Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الأنبا كيرلس البطريرك رقم 75 داود المعروف بأبن لقلق 

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

 

Home
Up
الكرسى الشاغر
البابا كيرلس الـ 75 ج1
البابا كيرلس الـ 75 ج2
البابا كيرلس الـ 75 ج3
المسلمون وكنيسة أبو سرجة
نياحة الأنبا كيرلس الـ 75
قبطى سكران يتلفظ بالإسلام

 

الأنبا كيرلس ورأس مار مرقس رسول السيد المسيح إلى أرض مصر

 

وفى نهار يوم الأثنين 24 من بؤونة ركب البابا دابته وذهب إلى دار ( بيت) أبن السكرى التى فيها رأس مرقس الإنجيلى فأخرجت الرأس له كالعادة عند إقامة البطاركة وسذكر الأنبا يوساب أسقف فوة كتاب تاريخ الآباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوة أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 163 : " لم تخرج هذه الرأس لمدة 48 سنة منذ أن خرجت أيام إقامة الأنبا يوحنا نيح الرب نفسه ومده تعطيل إقامة البطريرك وخلو الكرسى بسبب الشرور والبدع والفزع (الحروب)عشرين سنة أخرى , ووضع الرأس فى حجرة وكساها وغطاها بكسوة فاخرة جديدة حسب العادة الجارية عند إقامة البطريرك " ويذكر الكتاب السابق وكتاب تاريخ البطاركة " أن الرأس قيل لأنها رأس بارومرتيرس لأن راسل الإنجيلى كانت مع جسدة لما نقله الروم إلى البندقية " ( ولكن المؤكد أنها رأس مار مرقس الرسول لأن رفاة مار مرقس قد قسم من قبل أباطرة البيزنطية إلى قسمين هيكل الجسد أخذه الكنيسة الملكية فى مصر التابعة لهم أما الرأس فقد ظلت مع الأقباط الأرثوذكس راجع رفاة مار مرقس فى هذا الموقع )

الإحتفال بالبابا كيرلس بعد رسامتة

وأقام البطريرك الأنبا كيرلس فى الإسكندرية ثم ذهب إلى دير أبو مقار وكرز هناك قسوساً وشمامسة ورتب الدير  والأديرة القريبة منه وأقام فى كل دير يومين ثم ذهب إلى دير نهيا فى نهار الخميس 12 من أبيب ,  وذهب إلى دير الشمع يوم الجمعة ثانى يوم وصلى القداس الإلهى فيه , وذهب يوم السبن إلى كنيسة الملاك ميخائيل رأس الخليج فى مصر وأقام فيها ذلك النهار ونام فيها وأهتموا به شعب الكنيسة إهتماماً خاصاً وهم كلهم من أهل البهنسا , وفى صباح الأحد ركب دابته من كنيسة الملاك ميخائيل وذهب إلى القاهرة , وحضر إليه من القاهرة ومصر أسماء وأشخاص لا يحصى عددهم كما إجتمع مع مسلمين ويهود كثيرين جداً حتى كانوا واقفين بملأون الطريق وعلى الدكاكين وعلى الأسطح من كنيسة الملاك ميخائيل إلأى المعلقة ورفعت الصلبان قدامه على العيدان والأناجيل ملفوفة فى الأبروسفارينات , وأجتمع الشمامسة فى مجموعات وكانت كل مجموعة خمسين شماساً أو أكثر ويرددون الألحان والمدائح والتسابيح , والأراخنة يركبون البغال قدامه وكان فى الموكب نائب والى القاهرة وأكثر العاملين فى دار الولاية وجاؤوا معهم وجات (صاجات كبيرة) وطبول وأبواق والطبلخانات والشبابة تطرب (تغنى)  قدامه وكانت أكثر من مائة شمعه موقدة يحملونها أمامه وكان يوماً مشهوداً لم يرى مثله قبل اليوم .

وكان من الرجال الذين قدامه رجل أعجمى أرسله الملك الكامل للمضاحكة راكباً على فرس يقول : يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فأحكم بين الناس بالعدل " وأمتد الموكب قدامه من كنيسة الملاك ميخائيل إلى السوق الكبير , وذهبوا جميعاً إلى الكنيسة المعلقة فى نهار الأحد 21 من أبيب وكشف رأسه وطلع على السترونس ( المنبر) وقرأ الإنجيل المعروف بالبطاركة وهو الذى فيه : " أنا هو الراعى الصالح " الموجود فى بشارة القديس يوحنا .

الإضطهاد الإسلامى .. لا نرفع صلبــــــــــــــــــاننـــــا

خرج الحقد الإسلامى الدفين من صدور المتعصبين المسلمين وظهر فى صورة إضطهاد بإلصاق التهم الجزافية التافهة وقتل الفرحة والبسمة بإحتفال الأقباط أصحاب الوطن الأصليين فى بلدهم وعلى تراب وطنهم بباباهم والتى ظهرت على شفاه الأقباط وكأن هذا شيئاً عجباً ومن الغرائب التى لا يجب حدوثها .

فأجتمع مجموعة من المسلمين وأنكروا على الأقباط الإحتفال بتنصيب باباهم بل أنهم أستبشعوا حمل الصلبان على رؤوس الأقباط فى وسط النهار فى الأسواق وجعلوها من الكبائر التى لا تغتفر وأثماً ضد الله إلاه الإسلام فكيف للغازى أن يعطى للوطنى حقه وأصبح الموضوع مضغة فى أفواة المسلمين وإختاروا رجلاً فقيهاً متميزاً فصيح اللسان أسمه عوض البوشى فكتب رقعة ( شكوى) يشكزا فيها ما حدث فى إحتفال الأقباط فنظر الملك الكامل فى الشكوى وأمر بالتحقيق فيها وأمر والى مصر بإحضار البطريرك لعرض الشكوى عليه  لئلا يتعدى مضمون الشريعة الإسلامية ( العهدة العامرية - لا نرفع صلباننا ) .. ففعل الوالى ذلك وأرسل فى إحضار البطريرك .

وكان عنده رجلاً فقيه يعلم الأولاد فى الكتاب فى مسجد من المساجد الذى فى الطريق التى عبر عليها البطريرك ذهب إلى الوالى وحوله الأولاد ممسكين بالألواح ( كانوا يتعلمون الكتابة على ألواح صغيرة ) ومكتوب عليها آية قرآنية وتظاهروا ليثيروا العامة فلم يستطيعوا لأن العالم (الوالى) ومهابة السلطة شديدة لا سيما نائب الوالى والجنود قدامه .

 ولما حضر البطريرك عند الوالى بدأ الفقى معلم الأولاد بالكلام فقال : " أنت رفعت الصلبان وفعلت وصنعت .. " فقال البطريرك : " لم اعلم شيئاً مما صنعه الناس , وكنت محمولاً من كثرة الناس ولا أعلم ما كان "

ثم عاد الفقى إلى حلقة تعليمه ومعه جماعة من غلمان الوالى (الجنود) لأن المسلمين كانوا قد وقفوا فى الطريق ليعتدوا على البطريرك فلم يتمكنوا من ذلك , وعاد البابا إلى الكنيسة المعلقة بإكرام وتبجيل ووقار .

وكان فى تلك الليلة إحتفال بعيد القديس مرقوريوس ابى سيفين وقد أعدوا الكنيسة لهذا ألإحتفال الدينى فى الكنيسة التى بالساحل بما ما يناسب وقدسية هذا العيد لشهيد المسيحية ابى سيفين , وأمتنع البطريرك من المضى إلى الكنيسة فى أول الليل لأنه بلغه أن مجموعه من المسلمين وقفوا على باب الكنيسة وعبثوا بالمسيحيين الأقباط العابرين الذاهبين إلى الكنيسة , فرجموا بعضهم ولوثوا ثياب بعضهم , ولما جاء ميعاد صلاة العشية جاء كهنة كنيسة الشهيد ابو مرقورة ومعهم جنود الوالى وأستدعوه ليقود الصلاة فى الكنيسة , وقال له غلمان الوالى (الجنود) : " لقد ارسلنا الأمير لنخدمك فقوم ونحن قدامك ومن تعرض إليك فى شئ جازيناه كما أمرنا بذلك , فقام وذهب معهم إلى كنيسة ابو سرجه وصعد إلى قلايته (حجرة سكنة).

الراهب السنى

وكان فى كنيسة أبو سرجة بمصر راهب كان أسمه قبل أن يصير راهباً السنى أبى المجد بن القسيس أبى الفرج من بيت غليل , وكان قد ترهب بدير الأنبا أنطونيوس وأستدعاه الملك الكامل لإستخدامه فى ديوان النظر على الديار المصرية , وظل سنيناً راهباً ثم ترك خدمة الملك الكامل وظل يخدم فى كنيسة أبى سرجه لأنه كان شماساً فيها قبل رهبانيته وكان رجل جليل القدر مسموع القول عند المسلمين نظراً لعلاقته بالملك الكامل وما فعله معهم من قبل أيام خدمته فى الديوان , ولأنه كان متنزهاً ناسكاً عابداً فصار مثل البطريرك يقصده الناس ليحتكمون إليه فيقضى بينهم , وكان أمره نافذاً فى كل الكنائس وفى الأديرة ويمتثل الرهبان لحكمه وطاعته , وكان يحل مشاكل الأوقاف وقام بإعمار كثير من الكنائس وأعد لها أوقافاً , وعندما علم بما حدث من الراهب والأساقفة إغتاظ غيظاً عظيماً , وصار يتوهم فى كل من حوله أو من يعرفه أن له مصلحة فى تقدمة القس داود بطريركاً والأمر لم يحصل كما كان يظن , وتطور الأمر فى ظنونه وشكوكه إلى أن صار يسب ويشتم ويتكلم بما لا يليق بعلمانى عاقل يقوله لا سيما أقوال سيئه تصدر من راهب مثله له تاريخ فى خدمة الرب .

وأعاد هذا الراهب فكرة إقامة أبى البدر بن المؤتمن وكتب ترشيحاً له فيه توقيعات جماعية بما يقومون به فى مساعدة دفع مبالغ مالية لأقامته بطريركاً لأنه عرف أنه بعد أن وصلت الأمور إلى هذا الحد لن يقام بطريركاً بغير مال , ووافق جماعة من القبط على هذا وكتب البعض بما يقدر على دفعه والآخرون ضاعفوا ما يقدرون على دفعه , وكان حدوث هذا الأمر دعوه لأصحاب القس داود بجمع الأموال , وحدث أن الشيخ نشو  أبو الفتح  صديق داود الراهب المرشح للبطريركية وأرخن آخر أسمه الرشيد أبو الوحش بن فارس رفضوا تأييد داود وأنضموا إلى الراهب السنى فى إقامة أبى البدر بطريركاً .

ولما سمع الراهب السنى بأخبار داود أعتقد أن الشيخ نشو الخلافة أنضم لداود , وحدث أن الشيخ نشو الخلافة ذهب إلي الراهب السنى يوم عيد ميلاد يوحنا المعمدان 30 بؤونه  ليفتقده يقول أبن المقفع : " وعندما رآه الراهب السنى أتهمه باطلاً وسبه وشتمه بأفظع القبائح التى لا تأتى على بال إنسان عادى فما بالك أن ينطق بها راهب , وكان هذا أمام جماعة من القسوس حينما بدأ هجومه بالكلام قائلاً أنه مسيلمة الكذاب وإستمر يلقى الشتائم البذيئة (مسيلمة الكذاب هو عم محمد صاحب الشريعة الإسلامية وكان هو ومحمد وسجاح يدعون النبوة  وكان كل منهم يتهم الآخر بأنه نبى كذاب ) , إلا أن الشيخ أبو الفتوح تحكم فى ألفاظة ولم يرد أكثر من الراهب وبعد ذلك أنفصلا ثم أصطلحا مرة أخرى وضرب كل منهما الآخر مطاونة . 

ويذكر أبن المقفع كاتب تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 179 ويقول : " ولما عاد إلى الكنيسة المعلقة ومعه عساكر الوالى فأشرت عليه بأن لا يذهب إلى المعلقة ويصرف عساكر الوالى فصرف عساكر الوالى وشكرهم وشكره وذهبوا إلى كنيسة أبو سرجة  وصعد إلى قلاية الأب الراهب بطرس المعروف قبل رهبانيته بأسم السنى أبو المجد . وطيب قلبه وأزال ما فى نفسه من وحشة بما حدث من قبل , ثم عاد إلى الكنيسة المعلقة "

وذهب إليه شيوخ كنيسة بو مرقورة وأخذوه بغير رغبته إلى كنيستهم فقضى الليل فيها وعيد فى اليوم التالى , ولم يحدث أى قلاقل من المسلمين مما توقعة المسيحيين منهم , وفى يوم الخميس كان من عادة الشيوخ والفقهاء أن يذهبوا إلى الملك الكامل فى ليلة الجمعة فإجتمعوا عنده كعادتهم كل أسبوع , وأبتدأوا فى الكلام عن أن المسيحيين وركوبهم البغال وما حدث من حديث البطريرك فلم يصغى إليهم فى ما يقولونه , وفى يوم السبت كان والى مصر قد ذهب إليه , فحاسبة على تقصيره فى حماية الأمن وأعياد الأقباط وقال له : بلغنى أن أهل مصر هاجموا البطريرك وكنائسه , وأقسم بالله لئن حدث شئ من هذا لكان قبالته روحك " فذاع هذا الأمر لكل واحد وأطمأنت نفوس الأقباط وقويت نفس البطريرك , مع أن  كبار المسلمين وكثيرون يساعده أحسن مساعدة , ولكن ما حدث حدث من العامة وبعض الفقهاء . 

البابا يأ خذ شرطونية ( سيمونية)

ثم ذهب إلى كنيسة حارة الروم بالقاهرة فى نهار يوم الأحد 28 من أبيب وإحتفلوا به فى الكنيسة وأهتم به إشيدياكون الكنيسة الشيخ السعد ين زنبور وكان يوما حافلاً , وكان الناس يظنون أن البطريرك يأخذ شرطونية من كل واحد يكرزة لأجل المبلغ المقرر عليه ليعطية للملك الكامل ولكن لم يأخذ المبالغ بنظام واحد ولكنه كان يجبى من تكريز الأساقفة على الأسقفيات الخالية حسب قوتهم وقدرتهم بغير ظلم أو قسوة , وكرز فى يوم الأحد الخامس 5 مسرى بكنيسة أبو مقارة أربعة أساقفة على كرسى سمنود وأسنا وألواح والبنوان , وأستمر تكريز تكريز الأساقفة والشمامسة والرهبان والعلمانيين , وأصبح أخذ شرطونية قاعدة وكان بعض الأساقفة يزن مائتى دينار ذهب أو يقل المبلغ حتى 100 دينار وصديق البطريرك وصاحبة 50 دينار , والفئة التى دفعت أقل مبلغ لم تتعدى إثنان أو ثلاثة ولكن الجميع من ذوى الفئة التى دفعت مبلغاً كبيراً , ولم يرسم أحد بغير شرطونية إلا مطران دمياط  وكان قد ترهب وكان أسمه قبل رهبنته العمبد بن الدهيرى , وكان قد قدم من بلاد الشام وسكن مع الراهب داود قبل أن يصير بطريركاً بدير القديس فيلاتاوس وكان يطلق على هذا الدير أسم دير النسطور , ويعتقد أنه لهذا السبب لم يأخذ منه شرطونية أو لأنه قادم من الشام ولم يكن معه مال

شرطونية من القسوس

أما القسوس فكان يأخذ منهم ما يزن خمسة دنانير ذهب أو أقل من ذلك

شرطونية من الشمامسة

إذا كان من الذين عاندوه أو ذو منصب وجاه ومال كان يأخذ منهم 10 دنانير أما ألأكثرية من الشمامسة فكان يأخذ منهم 3 دنانير أو أقل .

الراهب بطرس (السنى) يبتعد عن الصلاة مع البابا

وكان ما يفعله غير مقبول إلا أنه شاع وأصبح مقبولاً إلا أن البطريرك سمح للمولودين من الزوجة الثانية أو الثالثة بالرسامة وردد أعذاراً كثيرة يتحجج بها , فتجمع هذا الفعل مع الشرطونية فبعد عنه الراهب بطرس الذى كان يطلق عليه أسم السنى قبل رهبانيته ولم يعد يحضر معه صلاة فى كنيسة ولا يأخذ له بركة مع أن الشيخ نشو الخلافة المعروف بأبا الفتوح قد تغير قلبه من جهته ولم يصلى معه ولم يسلم عليه بعد ما حدث بينهما .

وفى سنة 952 ش كرز البابا ما يزيد على أربعين أسقفاً أما من الشمامسة والقسوس فعدد لا يحصى وكان عذره فى أخذ الشرطونية هو ما قرر الملك الكامل أن يأخذه منه وقد سدد البابا ثلاثة ألاف دينار هو كلما عليه من قبل الملك ويقول أبن المقفع كاتب تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 180 : " ولكن الحال على ما هو عليه " أى أنه ظل يأخذ شرطونية عند رسامة أساقفة وكهنة وشمامسة .

وفى سنة 952 ش وصلت الأخبار إلى الملك الكامل بأن جيوش الروم والمسلمين قد خرجت لتحارب فى أطراف البلاد فخرج هو بجيشه من مصر وأقاموا معسكرهم فى أمد وحاصروها وظلوا هناك لمدة أسبوع ولكنهم لم يقدروا على إقتحامها فرحلوا وتركوها إلا أنهم أحرقوا الزراعات والبساتين التى حولها وثم ذهبوا إلى السويدا وأخذوها بعد أن خابروا حاكمها فتركها بعد أن باعها لهم , ثم ذهبوا إلى الرها فأخذوها بالسيف وقتلا أكثر أهلها ممن كان بها وأسروا شبابها وسبوا نسائها وكان أكثرهم من مساكين نصارى السريان وأرمن وكانوا قد حاصروا القلعة أياماً وأخذوها بـأمان غلام من غلمان الملك الكامل (مملوك يحكمها) وأسم هذا الحاكم كويح وقيل أنه صالحهم لأنه كان بها مال عظيم جداً وقماش قيمته 100 ألف دينار , وحدث أن الملك عبر نهر الفرات فتركوا فى كل قلعة حاكم يتبعهم ورجعت الجيوش إلى بلادهم .

أما الملك الكامل وجيشة فقد ذهب إلى دنيسر وبلاد ماردين لأن ملكها كان متحالف مع الأروام فأخربوا بلاده وأسروا أهلها وأخذوا من المكاسب مالا يحصى من الغنائم والأسلاب والسبايا والعبيد حتى أن المرأة الجميلة بيعت بخمسين درهماً والبغل الجيد بثلاثين درهماً والخروف بدرهم ووصل سبيهم إلى القاهرة ومصر ثم عاد الملك الكامل إلى حاران وحاصر قلعتها أياماً ولكنه لم يقدر على إقتحامها فنصب عليها منجنيق مغربى فأخذها بالسيف وأسر كل من فيها وكانوا حوالى 700 رجل أرسلهم إلى القاهرة مكبلين بالقيود , وذهب إلى الرها ولكن قلعتها كانت أحصن وأمنع ولكنها لم تقف جدران قلعتها أمام المنجنيق المغربى فأخذت بالسيف وأخذ منها أسرى وأرسلهم إلى القاهرة أيضاً وكان عددهم يقرب من الألف رجل .

 

الكنيسة المعلقة والمسجد والمؤذن الحرامى وقطعة من صليب الصلبوت

 

وحدث أنه كان إلى جانب الكنيسة المعلقة مسجد ومأذنته عالية ومجاورة للطابق الذى يسكن فيه البطريرك ( قلاية) وهى نفس المكان (القلاية) الذى كان يسكن فيها البابا مرقس ابن زرعة , وكان فى الجامع مؤذن أسمه سالم , وكان الطابق الذى يسكن فيه البطريرك أمامه سطح مكشوف من جهة المسجد فأراد البطريرك أن يضع ساتراً بينه وبين الجامع فمنعه المؤذن المذكور ولما بناها البابا طلع المؤذن وهدها وظلت نفوسهم غير طيبه .

وحدث أن خرج البابا لتفقد منية صراد ليعيد فيها عيد العذراء مريم فى 21 من شهر طوبة ولم يترك احداً لحراسة مسكنه وفى صباح اليوم التالى ذهب من معه مفاتيح القلاية ففتح باب القلاية من أسفل وطلع إلى الطابق الذى يسكن فيه البابا فوجد البابا الفوقانى مكسور وموضع آخر قد نقر وباب الخزنة قد قلعت من حشوة ( الخزنة كانت خشب فى ايامهم) وكان فيه قماش كثير , حضر البطريرك عند سماعه بالنبأ فلم يجد صينية من الفضة وصليب من الفضة موجود فى داخلة قطعة من صليب الصلبوت , ووجد القماش سالماً وحضر البوابون فشهدوا أن من سرق سرق من جهة المسجد وذهبوا وأخبروا الوالى بذلك فأخذ لمؤذن وحبسه وذهب اكابر المسلمين يتوسلون ويتشفعون إلى البطريرك بسببه فابى أن يخرجه فتعصب المؤذنون بالجامع العتيق (جامع عمرو) بمصر هم وجمع كبير من المسلمين وصاروا يذهبون  طوائف إلى المسجد الذى سجن مؤذنه وصاروا يؤذنون جميعاً بصوت واحد وأنزعج أهل الحارة وأشتكوا إلى القاضى جمال الدين بن مثلى صاحب ديوان الأحباس , فأمر الا يؤذن واحد , واخيراً صدر المر بغلق المسجد , فتجمع عامة المسلمين وذهبوا فى أعداد كبيره إلى المسجد وكسروا الأقفال والأختام الموضوعه من قبل القضاة وطلعوا على المأذنة وغوثوا ولبوا تلبية الإسلام لبيك اللهم لبيك , وتجمعوا على بابا الكنيسة المعلقة أعداداً لا تحصى , وخاف المسيحيين الذين كانوا بداخل الكنيسة وإضطربت نفوسهم , وكان يوم الأحد الأول من الصوم , والبطرك قد ابدل القداس الذى كان يصلى به إلى القداس الكيرلسى (لأنه قصير)

وحضر الوالى ومعه الجنود وصرف تجمع المسلمين حول الكنيسة المعلقة , وذهب معظم الذين تجمعوا حول الكنيسة إلى الأمير جمال الدين بن يغمور نائب السلطان وشكوا إليه قائلين : يا مولانا .. تغلق المسجد وتفتح الكنايس " فقال لهم : " هذا حديث ما يسمع بل الجميع تفتح ومن أراد المسجد طلع غليه ومن أراد الكنيسة طلع إليها إلا أنه لا يؤذى أحد ولا يتعرض إلى أحد , فهؤلاء رعية السلطان , وأنتم أخبر وإن كان هذا المسجد فقيراً أنا أقوم به إلا أن التعدى لا يرضى أحداً "  ولم يذكر مخطوطة تاريخ البطاركة للأنبا ساويرس ابن المقفع ما إذا كانت قطعة الصلبوت قد رجعت إلى الكنيسة ام ان المسلمين قد استولوا عليها .

فمضى المسلمون وجمعوا أموالاً  فيما بينهم ودهنوا المسجد (بيضوه) وبنوا مصطبه وبيضوها , وكانت معاملتهم جيده للمسيحيين وكان الولاه ينصفون المسيحيين .

 

غضب الرهبان من البابا الأنبا كيرلس (تكريس الميرون)

 

ذهب البابا إلى دير ابو مقار فى الجمعة السادسة من الصوم المقدس الكبير ورافقه كثير من اساقفة الوجه البحرى ومن القسوس ومن الشمامسة وكثير من الأقباط , وكان طلب من السلطان الملك العادل السماح له بكمية من دهن البلسم فأمر له فأخذه معه وذهب إلى دير أنبا مقار وقدسه فى الخميس الكبير (خميس العهد) وأراد أن يفرح قلوبهم بأن يصرفهم فى هيكل بنيامين فإغتاظ الرهبان من ذلك وذهبوا إلى أبو مقار وكسروا بعض قناديل الكنيسة بعكاكيزهم , ولم يلتفت البابا إليهم بل أكمل صلاته وعمله فى تكريس الميرون , وذهب البابا إلى قلايته ونام وفى الصباح صلى فيها صلاة الساعة الولى من الجمعة الكبيرة , وإذا بالرهبان الذين كانوا غاضبين قد جاءوا إليه وضربوا له مطاونة , وسألوه أن يغفر لهم ذلاتهم وأطاعوه فى كل شئ يشرطه عليهم وكانت لهم عادات رديئة أزالها عنهم وحضروا الصلوات معه وفرحوا معاً بالصلوات امام رب المجد يسوع المسيح , وكرز منهم من أراد تكريزه واخذ الشرطونية (رسم التكريز) لأنه كان باقى عليه شيئاً من الأموال التى قررها عليه السلطان .

وتوجه غلى الإسكندرية وأقام به مدة وحدث نفس الذى حدث فى الدير من كهنتها ورجعوا أيضاً وأطاعوه , ويقول تاريخ البطاركة عن هذا البطريرك : وكان هذا البطريرك له قوة نفس وصبر وإحتمال فما كان يبالى بشئ مما يجرى "  سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 182

ثم غادر الإسكندرية وفى طريقة إلى مصر زار كنائس كثيرة فى الوجه البحرى ومنطقة الغربية وأفتقد رعيته , وكان السلطان مقيم فى الشام والشيخ السنى الراهب معهم فى كنيسة ابى سرجه بمصر وكان لا يطيع البطريرك ولا يجتمع به ولا يوافق على شئ من أعماله والبطريرك لا يذهب غلى كنيسة ابى سرجة ويقول أن هذا ما هو ببطرك بل ضامن البطريركية من السلطان .

وكان الناس يخافون من السلطان ولا يستطيعون مخالفته وكان السلطان يندد ويهدد فى هذه الأيام لأنه كان يريد بناء سور بجانب البحر على الساحل فأمر بحفر مكان أساس السور ممتد من القاهرة إلى مصر لحمايتهما , فأرسل إلى البطريرك وامره ان يحضر هو وأصحابه ويحفر مع الناس , وحدد له مسافة مائة ذراع مسؤول عنها بحفرها وقد كان الناس كلهم قد حفروا الأمراء والأشراف والولاة واليهود وسائر الناس وأخرجوهم عند خروج النصارى للعمل فإستحى الناس وحضروا من كل مكان وحفروا من كل مكان وظلوا يحفرون لمدة شهر وأنهو أعمال الحفر واستراحوا وكان البطريرك يخدم عليهم فيما يأكلون ويشربون ...

وتوقف البطريرك عن أخذ الشرطونية إلا فى النادر .

 

البابا يأمر بعدم خروج الرهبان من اديرتهم - الشيخ نشو الخلافة

 

وعندما توترت العلاقات بين البطريرك الأنبا كيرلس والشيخ القبطى نشو الخلافة فقد رأى البابا أن يذهب إلى منزله فذهب وبات عنده ليله فاثرت فيه هذه المجاملة ولم يصبح صديقه ولا عدوه بل أخذ جانب فقط بكثره تردده على الراهب السنى فى كنيسة ابى سرجه .

وقد اصدر البابا حرم كل راهب لا يرجع إلى ديره ويرجع كل الرهبان الذين يقيمون فى المدن والقرى إلى اديرتهم ما عدا أيام الجرانة (جمع المحصولات وإيجار الأراضى وشراء محاصيل للأديرة)

أخبار الروم

 وصل امر السلطان بتجهيز العسكر ولم يكن موجوداً إلا الجند وقلة من الأمراء لأن غالبية الجيش كانوا مع السلطان فى دمشق  بمجرد وصول الأخبار بأن جيش الروم قد ذهبوا إلى حاران وأحرقوا دار العافية (مستشفى) التى فى أولها وسبوا ونهبوا البلد ثم ذهبوا إلى أمد وحاصروها .

 

This site was last updated 02/27/15