Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة تسع وستين ومائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة تسع وستين ومائة
سنة سبعين ومائة

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

 

حوادث سنة تسع وستين ومائة

ذكر خلافة الهادي
وبويع لابنه موسى الهادي في اليوم الذي مات فيه المهدي، وهومقيم بجرجان، يحارب أهل طبرستان؛ ولما توفي المهدي كان الرشيد معه بماسبذان، فأتاه الموالي والقواد، وقالوا له: إن علم الجند بوفاة المهدي لم تأمن الشغب، والرأي أن تنادي فيهم بالرجوع، حتى تواريه ببغداد.
فقال هارون: ادعوا إلي أبي يحيى بن خالد، وكان يحيى يتولى ما كان إلى الرشيد من أعمال المغرب، من الأنبار إلى إفريقية، فاستدعي يحيى إلى الرشيد، فقال: ما تقول فيما رأى هؤلاء؟ وأخيره الخبر. قال: لا أرى ذلك، لأن هذا لا يخفي، ولا آمن، إذا علم الجند، أن يتعلقوا بمحمله، ويقولوا: لا نخلي حتى نعطى لثلاث سنين وأكثر، ويتحكموا ويشتطوأن ولكني أرى أن يوارى، رحمه الله، هاهنأن وتوجه نصيراً إلى أمير المؤمنين الهادي الخاتم والقضيب، والتعزية، والتهنئة، فإن الناس لا ينكرون خروجه، إذ هوعلى بريد الناحية، وأن تأمر لمن تبعك من الجند بجوائز مائتين مائتين، وتنادي فيهم بالرجوع فلا تكون لهم همة سوى أهلهم.
ففعل ذلك، فلما قبض الجند الدراهم تنادوا: بغداد بغداد! وأسرعوا إليهأن فلما بلغوها وعلموا خبر المهدي أتوا باب الربيع، وأحرقوه، وأخرجوا من كان في الحبوس، وطالبوا بالأرزاق.(3/79)
فلما قدم الرشيد بغداد أرسلت الخيزران إلى الربيع وإلى يحيى بن خالد تستدعيهما لتشاورهما في ذلك، فأما الربيع فدخل عليها؛ وأما يحيى فامتنع لما يعلم من غيرة الهادي؛ وجمع الأموال حتى أعطى الجند لسنتين فسكتوا.
وكتب الهادي إلى الربيع كتاباً يتهدده بالقتل؛ وكتب إلى يحيى يشكره، ويأمره بأن يقوم بأمر الرشيد.
وكان الربيع يود يحيى ويثق به. فاستشاره فيما يفعل خوفاً من الهادي، فأشار عليه بأن يرسل ولده الفضل إلى طريق الهادي بالهدايا والتحف، ويعتذر إليه، ففعل، ورضي الهادي عنه.
وكان الربيع قد أوصى إلى يحيى بن خالد، وأخذت البيعة للهادي ببغداد، وكتب الرشيد إلى الآفاق بوفاة المهدي، واخذ البيعة للهادي، وسار نصير الوصيف إلى الهادي بجرجان، فعلم بوفاة المهدي والبيعة له، فنادى الرحيل وركل على البريد مجدأن فبلغ بغداد في عشرين يومأن ولما قدمها استوزر الربيع.
وفي هذه السنة أيضاً هلك الربيع.
وفيها اشتد طلب المهدي للزنادقة، فقتل منهم جماعة علي بن يقطين، وقتل أيضاً يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب؛ وكان سبب قتله أنه أتى به إلى المهدي، فأقر بالزندقة، فقال: لوكان ما تقول حقاً لكنت حقيقاً أن تتعصب لمحمد، ولولا محمد من كنت! أما والله لولا أني جعلت على نفسي أن لا أقتل هاشمياً لقتلتك.
قم قال للهادي: أقسمت عليك إن وليت هذا الأمر لتقتلنه! ثم حبسه، فلما مات المهدي قتله الهادي؛ وكذلك أيضاً كان عهده إليه بقتل ولد لداود بن علي بن عبد الله بن عباس كان زنديقأن فمات في الحبس قبل المهدي.
ولما قتل يعقوب أدخل أولاده على الهادي، فأقرت ابنته فاطمة أنها حبلى من أبيها فخوفت، فماتت من الفزع.
ذكر ظهور الحسين بن علي بن الحسن
وفي هذه السنة ظهر الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمدينة، وهوالمقتول بفخ عند مكة.
وكان سبب ذلك أن الهادي استعمل على المدينة عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فلما وليها أخذ أبا الزفت الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن، ومسلم بن جندب، الشاعر الهذلي، وعمر بن سلام، مولى آل عمر، على شراب لهم، فأمر بهم، فضربوا جميعأن وجعل في أعناقهم حبال، وطيف بهم في المدينة، فجاء الحسين بن علي إلى العمري وقال له: قد ضربتهم ولم يكن لك أن تضربهم لأن أهل العراق لا يرون به بأسأن فلم تطوف بهم؟ فأمر بهم فردوا وحبسهم.
ثم إن الحسين بن علي، ويحيى بن عبد الله بن الحسن، كفلا الحسن بن محمد، فأخرجه العمري من الحبس، وكان قد ضمن بعض آل أبي طالب بعضأن وكانوا يعرضون، فغاب الحسن بن محمد عن العرض يومين، فأحضر الحسين بن علي ويحيى بن عبد الله، وسألهما عنه، وأغلظ لهمأن فحلف له يحيى أنه لا ينام حتى يأتيه به، أويدق عليه باب داره، حتى يعلم أنه جاءه به.
فلما خرجا قال له الحسين: سبحان الله! ما دعاك إلى هذا؟ ومن أين تجد حسناً؟ حلفت له بشيء لا تقدر عليه. فقال: والله لا منت حتى أضرب عليه باب داره بالسيف. فقال له الحسين: إن هذا ينقض ما كان بيننا وبين أصحابنا في الميعاد.
وكانوا قد تواعدوا على ألا يظهروا بمنى وبمكة في الوسم، فقال يحيى: قد كان ذلك؛ فانطلقا وعملا في ذلك في ليلتهم، وخرجوا آخر الليل، وجاء يحيى حتى ضرب على العمري باب داره، فلم يجده، وجاؤوا فاقتحموا المسجد وقت الصبح. فلما صلى الحسين الصبح أتاه الناس، فبايعوه على كتاب الله وسنة نبيه للمرتضى من آل محمد؛ وجاء خالد البريدي في مائتين من الجند، وجاء العمري، ووزير بن إسحاق الأزرق، ومحمد بن واقد الشروي، ومعهم ناس كثير، فدنا خالد منهم، فقام إليه يحيى وإدريس ابنا عبد الله بن الحسن، فضربه يحيى على أنفه فقطعه، ودار له إدريس من خلفه، فضربه فصرعه، ثم قتلاه، فانهزم أصحابه ودخل العمري في المسودة، فحمل عليهم أصحاب الحسين، فهزمزهم من المسجد، وانتهبوا بيت المال، وكان فيه بضعة عشر ألف دينار، وقيل سبعون ألفأن وتفرق الناس وأغلق أهل المدينة أبوابهم.(3/80)
فلما كان الغد اجتمع عليهم شيعة بني العباس فقاتلوهم، وفشت الجراحات في الفريقين، واقتتلوا إلى الظهر، ثم افترقوا؛ ثم إن مباركاً التركي أتى شيعة بني العباس من الغد، وكان قدم حاجأن فقاتل معهم، فاقتتلوا أشد قتال إلى منتصف النهار، ثم تفرقوأن ورجع أصحاب الحسين إلى المسجد، وواعد مبارك الناس الرواح إلى القتال؛ فلما غفلوا عنه ركب رواحله وانطلق، وراح الناس فلم يجدوه، فقاتلوا شيئاً من قتال إلى المغرب، ثم تفرقوا.
وقيل إن مباركاً أرسل إلى الحسين يقول له: والله لأن أسقط من السماء فتخطفني الطير أيسر علي من أن تشوكك شوكة، أوأقطع من رأسك شعرة، ولكن لا بد من الأعذار، فتبيتني، فإلي منهزم عنك. فوجه إليه الحسن، وخرج إليه في نفر، فلما دنوا من عسكره صاحوا وكبروأن فانهزم هو وأصحابه.
وأقام الحسين وأصحابه أياماً يتجهزون، فكان مقامهم بالمدينة أحد عشر يومأن ثم خرجوا لست بقين من ذي القعدة، فلما خرجوا عاد الناس إلى المسجد، فوجدوا فيه العظام التي كانوا يأكلون وآثارهم، فدعوا عليهم.
ولما فارق المدينة قال: يا أهل المدينة! لا خلف الله عليكم بخير. فقالوا: بل أنت لا خلف الله عليك ولا ردك علينا! وكان أصحابه يحدثون في المسجد، فغسله أهل المدينة.
ولما أتى الحسين مكة أمر فنودي: أيما عبد أتانا فهوحر. فأتاه العبيد. فانتهى الخبر إلى الهادي، وكان قد حج تلك السنة رجال من أهل بيته، منهم: سليمان بن المنصور، ومحمد بن سليمان بن علي، والعباس بن محمد بن علي، وموسى وإسماعيل ابنا عيسى بن موسى، فكتب الهادي إلى محمد بن سليمان بتوليته على الحرب، وكان قد سار بجماعة وسلاح من البصرة لخوف الطريق، فاجتمعوا بذي طوى، وكانوا قد احرموا بعمرة، فلما قدموا مكة طاقوا وسعوأن وحلوا من العمرة، وعسكروا بذي طوى، وأنضم إليه من حج من شيعتهم ومواليهم وقوادهم.
ثم إنهم اقتتلوا يوم التروية، فانهزم أصحاب الحسين، وقتل منهم، وجرح، وانصرف محمد بن سليمان ومن معه إلى مكة، ولا يعلمون ما حال الحسين، فلما بلغوا ذا طوى لحقهم رجل من أهل خراسان يقول: البشرى، البشرى، هذا رأس الحسين! فأخرجه، وبجبهته ضربة طولى، وعلى قفاه ضربة أخرى، وكانوا قد نادوا الأمان، فجاء الحسن بن محمد بن عبد الله، أبوالزفت، فوقف خلف محمد بن سليمان، والعباس بن محمد، فأخذه موسى بن عيسى، وعبد الله بن العباس بن محمد، فقتلاه، فغضب محمد بن سليمان غضباً شديدأن وأخذ رؤوس القتلى، فكانت مائة رأس ونيفأن وفيها رأس الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، وأخذت أخت الحسين، فتركت عند زينب بنت سليمان؛ وغضب على موسى بن عيسى كيف قتل الحسن بن محمد، وقبض أمواله، فلم تزل بيده حتى مات؛ وغضب على مبارك التركي، وأخذ ماله، وجعله سائس الدواب، فبقي كذلك حتى مات المهدي.
وأفلت من المنهزمين إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، فأتى مصر وعلى بريدها واضح مولى صالح بن المنصور، وكان شيعياً لعلي، فحمله على البريد إلى أرض المغرب، فوقع بأرض طنجة، بمدينة وليلة، فاستجاب له من بها من البربر. فضرب الهادي عنق واضح وصلبه.
وقيل: إن الرشيد هوالذي قتله. وإن الرشيد دس إلى إدريس الشماخ اليمامي، مولى المهدي، فأتاه وأظهر أنه من شيعتهم. وعظمه، وآثره على نفسه، فمال إليه إدريس، وأنزله عنده، ثم إن إدريس شكا إليه مرضاً في أسنانه، فوصف له دواء، وجعل فيه سمأن وأمره أن يستن به عند طلوع الفجر، فأخذه منه وهرب الشماخ؛ ثم استعمل إدريس الدواء، فمات منه، فولى الرشيد الشماخ بريد مصر.
ولما مات إدريس بن عبد الله خلف مكانه إبنه إدريس وأعقب بهأن وملكوهأن ونازعوا بني أمية في إمارة الأندلس، على ما نذكره إن شاء الله تعالى. وحملت الرؤوس إلى الهادي، فلما وضع رأس الحسين بين يدي الهادي قال: كأنكم قد جئتم برأس طاغوت من الطواغيت! إن أقل ما أجزيكم به أن أحرمكم جوائزكم، فلم يعطهم شيئاً.
وكان الحسين شجاعأن كريمأن قدم على المهدي، فأعطاه أربعين ألف دينار، ففرقها في الناس ببغداد والكوفة، وخرج من الكوفة لا يملك ما يلبسه إلا فرواً ليس تحته قميص.
ذكر عدة حوادث(3/81)
وغزا الصائفة هذه السنة معيوف بن يحيى من درب الراهب، وقد كانت الروم قبل ذلك جاؤوا مع بطريقهم إلى الحدث، فهرب الوالي وأهل السوق، فدخلها الروم، فقصدهم معيوف فبلغ مدينة أشنة، فغمن وسبى.
وحج بالناس هذه السنة سليمان بن منصور؛ وكان على المدينة عمر بن عبد العزيز العمري؛ وعلى مكة والطائف عبيد الله بن قثم؛ وعلى اليمن إبراهيم بن سلم بن قتيبة؛ وعلى اليمامة والبحرين سويد بن أبي سويد القائد الخراساني؛ وعلى عمان الحسن بن نسيم الحواري؛ وعلى الكوفة موسى بن عيسى؛ وعلى البصرة محمد بن سليمان، وعلى جرجان الحجاج مولى الهادي؛ وعلى قومس زياد بن حسان؛ وعلى طبرستان والرويان صالح بن شيخ بن عميرة الأسدي؛ وعلى أصبهان طيفور مولى الهادي؛ وعلى الموصل هاشم ين سعيد بن خالد، فأساء السيرة في أهلهأن فعزله الهادي وولاها عبد الملك بن صالح الهاشمي.
وفيها خرج الجزيرة حمزة بن مالك الخزاعي، وعلى خراجها منصور ين زياد، فسير جيشاً إلى الخارجي، فالتقوا بباعربايأن من بلد الموصل، فهزمهم الخارجي وغمن أموالهم، وقوي أمره، في رجلان، وصحباه، ثم اغتالاه فقتلاه.
وفيها مات مطيع بن إياس الليثي الكناني الشاعر؛ وأبوعبيد الله معاوية بن عبد الله بن بشار الأشعري، مولاهم، وكان وزير المهدي، وقيل مات سنة سبعين ومائة.
وفيها توفي نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المقرئ، صاحب القراءة، أحد القراء السبعة؛ والربيع بن يونس، صاحب المنصور، مولاه. 

 

 

This site was last updated 07/13/11