رحلة حبيب إبراهيم العادلي ليصبح زيراً الداخلية فى حكم مبارك
الملازم أول حبيب إبراهيم العادلي من مواليد 1 مارس 1938 ، تخرج من كلية الشرطة للمرة الأولي عام 1961 حاملا علي كتفيه دبورة ، تعرف علي العمل الشرطي من خلال الأمن العام. عمل في مناصب عدة خارج جهاز مباحث أمن الدولة الوليد وقتها. فبعد أشهر قليلة في جهاز الأمن العام حصل علي فرقة البحث الجنائي عام 1963، ثم واصل عمله في الأمن العام حتي حصل علي فرقة البحث عن جريمة التي نظمها المركز القومي للدراسات الجنائية عام 1966.
حصل حبيب العادلي علي دورة مكثفة في مباحث أمن الدولة. خاصة بعد أن فرقت صراعات السلطة الرعيل الأول للجهاز فذهب النبوي إسماعيل- أحد المؤسسين - لمباحث السكك الحديدية، والسيد فهمي لمباحث الإسكندرية ومنها إلي أمن الدولة. ولم يبق من الجميع سوي أشخاص رأت السلطة في ذلك الوقت وجوب إبعادهم عن سير الأمور الأكثر حساسية.
حصل العادلي علي فرقة أمن الدولة والتحق بالعمل بها عام 1966 بعد حصوله علي دورة البحث عن جريمة بقليل.
وشارك العادلي في صنع أحداث كانت فيما بعد سبيله للترقي. فبعد حركة التصحيح التي قادها أنور السادات بعد وفاة عبد الناصر في 15 مايو 1971
ظل عمل العادلي علي ملف التيارات اليسارية والناصرية لفترة طويلة. بعدها ونظرا لتقلب السياسات الأمنية أكثر من مرة في عهد السادات أوكل الملف إلي السيد فهمي -أصبح وزيرا للداخلية فيما بعد - ولم يجد العادلي سوي ملف الجامعات ليكون ضمن فريق العمل عليه. فكان أحد الذين رسموا خطط التعامل الأمني مع طلاب جامعات أسيوط والقاهرة وعين شمس. وواحدًا من 8 ضباط كلفوا رسميا من ممدوح سالم -وزير الداخلية وقتها -بمتابعة نمو التيارات الدينية في الجامعات خاصة. في ذلك الوقت كانت الدولة ترسل إشارات واضحة لعدد من رموز التيارات الدينية من بينهم عمر التلمساني مرشد الإخوان المسلمين لعقد صفقات تترك لهم فيها الدولة حدودا معينة مقابل أن يقضوا هم بأنفسهم علي اليساريين والناصريين.
وكان نجم العادلي كضابط أمن دولة محترف يمتلك مهارات رأت الدولة في ذلك الوقت، أنها مفيدة. فكان أحد ضباط أمن الدولة المسئولين عن منطقة وسط الصعيد تحت رئاسة اللواء زكي بدر - أصبح وزيرا للداخلية فيما بعد -حيث كان العادلي مسئولا عن متابعة تحركات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد في مركزي مغاغة بالمنيا والفشن ببني سويف.
وبعد حادثة المنصة الإرهابية وجدت الدولة نفسها محشورة بين مطرقة الجماعات التي توحشت والداخلية التي فقدت ثقتها بنفسها خاصة بعد استيلاء الجماعة الإسلامية علي أسيوط في 8 أكتوبر 1981. في ذلك الوقت كان قرار الدولة هو إعادة تدريب الضباط الكبار ليرسموا سياسات أمنية تزيح الخطر عن الرئيس الجديد الذي شاهد سلفه مقتولا بالرصاص.
في 1982 اختارت الداخلية العادلي ضمن 5 ضباط آخرين لمهام لم يعلن عنها. واكتفت البيانات الرسمية بالتنويه إلي إعارة ضباط مصريين للعمل في وزارة الخارجية دون تحديد مهام معينة كان من بينهم العادلي الذي اختفي من جهاز أمن الدولة فجأة لمدة عامين حتي ظهر بعدها في أواخر 1984 في نفس الجهاز ولكن برتبة أعلي واتصال مباشر مع القصر الرئاسي.
في ذلك الوقت كان التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية والدولة المصرية يجري علي قدم وساق لحماية أمن الرئيس الجديد. ولم تمر سوي أشهر قليلة حتي وجد العادلي نفسه علي رأس قائمة من الضباط المطلوبين للسفر فورا للتدريب في الولايات المتحدة الأمريكية علي فنون إدارة الأزمات أمنيا. وهي الدورة نفسها التي شملت ضباطا باكستانيين وسعوديين ومغاربة عام 1985. ليعود العادلي وقد أصبح اسمه مرادفا للنفوذ في وزارة الداخلية ويرأس فريقا خاصًا يتصل مباشرة بالرئاسة ويتابع معها أدق التفاصيل.
ترقي حبيب العادلي إلي درجة مساعد وزير داخلية برتبة لواء عام 1993 وصعد سريعا من مساعد وزير الداخلية لشئون أمن القناة وسيناء إلي منصب مدير أمن القاهرة ثم مساعد أول وزير الداخلية للقاهرة الكبري والمنطقة المركزية وبعدها ترقي مباشرة ليصبح مديرا لجهاز أمن الدولة في 5 فبراير 1996 بتزكية خاصة من الرئاسة في وزارة حسن الألفي خاصة بعد اشتعال المواجهات بين الدولة والجماعات المسلحة.
في منصبه الجديد كمدير لجهاز أمن الدولة وضع العادلي عدة خطط لتأمين المواكب الحكومية، فكان أحد المسئولين عن تأمين موكب رئيسه الوزير الذي تعرض لأكثر من 5 محاولات اغتيال فاشلة. وتولي تأمين عدد من الوزراء والشخصيات المهمة تعرض منهم عاطف صدقي للاغتيال مرتين وقتل رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب في محاولة اغتيال أخري.
لم يكن تأمين المواكب هو مسئولية العادلي فقط. فالملف الأهم كان تأمين المدن - خاصة في الصعيد - من هجمات متتالية تشنها الجماعات الإرهابية. فوضع العادلي خططًا كثيرة لتأمين المناطق المهددة من قبل الجماعات. فأنشأ 108 نقاط أمنية بطول طريق القاهرة أسوان الزراعي، وفي عهد إدارته لأمن الدولة شهدت مصر أكبر موجة اعتقالات في تاريخها فحسب ممدوح إسماعيل محامي الجماعات الإسلامية فإن عدد المعتقلين من أبناء الجماعة الإسلامية والمشتبه في انتمائهم إليها بلغ 60 ألف معتقل في الوقت الذي كان العادلي يدير الجهاز.
تبني العادلي أيضا فكرة إنشاء السجون شديدة الحراسة علي الطريقة الأمريكية. فكان أول من طالب بإيفاد ضباط أمن الدولة ومهندسين ضباطًا للولايات المتحدة كي يدرسوا طرق إنشاء السجون وتأمينها خاصة بعد الهجمات المتتالية التي طالت سجون الصعيد خاصة في أسيوط.
ففي عهده سواء كمدير لأمن القاهرة تم تحصين سجون منطقة طرة وإضافة عنابر شديدة الحراسة كتجربة إليها. وفي عهده كمدير لجهاز أمن الدولة تطورت الفكرة فظهرت سجون دمو والعقرب والوادي الجديد. وامتدت خارطة السجون لتشمل مصر كلها من الإسكندرية إلي أسوان.
خطط العادلي وتحركاته كانت مثار قلق وزير الداخلية في ذلك الوقت حسن الألفي. فالوزير كان وافدا جديدا علي هذه الخطط الأمنية فهو في النهاية ضابط مباحث أموال عامة لا علاقة له برسم استراتيجيات كبري. وفي الوقت الذي اختار فيه الألفي المواجهة المباشرة والتصعيد الدائم. قرر العادلي تقديم نموذج مخالف لوزيره واضعا قصر الرئاسة في الصورة. كان التنافس في ذلك الوقت بين المساعد والوزير يصب في مصلحة الرئيس الذي وجد نفسه محاطا بجنرالات كل مهمتهم تأمينه وحكمه.
و في 17 نوفمبر 1997 بعد هجوم خلايا نائمة لإحدي الجماعات الإسلامية علي قافلة سياحية في الأقصر خرج الألفي من الوزارة وأتي مكانه العادلي وزيراً للداخلية .