أبو فانا ونظام المنشوبيات فى الرهبنة فى الصعيد
كما تأثر بطريقة الأنبا شنودة فى الاهتمام بالارشاد وضرورة التعليم للجماعة الرهبانية التى جمعت حوله، ويذكر التاريخ ان دير القديس أبو فانا قد ضم اليه اكثر من 1000 راهب وكان من اوائل الاديرة فى الصعيد ، وعاش اولئك الرهبان فى ما يعرف بنظام المشوبيات وهو نظام يجمع بين حياتى الشركة والوحدة فى آن واحد، فكان كل جماعة من الرهبان من حرفة واحدة او من قرية واحدة يسكنون فى منشوبية ، والمنشوبية عبارة عن عدة قلالى متجاورة كل راهب يسكن منفرداً فى واحدة منها ، فتكون كل منشوبية جماعة متناسقة، وكانت تنتشر هذه المنشوبيات حول المبنى الكبير وهو الكنسة التى كانوا يجتمعون فيها للصلاة ، وكانت بجوارها مبنى المائدة التى كانوا يتناولون فيه الطعام فى شركة معاً ، والملحقات الأخرى مثل الفرن وآبار المياه ، وصالة الاٍجتماعات وحجرات مخازن الدير والبئر والفرن وملحقات أخرى خاصة بالزائرين.
الصورة المقابلة لفيلم عن قصة حياة القديس أبو فانا ( النخلة) إخراج صفوت فهمى
ديـــــر القديس أبو فانا
يقع دير أبو فانا علي بعد حوالي 30كم جنوب المنيا وحوالي 30كم شمال مدينة ملوي علي نفس خط عرض دير سانت كاترين في سيناء قرب الجانب الشرقي للصحراء الليبية. يقع الدير فى الحاجر الغربى بقرب بلدة هور ويبعد عنها بحوالى أربعة كيلو مترات ، وتتبع هور مركز ملوى محافظة المنيا.
يرجح علماء الاثار ان يكون الدير من أوائل أديرة الصعيد بل ويعد من أقدم الأديرة فى العالم ،يقول ماهر منقريوس خبير الآثار- بل ويعد من أقدم الأديرة في العالم وقد صاحب إنشاؤه حركة الرهبنة الأولي أسسه القديس أبو فانا في القرن الرابع الميلادي والذي تتلمذ علي يد الأنبا شنودة رئيس المتوحدين,واستمرت الرهبنة مزدهرة فيه حتي القرن الخامس عشر الميلادي إلي أن بدأت الكثبان الرملية الكثيفة تزحف بمئات الأمتار ناحية الشرق علي الدير...وترتب علي ذلك انخفاض عدد الرهبان به بالتدريج كما يذكر التاريخ إذ لم يستطيعوا مقاومة زحف الرمال حينذاك وبعدها اختفت أغلب معالم الدير عدة قرون إلي أن تمكن القمص متياس جاب الله كاهن الكنيسة بقرية قصر هور القريبة من الدير في أواخر القرن التاسع عشر من إزالة الرمال والكشف عن الدير. وقد صاحب انشاءه حركة الرهبنة الأولى ، وكان يعد أهم تجمع رهبانى فى المنطقة ، وقد كان عامراً بالرهبان الأتقياء والذين تزايد عددهم حتى زاد عن ألف راهب ، وقد أسسه القديس أبو فانا اذ بدأ الرهبنة بالمنطقة فى القرن الرابع للميلاد ، واستمرت الرهبنة مزدهره فيه حتى القرن الخامس عشر الميلادى ، وقد استمرت الرهبنة قائمة فيه حوالى ألف سنة وهى أطول مدة استمرت الرهبنة فيه فى المنطقة ، لذلك لعب هذا الدير دوراً مؤثراً فى حياة الشركة الرهبانية فى هذه المنطقة من مصر العليا ، ومما زاد بالدير أهمية أن عاش فيه رهبان قديسون كثيرون ، وقد تخرج منه القديس الايغومانس ( القمص ) أنبا ابرآم الفانى ( 1321-1396م ) الذى ترهبن بالدير وهو فى سن العشرين وقد بقى بالدير وحده ولم يغادره حتى عام 1365م وهذا التاريخ يعتبر بداية تدهور الدير ، كما تخرج منه اثنان من الآباء البطاركة هما البابا تاودسيوس البطرك (79) وكانت مدة رئاسته على السدة المرقسية بين عامى ( 1295 - 1300م ) ، والبابـــــــا متـــاؤوس الأول البطــريرك (87 ) وهو المعروف باسم متى المسكين وكان قد ترهبن بدير أبو فانا وعمره أربعة عشر عاماً وقد جلس على السدة المرقسية فى الفترة بين عامى ( 1378 - 1408م ).
وطنى 3/8/2008م السنة 50 العدد 2532 عن مقالة بعنوان [ مراحل تعمير دير أبو فانا ] الأنبا ديمتريوس-أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين
*مر الدير بالعديد من المراحل أثناء تعميره فمنذ عام 1987 بدأ التعمير بترميم الكنيسة الأثرية ثم تم بناء عدد كبير من القلالي واستراحات وبيت خلوة ومكتبة كتب ومكتبة سمعية وبصرية وكل ما يتطلبه الدير الحديث تقريبا داخل منطقة الجبانة الحالية بالقرب من الكنيسة الأثرية.
*وتم بدء العمل في استصلاح واستزراع مساحة كبيرة من الأراضي الصحراوية بجوار الدير(بعد حرم المنطقة الأثرية مباشرة)وأيضا ربط جزء منها بأملاك الدولة وجار شراؤها كمزرعة للدير,كذلك تم حفر عدد(9) آبار مياه جوفية وبناء بعض المنشآت بالمزرعة وعمل شبكة ري بالتنقيط وأحواض لتربية الأسماك.
*انضم إلي الدير عدد من الشباب بقصد الرهبنة ويتردد علي الدير أيضا عدد آخر من الشباب.ويتم متابعة الإخوة طالبي الرهبنة من قبل الأب أسقف الإيبارشية.
*بتوجيهات وبتصريح من قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث تمت في 2003/6/30 أول سيامة رهبانية بالدير بعد غيبة عدة قرون لخمسة من طالبي الرهبنة الذين قضوا نحو ثلاث سنوات كفترة اختبار ونسبت رهبانيتهم أولا إلي دير مارمينا بمريوط.
*في29مايو2004 تم الاعتراف بعودة الحياة الرهبانية للدير في جلسة المجمع المقدس برئاسة قداسة البابا شنودة الثالث.
*تمت سيامة الدفعة الثانية(سبعة رهبان)بيد قداسة البابا شنودة الثالث في2005/1/9م .وتغيير شكل الدفعة الأولي علي دير القديس آفافيني(أبو فانا)والدفعة الثالثة(ستة رهبان)في2008/3/11م.
القديس أبوفانا المتوحد
نشأته وحياته الأولي:
عاش القديس أبوفانا(يعنينخلةباللغة القبطية البحيرية)ما بين النصف الأخير من القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلادي(355-415)م ولد في ممفيس من أبوين تقيين غنيين في النعمة والثروة,فنشأ في حياة القداسة مما كان له أعظم الأثر في حياته المبكرة,ولما بلغ سن الشباب كانت ميوله نحو الصلاة والتسبيح والقراءات الروحية فعاش حياة الطهارة وأحبها.ومع ازدهار الحياةالرهبانية في الصعيد كان يذهب لزيارة الرهبان والمتوحدين ويتدرب علي حياة النسك.
وأخيرا انطلق إلي هناك ليستقر ويتتلمذ لهم باشتياق.وكان شديدا في نسكه وتقشفه فكان يدرب ذاته أن يقتني كل فضيلة يسمع عنها أو يراها من الآباء الرهبان ولم يأخذ رتبة كهنوتية حسب النظام الباخومي,ولكنه صار أبا لبطاركة إذ تخرج في الدير اثنان من الآباء البطاركة هما:
البابا ثيئودوسيوس(79) وكانت مدة رئاسته علي الكرسي المرقسي بين عامي(1295-1300)م.
البابا متاؤس الأول(87) وكانت مدة رئاسته علي الكرسي المرقسي بين عامي (1378-1408)م.
فلم تمر سوي سنوات قليلة حتي تكاثر أولاده جدا فكان لا يفتر عن تعليمهم وإرشادهم وتشجيعهم علي تلك الحياة الملائكية.
وأعطاه الله موهبة شفاء المرضي...بل وإقامة موتي حيث توجد معجزتان في سيرته عن إقامة الموتي.
توحده:
في الجبل الغربي خارج قرية أبو صير بالقرب من قصر هور في الأشمونين وجد مغارة مظلمة لا يدخلها نور ففرح بها وكأنه وجد ضالته المنشودة وحدثت معجزة عظيمة إذ أنبع ينبوع ماء عذب عند مدخل المغارة وبدأ جهاده الروحي في تلك المغارة يزداد حيث أضني جسده بالصوم الكثير.تدرج في صوم الانقطاع حتي صار يصوم في الشتاء يومين يومين وفي الصيف كان يتناول القليل من الخبز والماء والبلح الجاف عشية كل يوم,وكان دائم الوقوف علي رجليه حتي تورمت قدماه والتصق جسده بعظمه من شدة النسك فصار مثل خشبة محروقة وكان كلما غلبه النعاس ينام وهو يستند متكئا بصدره علي جدار أقامه خصيصا لذلك أو يجلس علي الأرض ويستند إلي الحائط أو يضع رأسه علي درجة فظل هكذا 18عاما حتي يوم نياحته.
نياحته:
بعد سنوات مملوءة بالجهاد اعتراه المرض من شدة النسك فأتاه السيد المسيح ليدعوه ليتمم جهاده المثمر ويكشف له يوم نياحته فأحضر تلاميذه وأخبرهم وأشار بعمل قداس وظل واقفا طوال القداس والدود يتساقط من قدميه وتناول من الأسرار المقدسة ثم تنيح بسلام وسط جوقة من الملائكة في يوم السبت 4مارس لعام415م الموافق25أمشير لعام 131ش ودفنوه بإكرام عظيم في مكان ديره الموجود بالجبل الغربي قصر هور-ملوي.
أكثر من ألف راهب:
بعد أن انتشر صيت فضائله التف حوله عدد كبير من طالبي الرهبنة,فصار لهم أبا روحيا.وصار اسمه لقبا لكل أبنائه الرهبان الذين ترهبوا في ديره.
ويذكر المقريزي أن ديره كان عامرا بالرهبان وكان يسكنه أكثر من ألف راهب,ولكن في أيام المقريزي(القرن الـ15) كان عدد الرهبان قد انحسر إلي راهبين فقط واستمرت الحياة الرهبانية فيه دون انقطاع حتي القرن السابع عشر.