Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

القبلية العربية المتعصبة تضع ألأقباط الذين أسلموا فى مرتبة الخدم والعبيد

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
ستين عاما من العزلة
الأقباط المسلمين عبيد للعرب
حرف ومهن الأقباط وأعمالهم
المقريزى وصفات الأقباط
Untitled 5520
Untitled 5521

فيما يلى ما أورده كتاب صدر في القاهرة عام 1999م، بعنوان‏:‏ هوامش الفتح العربي لمصر، حكايات الدخول كتبته الباحثة سناء المصري - طبعة إشعاع للنشر

************************************************************************************************************************

العنصرية والإضطهاد ضد الأقباط الذين أسلموا وإنعزالهم

رويداً رويدا بمضى الأيام والسنين وتوطيد دعائم الحكم العربى ، كانت الحلقة تضيق حول وضع الأقباط المصريين ، ولم يعد التقسيم الأول بين كونهم أهل ذمة يدفعون الجزية والخراج ، ويعيشون فى معازلهم بعيداً عن العرب ، حاميا ، بل كانوا يتعرضون لضيق حلقة العزلة من حولهم رويدا رويدا ، وكان ضعب الكنيسة يتضح أكثر فأكثر ، بل كان هذا الحصار يدفع الكنائس والرهبان إلى المزيد من ألأنغلاق والجمود ، والدخول فى ظلامية القرون الوسطى ، ويمكن أن نلحظ خط الحضارة القبطية المنحدرة منذ القرن الثامن الميلادى .

ومن جانب آخر ، كان إسلام القبط يعفيهم من بعض المظالم ولكنهم لا يفتح لهم باب الإندماج الكامل فى حياة العرب ، ولا يسمح لهم بحالة التساوى الكامل معهم ، وظل القبطى مداناً ، وكأنه وصمة تطارد صاحبة حتى بعد إعلان إسلامه ، ودخوله الحياة الجديدة فى وضع أدنى مرتبة من السادة ذوى الأصول العربية والعنجهية القبلية.

وقد أثيرت تلك العنصرية السلالية فيما يسمى بقضية أهل الحرس التى شغلت الرأى العام المصرى زمناً طويلاً (158 - 194 هـ )

وأهل الحرس هم جماعة من القبط المصريين الذين أسلم آبائهم لم يتساوا مع العرب فى جميع الأوضاع الإجتماعية ، فكتبوا لأنفسهم نسباً يعود إلى "حوتك" إحدى القبائل العربية

فكتبوا لأنفسهم نسباً يعود إلى "حوتك"، إحدى القبائل العربية من "قضاضة" بالحوف الشرقي، فثارت عنصرية عرب مصر (ورفضوا أن ينتسب غير عربي إليهم. . وتحرش العرب بهؤلاء القوم وآذوهم فجمع أهل الحرس من بينهم نقوداً دفعوها للقاضى العمرى ليثبت لهم نسباً عربياً) وآتوا ببعض أعراب الحوف الشرقى ليشهدوا معهم أن نسبتهم إلى بنى "حوتكة" من "قضاعة" وقبل القاضى شهادة عرب الشام ( وسجل لهم نسباً بذلك ثار عرب مصر وقام الشعراء يهجون القاضى وأهل الحرس) فيقول أحدهم ويدعى يحى الخولانى

ومن أعجب الأشياء أن عصابة من القبط فينا    

وَمِنْ أَعْجَبِ الْأَشْيَاءِ أَنَّ عِصَابَةً ** مِنَ القِبْطِ فِينَا أَصْبَحُوا قَدْ تَعَرَّبُوا

وَقالُوا أَبُونَا حَوْتَكٌ وَأَبُوهُمُ ** مِنَ القِبْطِ عِلْجٌ حَبْلُهُ مُتَذَبْذِبُ

وَجَاءُوا بِأَجْلَافٍ مِنَ الحَوْفِ فادَّعَوْا ** بِأَنَّهُمُ مِنْهُمْ سِفَاهًا وَأَجْلَبُوا

أَلَا لَعَنَ الرَّحمنُ مَنْ كَانَ رَاضِيًا بِهِمْ ** رَغمًا مَا دَامَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ

وفى البيت الثانى ( َحبْلُهُ مُتَذَبْذِبُ ) أى حبل وهو إشارة واضحة إلى أن العرب أجبروا الأقباط على لبس ملابس مميزة حتى يذلوهم  والحبل هو الزنار الذى يربط الرجال وسطهم بهذا الحبل / الزنار بالإضافة إلى أنواع التمييز الأخرى فى اللون ونوع الملابس . وكلمة "علج" كلمة قبيحة تطلق على النساء العاهرات يقول في لسان العرب 2 / 326 :
... و العِلْـج: الرجل من كفَّار العجم،  والأُنثى عِلَـجة ..
 

ويقول آخر "معلى بن المعلى الطائي" موجهاً حديثه للقاضي العمري الذي أثبت لهم هذا النسب العربي

إن كنت قد ألحقتهم                     عرباً فزوِّجهم بناتك

[د/ محمد حسنين كامل : أدب مصر الإسلامية - دار العربى ،ربى، دار الفكر العربى ص 25]

وفى ذلك إشارة إلى استحالة زواج القبطي من المرآة العربية وحتى إذا أسلم القبطي وسقط حاجز اختلاف الدين، فإن الصعوبة أو الاستحالة ظلت قائمة لزمن طويل لتكشف عن العنصرية القبلية وليست العنصرية الدينية فقط.

ويمكننا أن نلمس بعض الاختلاف بين موطن العرب الشماليين والعرب ذوي الأصول الجنوبية بالنسبة لأهل الحرس، فيذكر "الكندي" أن العرب اليمانيّة ومَن ينتمي منهم إلى قبيلة قضاعة بالذات هم الذين وقفوا إلى جانب أهل الحرس واعترفوا لهم بنسب عربي، أو بمعنى آخر لم يكن عندهم غضاضة من قبول فكرة مساواة القبط معهم في شتّى مناحي الحياة وفي إمكانية الاختلاط والانصهار والتزاوج واختلاط الأنساب والتساوي في المجالس وإرتياد أندية العرب ومواضع الشورى لديهم.. خصوصاً وأن بداية التداخل والجوار الحسن قد بدأت بين هؤلاء العرب اليمانيّة الذين كانوا يحتلّون أسفل قاعدة ديوان العطاء ويحصلون على أقل حصص الأموال المستنزَفة من مصر، لأنهم كانوا من الجند ذوي المرتبات الأقل بل والتي أخذت في الانخفاض والتلاشي أكثر فأكثر بفعل تحيّزات الولاة وسوء سياستهم، حتى انتهى الأمر بهؤلاء العرب ذوى الأصول الجنوبية إلى تفضّل الإقامة في المرابع والاشتغال بزراعة الأرض ومجاورة القبط.. ولم يكن لدى هؤلاء العرب ذوي الأصول الجنوبية والمُضارين من عنصرية عرب الشمال غضاضة في التساوي مع أهل الحرس.

وظل الأمر مَثاراً للخلاف والشِجار حتى تولّى القاضي "البكري" أمر القضاء (194- 196 هجرية) ومال إلى رأي عرب الشمال في عدم صحة نسب أهل الحرس، ودعاهم إلى دار القضاء.. ويروي "الكندي" في كتابه "الولاة والقضاة" ص 414 أنهم حينما ذهبوا إليه (أخرج البكري مقراضاً من تحت مصلاه فقطع قضية العمري قال لهم: العرب لا تحتاج إلى كتاب من قاضِ، إن كنتم عرباً فليس ينازعكم أحد).. وألغى البكري حُكم القاضي الذي سبقه ومزَّق الشهادة التي تثبت هذا النسب..

ففرح العرب المتعصِّبون، وأخذ شعراؤهم ينشدون أشعاراً تهجو القبط جميعاً وتُحطّ من شأنهم..

فيقول "معلى الطائي" الذي سبق وسبَّهم بهجاء عموم الأقباط، ونشد يقول..

يا بني البظراءِ (2) موتوا كمداً          واسخنوا عيناً بتخريق السجِل

لو أراد الله أن يجعلكم               من بني العباسِ طُراً لفعِل

لكن الرحمن قد صيّركم             قبط مصر ومن القبط سفِل

كيف يا قبط تكونوا عرباً          وَريَس أصلكم شر الجيل

وقال "يحيى الخولاني"

أشكروا الله على إحسانه           فله الحمد كثيراً والرُغَب

رجع القبط إلى أصلهم             بعد خزي طوّقوه وتعب

ودنانير رشوها قاضياً              جائراً قد كان فينا يغتصب

وقال "طاهر القيسي" يمدح القاضي البكري

ولقد قمعت بني الخبائث عندما      راموا العُلى وتحَوتَكوا وتعرَّبوا

فرددتُهم قبطاً إلى آبائهم             ونسيبَ أصلِهمُ الذي قد غيَّبوا

وتركتهم مثلاً لكل مُلصقِ نسباً      إذا إلتقت المحافل يضربُ

وبعد انتهاء قضية أهل الحرس بنفي أصولهم العربية، لم تهدأ ثائرة العرب ضد أقباط مصر الداخلين في الإسلام بل إحتدَّت النبرة أكثرة من زمن المأمون بعد القضاء على ثورات الحوف الشرقي وقمع قبطها وعربها ذوي الأصول الجنوبية.

قضية الثلاثين رجل من مسلمي القبط

في أثناء ولاية "لهيعة بن عيسى" على القضاء قرَّب منه عدداً من مسلمي القبط وإتّخذ من بعضهم مساعدين له.. فأسند كتابة القضاء إلى "سعيد بن تليد"- وكانت كتابة القضاء في ذلك العهد مَن أسمى ما يصبو إليه الفقهاء، كما إتّخذ شهوداً جعلهم بطانته منهم "معاوية الأسواني" و"سليمان بن برد "وغيرهما في نحو من ثلاثين رجلاً..

مما أثار العرب ضد هذا القاضي وضد مسلمي القبط الداخلين في مجال العمل الفقهي والشرعي أو قدس الأقداس العربي الإسلامي.. ونظم الشعراء القصائد المعبِّرة عن هذا الموقف الجمعي الرافض، وتصاعد سخطهم حتى شمل القبط جميعاً.. وأخذ الشعراء يحطّون من شأن القبط مرة أخرى، كما حدث في قضية الحرس السابقة..

فيقول الشاعر "أبو شبيب أنيس بن دارم"

قبَّح الله زماناً                رَأَس فيه ابن تليد

بعد مقراضِ وخيطِ          وأُبَيراتِ حديد

وأبو الزنباغ خناق          غراميل العبيد

بعد سيفِ خشبى           وسهام من حديد

وابن تدراق الأفا           نين البَليدَينِ التليد

وابن بكار كراكير         وغطّاس الثريد

وأبو الروس المريسى       بن دبّاغ الجلود

واللقيط ابن بكير          نطفهُ القم الطريد

وابن سهم حارس         الجيزة حلوان البريد

عصبة من طينةِ النيلِ      ميامين الخدود

لبسوا بعد التبابين         نفيسات البرود

لازموا المسجد ضلاً      لا من الأمرِ الرشيد

لحوانيتَ بنوها            بفنا كل عمود

وتسوموا وتكنّوا         بعد جُرجِ وشنود

 فالقضية -إذاً-  ليست قضية الإسلام، وليست قضية إختلاف الأديان.. فقد دخل أهل الحرس الإسلام، ودخل الثلاثون رجلاً المحيطين بالقاضى لهيعة بن عيسى الإسلام وأتقنوا اللغة العربية كأبنائها ونبغوا في علوم الفقه والتفسير وغيرها من العلوم العربية وتبنّوا الثقافة العربية قلباً وقالباً، وصاروا نموذج المصري الحامل للعقل العربي الوافد.. ولم يشفع لهم كل هذا، بل أصرَّت الروح القبلية المتعصِّبة على أن تضعهم في مرتبة أدنى.

رغم أن العرب كانوا يسكنون أرض القبط، وينعمون بثروات القبط، ويأكلون مما يزرع القبط.. إلا أن شعراءهم يعبِّرون عن ترفُّع العرب على سائر القبط ومهنهم، وكأنه من المسلَّمات الطبيعية أن يعمل القبط للعرب ويكونون في مرتبة الخدم.. فكيف يخرق القبط هذه النواميس ويزاحمون العرب في مكانتهم الشَرَفية !!!  

**********************************

المراجع

(1) الكتب » كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي » أخبار قُضاة مِصر » عبد الرحمن بْن عبد الله العُمَريّ رقم الحديث: 349 حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف ، قَالَ : أخبرني أَبُو سلَمة ، قَالَ : حَدَّثَنَا يحيى بْن عثمان بْن صالح ، عَن ابن بُكَير ، وابن عُفَير ، قالا : " لم يشهَد أحد من أهل مِصر لأهل الحرَس أنهم من العَرب ، وإنَّما الشهود من بادية الشام ، وحَوْف مِصر " . قَالَ يحيى : وَمِنْ أَعْجَبِ الْأَشْيَاءِ أَنَّ عِصَابَةً مِنَ القِبْطِ فِينَا أَصْبَحُوا قَدْ تَعَرَّبُوا وَقالُوا أَبُونَا حَوْتَكٌ وَأَبُوهُمُ مِنَ القِبْطِ عِلْجٌ حَبْلُهُ مُتَذَبْذِبُ وَجَاءُوا بِأَجْلَافٍ مِنَ الحَوْفِ فادَّعَوْا بِأَنَّهُمُ مِنْهُمْ سِفَاهًا وَأَجْلَبُوا أَلَا لَعَنَ الرَّحمنُ مَنْ كَانَ رَاضِيًا بِهِمْ رَغمًا مَا دَامَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ قَالَ ابن وزير : فأَسجل لهم سِجِلًّا بتثبيت أنسابهم إلى حَوْتَكة ، فكان أهل الحرَس يُطيفون بالعُمَريّ مَعَ زَكَريَّاء بْن يحيى كاتبه ، يغدون إذا غدا ، ويروحون إذا راح

(2) (وهو عرق بظر المرأة )

This site was last updated 10/08/11