هذه المقالة بعنوان [ أبناء على مبارك وأحفاده ] نشرت بتاريخ 13 ابريل 1956م الكاتب/ جريدة المصوّر

محرومون من النورعلى مبارك باشا !
ظلت الحكومة البريطانية مائة عام تدفع معاشا ضخما لورثة الاميرال " نلسون " مع عدم حاجتهم الى هذا المعاش ، فلما وقفت صرفه رفع أحد أحفاده دعوى على الحكومة اذا اعتبر وقف المعاش أهانة لذكراه ... وفى مصر أولاد وأحفاد لرجل كان أول من وضع أسس التعليم فى مصر ، نقدم مأساتهم لقادة الثورة فى هذه السطور ....
فوق سرير المرض والشيخوخة جلس أسماعيل مبارك يعدد مناقب والده فى كتاب له ويقول :
" هل تصدق ان معاشى لا يزيد على 11 جنيها لا تكفى ثمن الدواء فضلا عن الطعام والشراب "
لم نشا أن نصدق ، حين قال لنا قائل أن أولاد وأحفاد على مبارك باشا يكاد يقتلهم الجوع والفقر ومضيت أبحث عن بيوتهم لاحقق المأساة .. وفتحت لى الباب سيدة عجوز فهمت من لهجتها انها تركية الاصل قالت لنا انه زوجة " حبيب بك ابن صاحب الرحمات على مبارك باشا " وأيقظت زوجها الشيخ فجاء مستندا الى ذراع " حسن " أكبر أولاده .
وتكلم الرجل فى حسرة فقال وهو يمسح دمعتين افلتتا من عينيه :
" هل تتصور ياسيدى اننى وقد بلغت الرابعة والسبعين أعيش أنا وابنى الذى لا عمل له لضعف قواه العقلية ، وزوجتى وأبنتى المطلقة وأولادها الثلاثة ... كلنا على ثلاثة عشر جنيها ... "
هل من ذنبنا أن أبانا لم يكن لصا فلم يترك ثروة كما ترك السابقون من الحكام اللصوص ؟....
لقد كان على مبارك منشىء التعليم فى مصر وزيرا للمعارف وكان وزيرا للاوقاف ، وكان وزيرا للاشغال فى عهد أسماعيل ، ولكنه لم يترك غير الذكر الحسن وقبل أن نودع الرجل المريض سألناه عن بيت أخيه الاكبر " أسماعيل مبارك " فوصفه لنا وذهبنا اليه وفى شبه ذهول قال لنا أسماعيل بك ماذا تريدون منى ؟
ها أنتم ترون أبن على مبارك أول من وضع أسس التعليم فى مصر ، وأول من بعث البعوث الى الخارج لتنقل الى مصر نور العلم ،وأول من عمل أنشاء المدارس فى المدن وأخذ من أموال خيرات الاوقاف ليغدق على العالم ....
اليس على مبارك أول من منشىء" دار الكتب" ومنشىء" دار العلوم " ..... ولكن هذا لم يغن أولاده وأحفاده من أن يجوعوا !!!
وركز الشيخ عينيه فى عينى وقال :
" سيدى ..... بالله قل لفتيان الثورة الذين أشاعوا النور فى كل قلب أن صاحب التمثال القائم فى دار الكتب له أولاد يكادون يسألون الناس ... وأن أبنه أسماعيل المحطم أقعد ولديه فى البيت لعجزه عن نفقات تعليمهما "
ونحن بدورنا نقدم هذه المأساة الى روح الثورة لتتدراكها برا بالتاريخ.