Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة اثنتين وثمانين ومائتين سنة ثلاث وثمانين ومائتين

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة278 وسنة288 وسنة279
سنة280 وسنة281
سنة282 وسنة283
سنة284 وسنة285 وسنة286
سنة287
سنة289

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

حوادث سنة اثنتين وثمانين ومائتين
ذكر النيروز المعتضدي

فيها أمر المعتضد بالكتابة إلى الأعمال كلها جميعها بترك افتتاح الخراج في النيروز العجمي، وتأخير ذلك إلى الحادي عشر من حزيران، وسماه النيروز المعتضدي، وأنشئت الكتب بذلك من الموصل، والمعتضد بهأن وأراد بذلك الترفيه عن الناس، والرفق بهم.
ذكر قصد حمدان وانهزامه
وعوده إلى الطاعة
في هذه السنة كتب المعتضد إلى إسحاق بن أيوب، وحمدان بن حمدون، بالمسير إليه، وهوفي الموصل، فبادر إسحاق، وتحصن حمدان بقلاعه، وأودع أمواله وحرمه، فسير المعتضد الجيوش نحوه مع وصيف موشكير، ونصر القشوري، وغيرهمأن فصادفوا الحسن بن علي كورة وأصحابه متحصنين بموضع يعرف بدير الزعفران، من أرض الموصل.
وفيها وصل الحسين بن حمدان بن حمدون، فلما رأى الحسين أوائل العسكر طلب الأمان، فأمن، وسير إلى المعتضد، وسلم القلعة، فأمر المعتضد بهدمهأن وسار وصيف في طلب حمدان، وكان بباسورين، فواقعه وصيف، وقتل من أصحابه جماعة، وانهزم حمدان في زورق كان له في دجلة، وحمل معه مالاً كان له، وعبر إلى الجانب الغربي من دجلة، فصار في ديار ربيعة.
وعبر نفر من الجند، فاقتصوا أثره، حتى أشرفوا على دير قد نزله، فلما رآهم هرب، وترك ماله، فأخذ وأتي به المعتضد، وسار أولئك في طلب حمدان، فضاقت عليه الأرض، فقصد خيمة إسحاق بن أيوب، وهومع المعتضد، واستجار به، فأحضره إسحاق عند المعتضد، فأمر بالاحتفاظ به، وتتابع رؤساء الأكراد في طلب الامان، وكان ذلك في المحرم.
ذكر انهزام هارون الخارجي من عسكر الموصل
كان المعتضد بالله قد خلف بالموصل نصراً القشوري يجبي الأموال ويعين العمال على جبايتهأن فخرج عامل معلثايا إليها ومعه جماعة من أصحاب نصر، فوقع عليهم طائفة من الخوارج، فاقتتلوا إلى أن أدركهم الليل وفرق بينهم، وقتل من الخوارج إنسان اسمه جعفر، وهومن أعيان أصحاب هارون، فعظم عليه قتله، وأمر أصحابه بالإفساد في البلاد.
فكتب نصر القشوري إلى هارون الخارجي كتاباً يتهدده بقرب الخليفة، وأنه إن هم به أهلكه وأهلك أصحابه، وأنه لا يغتر بمن سار إلى حربه، فعاد عنه بمكر وخديعة، فكتب إليه هارون كتاباً منه: أما ما ذكرت ممن أراد قصدي، ورجع عني، فإنهم لما رأوا جدنا واجتهادنا كانوا بإذن الله فراشاً متتابعأن وقصباً أجوف، ومن صبر لنا منهم ما زاد على الاستتار بالحيطان، ونحن على فرسخ منهم، وما غرك إلا ما أصبت به صاحبنأن فظننت أن دمه مطلول أوأن وتره متروك لك، كلا إن الله تعالى من ورائك، وآخذ بناصيتك، ومعين على إدراك الحق منك، ولم تعيرنا بغيرك وتدع أن يكون ذلك إبداء صفحتك، وإظهار عداوتك؟ وإنا كما قيل:
فلا توعدونا باللقاء وأبرزوا ... إلينا سواداً نلقه بسواد (3/347)
ولعمر الله ما ندعوإلى البراز ثقة بأنفسنأن ولا عن ظن أن الحول والقوة لنأن لكن ثقة بربنأن واعتماداً على جميل عوائده عندنا.
وأما ما ذكرت من أمر سلطانك، فإن سلطانك لا يزال منا قريبأن وبحالنا عالمأن فلا قدم أجلاً ولا أخره، ولا بسط رزقاً ولا قبضه قد بعثنا على مقابلتك، وستعلم عن قريب إن شاء الله تعالى.
فعرض نصر كتاب هارون على المعتضد، فجد في قصده، وولى الحسن بن علي كورة الموصل، وأمره بقصد الخوارج، وأمر مقدمي الولايات والأعمال كافة بطاعته، فجمعهم، وسار إلى أعمال الموصل، وخندق على نفسه، وأقام إلى أن رفع الناس غلاتهم، ثم سار إلى الخوارج، وعبر الزاب إليهم، فلقيهم قريباً من المغلة، وتصافوا للحرب، فاقتلوا قتالاً شديدأن وانكشف الخوارج عنه ليفرقوا جمعيته ثم يعطفوا عليه، فأمر الحسن أصحابه بلزوم مواقفهم، ففعلوأن فرجع الخوارج وحملوا عليهم سبع عشرة حملة، فانكشفت ميمنة الحسن، وقتل من أصحابه، وثبت هو، فحمل الخوارج عليه حملة رجل واحد، فثبت لهم وضرب على رأسه عدة ضربات فلم تؤثر فيه.
فلما رأى أصحابه ثباته تراجعوا إليه وصبروأن فانهزم الخوارج أقبح هزيمة وقتل منهم خلق كثير، وفارقوا موضع المعركة، ودخلوا أذربيجان.
وأما هارون فإنه تحير في أمره، وقصد البرية، ونزل عند بني تغلب، ثم عاد إلى معلثايأن ثم عاد إلى البرية، ثم رجع عبر دجلة إلى حزة، وعاد إلى البرية.
وأما وجوه أصحابه، فإنهم لما رأوا إقبال دولة المعتضد وقوته، وما لحقهم في هذه الوقعة، راسلوا المعتضد يطلبون الأمان فأمنهم، فأتاه كثير منهم، يبلغون ثلاثمائة وستين رجلأن وبقي معه بعضهم يجول بهم في البلاد، إلى أن قتل سنة ثلاث وثمانين على ما نذكره.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة في ربيع الأول قبض على تكتمر بن طاشتمر، وقيد وأخذ ماله؛ وكان أميراً على الموصل، واستعمل بعده عليها الحسن بن علي الخراساني، ويعرف بكورة.
وفيها قدم ابن الجصاص بابنة خمارويه، زوجة المعتضد، ومعها أحد عمومتها، وكان المعتضد بالموصل.
وفيها عاد المعتضد إلى بغداد، وزفت إليه ابنة خمارويه في ربيع الآخر.
وفيها سار المعتضد إلى الجبل، فبلغ الكرج، وأخذ أموالاً لابن أبي دلف، وكتب إلى عمروبن عبد العزيز يطلب منه جوهراً كان عنده، فوجه به إليه، وتنحى من بين يديه.
وفيها أطلق لؤلؤ غلام ابن طولون، وحمل على دواب وبغال.
وفيها وجه يوسف بن أبي الساج إلى الصيمرة مدداً لفتح القلانسي، غلام الموفق، فهرب يوسف فيمن أطاعه إلى أخيه محمد بمراغة، ولقي مالاً للمعتضد فأخذه، فقال في ذلك عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:
إمام الهدى أنصاركم آل طاهر ... بلا سبب تخفون والدهر يذهب
وقد خلطوا شكراً بصبر ورابطوا ... وغيرهم يعطي ويجبي ويهرب
وفيها وجه المعتضد وزيره عبيد الله بن سليمان إلى ابنه الري وعاد منها.
وفيها وجه محمد بن زيد العلوي من طبرستان إلى محمد بن ورد العطار باثنين وثلاثين ألف دينار ليفرقها على أهل بيته ببغداد، والكوفة، والمدينة، فسعي به إلى المعتضد، فأحضر محمد عنه بدر، وسئل عن ذلك، فأقر أنه يوجه إليه كل سنة مثل ذلك، ففرقه، وأنهى بدر إلى المعتضد ذلك، فقال له المعتضد: أما تذكر الرؤيا التي خبرتك بها؟ قال: لا ، يا أمير المؤمنين؛ قال: رأيت في النوم كأني أريد ناحية انهروان، وأنا في جيشي، إذ مررت برجل واقف على تل يصلي ولا يلتفت إلي، فعجبت، فلما فرغ من صلاته قال لي: أقبل، قأقبلت إليه، فقال لي: أتعرفني؟ قلت: لا! قال: أنا علي بن أبي طالب، خذ هذه فاضرب بها الأرض، بمسحاة بين يديه، فأخذتهأن فضربت بها ضربات، فقال لي: إنه سيلي من ولدك هذا الأمر بعدد الضربات، فأوصهم بولدي خيراً.
وأمر بدراً بإطلاق المال والرجل، وأمره أن يكتب إلى صاحبه بطبرستان أن يوجه ما يريد ظاهرأن وأن يفرق ما يأتيه ظاهرأن وتقدم بمعونته على ذلك.
وفيها توفي أبوطلحة منصور ين مسلم في حبس المعتضد.
وفيها ولدت جارية اسمها شغب للمعتضد ولداً سماه جعفرأن وهوالمقتدر.
وفيها قتل خمارويه بن احمد بن طولون، ذبحه بعض خدمه على فراشه في ذي الحجة بدمشق، وقتل من خدمه الذين اتهموا نيف وعشرون نفساً. (3/348)
وكان سبب قتله أنه سعى إليه بعض الناس وقال له إن جواري داره قد اتخذت كل واحدة منهم خصيأن من خصيان داره، لها كالزوج، وقال: إن شئت أن تعلم صحة ذلك فأحضر بعض الجواري فاضربهأن وقررهأن حتى تعلم صحة ذلك. فبعث من وقته إلى نائبه بمصر يأمره بإحضار عدة من الجواري ليعلم الحال منهن، فاجتمع جماعة من الخدم، قرروا بينهم الاتفاق على قتله، خوفاً من ظهور ما قيل له، وكانوا خاصته، فذبحوه ليلاً وهربوا.
فلما قتل اجتمع القواد وأجلسوا ابنه جيش بن خمارويه في الإمارة، وكان معه بدمشق، وهوأكبر ولده، فبايعوه ففرقت فيهم الأموال، وكان صبياً غراً.
وفيها توفي عثمان بن سعيد بن خالد أبوسعيد الداري، الفقيه الشافعي، أخذ الفقه عن البويطي صاحب الشافعي، والأجرب عن ابن الأعرابي.
وفيها توفي أبوحنيفة أحمد بن داود الدينوري اللغوي صاحب كتاب النبات وغيره.
وفيها توفي الحارث بن أبي أسامة، وله مسند يروى غالباً في زماننا هذا؛ وأبوالعيناء محمد بن القاسم وكان يروي عن الأصمعي.


حوادث سنة ثلاث وثمانين ومائتين
ذكر الظفر بهارون الخارجي

في هذه السنة سار المعتضد إلى الموصل بسبب هارون الشاري وظفر به.
وسبب الظفر به أنه وصل إلى تكريت وأقام بهأن وأحضر الحسين بن حمدان التغلبي وسيره في طلب هارون بن عبد الله الخارجي في جماعة من الفرسان والرجالة، فقال له الحسين: إن أنا جئت به فلي ثلاث حوائج عند أمير المؤمنين؛ قال: اذكرها! قال: إحداهن إطلاق أبي، وحاجتان أذكرهما بعد مجيئي به. فقال له المعتضد: لك ذلك. فانتخب ثلاثمائة فارس، وسار بهم، معهم وصيف بن موشكير، فقال به الحسين: تأمره بطاعتي، يا أمير المؤمنين. فأمره بذلك.
وسار بهم الحسين حتى انتهى إلى مخاضة في دجلة، فقال الحسين لوصيف ولمن معه: ليقفوا هناك، فإنه ليس له طريق إن هرب غير هذأن فلا تبرحن من هذا الموضع حتى يمر بكم فتمنعوه عن العبور، وأجيء أنأن أويبلغكم أني قتلت.
ومضى حسين في طلب هارون، فلقيه، وواقعه وقتل بينهما قتلى، وأنهزم هارون، وأقام وصيف على المخاضة ثلاثة أيام، فقال له أصحابه: قد طال مقامنأن ولسنا نأمن أن يأخذ حسين الشاري، فيكون له الفتح دوننأن والصواب أن منضي في آثارهم، فأطاعهم ومضى.
وجاء هارون منهزماً إلى موضع المخاضة فعبر، وجاء حسين في أثره، فلم ير وصيفاً وأصحابه في الموضع الذي تركهم فيه، ولا عرف لهم خبرأن فعبر في أثر هارون، وجاء إلى حي من أحياء العرب، فسأل عنه، فكتموه، فتهددهم، فاعلموه أنه اجتاز بهم، فتبعه حتى لحقه بعد أيام، وهارون في نحومائة رجل، فناشده الشاري ووعده، وأبى حسين إلا محاربته، فحاربه، فألقى الحسين نفسه عليه، فأخذه أسيراً وجاء به إلى المعتضد، فانصرف المعتضد إلى بغداد، فوصلها لثمان بقين من ربيع الأول.
وخلع المعتضد على الحسين بن حمدان وطوقه، وخلع على إخوته، وأدخل هارون على الفيل، وأمر المعتضد بحل قيود حمدان بن حمدون والتوسعة عليه والإحسان إليه، ووعد بإطلاقه.
ولما أركبوا هارون على الفيل أرادوا أن يلبسوه ديباجاً مشهرأن فامتنع وقال: هذا لا يحل؛ فألبسوه كارهأن ولما صلب نادى بأعلى صوته: لا حكم إلا لله، ولوم كره المشركون؛ وكان هارون صفرياً.
ذكر عصيان دمشق على جيش بن خمارويه وخلاف جنده عليه وقتله
في هذه السنة خرج جماعة من قواد جيش بن خمارويه عليه، وجاهروا بالمخالفة، وقالوا: لا نرضى بك أميرأن فاعتزلنا حتى نولي عمك الإمارة.
وكان سبب ذلك أنه لما ولي وكان صبياً قرب الأحداث والسفل، وأخلد إلى استماع أقوالهم، فغيروا نيته على قواده وأصحابه، وصار يقع فيهم ويذمهم، ويظهر العزم على الاستبدال بهم، وأخذ نعمهم وأموالهم؛ فاتفقوا عليه ليقتلوه ويقيموا عمه، فبلغه ذلك، فلم يكتمه بل أطلق لسانه فيهم، ففارقه بعضهم، وخلعه طغج بن جف أمير دمشق. (3/349)
وسار القواد الذين فارقوه إلى بغداد، وهم محمد بن إسحاق بن كنداجيق، وخاقان المفلحي وبدر بن جف، أخوطغج،وغيرهم من قواد مصر، فسلكوا البرية، وتركوا أهاليهم وأموالهم، فتاهوا أيامأن ومات من أصحابهم جماعة من العطش، وخرجوا فوق الكوفة بمرحلتين، وقدموا على المعتضد، فخلع عليهم، واحسن إليهم، وبقي سائر الجنود بمصر على خلافهم ابن خمارويه، فسألهم كاتبه علي بن أحمد الماذرائي أن ينصرفوا يومهم ذلك، فرجعوأن فقتل جيش عمين له، وبكر الجند إليه، فرمى بالراسين إليهم، فهجم الجند عليه فقتلوه ونهبوا داره، ونهبوا مصر وأحرقوهأن وأقعدوا أخاه هارون في الإمرة بعده، فكانت ولايته تسعة أشهر.
ذكر حصر الصقالبة القسطنطينية
وفي هذه السنة سارت الصقالبة إلى الروم، فحصروا القسطنطينية، وقتلوا من أهلها خلقاً كثيرأن وخربوا البلاد، فلما لم يجد ملك الروم منهم خلاصاً جمع من عنده من أسارى المسلمين، وأعطاهم السلاح، وسألهم معونته على الصقالبة، ففعلوا وكشفوا الصقالبة وأزاحوهم عن القسطنطينية، ولما رأى ملك الروم ذلك خاف المسلمين على نفسه، فردهم، وأخذ السلاح منهم، وفرقهم في البلاد حذراً من جنايتهم عليه.
ذكر الفداء بين المسلمين والروم
في هذه السنة كان الفداء بين المسلمين والروم، فكان جملة من فدي به من المسلمين الرجال، والنساء، والصبيان، ألفين وخمسمائة وأربعة أنفس.
ذكر الحرب بين عسكر المعتضد وأولاد أبي دلف
وفيها سار عبيد الله بن سليمان إلى عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف بالجبل، فسار عمر إليه بالأمان في شعبان، فأذعن بالطاعة، فخلع عليه وعلى أهل بيته.
وكان قبل ذلك قد دخل بكر بن عبد العزيز بالأمان إلى عبيد الله بن سليمان، وبدر، فولياه عمل أخيه على أن يسير إليه فيحاربه، فلما دخل عمر في الأمان قالا لبكر: إن أخاك قد دخل في الطاعة، وإمنا وليناك عمله على أنه عاص، والمعتضد يفعل في أمركما ما يراه، فامضيا إلى بابه.
وولي النوشري أصبهان، وأظهر أنه من قبل عمر بن عبد العزيز، فهرب بكر بن عبد العزيز، فكتب عبيد الله إلى المعتضد بذلك، فكتب إلى بدر ليقيم بمكانه إلى أن يعرف حال بكر.
وسار الوزير إلى علي بن المعتضد بالري، ولحق بكر بن عبد العزيز بالأهواز، فسير المعتضد إليه وصيف بن موشكير، فسار إليه، فلحقه بحدود فارس، وباتا متقابلين، وارتحل بكر إلى أصبهان ليلأن فلم يتبعه وصيف، بل رجع إلى بغداد، وسار بكر إلى أصبهان، فكتب المعتضد إلى بدر يأمره بطلب بكر وحربه، فأمر بدر عيسى النوشري بذلك، فقال بكر:
عني ملامك ليس حين ملام ... هيهات أجدب زائد الأيام
ظأرت عنايات الصبا عن مفرقي ... ومضى أوان شراستي وغرامي
ألقى الأحبة بالعراق عصيهم ... وبقيت نصب حوادث الأيام
وتقاذفت بأخي النوى ورمت به ... رمي العبيد قطيعة الأرحام
فلأقرعن صفاة دهر نابهم ... قرعاً يهز رواسي الأعلام
ولأضربن الهام دون حريمهم ... ضرب القدار نقيعة القدام
ولأتركن الواردين حياضهم ... بقرارة لمواطئ الأقدام
يا بدر إنك لوشهدت مواقفي ... والموت يلحظ والسيوف دوامي
لذممت رأيك في إضاعة حرمتي ... ولضاق ذرعك في اطراح ذمامي
حركتني بعد السكون وإمنا ... حركت من حصن جبال تهام
وعجمتني فعجمت مني من حمى ... خشن المناكب كل يوم زحام
قل للأمير أبي محمد الذي ... يجلوبغرته دجى الإظلام
أسكنتني ظل العلا فسكنته ... في عيشة رغد وعز نام
حتى إذا خليت عني نابني ... نوب أتت وتنكرت أيامي
فلأشكرن جميل ما أوليتني ... ما غردت في الأيك ورق حمام
هذا أبوحفص يدي وذخيرتي ... للنائبات وعدتي وسنامي
ناديته فأجابني وهززته ... فهززت حد الصارم الصمصام (3/350)
من رام أن يغضي الجفون على القذى ... أويستكين يروم غير مرام
ويخيم حين يرى الأسنة شرعاً ... والبيض مصلتة لضرب الهام
ثم إن النوشري انهزم عن بكر، فقال بكر يذكر هربه، ويعير وصيفاً بالإحجام عنه، ويتهدد بدراً في أبيات منها:
قد أرى النوشري حين التقينا ... من إذا أشرع الرماح يفر
جاء في قسطل لهام فصلنا ... صولة دونها الكماة تهر
ولواء النوشري آثار نار ... رويت عند ذاك بيض وسمر
غر بدراً حلمي وفضل آتاني ... واحتمالي للعبء مما يغر
سوف يأتيه من خيولي قب ... لاحقات البطون جون وشقر
يتنادون كالسعالي عليها ... من بني وائل اسود تكر
لست بكراً إن لم أدعهم حديثاً ... ما سرى كوكب وما كر دهر
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة أمر المعتضد بالكتابة إلى جميع البلدان أن يرد الفاضل من سهام المواريث إلى ذوي الأرحام، وأبطل ديوان المواريث.
وفيهأن في شوال مات علي بن محمد بن أبي الشوارب القاضي، وكانت ولايته لقضاء بمدينة المنصور ستة أشهر.
وفيها قدم عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف بغداد، فأمر المعتضد الناس والقواد باستقباله، وقعد له المعتضد، فدخل عليه، وأكرمه وخلع عليه.
وفيهأن في رمضان، تحارب عمروبن الليث الصفار ورافع بن هرثمة، فانهزم رافع، وكان سبب ذلك أن عمراً فارق نيسابور، فخالفه إليها رافع وملكها وخطب فيها لمحمد بن زيد العلوي، فرجع عمرومن مروإلى نيسابور فحصرهأن فانهزم رافع منهأن ووجه عمروفي طلبه عسكراً فلحقوه بطوس، فانهزم منهم إلى خوارزم، فلحقوه بهأن فقتلوه وأرسلوا رأسه إلى المعتضد، فوصله سنة أربع وثمانين في المحرم، أمر بنصبه ببغداد وخلع على القاصد به.
وفيها مات البحتري الشاعر، واسمه الوليد بن عبادة، بمنبج، أوحلب، وكان مولده سنة ست ومائتين.
وفيها توفي محمد بن سليمان أبوبكر المعروف بابن الباغندي، وأبوالحسن علي بن العباس بن جريج الشاعر المعروف بابن الرومي، وقيل: توفي سنة أربع وثمانين، وديوانه معروف، رحمه الله تعالى.
وفيها توفي سهل بن عبد الله بن يونس بن رفيع السري، ومولده سنة مائتين، وقيل ومائتين.

This site was last updated 07/15/11