Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

اليهود وبيع وشراء منصب رئيس الكهنة اثناء الثورة المكابية

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
Untitled 7901
Untitled 7902
السيمونية وإبنا هارون والنار الغريبة
الهرطقة السيمونية وقورح وأتباعه
Untitled 7905
Untitled 7906
Untitled 7907
اليهود وبيع وشراء منصب رئيس الكهنة
بطرس وسيمون الساحر
Untitled 7910
Untitled 7911
Untitled 7912
Untitled 7913

 

اليهود وبيع وشراء منصب رئيس الكهنة
أثناء الثورة المكابية بقيادة يوناثان ( 160 - 143 ق. م ) ضد الحكام السلوقيين ديمتريوس الأول واسكندر بالاس

ولكي تستضيء أمامنا النبوَّات في هذا السفر نعود قليلاً إلى الوراء لنشرح حالة رؤساء الكهنة الثلاثة الذين تعيَّنوا بواسطة السلطات في هذه الحقبة، والذين هم موضوع النبوَّات في الأصحاحات العاشر والحادي عشر والثالث عشر من سفر زكريا.
عندما اعتلى أنطيوخس إبيفانس العرش في صيف سنة 175 ق.م كان أونياس الثالث رئيساً للكهنة وكان معيَّناً وممسوحاً من قبل الرب، وكان له أخ شرير اسمه “ياسون” الذي قدَّم رشوة كبيرة جداً للملك فتعيَّن رئيساً للكهنة بدلاً من أخيه  أونياس الذي عُزل ( 2مك 4 : 7و8)   وكان هذا الإجراء بمثابة جرح بليغ أصاب قلب اليهود الأمناء لشريعتهم وناموسهم. ولكن شيعة اليهود اليونانيين الذين كان منهم رؤساء كثيرون متركزون في أُورشليم، رحبوا جدا بهذا الأجراء لأن ياسون كان مشجعا لسياستهم وآرائهم وثقافتهم كواحد منهم  ولكن منلاوس، وهو من غير بيت رؤساء الكهنة، قدَّم رشوة أكبر فحظى برئاسة الكهنوت ( 172 ق.م) بعد أن عزل الملك رئيس الكهنة ياسون ( 2مك 4: 23و 24)  ، وقد كان ياسون رأساً لشيعة اليهود المنتمين لسوريا وكان مركزهم أيضاً أُورشليم، ومن هنا بدأ العداء يستحكم بين يهود أُورشليم وكافة اليهود المستوطنين في البلاد الأخرى، وظل مستمراً حتى أيام يهوذا المكابي.
وقد ازداد التوتر جداً بين شيعة اليهود اليونانيين وبقية اليهود لماَّ عيَّن الملك ديمتريوس الأول بعد مقتل منلاوس شخصاً يُدعى الكيمُس (يواقيم) سنة 162ق.م وكان أيضاً رأساً لنفس الشيعة الموالية لسوريا. ولم يطق اليهود الوطنيون أنيقبلوا هذا الوضع، فبدأوا الحرب ضد (يواقيم) وحلفائه السوريين الذين كانوا بقيادة نكانور ثم بكِّيديس من بعده سنة 160 ق.م. وقد ذبح الكيمُس الكثيرين من بني جنسه حول الهيكل نفسه، ولكن لم يتمتع الكيمُس بانتصاراته لأنه مات بعد يهوذا المكابي بسنة واحدة ( 159 ق.م).
وهذا الصراع الداخلي بين يهود ويهود، وبين رعاة مأجورين ورعية حزينة مبدَّدة كان هو الصورة التي طغت على كافة الحوادث الخارجية الأخرى من حروب وانتصارات وانكسارات وذلك من وجهة النظر الروحية.
وسفر المكابيين الثاني يأتي ويصف هذه الحوادث على مسرح التاريخ كيف تمَّ بالحرف الواحد:
+ وكان ليسيماكُس في المدينة قد سلب بإغراء منلاوس (رئيس الكهنة) كثيراً  من مال الأقداس فذاع الخبر في الخارج ... وأُقيم الحكم في هذه الأمور على
منلاوس. فلمَّا قَدِمَ الملك إلى صور أرسلت المشيخة ثلاثة رجال فرفعوا عليه الدعوى، وإذ رأى منلاوس أنه مغلوب وعد بطلماوس بمالٍ جزيل ليستميل
الملك، ... فحكم لمنلاوس (رئيس الكهنة) الذي هو علَّة الشر كله بالبراءة مما شكُي به، وقضى بالموت على أُولئك المساكين الذين لو رفعوا دعواهم إلى
الأسكوتيين لحُكِمَ لهم بالبراءة. ولم يلبث
أولئك المحاجون  عن المدينة والشعب والأقداس أن حل بهم العقاب الجائر فشقَّ هذا التعدِّي حتى على الصوريين وبذلوا نفقات دفنهم بسخاء!! واستقر منلاوس في الرئاسة بِشَرِّ ذوي الأحكامِ وكان لا يزداد إلاَّ خبثاً، ولم يزل لأهل وطنه كميناً مُهلكاً " (2 مك 4: 39- 50)
ويستمر سفر المكابيين الثاني يصف لنا أعمال رئيس الكهنة السابق
“ياسون” الذي عزله أنطيوخس:
+ وأرجف قوم أن أنطيوخس (الملك) قد مات، فاتخذ ياسون جيشاً ليس بأقل من ألف نفسٍ وهجم على المدينة (أورشليم) بغتةً، فلمَّا دفع الذين على الأسوار وأوشك أن يأخذ المدينة هرب منلاوس إلى القلعة. فطفق ياسون (رئيس الكهنة السابق) يذبح أهل وطنه بغير رحمة ... لكنه لم يَحُزِ الرئاسة وإنما أحاق به أخيراً خزي كيدهِ فهرب ثانية إلى أرض بني عمون ... (ولكن) أرتاس زعيم العرب طرده فجعل يفرُّ من مدينةٍ إلى مدينةٍ
والجميع ينبذونه ويبغضونه بغضةَ مَن ارتدَّ عن الشريعة ويمقتونه مقت مَنْ هو قاتل لأهل وطنه حتى دُحِرَ إلى مصر (حيث كان أنطيوخس إبيفانس يقود حملة هناك). فلمَّا بلغت الملك (أنطيوخس في مصر) هذه الحوادث تم اليهود بالانتقاض عليه فزحف من مصر وقد تنمَّر في قلبه وأخذ المدينة (أُورشليم) عنوةً، وأمر الجنود أن يقتلوا كل مَنْ صادفوه دون رحمة ويذبحوا المختبئين في البيوت ... فهلك ثمانون ألف نفس في ثلاثة أيام، منهم أربعون ألف نفس في المعركة. وبيع منهم عدد ليس بأقل من القتلى. ولم يكتف بذلك بل اجترأ ودخل الهيكل وكان دليله منلاوس الخائن (2 مك 5: 5- 16)  للشريعة والوطن وأخذ الآنية المقدَّسة ومضى

ويعود أيضاً سفر المكابيين يصف أعمال رئيس الكهنة الثالث الكيمُس (يواقيم):
+ وكان الكيمُس يجهد في تولي الكهنوت الأعظم، واجتمع إليه جميع المفسدين في الشعب واستولوا على أرض يهوذا وضربوا إسرائيل ضربة عظيمة، ورأى يهوذا جميع الشر الذي صنعه الكيمُس ومَنْ معه في بني إسرائيل وكان فوق ما صنعت الأُمم (1مك 7: 21- 23)
 وسفر المكابيين أن الكيمُس مات بالشلل فعلاً F ويقرِّر المؤرِّخ يوسيفوس  Josephus, Antiq. XII, X, 6.
كقول الرب:
+ في ذلك الزمان ضُرب الكيمُس فكفَّ عن صنيعه، وانعقد لسانه وأصابه الفالج، ولم يعد يستطيع أن ينطق بكلمة واحدة ولا أن يوصي لبنيه، ومات الكيمُس في ذلك الزمان في عذاب شديد (1مك 9: 55- 56)

ولم يفت سفر زكريا أن يشير إلى النزاع التقليدي الكبير والطويل الأمد الذي قام بين اليهود المستوطنين أو الوطنيين وبين بني إسرائيل الذين تغرَّبوا واختلطوا باليونان وصاروا غير أمناء بالنسبة للشريعة وبالنسبة للوطن أيضاً:
+ ثم قصفت عصاي الأخرى (المسمَّاه) حبالاً (أي الاتحاد) لأنقض لإخاء بين يهوذا وإسرائيل ( زك 14:11 )
وهكذا نرى صدق وانطباق نبوَّة زكريا على عصر المكابيين بوضوح ما بعده وضوح، وكأن زكريا كان شاهد عيان. وهذا يقودنا إلى الجزء الباقي من النبوَّة التي تخص ذلك العصر بالضرورة، وهي من أهم وأخطر النبوَّات التي  أزاغت فكر كثيرين من المسيحيين واليه ود في العصور الحالية  بانها تخص بحوادث مستقبلية ينتظروها في المستقبل لعودة إسرائيل. وهذا الخطأ ناشيء من الجهل بمجريات التاريخ وحوادثه التي تمَّت بالفعل، كما هو ناشيء أيضاً من الجهل بأن كافة النبوات كانت تمهِّد للمسيح، وقد تمتَّ وانتهت بالفعل بمجيء المسيح. أمَّا المسئول عن حوادث ما بعد المسيح فهو المسيح وحده لأن المسيح هو " روح النبوَّة" (رؤ 10:19 ). والمسيح لم يُشر قط إلى أي تحركات ستتم بواسطته في
الأُمم أو في إسرائيل عند مجيئه، بل كل ما قاله إنه سيجيء كالبرق الخاطف في استعلانه الواضح.
ومما يزيد هذا الأمر وضوحاً أنه بعد استتباب السلام بعد انتصارات يوناثان وتعاهده مع روما ومع ديمتريوس الثاني، أنه قسَّم بلاد فلسطين من أقصاها بين إخوته، فأخذ سمعان الولاية على المنطقة " من عقبة صور حتى حدود مصر جنوباً(1مك 59:11 )، فكان ذلك بمثابة دعوة تشجيع لكافة المستوطنين في مصر للعودة إلى بلادهم، وحكم يوناثان كافة المنطقة الشرقية من سوريا شمالاً حتى أدومية مع شرق الأُردن، وكان هذا أيضاً بمثابة دعوة لعودة اليهود الذين
تشتتوا في سوريا. هذا بالإضافة إلى أن يهوذا المكابي كان قد أرسل بعثات سابقاً إلى كافة اليهود المستوطنين في بلاد ﻣﻣُ ﻣُُﻢﺠا ﻢﺠا ﻢﺠا لاورة الذين كانوا واقعين تحت
الضغوط والاضطهاد، وذلك لمساعدة وإنقاذ مواطنيهم وأحضروهم إلى  اليهودية
   Polybius, XXXI: 9:1., Josephus, Antiq VIII, 5.

ويذكر سفر المكابيين مقدار فرح اليهود العائدين من أدومية وجلعاد وشرق بهذا لكلام:

 


ﻷنرد ﻷُنرد ﻷُنرد ﻷُنرد ﻷُنرد ﻷُنرد بُذا اﻬ ﻬ ﻬﻬ ﻬ ﻬ

ثم عبروا الأُردن إلى السهل العظيم قبالة بيت باشان. وكان يهوذا يجمع المتخلِّفين ويشجِّع الشعب طول الطريق حتى وصلوا إلى أرض يهوذا،
فصعدوا جبل صهيون بسرور وابتهاج وقدَّموا المحرقات لأجل أنه لم يسقط  أحدٌ منهم حتى رجعوا بسلام (1مك 5: 52 و 53)
ويذكر سفر المكابيين كثرة اليهود العائدين من مواضع عديدة من الشمال و من الجنوب:
وانطلق سمعان إلى الجليل وناصب الأُمم حروباً كثيرة فانكسرت الأُمم من وجههِ فتتبَّعهم إلى باب بطلمايس (عكا)، فسقط من الأُمم ثلاثة آلاف رجل وسلب غنائمهم وأخذ الذين في الجليل وعربات مع النساء والأولاد وكل ما كان لهم وجاء بهم إلى اليهودية بسرور عظيم (1مك 5: 21- 23)
+ وجمع يهوذا كل ما كان من إسرائيل في أرض جلعاد صغيرهم وكبيرهم  ونساءهم وأولادهم جيشا عظيما جدا لينصرف بهم إلى أرض يهوذا (1مك 5: 45)
ولم يفت سفر المكابيين أيضاً أن ينبه الأذهان إلى حادثة انكسار جيش المكابيين الذي لم يكن بقيادة أحد من أولاد المكابيين، لأن النصرة في كافة حروبهم واستعادة بني إسرائيل من الأُمم إلى مواطنهم لم تكن بالقوة والحماس، وإنما كانت عملاً إلهياً وخلاصاً من قبل الرب:

 


فانكسر يوسف وعزاريا فتتبعوهما إلى حدود اليهودية وسقط في ذلك اليوم من شعب إسرائيل ألفا رَجُلٍ. وكانت في شعب إسرائيل حَطْمَةٌ عظيمة ذلك لأنهما لم يسمعا ليهوذا المكابى وأخوته ظنا منهما بأنهما يبديان حماسة ، إلا انهما لم يكونا من نسب أولئك الرجال الذين أُوتوا خلاص إسرائيل على أيديهم (1مك 5: 60- 62)
هذه الحقائق التاريخية تنطبق تمام اً على نبوَّة زكريا، وتوضِّح زمن عودة بني إسرائيل المشتتين وسبب رجوعهم وكيفية رجوعهم، بل والأماكن أيضاً التي رجعوا منها بصورة واضحة لا تقبل الشك، غير أن رجوعهم لم يكن نهائياً إذ تبقَّى كثيرون في كل أنحاء الممالك في الأُمم، وذلك ليمهدوا للإيمان بالمسيح، لأن اليهود في كل مدينة كانوا أول مَنْ تقبَّل الإيمان بالمسيح.
 أمَّا بخصوص تتميم قول النبوَّة " ويُخفض كبرياء أشور ويزول قضيب مصر »زك 11:10 )، فيختص بزوال أداة الحكم نفسه وهي سلطة البطالسة في مصروسلطة السلوقيين في سوريا. فلو علمنا أن اليهودية وقعت أولاً تحت حكم البطالسة الذين كان مركزهم مصر، ثم عادت فوقعت تحت سلطة السلوقيين الذين كان مركزهم سوريا، وأن البطالسة أساءوا معاملة اليهود جداً وثقَّلوا عليهم الضرائب (
14 ) [ إن أشد جوانب الحكم البطليموسي تعسُّفاً وجوراً هو صلابة وإلحاح النظام الضرائبي الذي كانت تهتم به الرئاسات
.(Cambridge Ancient History, vol. VII, p.  ]  كما أساء السلوقيون استخدام سلطتهم، لعرفنا لماذا خصَّت النبوَّة هاتين السلطتين الغاشمتين بالزوال والإنهيار جزاءً لما لحق اليهود من جورهم 􀄔وتعسُّفهم.
والملاحَظ أيضاً أن النبوَّة خصَّت مصر بزوال قضيب الحكم منها فقط، أمَّا أشور فخصَّتها بخفض كبريائها هي نفسها، وذلك لأن مصر كانت تكره جداً
حكم البطالسة كما تكرههم اليهودية تماماً، أمَّا أشور فكانت معتزة بحكم الأشوريين وتصاهرت مع اليونان وتبنت سلطانهم وسطوتهم وجبروتهم

 

This site was last updated 08/17/17