جارى العمل فى هذه الصفحة
*******************************************************
لجزء التالى من السيرة النبوية لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري المتوفي عام 213 الموافق لعام 828 م ستة مجلدات - الجزء الثانى - 57/116
************************************************
شعر حسَّان بن ثابت يرد على ابن الزبعرى
فأجابه حسَّان بن ثابت الأنصاري ، فقال :
ابك بكت عيناك ثم تبادرت * بدم تُعل غروبها سجام
ماذا بكيت به الذين تتابعوا * هلا ذكرت مكارم الأقوام
وذكرت منا ماجدا ذا همة * سمح الخلائق صادق الإقدام
أعني النبي أخا المكارم والندى * وأبرَّ من يولي على الإقسام
فلمثله ولمثل ما يدعو له * كان المُمدَّح ثمَّ غير كهام
شعر لحسَّان في يوم بدر أيضاً
وقال حسَّان بن ثابت الأنصاري أيضاً :
تبلتْ فؤادَك في المنام خريدة * تسقي الضجيع ببارد بسام
كالمسك تخلطه بماء سحابة * أو عاتق كدم الذبيح مدام
نُفُجُ الحقيبة بُوصها مُتنضّد * بلهاء غير وشيكة الأقسام
بُنيت على قطن أجم كأنه * فضلا إذا قعدت مداك رُخام
وتكاد تكسل أن تجيء فراشها * في جسم خرعبة وحسن قوام
أما النهار فلا أُفتر ذكرها * والليل توزعني بها أحلامي
أقسمت أنساها وأترك ذكرها * حتى تغيب في الضريح عظامي
يا من لعاذلة تلوم سفاهة * ولقد عصيت على الهوى لوامي
بكرت علي بسحرة بعد الكرى * وتقارب من حادث الأيام
زعمت بأن المرء يكرب عمره * عدم لمعتكر من الأصرام
إن كنت كاذبة الذي حدثتني * فنجوت منجا الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم * ونجا برأس طمرة ولجام
تذر العناجيج الجياد بقفرة * مر الدموك بمحصدٍ ورجام
ملأت به الفرجين فارمَدَّت به * وثوى أحبته بشر مقام
وبنو أبيه ورهطه في معرك * نصر الإله به ذوي الإسلام
طحنتهم ، والله ينفذ أمره ، * حرب يُشَبُّ سعيرها بضرام
لولا الإله وجريها لتركنه * جزر السباع ودسنه بحوام
من بين مأسور يشد وثاقه * صقر إذا لاقى الأسنة حامي
ومجدل لا يستجيب لدعوة * حتى تزول شوامخ الأعلام
بالعار والذل المبيَّن إذ رأى * بيض السيوف تسوق كل همام
بيدي أغر إذا انتمى لم يخزه * نسب القصار سمَيدع مقدام
بيض إذا لاقت حديدا صممت * كالبرق تحت ظلال كل غمام
شعر الحارث بن هشام يرد على حسَّان
فأجابه الحارث ابن هشام فيما ذكر ابن هشام ، فقال :
الله أعلم ما تركت قتالهم * حتى حبوا مهري بأشقر مزبد
وعرفت أني إن أقاتل واحدا * أقتل ولا ينكى عدوي مشهدي
فصددت عنهم والأحبة فيهم * طمعا لهم بعقاب يوم مفسد
قال ابن إسحاق : قالها الحارث يعتذر من فراره يوم بدر .
قال ابن هشام : تركنا من قصيدة حسَّان ثلاثة أبيات من آخرها ، لأنه أقذع فيها .
شعر آخر لحسَّان في يوم بدر
قال ابن إسحاق : وقال حسَّان بن ثابت أيضاًً :
لقد علمت قريش يوم بدر * غداة الأسر والقتل الشديد
بأنا حين تشتجر العَوَالىَ * حماةُ الحرب يوم أبى الوليد
قتلنا ابني ربيعة يوم سارا * إلينا في مضاعفة الحديد
وفر بها حكيم يوم جالت * بنو النجار تخطر كالأسود
وولت عند ذاك جموع فهر * وأسلمها الحويرث من بعيد
لقد لاقيتم ذلا وقتلا جهيزا * نافذا تحت الوريد
وكل القوم قد ولوا جميعا * ولم يلووا على الحسب التليد
وقال حسَّان بن ثابت أيضاً
يا حار قد عولت غير معول * عند الهياج وساعة الأحساب
إذ تمتطى سرح اليدين نجيبةً * مرطى الجراء طويلة الأقراب
والقوم خلفك قد تركت قتالهم * ترجو النجاء وليس حين ذهاب
ألا عطفت على ابن أمك إذ ثوى * قَعْص الأسنة ضائع الأسلاب
عجل المليك له فأهلك جمعه * بشنار مخزية وسوء عذاب
قال ابن هشام : تركنا منها بيتا واحدا أقذع فيه .
قال ابن إسحاق : وقال حسَّان بن ثابت أيضاً :
قال ابن هشام : ويقال : بل قالها عبدالله بن الحارث السهمي :
مستشعري حلق الماذيّ يقدمهم * جلد النحيزة ماض غير رعديد
أعنى رسول إله الخلق فضَّله * على البرية بالتقوى وبالجود
وقد زعمتم بأن تحموا ذماركم * وماء بدر زعمتم غير مورود
ثم وردنا ولم نسمع لقولكم * حتى شربنا رواء غير تصريد مستعصمين بحبل غير منجذم مستحكم من حبال الله ممدود *
فينا الرسول وفينا الحق نتبعه * حتى الممات ونصر غير محدود
واف وماض شهاب يستضاء به * بدر أنار على كل الأماجيد
قال ابن هشام : بيته : " مستعصمين بحبل غير منجذم " عن أبي زيد الأنصاري ، قال ابن إسحاق : وقال حسَّان بن ثابت أيضاً :
خابت بنو أسد وآب غزيهم * يوم القليب بسوءة وفضوح
منهم أبو العاصي تجدل مقعصا * عن ظهر صادقه النجاء سبوح
حينا له من مانع بسلاحه * لما ثوى بمقامه المذبوح
والمرء زمعة قد تركن * ونحره يدمى بعاند معبط مسفوح
متوسدا حر الجبين معفرا * قد عر مارن انفه بقبوح
ونجا ابن قيس في بقية رهطه * بشفا الرماق موليا بجروح
وقال حسَّان بن ثابت أيضاً :
ألا ليت شعري هل أتى أهل مكة * أبارتنا الكفار في ساعة العسر
قتلنا سراة القوم عند مجالنا * فلم يرجعوا إلا بقاصمة الظهر
قتلنا أبا جهل وعتبة قبله * وشيبة يكبو لليدين وللنحر
قتلنا سويدا ثم عتبة بعده * وطعمة أيضاً عند ثائرة القتر
فكم قد قتلنا من كريم مرزَّءٍ* له حسب في قومه نابه الذكر
تركناهم للعاويات ينبنهم * ويصلون نارا بعد حامية القعر
لعمرك ماحامت فوارس مالك * وأشياعهم يوم التقينا على بدر
قال ابن هشام : أنشدني أبو زيد الأنصاري بيته :
قتلنا أبا جهل وعتبة قبله * وشيبة يكبو لليدين وللنحر
قال ابن إسحاق : وقال حسَّان بن ثابت أيضاً :
نجى حكيما يوم بدر شده * كنجاء مهر من بنات الأعوج
لما رأى بدرا تسيل جلاهه * بكتيبة خضراء من بلخزرج
لا ينكلون إذا لقوا أعداءهم * يمشون عائدة الطريق المنهج
كم فيهم من ماجد ذي منعة * بطل بمهلكة الجبان المحرج
ومسود يعطي الجزيل بكفه * حمال أثقال الديات متوج
زين الندي معاود يوم الوغى* ضرب الكُماة بكل أبيض سَلجج
قال ابن هشام : قوله سلجج ، عن غير ابن إسحاق .
قال ابن إسحاق : وقال حسَّان أيضاً :
فما نخشى بحول الله قوما * وإن كثروا وأجمعت الزحوف
إذا ما ألبو جمعا علينا * كفانا حدهم رب رءوف
سمونا يوم بدر بالعوالي * سراعا ما تضعضعنا الحتوف
فلم تر عصبة في الناس أنكى * لمن عادوا إذا لقحت كشوف
ولكنا توكلنا وقلنا * مآثرنا ومعقلنا السيوف
لقيناهم بها لما سمونا * ونحن عصابة وهم ألوف
وقال حسَّان بن ثابت أيضاً ، يهجو بني جمح ومن أصيب منهم :
جمحت بنو جمح لشقوة جدهم * إن الذليل موكل بذليل
قتلت بنو جمح ببدر عنوة * وتخاذلوا سعيا بكل سبيل
جحدوا الكتاب وكذبوا بمحمد * والله يظهر دين كل رسول
لعن الإله أبا خزيمة وابنه * والخالدين وصاعد بن عقيل
شعر عبيدة بن الحارث في يوم بدر ويذكر قطع رجله
قال ابن إسحاق : وقال عبيدة بن الحارث بن المطلب في يوم بدر ، وفي قطع رجله حين أصيب في مبارزته هو وحمزة وعلي حين بارزوا عدوهم - قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لعبيدة :
ستبلغ عنا أهل مكة وقعة * يهب لها من كان عن ذاك نائيا
بعتبة إذ ولى وشيبة بعده * وما كان فيها بكر عتبة راضي
فإن تقطعوا رجلي فإني مسلم * أرجي بها عيشا من الله دانيا
مع الحور امثال التماثيل أخلصت * مع الجنة العليا لمن كان عاليا
وبعث بها عيشا تعرقت صفوه * وعالجته حتى فقدت الأدانيا
فأكرمني الرحمن من فضل منه * بثوب من الإسلام غطى المساويا
وما كان مكروها إلي قتالهم * غداة دعا الأكفاء من كان داعيا
ولم يبغ إذ سالو النبي سواءنا * ثلاثتنا حتى حضرنا المناديا
لقيناهم كالأسد تخطر بالقنا * نقاتل في الرحمن من كان عاصيا
فما برحت أقدامنا من مقامنا * ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا
قال ابن هشام : لما أصيبت رجل عبيدة قال : أما والله لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لعلم أني أحق منه بما قال حين يقول :
كذبتم وبيت الله يُبزَى محمد * ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرَّع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وهذان البيتان في قصيدة لأبي طالب ، وقد ذكرناها فيما مضى من هذا الكتاب .
رثاء كعب بن مالك لعبيدة بن الحارث
قال ابن إسحاق : فلما هلك عبيدة بن الحارث من مصاب رجله يوم بدر . قال كعب بن مالك الأنصاري يبكيه :
أيا عين جودي ولا تبخلي * بدمعك حقا ولا تَنـُزِري
على سيد هدَّنا هلكه * كريم المشاهد والعنصر
جريء المقدم شاكي السلام * كريم النثا طيب المكسر
عبيدة أمسى ولا نرتجيه * لعرف عرانا ولا منكر
وقد كان يحمي غداة القتا * ل حامية الجيش بالمبتر
شعر لكعب بن مالك في يوم بدر
وقال كعب بن مالك أيضاً في يوم بدر :
ألا هل أتى غسان في نأي دارها فينأى داراها وأخبر شيء بالأمور عليهما
بأن قد رمتنا عن قسي عداوة * معد معا جهالها وحليمها
لأنا عبدنا الله لم نرج غيره * رجاء الجنان إذ أتانا زعيمها
نبي له في قومه إرث عزة * وأعراق صدق هذبتها أرومها
فساورا وسرنا فالتقينا كأننا * أسود لقاء لا يرجى كليمها
ضربناهم حتى هوى في مكرنا * لمنحر نحر سوء من لؤي عظيمها
فولوا ودسناهم ببيض صوارم * سواء علينا حلفها وصميمها
وقال كعب بن مالك أيضاً :
لعمر أبيكما يا بني لؤي * على زهو لديكم وانتخاء
لما حامت فوارسكم ببدر * ولا صبروا به عند اللقاء
وردناه بنور الله يجلو * دجى الظلماء عنا والغطاء
رسول الله يقدمنا بأمر * من أمر الله أحكم بالقضاء
فما ظفرت فوراسكم ببدر * وما رجعوا إليكم بالسواء
فلا تعجل أبا سفيان وارقب * جياد الخيل تطلع من كداء
بنصر الله روح القدس فيها * وميكال فياطيب الملاء
شعر طالب في مدحه صلى الله عليه وسلم ، وبكاء أصحاب القليب
وقال طالب بن أبي طالب يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي أصحاب القليب من قريش يوم بدر
ألا إن عيني أنفدت دمعها سكبا * تبكَّىعلى كعب وما إن ترى كعبا
ألا إن كعبا في الحروب تخاذلوا * وأرداهم ذا الدهر واجترحوا ذنبا
وعامر تبكي للملمات غدوة * فيا ليت شعري هل أرى لهما قربا
هما أخوايَ لن يعدَّا لغية * تعد ولن يستام جارهما غصبا
فيا أخوينا عبد شمس ونوفلا * فدا لكما لا تبعثوا بيننا حربا
ولا تصبحوا من بعد ود وألفة * أحاديث فيها كلكم يشتكى النكبا
ألم تعلموا ما كان في حرب داحس * وجيش أبي يكسوم إذ مَلؤوا الشعبا
فلولا دفاع الله لا شيء غيره * لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا
فما إن جنينا في قريش عظيمة * سوى أن حمينا خير من وطىء التربا
أخا ثقة في النائبات مرزا * كريما نثاه لا بخيلا ولا ذربا
يطيف به العافون يغشون بابه * يؤمون بحرا لا نزورا ولا صربا
فوالله لا تنفك نفسي حزينة * تململ حتى تصدقوا الخزرج الضربا
ضرار بن الخطاب يرثي أبا جهل بعد غزوة بدر
وقال ضرار بن الخطاب الفهري يرثي أبا جهل :
ألا من لعين باتت الليل لم تنم * تراقب نجما في سواد من الظلم
كأن قذى فيها وليس بها قذى * سوى عبرة من جائل الدمع تنسجم
فبلغ قريشا أن خير نديها * وأكرم من يمشي بساق على قدم
ثوى يوم بدر رهن خوصاء رهنها * كريم المساعي غير وغد ولا برم
فآليت لا تنفك عني بعبرة * على هالك بعد الرئيس أبي الحكم
على هالك أشجى لؤي بن غالب * أتته المنايا يوم بدر فلم يرم
ترى كسر الخطي في نحر مهره * لدى بائن من لحمه بينها خذم
وما كان ليث ساكن بطن بيشة * لدى غلل يجري ببطحاء في أجم
بأجرأ منه حين تختلف القنا * وتدعى نزال في القماقمة البهم
فلا تجزعوا آل المغيرة واصبروا * عليه ومن يجزع عليه فلم يلم
وجدوا فإن الموت مكرمة لكم * وما بعده في أخر العيش من ندم
وقد قلت إن الريح طيبة لكم * وعز المقام غير شك لذي فهم
قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لضرار .
الحارث يرثي أخاه أبا جهل
قال ابن إسحاق : وقال الحارث ابن هشام يبكي أخاه أبا جهل
ألا يا لهف نفسي بعد عمر * وهل يغني التلهف من قتيل
يخبرني المخبر أن عمرا * أمام القوم في جفر محيل
فقدما كنت أحسب ذاك حقا * وأنت لما تقدم غير فيل
وكنت بنعمة ما دمت حيا * فقد خلفت في درج المسيل
كأني حين أمسي لا أراه * ضعيف العقد ذو هم طويل
على عمرو إذا أمسيت يوما * وطرف من تذكره كليل
قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها للحارث بن هشام ؛ وقوله : " في جفر " عن غير ابن إسحاق .
شعر أبي بكر بن الأسود في رثاء قتلى قريش
قال ابن إسحاق : وقال أبو بكر بن الأسود بن شعوب الليثي ، وهو شداد بن الأسود :
تحيي بالسلامة أم بكر * وهل لي بعد قومي من سلام
فماذا بالقليب قليب بدر * من القينات والشرب الكرام
وماذا بالقليب قليب بدر * من الشيزى تكلل بالسنام
وكم لك بالطوي طوي بدر * من الحومات والنعم المسام
وكم لك بالطوي طوي بدر * من الغايات والدسع العظام
وأصحاب الكريم أبي علي * أخي الكاس الكريم والندام
وإنك لو رأيت أبا عقيل * واصحاب الثنية من نعام
إذا لظللت من وجد عليهم * كأم السقب جائلة المرام
يخبرنا الرسول لسوف نحيا * وكيف لقاء أصداء وهام
قال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة النحوي :
يخبرنا الرسول بأن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام
قال : وكان قد أسلم ثم ارتد .