الكاتب: الكتيبة الطيبية 3/1/2009م عن خبر بعنوان [ قلعة الناصر "صلاح الدين الأيوبي" (3)]
بئر يوسف (أو بئر الحلزون)
وقام أيضاً المهندسان القبطيان بحفر البئر الملحقة بالقلعة المعروفة ببئر يوسف. وهي تقع الآن بالناحية الجنوبية من جامع الناصر محمد بن قلاوون وقد اشتهرت هذه البئر باسم يوسف حيث نسبتها الأساطير الشعبية - خطأً- إلى "النبي يوسف" (يوسف الصديق)، غير أنه من الواضح أنها سُمّيت على إسم والد السلطان صلاح الدين، ، وقد نسبه البعض - خطأً- إلى بهاء الدين قراقوش الذي حفرها بأمر من الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب.
وقد كان الهدف من حفر هذه البئر هو توقير مياه الشرب للقلعة غير أن ذلك استلزم نحت قنوات لنقل المياه (عوض الأنابيب)، فضلاً عن ابتكار ساقية ترفع الماء من منسوب البئر إلى منسوبٍ أعلى.
وقد ذكر المؤرخ المقريزي وصفا لهذه البئر حيث قال : "وهذه البئر من عجائب الأبنية تدور البقر من أعلاها فتنقل الماء من نقالة في وسطها وتدور أبقار في وسطها تنقل الماء من أسفلها ولها طريق إلى الماء ينزل البقر إلى معينها في مجاز وجميع ذلك حجر منحوت ليس فيه بناء وقيل أن أرضها مسامتا أرض بركة الفيل وماؤها عذب" ولم يختر المهندسان القبطيان موقع حفر البئر اعتباطاً، وإنما كان ذلك بدراسة جيولوجية بارعة، حتى أنه في محاولات لتوسيعها لم تأت بحلاوة مائها الأول، وقد ذكر ذلك المؤرخ "المقريزي" فقال: "سمعت من يحكي من المشايخ أنها لما نقرت جاء ماؤها حلو فأراد قراقوش أو نوابه الزيادة في مائها فوسع نقر الجبل فخرجت منه عين مالحة غيرت حلاوتها .... " .
ويبلغ عمق البئر تسعين متراً منها حوالي 85 متراً محفورة في الصخر وتتكون من طابقين أو بئرين متساويين في العمق تقريبا وتبلغ مساحة مقطع البئر العلوية خمسة أمتار بينما يبلغ مقطع البئر السفلية 3 , 2 متر مربع .
الهندسة المدنية
أما تضلعهما في الأعمال المدنية، فيظهر في بناء الجسور وحفر الخلجان والترع. وذلك لنقل المياه من نهر"النيل" الخالد، إلى مواضع عديدة للاستفادة بها على أفضل صورة، حتى لا تضيع سدى لاسيما في أيام الفيضان.
ولقد كافأهما السلطان صلاح الدين على ما أديا من خدمات، فصرفا المال على ترميم الكنائس والأديرة. فانشغل أبو المنصور بن بولس برفع شأن مدرسة القاهرة فازدهرت وتخرج فيها الكثير ممن اشتغلوا كتبة في بلاط السلاطين. وكانت هناك منطقة بالقاهرة تعرف بـ"أرض الحبش" بها دير كان أصلا للنسطوريين، فلما تسلمه القبط وجه "أبو المنصور" عناية خاصة إليه. وقد شاركه في هذه العناية الشيخ "المسكين أبو البركات" المعروف بـ"ابن كثامة" الذي وقف أرضاً واسعة على الدير عينه.