Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة ثمان وعشرين ومائتين وسنة ثلاثين ومائتين 

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة220 وخلافة الواثق
سنة228 وسنة229
سنة230
سنة231
سنة232 وموت الواثق

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

حوادث سنة ثمان وعشرين ومائتين
ذكر غزوات المسلمين في جزيرة صقلية

في هذه السنة سار الفضل بن جعفر الهمداني في البحر، فنزل مرسي مسيني، وبث السرايأن فغمنوا غنايم كثيرة، واستأمن إليه أهل نابل وصاروا معه، وقاتل الفضل مدة سنتين واشتد القتال، فلم يقدر على أخذهأن فمضى طايفة من العسكر، واستداروا خلف جبل مطل على المدينة فصعدوا إليه، ونزلوا إلى المدينة وأهل البلد مشغولون بقتال جعفر ومن معه، فلما رأى أهل البلد أن المسلمين دخلوا عليهم من خلفهم، انهزموا وفتح البلد.
وفيها فتحت مدينة مسكان.
وفي سنة تسع وعشرين ومائتين خرج أبوالأغلب العباس بن الفضل في سرية، فبلغ شرة فقاتله أهلها قتالاَ شديدأن فانهزمت الروم، وقتل منها ما يزيد على عشرة آلاف رجل، واستشهد من المسلمين ثلاثة نفر، ولم يكن بصقلية قبلها مثلها.
وفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين حصر الفضل بن جعفر مدينة لنتيني فأخبر الفضل أن أهل لنتيني كاتبوا البطريق الذي بصقلية لينصرهم، فأجابهم، وقال لهم: إن العلامة عند وصولي أن توقد النار ثلاث ليال على الجبل الفلاني، فإذا رأيتم ذلك، ففي اليوم الرابع أصل إليكم، فنجتمع أنا وأنتم على المسلمين بغتة.
فأرسل الفضل من أوقد النار على ذلك الجبل ثلاث ليال، فلما رأى أهل لنتيني الار أخذوا في أمرهم، وأعد الفضل ما ينبغي أن يستعد به وكمن الكمناء، وأمر الذين يحاصرون المدينة أن ينهزموا إلى جهة الكمين، فإذا خرج أهلها عليهم قاتلوهم، فإذا جاوزوا الكمين عطفوا عليهم.
فلما كان اليوم الرابع خرج أهل لنتيني، وقاتلوا المسلمين وهم ينتظرون وصول البطريق، فانهزم المسلمون، واستجروا الروم حتى جاوزوا الكمين، ولم يبق بالبلد أحد إلا خرج؛ فلما جاوزوا الكمين عاد المسلمون عليهم، وخرج الكمين من خلفهم، ووضعوا فيهم السيف، فلم ينج منهم إلا لقليل، فسألوا الأمان على أنفسهم وأموالهم ليسلموا المدينة، فأجابهم المسلمون إلى ذلك وأمنوهم فسلموا المدينة.
وفيها أقام المسلمون بمدينة طارنت من أرض أنكبردة وسكنوها.
وفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وصل عشر شلنديات من الروم، فأرسوا بمرسى الطين، وخرجوا ليغيروأن فضلوا الطريق، فرجعوا خائبين، وركبوا البحر راجعين، فغرق منها سبع قطع.
وفي سنة أربع وثلاثين صالح أهل رغوس، وسلموا المدينة إلى المسلمين بما فيهأن فهدمها المسلمون، واخذوا منها ما أمكن حمله.
وفي سنة خمس وثلاثين سار طائفة من المسلمين إلى مدينة قصريانة، فغمنوا وسلبوا ونهبوا واحرقوا وقتلوا في أهلهأن وكان الأمير على صقلية للمسلمين محمد بن عبد الله بن الأغلب، فتوفي في رجب من سنة ست وثلاثين ومائتين، فكان مقيماً بمدينة بلرم لم يخرج منهأن وإمنا كان يخرج الجيوش والسرايا فتفتح، فتغمن، فكانت إمارته عليها تسع عشرة سنة، والله سبحانه أعلم.
ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن يزيغ
في هذه السنة كانت حرب بين موسى بن موسى عامل تطيلة وبين عسكر عبد الرحمن أمير الأندلس، والمقدم عليهم الحارث بن يزيغ.
وسبب ذلك أن موسى بن موسى كان من أعيان قواد عبد الرحمن، وهوالعامل على مدينة تطيلة، فجرى بينه وبين القواد تحاسد سنة سبع وعشرين، وقد ذكرناه، فعصى موسى بن موسى على عبد الرحمن، فسير إليه جيشأن واستعمل عليهم الحارث بن يزيغ والقواد، فاقتتلوا عند برجة، فقتل كثير من أصحاب موسى، وقتل ابن عم له، وعاد الحارث إلى سرقسطة، فسير موسى ابنه ألب بن موسى إلى برجة، فعاد الحارث إليهأن وحصرها فملكهأن وقتل ابن موسى، وتقدم إلى أبيه فطلبه، فحضر، فصالحه موسى على أن يخرج عنهأن فانتقل موسى إلى أزبيط.
وبقي الحارث يتطلبه أيامأن ثم سار إلى أزبيط، فحصر موسى بهأن فأرسل موسى إلى غرسية، وهومن ملوك الأندلسيين المشركين، واتفقا على الحارث، واجتمعا وجعلا له كماين في طريقه، واتخذ له الخيل والرجال بموضع يقال له بلمسة على نهر هناك، فلما جاء الحارث النهر خرج الكمناء عليه، وأحدقوا به، وجرى معه قتال شديد، وكانت وقعة عظيمة، وأصابه ضربة في وجهه فلقت عينه، ثم أسر في هذه الوقعة.(3/213)
فلما سمع عبد الرحمن خبر هذه الوقعة عظم عليه، فجهز عسكراً كبيرأن واستعمل عليه ابنه محمد، وسيره إلى موسى في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومائتين، وتقدم محمد إلى بنبلونة، فأوقع عندها بجمع كثير من المشركين، وقتل فيها غرسية وكثير من المشركين.
ثم عاد موسى إلى الخلاف على عبد الرحمن، فجهز جيشاً كبيراً وسيرهم إلى موسى، فلما رأى ذلك طلب المسالمة، فأجيب إليهأن وأعطى ابنه إسماعيل رهينة، وولاه عبد الرحمن مدينة تطيلة، فسار موسى إليها فوصلهأن وأخرج كل من يخافه، واستقر فيها.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة أعطى الواثق أشناس تاجاً ووشاحين.
وفيها مات أبوتمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر.
وفيها غلا السعر بطريق مكة، فبلغ الخبز كل رطل بدرهم، وراوية الماء بأربعين درهمأن وأصاب الناس في الموقف حر شديد، ثم أصابهم مطر فيه برد، واشتد البرد عليهم بعد ساعة من ذلك الحر وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة، فقتلت عدة ن الحجاج.
وحج بالناس محمد بن داود.
وفيها توفي عبد الملك بن مالك بن عبد العزيز أبونصر التمار الزاهد، وكان عمره إحدى وتسعين سنة، وكان قد أضر، ومحمد بن عبد الله بن عمر ابن معاوية بن عمروبن عتبة بن أبي سفيان العتبي الأموي البصري أبوعبد الرحمن، وكان عالماً بالأخبار والآداب، وأبوسليمان داود الأشقر السمسار المحدث.
حوادث سنة تسع وعشرين ومائتين
في هذه السنة حبس الواثق الكتاب، وألزمهم أموالاً عظيمة، وأخذ من أحمد بن إسرائيل ثمانين ألف دينار بعد أن ضربه، ومن سليمان بن وهب كاتب إيتاخ أربع مائة ألف دينار، ومن الحسن بن وهب أربعة عشر ألف دينار، ومن إبراهيم بن رياح وكتابه مائة ألف دينار، ومن أحمد بن الخصيب وكتابه ألف ألف دينار، ومن نجاح ستين ألف دينار، ومن أبي الوزير مائة ألف وأربعين ألف دينار.
وكان سبب ذلك أنه جلس ليلة مع أصحابه، فسألهم عن سبب نكبة البرامكة، فحكى له عرود بن عبد العزيز الأنصاري أن جارية لعدول الخياط أراد الرشيد شراءهأن فاشتراها بمائة ألف دينار، وأرسل إلى يحيى ابن خالد أن يعطيه ذلك، فقال يحيى: هذا مفتاح سوء، إذا أخذ ثمن جارية بمائة ألف دينار، فهوأحرى أن يطلب المال على قدر ذلك، فأرسل يحيى إليه: إنني لا أقدر على هذا المال؛ فغضب الرشيد، وأعاد: لا بد منهأن فأرسل يحيى قيمتها دراهم، فأمر أن تجعل على طريق الرشيد ليستكثرهأن ففعل ذلك، فاجتاز الرشيد بهأن فسأل عنهأن فقيل: هذا ثمن الجارية، فاستكثرها فأمر برد الجارية، وقال لخادم له: اضمم إليك هذا المال، واجعل لي بيت مال لأضم إليه ما أريد، وسماه بيت مال العروس، واخذ في التفتيش عن الأموال، فوجد البرامكة قد فرطوا فيها.
وكان يحضر عنده مع سماره رجل يعرف بأبي العود له أدب، فأمر ليلة له بثلاثين ألف درهم، فمطله بها يحيى، فاحتال أبوالعود في تحريض الرشيد على البرامكة وكان قد شاع تغير الرشيد عليهم، فبيمنا هوليلة عند الرشيد يحدثه، وساق الحديث إلى أن أنشده قول عمر بن أبي ربيعة:
وعدت هند، وما كانت تعد ... ليت هنداً أنجزتنا ما تعد
واستبدت مرة واحدة ... إمنا العاجز من لا يستبد
فقال الرشيد: أجل إمنا العاجز من لا يستبد.
وكان يحيى قد اتخذ من خدام الرشيد خادماً يأتيه بأخباره، فعرفه ذلك، فأحضر أبا العود، وأعطاه ثلاثين ألف درهم، ومن عنده عشرين ألف درهم، وأرسل إلى ابنيه الفضل وجعفر، فأعطاه كل واحد منهما عشرين ألفاً؛ وجد الرشيد في أمرهم حتى أخذهم، فقال الواثق: صدق والله جدي، إمنا العاجز من لا يستبد، وأخذ في ذكر الخيانة وما يستحق أهلهأن فلم يمض غير أسبوع حتى نكبهم.
وفيها ولي شيرياسبان لإيتاخ اليمن، وسار إليها.
وفيها تولى محمد بن صالح بن العباس المدينة، وحج بالناس محمد بن داود.
وفيها توفي خلف بن هشام البزار المقرئ في جمادى الأولى. البزار بالزاي المعجمة والراء المهملة.


حوادث سنة ثلاثين ومائتين
ذكر مسير بغا إلى الأعراب

وفي هذه السنة وجه الواثق بغا الكبير إلى الأعراب الذين أغاروا بنواحي المدينة. (3/214)
وكان سبب ذلك أن بني سليم كانت تفسد حول المدينة بالشر، ويأخذون مهما أرادوا من الأسواق بالحجاز بأي سعر أرادوأن وزاد الأمر بهم إلى أن وقعوا بناس من بني كنانة وباهلة، فأصاوهم، وقتلوا بعضهم في جمادى الآخرة من سنة ثلاثين ومائتين، فوجه محمد بن صالح عامل المدينة إليهم حماد بن جرير الطبري، وكان مسلحة لأهل المدينة، في مائتي فارس، وأضاف إليهم جنداً غيرهم، وتبعهم متطوعة، فسار إليهم حماد، فلقيهم بالرويثة، فاقتتلوا قتالاً شديدأن فانهزمت سودان المدينة بالناس، وثبت حماد وأصحابه، وقريش والأنصار، وقاتلوا قتالاً عظيمأن فقتل حماد وعامة أصحابه وعدد صالح من قريش والأنصار، وأخذ بنوسليم الكراع، والسلاح، والثياب، فطعموأن ونهبوا القرى والمناهل ما بين مكة والمدينة، وانقطع الطريق.
فوجه إليهم الواثق بغا الكبير أبا موسى في جمع من الجند، فقدم المدينة في شعبان، فلقيهم ببعض مياه الحرة من رواء السوارقية قريتهم التي يأوون إليهأن وبها حصون، فقتل بغا منهم نحواً من خمسين رجلأن وأسر مثلهم، وانهزم الباقون، وأقام بغا بالسوارقية، ودعاهم إلى الأمان على حكم الواثق، فأتوه متفرقين، فجمعهم، وترك من يعرف بالفساد، وهم زهاء ألف رجل، وخلى سبيل الباقين، وعاد بالأسرى إلى المدينة في ذي العقدة سنة ثلاثين، فحبسهم ثم سار إلى مكة.
فلما قضى حجه سار إلى ذات عرق بعد انقضاء الموسم ،وعرض على بني هلال مثل الذي عرض على بني سليم، فأقبلوأن وأخذ من المفسدين نحواً من ثلاثمائة رجل، وأطلق الباقين، ورجع إلى المدينة، فحبسهم.
ذكر وفاة عبد الله بن طاهر
وفيها مات عبد الله بن طاهر بنيسابور في ربيع الأول، وهوأمير خراسان، وكان إليه الحرب، والشرطة، والسواد، والري، وطبرستان، وكرمان، وخراسان، وما يتصل بها؛ وكان خراج هذه الأعمال، يوم مات، ثمانية وأربعين ألف ألف درهم، وكان عمره ثمانياً وأربعين سنة، وكذلك عمر والده طاهر، واستعمل الواثق على أعماله كلها ابنه طاهر بن عبد الله.
ذكر شيء من سيرة عبد الله بن طاهر
لما ولي عبد الله خراسان استناب بنيسابور محمد بن حميد الطاهري، فبنى داراً وخرج بحائطها في الطريق، فلما قدمها عبد الله جمع الناس، وسألهم عن سيرة محمد، فسكتوأن فقال بعض الحاضرين: سكوتهم يدل على سوء سيرته، فعزله عنهم، وأمره بهدم ما بنى في الطريق.
وكان يقول: ينبغي أن يبذل العلم لأهله وغير أهله، فإن العلم أمنع لنفسه من أن يصير إلى غير أهله.
وكان يقول: سمن الكيس، ونيل الذكر لا يجتمعان أبداً.
وكان له جلساء منهم الفضل بن محمد بن منصور، فاستحضرهم يومأن فحضروأن وتأخر الفضل، ثم حضر، فقال له: أبطأت عني، فقال: كان عندي أصحاب حوائج وأردت دخول الحمام، فأمره عبد الله بدخول حمامه، وأحضر عبد الله الرقاع التي في حقه، فوقع فيها كلها بالإجابة، وأعادهأن ولم يعلم الفضل.
وخرج من الحمام، واشتغلوا يومهم، وبكر أصحاب رقاع إليه، فاعتذر إليهم، فقال بعضهم: أريد رقعتي، فأخرجها ونظر فيهأن فرأى خط عبد الله فيهأن فنظر في الجميع، فرأى خطه فيهأن فقال لأصحابه: خذوا رقاعكم، فقد قضيت حاجاتكم، واشكروا الأمير دوني، فما كان لي فيها سبب. وكان عبد الله أديباً شاعرأن فمن شعره:
إسم من أهواه اسم حسن ... فإذا صحفته فهوحسن
فإذا أسقطت منه فاءه، ... كان نعتاً لهواه المختزن
فإذا أسقطت منه ياءه، ... صار فيه بعض أسباب الفتن
فإذا أسقطت منه راءه، ... صار شيئاً يعتري عند الوسن
فإذا أسقطت منه طاءه، ... صار منه عيش سكان المدين
فسروا هذا فلن يعرفه ... غير من يسبح في بحر الفطن
وهذا الاسم هواسم طريف غلامه.
وكان من أكثر الناس بذلاً للمال مع علم، ومعرفة، وتجربة، واكثر الشعراء في مراثيه، فمن أحسن ما قيل فيه، في ولاية أبيه طاهر، قول أبي الغمر الطبري:
فأيامك الأعياد صارت مآتماً ... وساعاتك الغضبات صارت خواشعا
على أننا لم نفتقدك بطاهر ... وإن كان خطباً يقلق القلب راتعاً
وما كنت إلا الشمس غابت وأطلعت ... على إثرها بدراً على الناس طالعاً (3/215)
وما كنت إلا الطود زال مكانه ... وأثبت في مثواه ركناً مدافعاً
فلولا التقى قلنا تناسختما معاً ... بديعي معان يفضلان البدائعا
ذكر خروج المشركين إلى بلاد المسلمين بالأندلس
في هذه السنة خرج المجوس من أقاصي بلاد الأندلس في البحر إلى بلاد المسلمين، وكان ظهورهم في ذي الحجة سنة تسع وعشرين، عند أشبونة، فأقاموا ثلاثة عشر يومأن بينهم وبين المسلمين بها وقائع، ثم ساروا إلى قادس ثم إلى شدونة، فكان بينهم وبين المسلمين بها وقائع.
ثم ساروا إلى إشبيلية ثامن المحرم، فنزلوا على اثني عشر فرسخاً منهأن فخرج إليهم كثير من المسلمين، فالتقوأن فانهزم المسلمون ثاني عشر المحرم، وقتل كثير منهم، ثم نزلوا على ميلين من إشبيلية، فخرج أهلها إليهم، وقاتلوهم، فانهزم المسلمون رابع عشر المحرم، وكثر القتل والأسر فيهم، ولم ترفع المجوس السيف عن أحد، ولا عن دابة، ودخلوا حاجز إشبيلية وأقاموا به يوماً وليلة وعادوا إلى مراكبهم.
وأقام عسكر عبد الرحمن؛ صاحب البلاد، مع عدة من القواد، فتبادر إليهم المجوس، فثبت المسلمون، وقاتلوهم، فقتل من المشركين سبعون رجلاً وانهزموأن حتى دخلوا مراكبهم، وأحجم المسلمون عنهم؛ فسمع عبد الرحمن، فسير جيشاً آخر غيرهم، فقاتلوا المجوس قتالاً شديدأن فرجع المجوس عنهم، فتبعهم العسكر ثاني ربيع الأول، وقاتلوهم، وأتاهم المدد من كل ناحية، ونهضوا لقتال المجوس من كل جانب، فخرج إليهم المجوس وقاتلوهم، فكاد المسلمون ينهزمون، ثم ثبتوأن فترجل كثير منهم فانهزم المجوس، وقتل نحوخمس مائة رجل، وأخذوا منهم أربعة مراكب، فأخذوا ما فيهأن واحرقوهأن وبقوا أياماً لا يصلون إلى المجوس، لأنهم في مراكبهم.
ثم خرج المجوس إلى لبلة، فأصابوا سبياً؛ ثم نزل المجوس إلى جزيرة قريب قوريس، فنزلوهان وقسموا ما كان معهم من الغنيمة، فحمي المسلمون، ودخلوا إليهم في النهر، فقتلوا من المجوس رجلين، ثم رحل المجوس، فطرقوا شدونة فغمنوا طعمة وسبيأن وأقاموا يومين.
ثم وصلت مراكب لعبد الرحمن، صاحب الأندلس، إلى إشبيلية، فلما أحس بها المجوس لحقوا بلبلة، فأغاروأن وسبوأن ثم لحقوا بأكشونية. ثم مضوا إلى باجة، ثم انتقلوا إلى مدينة أشبونة، ثم ساروأن فانقطع خبرهم عن البلاد فسكن الناس.
وقد ذكر بعض مؤرخي العرب سنة ست وأربعين خروج المجوس إلى إشبيلية أيضأن وهي شبيهة بهذه ثم فلا أعلمه أهي هذه وقد اختلفوا في وقتها أم هي غيرهأن وما أقرب أن تكون هي هي، وقد ذكرتها هناك لان في كل واحدة منهما شيئاً ليس في الأخرى.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة مات محمد بن سعد بن منيع أبوعبد الله، كاتب الواقدي، صاحب الطبقات، ومحمد بن يزداد بن سويد المروزي، كاتب المأمون، وعلي بن الجعد أبوالحسن الجوهري، وكان عمره ستاً وتسعين سنة، وهومن مشايخ البخاري، وكان يتشيع.
وفيها مات أشناس التركي، بعد موت عبد الله بن طاهر بتسعة أيام، وحج هذه السنة إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، وإليه أحداث الموسم، وحج بالناس هذه السنة محمد بن داود.

This site was last updated 07/14/11