Home Up Untitled 2489 Untitled 2490 | | فن النحت علي الأحجار في العصر القبطي وطنى 28/10/2010م سناء فاروق: برع المصريون القدماء منذ عصور ما قبل التاريخ في تشكيل الأحجار حتي الصلب منها مثل الجرانيت والبرشيا والبورفير وصنعوا منها الأواني والأطباق, وظهر هذا جليا في آثار هرم زوسر وملحقاته ومقابر سقارة في الدولة القديمة حيث نجد النقوش علي جدران المقابر. واستمر المصريون علي نفس مستوي المهارة يشكلون وينحتون وينقشون الأحجار في الدولة الوسطي والحديثة والعصر المتأخر. وفي العصور القبطية استمروا في تشكيل الأحجار ونقشها حسب الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ومن المواقع المشهورة في نقش الأحجار الجيرية أهناسيا المدينة علي بعد حوالي 140كم جنوب غرب القاهرة, وآثارها تمثل أساطير يونانية من القرنين الثالث والرابع الميلادي. * * تقول أليس حنا بالمتحف القبطي: سار الأقباط علي سنة أجدادهم الفراعنة في استعمال الحجر في تشييد بعض أديرتهم وكنائسهم وقد أبدعوا في وقت من الأوقات في فن العمارة وعلي الأخص في النقش والزخرفة, إلا أنهم لم يقووا علي الاحتفاظ بما كان لفن البناء من تقدم وعظمة وضخامة بل وأخذ في التدهور علي أثر اختلال حالة البلاد الداخلية بسبب سوء تصرف الحكام وقيام الثورات بين المذاهب المختلفة, وأزالت بتلك العوامل الهدامة أغلب الكنائس التي بنيت في العصور الأولي للمسيحية. ويذكر أن كنيسة الإسكندرية الأولي كانت أروع ما خلفته يد الإنسان في فن المعمار, كما أن كنيسة مارمينا في مريوط والتي لا تزال بقاياها من الرخام تشهد علي ما وصل إليه الأقباط من دقة واتقان في فن النحت والبناء, ومنذ دخول المسيحية في مصر حتي القرن السابع الميلادي اهتم الأقباط بتشييد الكنائس والأديرة بالأحجار علي اختلاف أنواعها ومنها ما أقيم علي غرار معابد الفراعنة, وامتازت بالفخامة والضخامة مثل الدير الأبيض في سوهاج. ومن الكنائس ما امتازت واجهاتها بأفاريز من الحجر الجيري ذات النقوش تجلت فيها الدقة والمهارة في إظهار الرسوم البارزة أو الغائرة, وتتمثل في زخارف نباتية أو حيوانية أو هندسية. وأغلب الأحجار التي استخدمت في العمائر القبطية سواء الدينية أو المدنية هو الحجر الجيري والقليل منها من الأحجار الرملية, ونادرا ما استخدم الرخام أو المرمر وذلك لصعوبة الحصول عليهما وما استعمل منه في الكنائس كان للأعمدة أو التيجان كما في كنائس مصر القديمة ونقل غالبا من المعابد المصرية أو اليونانية أو الرومانية, وتوجد أهم المجموعات الموجودة في العالم في فن النحت علي الأحجار في المتحف القبطي وتتمثل في المقصورات والأفاريز والأعتاب وتيجان الأعمدة. كذلك توجد شواهد قبور تعتبر رمز تذكار للمتوفي وهي من الحجر الجيري علي شكل مربع أو مستطيل تحمل اسم المتوفي, ومن أرز شواهد القبور في المتحف القبطي شاهد قبر مستطيل من الحجر الجيري منحوت عليه صليب ونسر مع كلمة عنخ وهذا دليل علي اختلاط تأثير الفن القبطي بالفن المصري القديم والفن الروماني حيث يرمز الصليب إلي الأبدية وعنخ رمز الحياة عند المصريين القدماء والنسر يرمز للقوة عند الإمبراطورية الرومانية. كذلك يوجد شاهد قبر مستطيل الشكل منحوت عليه مركب تمثل رحلة رع دليل علي التأثر بالفن الفرعوني وتوجد شواهد أخري عديدة بها فتحات اعتقادا منهم بدخول البخور للمتوفي, ويحتوي قسم الأحجار والرسوم الجصية علي مجموعة رائعة من مخلفات العصور المسيحية المختلفة من أماكن عديدة ومنها الفريسكات المعروضة بالمتحف التي أحضرت من الأديرة والكنائس والمعابد المصرية التي حولت لكنائس في العصر المسيحي الأول. واستمر الأقباط في الرسم علي جدران كنائسهم وأديرتهم بكثرة حتي القرن الحادي عشر عندما وجدوا أنه من الأفضل الرسم علي لوحات خشبية عندما وجدوا أن الكنائس تتعرض أحيانا للتدمير وهكذا استبدلت بالفريسكات الأيقونات لسهولة نقلها وإنقاذها من التدمير. ومن المجموعات الموجودة بالمتحف مجموعة من القطع الحجرية المنحوتة تمثل الإلهة أفروديت في أشكال مختلفة منها لوحة خارجة من الصدفة والتي أصبحت رمزا لهذه الإلهة في الأساطير اليونانية, تلي هذه المجموعة تلك القطعة المشهورة والتي تمثل أسطورة ليدا والبجعة وهي زوجة ملك إسبرطة ولكن الإله زيوس كبير الآلهة أحبها وتخفي في صورة بجعة وكان يزورها في مخدعها وبجوار هذه القطعة نحت من الحجر الجيري يمثل ملك الآلهة زيوس متخفيا في شكل ثور يحمل أوربا ملكة فينيقيا التي ذهبت يوما مع أصدقائها لجمع الزهور من الحقول فاقترب منها ثور أبيض لطيف فأخذت تداعبه ووضعت حول عنقه إكليل زهور فانحني لها الثور وكأنه يسألها أن تركبه ولما فعلت أخذها الثور وأسرع لأنه لم يكن إلا الإله زيوس متخفيا وحملها إلي جزيرة كريت. وكذلك توجد مجموعة من القطع المنحوتة تمثل هرقل وانتصاره علي الأسد, وأيضا توجد مجموعة من قطع النحت من الحجر الجيري يمثل ديونيس إله الخمر والمعروف في الأساطير اليونانية باسم الإله باخوس. وتوجد علي الجدار مجموعة من قطع النحت من الحجر الجيري بعضها يمثل الأجزاء العليا من مقصورة عليها نقوش لحوريات يركبن حيوانات خرافية لها صلة كبيرة بالأساطير اليونانية وبعضها عبارة عن أفاريز منقوشة بمناظر أسطورية مختلفة. ومن أهم القطع جزء علوي من مقصورة عليها نقش يمثل الصدفة رمز الإلهة أفروديت يخرج من وسطها صليب بدلا من الإلهة التي كانت تمثل وهي خارجة من الصدفة أو الأمواج وعلي حافتي القطعة درفيلان وزخارف نباتية, وتعتبر هذه القطعة مهمة جدا لأنها تمثل التطور في استخدام الرمز المسيحي (الصليب) مع منظر وثني ويرجع هذا لتأثر الفنان القبطي بالوثنية الإغريقية. ويوجد بالمتحف ثلاثة أفاريز أحدها يمثل السيد المسيح جالسا علي العرش يحمله ملاكان, والثاني يمثل الصليب في إكليل دائري يحمله أيضا ملاكان, والثالث (جدار شرقي) عليه نقش يمثل الجزء العلوي للسيد المسيح محمولا بملاكين. وتوجد أيضا مجموعة من شواهد القبور تحمل علامة الصليب ومجموعة نادرة من العمدان وتيجان الأعمدة من الحجر الجيري مختلفة الأشكال والزخارف بعضها تاج كتف تعطي للزائر فكرة جيدة عن قدرة المصري في العصر القبطي علي تشكيل هذه التيجان ذات الزخارف المختلفة. ومن المنحوتات العظيمة بالمتحف القبطي مجموعة من الأواني ذات المقابض أحدها له رقبة علي شكل وجه آدمي له أنف بارز وعلي البدن تتدلي عناقيد عنب, وأجزاء من الفوهة والرقبة مفقود, كذلك يوجد إناء كبير من الفخار ملون نصفه العلوي عليه رسم طيور والجزء السفلي رسم لعدد ثمانية قديسين وذو أربعة مقابض, وإناء عليه رسوم لطيور وأسماك من القرن العاشر. |