الأقباط فى عيون الحملة الفرنسية2  علماء الحملة الفرنسية يسجلون فى كتاب وصف مصر الرئيس الأعلى للأقباط هو البطريرك - إختيار البطريرك (1)

الرئيس الأعلى للأقباط

وتتخذ أمة الأقباط - رئيس أعلى وزعيم دينى ودنيوى - حبراً (أى بطريرك) هو الشخصية الأولى فى الكنيسة ويلقب بالبطريرك ، ولا تعرف لسلطته حدود إلا ما تفرضه العادات المستقرة وإرادة حكام البلاد ، وهو يفصل فى كل الخلافات التى التى تقع بين رعيته ، ولكن حكمه فى ذلك ليس نهائياً ، إذ يمكن للأطراف المتنازعة - بإتفاق فيما بينها - أن ترفع ألمر للقاضى ، الذى يقر عادة بحكم البطريرك 

اما الجنح والجرائم فتتعامل بطريقة أخرى ، فالبطريرك لا يفصل إلا فى الجرائم الصغيرة التى لا تتطلب إلا عقاباً إصلاحياً ، فعندما يتهم قبطى - على سبيل المثال بالسرقة من أحد المسلمين ، فإن المسلم يرفع شكواه للبطريرك ، أما إذا كان المسلم - على عكس ذلك - هو السارق فإن القبطى يرفع شكايته أمام القاضى أو يطلب العدالة من حاكم المدينة نفسه ويقوم الطرف القبطى بنفسه بتقدير حقوقه أمام المحاكم

أما حوادث القتل والجرائم الكبرى ، فليست من إختصاص محكمة البطريرك ولكن من إختصاص الضباط المكلفين - من قبل شرطة المدن - بمطاردة ومعاقبة كبار المذنبين ، وفى بعض الأحيان يتمكن المذنب من التملص من العقاب عن طريق دفع مبلغ من النقود لمن يطبقون العدالة ويحدث هذا أيضاً بالنسبة للمسلمين .

إختيار البطريرك

ويختار البطريرك - على الدوام - من بين رهبان دير سانت أنطوان ويتم ذلك بالإنتخاب ، وعندما يراد إختيار خليفة له فإن المطارنة وكبار القساوسة ينضمون إلى كبار رجال الأمة القبطية فى جمعية عمومية من 40 - 50 شخصاً ثم يبدأون فى عملية الإنتخاب ويعبن الراهب الذى يحصل على أكبر عدد من الأصوات على منصب البطريرك .

ويشكل المطارنة الصف الثانى من إيبارشية الكنيسة القبطية ، وليس هؤلاء الأساقفة من دخل إلا ما يحصلون عليه من هبات من أقاليمهم ، ويبلغ إيراد كنيسة العاصمة 10000 بوطاقة (خردة) وهو إيراد بعض المنشأت الخيرية المخصصة لها ، وهذا الدخل البسيط هو أساس دخل البطريرك ، ولكنه يستطيع على الدوام أن يعثرعلى الوسائل التى يزيد بها مخصصاته الشرفية ، وهى دخول عرضيى (غير ثابته) لكنها تصل فى بعض الأحيان إلى رقم كبير للغاية

والإسكندرية هى مقرالبطريركية ، لكن البطريرك يقيم بالقاهرة حتى يكون فى وضع يمكنه من رعاية مصالح شعبه ، والدفاع عن حقوقه أمام السلطة المسلمة .

ويتمتع رجال الدين من الدرجة الأقل أيضاً بأهمية كبيرة ، لكنهم جهلة وفقراء وتسمح لهم قوانين كنيستهم بالزواج الذى ينبغى أن تسبق رسامتهم ، ولا يسمح لهم بالزواج طيلة حياتهم إلا مرة واحدة ، وعندما يموت أحد القسس الأقباط يتجمع كبار رعاياه كى يحددوا لمطران الولاية رجل الدين الذى يبدوا لهم أكثر جدارة بولاية المتوفى ، ويعين المطران على الفور القسيس الذى وقع عليه إختيارهم ، وكل الكنائس مملوكة لهيئة رجال الدين ، ويصرف عليها من الهبات والتبرعات .

ويثق القبطى ثقة عمياء فى قساوسة طائفته ، ولهؤلاء القسس تأثير كبير على النفوس - وبقليل من التحايل - أن يسيئوا إستغلال ذلك التقديس الذى يحيطهم الناس به ، ليعودوا بالنفع على أنفسهم وهم فى الغالب جهلة مثل بقية أبناء الشعب ، ولا يوجد بينهم إلا عدد ضئيل للغاية قد وصلوا إلى درجة من العلم يستطيعون بها أن يقرأوا كتب الطقوس الدينية ، وهى الكتب الوحيدة التى ما تزال تستخدم اللغة القبطية حتى اليوم (2)

وبالرغم من هذا التقدير العميق لرجال الدين ، فإن القبطى لا يسمح لزوجته أن تسفر عن وجهها أمامهم (ونحن هنا نتحدث عن الطبقة الميسورة منهم) بل أن البطريرك لا يمكنه أن يرى سيدة سافرة إلا إذا كان زوجها هو الذى سمح بذلك وعن طيب خاطر.        

********************

المراجع

(1) كتاب وصف مصر الترجمة الكاملة (1) تأليف علماء الحملة الفرنسية ترجمة زهير الشايب - جزء  المصريون المحدثون  إهداءات 1993م صندوق التنمية الثقافية ج . م. ع الطبعة الثالثة 1992م الجزء الأول

(2) اللغة القبطية هى لغة الفراعنة (قدماء المصريين) التى ورثها الأقباط من جدودهم وعندما إنتشرت الكتابة على ورق البردى فى العصور المسيحية وجدوا أن كتابة الحروف الديموطيقية صعبة فإستعاروا حروف اللغة اليونانية وفضلوا  اللغة لأنها اللغة التى كتب بها الإنجيل ولما كانت عدد حروف الأبجدية اليونانية 25 حرفاً وعدد حروف الأجدية الفرعونية (القبطية) 31 حرفاً فإنهم أخذوا الـ 25 حرفاً اليونانية التى تطابق حروف اللغة الفرعونية القديمة وأضافوا لها 6 ستى حروف من اللغة الديموطيقة والتى صوتها لا يوجد فى اللغة اليونانية وتستخدم حروف اللغة القبطية كأعداد فمثلاً الحرف الأول ألفا = 1 ويلاحظ أن الحرف السادس سو هو حرف لا يستخدم فى النطق ولكنه يستعمل فى العدد فقط سو = 6 وهكذا مثلها مثل اللغة اليونانية والعربية (أبجد هوز حطى كلمن)