Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

القديس حبيب جرجس رائد النهضة القبطية

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
رسائل البابا يوساب
مجلة مدارس الأحد والسيمونية
حبيب جرجس رائد النهضة القبطية

 

القديس حبيب جرجس رائد النهضة القبطية 1876 – 1951
بقلم : ياسر يوسف غبريال
جاء المسيح ليتبعه العاديين والعامة ولتبدأ دعوته بأربعة من الصيادين ..أناس عاديون جدا.. دعاهم ليتبعوه .. وقد كان . .لم يكن لديهم شيء ليقدموه . سوى أنفسهم .. لم يكونوا أغنياء ..أو ذوى حظوة أو مكانة .. بل كما نقول ارزقية ..يعملون لطعام اليوم . .دون ثروة متراكمة أو مكانة اجتماعية مرموقة .. ولكنه اختارهم ليحملوا رسالته للعالم كله ..
وعندما أراد الله أن يفتقد الكنيسة القبطية ليعيد لها بهائها ذاكرا أتعابها وجهادها .. كان هناك قلب مهيأ لتلقى الرسالة .. شاب عادى جدا بقياس عصره .. لم يكن من الأعيان ..أو سليل لأسرة كهنوتية .. كي يرث كهنوت أبيه ..ولم يكن غنيا لديه مالا يسنده .. وكانت النهضة الكنسية القبطية في نهاية القرن التاسع عشر مازالت تحبو في ظل ميراث تاريخي مؤلم وهجمة طائفية من الكاثوليك والبروتستانت .. وكانت البذار التي بذرها البابا كيرلس الرابع .. مازالت في طور الإزهار وقليلا منها قد أثمر والكثير أطاحت به الرياح .. وعندما تطلع الرب ونظر إلى كنيسته.. وجد شابا يافعا .. حرث قلبه جيدا بكلمة الله والغيرة المقدسة ..
وكان هذا الشاب هو : حبيب جرجس ..
كان يحمل قلب رسول وروح تلميذ حقيقي ..
في سن صغيرة جدا كان يشعر بنداء داخلي انه من سيحمل على عاتقه مهمة النهضة بالكنيسة القبطية عن طريق النهضة بالاكليريكية الوليدة ( مدرسة تعليم خدام الكنيسة والكهنة ) والتعليم بصفة عامة ..
كان أبوه هو الخواجة جرجس منقريوس رجل بسيط ولكنه متعلم .. مثله مثل كثير من اقباط الطبقة الوسطي في تلك الأيام .. لم يكن يملك أرضا ولا مال .. كان يرتكز على وظيفته الميرى في تربية حبيب وأخوته.. أما الوظيفة فكانت في مديرية الداخلية في قلم إلغاء الرق .. وكان الرجل البسيط حريصا على أن يعلم أولاده .. متأثرا بالنهضة التي أوجدها البابا كيرلس أبو الإصلاح .. وعندما تم إلغاء هذا القلم أحيل الأب للمعاش المبكر ثم توفى في عام 1882 عن عمر خمس وأربعين عاما وتولت الأم الفاضلة تربية الأولاد في خوف الله كأي أم مصرية ترجو الخير لأولادها ..
لم يلتفت حبيب جرجس إلى الظلام من حوله إلا لشيء واحد .. هل تعرفون ما هو ؟؟ ليقضى عليه .. ليس بالجدال والمحاربات ولكن بالعمل الايجابي وكان دوما يردد إن من الخطايا الكبرى : اليأس !!
ولذلك لم يلتفت كثيرا للحروب والمضايقات و ظل حاملا النير طيلة أيام غربته ..
في ذلك الوقت في نهاية القرن التاسع عشر كانت الكنيسة قد بدأت تنفض عن ثوبها ما علق به من أتربة القرون المظلمة .. وكان البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح( 1854- 1861) قد خطا خطوات وثابة في مجال النهضة .. فتح المدارس وعلم البنات واستقبل المطبعة بالألحان الكنيسة .. وبدأ ينظر في مسألة تعليم الكهنة .. ولكنه انتقل كشهيد قبل أن تكتمل خيوط الحلم لتصير واقعا ..
والتقط الخيط حبيب جرجس وخدام كثيرون ولكن حبيب جرجس كان بينهم الرائد الأول والمعلم الأول والمكرس الأول ..
أدرك حبيب جرجس بتعمقه في تاريخ كنيسته إن النهضة الحقيقية تبدأ من التعليم .. وله قول مشهور : " إن التعليم ثاني حاجة للشعوب بعد الخبز " ..
لقد التحق بالاكليريكة مع عدد كبير بعد نهاية دراسته الثانوية .. ومع كل عام يمر ينقص العدد حتى بقى وحده !!
وكانت المدرسة تعانى فليس هناك مدرس للدين !! ولا يوجد من يصلح .. فالتفتت الأنظار إلى حبيب وكان تلميذا في السنة النهائية .. وعين أستاذا للدين وهو طالبا وكان ذلك عام 1899ومن وقتها سار في طريقه لا يلتفت للوراء إلا ليتزود من تراث الأجداد وهذه سطور قليلة من سجل أعماله لخدمة الكنيسة والوطن التعليم الاكليريكى :
تولى رئاسة المدرسة الاكليريكية منذ عام 1918 ولمدة 33 عاما واستطاع بجهود غير عادية أن ينقلها من غياهب القرون الوسطي إلى مستوى يليق بكنيسة الإسكندرية ومدرستها القديمة .. ووضع لها مناهجها( أكثر من 18 مادة مابين دين ولغات وعلوم وأدب وفلسفة ) واختار أساتذتها من أفضل العناصر الموجودة وجال بالقطر المصر كله يجمع التبرعات من اجل المدرسة الوليدة .. وقام بشراء المنازل المحيطة بالمدرسة القديمة في حي مهشمة حتى أصبحت المساحة 5399 مترا مربعا وأسس لجوار المدرسة كنيسة لتكون مقرا للتدريب العملي لكهنة المستقبل وعندما أراد إدخال الكهرباء للمدرسة بذل في ذلك جهدا كبيرا حتى تمكن من إدخال الكهرباء لحى الشرابية كله !!
أسس القسم الجامعي بالكلية الاكليريكية عام 1945 .. فالتحق به شباب الأقباط ومنهم الأطباء والمهندسون والمدرسون بعد إن كان مجرد التفكير في دخول الاكليريكية يستوجب البكاء والتبكيت من الأهل والمعارف ..
وكان خريجي أول دفعة أربعة كان أولهم .. نظير جيد الذي هو الآن قداسة البابا شنودة الثالث ..
فهل يمكننا أن نقول عن حبيب جرجس انه معلم البطاركة والأساقفة ..
*******
تذكار #المعلم_حبيب_جرجس
١) حينما رفض حبيب جرجس تعيين قسيس انجليزي بالاكليريكية !

في عام 1947 اراد بعض اعضاء المجلس الملي تعيين قسيس انجليزي ليدرس اللغة اليونانية لطلاب الاكليريكية وكان امرا عجيبا لاختلاف العقيدة وقتها قال المؤيدين ...دا هيعلم لغة بس مش اكتر وهينور طريق الطلاب للغة اليونانية ...وقتها كان مدير المدرسة القديس حبيب جرجس معلم الجيل ولما رأي ما يحدث جمع اساتذة المدرسة وناقشوا الامر ورأوا فيه خطورة شديدة علي الكنيسة القبطية وكتبوا خطابا مفصلا للمجلس الملي وللمجمع المقدس واوضحوا ان سوف يعلم لغة يونانية لكنه قد يستغل وظيفته لنقل مفاهيمه العقائدية للطلاب ومن فقرات الخطاب التاريخي ننقل لكم التالي ونضعها امام ضمير كل مسئول
(( قد صرنا حياري في هذه الاجراءات المتتالية لادخال روح الثقافة الانجيلزية في الاكليريكية ولا يغني ان يقال ان هذا الراعي الاسقفي لا يدرس غير اللغة اليونانية القديمة لان هذه اللغة هي لغة الانجيل واصل علم اللاهوت فلاشك في انه يمكن ان يؤول النصوص تأويلا خاصا ( اي يشرح من وجهة نظر كنيسته )
ومع شعورنا باهمية اللغة اليونانية نسائل المجلس الملي لماذا لم يتجه في ذلك وجهة اخري وهو يعلم ان بالاكليريكية استاذا هو يسي عبد المسيح يقوم بتدريس هذه اللغة وهو كفء قدير وله خبرة واسعة بتدريسها كما انه ملم بعدة لغات اخري وسبق ان درس بالجامعة المصرية القديمة اللغات الثلاث اليونانية القديمة والقبطية والهيروغلفية
ونحن كمسئولين امام الله والكنيسة في كل الاجيال نأبي كل الاباء ( اي نرفض ) ان يقوم بتدريس هذه المادة احد رعاة الكنيسة الاسقفية اننا نؤمن ان رجال مجلسنا حريصون علي قبطيتهم وحريصون علي ايمانهم وعقيدتهم وحريصون بالتالي علي ان يحفظوا للاكليريكية استقلالها الديني
اننا جد مؤمنين بحقنا في هذه القضية وهي قضية الكنيسة القبطية وقضية العشرين قرنا التي سخلتها في جهادها من اجل الحق الذي تؤمن به ونحن نناشدكم بان تقولوا قولكم وتعملوا بما يرضي ضميركم صونا لكرامة الكنيسة وذودا عن شرفها وسمعتها واستقلال ايمانها))
ونجح المعلم حبيب جرجس في منع تعيين القسيس الانجليزي وكان البابا يوساب الثاني مؤيدا له في كل خطوة للحفاظ علي الكنيسة ونقاء تعاليمها
٢) المعلم ينور الشرابية !
كان المعلم الاول لكنيستنا القديس حبيب جرجس مهتما جدا بتطوير المدرسة الاكليريكة وكان يحفر في الصخر .. يعمل وحده .. لا مال ولا دعم واخذ علي عاتقه ان يجعل المدرسة اللاهوتية مصباح للنور والتنوير في عصر كان من يعظ ارتجاليا يعتبر علامة عصره ..بعد ان بني القديس حبيب مبني كبيرا للكلية الاكليريكية في حي مهشمة وارفقه بكنيسة لكي يصلي بها الطلاب ويتدربون علي الوعظ والخدمة وجد حبيب ان المكان ينقصه الكهرباء وكان ذلك في اواخر عشرينات القرن الماضي فقام بجمع سبعين توقيع من اهالي مهشمة والشرابية لكي يدخل لهم النور وتم رفض الطلب ثلاثة مرات فذهب القديس الي شركة الكهرباء ومعه احد البكوات فقالوا له ان توصيل الكهرباء للحي يتكلف 400 جنيه .. قال حبيب وانا مستعد ان ادفعهم .. ودا كان مبلغ كبير جدا وقتها .. ولما راي مدير الشركة حماسه قبل دعوته وزار المدرسة التي كانت تعد فخمة جدا وقتها وبها قاعات للدرس واماكن لسكن الطلاب وقال له لو انت دفعت مبلغ 400 جنيه سيكون خط كهرباء الشرابية باسمك وهذا لا يجوز .. وبعد ايام وصله طلب من شركة الكهرباء ان يحضر وسيدفع فقط مبلغ 9 جنيه ثمن توصيل الكهرباء للمدرسة والكنيسة وهكذا بفضل تعب معلمنا حبيب جرجس دخلت الكهرباء حي الشرابية ومهشمة
صلواتك يا معلمنا يا من انرت طريق الكنيسة في عصرنا بالتعليم الصحيح
المصدر : #عضمةزرقا - ياسر يوسف
*****
تعليم الأطفال الصغار الذين هم مستقبل الكنيسة وسر وجودها فأسس مدارس الأحد القبطية عام 1900 كامتداد لتراث التعليم في الكنيسة القبطية .. وليس نقلا عن الغرب كما يردد البعض .. فرغم الجهل المنتشر وقتها إلا أن القبطي كان دوما يعلم أولاده على قدر المستطاع وكان من أهم أهداف مدراس الأحد إلى جانب تعليم الأطفال دينهم .. هو بث الروح القومية في الأطفال وتأصيل حب الوطن والولاء له ..
بدأت مدراس الأحد بأعداد قليلة وكانت أبواب الكنائس تغلق في وجه الخدام !! ولم يكن هناك مناهج أو معلمين فكان حبيب جرجس أول من وضع مناهج لمدارس الأحد وإننا نعجب الآن عندما نتصفح هذه المناهج التي وضعها بطريقة السؤال والجواب ودعمها بالقصص ووسائل الإيضاح والترانيم والمراجع .. حتى الصور التي توزع على الأولاد طبعها في ألمانيا !!
وعندما أدرك حاجة الخدام إلى من يعلمهم أسس ما نطلق عليه الآن إعداد خدمة ..
وكان طلبة الاكليريكية يجوبون القطر المصري كارزين بالكلمة .. ومرت السنوات وتأخرت الثمار .. ولم ييأس حبيب جرجس بل استمر في عمله عارفا أن الله هو الذي ينمى .. وأخيرا أنبتت الأرض الجدباء ثمارا . ونتعجب جدا حينما نعرف انه قبيل نياحة حبيب جرجس كان عدد المخدومين حوالي 200 ألف وعدد الخدام نحو عشرة آلاف وامتدت الخدمة في مصر كلها وكذلك إثيوبيا والسودان !!
وصارت مدارس الأحد هي العمود الفقري للكنيسة القبطية ونهضتها .. وتكللت تلك النهضة المباركة بجلوس الأنبا شنودة أسقف التعليم وابن مدارس الأحد على كرسي مارمرقس 1971..
جاهد لمدة تزيد على ربع قرن ليدخل تعليم الدين المسيحي ضمن مقررات المدارس الأميرية .. ونجح في ذلك وساعده الزعيم سعد زغلول حينما تولى إدارة المعارف في عام 1907 وقرر تدريس الدين المسيحي في المدارس وعندما ظهرت مشكلة المناهج . .ظهر حبيب جرجس كالعادة ووضع المناهج المطلوبة واعتمدتها مديرية المعارف أدرك أهمية الكلمة المطبوعة فألف في كل المجالات وألف الترانيم وأصدر مجلة الكرمة لأعوام عدة ومازالت كتبه مثل أسرار الكنيسة وسر التقوى تلهب محبة الله في قلوب الكثيرين ومراجع لاغني عنها في كل مكتبة قبطية وبذكر لنا التاريخ إن البابا كيرلس الخامس كان مدوام الإطلاع على كتاب حبيب الأشهر :" سر التقوى " .
وكان الواعظ في وقت اختفت فيه كلمة الله من على المنابر وكانت العظات مسجوعة وموروثة ومتكررة .. ويذكر لنا التاريخ إن في عظته الأولى وقف البابا كيرلس الخامس ( 1874 – 1927 ) يبارك الحاضرين بصليبه طيلة وقت العظة !! وكان عمر حبيب وقتها لا يتعدى الثلاث والعشرين سنة ..!!
وماذا أيضا ؟؟ لقد جال في بلاد مصر لمدة خمس سنوات يكرز ويبشر ويدافع عن عقيدة الآباء في وقت اشتد فيه الهجوم من الطوائف المختلفة .. مدافعا عن الهوية القبطية والكنيسة الوطنية .. واشترك في تأسيس الجمعيات القبطية .. ولجنة التاريخ القبطي .. ولجنة ترجمة الكتاب المقدس من القبطية وبالفعل أصدر ترجمة قيمة للأناجيل الأربعة .. واشترك في ثلاث دورات للمجلس الملي وكان صوتا للحق دون صخب .. ورمزا للحب دون تهاون .. وكان حبيب جرجس عضوا في لجنة الأحوال الشخصية ولجنة الاكليريكية بالطبع فقد كان مديرها .. وقدم للمجلس مذكرتين في عام ابريل 1936 لإصلاح الكنائس والنهوض بالتعليم .. همه الأول .. وشكره الأعضاء على غيرته.. ولم ينفذوا منها شيئا ..
وكان له مواقفه المعروفة تجاه قضية الطلاق وهو الموقف الذي يتبناه البابا شنودة حاليا .. وعندما وهن عظمه ووجد إن كثير من أحلامه لم تتحقق .. سطر أحلامه في كتابه "الوسائل العملية في الإصلاحات القبطية " ( 1943) لعلها تجد من يؤمن بها وينفذها أو يسير على طريقها ..ولم تمت الأحلام بل ظلت تحلق في سماء الكنيسة حتى تحقق الكثير منها على يد أولاده وهم كثيرين ..
وعلى الرغم مما هو معروف عن الرائد الأول من اعتقاده في التغيير السلمي والبعد عن المعارك الكلامية السائدة في عصره إلا أن كان لا يحيد عن الحق ولا ينهزم للباطل ..
كان حبيب جرجس ثوريا من نوع لا يعرفه العالم .. ينشر السلام ويزرع مستقبل الكنيسة بالزهور . .ولكن عندما يرى من يحاول أن يعوق مسيرة النهضة .. يلقى سيفا ..هو سيف الحق ..
لقد قضى عمره يحمل الصليب .. ولكن عندما يتعلق الأمر بحق الله والكنيسة .. يحمل السوط لئلا يدنس الباعة الهيكل .. ويعثروا قطيع الله .. لم يدخل في مكلمات صحفية .. أو معارك وهمية .. لم يعادى الكنيسة أو قيادتها على مدى ستون عاما .. كان يريد أن يبنى ومن يرد ذلك لا يعرف الهدم وطوبى له ..
إن الكنيسة القبطية تتجدد من داخلها وهى في كل حين تجتاز آلام المخاض .. والمجد لأبناء الألم ..
لم يترك حبيب جرجس مجالا إلا وخدم فيه ..
وسطورنا القليلة لا تقدر أن توفيه اقل القليل ..
ولكن .. ماذا يبقى لنا من سيرة حياته؟؟ ومن روحه النارية ..؟؟
إن الكنيسة في مواجهة العالم ومتغيرات العصر لابد لها من استدعاء نماذج من رجالها المخلصين في كافة العصور ..
ولو عرفنا إن حبيب جرجس كان قريب العهد بنا وخدم الكنيسة قرابة الستون عاما . .وبدأ خدمته والكنيسة تطرق أبواب النهضة باستحياء وتنيح وقد سارت في الدرب وأشرق النور في سبلها ..
ولو عرفنا إن كل رجال الكنيسة المخلصين في كل المجالات كانوا تلاميذ لهذا الرجل .. أو متأثرين بفكره ..
ولو عرفنا انه بدأ والكنيسة ليس بها سوى واعظ واحد وانتقل والوعظ وصل إلى القرى والنجوع والكفور .
لو عرفنا ذلك كله لأدركنا عمن نتحدث .. وتدبرنا سيرة حياته .. واستدعينا فكره لنستكمل مسيرة النهضة ..
وفى 21 أغسطس عام 1951 وبعد جهاد مع المرض وقد ضعف الجسد ولم يحتمل عنفوان الروح انطلق حبيب جرجس من ارض الشقاء بعد أن جاهد وكافح وتألم وعلم وعمل ونقل الكنيسة القبطية من حال إلى حال
**********
قبل ايام ثلاثة من نياحة البابا كيرلس الخامس مثل حبيب جرجس بين يديه ليستأذن منه للذهاب الى الاسكندرية للرياضة الروحية ( الخلوة ) ودخل عليه ووجم عندما وجده راقدا على سريره مغمضا عينيه واضعا يديه على صدره كصليب وظن انه نائم ولكن الخادم الخاص قال له انه مستيقظ وقال للبابا يا سيدنا ان حبيب افندى جرجس هنا ..فانتبه ومد يده ليسلم على شماسه الخاص فقبل حبيب اليد الحانية وكان البابا حاضر الذهن وذو ذاكرة قوية فسأل حبيب : لماذا تأخرت عن موعد سفرك السنوى وانت محتاج للراحة؟ .. فرد حبيب انه جاء ليستأذن فى السفر فدعا له البابا دعوات صالحة وباركه وبعد ثلاثة ايام رقد البابا كيرلس الخامس للرب وهو شبعان ايام .. فعاد حبيب مسرعا ليقبل جبين ويد البابا المتنيح
ويقول فى ذلك حبيب : " فاذ بى اراه كما تركته حيا جبين يشرق بضياء السكينة والاطمئنان "
وقد القى حبيب خطاب التأبين فى الاربعين بالمرقسية بكلوت بك
تحت عنوان : تاج جمال شيبة توجد فى طريق البر ) وربما جال فى فكر حبيب جرجس وقتها كل الاحداث التى شهدها وعاشها مع البابا كيرلس الخامس اكثر من ثلاثين عاما من الخدمة والنهضة والعمل المثمر والسهر والركب المنحنية .. ربما تذكر عندما كان يدخل عليه ويجده منهمكا فى القراءة وعندما يرفع البابا عينيه من الكاتب ويجد شماسه حبيب امامه يتهلل ويقول له ايه الكلام الهايل ده يا مسيو .. ويكتشف حبيب ان البابا يقرأ فى كتاب سر التقوى .. والذى هو درة مؤلفات حبيب جرجس ..يخجل التلميذ ويخفض عينيه
ي

 

This site was last updated 08/17/17