Home Up رسامة كهنة ورهبان جدد النذور بالدير المعلق | | حكايات وعادات النذور في مارمينا المعلق بأبنوب وطنى 15/9/2010م نادر شكري: العادات والتقاليد التي يعيشها أبناء الصعيد مازالت جزءا أصيلا تتوارثه الأجيال وتمثل علامة أساسية من حياتهم. أدركت ذلك في تجربة شخصية عشتها لمدة يومين داخل محافظة أسيوط وبالتحديد في مدينة أبنوب حيث تعود أصول أسرتي, وكانت الرحلة بمناسبة خاصة جدا وهي تقديم نذور إلي كنيسة العذراء بأبنوب ودير مارمينا المعلق الذي يقع بقرية المعابدة وهو نذر وعد به شقيقي الذي أعطاه الله تؤاما بعد سبع سنوات من الزواج ونذر لزوج شقيقتي وهو ابن العم بعد أن أعطاه الله ولدا وهذه عادة أبناء المدينة كلها فهم يقدمون النذور لمارمينا المعلق وللقديسة العذراء عندما يعطيهم الله أبناء أو ينذرون لكي يعطيهم اللهولدا فالولد مازال يمثل القوة والوريث لأي أب...هنا عشت لحظات طويلة ما بين الطبل والمزمار البلدي وما بين ذبائح الأبقار واحتفالات من أجل الإنجاب أو علي وجه التحديد من أجل الولد. وتتم هذه الاحتفالات في شهري أغسطس وسبتمبر من كل عام وهو موعد إجازة المهاجرين من أبناء المدينة إلي مدينة ميلانو بإيطاليا. المزمار والعذراء! وصلت إلي مدينة أبنوب صباح الاثنين 2أغسطس 2010 وعند اقترابي من منزل شقيقتي هالني مظاهر الاحتفال والفراشة والميكرفونات والسيدات وهن يغنين بلغة صعيدية قديمة لم أفهمها, وعندما سألت فسر البعض لي أنه تراث قديم من مئات السنين منه المديح للعذراء ومارمينا ومنه أغاني للمولود بلغة تشبه التعديد ولكن بفرح, وكنت متعجبا لهذه اللهجة التي كنت أسمعها في صغري من والدتي وجدتي وبعض الأقارب أثناء زيارة العذراء في كل عام, حيث كنت أضحك كثيرا لكني فهمت بعد ذلك معني هذا التراث العميق والجميل الذي تفتقده الأجيال الحالية ويحمل في طياته معاني رائعة تسعد بها العذراء. في الخامسة مساء وصل أفراد فرقة الطبل والمزمار البلدي بجلاليبهم البلدية المعروفة والعمة الكبيرة المميزة وصوت الطبل يملأ المكان الذي يقع فيه منزل أقاربي حيث قمنا بتحميلعجل بقري النذور لكنيسة العذراء التي تبعد عن المنزل قرابة 3كم وركبنا السيارات حيث موكب السيارات يشق شوارع المدينة وفي الأمام السيارة التي تحمل العجل البقري تليها سيارة فرقة الطبل والمزمار والزغاريد تدق ويرقص بعض الرجال بالعصي وبحسب العادات تطوف السيارات شوارع المدينة الرئيسية بأكمالها وتخرج بعض النسوة من الشرفات لتشارك الفرحة بالزغاريد إلي أن وصل الموكب إلي كنيسة العذراء بأبنوب وتم تقديم العجل البقري إلي الكنيسة. في السابعة مساء بدأت مراسم الاحتفال داخل سرادق تم تجهيزه. حيث توافد ضيوف من مناطق مختلفة بأسيوط والقاهرة وجلست في المقدمة فرقة الطبل والمزمار البلدي حيث بدأت العزف وتسابق الحضور للرقص بالعصي والتحطيب ودخل شقيقي وزوج شقيقتي للرقص معا وشاركهما شقيقي الأكبر وهم يحملون أطفالهم احتفالا بنذورهم, وتنوعت رقصات الرجال باستخدام العصي وتراث الرقص الصعيدي وتحية عائلة الشقيق وابن العم وكامل أفرادهم,واستمرت الاحتفالات حتي الثالثة صباح اليوم التالي. جايين ليك يا معلق! في السادسة صباحا تجمع الأهالي والأقارب والضيوف أمام المنزل وتوافدت السيارات استعدادا لزيارة دير مارمينا المعلق للوفاء ببقية النذور. حيث اتجهت أكثر من 15 سيارة كبيرة إلي الدير الذي يقع بقرية المعابدة بالضفة الشرقية لمدينة أبنوب بحوالي 25كم, وأحضرعجلان بقري لتقديمهما للدير, فهناك عادات متفق عليها بين أبناء المدينة بذبح النذور داخل الدير وتقديم ربع الذبيحة للدير وتوزيع الباقي علي الضيوف والمدعوين بعد طهيه داخل مطابخ بالدير معدة لذلك وسوف أصف هذا المشهد والاحتفالية ولكن قبل ذلك أصف الدير القديم بجماله وتاريخه. دير مارمينا يشتهر بالمعلق لأنه معلق في حضن الجبل وهو من الأديرة القديمة وقد بني في منتصف واجهة الجبل المعروف بجبل فودة وتحديدا علي ارتفاع 170مترا علي سطح الأرض وهو ذو قيمة تاريخية أثرية ويتبع نيافة الأنبا لوكاس أسقف إيبارشية أبنوب والفتح ورئيس الدير, ويوجد بالدير أحد الحصون القوية وقامت ببنائه بالقرن الرابع الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين ملاصقا للصخور الجبلية وهو عبارة عن ثلاثة طوابق ومحتفظ بشكله من القرن الرابع الميلادي وتم ترميمه عام 1998 بإشراف هيئة الآثار. وقد ذكر نيافة الأنبا لوكاس أسقف الإيبارشية: من الجهة القبلية للدير يمكن للزائر أن يشاهد منطقة كبيرة تحوي آثار مدينة قبطية مهجورة من الطوب اللبن, والدير ذكره المقريزي(بالقرن 15م) والرحالة فانسليب (سنة1972م) وسيكار(1715م) وقد تم تعمير الدير رهبانيا ومعماريا واعترف به المجمع المقدس في 2010/6/2 وأصبح من الأديرة العامرة. الناظر إلي الحصن من الخارج يري سبعة صلبان مصنوعة من الطوب المحروق الذي وضع بشكل معين بحيث يشكل صليبا, وبواسطة الطريق الممهد والسلم الخرساني يصل الزائر إلي بداية الحصن والمدخل الرئيسي, ومنه يصل إلي الدور الأول وهو عبارة عن ثلاث حجرات بعضها مبني بالطوب والبعض منحوتا في الصخر وبصعود السلم نصل إلي الدور الثاني الذي كان يستخدم كمكان للذبائح التي يقدمها زوار الدير, ثم يقود السلم إلي الدور والذي به كنائس الدير, ويوجد بالدير كنيسة علي اسم الشهيد مارمينا والبابا أثناسيوس (كنيسة المزار), وكنيسة علي اسم السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل وهي عبارة عن مذبح جميل منحوت بالكامل في الصخر ويضم الدير قلاية الأب الأسقف رئيس الدير و23قلاية للرهبان أسفلها استراحة للزائرين ومجمع الدير وبيت الخلوة للشباب. وتوجد مغائر وقلالي منفردة تحيط بالدير منها ما هو قديم ويستخدم للتوحد وقت أن كان الدير عامرا بالرهبان في القرون الماضية ومنها ما هو أعلي الجبل ويستخدم لخلوة الآباء الرهبان. |