جارى العمل فى هذه الصفحة
الجزء التالى من كتاب السيرة النبوية - تأليف: عبد الملك بن هشام المعافري - المجلد الخامس - 93 / 116
فلما بلغ ذلك ابن الزبعرى خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ، فقال : حين أسلم :
يا رسول المليك إذ لساني * راتق ما فتقت إذ أنا بور
إذ أباري الشيطان في سنن الغي * ومن مال ميله مثبور
آمن اللحم والعظام لربي * ثم قلبي الشهيد أنت النذير
إنني عنك زاجر ثم حيا * من لؤي وكلهم مغرور
قال ابن إسحاق : وقال عبدالله بن الزبعري أيضاً حين أسلم :
منع الرقاد بلابل وهموم * والليل معتلج الرواق بهيم
مما أتاني أن أحمد لامني * فيه فبت كأنني محموم
يا خير من حملت على أوصالها * عيرانة سرح اليدين غشوم
إني لمعتذر إليك من الذي * أسديت إذ أنا في الضلال أهيم
أيام تأمرني بأغوى خطة * سهم وتأمرني بها مخزوم
وأمد أسباب الردى ويقودني * أمر الغواة وأمرهم مشئوم
فاليوم آمن بالنبي محمد * قلبي ومخطئ هذه محروم
مضت العداوة وانقضت أسبابها * ودعت أواصر بيننا وحلوم
فاغفر فدى لك والداي كلاهما * زللي فانك راحم مرحوم
وعليك من علم المليك علامة * نور أغر وخاتم مختوم
أعطاك بعد محبة برهانه * شرفا وبرهان الإله عظيم
ولقد شهدت بأن دينك صادق * حق وأنك في العباد جسيم
والله يشهد أن أحمد مصطفى * مستقبل في الصالحين كريم
قرم علا بنيانه من هاشم * فرع تمكن في الذرا وأروم
قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها له .
هبيرة يبقى على كفره وما قاله من الشعر في إسلام زوجته :
قال ابن إسحاق : وأما هبيرة بن أبي وهب المخزومي فأقام بها حتى مات كافراً ، كانت عنده أم هانئ بنت أبي طالب ، واسمها هند ، وقد قال حين بلغه إسلام أم هانئ :
أشاقتك هند أم أتاك سؤالها * كذاك النوى أسبابها وانفتالها
وقد أرقت في رأس حصن ممنع * بنجران يسري بعد ليل خيالها
وعاذلة هبت بليل تلومني * وتعذلني بالليل ضلالها
وتزعم أني إن أطعت عشيرتي * سأردى وهل يردين إلا زيالها
فإني لمن قوم إذا جد جدهم * على أي حال أصبح اليوم حالها
وإني لحام من وراء عشيرتي * إذا كان من تحت العوالي مجالها
وصارت بأيديها السيوف كأنها * مخاريق ولدان ومنها ظلالها
وإني لأقلي الحاسدين وفعلهم * على الله رزقي نفسها وعيالها
وإن كلام المرء في غير كنهه * لكالنبل تهوى ليس فيها نصالها
فإن كنت قد تابعت دين محمد * وعطفت الأرحام منك حبالها
فكوني على أعلى سحيق بهضبة * ململمة غبراء يبس بلالها
قال ابن إسحاق : ويروى : وقطعت الأرحام منك حبالها .
عدة من فتح مكة :
قال ابن إسحاق : وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف . من بني سليم سبع مائة . ويقول بعضهم : ألف ؛ ومن بني غفار : أربع مائة ، ومن أسلم : أربع مائة ، ومن مزينة : ألف وثلاثة نفر ، وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم ، وطوائف العرب من تميم وقيس وأسد .
شعر حسان في فتح مكة :
وكان مما قيل من الشعر في يوم الفتح قول حسان بن ثابت الأنصاري :
عفت ذات الأصابع فالجواء * إلى عذراء منزلها خلاء
ديار من بني الحسحاس قفر * تعفيها الروامس والسماء
وكانت لا يزال بها أنيس * خلال مروجها نعم وشاء
فدع هذا ، ولكن من لطيف * يؤرقنى إذا ذهب العشاء
لشعثاء التي قد تيمته * فليس لقلبه منها شفاء
كأن خبيئة من بيت رأس * يكون مزاجها عسل وماء
إذا ما الأشربات ذكرن يوماً * فهن لطيب الراح الفداء
نوليها الملامة إن ألمنا * إذا ما كان مغث أو لحاء
ونشربها فتتركنا ملوكا * وأسداً ما ينهنهنا اللقاء
عدمنا خيلنا إن لم تروها * تثير النقع موعدها كداء
ينازعن الأعنة مصغيات * على أكتافها الأصل الظماء
تظل جيادنا متمطرات * يلطمهن بالخمر النساء
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا * وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يوم * يعين الله فيه من يشاء
وجبريل رسول الله فينا * وروح القدس ليس له كفاء
وقال الله قد أرسلت عبداً * يقول الحق إن نفع البلاء
شهدت به فقوموا صدقوه * فقلتهم لا نقوم ولا نشاء
وقال الله قد سيرت جنداً * هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد * سباب أو قتال أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا * ونضرب حين تختلط الدماء
ألا أبلغ أبا سفيان عني * مغلغلة فقد برح الخفاء
بأن سيوفنا تركتك عبداً * وعبدالدار سادتها الإماء
هجوت محمداً وأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء * فشركما لخيركما الفداء
هجوت مباركا براً حنيفاً * أمين الله شيعته الوفاء
أمن يهجو رسول الله منكم * ويمدحه وينصره سواء ؟
فإن أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء
لساني صارم لا عيب فيه * وبحري لا تكدره الدلاء
قال ابن هشام : قالها حسان يوم الفتح . ويروي : لساني صارم لا عتب فيه .
وبلغني عن الزهري أنه قال : لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء يلطمن الخيل بالخمر تبسم إلى أبي بكر الصديق رضى الله عنه .
أنس بن زنيم يعتذر مما قاله ابن سالم :
قال ابن إسحاق : وقال أنس بن زنيم الديلي يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان قال فيهم عمرو بن سالم الخزاعي :
أأنت الذي تهدى معد بأمره * بل الله يهديهم وقال لك اشهد
وما حملت من ناقة فوق رحلها * أبر وأوفي ذمة من محمد
أحث على خير وأسبغ نائلا * إذا راح كالسيف الصقيل المهند
وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله * وأعطى لرأس السابق المتجرد
تعلم رسول الله أنك مدركي * وأن وعيداً منك كالأخذ باليد
تعلم رسول الله أنك قادر * على كل صرم متهمين ومنجد
تعلم بأن الركب ركب عويمر * هم الكاذبون المخلفو كل موعد
ونبوا رسول الله أني هجوته * فلا حملت سوطي إلي إذن يدي
سوى أنني قد قلت ويل أم فتية * أصيبوا بنحس لا بطلق وأسعد
أصابهم من لم يكن لدمائهم * كفاء فعزت عبرتي وتبلدي
فإنك قد أخفرت إن كنت ساعيا * بعبد بن عبدالله وابنة مهود
ذويب وكلثوم وسلمى تتابعوا * جميعا فإلا تدمع العين أكمد
وسلمى ليس حي كمثله * وأخوته وهل ملوك كأعبد ؟
فإني لا دينا فتقت ولا دما * هرقت تبين عالم الحق واقصد
ما قاله بديل في الرد على ابن زنيم :
فأجابه بديل بن عبد مناف ابن أم أصرم ، فقال :
بكى أنس رزنا فأعوله البكا * فألا عدياً إذ تطل وتبعد
بكيت أبا عبس لقرب دمائها * فتعذر إذ لا يوقد الحرب موقد
أصابهم يوم الخنادم فتية * كرام فسل ، منهم نضيل ومعبد
هنالك إن تسفح دموعك لا تلم * عليهم وإن لم تدمع العين فاكمدوا
قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له .
شعر بجير بن زهير في يوم الفتح :
قال ابن إسحاق : وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم الفتح :
نفى أهل الحبلق كل فج * مزينة غدوة وبنو خفاف
ضربناهم بمكة يوم فتح النبي * الخير بالبيض الخفاف
صبحناهم بسبع من سليم * وألف من بنى عثمان واف
نطا أكتافهم ضربا وطعنا * ورشقا بالمريشة اللطاف
ترى بين الصفوف لها حفيفا * كما انصاع الفواق من الرصاف
فرحنا والجياد تجول فيهم * بأرماح مقومة الثقاف
فأبنا غانمين بما اشتهينا * وآبوا نادمين على الخلاف
وأعطينا رسول الله منا * مواثقنا على حسن التصافي
وقد سمعوا مقالتنا فهموا * غداة الروع منا بانصراف
شعر عباس بن مرداس في فتح مكة :
قال ابن هشام : وقال عباس بن مرداس السلمي في فتح مكة :
منا بمكة يوم فتح محمد * ألف تسيل به البطاح مسوم
نصروا الرسول وشاهدوا أيامه * وشعارهم يوم اللقاء مقدم
في منزل ثبتت به أقدامهم * ضنك كأن الهام فيه الحنتم
جرت سنابكها بنجد قبلها * حتى استقاد لها الحجاز الأدهم
الله مكنه له وأذله * حكم السيوف لنا وجد مزحم
عود الرياسة شامخ عرنينه * متطلع ثغر المكارم خضرم
*****************************************************
الجزء التالى من كتاب السيرة النبوية - تأليف: عبد الملك بن هشام المعافري - المجلد الخامس - 94 / 116
شعر جعدة في يوم الفتح :
قال ابن هشام : وقال جعدة بن عبدالله الخزاعي يوم فتح مكة :
أكعب بن عمرو دعوة غير باطل * لحين له يوم الحديد متاح
أتيحت له من أرضه وسمائه * لتقتله ليلا بغير سلاح
ونحن الألى سدت غزال خيولنا * ولفتا سددناه وفج طلاح
خطرنا وراء المسلمين بجحفل * ذوي عضد من خيلنا ورماح
وهذه الأبيات في أبيات له .
شعر بجيد في فتح مكة :
وقال بجيد بن عمران الخزاعي :
وقد أنشأ الله السحاب بنصرنا * ركام صحاب الهيدب المتراكب
وهجرتنا في أرضنا عندنا بها * كتاب أتى من خير ممل وكاتب
ومن أجلنا حلت بمكة حرمة * لندرك ثأراً بالسيوف القواضب