جريدة وطنى بتاريخ 13/7/2008م السنة 50 العدد 2429 عن خبر بعنوان [ إيبارشيات لها تاريخ (14): إيبارشية أرمنت ] للقمص روفائيل سامي
سطر لنا تاريخ الكنيسة القبطية أجمل صور عرفها العالم في نشر الكرازة وخدمة الكلمة عن طريق خدمة الكنيسة تحت ظل قيادات روحية متنوعة في كل مدينة وكل قرية كانت القرون الأولي بعد انتشار المسيحية سجلا مضيئا يحتوي علي نظم كنسية فريدة جوهرها الحب والخدمة للإله الخالق لذلك تعددت الكراسي الأسقفية في داخل مصر وكان لكل مدينة أسقفها الذي يدير شئونها الروحية وإدارتها الكنسية تحت رعاية البابا البطريرك فخرج لنا من كل مدن مصر آباء للكنيسة شرفت بهم وبقداستهم وبجهادهم أمام الله والعالم فعرف العالم القديس أثناسيوس الرسولي وأنطونيوس أب جميع الرهبان وباخوميوس أب حياة الشركة الرهبانية وشنودة رئيس المتوحدين,وأنتشرت في أرجاء المسكونة تعاليمهم التي أبهرت البشرية وحفظت لنا الإيمان المستقيم ولعل إيبارشية أرمنت التي اندثرت كانت من تلك الكراسي الأسقفية التي كان لها نشاط روحي متميز ولا سيما في القرنين الرابع والخامس بداية تحول أرمنت من الوثنية إلي المسيحية.
أرمنت
مدينة مصرية قديمة جدا أطلق عليها المصري القديم 'سرمنت' واسما آخر مقدسا وهو 'برمنتو' معناه 'مدينة الإله مونتو' كما سميت أيضا 'مدينة الشمس الجنوبية' وهي تختلف عن مدينة عين شمس البحرية المعروفة وأطلق عليها اليونان اسم 'هرمنتيس' أو 'أوهر منطيس' نطق اسمها الأقباط منذ القديم 'أرمنت' وهكذا سميت بالعربي وكانت مركزا من المراكز المعروفة في عهد الأسرة الثامنة عشرة وفي عهد الرومان كانت مدينة تضرب فيها النقود وقاعدة حربية هامة وفي نهاية القرن الرابع الميلادي انتشرت فيها المسيحية وأصبحت مكانا لأسقفية أرمنت وفي العصور الأولي بعد دخول الإسلام مصر كانت مركزا يتبعه عدة قري كما كانت مركزا لنشر المذهب الشيعي وكتب عن أرمنت جوتييه في قاموسه وقال إن اسمها المقدس 'بير مونتو' وكتب عنها أملينو في جغرافيته إن اسمها أرمنت قال عنها محمد فوزي في قاموسه 'وكانت أرمنت من كور مصر بالصعيد الأعلي ذكرها ابن خرداذبة (أبو القاسم عبد الله بن خرداذبة) في كتاب المسالك وكتب عنها الشريف محمد بن عبد الله الحسني الطالبي المعروف بالإدريسي في كتابه 'نزهة المشتاق في اختراق الآفاق' وقال إنها حسنة وبها نخيل محمل بأنواع من التمر المعلومة والمحمودة كما كتب عنها كل من ابن مماتي 'أبو المكارم الأسعد بن مهذب' في قوانين الدواوين وأبو المكارم بن سعد الله بن جرجس بن مسعود قال إنها كانت تسمي 'أرمنوسة أي البقعة المباركة' وذكرها ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان وكتب عنها ابن الجيعان في التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية وفي الخطط التوفيقية لعلي باشا مبارك في نهاية القرن التاسع عشر 'أن منازلها علي النيل القديم وبها جماعة كبيرة من النصاري' في عام 1882م تم تقسيم أرمنت التي تقع علي البر الغربي للنيل والتابعة لمحافظة قنا إلي أرمنت الشرقية وأرمنت الغربية وصدر قرار بإلغاء تقسيم أرمنت عام 1899م وعادت باسم أرمنت ونزلت أرمنت وفي 20يونية عام 1940 صدر قرار وزارة المالية رقم 90 بتسمية نزلة أرمنت بأرمنت الوابورات وتسمية أرمنت الأصلية بأرمنت الحيط.
كرسي أرمنت
كانت أرمنت في القرن الرابع الميلادي أسقفية مشهورة ومركزا كبيرا وكان بها كنيسة من أعظم وأقدم الكنائس المصرية واعتلي كرسي أرمنت كثير من الأساقفة كان منهم كاليس أسقف هرمونثيس في عام 325م وكان واحدا من المنشقين علي الكنيسة ومن معارضي القديس أثناسيوس الرسولي ومار بساورس أسقف أرمنت في أوائل القرن الرابع وقيل عنه إنه أول أسقفا لأرمنت كما جاء عنه في المخطوطات القديمة والأنبا أبللو أسقف هرمونثيس والأنبا بلينوس أسقف هرمونثيس 350-372م والأنبا مكاريوس عام 373-390م وفي كتاب السنكسار تحت يوم 7كيهك جاء اسم الأنبا يوحنا أسقف هرمونثيس390-410م وفي عام 410م تمت رسامة الأنبا بسنتيوس الأول أسقفا علي هرمونثيس وفي عام 430م تمت رسامة الأنبا باترموثيوس وبعد ذلك جاء الآباء يوأنس الثاني وبفنوتيوس وهيراكس وأنانياس وبتروس وميخا وأندراس وإبراهام وموسي وبيسنتاؤس وأبا جرمانوس ومينا وأباكولوتوس (قلته) والأنبا أندرو والأنبا بسليوس والأنبا بمون والأنبا غبرييل ثم جاء الأنبا أثناثيوس أسقف قوص نائبا بابويا علي أرمنت في القرن الرابع عشر ومن هنا بدأ كرسي أرمنت ينضم لأقرب كرسي له وأصبحت تابعة لكرسي أخميم وجرجا فترة من الزمن ثم في القرن العشرين انضمت إلي إيبارشية إسنا والأقصر وأسوان وفي عهد قداسة البابا شنودة الثالث أطال الله حياته أدخل أرمنت ضمن إيبارشية الأقصر وإسنا وأرمنت.
أديرة أرمنت القديمة
1- دير البخيت ويقع أعلي هضبة درع أبو النجا شمال الدير البحري واسمه يعني الشمال ويبقي منه الآن بعض الحوائط والغرف والدير كان عامرا في القرن السادس وحتي القرن الثامن الميلادي.
2- دير الشالوب ويقع غربي أرمنت بحوالي عشرة كيلو مترات وكان في الأصل معبد روماني واسمه معناه الدير البعيد وجاء عنه في كتاب وصف مصر أنه دير كاترية وثبت أنه كان عامرا حتي القرن الثامن.
3- دير النصاري (دير المسيحيين) وهو مقام علي ربوة عالية صغيرة وفي مكان متميز علي مسافة 2كم شمال دير المسيكرة وجنوب دير الساقية في غرب أرمنت بالقرب من طريق أرمنت الواحات.
4- دير بوسيدونيوس وهو عبارة عن قلالي للرهبان عاشوا في حياة النسك الشديد والتوحد في جبل أرمنت الغربي باقي منه الآن آثار لكنيسة وبعض المغارات.
5- دير المسيكرة مكانه في جنوب دير النصاري شمال غرب أرمنت علي مسافة 9كم باقي منه الآن بعض الأطلال لمباني قديمة.
6- دير الناموس (دير الميزايكرا) أشارت إليه خرائط الحملة الفرنسية وهو علي مسافة 9كم شمال غربي أرمنت مبني علي نظام الشركة الرهبانية وكان محيط به سور.
7- دير المطمر (الدير المدفون) بصحراء حاجر أرمنت علي مسافة 9كم وهو مطمور ببقايا الفخار كانت مبانيه بالحجر وأطلق عليه الدير الأبيض نسبة إلي الحجر الأبيض المبني به كنيسته التي يرجع تصميمها إلي القرن السادس الميلادي.
8- دير الأنبا حزقيال جاء عنه في كتاب السنكسار تحت يوم 2طوبة وهو بعيدا عن أرمنت من الناحية الغربية بحوالي 10كم ويوجد بالقرب منه دير الأنبا داريوس ودير الساقية حقا لقد كانت إيبارشية أرمنت أما ولودا لرهبان كثيرين عاشوا علي أرضها نساك أرتوت صحراء أرمنت بدموعهم وترعرعت بصلواتهم وها هي أصواتهم تصرخ قائلة حتي متي؟
ومن أشهر الكنائس الحالية
كنيسة السيدة العذراء بحاجر أرمنت وكنيسة مارجرجس بأرمنت الحيط وكنيسة مارجرجس أرمنت الوابورات وكنيسة مارجرجس بالياينة البشارات وكنيسة مارجرجس بحاضور ودير مارجرجس بالرزيقات.
أشهر شهداء وقديسي أرمنت: القديس ودامون الذي أخبره الرب يسوع أنه سيكون أول شهيد له في الصعيد والأنبا بضابا الملقب بالجوهري والأنبا حزقيال والأنبا يونا والأنبا بيسنتاؤس أسقف قفط والأنبا دانيال وأخيه الأنبا موسي.
أشهر شخصيات أرمنت:
1- البابا بنيامين الثاني البطريرك 82 (1327-1339م).
2- نيافة الأنبا صربامون أسقف ورئيس دير الأنبا بيشوي الحالي.
3- نيافة الأنبا جورجيوس أسقف مطاي الحالي.
كلمة من الصميم: تحية لإيبارشية أرمنت التي صمدت أمام الوثنية وتأسس علي أرضها هذا العدد الكبير من الأديرة التي نأمل أن تعاد أمجادها ويعاد إعمارها وتوضع علي الخريطة السياحية لمصرنا الحبيبة حتي يعرف العالم أن مصر بلد الصلاة والإيمان والأديرة والرهبان لا يمكن أبدا أن تهتز أمام غائر أو يطمس تاريخها بالإهمال,وما زلت أقول إن السياحة الدينية في صعيد مصر كنز لا يفني أين هيئة تنشيط السياحة من أرمنت؟ وأين وزارة الثقافة ووزارة الإعلام من الإشارة إلي أرمنت وأديرتها التي تحتاج إلي كل هؤلاء؟.
*******************************
المــــــــــراجع
المصادر: سنكسار الكنيسة القبطية -تاريخ المسيحية والرهبنة وأثارهما في إيبروشيتي نقادة وقوص وإسنا والأقصر وأرمنت -القاموس الجغرافي لمحمد رمزي -الكنائس والأديرة القديمة من الجيزة لأسوان -المرشد السياحي ألبرت شكري -مواقع مختلفة علي الإنترنت.
Elkomos_rofaeel_samy@hotmail.com