Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

من هو تيمور لنك ؟

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
New Page 1484
تيمورلنك يغزو الشام
من هو تيمولنك؟
توحيد المماليك
إنقلاب على الملك الناصر

Hit Counter

 

****************************************************************************************

 الجزء التالى عن المماليك الذين حكموا مصر وهم تحت إستعمار الأسرة العباسية السنية الإسلامية من مرجع - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة

****************************************************************************************

 

من هو تيمور لنك ؟

قلت‏:‏ ولنذكر هنا نبذة يسيرة من أخبار تيمورلنك ونسبه وكثرة عساكره وعظم دهائه ومكره ليكون ناظر هذا الكتاب على علم من أخباره وأحواله وإن كان في ذلك نوع تطويل وخروج عن المقصود فهو لا يخلو من فائدة‏.‏
فنقول‏:‏ هو تمرلنك وقيل تيمور - كلاهما بمعنى واحد والثاني أفصح وهو باللغة التركية الحديد - بن أيتمش قنلغ بن زنكي بن سنيا بن طارم بن طغريل بن قليج بن سنقور بن كنجك بن طغر سبوقا بن التاخان المغلي الأصل من طائفة جغتاي الطاغية تيمور كوركان أعني باللغة العجمية صهر الملوك‏.‏
مولده سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بقرية تسمى خواجا أبغار من عمل كش أحد مدائن ما وراء النهر وبعد هذه البلدة عن مدينة سمرقند يوم واحد ويقال‏:‏ إنه رئي ليلة ولد كأن شيئًا يشبه الخوفة تراءى طائرًا في جو السماء ثم وقع إلى الأرض في فضاء كبير فتطاير منه جمر وشرر حتى ملأ الأرض‏.‏ وقيل‏:‏ إنه لما خرج من بطن أمه وجدت كفاه مملوءتين دمًا فوجدوا أنه تسفك على يديه الدماء‏.‏ قلت‏:‏ وكذا وقع‏.‏ وقيل‏:‏ إن والده كان إسكافًا‏.‏ وقيل‏:‏ بل كان أميرًا عند السلطان حسين صاحب مدينة بلخ وكان أحد أركان دولته وإن أمه من ذرية جنكزخان‏.‏ وقيل‏:‏ كان للسلطان حسين المذكور أربعة وزراء فكان أبو تيمور أحدهم وولي تيمور بعد موته مكانه عند السلطان حسين‏.‏
وأصل تيمور من قبيلة برلاص‏.‏ وقيل‏:‏ إن أول ما عرف من حال تيمور أنه كان يتحرم فسرق في بعض الليالي غنمة وحملها ليهرب بها فآنتبه الراعي وضربه بسهم فأصاب كتفه ثم ردفه بآخر فلم يصبه ثم بآخر فأصاب فخذه وعمل فيه الجرح الثاني الذي في فخذه حتى عرج منه ولهذا سمي تمرلنك لأن ‏"‏ لنك ‏"‏ ولما تعافى أخذ في التحرم على عادته وقطع الطريق وصحبه في تحرمه جماعة عدتهم أربعون رجلًا‏.‏
وكان تيمور لنك يقول لهم في تلك الأيام‏:‏ لا بد أن أملك الأرض وأقتل ملوك الدنيا فيسخر منه بعضهم ويصدقه البعض لما يرونه من شدة حزمه وشجاعته‏.‏ وقيل إنه تاه في بعض تحرماته مدة أيام إلى أن وقع على خيل السلطان حسين المقدم ذكره فأنزله الجشاري الخيل عنده وعطف عليه وآواه وأتى إليه بما يحتاجه من طعام وشراب‏.‏
وكان لتيمور معرفة تامة في جياد الخيل فأعجب الجشاري منه ذلك فاستمر به عنده إلى أن أرسل معه بخيول إلى السلطان حسين وعرفه به فأنعم عليه وأعاده إلى الجشاري فلم يزل عنده حتى مات فولاه السلطان حسين عوضه على جشاره‏.‏ ولا زال يترقى بعد ذلك من وظيفة إلى أخرى حتى عظم وصار من جملة الأمراء‏.‏ وتزوج بأخت السلطان حسين وأقام معها مدة إلى أن وقع بينهما في بعض الأيام كلام فعايرته بما كان عليه من سوء الحال فقتلها وخرج هاربًا وأظهر العصيان على السلطان حسين واستفحل أمره واستولى على ما وراء النهر وتزوج ببنات ملوكها فعند ذلك لقب ‏"‏ بكور كان ‏"‏ وقد تقدم الكلام على اسم كور كان‏.‏ ولا زال أمره ينمو وأعماله تتسع إلى أن‏.‏ خافه السلطان حسين وعزم على قتاله وبلغه ذلك فخرج هاربًا‏.‏ ثم قوي أمره بعد سنة ستين وسبعمائة‏.‏
فلما كثر عسكره بعث إلى ولاة بلخشان وكانا أخوين قد ملكا بعد موت أبيهما يدعوهما إلى طاعته فأجاباه وكانت المغل قد نهضت من جهة الشرق على السلطان حسين وكان كبيرهم الخان قمر الدين فتوجه السلطان حسين إليهم وقاتلهم فأرسل تيمور يدعوهم إليه فأجابوه ودخلوا تحت طاعته فقويت بهم شوكته‏.‏
ثم قصده السلطان حسين ثانيًا في عسكر عظيم حتى وصل إلى ضاغلغا وهو موضع ضيق يسير الراكب فيه ساعة وفي وسطه باب إذا أغلق وأحمي لا يقدر عليه أحد وحوله جبال عالية فملك العسكر فم هذا الدربند من جهة سمرقند ووقف تيمور بمن معه على الطريق الآخر وفي ظن العسكر أنهم حصروه وضيقوا عليه فتركهم ومضى في طريق مجهولة‏.‏
فسار ليلة في أوعار مشقة حتى أدركهم في السحر وقد شرعوا في تحميل أثقالهم أبناء على أن تيمور قد انهزم وهرب خوفًا منهم‏.‏ فأخذ تيمور يكيدهم بأن نزل هو ومن معه عن خيولهم أو تركوها ترعى في تلك المروج وناموا كأنهم من جملة العسكر فمرت بهم خيولهم وهم يظنون أنهم منهم وقد قصدوا الراحة‏.‏
فلما تكامل مرور العسكر ركب تيمور بمن معه أقفيتهم وهم يصيحون وأيديهم تدقهم دقًا بالسيوف فاختبط الناس وانهزم السلطان حسين بمن معه لا يلوي أحد على أحد حتى وصل إلى بلخ فاحتاط تمرلنك على ما كان معه ولم من بقي من العسكر عليه فعظم جمعه وكثر ماله واستولى على الممالك ولا زال حتى قبض على السلطان حسين بعد أن أمنه وقتله فهذا أول عظمته‏.‏
والثانية واقعته مع تقتمش خان ملك التتار فإنه لما واقعه بأطراف تركستان قريبًا من نهر خجند واشتد الحرب بينهما وكثرت القتلى في عسكر تيمور حتى كادت تفنى وعزم تيمور على الهزيمة فإذا هو بالمعتقد السيد الشريف بركة قد أقبل على تيمور فقال له تيمور وقد جهده البلاء‏:‏ ‏"‏ يا سيدي جيشي انكسر ‏"‏ فقال له السيد الشريف بركة المذكور‏:‏ ‏"‏ لا تخف ‏"‏ ثم نزل عن فرسه وتناول كفًا من الحصى ثم ركب فرسه ورمى بها في وجوه جيش تقتمش وصرخ قائلًا بأعلى صوته ‏"‏ ياغي قجتي ‏"‏ - يعني باللغة التركية‏:‏ العدو هرب - فصرخ بها أيضًا تيمور كمقالة الشريف بركة فامتلأت آذان التمرية بصرختهما وأتوه بأجمعهم بعدما كانوا ولوا هاربين‏.‏
فكربهم تيمور ثانيًا في عسكر تقتمش وما منهم أحد إلا وهو يصرخ ‏"‏ ياغي قجتي ‏"‏ فانهزم عند ذلك عسكر تقتمش خان وركبت التمرية أقفيتهم وغنموا منهم من الأموال ما لا يدخل تحت حصر فاستولى على غالب بلاد تقتمش خان‏.‏ والثالثة واقعته مع شيرة علي صاحب مازندران وكيلان وبلاد الري والعراق وكسره وقبض عليه وقتله وملك جميع بلاده‏.‏
ثم قصته مع شاه شجاع صاحب شيراز وتزوج بنت شاه شجاع لابن تيمور ومهادنة شاه شجاع له إلى أن مات شاه شجاع واختلفت أولاده وقوي شاه منصور على اخوته فمشى عليه تيمور هذا فلقيه شاه منصور في ألفي فارس لا غير‏.‏ وشاه منصور هذا هو أفرس من قاتل تيمور من الملوك بلا مدافعة فإنه برز إليه في ألفي فارس وعساكر تيمور نحو المائة ألف‏.‏
وعندما برز له شاه منصور فر من عسكره أمير يقال له محمد بن أمين الدين إلى تيمور بأكثر العساكر فبقي شاه منصور في أقل من ألف فارس فقاتل بهم تيمور يومه إلى الليل‏.‏ ثم مضى كل من الفريقين إلى معسكره فركب شاه منصور في الليل وبيت التمرية فقتل منهم نحو العشرة آلاف فارس‏.‏
ثم انتخب شاه منصور من فرسانه خمسمائة فارس فأصبح وقاتل بهم من الغد وقصد بهم تيمور حتى أزاله عن موقفه وهرب تيمور واختفى بين حرمه فأحاط بهم التمرية مع كثرة عددهم وهو يقاتلهم حتى كلت يداه وقتلت أبطاله فانفرد عن أصحابه وألقى نفسه بين القتلى فضربه بعض التمرية فقتله وأتى برأسه إلى تيمور فقتل تيمور قاتله أسفًا عليه‏.‏
واستولى تيمور أيضًا على جميع ممالك العجم بأسرها بعد شاه منصور‏.‏ هذا وقد استوعبنا واقعة شاه منصور بأوسع من ذلك في تاريخنا المنهل الصافي إذ هو كتاب تراجم‏.‏
ثم أخذ تيمور في الاستيلاء على مملكة بعد مملكة حتى ملك العراقين وهرب منه السلطان أحمد بن أويس وأخرب غالب العراق‏:‏ مثل بغداد والبصرة والكوفة وأعمالهم ثم ملك غالب أقاليم ديار بكر وأخرب بها أيضًا عدة بلاد‏.‏ ثم قصد البلاد الشامية في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ثم رجع خائفًا من الملك الظاهر برقوق إلى بلاده فبلغه موت فيروز شاه ملك الهند عن غير ولد و أن أمر الناس بمدينة دلي في اختلاف وأنه جلس على تخت الملك بدلي وزير يقال له ملو فخالف عليه أخو فيروز شاه واسمه سارنك خان متولي مدينة مولتان فلما سمع تيمور هذا الخبر اغتنم الفرصة وسار من سمرقند في ذي الحجة سنة ثمانمائة إلى مولتان وحاصر ملكها سارنك خان ستة أشهر وكان في عسكر سارنك خان ثمانمائة فيل حتى ملكها‏.‏
ثم سار تيمور إلى مدينة دلي وهي تخت الملك فخرج لقتاله صاحبها ملو المذكور وبين يديه عساكره ومعهم الفيلة وقد جعل على كل فيل برجًا فيه عدة من المقاتلة وقد ألبست تلك الفيلة العدد والبركستوانات وعلق عليها من الأجراس والقلاقل ما يهول صوته ليجفل بذلك خيول الجغتاي وشدوا في خراطيمها عدة من السيوف المرهفة وسارت عساكر الهند من وراء الفيلة لتنفر هذه الفيلة خيول التمرية بما عليها فكادهم تيمور وحسب حسابهم بأن عمل آلافًا من الشوكات الحديد مثلثة الأطراف ونثرها في مجالات الفيلة وجعل على خمسمائة جمل أحمال قصب محشوة بالفتائل المغموسة بالدهن وقدمها أمام عسكره فلما تراءى الجمعان وزحف الفريقان للحرب أضرم تيمور في تلك الأحمال النار وساقها على الفيلة‏.‏ فركضت تلك الأباعر من شدة حرارة النار ثم نخسها سواقوها من خلف‏.‏ هذا وقد أكمن تيمور كمينًا من عسكره‏.‏ ثم زحف بعسكره قليلًا وقت السحر‏.‏
فعندما تناوش القوم القتال لوى تيمور رأس فرسه راجعًا يوهم القوم أنه قد انهزم منهم ويكف عن طريق الفيلة كأن خيوله قد جفلت منها وقصد المواضع التي نثر فيها تلك الشوكات الحديد التي صنعها فمشت حيلته على الهنود ومشوا بالفيلة وهم يسوقونها خلفه أشد السوق حتى داست على تلك الشوكات الحديد فلما وطئتها نكصت على أعقابها‏.‏
ثم التف تيمور بعساكره عليها بتلك الجمال وقد عظم لهيبها على ظهورها وتطاير شررها في تلك الآفاق وشنع زعاقها من شدة النخس في أدبارها‏.‏ فلما رأت الفيلة ذلك جفلت وكرت راجعة على العسكر الهندي فأحست بخشونة الشوكات التي طرحها تيمور في طريقها فبركت وصارت في الطريق كالجبال مطروحة على الأرض لا تستطيع الحركة وسالت أنهار من دمائها فخرج عند ذلك الكمين من عسكر تيمور من جنبي عسكر الهنود ثم حطم تيمور بمن معه فتراجعت الهنود وتراموا بالسهام‏.‏
ثم إنهم تضايقوا وتقاتلوا بالرماح ثم بالسيوف والأطبار‏.‏
وصبر كل من الفريقين زمانًا طويلًا إلى أن كانت الكسرة على الهنود بعد ما قتل أعيانهم وأبطالهم وانهزم باقيهم بعد أن ملوا من القتال‏.‏ فركب تيمور أقفيتهم حتى نزل مدينة دلي وحصرها وأخذها بعد مدة عنوة‏.‏ وآستولى على تخت ملكها واستصفى ذخائرها وفعلت عساكره فيها على عادتهم القبيحة من الأسر والسبي والقتل والنهب والتخريب‏.‏
وبينما هم في ذلك بلغ تيمور موت الملك الظاهر برقوق صاحب مصر وموت القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس من بلاد الروم فرأى تيمور أنه بعد موتهما ظفر بمملكتيهما وكاد أن يطير بموتهما فرحًا فنجز أمره وولى مسرعًا بعد أن استناب بالهند من يثق به من أمرائه وسار حتى وصل سمرقند ثم خرج منها عجلًا في أوائل سنة اثنتين وثمانمائة فنزل خراسان‏.‏
ثم مضى منها إلى تبريز فاستخلف بها آبنه ميران شاه‏.‏ ثم سار حتى نزل قراباغ في شهر ربيع الأول فقتل وسبى‏.‏ ثم رحل منها ونزل تفليس في جمادى الآخرة وعبر بلاد الكرج وأسرف فيها أيضًا في القتل والسبي‏.‏
ثم قصد بغداد ففر منه السلطان أحمد بن أويس إلى قرا يوسف فعاد تيمور من بغداد وصيف ببلاد التركمان‏.‏ ثم سار إلى سيواس وقد أخذها الأمير سليمان بن أبي يزيد بن عثمان فحصرها تيمور ثمانية عشر يومًا حتى أخذها في خامس المحرم من سنة ثلاث وثمانمائة وقبض على مقاتلتها وهم ثلاثة آلاف نفر فحفر لهم سردابًا وألقاهم فيه وطمهم بالتراب بعد ما كان حلف لهم ألا يريق لهم دمًا وقال‏:‏ أنا على يميني ما أرقت لهم دمًا‏.‏
ثم وضع السيف في أهل البلد وأخربها حتى محا رسومها‏.‏ ثم سار إلى بهسنا فنهب ضواحيها وحصر قلعتها ثلاثة وعشرين يومًا حتى أخذها‏.‏ ومضى إلى ملطية فدكها دكًا‏.‏ وسار حتى نزل قلعة الروم فلم يقدر عليها فتركها وقصد عين تاب ففر منه نائبها الأمير أركماس الظاهري وهو غير أركماس الدوادار في الدولة الأشرفية‏.‏
ثم قصد حلب ووقع له بها وبدمشق ما تقدم ذكره إلى أن خرج من البلاد الشامية‏.‏ وكان رحيله عن دمشق في يوم السبت ثالث شعبان من سنة ثلاث وثمانمائة المذكورة واجتاز على حلب وفعل بها ما قدر عليه ثانيًا ثم سار منها حتى نزل على ماردين يوم الاثنين عاشر شهر رمضان من السنة ووقع له بها أمور ثم رحل عنها‏.‏
وأوهم أنه يريد سمرقند يوري بذلك عن بغداد وكان السلطان أحمد بن أويس قد استناب ببغداد أميرًا يقال له فرج وتوجه هو وقرا يوسف نحو بلاد الروم فندب تيمور على حين غفلة أمير زاده رستم ومعه عشرون ألفًا لأخذ بغداد‏.‏ ثم تبعه بمن بقي معه ونزل على بغداد وحصرها حتى أخذها عنوة في يوم عيد النحر من السنة ووضع السيف في أهل بغداد‏.‏
حدثني الأمير أسنباي الزردكاش الظاهري برقوق - وكان أسر عند تيمور وحظي عنده وجعله زردكاشه عند أخذ بغداد وحصارها - بأشياء مهولة منها أنه لما آستولى على بغداد ألزم جميع من معه أن يأتيه كل واحد منهم برأسين من رؤوس أهل بغداد فوقع القتل في أهل بغداد وأعمالها حتى سالت الدماء أنهارًا حتى أتوه بما أراد فبنى من هذه الرؤوس مائة وعشرين مئذنة‏.‏
فكانت عدة من قتل في هذا اليوم من أهل بغداد تقريبًا مائة ألف إنسان - وقال المقريزي‏:‏ تسعين ألف إنسان - وهذا سوى من قتل في أيام الحصار وسوى من قتل في يوم دخول تيمور إلى بغداد وسوى من ألقى نفسه في الدجلة فغرق وهو أكثر من ذلك‏.‏
قال‏:‏ وكان الرجل المرسوم له بإحضار رأسين إذا عجز عن رأس رجل قطع رأس امرأة من النساء وأزال شعرها وأحضرها قال‏:‏ وكان بعضهم يقف بالطرقات ويصطاد من مر به ويقطع رأسه‏.‏
ثم رحل تيمور عن بغداد وسار حتى نزل قراباغ بعد أن جعلها دكًا خرابًا ثم كتب إلى أبي يزيد بن عثمان صاحب الروم أن يخرج السلطان أحمد بن أويس وقرا يوسف من ممالك الروم وإلا قصده وأنزل به ما نزل بغيره‏.‏
فرد أبو يزيد جوابه بلفظ خشن إلى الغاية فسار تيمور إلى نحوه‏.‏ فجمع أبو يزيد بن عثمان عساكره من المسلمين والنصارى وطوائف التتر‏.‏
فلما تكامل جيشه سار لحربه فأرسل تيمور قبل وصوله إلى التتار الذين مع أبي يزيد بن عثمان يقول لهم‏:‏ نحن جنس واحد وهؤلاء تركمان ندفعهم من بيننا ويكون لكم الروم عوضهم‏.‏ فانخدعوا له وواعدوه أنهم عند اللقاء يكونون معه‏.‏
وسار أبو يزيد بن عثمان بعساكره على أنه يلقى تيمور خارج سيواس ويرده عن عبور أرض الروم‏.‏
فسلك تيمور غير الطريق ومشى في أرض غير مسلوكة ودخل بلاد ابن عثمان ونزل بأرض مخصبة وسيعة‏.‏
فلم يشعر ابن عثمان إلا وقد نهبت بلاده فقامت قيامته وكر راجعًا وقد بلغ منه ومن عسكره التعب مبلغًا أوهن قواهم وكلت خيولهم ونزل على غير ماء فكادت عساكره أن تهلك فلما تدانوا للحرب كان أول بلاء نزل بابن عثمان مخامرة التتار بأسرها عليه فضعف بذلك عسكره لأنهم كانوا معظم عسكره ثم تلاهم ولده سليمان ورجع عن أبيه عائدًا إلى مدينة برصا بباقي عسكره فلم يبق مع أبي يزيد إلا نحو خمسة آلاف فارس فثبت بهم حتى أحاطت به عساكر تيمور وصدمهم صدمة هائلة بالسيوف والأطبار حتى أفنوا من التمرية أضعافهم‏.‏
وآستمر القتال بينهم من ضحى يوم الأربعاء إلى العصر فكفت عساكر آبن عثمان وتكاثروا التمرية عليهم يضربونهم بالسيوف لقلتهم وكثرة التمرية فكان الواحد من العثمانية يقاتله العشرة من التمرية إلى أن صرع منهم أكثر أبطالهم وأخذ أبو يزيد بن عثمان أسيرًا قبضًا باليد على نحو ميل من مدينة أنقرة في يوم الأربعاء سابع عشرين ذي الحجة سنة أربع وثمانمائة بعد أن قتل غالب عسكره بالعطش فإن الوقت كان ثامن عشرين أبيب بالقبطي وهو تموز بالرومي‏.‏
وصار تيمور يوقف بين يديه في كل يوم ابن عثمان طلبًا ويسخر منه وينكيه بالكلام‏.‏ وجلس تيمور مرة لمعاقرة الخمر مع أصحابه وطلب ابن عثمان طلبًا مزعجًا فحضر وهو يرسف في قيوده وهو يرجف فأجلسه بين يديه وأخذ يحادثه ثم وقف تيمور وسقاه من يد جواريه اللاتي أسرهن تيمور ثم أعاده إلى محبسه‏.‏
ثم قدم على تيمور إسبندار أحد ملوك الروم بتقادم جليلة فقبلها وأكرمه ورده إلى مملكته‏.‏ هذا وعساكر تيمور تفعل في بلاد الروم وأهلها تلك الأفعال المقدم ذكرها‏.‏
وأما أمر سليمان بن أبي يزيد بن عثمان فإنه جمع المال الذي كان بمدينة برصا وجميع ما كان فيها ورحل إلى أدرنة وتلاحق به الناس وصالح أهل إستانبول‏.‏ فبعث تيمور فرقة كبيرة من عساكره صحبة الأمير شيخ نور الدين إلى برصا فأخذوا ما وجدوا بها ثم تبعهم هو أيضًا بعساكره‏.‏
ثم أفرج تيمور عن محمد وعلي أولاد ابن قرمان من حبس أبي يزيد بن عثمان وخلع عليهما وولاهما بلادهما وألزم كل واحد منهما بإقامة الخطبة وضرب السكة باسمه واسم السلطان ثم شتا في معاملة منتشا وعمل الحيلة في قتل التتار الذين أتوه من عسكر ابن عثمان حتى أفناهم عن آخرهم‏.‏ وأما أبو يزيد بن عثمان فإنه استمر في أسر تيمور من ذي الحجة سنة أربع إلى أن مات بكربته وقيوده في أيام من ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة بعد أن حكم ممالك الروم نحو تسع سنين‏.‏ وكان من أجل الملوك حزمًا وعزمًا وشجاعة رحمه الله تعالى‏.‏
وهو المعروف بيلدرم بايزيد‏.‏ ثم رجع تيمور من بلاد الروم وقد تعلقت آماله بأخذ بلاد الصين فأخذه الله قبل أن يصل ولولا خشية الإطالة لذكرنا أمره وما وقع له بطريق الصين إلى أن توفي لعنه الله ولكن أضربنا عن ذلك خشية الإطالة وأيضًا قد ذكرناه في تاريخنا ‏"‏ المنهل الصافي ‏"‏ مستوفاة فلينظر هناك‏.‏
وكانت وفاة تيمور في ليلة الأربعاء سابع عشر شعبان سنة سبع وثمانماثة وهو نازل بالقرب من أترار وأترار بالقرب من آهنكران ومعنى آهنكران باللغة العربية الحدادون‏.‏ ولما مات لبسوا عليه المسوح ولم يكن معه أحد من أولاده سوى حفيده سلطان خليل بن ميران شاه بن تيمور فتسلطن موضع جده تيمور في حياة والده ميران شاه المذكور‏.‏
فاستولى خليل المذكور على خزائن جده وبذل الأموال وتم أمره‏.‏ انتهى

وتوفي الطاغية تيمورلنك كوركان  سنة 808 هـ
مات في ليلة الأربعاء تاسع عشر شعبان في هذه السنة - وقيل في الماضيه - وهو نازل بضواحي أترار بالقرب من آهنكران ومعنى آهنكران باللغة العربية الحدادون وآهنكر الحداد وكان سبب موته أنه خرج من بلاعه لأخذ بلاد الصين - وقد انقضى فصل الصيف ودخل الخريف - وكتب إلى عساكره أن يأخذوا الأهبة لمدة أربع سنين فاستعدوا لذلك وأتوه من كل جهة وصنع له خمسمائة عجلة لحمل أثقاله‏.‏
ثم خرج من سمرقند في شهر رجب وقد اشتد البرد ونزل على سيحون وهو جامد فعبره ومر سائرًا فأرسل الله عليه من عذابه جبالًا من الثلج التي لم يعهد بمثلها مع قوة البرد الشديد فلم يبق أحد من عساكره حتى امتلأت آذانهم وعيونهم وخياشيمهم وآذان دوابهم وأعينها من الثلج إلى أن كادت أرواحهم تذهب‏.‏
ثم اشتدت تلك الرياح وملأ الثلج جميع الأرض - مع سعتها - فهلكت بهائمهم‏.‏ وجمد كثير من الناس وتساقطوا عن خيولهم موتًا‏.‏ وجاء بعقب هذا الثلج والريح أمطار كالبحار وتيمور مع ذلك لا يرق لأحد ولا يبالي بما نزل بالناس بل يجد في السير فما أن وصل تيمور إلى مدينة أترار حتى هلك خلق كثير من قوة سيره‏.‏ ثم أمر تيمور أن يستقطر له الخمر حتى يستعمله بأدوية حارة وأفاويه لدفع البرد وتقوية الحرارة فعمل له ما أراد من ذلك‏.‏
فشرع تيمور يستعمله ولا يسأل عن أخبار عساكره وما هم فيه إلى أن أثرت حرارة ذلك وأخذت في كبده وأمعائه فالتهب مزاجه حتى ضعف بدنه وهو يتجلد ويسير السير السريع وأطباؤه يعالجونه بتدبير مزاجه إلى أن صاروا يضعون الثلج على بطنه لعظم ما به من التلهب وهو مطروح مدة ثلاثة أيام‏.‏
فتلفت كبده وصار يضطرب ولونه يحمر ونساؤه وخواصه في صراخ إلى أن هلك وسخطه فلبسوا عليه المسوح‏.‏
ومات ولم يكن معه أحد من أولاده سوى حفيده سلطان خليل ابن ميران شاه بن تيمور وسلطان حسين ابن أخته فأرادا كتمان موته فلم يخف ذلك على الناس فتسلطن خليل المذكور بعد جده تيمور وبذل الأموال وعاد إلى سمرقند برمة جده تيمور‏.‏
فخرج الناس إلى لقائه لابسين المسوح بأسرهم وهم يبكون ويصرخون‏.‏ ودخل ورمة تيمور بين يديه في تابوت أبنوس والملوك والأمراء وكافة الناس مشاة بين يديه وقد كشفوا رؤوسهم وعليهم المسوح إلى أن دفنوه على حفيده محمد سلطان بمدرسته وأقيم عليه العزاء أيامًا وقرئت عنده الختمات وفرقت الصدقات ومدت الحلاوات والأسمطة بتلك الهمم العظيمة ونشر أقمشته على قبره وعلقوا سلاحه وأمتعته على الحيطان حوالي قبره وكلها ما بين مرصع ومكلل ومزركش في تلك القبة العظيمة وعلقت بالقبة المذكورة قناديل من ذهب والفضة من جملتها قنديل من ذهب زنته أربعة الآف مثقال - وهو رطل بالسمرقندي وعشرة أرطال بالدمشقي وأربعون رطلًا بالمصري - وفرشت المدرسة بالبسط الحرير والديباج‏.‏
ثم نقلت رمته إلى تابوت من فولاذ عمل بشيراز وهو على قبره إلى الآن وتحمل إليه النذورة من وإذا مر على هذه المدرسة أمير أو جليل خضع ونزل عن فرسه إجلالًا لقبره لما له في صدورهم من الهيبة‏.‏
وكان تيمور طويل القامة كبير الجبهة عظيم الهامة شديد القوة أبيض اللون مشربًا بحمرة عريض الأكتاف غليظ الأصابع مسترسل اللحية أشل اليد أعرج اليمنى تتوقد عيناه جهير الصوت لا يهاب الموت قد بلغ الثمانين وهو متمتع بحواسه وقوته‏.‏
وكان يكره المزاح ويبغض الكذاب قليل الميل إلى اللهو على أنه كان يعجبه الصوت الحسن‏.‏ وكان نقش خاتمه رستي‏.‏ رستي ومعناه‏:‏ صدقت‏.‏ نجوت‏.‏
وكان له فراسات عجيبة وسعد عظيم وحظ زائد في رعيته‏.‏ وكان له عزم ثابت وفهم دقيق محجاجًا سريع الإدراك متيقظًا يفهم الرمز ويدرك اللمحة ولا يخفى عليه تلبيس ملبس‏.‏ وكان إذا عزم على شيء لا ينثني عنه لئلا ينسب إلى قلة الثبات‏.‏
وكان يقال له صاحب قران الأقاليم السبعة وقهرمان الماء والطين وقاهر الملوك والسلاطين‏.‏ وكان مغرمًا بسماع التاريخ وقصص الأنبياء عليهم السلام ليلًا ونهارًا حتى صار - لكثرة سماعه للتاريخ - يرد على القارىء إذا غلط فيها‏.‏
وكان يحب العلم والعلماء ويقرب السادة الأشراف ويدنى أرباب الفنون والصنائع‏.‏ وكان انبساطه بهيبة ووقار وكان يباحث أهل العلم وينصف في بحثه ويبغض الشعراء والمضحكين ويعتمد على أقوال الأطباء والمنجمين حتى إنه كان لا يتحرك بحركة إلا باختيار فلكي‏.‏ وكان يلازم لعب الشطرنج - انتهى‏.‏




 ع

============================================================

 

 

 

 

 

Home | New Page 1484 | تيمورلنك يغزو الشام | من هو تيمولنك؟ | توحيد المماليك | إنقلاب على الملك الناصر

This site was last updated 04/03/07