Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 مروان بن الحكم مؤسس الفرع المروانى فى خلافة أسرة بنى أمية

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
ص. ف.خلفاء الفرع المرواني

 

الخليفة الرابع لبنى أمية : أبو عبد الملك / مروان بن الحكم

الجزء التالى من تاريخ كتاب البداية والنهاية لــ أبن كثير الجزء الثامن السنة 64 و 65  وضعنا له فقط رؤوس مواضيع .

*******************************************************************************

من هو مروان بن الحكم (حكم الفرع المروانى من بنى أمية )؟

هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أبو عبد الملك ويقال‏:‏ أبو الحكم‏.‏

ويقال‏:‏ أبو القاسم، وهو صحابي عند طائفة كثيرة لأنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه في حديث صلح الحديبية‏.‏

وفي رواية ‏(‏صحيح البخاري‏)‏ عن مروان، والمسور بن مخرمة، عن جماعة من الصحابة الحديث بطوله‏.‏

وروى مروان عن عمر، وعثمان وكان كاتبه - أي‏:‏ كان كاتب عثمان - وعلي، وزيد بن ثابت، وبسيرة بنت صفوان الأزدية وكانت حماته‏.‏

وقال الحاكم أبو أحمد‏:‏ كانت خالته، ولا منافاة بين كونها حماته وخالته‏.‏

وروى عنه ابنه عبد الملك، وسهل بن سعد، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومجاهد وغيرهم‏.‏

قال الواقدي، ومحمد بن سعد‏:‏ أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه شيئاً، وكان عمره ثمان سنين حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين، وقد كان مروان من سادات قريش وفضلائها‏.‏

روى ابن عساكر وغيره أن عمر بن الخطاب خطب امرأة إلى أمها فقالت‏:‏ قد خطبها جرير بن عبد الله البجلي وهو سيد شباب المشرق، ومروان بن الحكم وهو سيد شباب قريش، وعبد الله بن عمر وهو من قد علمتم‏.‏

فقالت المرأة‏:‏ أجادٌّ يا أمير المؤمنين‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قالت‏:‏ قد زوجناك يا أمير المؤمنين‏.‏

وقد كان عثمان بن عفان يكرمه ويعظمه، وكان كاتب الحكم بين يديه، ومن تحت رأسه جرت قضية الدار، وبسببه حصر عثمان بن عفان فيها‏.‏

وألح عليه أولئك أن يسلم مروان إليهم فامتنع عثمان أشد الامتناع، وقد قاتل مروان يوم الدار قتالاً شديداً، وقتل بعض الخوارج، وكان على الميسرة يوم الجمل، ويقال‏:‏ إنه رمى طلحة بسهم في ركبته فقتله فالله أعلم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/283‏)‏

وقال أبو الحكم‏:‏ سمعت الشافعي يقول‏:‏ كان علي يوم الجمل حين انهزم الناس يكثر السؤال عن مروان فقيل له في ذلك‏.‏

فقال‏:‏ إنه يعطفني عليه رحم ماسة، وهو سيد من شباب قريش‏.‏

وقال ابن المبارك‏:‏ عن جرير بن حازم، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر أنه قال لمعاوية‏:‏ من تركت لهذا الأمر من بعدك‏؟‏

فقال‏:‏ أما القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، الشديد في حدود الله، مروان بن الحكم‏.‏

وقد استنابه على المدينة غير مرة، يعزله ثم يعيده إليها، وأقام للناس الحج في سنين متعددة‏.‏

وقال حنبل‏:‏ عن الإمام أحمد، قال‏:‏ يقال‏:‏ كان عند مروان قضاء، وكان يتتبع قضايا عمر بن الخطاب‏.‏

وقال ابن وهب‏:‏ سمعت مالكاً يقول‏:‏ وذكر مروان يوماً فقال‏:‏ قال مروان‏:‏ قرأت كتاب الله منذ أربعين سنة ثم أصبحت فيما أنا فيه، من إهراق الدماء وهذا الشأن‏.‏

وقال إسماعيل بن عياش‏:‏ عن صفوان بن عمرة، عن شريح بن عبيد وغيره‏.‏

قال‏:‏ كان مروان إذا ذكر الإسلام قال‏:‏

بنعمت ربي لا بما قدمت يدي * ولا بتراثي إنني كنت خاطئاً

وقال الليث عن يزيد بن حبيب، عن سالم أبي النضر أنه قال‏:‏ شهد مروان جنازة فلما صلى عليها انصرف، فقال أبو هريرة‏:‏ أصاب قيراطاً وحرم قيراطاً، فأخبر بذلك مروان فأقبل يجري حتى بدت ركبتاه، فقعد حتى أذن له‏.‏

وروى المدائني عن إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد‏:‏ أن مروان كان أسلف علي بن الحسين حتى يرجع إلى المدينة بعد مقتل أبيه الحسين ستة آلاف دينار، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه عبد الملك أن لا يسترجع من علي بن الحسين شيئاً، فبعث إليه عبد الملك بذلك فامتنع من قبولها، فألح عليه فقبلها‏.‏

وقال الشافعي‏:‏ أنبأنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه‏:‏ أن الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان ولا يعيدانها، ويعتدان بها‏.‏

وقد روى عبد الرزاق‏:‏ عن الثوري، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال‏:‏ أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم العيد مروان‏.‏

فقال له رجل‏:‏ خالفت السنة‏.‏

فقال له مروان‏:‏ إنه قد ترك ما هنالك‏.‏

فقال أبو سعيد‏:‏ أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان‏)‏‏)‏‏.‏

قالوا‏:‏ ولما كان نائباً بالمدينة كان إذا وقعت معضلة جمع من عنده من الصحابة فاستشارهم فيها‏.‏

قالوا‏:‏ وهو الذي جمع الصيعان فأخذ بأعدلها فنسب إليه الصاع، فقيل‏:‏ صاع مروان‏.‏

وقال الزبير بن بكار‏:‏ حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثني ابن أبي علي اللهبي، عن إسماعيل بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه‏.‏

قال‏:‏ خرج أبو هريرة من عند مروان فلقيه قوم قد خرجوا من عنده فقالوا له‏:‏ يا أبا هريرة، إنه أشهدنا الآن على مائة رقبة أعتقها الساعة‏.‏‏(‏ج/ص‏:‏ 8/284‏)‏

قال‏:‏ فغمز أبو هريرة يدي، وقال‏:‏ يا أبا سعيد، بك من كسب طيب خير من مائة رقبة‏.‏

قال الزبير‏:‏ البك الواحد‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد‏.‏

قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏إذا بلغ بنو أبي فلان ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً، ودين الله دخلاً، وعباد الله خولاً‏)‏‏)‏‏.‏

ورواه أبو يعلى عن زكريا بن زحمويه، عن صالح بن عمر، عن مطرف، عن عطية، عن أبي سعيد‏.‏

قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلاً اتخذوا دين الله دخلاً، وعباد الله خولاً، ومال الله دولاً‏)‏‏)‏‏.‏

وقد رواه الطبراني عن أحمد بن عبد الوهاب، عن أبي المغيرة، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن أبي ذر‏.‏

قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إذا بلغ بنو أمية أربعين رجلاً‏)‏‏)‏‏.‏

وذكره، وهذا منقطع‏.‏

ورواه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة من قوله‏:‏ ‏(‏‏(‏إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً‏)‏‏)‏ فذكره‏.‏

ورواه البيهقي وغيره من حديث ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن ابن وهب، عن معاوية، وعبد الله بن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين اتخذوا مال الله بينهم دولاً، وعباد الله خولاً، وكتاب الله دغلاً، فإذا بلغوا ستة وتسعين وأربعمائة كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة‏)‏‏)‏‏.‏

وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عبد الملك بن مروان فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أبو الجبابرة الأربعة‏)‏‏)‏‏.‏

وهذه الطرق كلها ضعيفة‏.‏

وروى أبو يعلى وغيره من غير وجه، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة‏:‏ ‏(‏‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أن بني الحكم يرقون على منبره وينزلون، فأصبح كالمتغيظ، وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏رأيت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة‏)‏‏)‏‏.‏

فما رئُي رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً بعد ذلك حتى مات‏.‏

ورواه الثوري عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب مرسلاً وفيه‏:‏ ‏(‏‏(‏فأوحى الله إليه إنما هي دنيا أعطوها‏)‏‏)‏‏.‏

فقرت عينه وهي قوله‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ‏}‏‏[‏الإسراء‏:‏ 60‏]‏ يعني‏:‏ بلاء للناس واختباراً، وهذا مرسل وسنده إلى سعيد ضعيف‏.‏

وقد ورد في هذا المعنى أحاديث كثيرة موضوعة، فلهذا أضربنا صفحاً عن إيرادها لعدم صحتها‏.‏

وقد كان أبوه الحكم من أكبر أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أسلم يوم الفتح، وقدم الحكم المدينة ثم طرده النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ومات بها‏.‏

ومروان كان أكبر الأسباب في حصار عثمان لأنه زور على لسانه كتاباً إلى مصر بقتل أولئك الوفد، ولما كان متولياً على المدينة لمعاوية كان يسب علياً كل جمعة على المنبر‏.‏

وقال له الحسن بن علي‏:‏ لقد لعن الله أباك الحكم وأنت في صلبه على لسان نبيه فقال‏:‏ لعن الله الحكم وما ولد والله أعلم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/285‏)‏

وقد تقدم أن حسان بن مالك لما قدم عليه مروان أرض الجابية، أعجبه إتيانه إليه، فبايع له وبايع أهل الأردن على أنه إذا انتظم له الأمر نزل عن الأمرة لخالد بن يزيد، ويكون لمروان إمرة حمص، ولعمرو بن سعيد نيابة دمشق، وكانت البيعة لمروان يوم الاثنين للنصف من ذي القعدة سنة أربع وستين، قاله الليث بن سعد وغيره‏.‏

وقال الليث‏:‏ وكانت وقعة مرج راهط في ذي الحجة من هذه السنة بعد عيد النحر بيومين‏.‏

قالوا‏:‏ فغلب الضحاك بن قيس، واستوثق له ملك الشام ومصر، فلما استقر ملكه في هذه البلاد بايع من بعده لولده عبد الملك، ثم من بعده لولده عبد العزيز - والد عمر بن عبد العزيز - وترك البيعة لخالد بن يزيد بن معاوية، لأنه كان لا يراه أهلاً للخلافة، ووافقه على ذلك مالك بن حسان، وإن كان خالاً لخالد بن يزيد، وهو الذي قام بأعباء بيعة عبد الملك، ثم إن أم خالد دبرت أمر مروان فسمته‏.‏

ويقال‏:‏ بل وضعت على وجهه وهو نائم وسادة فمات مخنوقاً، ثم إنها أعلنت الصراخ هي وجواريها وصحن‏:‏ مات أمير المؤمنين فجأة‏.‏

ثم قام من بعده ولده عبد الملك بن مروان كما سنذكره‏.‏

وقال عبد الله بن أبي مذعور‏:‏ حدثني بعض أهل العلم قال‏:‏ كان آخر ما تكلم به مروان‏:‏ وجبت الجنة لمن خاف النار، وكان نقش خاتمه العزة لله‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ حدثنا عدي بن أبي عمار، عن أبيه، عن حرب بن زياد قال‏:‏ كان نقش خاتم مروان آمنت بالعزيز الرحيم‏.‏

وكانت وفاته بدمشق عن إحدى‏.‏

وقيل‏:‏ ثلاث وستين سنة‏.‏

وقال أبو معشر‏:‏ كان عمره يوم توفي إحدى وثمانين سنة‏.‏

وقال خليفة‏:‏ حدثني الوليد بن هشام، عن أبيه، عن جده قال‏:‏ مات مروان بدمشق لثلاث خلون من شهر رمضان سنة خمس وستين، وهو ابن ثلاث وستين، وصلى عليه ابنه عبد الملك، وكانت ولايته تسعة أشهر وثمانية عشر يوماً‏.‏

وقال غيره‏:‏ عشرة أشهر‏.‏

وقال ابن أبي الدنيا وغيره‏:‏ كان قصيراً، أحمر الوجه أوقص، دقيق العنق، كبير الرأس واللحية، وكان يلقب خيط باطل‏.‏

قال ابن عساكر‏:‏ وذكر سعيد بن كثير بن عفير أن مروان مات حين انصرف من مصر بالصنبرة ويقال‏:‏ بلد‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنه مات بدمشق ودفن بين باب الجابية وباب الصغير‏.‏

وكان كاتبه عبيد بن أوس، وحاجبه المنهال مولاه، وقاضيه أبو إدريس الخولاني، وصاحب شرطته يحيى بن قيس الغساني، وكان له من الولد عبد الملك، وعبد العزيز، ومعاوية، وغير هؤلاء، وكان له عدة بنات من أمهات شتى‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/286‏)‏

ذكر بيعة مروان بن الحكم

وكان سبب ذلك أن حصين بن نمير لما رجع من أرض الحجاز وارتحل عبيد الله بن زياد من البصرة إلى الشام، وانتقلت بنو أمية من المدينة إلى الشام ، اجتمعوا إلى مروان بن الحكم بعد موت معاوية بن يزيد‏.‏

وقد كان معاوية بن يزيد قد عزم على أن يبايع لابن الزبير بدمشق، وقد بايع أهلها الضحاك بن قيس على أن يصلح بينهم ويقيم لهم أمرهم حتى يجتمع الناس على إمام، والضحاك يريد أن يبايع لابن الزبير‏.‏

وقد بايع لابن الزبير النعمان بن بشير بحمص، وبايع له زفر بن عبد الله الكلابي بقنسرين، وبايع له نائل بن قيس بفلسطين، وأخرج منها روح بن زنباع الجذامي، فلم يزل عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير بمروان بن الحكم يحسنون له أن يتولى، حتى ثنوه عن رأيه وحذروه من دخول سلطان ابن الزبير وملكه إلى الشام‏.‏

وقالوا له‏:‏ أنت شيخ قريش وسيدها‏:‏ فأنت أحق بهذا الأمر‏.‏

فرجع عن البيعة لابن الزبير، وخاف ابن زياد الهلاك إن تولى غير بني أمية، فعند ذلك التف هؤلاء كلهم مع قومه بني أمية ومع أهل اليمن على مروان، فوافقهم على ما أرادوا، وجعل يقول‏:‏ ما فات شيء‏.‏

وكتب حسان بن مالك بن بحدل الكلبي إلى الضحاك بن قيس يثنيه عن المبايعة لابن الزبير، ويعرفه أيادي بني أمية عنده وإحسانهم، ويذكر فضلهم وشرفهم‏.‏

وقد بايع حسان بن مالك أهل الأردن لبني أمية، وهو يدعو إلى ابن أخته خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان‏.‏

وبعث الضحاك كتاباً بذلك، وأمره أن يقرأ كتابه على أهل دمشق يوم الجمعة على المنبر، وبعث بالكتاب مع رجل يقال له‏:‏ ناغضة بن كريب الطابجي‏.‏

وقيل‏:‏ هو من بني كلب وقال له‏:‏ إن لم يقرأه هو على الناس فاقرأه أنت، فأعطاه الكتاب فسار إلى الضحاك فأمره بقراءة الكتاب فلم يقبل، فقام ناغض فقرأه على الناس فصدقه جماعة من أمراء الناس، وكذبه آخرون‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/264‏)‏

وثارت فتنة عظيمة بين الناس، فقام خالد بن يزيد بن معاوية وهو شاب حدث على درجتين من المنبر فسكن الناس، ونزل الضحاك فصلى بالناس الجمعة، وأمر الضحاك بن قيس بأولئك الذين صدقوا ناغضة أن يسجنوا‏.‏

فثارت قبائلهم فأخرجوهم من السجن، واضطرب أهل دمشق في ابن الزبير وبني أمية، وكان اجتماع الناس لذلك ووقوفهم بعد صلاة الجمعة بباب الجيرون، فسمي هذا اليوم يوم جيرون‏.‏

قال المدائني‏:‏ وقد أراد الناس الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يتولى عليهم فأبى، وهلك في تلك الليالي، ثم أن الضحاك بن قيس صعد منبر المسجد الجامع فخطبهم به، ونال من يزيد بن معاوية‏.‏

فقام إليه شاب من بني كلب فضربه بعصى كانت معه، والناس جلوس متقلدي سيوفهم، فقام بعضهم إلى بعض فاقتتلوا في المسجد قتالاً شديداً، فقيس ومن لف لفيفها يدعون إلى ابن الزبير وينصرون الضحاك بن قيس، وبنو كلب يدعون إلى بني أمية وإلى البيعة لخالد بن يزيد بن معاوية، ويتعصبون ليزيد وأهل بيته‏.‏

فنهض الضحاك بن قيس فدخل دار الإمارة وأغلق الباب، ولم يخرج إلى الناس إلا يوم السبت لصلاة الفجر‏.‏

ثم أرسل إلى بني أمية فجمعهم إليه فدخلوا عليه وفيهم مروان بن الحكم، وعمرو بن سعيد بن العاص، وخالد، وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية‏.‏

قال المدائني‏:‏ فاعتذر إليهم مما كان منه، واتفق معهم أن يركب معهم إلى حسان بن مالك الكلبي فيتفقوا على رجل يرتضونه من بني أمية للإمارة، فركبوا جميعاً إليه، فبينما هم يسيرون إلى الجابية لقصد حسان، إذ جاء معن بن ثور بن الأخنس في قومه قيس‏.‏

فقال له‏:‏ إنك دعوتنا إلى بيعة ابن الزبير فأجبناك، وأنت الآن ذاهب إلى هذا الأعرابي ليستخلف ابن أخته خالد بن يزيد بن معاوية‏.‏

فقال له الضحاك‏:‏ وما الرأي‏؟‏

قال‏:‏ الرأي أن نظهر ما كنا نسر، وأن ندعو إلى طاعة ابن الزبير ونقاتل عليها من أباها‏.‏

فمال الضحاك بمن معه فرجع إلى دمشق، فأقام بها بمن معه من الجيش من قيس ومن لف لفيفها، وبعث إلى أمراء الأجناد وبايع الناس لابن الزبير، وكتب بذلك إلى ابن الزبير يعلمه بذلك، فذكره ابن الزبير لأهل مكة وشكره على صنيعه، وكتب إليه بنيابة الشام‏.‏

وقيل‏:‏ بل بايع لنفسه بالخلافة فالله أعلم‏.‏

والذي ذكره المدائني أنه إنما دعا إلى بيعة ابن الزبير أولاً، ثم حسن له عبيد الله بن زياد أن يدعو إلى نفسه، وذلك إنما فعله مكراً منه وكباراً ليفسد عليه ما هو بصدده، فدعا الضحاك إلى نفسه ثلاثة أيام، فنقم الناس عليه ذلك وقالوا‏:‏ دعوتنا إلى بيعة رجل فبايعناه، ثم خلعته بلا سبب ولا عذر، ثم دعوتنا إلى نفسك‏؟‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 8/265‏)‏

فرجع إلى البيعة لابن الزبير فسقط بذلك عند الناس، وذلك الذي أراد ابن زياد‏.‏

وكان اجتماع عبيد الله بن زياد به بعد اجتماعه بمروان وتحسينه له أن يدعو إلى نفسه، ثم فارق مروان ليخدع له الضحاك، فنزل عنده بدمشق وجعل يركب إليه كل يوم، ثم أشار ابن زياد على الضحاك أن يخرج من دمشق إلى الصحراء ويدعو بالجيوش إليه ليكون أمكن له‏.‏

فركب الضحاك إلى مرج راهط فنزل بمن معه من الجنود، وعند ذلك اجتمع بنو أمية ومن اتبعهم بالأردن، واجتمع إليهم من هنالك من قوم حسان بن مالك من بني كلب‏.‏

ولما رأى مروان بن الحكم ما أنتظم من البيعة لابن الزبير، وما استوثق له من الملك، وعزم على الرحيل إليه لمبايعته وليأخذ منه أماناً لبني أمية‏.‏

فسار حتى بلغ أذرعات فلقيه ابن زياد مقبلاً من العراق فصده عن ذلك وهجّن رأيه، واجتمع إليه عمرو بن سعيد بن العاص، وحصين بن نمير، وابن زياد، وأهل اليمن وخلق‏.‏

فقالوا لمروان‏:‏ أنت كبير قريش، وخالد بن يزيد غلام، وعبد الله بن الزبير كهل، فإنما يقرع الحديد بعضه ببعض، فلا تناوئه بهذا الغلام، وارم بنحرك في نحره، ونحن نبايعك، ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه بالجابية في يوم الأربعاء لثلاث خلون من ذي القعدة، سنة أربع وستين، قاله الواقدي‏.‏

فلما تمهد له الأمر سار بمن معه نحو الضحاك بن قيس فالتقيا بمرج راهط، فغله مروان بن الحكم وقتله وقتل من قيس مقتلة لم يسمع بمثلها، على ما سيأتي تفصيله في أول سنة خمس وستين‏.‏

فإن الواقدي وغيره قالوا‏:‏ إنما كانت هذه الوقعة في المحرم من أول سنة خمس وستين‏.‏

وفي رواية محمد بن سعد‏:‏ وعن الواقدي وغيره قالوا‏:‏ إنما كانت في أواخر هذه السنة‏.‏

وقال الليث بن سعد، والواقدي، والمدائني، وأبو سليمان بن يزيد، وأبو عبيدة وغير واحد‏:‏ كانت وقعة مرج راهط للنصف من ذي الحجة سنة أربع وستين والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

خلافة مروان بن الحكم

بويع له بالخلافة في حياة أبيه، فلما مات أبوه في ثالث رمضان منها جددت له البيعة بدمشق ومصر وأعمالهما، فاستقرت يده على ما كانت يد أبيه عليه، وقد كان أبوه قبل وفاته بعث بعثين‏:‏
أحدهما‏:‏ مع عبيد الله بن زياد إلى العراق لينتزعها من نواب ابن الزبير، فلقي في طريقه جيش التوابين مع سليمان بن صرد عند عين الوردة، فكان من أمرهم ما تقدم، من ظفره بهم، وقتله أميرهم وأكثرهم‏.‏
والبعث الآخر‏:‏ مع جيش بن دلجة إلى المدينة ليرتجعها من نائب ابن الزبير، فسار نحوها، فلما انتهى إليها هرب نائبها جابر بن الأسود بن عوف، وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، فجهز نائب البصرة من قبل ابن الزبير وهو الحارث بن عبد الله بن ربيعة، جيشاً من البصرة إلى ابن دلجة بالمدينة، فلما سمع بهم حُبيش بن دلجة سار إليهم‏.‏
وبعث ابن الزبير عباس بن سهل بن سعد نائباً عن المدينة، وأمره أن يسير في طلب حُبيش، فسار في طلبهم حتى لحقهم بالربذة، فرمى يزيد بن سياه حُبيشاً بسهم فقتله، وقتل بعض أصحابه وهزم الباقون، وتحصن منهم خمسمائة في المدينة، ثم نزلوا على حكم عباس بن سهل فقتلهم صبراً، ورجع فلُّهم إلى الشام‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ ولما دخل يزيد بن سياه الأسواري قاتل حبيش بن دلجة إلى المدنية مع عباس بن سهل كان عليه ثياب بياض وهو راكب برذوناً أشهب، فما لبث أن اسودت ثيابه ودابته مما يتمسح الناس به ومن كثرة ما صبوا عليه من الطيب و المسك‏.‏
وقال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة اشتدت شوكة الخوارج بالبصرة‏.‏
وفيها‏:‏ قتل نافع بن الأزرق وهو رأس الخوارج ورأس أهل البصرة، مسلم بن عبيس فارس أهل البصرة، ثم قتله ربيعة السلوطي وقتل بينهما نحو خمسة أمراء، وقتل في وقعة الخوارج قرة بن إياس المزني أبو معاوية، وهو من الصحابة‏.‏
ولما قتل نافع بن الأزرق رأست الخوارج عليهم عبيد الله بن ماحوز، فسار بهم إلى المدائن فقتلوا أهلها، ثم غلبوا على الأهواز وغيرها، وجبوا الأموال وأتتهم الأمداد من اليمامة والبحرين، ثم ساروا إلى أصفهان وعليها عتاب بن ورقاء الرياحي، فالتقاهم فهزمهم، ولما قتل أمير الخوارج ابن ماحوز كما سنذكر، أقاموا عليهم قطري بن الفجاءة أميراً‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/287‏)‏
ثم أورد ابن جرير قصة قتالهم مع أهل البصرة بمكان يقال له‏:‏ دولاب، وكانت الدولة للخوارج على أهل البصرة، وخاف أهل البصرة من الخوارج أن يدخلوا البصرة، فبعث ابن الزبير فعزل نائبها عبد الله بن الحارث المعروف‏:‏ بببّة، بالحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المعروف‏:‏ بالقباع‏.‏
وأرسل ابن الزبير المهلب بن أبي صفرة الأزدي على عمل خراسان، فلما وصل إلى البصرة قالوا له‏:‏ إن قتال الخوارج لا يصلح إلا لك‏.‏
فقال‏:‏ إن أمير المؤمنين قد بعثني إلى خراسان، ولست أعصي أمره‏.‏
فاتفق أهل البصرة مع أميرهم الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على أن كتبوا كتاباً على لسان ابن الزبير إلى المهلب يأمره فيه بالمسير للخوارج ليكفهم عن الدخول إلى البصرة، فلما قرىء عليه الكتاب اشترط على أهل البصرة أن يقوي جيشه من بيت مالهم، وأن يكون له ما غلب عليه من أموال الخوارج، فأجابوه إلى ذلك‏.‏

ويقال‏:‏ إنهم كتبوا بذلك إلى ابن الزبير فأمضى لهم ذلك وسوّغه، فسار إليهم المهلب‏.‏
وكان شجاعاً بطلاً صنديداً، فلما أراد قتال الخوارج أقبلوا إليه يزفون في عدة لم ير مثلها من الدروع والزرود والخيول والسلاح، وذلك أن لهم مدة يأكلون تلك النواحي، وقد صار لهم تحمل عظيم مع شجاعة لا تدانا، وإقدام لا يسامى، وقوة لا تجارى، وسبق إلى حومة الوغى‏.‏
فلما تواقف الناس بمكان يقال له‏:‏ سل وسل أبرى اقتتلوا قتالاً شديداً عظيماً، وصبر كل من الفريقين صبراً باهراً، وكان في نحو من ثلاثين ألفاً، ثم إن الخوارج حملوا حملة منكرة، فانهزم أصحاب المهلب لا يلوي والد على ولد، ولا يلتفت أحد إلى أحد، ووصل إلى البصرة فُلاًّ لهم‏.‏
وأما المهلب فإنه سبق المنهزمين فوقف لهم بمكان مرتفع، وجعل ينادي‏:‏ إلى عباد الله، فاجتمع إليه من جيشه ثلاثة آلاف من الفرسان الشجعان، فقام فيهم خطيباً فقال في خطبته‏:‏
أما بعد، أيها الناس، فإن الله تعالى ربما يكل الجمع الكثير إلى أنفسهم فيهزمون، وينزل النصر على الجمع اليسير فيظهرون، ولعمري ما بكم الآن من قلة، وأنتم فرسان الصبر وأهل النصر، وما أحب أن أحداً ممن انهزموا معكم الآن‏:‏ ‏{‏لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً‏}‏‏[‏التوبة‏:‏ 47‏]‏‏.‏
ثم قال‏:‏ عزمت على كل رجل منكم إلا أخذ عشرة أحجار معه، ثم امشوا بنا إلى عسكرهم فإنهم الآن آمنون، وقد خرجت خيولهم في طلب إخوانكم، فوالله إني لأرجو أن لا ترجع خيولهم إلا وقد استبحتم عسكرهم، وتقتلوا أميرهم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/288‏)‏
ففعل الناس ذلك، فزحف بهم المهلب بن أبي صفرة على معشر الخوارج فقتل منهم خلقاً كثيراً نحواً من سبعة آلاف، وقتل عبيد الله بن الماحوز في جماعة كثيرة من الأزارقة، واحتاز من أموالهم شيئاً كثيراً‏.‏
وقد أرصد المهلب خيولاً بينه وبين الذين يرجعون من طلب المنهزمين، فجعلوا يقتطعون دون قومهم، وانهزم فلهم إلى كرمان وأرض أصبهان، وأقام المهلب بالأهواز حتى قدم مصعب بن الزبير إلى البصرة، وعزل عنها الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة كما سيأتي قريباً‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة وجّه مروان بن الحكم قبل مهلكه ابنه محمداً إلى الجزيرة، وذلك قبل مسيره إلى مصر‏.‏
قلت‏:‏ محمد بن مروان هذا هو والد مروان الحمار وهو مروان بن محمد بن مروان، وهو آخر خلفاء بني أمية، ومن يده استلبت الخلافة العباسيون كما سيأتي‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة عزل ابن الزبير أخاه عبيد الله عن إمرة المدينة وولاها أخاه مصعباً، وذلك أن عبيد الله خطب الناس فقال في خطبته‏:‏ وقد رأيتم ما صنع الله بقوم صالح في ناقة قيمتها خمسمائة درهم‏.‏
فلما بلغت أخاه قال‏:‏ إن هذا لهو التكلف، وعزله‏.‏
ويسمى عبيد الله مقِّوم الناقة لذلك‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي آخرها عزل ابن الزبير عن الكوفة عبد الله بن يزيد الخطمي، وولى عليها عبد الله بن مطيع الذي كان أمير المهاجرين يوم الحرة، لما خلعوا يزيد‏.

قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة كان الطاعون الجارف بالبصرة‏.‏
وقال ابن الجوزي في ‏(‏المنتظم‏)‏‏:‏ كان في سنة أربع وستين‏.‏
وقد قيل‏:‏ إنما كان في سنة تسع وستين، وهذا هو المشهور الذي ذكره شيخنا الذهبي وغيره، وكان معظم ذلك بالبصرة، وكان ذلك في ثلاثة أيام، فمات في أول يوم من الثلاثة من أهل البصرة سبعون ألفاً، وفي اليوم الثاني منها‏:‏ إحدى وسبعون ألفاً، وفي اليوم الثالث منه ثلاثة وسبعون ألفاً‏.‏
وأصبح الناس في اليوم الرابع موتى إلا قليل من آحاد الناس، حتى ذكر أن أم الأمير بها ماتت فلم يوجد لها من يحملها، حتى استأجروا لها أربعة أنفس‏.‏
وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني‏:‏ حدثنا عبيد الله، ثنا أحمد بن عصام، حدثني معدي، عن رجل، يكنى أبا النفيد، وكان قد أدرك من هذا الطاعون، قال‏:‏ كنا نطوف بالقبائل، وندفن الموتى، فلما كثروا لم نقو على الدفن، فكنا ندخل الدار وقد مات أهلها فنسد بابها عليهم‏.‏
قال‏:‏ فدخلنا داراً ففتشناها فلم نجد فيها أحداً حياً فسددنا بابها، فلما مضت الطواعين كنا نطوف فنفتح تلك السدد عن الأبواب، ففتحنا سدة الباب الذي كنا فتشناه - أو قال الدار التي كنا سددناه - وفتشناها فإذا نحن بغلام في وسط الدار طري دهين، كأنما أخذ ساعتئذ من حجر أمه‏.‏
قال‏:‏ فبينما نحن وقوف على الغلام نتعجب منه إذ دخلت كلبة من شق في الحائط فجعلت تلوذ بالغلام والغلام يحبو إليها حتى مص من لبنها‏.‏
قال معدي‏:‏ وأنا رأيت ذلك الغلام في مسجد البصرة وقد قبض على لحيته‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/289‏)‏
قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة بنى عبد الله بن الزبير الكعبة البيت الحرام، يعني‏:‏ أكمل بناءها وأدخل فيها الحجر، وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر‏.‏
قال ابن جرير‏:‏ حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثني عبد العزيز بن خالد بن رستم الصنعاني، أبو محمد، حدثني زياد بن جبل‏:‏ أنه كان بمكة يوم كان عليها ابن الزبير، فسمعته يقول‏:‏
حدثتني أمي أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة‏:‏ ‏(‏‏(‏لولا قرب عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم فأزيد في الكعبة من الحجر‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ فأمر ابن الزبير فحفروا فوجدوا تلاعاً أمثال الإبل، فحركوا منها تلعة - أو قال صخرة - فبرقت برقة فقال‏:‏ أقروها على أساسها، فبناها ابن الزبير وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر‏.‏
قلت‏:‏ هذا الحديث له طرق متعددة عن عائشة في ‏(‏الصحاح‏)‏، و‏(‏الحسان‏)‏، و‏(‏المسانيد‏)‏، وموضوع سياق طرق ذلك في كتاب ‏(‏الأحكام‏)‏ إن شاء الله تعالى‏.‏

 بيعة عبد الملك لولده الوليد ثم من بعده لولده سليمان

وكان ذلك في هذه السنة بعد موت عبد العزيز بن مروان، بويع له بدمشق ثم في سائر الأقاليم ثم لسليمان من بعده، ثم لما انتهت البيعة إلى المدينة امتنع سعيد بن المسيب أن يبايع في حياة عبد الملك لأحد، فأمر به هشام بن إسماعيل نائب المدينة فضربه ستين سوطاً، وألبسه ثياباً من شعر وأركبه جملاً وطاف به في المدينة، ثم أمر به فذهبوا به إلى ثنية ذباب - وهي الثنية التي كانوا يصلون عندها ويقيلون - فلما وصلوا إليها ردوه إلى المدينة فأودعوه السجن، فقال لهم‏:‏ والله لو أعلم أنكم لا تقتلوني لم ألبس هذه الثياب‏.‏ ثم كتب هشام بن إسماعيل المخزومي إلى عبد الملك يعلمه بمخالفة سعيد في ذلك، فكتب إليه يعنفه في ذلك ويأمره بإخراجه ويقول له‏:‏ إن سعيداً كان أحق منك بصلة الرحم مما فعلت به، وإنا لنعلم أن سعيداً ليس عنده شقاق ولا خلاف، ويروى أنه قال له‏:‏ ما ينبغي إلا أن يبايع، فإن لم يبايع ضربت عنقه أو خليت سبيله‏.‏ وذكر الواقدي أن سعيداً لما جاءت بيعة الوليد امتنع من البيعة فضربه نائبها في ذلك الوقت - وهو جابر بن الأسود بن عوف -ستين سوطاً أيضاً وسجنه، فالله أعلم‏

 

 

This site was last updated 06/30/11