رأى د/ زاهى حواس فى حتشبسوت

جريدة الأهرام السبت 21/7/2007م السنة 131 العدد  44056 عن مقالة بعنوان " مصر‏..‏ حكايات إنسانية وأثرية " بقلم : د‏.‏ زاهي حواس

تحدثت أولا في برنامج صباح الخير يا أمريكا وكذلك برنامج مايك شنيدر وذلك في‏Bloombergtv‏ حديث المساء‏,‏ أما البرنامج الصباحي فقد كان لعدة دقائق والجميع منبهر بالكشف عن مومياء أهم ملكة مصرية‏,‏ وليتأكد لنا جميعا أن حتشبسوت ليست بأقل شهرة من الملكة نفرتيتي والملكة كليوباترا وأظهر هذا الكشف للعالم كله أنه كان هناك في مصر القديمة ومنذ‏3300‏ سنة امرأة قوية حكمت مصر ما يقرب من‏20‏ سنة كانت فيها بحق سيدة العالم القديم‏.‏

وقد أشار برنامج شنيدر الذي يذاع علي كل محطات أمريكا أن الكشف الذي قام به الفريق المصري قد أثبت أن الملكة حتشبسوت لم تقتل علي يد الملك تحتمس الثالث كما أشيع بين العلماء‏.‏ وأنا أؤمن أن حتشبسوت لم تغتصب العرش من الملك الصغير تحتمس الثالث‏,‏ بل كانت تقوم بإعداده ليصبح ملكا علي مصر فأنشأته تنشئة عسكرية جعلته فيما بعد قادرا علي قيادة جيوش مصر وتوسيع أركان الامبراطورية‏,‏ بل إن تحتمس الثالث يعد أحد أمهر العقول العسكرية في العالم القديم والذي لاتزال خططه الهجومية تدرس في الأكاديميات العسكرية إلي يومنا هذا‏.‏ كذلك حرصت حتشبسوت علي ظهور تحتمس الثالث معها بالهيئة الملكية مثلها تماما‏,‏ وهو ما يمكن مشاهدته علي جدران المقصورة الحمراء بالكرنك‏.‏ ولا ننسي أيضا أنها زوجته من ابنتها الأميرة نفرورع لكي تمنحه مزيدا من الشرعية لحكم مصر لأن نفرو رع هي ابنة الملكة حتشبسوت من زوجها الملك تحتمس الثاني‏.‏

إن المؤكد تاريخيا أن الملك تحتمس الثالث هو الذي أشرف علي مراسم تحنيط ودفن الملكة حتشبسوت في تابوتها الرائع الذي عثر عليه بمقبرتها بوادي الملوك ومحفوظ الآن في المتحف المصري بالقاهرة‏.‏ وهناك أدلة علمية يجمع عليها العلماء أن محاولة محو بعض أسماء الملكة وصورها من علي بعض الآثار قد تم في نهاية عصر الملك تحتمس الثالث وكذلك بداية عصر ابنه الملك أمنحتب الثاني‏.‏ وأعتقد أن هذا العمل تم بواسطة أشخاص في البيت المالك ممن كانوا يعارضون فكرة أن تتولي امرأة حكم مصر لأن القانون الإلهي في مصر القديمة كان يحتم كون الحكم للملوك الرجال فقط‏,‏ علي الرغم من أن الأساطير المصرية القديمة حافظت للمرأة علي مكانتها كشريك أساسي للملك وأسند إليها مسئولية الحفاظ علي النظام الكوني ومن المعروف أن الملكة حتشبسوت هي المرأة الوحيدة في العصر الفرعوني التي حكمت مصر في العصر الذهبي وهو عصر الدولة الحديثة‏,‏ أما الثلاث ملكات الأخريات فقد حكمن مصر خلال عصور الاضمحلال وحكمن لسنوات قليلة‏.‏

وأثناء حديثي مع الوزيرة فايزة أبو النجا‏,‏ وجدت أنها غير سعيدة بما نشر عن أن الملكة حتشبسوت كانت علي شيء من البدانة‏,‏ علي الرغم من أن الملكة دائما ما تظهر في نقوشها وتماثيلها كملكة جميلة‏.‏ كذلك شعرت الكثيرات من المصريات بالغضب من هذه الحقيقة والتي تحدث الاعلام الأمريكي عنها‏,‏ والحقيقة أن حتشبسوت كانت ملكة جميلة وإن كان الكشف عن موميائها يؤكد أنها كانت ممتلئة الجسد ولكن دون قبح‏,‏ فلو كانت الملكة بدينة جدا ما تجرأ الفنان المصري القديم علي نقش صورة ملكة بونت البدينة والقصيرة بهذا الشكل الطريف علي جدران معبد الملكة بالدير البحري‏.‏

لقد وصلت أنباء الكشف عن مومياء الملكة حتشبسوت إلي كل أرجاء العالم حتي أن صديقا لي يعيش في شيلي أرسل إلي يخبرني بأنه ولأول مرة يجد اسم مصر وصورة حتشبسوت علي الصفحة الأولي بالجريدة الأولي بالمدينة‏.‏