Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

أيام الملكة الأخيرة فى المنفى

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس  هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
أيام الملكة الأخيرة بالمنفى
Untitled 3043

Hit Counter

 

أيام الملكة الأخيرة فى المنفى
المصرى اليوم كتب تيسير قوايد ٢٩/ ١٠/ ٢٠١٠
أمام تدهور الحالة الصحية للملكة نازلى أقنع الأطباء الملك فاروق بضرورة سفرها إلى أوروبا للعلاج، وبعد شهرين من الاستعدادات سافرت إلى فرنسا، بعد أن أصرت على اصطحاب ابنتيها الصغيرتين معها، فايقة وتبلغ من العمر ١٩ عاما، وفتحية ١٦ عاما، وكان الملك فاروق يرفض سفرهما فى البداية.
وصلت «نازلى» فرنسا فى مايو عام ١٩٤٦ وكانت تعانى آلاما مبرحة نتيجة توقف إحدى الكليتين عن العمل، بالإضافة إلى الآلام النفسية التى تعانيها بعد وصول علاقتها بابنها الوحيد الملك فاروق، إلى طريق مسدود، يضاف إلى ذلك حزنها الشديد على وفاة الرجل الوحيد الذى كان موضع ثقتها، أحمد باشا حسانين.
عاشت الملكة فى فرنسا عاما كاملا وكانت الحكومة المصرية تتكفل بمصروفات المستشفى والعلاج و«الأوتيل» الذى تقيم فيه الأميرات والحاشية ومبلغ ٥٠٠ جنيه أسترلينى يوميا كمصروفات نثرية، وبعد مرور ٦ أشهر اضطرت الحكومة المصرية لتخفيض عدد المرافقين والاكتفاء بمربية واحدة، ووصيفة للأميرات، مع الاحتفاظ بالطبيب المرافق، وأزعج هذا القرار الملكة، واعتبرت قرار تخفيض المصروفات، إهانة بالغة بمكانتها الرفيعة واستهانة، من ابنها الملك بحالتها الصحية،
ووافقت آنذاك على اقتراح الأطباء الفرنسيين بالسفر للولايات المتحدة الأمريكية، لوجود مصحة متخصصة فى علاج مثل هذه الحالات، وأمام ضغوط الأطباء وافق الملك فاروق على سفرها، وأصرت الملكة على اصطحاب كل من كان معها فى باريس، حتى الموظف المصرى الذى كان يعمل فى سفارتنا بباريس، رياض بيشارى مينا غالى، من مواليد شبرا عام ١٩١٩ لأسرة قبطية بسيطة.
كانت الملكة توكل إلى رياض بمهام شخصية لا تريد أن يعرفها أحد، وبمرور الوقت اكتسب رياض غالى ثقتها وتركت بنتيها طوال فترة إقامتها فى باريس معه، وعندما سافرت إلى أمريكا أصرت على أن تطلبه معها وسط دهشة كل أفراد الحاشية.
وبعد خروج الملكة من المستشفى فى أمريكا ونجاح العمليات الجراحية التى أجريت لها، أعلنت استعدادها للعودة إلى مصر مع بداية عام ١٩٤٨، إلا أن الحياة فى أمريكا بأجوائها الصاخبة، بعيدا عن منغصات ابنها الملك، وأجواء القصر الكئيبة جعلتها تفكر فى البقاء فى أمريكا، خاصة بعد اشتراكها فى الأنشطة الاجتماعية هناك وحضورها العديد من الحفلات.
ومع ظهور بوادر علاقة عاطفية بين ابنتها الأميرة فتحية ورياض غالى وإصرارها على الزواج منه لم تعترض الملكة، رغم أنه من عامة الشعب وعلى دين يخالف دينها، وهنا حاولت السفارة المصرية إبعاده عن الملكة ونقله إلى السفارة المصرية فى البرازيل إلا أن الملكة طلبت منه تقديم استقالته للحكومة المصرية، وفشلت محاولات الجميع، فى إقناع الملكة بالعدول عن قرارها، واقترح وزير الخارجية المصرى أحمد خشبة على الملك فاروق الموافقه على إلغاء تأشيرات الأميرتين والملكة وبالتالى يصبح وضعهن غير قانونى لتتولى السفارة المصرى بأمريكا أمر عودتهن فوافق الملك على هذا الحل، حتى يضمن رجوع الأميرات إلى مصر، وإنهاء هذه المشكلة،
إلا أن الملكة قامت بتقديم التماس لمحكمة الهجرة تطلب الإقامة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب الوضع الشائك بينها وبين ابنها الملك فاروق، واستحالة عودتها إلى مصر، وطالبت بحصولها على الإقامة هناك، على أنها ستقوم باستثمار أموالها فى مشاريع داخل أمريكا فتم الحكم بالإقامة لها ولابنتيها ومستشارها الخاص رياض غالى ووقف جميع إجراءات الترحيل.
انتقلت نازلى فى سرية تامة إلى مدينة سان فرانسيسكو للابتعاد عن المراقبة الشديدة التى كانت تفرضها عليها السفارة المصرية ٢٤ ساعة، وهناك أعلنت للصحف الأمريكية أسباب الخلاف بينها وبين الملك، وموافقتها على تزويج ابنتها من رياض غالى، خاصة بعد إشهار إسلامه، بالإضافة إلى إعلانها انتماءها إلى الكنيسة الكاثوليكية، لتتحول إلى الديانة المسيحية بعد أن أطلقت على نفسها اسم «مارى إليزابيث» لتعود إلى دين أجدادها، حيث كانت تشير إلى أن جدها سليمان باشا الفرنساوى، كان يعتنق المسيحية الكاثوليكية قبل قدومه إلى مصر واعتناقه الدين الإسلامى.
قامت الحكومة المصرية بقطع جميع المبالغ المالية التى كانت تصرف لها وللأميرتين وسحب كل الحاشية التى كانت ترافقها وعودتها إلى مصر، وفى مايو عام ١٩٥٠ نشرت الصحف الأمريكية خبر زواج الأميرة فايقة من أحد موظفى القنصلية المصرية فى سان فرانسيسكو واسمه «محمد فؤاد صادق» بالطريقة المدنية دون إجراء المراسم الإسلامية، إلا أن الحكومة المصرية لم تعلق على الزواج، على اعتبار أن فؤاد صادق مصرى مسلم فاعتبرت الملكة أن عدم وجود رد فعل عنيف تجاه هذا الزواج بداية طيبة كى تتمم زواج ابنتها الصغرى الأميرة فتحية من رياض غالى وفى ٢٥ مايو من العام نفسه نشرت الصحف الأمريكية خبر هذا الزواج وبالطريقة المدنية أيضا.
لم يسكت الملك فاروق على تلك الأوضاع وقام فى يوليو عام ١٩٥٠ بخلع كل الألقاب عن الملكة نازلى والأميرة فتحية ومصادرة أموالهما وممتلكاتهما فى مصر واعتبار زواج الأميرة فتحية باطلا، وإلزام الأميرة فوقية بالعودة إلى مصر لإقامة مراسم الزواج الإسلامية وإلا اعتبر زواجها باطلاً، فاستسلمت الأميرة فايقة إلى قرار الملك وعادت إلى مصر مع زوجها لإتمام زواجها بالطريقة الإسلامية.
عاشت الملكة نازلى والأميرة فتحية ورياض غالى فى قصر اشترته الملكة فى «بيفرلى هيلز» بمدينة لوس أنجلوس، وسط حياة صاخبة مليئة بالحفلات المستمرة، كانت محط أنظار الصحف الأمريكية، وفى عام ١٩٥٢ وقعت الملكة عقدا لإحدى دور النشر، لنشر مذكراتها خاصة بعد خلع الملك فاروق عن عرش مصر، إلا أنها تراجعت عن الكتابة بعد أن اتصل بها إسماعيل شرين زوج أبنتها الكبرى الأميرة فوزية وقال لها «إن محكمة الثورة ستستغل هذه المذكرات أو أى شىء ينشر عن الملك أو الحياة قبل عام ١٩٥٢م كدليل على فساد الحكم، يدين الكثير ويعرضهم للخطر وعلى رأسهم بناتها وابنها الملك فاروق، الذى يمكن أن تصدر محكمة الثورة ضده قرارا بالإعدام»، وأمام هذا تراجعت الملكة عن قرار كتابة مذكراتها وقامت بدفع تعويض لدار النشر يقدر بمليون وثلاثمائة ألف دولار.
وفى روما، المنفى الذى اختاره الملك فاروق جاءت وفاته، وسببت صدمة شديدة للملكة، فهى لم تر ابنها منذ أكثر من عشرين عاما وأصرت على حضور جنازته وكانت تبلغ من العمر ٧١ عاما، ولأول مرة ترى فيها حفيدها أحمد فؤاد، الذى كان يبلغ من العمر ١٣ عاما .
وفى عام ١٩٦٨ قررت الملكة نازلى والأميرة فتحية الهروب إلى جزيرة هاواى بعد أن تصاعدت حدة الخلاف بين فتحية وغالى فى السنوات الأخيرة ورفضه طلاقها، بالإضافة إلى خسارته مبالغ كبيرة، وظلت الأسرة فى هاواى ٥ سنوات، بالمبالغ القليلة التى بقيت من ثروة الملكة، ولكن رياض استطاع اقتراض مبلغ مالى كبير من أحد البنوك الأمريكية بضمان مجوهرات الملكة، وبتوكيل كانت حررته له منذ عشر سنوات، ولم تفطن لإلغائه،
خاصة بعد إلغائها الحسابات البنكية المشتركة معه، وسرعان ما عادت العائلة إلى لوس أنجلوس لمواجهة هذه الكارثة، وهنا أصرت المحكمة على قيام الملكة بدفع جميع المبالغ التى استدانها رياض أو إعلان إفلاسها وبيع ممتلكاتها بالمزاد العلنى، وهنا ازداد إصرار فتحية على طلب الطلاق من رياض، وطلبت من المحكمة ترحيله عن محل إقامتها، الأمر الذى دفعه إلى استعطافها حتى تتراجع عن موقفها، وفى فبراير من عام ١٩٧٣، أعلن البنك الفيدرالى الأمريكى عن إفلاس الملكة نازلى وجدولة ديونها وبيع ممتلكاتها بالمزاد العلنى.
عاد للملكة والأميرة الأمل من جديد عندما وافق الرئيس السادات على استخراج جواز سفر لكل منهما للعودة إلى مصر وقتما شاءا وأمر باسترجاع بعض المستحقات والممتلكات الخاصة بالأميرة والملكة لتعيش هى وأولادها حياة كريمة فى وطنهم بعد عودتهم.
لكن رياض غالى، رغم انفصاله عن فتحية، عندما علم بحصولهما على جوازى سفر مصريين، ونيتهما فى السفر إلى مصر، طلب من فتحية لقاء أخيرا ليرسل معها حقائب ملابس أمه بعد أن ماتت، لتوصلها إلى شقيقاته فى القاهرة، وما إن ذهبت إليه وفتحت الباب حتى أطلق عليها ٦ رصاصات، وجلس حتى الصباح أمام النافذة يسترجع ذكرياته معها، حتى حضر ابنيه رفيق ورائد، ليسألا عن أمهما، ليحاول الانتحار برصاصة أطلقها على رأسه، لكنه لم يمت، وإنما أصيب بالعمى والشلل وفقدان الذاكرة.
شيعت الملكة جثمان أحب أبنائها إليها وظلت طوال أيام محاكمة رياض غالى تصرخ وتسأل سؤالاً واحدا «هل تم إعدامه؟»، حتى تم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة شريطة أن تتحسن حالته الصحية وظل فى الحجر الصحى التابع للسجن حتى مات فى ٢٥ مارس ١٩٧٨ وماتت الملكة نازلى بعده فى ٢٩ مايو من العام نفسه، وتم دفنها فى مقابر «الهولى كروس» بعد أن اشتد بها المرض مدة عامين.
 

This site was last updated 10/30/10