وفي هذا المكان أُعطي السلام، يقول ربُّ الجنود. (حج 2: 4- 6)

 

 


This site was last updated 08/15/17