Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

حصار أورشليم

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
حصار أورشليم
ضيق اليهود بالحصار
لا يتركون حجراً على حجر
قتل اليهود وسبيهم

 

 

أولاً : حصار أورشليم .

  قال الأنبا ايسوذورس  : " فالنبأ الأول أخبر به السيد المسيح ورد فى ( لوقا 21 : 43 )  وهو قوله عن المدينة ( ستأتى أيام ويحيط أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة " وقد تمت هذه النبوة ونذكر ما  ورد فى الفصل 6 والفصل 7 من تاريخ المؤرخ يوسيفوس فقال : " إن آخر من تملك على اليهود اغريباس بن أغريبا بن أرسطوبولس أبن مريم زوجة هيرودس التى من نسل المكابيين , ولسوء طالع هذا الملك كان اليهود فى زمنة فى أشقى حال وفى فقر مدقع , وكانوا يغتالون بعضهم بعضاً غدراً وغيلة , فكان بعض من القتلة المأجورين يحملون سكاكين صغيرة ذات حدين تحت ثيابه , ومن كان له عدواً وأراد أن يقتله كان يؤج هؤلاء القتلة للتخلص من غريمه ويدفع له مبلغاً من المال , فيمشى القاتل المأجور بجانب الشخص المراد قتله وفجأة يفتك به ويختفى بين الجمع المزدحم فى الأسواق والأزقة وفى الغالب كان القاتل المأجور له أعوان ليسهلوا طريقه فى الهرب .

وحدث أن أغريباس عندما سافر إلى روما ليؤدى فروض العبودية لنيرون وولى مكانه فيلكس القائد الرومانى فى غيابه على اليهود فحاربوه وقتلوا من جيشة عدداً وافراً فهرب إلى مصر .

وفى طريق رجوع أغريباس الملك من روما مر على مصر وأتى بالقائد مع قائدين آخرين ومعهم جيش كبير , فلما وصل الملك خرج لأستقباله وجوه المدينة شاكيين من جور القائد فيلكس وظلمه , وقالوا أنهم شقوا عصا طاعة روما بقصد الأستقلال .

فقال لهم هذه حماقة ونصحهم بأن يرتدوا إلى الطاعة والسكون , ويتركوا العصيان فلم يسمعوا لنصحه , وكان قواد الرومان فى أيديهم قرابيين من نيرون لبيت (هيكل سليمان) فرفضوا قبولها بخشونة وإغتاظوا فقتلوا حامليها مع كل الرومان الذين فى المدينة .

وكان الذى تجرأ على هذا العمل الفظيع رئيس عصابة أسمه لعازر أبن حنانيا الكاهن فلم يرضى الأعيان بفعلته وخافوا من سوء العاقبة ورد فعل الرومان فشكوه لأغريباس , وطلبوا مساعدته فى سحق العصاة والمتمردين فأرسل لهم قائد ومعه 3 ألاف جندى فإستعانوا بهم وهجموا على ألعازر ومن معه وحمى القتال فهزموا رجاله وأمسكوا معظمهم , أما ألعازر عندما إنهزم تراجع إلى أورشليم وأستعان بأصحاب السكاكين الصغار وزحف على جند الرومان فهزمهم وفرق شملهم وطردهم من المدينة بعد أن أستولى عليها وحرق قصر الملك وأتلف أمولاً لا تحصى .

وذهب أغريباس إلى روما وأشتكى للقيصر فإستشاط غضباً , وأرسل فى الحال إلى كبينا قائد الجيش الذى كان فى ذلك الوقت راجعا من حرب العجم وأمره أن يخضع عصاة اليهود بحد السيف , وأخذ الملك أغريباس المنشور ورجع حاملاً إياه ووجد القائج كسبينا فى دمشق فسلمه أمر ألمبراطور ورافقة إلى أورشليم والجند تتبعهما فخرج اليهود لقتالهم , فكادت الدائرة تدور عليهم لو لم يتقهقروا ويهربوا غلى المدينة ويستعدوا بأبطالهم ورجالهم ويعيدوا الكرة على الروم فخاف القائد شرهم وأمر الجيش أن يتقهقر فتعقبوه وقتلوا الكثير من جنوده .

ورجع القائد كسبينا إلى روما مخذولاً مهزوماً فجهز نيرون جيشاً آخر ضخماً وأرسله تحت قيادة سباسيانوس أعظم قائد فى فرسانه وأكثرهم خبرة بفنون القتال والكر والفر , فذهب يقود جيشه وصاحبه ولده تيطس وأغريباس والى اليهودية .

أما اليهود فقد قسموا قواتهم فرقاً فرقاً الفرقة الأولى كانت فى جهة طبرية والجليل تحت قيادة الكاهن يوسيفوس أبن كربون , والفرقة الثانية مكانها كان فى بلاد آدوم تحت قيادة لعازر بن حنانى الكاهن , والثالثة فى أورشليم وما حولها بقيادة حنانى الكاهن .

ماذا حدث لفيلق طبرية بقيادة يوسيفوس الكاهن؟

وعندما أتى سباسيانوس بجيشة إلى طبرية ومعه أغريباس الذى جمع جنود من سائر الأمم الذين يبغضون اليهود لقتالهم , وكانت طبرية تحت حماية الفيلق الذى يرأسه الكاهن يوسيفوس , فلما شاهد يوسيفوس كثرة عساكر الرومان خافهم , فإنسحب إلى حصن فى الجليل وتحصن به , فأرسل إليه القائد الرومانى يلاطفه ويطلب من الصلح والأستسلام وتسليم الحصن حقناً للدماء فرفض طلبه نزولاً لرغبة أعيان أورشليم وكبارها الذين رفضوا هذا العرض مفضلين الخوض فى المعارك , فلما هاجمت جنود الرومان الحصن خرج يوسيفوس بجنوده لقتالهم ودارت الحرب وحمى وطيسها , فلما شاهد وسباسيانوس أن جيشة كاد أن ينهزم , وأوشكت الدائرة تدور عليه فلكى يحمس من همة جنوده فى القتال نزل إلى الحرب بنفسه وصاح فيهم وأندفع داخل خطوط اليهود مستقتلاً , فأصابته ضربة فى ساقه كادت تقضى عليه , فلما شاهده جنده وقد أحدق الخطر بقائدهم أندفعوا يقاتلون اليهود بشراسة كالأسود فإطر اليهود الأنسحاب إلى داخل الحصن , وإستمرت الحرب سجالاً مدته 48 يوماً والنجدات ترد إلى الرومان وتتناقص عند اليهود فكانت قواتهم ينقص عددها وتضعف قوتهم يوماً بعد يوم .

القرعة

فلما كان اليهود ذات ليلة فى غفلة من شدة التعب تسلق الرومان أسوار الحصن وفتحوا بابة من الداخل ومكنوا باقى الجيش الرومانى من الدخول خلسة وقاموا بقتل كل من فيه ولم يبق غير الكاهن يوسيفوس ومعه أربعون شخصاً ففروا عن طريق نفق من الحصن وأختبأوا فى مغارة , ولما عرف قائد الرومان مكان وجودهم أرسل إليهم رسالة يؤمنهم على حياتهم إن أطاعوا وأستسلموا , فقبل يوسيفوس الكاهن ذلك ورغب فى الأستسلام , فوبخه رفقائه وخيروه ما بين أمرين إما أن يقتل نفسه أو يقتلوه هم فلاطفهم ليتركوا هذه الفكرة فلم يوافقوه فإحتال على خلاص نفسه منهم وقال لهم : " إذا كنتم صممتم على الموت قبل أن يقبض علينا الرومان فليقترع كل أثنين من فمن وقعت عليه القرعة بالقتل يقتل صاحبه ثم يقتل نفسه حتى لا يبقى منا أحداً , فقبلوا مشورته وقتل بعضهم بعضاً إلى أن فنى الجميع ما عدا هو ورجل آخر فإتفق معه على أن ينجوان من الموت , وهكذا نفذ يوسيفوس الكاهن بحياته وخرج للقائد الرومانى ليصبح عبداً بقية حياته . 

الرومان يقضون على فيلق اليهود الثانى

ومن تبقى من اليهود فقد إنتشر الشر بينهم ولعب الشيطان برؤوسهم , فقد حدث أن رئيس عصابة فى الجليل جمع حوله أدنياء اليهود وأوباشهم قوى بعد أن جمع حوله المجرمين فدخل إلى أورشليم وفتك بأهلها لفرض سيطرته على كل من يخالفه , فقاومه حنانى الكاهن , ولكنه لم يستطع السيطرة عليه وأشتكى إليه أهل المدينة , فبعث يستنجد بـ سباسيانوس فلم ينجده , ولما رأى من بداخل المدينة منقسمين تركهم القائد الرومانى ليزداد إنقسامهم بدون تدخل منه لأنه رأى مصلحته أن يقتل اليهود بعضهم بعضاً . وأتجه بقواته إلى بلاد آدوم , فأنتصر على فرقة اليهود الثانية التى كانت فى بلاد آدوم تحت قيادة لعازر بن حنانى الكاهن فى بضعة أيام ولكن من الظاهر أنه لم تكن الهزيمة نهائية

إستيلاء سباسيانوس على عرش روما

ولم يتبقى غير أورشليم أمام القائد الرومانى سباسيانوس وعندما بدأ يوجه قواته إليها , وردت أنباء بموت نيرون وقيام أمبراطور بدل منه من أدنياء الناس , فغضب الجند من ذلك وبايعوه أمبراطوراً , فشطر الجيش قسمين , قسماً تركه تحت قيادة أبنه تيطوس وأمره بقتال اليهود ,أخذ  معه إلى روما لطرد غريمه من على كرسى الأمبراطورية الرومانية , فطرده وأستولى على العرش .

تيطوس وخراب أورشليم

ونتيجة للهزيمة المتواصلة إنقسم اليهود إلى فرق عديدة , فقد جمع رجلاً أسمه شمعون عصابة حوله وقام ليغزو البلاد ويستولى عليها ويفتك بأهلها ويتلف مزروعاتهم وينهب أموالهم فقوى أمره , فإتجه إلى أورشليم وضايق أهلها فأصبحوا فى بلاء مزدوج وضيق من الخارج والداخل وكانوا قد سئموا ظلم حنانى الكاهن وظنوا أن شمعون سيكون أفضل وطأة ورفقاً بهم من حنانى , ففتحوا له ابواب المدينة وعندما تمكن من السيطرة عليها أضاف عليهم ثقلاً فوق ثقل وأذاقهم الذل .

وسمع لعازر بن حنانى قائد جيش بلاد ادوم بمصائب أورشليم فأسرع لأنقاذ أهلها من مخالب هذين الزعيمين , فلما وصل لم يتمكن من طردهم وأصبح حملاً ثالثاً يتطلب أموالاً وغذاء لجيشه .

أما تيطس فكان فى هذه الفترة فى بلدة قيسرية يحشد جنوداً ويعدهم للحرب ثم زحف حتى وصل إلى جبل الزيتون ونصب معسكر جيشه فى أتجاه شعار أهيا الاليهود المقدس شعار النسر الرومانى علامة الدمار والخراب .

ومن الأسباب التى جعلت القائد الرومانى تيطس يسرع فى الزحف هاة العاصمة أورشليم هو طمعه ورغبته فى ردوعه إلى روما على أثر جلوس والده على كرشى العرش , فلما شاهد زعماء اليهود الثلاثة المنقسمين جيش الرومان أمام سور المدينة كفوا عن محاربة بعضهم البعض وأصطلحوا وأتفقوا على قتال العدو الخارجى , فخرجوا لقتالهم وألتحم الفريقان ببعض فإنهزم اليهود وأنسحبوا إلى المدينة ثم أخرجوا قوة من المدينة فى غفلة من الرومان ودارت من خلف صفوف الرومان ككمين ثم أستأنف اليهود القتال مرة أخرى وخرجوا من المدينة ولما ألتقى الفريقان فى هذه المره قام الكمين بالهجوم على مؤخرة جيش الرومان وحصروهم فى الوسط وكادوا بهذه الحيلة أن يفنوهم عن آخرهم ولكن عندما عاد اليهود إلى المدينة عاد الزعماء إلى التشاحن والتنافر والخلاف وبدأوا يفتكون ببعضهم البعض , وطيلة فترة القتال كان إذا ضايقهم الرومان يصطلحون مع بعض وإذا كف الرومان عن قتالهم قاتلوا بعضهم البعض فكانت الدماء لا تنقطع وتسيل دائما عند اليهود .

وحدث مرة أن قدم الرومان بنى الورمان كبش حديدى وغيره من الألات والأبراج وأقتربوا من أسوار المدينة ومن الحصن وكانت بإرتفاع الأسور وكانت تحت الأبراج بكرات ترفع الرجال للقتال من فوقها , فلما رآها اليهود قلقوا وأحسوا بالخطر فأتحدوا وخرجوا لقتالهم وأحرقوا هذه الألات وفرقوا الروم عن الحصن ثم رجعوا إلى المدينة وبدأ الرومان يبنون ألات أخرى أما اليهود فرجعوا للتقاتل مع بعضهم البعض , فشعر تيطس بإنشغالهم , فدفع الكبش خلسه فى خدعة إلى السور الأمامى (كانت الحصون لها أثنين أو أكثر من الأسوار بحيث إذا سقط السور الأول أمكن للمحاربين الدفاع عن أنفسهم من وراء السور الثانى ) وهدم جانباً كبيراً من السور الأمامى فهرب اليهود الذين كانوا يحتمن فيه ويحابون منه إلى السور الثانى ( يعتقد أن السور الثانى هو الذى كان يحمى الهيكل ) , وأمر تيطس أن تنقل الأحجار والأنقاض بعيداً وتوسع هذه الفتحة ليتمكن الجيش من الهجوم والأنسحاب أى الكر والفر . .

ولما شاهد اليهود إنهيار تصالحوا مع بعض وفرقوا أبطالهم على جهات المدينة وصبروا علىالقتال ولكن تقدمت جحافل جيوش الرومان , ودفعوا بالكبش إلى السور الثانى

فسقط منه جانب أيضاً فتراكض اليهود نحو منطقة الثغرة وصدوا هجوم الرومان وفى هذا الوقت دفع تيطس بالقوات الجديدة التى جائته وهجم بكل القوات الموجودة لديه على اليهود ففرق شملهم , حينئذ كف تيطس عن الحرب حتى لا يسفك مزيد من الدماء , وأمر يوسيفوسى المؤرخ اليهودىأن ينصح قومه ويتكلم معهم فى أمر الصلح من أسفل السور, ففعل ونصحهم مرشداً حتى لا ينتهى وجود الأمة اليهودية على أرضهم وأثناء كلامه بكى وأبكى جند الرومان الذين سمعوه لشدة تأثير أقواله عليهم .

أما اليهود فتضايقوا منه ( تعليق من الموقع ربما أعتبروه خائناً ) ورشقوه بالحجارة من أعلى السور حينئذ قال لهم : " تقسون ليتم ما حكم الرب به عليكم من هلاك هذه المدينة وخراب هذا القدس الجليل إذ سفكتم فيه دم البار " ( يشير بكلمة البار إلى يعقوب الذى كان يطلق عليه هذا الأسم دون غيره ) فلذلك قد قست قلوبكم وصارت كالحجارة لأن الحجر يؤثر فيه الماء إذا تواتر أنصبابه عليه وأنتم لا تنجح فيكم المواعظ مع كثرتها ولا تنتفعون بها ولا تلين قلوبكم ولا تخضع )

ولما رأى تيطس الدموع تنهال على خدى يوسيفوس المؤرخ اليهودى الذى كان مرافقاً له ومشاهداً الأحداث رق قلبه وأمر بإطلاق الأسرى اليهود وأحسن إليهم , ولكن عامة الشعب تأثر من خطاب يوسيفوس ورغب كثير منهم الخروج إلى معسكر الرومان ولكن منعهم العصاة فى الداخل كما نكلوا وقتلوا كل من حاول الخروج .

ولما يئس تيطس من طاعة اليهود وإتمام الصلح عزم على هدم سور المدينة الثالث فقسم عسكره على أربعة أقسام وفرقهم على أربعة جهات للمدينة ليهدم بها لاسور من كل جانب , فإضطر أن يخرج عصاة اليهود ويقاتلوهم فى ذالك اليوم فى بسالة مدهشة , وقتلوا من أعدائهم أفراداً لا تحصى وأحرقوا الكباش , فكف تيطس عن حرب اليهود لخسارته الفادحة وأكتفى بحصار المدينة بعيداً عم مرمى السهام وأقف جميع الطرق التى تؤدى إليها .

==============

المــــــــــــراجع

(1) الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة - للأسقف الأنبا أيسذورس الجزء الأول ص 71 -

This site was last updated 12/01/13