القديس مينا العجايبي... وسبعة عشر قرنا علي استشهاده |
وطنى 21/11/2009م د.مينا بديع عبد الملك |
واليوبيل الذهبي لتأسيس دير مارمينا الحديث د.مينا بديع عبد الملك جمعية مارمينا العجايبي للدراسات القبطية - بالإسكندرية في 24 نوفمبر 2009 تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بتذكار مرور سبعة عشر قرنا علي استشهاد القديس مينا (309 - 2009) الملقب بالعجايبي, وفي 27 نوفمبر 2009 تحتفل أيضا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باليوبيل الذهبي لوضع حجر أساس دير القديس مينا بمنطقة مريوط وإحياء تاريخ المنطقة المقدسة. ويشرفني ويسعدني بصفتي أحد أعضاء مجلس إدارة جمعية مارمينا العجايبي للدراسات القبطية بالإسكندرية, وبصفتي أحد الأشخاص الذين شاهدوا تلك اللحظات التاريخية التي وضع فيها قداسة البابا كيرلس السادس (1959 - 1971) بيده الكريمة حجر أساس الدير الحديث, وقد تتبعت النمو الرهباني والمعماري لهذا الدير المبارك منذ عام 1959 ثم اكتحلت عيناي برؤية النهضة الرهبانية والبناء المعجزي الذي تم بالدير علي يد صاحب القداسة والغبطة البابا الأنبا شنودة الثالث (1971 - أطال الرب في عمر قداسته), يسعدني أن أسجل هذا التقرير التاريخي علي صفحات جريدة وطني والتي فتحت صفحاتها منذ عام 1959 لتسجل كل أخبار الدير والأحداث التاريخية التي مر بها. القديس مينا من النشأة إلي الاستشهاد القديس مينا كان من عائلة مصرية نبيلة, وأصل والديه من المدينة المصرية الشهيرة المسماة باليونانية نيقيوس وتعني بالمصرية المنتصرون,وتسمي أيضا إبشاتي (الآن زاوية رزين) باسم الحاكم المصري العظيم الذي بني ميدانا في وسطه مقصورة وقوي أسوارها, وكان اسم والد القديس مينا أدوكسيس, وكان شقيق أناطوليوس حاكم ذاك الوقت, وكان كل من أدوكسيس وأناطوليوس ابني بلوديانوس الذي كان حاكما أيضا في حكم الإمبراطور بروباس, وكان شهيرا لغناه ومركزه. عندما تولي حاكم ولاية فريجيا, طلب الملك كارنيوس من أدوكسيس وزوجته وجميع عائلته وخدمه ليتولي حكم ولاية فريجيا. وفعلا تم تنصيبه حاكما علي الولاية في وسط فرح أهل فريجيا وحزن أهل إبشاتي. كانت أوفيميه زوجة أدوكسيس عاقرا, وكانت كثيرة الأصوام والصلوات من أجل أن يرزقها الله نسلا صالحا. ولكن في أثناء صلاتها أمام أيقونة للسيدة العذراء سمعت صوتا يقول آمين, وفعلا ولدت ولدا أسمته مينا كالصوت الذي سمعته. نما الطفل تدريجيا في جمال إلي أن وصل إلي سن المدرسة, وعندما درس الآداب جعله والداه يدرس الكتب المقدسة وانتظم في حضور الكنيسة. عندما بلغ القديس مينا الحادية عشرة من عمره توفي والده أدوكسيس بينما كان ما يزال في فريجيا, وبعد ذلك بثلاث سنوات توفيت والدته أوفيميه, وقد ورث عنهما ثروة طائلة. وحدث أنه عندما كان في الخامسة عشرة من عمره صدر مرسوم ملكي بالتطوع في الجيش, فقام فرميانوس القائد العام في ذلك الوقت والصديق الحميم لأدوكسيس والد القديس مينا, ودفعه للجندية وعينه نائبا عنه علي الجيش فكان محبوبا من الجميع. في السنة الثانية من حكم مكسيميانوس وكان دقلديانوس يتولي الحكم, أرسلا مرسوما إلي كل بلد ومقاطعة يطلبان فيه من كل فرد أن يقدم القرابين والعبادة للأوثان. وعندما وصل المنشور إلي مقاطعة فريجيا وقرئ علي مسامع القديس مينا, قام علي الفور ووزع كل ثروته وممتلكاته علي المحتاجين وذهب إلي الصحراء للعبادة. بعد أن قضي في العبادة عدة سنوات اشتاق أن ينال إكليل الشهادة, فذهب إلي مكان الاستشهاد لابسا ثوب النساك وأعلن مسيحيته أمام الوالي الذي فشل في إقناعه بالعدول عن عقيدته, فتعرض للعديد من العذابات المبرحة وقد بلغت تسعة عذابات انتهت بقطع رأسه بحد السيف في 15 هاتور وألقوا جسده في النار, وهنا تقدم بعض الإخوة المؤمنين وبعض النساك وأنقذوا الجسد من النار ودفنوه بإكرام عظيم. جسد القديس مينا وكنيسته حدث بعد وقت قصير من استشهاد القديس مينا أن أغار من ليبيا مجموعة من البرابرة علي مقاطعة نيفايات, وتم إرسال فرقة عسكرية بقيادة القائد أثناسيوس إلي الإسكندرية لحراسة منطقة مريوط. كان القائدأثناسيوس رجلا تقيا فاتفق مع بعض الجنود المسيحيين الذين كانوا تحت قيادته بأن يأخذوا جسد القديس مينا معهم إلي مصر ليحافظوا عليه وليكون سندا لهم في مهمتهم العسكرية.فأخذوا الجسد بإكرام شديد وأخفوه في ملابسهم ووضعوه في السفينة, ووصلوا إلي الإسكندرية بعد رحلة استغرقت خمسة أيام هاجمتهم في أثنائها وحوش بحرية مخيفة ذات أعناق طويلة ورؤوس تشبه رؤوس الجمال. لكن بركة القديس مينا منعت تلك الوحوش من إحداث أذي بالجنود الذين كانوا بالسفينة. بعد أن تركوا الإسكندرية وضعوا الجسد علي سفينة في بحيرة ماريا ومنها وصلوا إلي ميناء تابوزيريس بغرب الإسكندرية ومنها إلي منطقة مريوط عن طريق أحد الجمال, وتمكنوا من التغلب علي البرابرة وهزيمتهم. بعد أن انتهوا من مهمتهم العسكرية قام القائد أثناسيوس بوضع جسد القديس علي جمل ليعودوا به إلي مقاطعة فريجيا بآسيا الصغري, لكن الجمل رفض التحرك, فوضعوه علي جمل آخر فكرر نفس الفعل وهنا أدرك القائد أثناسيوس ومن معه أن هذه إرادة الرب بأن يبقي جسد القديس مينا في منطقة مريوط, فصنع لوحة من الخشب ورسم عليها صورة القديس مينا ورسم شكل الحيوانات البحرية التي هاجمتهم في البحر والتي تشبه الجمال, ثم وضع القائد الصورة علي جسد القديس لنوال البركة من الجسد المبارك, ثم وضع جسد القديس مينا في صندوق خشبي ووضع الصورة الخشبية علي الجسد ودفنهما مع كتابة تذكارية, وأقام مقصورة صغيرة علي القديس في شكل قبر صغير مسقوف, ثم رسم صورة القديس علي لوحة خشبية أخري مثل السابقة وأخذها معه وعاد مع جنوده إلي بلدتهم فرحين. مضت سنوات ولا يعلم أحد شئ عن جسد القديس مينا, لكن الله أظهر عجائب القديس في صبي عاجز عن السير منذ ولادته, وانتشر خبر هذا الصبي في أنحاء مقاطعة مريوط, فأقام الأهالي فوق القبر مقصورة بأربعة أعمدة, وعلقوا مصباحا في وسطها, وكان يقصد القبر جموع غفيرة. وبازدياد عدد الزوار قام أعيان الإسكندرية ومريوط وتقدموا بطلب إلي البابا أثناسيوس الرسولي (326-373م) البطريرك 20 لبناء كنيسة تذكارية فخمة للقديس مينا, وقام البابا أثناسيوس بتحقيق مطالب الشعب, وعندما علم الملك جوفيان (363 - 364م) بذلك, كتب إلي حاكم الإسكندرية ليساعد البابا أثناسيوس بالمال لأجل بناء كنيسة باسم الشهيد مينا العجايبي, فتمكن البابا أثناسيوس من بناء كنيسة في جمال فائق وزينها بالرخام الثمين. ثم قام بعد ذلك ابنا الملك جوفيان وهما فالانس وفالنتينوس بالكتابة إلي حاكم الإسكندرية يناشدانه بالاهتمام بكنيسة القديس مينا, فخاطب جميع أساقفة مصر الذين حضروا إلي الكنيسة وقاموا بوضع جسد القديس في مقبرة صنعت خصيصا له, وأخذت الجماهير تتقاطر لنوال بركة القديس. بعد مضي الوقت وفي زمن الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير وابنيه هونوريوس وأركاديوس, وفي حبرية البابا ثاؤفيلس (385 - 412م) البطريرك 23, رأي البابا ثاؤفيلس شدة ازدحام كنيسة القديس مينا بالمصلين, فكتب رسالة إلي الملك أركاديوس (395 - 408م) ذكر له فيها احتياج الكنيسة للتوسيع, فأمر الملك ببناء كنيسة تذكارية فسيحة وزينها بنقوش جميلة وجعلها متحدة مع الكنيسة التذكارية التي أقامها البابا أثناسيوس الرسولي. وكانت هذه الكنيسة العظيمة تتكون من ثلاثة خوارس طولها 60 مترا وعرضها 26.5 مترا, ويفصلها عن بعضها البعض صفوف من الأعمدة يبلغ عددها 56 عمودا, جميعها من الرخام ذي الألوان المتغايرة الرائعة. ولا تزال قواعدها كلها في أماكنها الأصلية. أما الأعمدة وتيجانها فلم يتبق منها سوي القليل إذ نقل بعضها إلي فرانكفورت ونقل البعض الآخر إلي المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية, وأطلق علي المدينة اسم المدينة الرخامية. بدء أفول أخبار المدينة الرخامية في عهد البابا يوساب الأول (831 - 850م) البطريرك 52, أرسل أحد الخلفاء مبعوثا إلي مصر لاستحضار كميات من الأعمدة والألواح الرخامية لاستعمالها في مباني بغداد. ولما وصل هذا المبعوث إلي مصر وأرشده البعض إلي كنيسة مارمينا بمريوط, وبالفعل أخرج من البيعة الرخام الملون ومختلف أنواع البلاط الذي ليس له نظير في الروعة والإبداع. لكن هذه الأفعال لم تقض علي عمارة الكنيسة, وظلت الكنيسة قائمة حتي القرن الثالث عشر. لكن عوامل الشر تكاثرت عليها فيما بعد وإذ برمال الصحراء تغمرها في نطاق كثيف من الصمت والكتمان حتي تمكنت بعثة فرانكفورت الأثرية بقيادة الأسقف كارل - ماريا كاوفمان إلي الكشف عنها في عام 1905م. قصة اكتشاف المدينة المقدسة في عام 1905 بدأت أحداثها في 7 يوليو 1905, فبعد مسيرة 30 يوما علي ظهر الإبل في دروب الصحراء الليبية وصلت البعثة الاستكشافية الآتية من وادي النطرون بقيادة الأسقف كارل - ماريا كاوفمان (1872 - 1951) ومساعده إيوالد فولز مخترقة صحراء أولاد علي, إلي مجمع آثار بومنا (أي أبو مينا), عادوا بعدها إلي المعسكر وهم مجهدون, خائرو الهمة, معتقدين أنهم فشلوا في بلوغ هدفهم. وأقاموا مدة يومين في خيام يرفرف عليها العلمان المصري والألماني والتي وضعتها الحكومة المصرية تحت تصرفهم. قابلت البعثة العديد من الأطلال التي لم تمسسها يد قط في كرم أبو مينا. وعندما سقط كاوفمان مريضا في معسكر أبو مينا أهداه أحد أفراد قبيلة أبو علي شقفات أوستراكات عثر عليها أثناء تجواله لأول مرة في منطقة الآثار, فاعتقد كاوفمان أن هذا يؤدي إلي احتمال اكتشاف آثار أبو مينا. وقد تعزز هذا الاحتمال عندما أهداه صبي بدوي قنينة (قارورة) عليها كتابات يونانية ثم قاده إلي المكان الذي عثر عليها فيه وكان عبارة عن بقايا فرن لعمل الفخار. وهنا كان اكتشاف المنطقة الأثرية. وكانت ضخامة المدينة التي عثروا عليها قد فاقت كل توقعاتهم. وقد جاءت فرحتهم بالاكتشاف عقب الحالة السيئة التي كانوا عليها, وعلي الفور أسرعوا بقدر الإمكان بعمل الرسومات الكروكية للمنطقة والتقاط بعض الصور الفوتوغرافية. قوارير القديس مينا مثلت قوارير المياه أهمية خاصة لحجاج المنطقة المقدسة, فقد كان هذا الماء المقدس يهب الشفاء, ويحمله الزائرون إلي أرجاء الأرض, أما عبارات البركة المكتوبة علي هذه القوارير فكانت أشهرها عبارة القديس مينا, وقد تم العثور علي إحدي هذه القوارير في بلدة سميرنا (أزمير) مكتوبا عليها بيت من الشعر السداسي باللغة اليونانية يقول: خذ من الماء المقدس للقديس مينا... وسوف تغادرك كل الأوجاع. كانت بعض هذه القوارير مزودة بجزء للصب وبها فلتر (شباك) مثل أوعية الماء المسامية المصرية (القلة) علي وجه التحديد. نظرا لضخامة عدد القوارير, فقد تم تقسيمها إلي 81 مجموعة متنوعة الحجم, منها 18 مجموعة ذات حجم كبير, 63 مجموعة أصغر حجما. النوع الأكبر من القوارير يتراوح ارتفاعه بين 14 - 16 سم وقطره 10 - 16 سم. تعددت أشكال القديس علي القارورة فمنها نجد القديس واقفا في وضع الصلاة وعلي جانبيه جملان, في أحيان قليلة حمل الوجه الآخر للقارورة صورة القديسة تكلا. انتشرت قوارير القديس مينا في أنحاء كثيرة من العالم القديم, في آرل وغيرها في سيسيليا (صقلية), وسردينيا وإيطاليا واليونان ومصر وجزر الأرخبيل وآسيا الصغري, والقديس شارل في مرسيليا وشمال أفريقيا. أما مدينة آرل كانت الاستثناء في أوربا الغربية حيث عثر في أرضها علي كثير من قوارير البركة الخاصة بالقديس مينا وهي محفوظة بمتحفها الآن. الرهبنة في دير مارمينا لقد مرت رهبنة القديس مينا بثلاث حقبات مهمة, الحقبة الأولي كانت في بداءة اكتشاف جسد القديس مينا وذيوع سيرته العطرة في بداية القرن الخامس الميلادي, اندفع كثير من الشباب وذهب يتعبد في ذلك المكان المقدس. وفي سيرة القديسة إيلارية يذكر لنا التاريخ أنها عندما وصلت إلي الإسكندرية مضت لزيارة كنيسة القديس بطرس خاتم الشهداء ورافقها أحد الشمامسة إلي برية أنبا مقار, وأثناء ذهابهم مروا علي دير القديس مينا وتباركوا من المكان ثم واصلوا سيرهم إلي دير أنبا مقار, كما أن هناك سبعة رهبان من دير القديس مينا حملوا شعلة الإيمان إلي أيرلندة وبالتحديد بمدينة بلفاست وأطلق علي المنطقة التي تواجدوا بها بالمدينة باسم بلي مينا أي مدينة مينا. والحلقة الثانية تبدأ بعد خراب المدينة في عصر الدولة العباسية (أوخر القرن التاسع - أوائل القرن العاشر) بدأ الدير يزدهر من جديد في عصر البابا شنودة الأول (859 - 880م) البطريرك 55, والحقبة الثالثة تبدأ في عصر البابا كيرلس السادس (1959 - 1971) البطريرك 116 الذي حول القفر إلي مكان ترتفع فيه الصلوات اليومية طوال النهار علي المذابح المقدسة ثم استكمل قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك 117 (أطال الرب في عمر قداسته) ذلك العمل الذي بدأه سلفه البابا كيرلس السادس. الزيارات الأولي للدير الأثري في القرن العشرين كانت المبادرة الأولي لزيارة الدير الأثري بمنطقة مريوط من جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية والتي تأسست في نوفمبر 1945 وذلك بالزيارة التي قامت بها في يوم الجمعة 15 مارس 1946, وكانت الزيارة تضم أ.د. عزيز سوريال عطية, أ.د. لبيب حبشي, أ. بانوب حبشي (رئيس الجمعية), د.منير شكري (وكيل الجمعية), د. جيمس دريشر (مؤلف كتاب آبا مينا الذي اهتمت بطبعه جمعية الآثار القبطية بالقاهرة). الزيارة الثانية قام بها رهبان دير السريان العامر بوادي النطرون في يوم الأحد 24 نوفمبر 1957 برئاسة الأنبا ثاؤفيلس أسقف ورئيس الدير وكانت تضم في عضويتها الراهب أنطونيوس السرياني (حاليا قداسة البابا شنودة الثالث). وفي يوم الجمعة 26 يونية 1959 قام قداسة البابا كيرلس السادس بأول زيارة له للمدينة الأثرية بعد جلوسه علي الكرسي المرقسي في 10 مايو 1959 وأقام قداسا إلهيا بالمنطقة الأثرية ثم توجه بعد ذلك لزيارة قبر القديس مينا. وضع حجر أساس دير مارمينا بمريوط في الصباح الباكر من يوم الجمعة 27 نوفمبر 1959 تحرك موكب البابا كيرلس السادس من الدار البطريركية بالقاهرة تتبعه 12 سيارة ميني باص و20 سيارة خاصة تحمل 600 راكب من الرجال والسيدات والأطفال إلي كنيسة مارمينا الأثرية بمريوط,وفي نفس الوقت قام من الإسكندرية عدد من سيارات الأتوبيس وبعض السيارات الخاصة حيث كانت هناك سيارة أتوبيس تضم أعضاء جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية وأسرهم وشمامسة كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك,وسيارة أخري تضم كهنة وشعب الكنيسة المرقسية,وسيارة ثالثة تضم كهنة وشعب وشمامسة ومرتل كنيسة مارمينا بفلمنج. السرادق الذي أقيم بالمنطقة الأثرية أشرفت علي إقامته جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية, وضع فيه نحو 1000 كرسي خشبي كما أعد في مقدمة السرادق إلي ناحية الشرق مائدة كبيرة فوق مذبح كنيسة أركاديوس الذي أقامه البابا ثاؤفيلس. بعد أن أدي قداسة البابا كيرلس السادس صلاة القداس الإلهي يحف به المطارنة والأساقفة وكهنة القاهرة والإسكندرية وكفر الدوار, توجه قداسته إلي مكان إرساء حجر الأساس حيث وضع بيده المباركة حجر أساس الدير الحديث ليبدأ عصر جديد في تاريخ تلك البقعة المقدسة. ولس غريبا أن يتجه قداسة بابا الإسكندرية إلي البناء والتعمير, فيعيد لبلاده عمرانها,ولكنيسته مجدها. وكانت الحكومة المصرية قد رحبت بطلب قداسته وصرحت إدارة تعمير الصحراء لغبطته أن يعيد تشييد دير القديس مينا حامي برية مريوط علي أرض مساحتها 15 فداناو زادت بعد ذلك إلي 50 فدانا ثم 100 فدان. فبعد 1700 سنة (17 قرنا) تجددت أسوار المدينة عندما وضع البابا البطريرك الأنبا كيرلس السادس حجر الأساس للكنيسة والدير. البابا شنودة الثالث ودير مارمينا بمريوط في 14 نوفمبر 1971 جلس البابا شنودة الثالث علي كرسي القديس مرقس, ولم يمض أكثر من أسبوعين وبالتحديد يوم الجمعة 26 نوفمبر 1971 حتي توجه قداسته إلي دير مارمينا بمريوط ورأس صلوات القداس الإلهي بالدير, وأطلع الشعب علي وصية البابا كيرلس السادس التي ذكر فيها طلبه بدفنه برحاب صحراء مريوط, وأشرف قداسته علي بناء المقبرة الخاصة بالبابا كيرلس السادس. وفي يوم الجمعة 26 نوفمبر 1976 ذهب قداسته لتفقد البناء في الكاتدرائية الكبري بالدير تلك التي كان قد وضع حجر أساسها قداسة البابا كيرلس السادس في 24 نوفمبر 1961 ورأس قداسته صلوات القداس الإلهي كما بدأ قداسته يهتم ببناء قلالي جديدة لتستوعب العدد المتزايد من طالبي الرهبنة بالدير. في أحد العنصرة 25 مايو 1980 قام قداسته بسيامة القمص مينا آفا مينا أسقفا ورئيسا للدير باسم الأنبا مينا آفا مينا, وبذلك أسس قداسة البابا شنودة أول مركز أسقفي بالدير. في 30 يناير 1996 - في تذكار نياحة القديس أنبا أنطونيوس أب الرهبان - قام قداسة البابا شنودة الثالث بإلباس الأنبا مينا آفا مينا الإسكيم المقدس (قميص من الجلد به 12 صليبا) تقديرا لنسكه وجهاده وتعبه وذلك بالكاتدرائية المرقسية الكبري بالعباسية بالقاهرة. في 11 ديسمبر 1996 تنيح الأنبا مينا آفا مينا وكان قداسة البابا شنودة الثالث في زيارة رعوية للولايات المتحدة الأمريكية فأناب عنه الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا ليرأس الصلاة الجنائزية,وفور عودة قداسته يوم السبت 21 ديسمبر 1996, توجه في صباح اليوم التالي إلي دير مارمينا بمريوط حيث اجتمع بالآباء رهبان الدير لتعزيتهم في رحيل راعيهم ومدبرهم المحبوب نيافة الأنبا مينا آفا مينا. ومنذ ذلك الوقت اعتاد قداسته زيارة الدير شهريا للوقوف علي حال الآباء الرهبان وحركة التعمير في الدير, إلي أن وقع اختيار قداسته - وبموافقة مجمع رهبان الدير - علي الراهب كيرلس آفا مينا ليكون رئيسا للدير فتمت سيامته في 15 يونية 2003, باسم الأنبا كيرلس آفا مينا. في 10 يناير 2005 قام قداسته بتدشين الكاتدرائية الكبري بدير القديس مارمينا وتحت عنوان (يوم حافل وسعيد بدير القديس مينا... تدشين الكاتدرائية وسيامة آباء كهنة ورهبان) سجل قداسته بعدد مجلة الكرازة الصادر بتاريخ الجمعة 14 يناير 2005 تفاصيل ذلك الحدث التاريخي في تاريخ دير القديس مينا بمريوط. رأس قداسته صلاة القداس الإلهي بالكنيسة الكبري بالدير وحضر الصلاة حوالي 5000 نفس, اكتظت بهم الكنيسة والسرادق المقام. منذ عام 1980 وحتي عام 2009 أقام قداسته من بين رهبان دير القديس مينا ثمانية رهبان في درجة الأسقفية في إيبارشيات مختلفة والأسقفيات العامة. وهكذا يصل بنا المطاف إلي نهاية الرحلة التاريخية التي سجلناها بمناسبة احتفالنا بمرور سبعة عشر قرنا علي استشهاد القديس مينا, وخمسين عاما علي وضع حجر أساس الدير الحديث بمريوط. مراجع المقال: الكتاب التذكاري بمناسبتي مرور سبعة عشر قرنا علي استشهاد القديس مينا, واليوبيل الذهبي لوضع حجر أساس دير مارمينا بمريوط - إعداد: د. مينا بديع عبد الملك - إصدار: جمعية مارمينا العجايبي بمريوط (نوفمبر 2009). |