جارى العمل فى هذه الصفحة
*******************************************************
لجزء التالى من السيرة النبوية لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري المتوفي عام 213 الموافق لعام 828 م ستة مجلدات - الجزء الثانى - 58/116
************************************************
أمية بن أبي الصلت يرثي من أصيب من قريش يوم بدر
وقال ابن إسحاق : وقال أمية بن أبي الصلت ، يرثي من أصيب من قريش يوم بدر :
ألا بكيت على الكرا * م بني الكرام أولي الممادح
كبكا الحمام على فرو * ع الأيك في الغصن الجوانح
يبكين حرى مستكينات * يرحن مع الروائح
أمثالهن الباكيات * المعولات من النوائح
من يبكهم يبك على * حزن ويصدق كل مادح
ماذا ببدر فالعقنل * من مرازبة جحاجح
فمدافع البرقين فالحنانا * من طرف الأواشح
شمط وشبان بها ليل * مغاوير وحاوح
ألا ترون لما أرى * وقد أبان لكل الامح
أن قد تغير بطن مكة * فهي موحشة الأباطح
من كل بطريق لبطريق * نقي اللون واضح
دعموص أبواب الملوك * وجائب للخرق فاتح
من السراطمة الخلاجمة * الملاوثة المناجح
القائلين الفاعلين * الآمرين بكل صالح
المطعمين الشحم فوق * الخبز شحما كالأنافح
نقل الجفان مع الجفان * إلى جفان كالمناضح
ليست بأصفار لمن * يعفو ولا رح رحارح
للضيف ثم الضيف بعد * الضيف والبسط السلاطح
وهب المئين من المئين * إلى المئين من اللواقح
سوق المؤبل للمؤبل * صادرات عن بلادح
لكرامهم فوق الكرام * مزية وزن الرواجح
كتثاقل الأرطال بالقسطاس * في الأيدي الموائح
خذلتهم فئة وهم * يحمون عورات الفضائح
الضاربين التقدمية * بالمهندة الصفائح
ولقد عناني صوتهم * من بين مستسق وصائح
لله در بني علي * أيم منهم وناكح
إن لم يغيروا غارة * شعواء تجحر كل نابح
بالمقربات المبعدات * الطامحات من الطوامح
مردا على جرد إلى * أسد مكالبة كوالح
ويلاق قرن قرنة * مشي المصافح للمصافح
بزهاء ألف ثم ألف * بين ذي بدن ورامح
قال ابن هشام : تركنا منها بيتين نال فيهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأنشدني غير واحد من أهل العلم بالشعر بيته :
ويلاق قرن قرنه * مشي المصافح للمصافح
وأنشدني أيضا
وهب المئين من المئين * إلى المئين من اللواقح
سوق المؤبل للمؤبل * صادرات عن بلادح
شعر أمية في رثاء زمعة وقتلى بني أسد
قال ابن إسحاق : وقال أمية بن أبي الصلت ، يبكي زمعة بن الأسود ، وقتلى بني أسد :
عين بكي بالمسجلات أبا الحارث * لا تذخري على زمعة
وابكي عقيل بن أسود أسد البأس * ليوم الهياج والدفعة
تلك بنو أسد إخوة الجوزاء * لا خانة ولا خدعة
هم الأسرة الوسيطة من كعب * وهم ذروة السنام والقمعه
أنبتوا من معاشر شعر الرأس * وهم ألحقوهم المنعة
أمسى بنو عمهم إذا حضر البأس * أكبادهم عليهم وجعة
وهم المطعمون إذا قحط القطر * وحالت فلا ترى قزعة
قال ابن هشام : هذه الرواية لهذا الشعر مختلطة ، ليست بصحيحة البناء ، لكن أنشدني أبو محرز خلف الأحمر وغيره ، وروى بعض ما لم يرو بعض :
عين بكي بالمسبلات أبا الحراث * لا تذخري على زمعة
وعقيل بن اسود أسد البأس * ليوم الهياج والدفعة
فعلى مثل هلكهم خوت الجو * زاء لا خانة ولا خدعة
وهم الأسرة الوسيطة من كعب * وفيهم كذروة القمعة
أنبتوا من معاشر شعر الرأس * وهم ألحقوهم المنعة
فبنو عمهم إذا حضر البأس * عليهم أكبادهم وجعة
وهم المطعمون إذا قحط القطر * وحالت فلا ترى قزعة
شعر معاوية بن زهير في يوم بدر
قال ابن إسحاق : وقال أبو أسامة معاوية بن زهير بن قيس بن الحارث بن سعد بن ضبيعة بن مازن بن عدي بن جشم بن معاوية ، حليف بني مخزوم .
قال ابن هشام : وكان مشركا وكان مر بهبيرة بن أبي وهب وهم منهزمون يوم بدر ، وقد أعيا هبيرة ، فقام فألقى عنه درعه وحمله فمضى به ، قال ابن هشام : وهذه أصح أشعار أهل بدر : ولما أن رأيت القوم خفوا * وقد زالت نعامتهم لنفر
وأن تركت سراة القوم صرعى * كأن خيارهم أذباح عتر
وكانت جمة وافت حماما * ولقينا المنايا يوم بدر
نصد عن الطريق وأدركونا * كأن زهاءهم غطيان بحر
وقال القائلون من ابن قيس * فقلت : أبو أسامة ، غير فخر
أنا الجشمي كيما تعرفوني * أبين نسبتي نقرا بنقر
فإن تك في الغلاصم من قريش * فإني من معاوية بن بكر
فأبلغ مالكا لما غشينا * وعندك مال إن نبأت خبرى
وأبلغ إن بلغت المرء عنا * هبيرة وهو ذو علم وقدر
بأني إذ دعيت إلى أفيد * كررت ولم يضيق بالكر صدري
عشية لا يكر على مضاف * ولا ذي نعمة منهم وصهر
فدونكم بني لأي أخاكم * ودونك مالكا يا أم عمرو
فلولا مشهدي قامت عليه * موقفة القوائم أم أجري
دفوع للقبور بمنكبيها * كأن بوجهها تحميم قدر
فأقسم بالذي قد كان ربي * وأنصاب لدى الجمرات مغر
لسوف ترون ما حسبي إذا * ما تبدلت الجلود جلود نمر
فما إن خادر من أسد ترج * مدل عنبس في الغيل مجري
فقد أحمى الأباءة من كلاف * فما يدنو له أحد بنقر
بخل تعجز الحلفاء عنه * يواثب كل هجهجة وزجر
بأوشك سورة منا إذا ما * حبوت له بقرقرة وهدر
ببيض كالأسنة مرهفات * كأن ظباتهن جحيم جمر
وأكلف مجنا من جلد ثور * وصفراء البراية ذات أزر
وأبيض كالغدير ثوى عليه * عمير بالمداوس نصف شهر
أرفل في حمائله وأمشي * كمشية خادر ليث سبطر
يقول لي الفتى سعد هديا * فقلت لعله تقريب غدر
وقلت أبا عدي لا تطرهم * وذلك إن أطعت اليوم أمري
كدأبهم بفروة إذ أتاهم * فظل يقاد مكتوفا بضفر
قال ابن هشام : وأنشدني أبو محرز خلف الأحمر :
نصد عن الطريق وأدركونا كأن سراعهم تيار بحر
وقوله : - مدل عنبس في الغيل مجري - عن غير ابن إسحاق
قال ابن إسحاق : وقال أبو أسامة أيضاً :
ألا من مبلغ عني رسولا * مغلغلة يثبتها لطيف
ألم تعلم مردي يوم بدر * وقد برقت بجنبيك الكفوف
وقد تركت سراه القوم صرعى * كأن رؤوسهم حدج نقيف
وقد مالت عليك ببطن بدر * خلاف القوم داهية خصيف
فنجاه من الغمرات عزمي * وعون الله والأمر الحصيف
ومنقلبي من الأبواء وحدي * ودونك جمع أعداء وقوف
وأنت لمن أرادك مستكين * بجنب كراش مكلوم نزيف
وكنت إذا دعاني يوم كرب * من الأصحاب داع مستضيف
فأسمعني ولو أحببت نفسي * أخ في مثل ذلك أو حليف
أرد فأكشف الغمى وأرمي * إذا كلح المشافر والأنوف
وقرن قد تركت على يديه * ينوء كأنه غصن قصيف
دلفت له إذا اختلطوا بحرَّى * مسحسة لعاندها حفيف
فذلك كان صنعي يوم بدر * وقبل أخو مدارة عزوف
أخوكم في السنين كما علمتم * وحرب لا يزال لها صريف
ومقدام لكم لا يزدهيني * جنان الليل والأنس اللفيف
أخوض الصّرة الجمّاء خوضا * إذا ما الكلب ألجأه الشفيف
قال ابن هشام : تركت قصيدة لأبي أسامة على اللام ، ليس فيها ذكر بدر إلا في أول بيت منها والثاني ، كراهة الإكثار .
شعر لهند بنت عتبة تبكي أباها يوم بدر
قال ابن إسحاق : وقالت هند بنت عتبة بن ربيعة تبكي أباها يوم بدر
أعينيَّ جوادا بدمع سرب * على خير خندف لم ينقلب
تداعى له رهطه غدوة * بنو هاشم وبنو المطلب
يذيقونه حد أسيافهم * يعلّونه بعد ما قد عطب
يجرونه وعفير التراب * على وجهه عاريا قد سلب
وكان لنا جبلاً راسياً * جميل المرارة كثير العشب
وأما بري فلم أعنه * فأوتي من خير ما يحتسب
وقالت هند أيضاً :
يريب علينا دهرنا فيسوؤنا * ويأبى فما نأتي بشيء يغالبه
أبعد قتيل من لؤي بن غالب * يراع امرؤ إن مات أو مات صاحبه
ألا رب يوم قد رزئت مرزأً * تروح وتغدو بالجزيل مواهبه
فأبلغ أبا سفيان عني مألُكا * فإن ألقه يوما فسوف أعاتبه
فقد كان حرب يسعر الحرب إنه * لكل امرىء في الناس مولى يطالبه
قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشهر ينكرها لهند .
قال ابن إسحاق : وقالت هند أيضاً :
لله عينا من رأى * هلكا كهلك رجاليه
يا رب باك لي غدا * في النائبات وباكيه
كما غادروا يوم القليب * غداة تلك الواعيه
من كل غيث في السنين * إذا الكواكب خاويه
قد كنت أحذر ما أرى * فاليوم حق حذاريه
قد كنت أحذر ما أرى * فأنا الغداة مواميه
يا رب قائلة غدا * يا ويح أم معاويه
قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لهند .
قال ابن إسحاق : وقالت هند أيضاً :
يا عين بكي عتبه * شيخا شديد الرقبة
يطعم يوم المسغبه * يدفع يوم المغلبه
إني عليه حربة * ملهوفة مستلبه
لنهبطن يثربه * بغارة منثعبة
فيها الخيول مقربه * كل جواد سلهبه
شعر صفية بنت مسافر في رثاء أهل القليب في بدر
وقالت صفية بنت مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، تبكي أهل القليب الذين أصيبوا يوم بدر من قريش : ( وتذكر مصابهم ) :
يا من لعين قذاها عائر الرمد * حد النهار وقرن الشمس لم يقد
أُخبرت أن سراة الأكرمين معا * قد أحرزتهم مناياهم إلى أمد
وفر بالقوم أصحاب الركاب ولم * تعطف غداتئذ أم على ولد
قومي صفيَّ ولا تنسَي قرابتهم * وإن بكيت فما تبكين من بُعُد
كانوا سقوب سماء البيت فانقصفت * فأصبح السُمْك منها غير ذي عمد
قال ابن هشام : قال أنشدني بيتها : " كانوا سقوب " بعض أهل العلم بالشعر .
قال ابن إسحاق : وقالت صفية بنت مسافر أيضاً :
ألا يا من لعين * للتَّـبكِّي دمعها فان
كغَرْبىَ دالج يسقي * خلال الغيث الدان
وما ليثُ غريف ذو * أظافير وأسنان
أبو شبلين وثاب * شديد البطش غرثان
كحبي إذ تولى * و وجوه القوم ألوان
وبالكف حسام صا * رم أبيض ذكران
وأنت الطاعن النجلا * ء منها مزبدٌ آن
قال ابن هشام : ويروون قولها : " وما ليث غريف " إلى أخرها ، مفصولا من البيتين اللذين قبله.
رثاء هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب لعبيدة بن الحارث
قال ابن إسحاق : وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب ترثي عبيدة بن الحارث بن المطلب :
لقد ضمن الصفراء مجدا وسؤددا * وحلما أصيلا وافر اللب والعقل
عبيدة فابكيه لأضياف غربة * وأرملة تعوي تهوى لأشعث كالجذل
وبكيه للأقوام في كل شتوة * إذا احمر آفاق السماء من المحل
وبكيه للأيتام والريح زفرة * وتشبيب قدر طالما أزبدت تَغْلى
فإن تصبح النيران قد مات ضوؤها * فقد كان يذكيهن بالحطب الجزل
لطارق ليل أو لملتمس القرى * ومستنبح أضحى لديه على رسل
قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها لهند .
شعر قتيلة بنت الحارث تبكي أخاها النضر
قال ابن إسحاق : وقالت قتيلة بن الحارث ، أخت النضر بن الحارث ، تبكيه :
يا راكبا إن الأثيل مظنة * من صبح خامسة وأنت موفق
أبلغ بها ميتا بأن تحية * ما إن تزال بها النجائب تخفق
مني إليك وعبرة مسفوحة * جادت بواكفها وأخرى تخنق
هل يسمعني النضر إن ناديته * أم كيف يسمع ميت لا ينطق
أمحمد يا خير ضنْءِ كريمة * في قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما * منَّ الفتى وهو المغيط المحنق
أو كنت قابل فدية فلينفقن * بأعز ما يلغو به ما ينفق
فالنضر أقرب من أسرت قرابة * وأحقهم إن كان عتق يعتق
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه * لله أرحام هناك تشقق
صبرا يقاد إلى المنية متعبا * رسف المقيد وهُوعانٍ موثق
قال ابن هشام : فيقال ، والله أعلم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر ، قال : لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه .
تاريخ الفراغ من بدر
قال ابن إسحاق : وكان فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في عقب شهر رمضان أو في شوال .