Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

  أحمد فتحي زغلول القاضى وإبراهيم الهلباوي محامى الإدعاء

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل 

Home
Up
الهلباوى الإدعاء وزغلول القاضى
حادثة دنشواى بالصحف

Hit Counter

كانـت هيئـة محكمة دنشواى قـد شملـت بطرس غالي وفتحــي زغلـول (شقيـق الزعيـم سعـد زغلـول) كقاضيين محامى الإدعاء فكان  إبراهيم الهلباوي.

*******************************************************************************

تعليق من الموقع : التعذير والإهانة والذل للمسلمين  إبراهيم الهلباوي محامى الإدعاء و أحمد فتحي زغلول القاضى  الذين قاموا بإدانة فلاحى دنشواى فعلياً وإغتيال المسيحى  بطرس غالى الذى كان معهم

*******************************************************************************

محامى الإدعاء

 إبراهيم الهلباوي (1858-1940)  أعظم المحامين الذين أنجبتهم مصر فى ذلك الوقت  وصفه عباس محمود العقاد ذات مرةٍ بأنه "كان ذا ذلاقة لسانٍ لا تطيق نفسها ولا تريح صاحبها". وكان الهلباوي خطيباً مفوهاً وممثلاً رائعاً يمزج بين العربية الفصحى والعامية البسيطة ويتحرك بخفةٍ ورشاقة، يجبر المحكمة على سماعه ويجعل من يسمعه ويراه مشدوهاً بعبقرية هذا الرجل. قال عنه عبد العزيز البشري في "المرآة" إنه "شيخ يتزاحف على السبعين إن لم يكن قد اقتحمها فعلاً، عاش مدى عمره يحبه ناس أشد الحب ويبغضه ناس أشد البغض.. إلا أن هؤلاء وهؤلاء لا يسعهم جميعاً إلا التسليم بأنه رجل عبقري" وقال معاصرية : " كان الهلباوي يقف في المحكمة فيهز مصر كلها بفضل حججه القانونية البارعة التي جعلته يدعى أعظم طلاب المرحمة "

في يوم 20 يونيو حزيران عام 1906، أصدر بطرس باشا غالي ناروز وزير الحقانية بالنيابة قراراً بتشكيل المحكمة المخصوصة لمحاكمة المتهمين في حادثة دنشواي برئاسة بطرس باشا غالي نفسه، وعضوية كلٍ من "المستر" هبتر نائب المستشار القضائي، و"المستر" بوند وكيل محكمة الاستئناف الأهلية والقائمقام لهادلو القائم بأعمال المحاماة والقضاء بجيش الاحتلال، وأحمد فتحي زغلول بك (حمل لاحقاً لقب: باشا) رئيس محكمة مصر الابتدائية وأن يكون انعقادها في شبين الكوم يوم الأحد 24 يونيو حزيران
كان من المقرر أن يحضر إبراهيم الهلباوي التحقيق مع المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي يوم السبت الموافق 16 يونيو عام 1906 لكنه لم يحضر لعدم عثوره على وسيلة انتقال مباشرة إلى دنشواي ولارتفاع درجة الحرارة في ذلك اليوم
وعلى رصيف القطار في القاهرة، وجد الياور الخاص برئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا يخبره بأن "الباشا" ينتظره في مكتبه لأمرٍ مهم. ثم التقى الهلباوي محمد محمود بك رئيس حزب الأحرار الدستوريين فيما بعد، وكان يعمل آنذاك سكرتيراً خاصاً لمستشار وزير الداخلية الإنجليزي "المستر" ميتشل، الذي سأله عما إذا كان أحد من المتهمين في حادثة دنشواي قد وكله للدفاع عنه..فلما نفى ذلك أخطره بأن الحكومة قد اختارته ليمثلها في إثبات التهمة ضد المتهمين أمام المحكمة المخصوصة، باعتباره من أكبر المحامين سناً وأقدمية
والغريب أنه وافق مع أنه –كما قال فيما بعد- "كان يتقاضى 500 جنيه في القضايا الكبرى، فإنه خفض أتعابه في هذه القضية، فقبِلَ أن يترافع فيها ب 300 جنيه فقط" ( ثمـن فـدان الأرض الزراعيـة فـي ذلـك التاريـخ وبنفس قريــة دنشــــــواي هـو٤٠ جنيهاً (هـذا السعـر اشتري به الأستـاذ قاسم أمين قطعة أرض فـي دنشواي قبيل الحـادث الشهيـر)
وهكذا استقبل الهلباوي في مكتبه "المستر" موبيرلي المفتش الإنجليزي لوزارة الداخلية لوزارة الداخلية و"المستر" مانسفيلد الحكمدار الإنجليزي لبوليس القاهرة اللذين أبلغاه أنهما مكلفان بأن يكونا في خدمته في كل ما يتعلق بقضية دنشواي، واقترحا عليه أن يحضر التحقيق وأن يشارك في استجواب المتهمين، لكنه اعتذر عن ذلك وفضلَ أن يزور مسرح الأحداث ليعاينه. وفيما بعد، قال الهلباوي –  إن قبوله القيام بدور المدعي العام قد مكَنه من صد المحاولات الإنجليزية التي استهدفت تضخيم الحادثة (مذكرات إبراهيم الهلباوي: تاريخ حياته، إبراهيم الهلباوي بك (1858-1940)، تحقيق عصام ضياء الدين؛ تقديم د. عبد العظيم رمضان)
وكان رد الفعل البريطاني قاسياً وسريعاً، فقد قدم 52 فلاحاً مصرياً للمحاكمة بتهمة القتل المتعمد
فقد استخدم الهلباوي دهاءه لتكييف واقعة اعتداء الفلاحين بالضرب على الضباط الإنجليز بحيث يثبت أن الحريق الذي وقع في الجُرن نتيجة رصاص الضباط الإنجليز أثناء رحلة الصيد في دنشواي، هو حادثٌ تالٍ للاشتباك بين الفلاحين والضباط –و أن الضباط الإنجليز لم يكونوا أصلاً السبب في حدوث حريق الجُرن..وأشار إلى أنه حريقٌ متعمد اصطنعه الفلاحون ليخفوا أدلة سبق إصرارهم وتعمدهم التحرش بالضباط الإنجليز والاعتداء عليهم بالضرب
وهكذا تمكن الهلباوي من تبرئة الضباط الإنجليز من الأخطاء والجرائم التي ارتكبوها، في حين زاد من مسؤولية الفلاحين عن الحادثة. واتخذ الهلباوي من نجاح الفلاحين في إخماد النيران في الجُرن في غضون ربع ساعةٍ فقط دليلاً على أن الفلاحين هم الذين أطفأوا النيران بعد أن أشعلوها
ولم يبق في إثبات ركن سبق الإصرار على القتل والشروع فيه سوى إثبات أن فكرة القتل لم تكن عرضيةً وغنما كانت نيةً مبيتة
وصوّر الهلباوي الأمر أمام المحكمة وكأن الفلاحين رتبوا الأحداث بحيث صمموا على قتل الإنجليز إذا جاءوا للصيد في قريتهم. وكان الملازم بورثر قد ذكر أثناء إدلائه بأقواله أمام المحكمة أن المتهم التاسع عبد المطلب محفوظ قد حماه هو وزملاءه من العدوان عليهم، وقدم إليهم المياه ليشربوا، وهي شهادةٌ كانت كافية لتبرئته
وعندما جاء الدور على الشاهد فتح الله الشاذلي نجل عمدة دنشواي، ورد في أقواله هو الآخر أنه قد قدم الماء للضباط..فتنبه الهلباوي إلى نقطةٍ جزم بأنها فاتت على الملازم بورثر، ووقف ليقول إنه يلاحظ شبهاً كبيراً في الملامح بين المتهم عبد المطلب والشاهد فتح الله، وإنه يعتقد أن الأمر قد اختلط على الملازم بورثر..فاستدعت المحكمة الضابط الإنجليزي الذي حسم الامر، وقال إن الذي سقاه هو ابن العمدة وليس المتهم. وبذلك حرم الهلباوي المتهم التاسع من فرصته للنجاة من الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة
وعلى هذا النهج يروي لنا صلاح عيسى في كتابه "حكايات من دفتر الوطن" كيف بذل إبراهيم الهلباوي جهداً ضخماً في تفنيد كل ما جاء في أقوال المتهمين والشهود ليهدم كل واقعةٍ يمكن أن تتخذ ذريعةً للتخفيف عن المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي، وليثبت للمحكمة أن الحادثة ارتكبت عمداً ومع سبق الإصرار،
بل إنه فند التقارير الطبية التي قالت إن الضحية الوحيدة في الحادثة وهو الكابتن البريطاني بول، قد مات متأثراً بضربة شمس، وأكد أن موت بول بضربة شمس لا ينفي أن المتهمين هم الذين قتلوه لأنهم هم الذين ضربوه، وألجأوه إلى الجري تحت أشعة الشمس اللاهبة. أضف إلى ذلك أن الهلباوي اتهم المتهم البريء حسن محفوظ بأنه "لم يكدر قريةً بل كدر أمةً بأسرها بعد أن مضى علينا 25 عاماً ونحن مع المحتلين في إخلاصٍ واستقامة وأمانة.. أساء إلينا وإلى كل مصري..فاعتبروا صوتي صوت كل مصري حكيمٍ عاقل يعرف مستقبل أمته وبلاده"
وفى ٢٧ يونيو من ذلك العام صدر قلم المحكمة المخصوصة التى قضت بإعدام على حسن على محفوظ ويوسف حسن سليم والسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران وتم تنفيذ الحكم علنا فى دنشواى فيما تم الحكم على ٢ بالأشغال الشاقة المؤبدة والحكم على آخر بالأشغال ١٥ سنة ثم حكم بالسجن ٧ سنوات على ٦ متهمين مع معاقبة كل منهم بخمسين جلدة علنا
وفي الثانية من ظهر يوم ‏28‏ يونيو حزيران جرى تنفيذ تلك الأحكام الجائرة، بعد محاكمةٍ استمرت بضعة أيام فقط وأمام أعين الأهالي. وتقول جريدة "المقطم" يوم ‏18‏ يونيو حزيران عام ‏1906‏ إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق‏
وقال أمير الشعراء أحمد شوقي بعد مرور عام على حادثة دنشواي:
يا دنشواي على رباك سلام..ذهبت بأنس ربوعك الأيام
كيف الأرامل فيك بعد رجالها..وبأي حال أصبح الأيتام
عشرون بيتاً أقفرت وانتابها..بعد البشاشة وحشةٌ وظلام
نوحي حمائم دنشواي وروّعي..شعباً بوادي النيل ليس ينام
السوط يعمل والمشانق أربع..متوحدات والجنود قيام
والمستشار إلى الفظائع ناظر..تدمى جلود حوله وعظام
وعلى وجوه الثاكلين كآبة..وعلى وجوه الثاكلات رغام
وأطلق  الشيخ عبد العزيز جاويش على الهلباوي  لقب "جلاد دنشواي"
وهجاه الشاعر حافظ ابراهيم في قصيدة قال فيها:
أيها المدعي العمومي مهلا ** بعض هذا فقد بلغت المرادا
قد ضمنا لك القضاء بمصر ** وضمنا لنجلك الإسعادا
فإذا ما جلست للحكم فاذكر ** عهد مصر فقد شفيت الفؤادا
لا جرى النيل في نواحيك يا مصر.. ولا جادك الحيا حيث جادا
أنت أنبت ذلك النبت يا مصر.. فأضحى عليك شوكا فتادا
أنت أنبت ناعقاً قام بالأمس.. فأدمى القلوب والأكبادا
أيا مدرة القضاء ويا من ** ساد في غفلة الزمان وشادا
أنت جلادنا فلا تنس أنا ** لبسنا على يديك الحدادا

عاش الهلباوي 34 عاماً بعد هذه الحادثة ذاق أثناءها الذل والهوان من المصريين وطارده لقب "جلاد دنشواي" في كل مكان. وكانت له كلمته الشهيرة: "ما أتعس حظ المحامي وما أشقاه.. يعرض نفسه لعداء كل شخص يدافع ضده لمصلحة موكله فإذا كسب قضية موكله، أمسى عدواً لخصمه دون أن ينال صداقة موكله"

وذكرت جريدة المصرى اليوم تاريخ العدد  الجمعة١٠   يوليو   ٢٠٠٩     عدد    ١٨٥٣  كتب   ماهر حسن

وصلت أنباء هذه المحاكمة الهزلية إلى الصحف حتى انطلقت كالنار فى الهشيم داخل مصر وخارجها، حتى إن الكاتب الأيرلندى الشهير «برنارد شو» لم يجد سوى السخرية من عدل سلطات الاحتلال، التى أجهدت نفسها بحثًا عن «بروجرام» تشغل به المتفرجين على حفل الإعدام وتحول بينهم وبين الملل خلال نصف الساعة الذى كان مفروضًا أن يظل فيه جسد المشنوق معلقًا للتأكد من وفاته، ولإتاحة وقت كاف لأسرته كى تشاهده وهو يدور حول نفسه، وقد حلَّت المحكمة هذه المشكلة فقضت على ثمانية من المتهمين بالجلد لتتيح لفرقة التنفيذ ملء فراغ «البروجرام» بجلد اثنين بين كل مشنوقين، حتى يكتمل الطابع الاحتفالى والاستعراضى لعدل المحتلين، أما إبراهيم الهلباوى فقد عمَّر طويلًا بعد الحادث لأكثر من ثلاثين عامًا ذاق خلالها الذل والهوان من المصريين الذين قابلوه بالكراهية فى كل مكان. يقول الأديب يحيى حقى: حضرته- أى الهلباوى- يخطب فى سرادق ضخم ازدحم فيه أنصار حزب الأحرار الدستوريين من أجل تخليص البلاد من يد المحتلين، وقوبل خطابه بالهتاف والتصفيق، وامتلأ الرجل ثقة وزهوًا وظن أن الدنيا قد صالحته، ولكنه لم يكد يفرغ من خطابه حتى ارتفع صوت فى آخر السرادق يهتف (يسقط جلاد دنشواى). لقد توفى الهلباوى فى عام ١٩٤٠ وهو فى الثالثة والثمانين. إن الذكرى الوحيدة الباقية للهلباوى- كما يرصد الأديب يحيى حقى- تسمعها من كمسارى الأتوبيس فى خط المنيل بالقاهرة وهو يعدد المحطات فيقول «محطة الجراج.. محطة الهلباوى». ومن الطريف أن الهلباوى انتدب نفسه فيما بعد عن إبراهيم الوردانى، الذى قام باغتيال بطرس غالى، رئيس محكمة دنشواى، ربما محاولة يائسة للتكفير عما جنى سلفًا، كما أنجز العديد من الحسنات، وهو ما جعل الوطنيين المصريين يطلبون منه الدفاع عنهم فى قضية التظاهر ضد قانون المطبوعات، وفى قضايا أخرى عديدة لبراعته المهنية فى المحاماة، ولكن حكم الشعوب يصعب أن يتغير. ويذكر لنا التاريخ أن واحدًا من أهم أحداث عام ١٩١٣م هو ما حدث فى ٩ ديسمبر من ذلك العام، حيث استكملت نقابة المحامين وجودها القانونى هذه السنة، وكان اتجاه المحامين هو اختيار عبدالعزيز فهمى لمنصب رئيس النقابة «النقيب»، ولم يكد الدكتور هيكل يفاتح عبدالعزيز فهمى فى أحقية إبراهيم الهلباوى بهذا المنصب حتى بادر على الفور بالموافقة قائلا: «أستاذنا وشيخنا»، وتحول فهمى من المرشح المختار إلى داعية لانتخاب الهلباوى الذى صار أول نقيب للمحامين فى مصر. وكان إبراهيم الهلباوى بك، الذى عاش بين عامى (١٨٥٨-١٩٤٠) قد كتب مذكراته، التى أعادت الهيئة العامة للكتاب نشرها فى عام ١٩٩٥ وقد غلب على هذه المذكرات الطابع الدفاعى التبريرى أكثر من الطابع التسجيلى التقريرى، وقام بتحقيقها د.عصام ضياءالدين وقدمها د.عبدالعظيم رمضان الذى يقول فى تقديمه لها: «إنه من المحقق أن الهلباوى وطنى مصرى كفَّر عن سيئة دنشواى بمئات من الحسنات، وقد تعامل معه الوطنيون المصريون على هذا الأساس، فلم يستبعدوه من الصف الوطنى وطلبوا منه مثلًا الدفاع عنهم فى قضية التظاهر ضد قانون المطبوعات المقيد لحرية الصحافة كما حرص إبراهيم الوردانى، قاتل بطرس غالى، على أن يطلب من الهلباوى الدفاع عنه رغم معرفة دوره فى محكمة دنشواى. كما كان للهلباوى (تلميذ الأفغانى) دور بارز فى شن حملات صحفية فى «المؤيد» على الحكومة والاحتلال البريطانى فى مواقف عدة، ومنها تفنيد تبريرات الاحتلال. أما وصف «جلاد دنشواى» فقد كان صاحبه الشيخ عبدالعزيز جاويش، لخصومة قامت بينهما وسجال على صفحات «المؤيد» و»اللواء» هكذا زعم الهلباوى، رغم أن صاحب هذا الوصف هو الشاعر حافظ إبراهيم حينما هجاه لموقفه فى دنشواى، وظل ملازمًا له حتى مع حرصه فى باقى حياته على نصرة المساكين والفقراء. ومما ينساه البعض أن الهلباوى كان من مؤسسى الجمعية الخيرية الإسلامية. أما عن النشأة الأولى فيقول الهلباوى فى مذكراته: «وُلدت فى الساعة الحادية عشرة من مساء اليوم الخامس عشر من رمضان سنة ١٢٤٧ هجرية ٣٠ أبريل سنة ١٨٥٨م وكان جدى وأبى من أصل مغربى نشأت فى بلدة العطف (المحمودية الآن) بمديرية البحيرة، ويظهر أن أبى ولد بتلك المدينة واحترف مهنة الملاحة فى النيل فلما قل رزقها عمل بالزراعة وتجارة الحبوب، ولقد عاش أكثر عمره أميًا إلى أن تلقى القراءة والكتابة عن الشيخ عبدالحافظ البحيرى الذى صار معلمًا لزوجتى وابنتى.. تزوج أبى من أخرى وكنت حينها فى الثامنة عشرة فعملت على تلطيف الأمر على أمى وعندما عملت بالمحاماة عمدت إلى بناء بيت لها ولأشقائى، وأصبح والدى يتردد علينا كضيف وكان ما يكسبه يذهب لزوجته الثانية وأولاده.. دخلت كُتّاب المدينة ودرست على يد الشيخ الشامى وانتقلت إلى الأزهر ولبثت به سبع سنين. وينطلق الهلباوى فى سرد مطول جدًا لسيرة حياته وصولًا للمحطة التى نترقبها وهى دوره فى دنشواى. يقول الهلباوى فى مذكراته: «يُخيل إلىَّ أن الذين سيقع بين أيديهم هذا الكتاب سيقلّبون صفحاته سراعًا باحثين عن تلك القضية التى شاء القدر أن يقترن اسمى بها، فها أنا ذا أرى فى نفوسهم غريزة حب الاستطلاع، ويعلم الله أننى ما كنت وحدى لأستحق هذه الشهرة السيئة فيما هناك كثيرون أحق وأولى بهذا الصيت المشين»، ثم حكى الهلباوى ملابسات الحادث وصولًا لترشيحه للقيام بدور الادعاء، حيث جرى العرف أن يمثل الادعاء واحد من شيوخ المحاماة وفق قانون المحكمة المخصوصة وقدرت أتعابى بثلاثمائة جنيه، ولم أتدخل فى التحقيق، ولأن قانون المحكمة المخصوصة يقضى بطلب أقصى العقوبة للمتهمين فقد فعلت، وكان الإنجليز يطالبون بالإعدام للمتهمين الواحد والخمسين، وقد ترافعت بما أملاه علىَّ الواجب، حتى إن شعورى بوطنيتى وصل بى إلى حد لا يتفق مع واجبى.


******************************************
 أحمد فتحي زغلول الشقيق الأصغر لزعيم الأمة سعد زغلول عضو المحكمة ورئيس محكمة مصر الابتدائية
 أحمد فتحي زغلول ( فبراير شباط 1863- 27 مارس آذار 1914) عضو المحكمة ورئيس محكمة مصر الابتدائية الذي كتب حيثيات الحكم بخط يده. ولم يغفر له أحد ما فعله في دنشواي..هو الشقيق الأصغر لزعيم الأمة سعد زغلول،  ، بل إن خصوم سعد زغلول كانوا يشيرون إلى شقيقه أحمد فتحي كدليلٍ على عدم وطنية الأول
وحدث في العام التالي مباشرةً لمأساة دنشواي، أي في عام 1907، أن تمت ترقية أحمد فتحي زغلول إلى منصب وكيل وزارة الحقانية، وأقام له بعض الموظفين حفل تكريمٍ في فندق "شبرد"، وطالبوا أحمد شوقي بالاشتراك في الحفل بقصيدة، فأرسل إليهم ما أرادوا في مظروفٍ..وفتحته لجنة الاحتفال في الموعد المحدد، فوجدت به أبياتاً تقول:
إذا ما جمعتم أمركم وهممتموا..بتقديم شيءٍ للوكيل ثمين
خذوا حبال مشنوقٍ بغير جريرةٍ..وسروال مجلودٍ، وقيد سجين
ولا تعرضوا شعري عليه، فحسبه..من الشعر حكمٌ خطه بيمين
ولا تقرأوه في "شبرد" بل اقرأوا..على ملأٍ في دنشواي حزين
وكانت لطمةً قويةً..وأنقذ أحمد فتحي زغلول نفسه،و مات في عام 1914 وهو وكيلٌ لوزارة العدل

 

This site was last updated 07/11/09