جارى العمل فى هذه الصفحة
الجزء التالى من كتاب السيرة النبوية - تأليف: عبد الملك بن هشام المعافري - المجلد الخامس - 96 / 116
لقاء الزبير بعض المنهزمين :
قال ابن هشام : وبلغني أن خيلا طلعت ومالك وأصحابه على الثنية ، فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ فقالوا : نرى قوماً واضعي رماحهم بين آذان خيلهم ، طويلة بوادهم ؛ فقال : هؤلاء بنو سليم ، ولا بأس عليكم منهم ؛ فلما أقبلوا سلكوا بطن الوادي .
ثم طلعت خيل أخرى تتبعها ؛ فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً عارضي رماحهم أغفالاً على خيلهم ؛ فقال : هؤلاء الأوس والخزرج ، ولا بأس عليكم منهم .
فلما انتهوا إلى الثنية سلكوا طريق بني سليم . ثم طلع فارس ؛ فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى فارساً طويل الباد ، واضعاً رمحه على عاتقه ، عاصباً رأسه بملاءة حمراء فقال : هذا الزبير بن العوام واحلف باللات ليخالطنكم ، فاثبتوا له . فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصر القوم ، فصمد لهم ، فلم يزل يطاعنهم حتى أزاحهم عنها .
شعر سلمة بن دريد في فراره يوم حنين :
قال ابن إسحاق : وقال سلمة بن دريد وهو يسوق بامرأته حتى أعجزهم :
نسيتني ما كنت غير مصابة * ولقد عرفت غداة نعف الأظرب
أني منعتك والركوب محبب * ومشيت خلفك مثل مشي الأنكب
إذ فر كل مهذب ذي لمة * عن أمه وخليله لم يعقب
من حديث أبي عامر الأشعري ومقتله يوم حنين :
قال ابن هشام : وحدثني من أثق به من أهل العلم بالشعر ، وحديثه : أن أبا عامر الأشعري لقي يوم أوطاس عشرة أخوة من المشركين ، فحمل عليه أحدهم ، فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر ؛ ثم حمل عليه آخر ، فحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر : ثم جعلوا يحملون عليه رجلاً رجلاً ، ويحمل أبو عامر وهو يقول ذلك ، حتى قتل تسعة ، وبقي العاشر ، فحمل على أبي عامر ، وحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول : اللهم اشهد عليه ؛ فقال الرجل : اللهم لا تشهد علي ، فكف عنه أبو عامر فأفلت ؛ ثم أسلم بعد فحسن إسلامه . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه قال : هذا شريد أبي عامر .
ورمى أبا عامر أخوان : العلاء وأوفى ابنا الحارث ، من بني جشم بن معاوية ، فأصاب أحدهما قلبه ، والآخر ركبته ، فقتلاه . وولي الناس أبو موسى الأشعري فحمل عليهما فقتلهما ؛ فقال رجل من بني جشم بن معاوية يرثيهما :
إن الرزية قتل العلاء * وأوفى جميعا ولم يسندا
هما القاتلان أبا عامر * وقد كان ذا هبة أربدا
هما تركاه لدى معرك * كأن على عطفه مجسدا
فلم تر في الناس مثليهما * أقل عثارا وأرمى يدا
نهيه عليه السلام عن قتل الضعفاء :
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أصحابنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر يومئذ بامرأة وقد قتلها خالد بن الوليد ، والناس متقصفون عليها فقال : ما هذا ؟ فقالوا : امرأة قتلها خالد بن الوليد ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض من معه : أدرك خالداً ، فقل له : إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عسيفاً .
الشيماء أخت الرسول :
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض بني سعد بن بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ : إن قدرتم على بجاد ، رجل من بني سعد بن بكر ، فلا يفلتنكم ، وكان قد أحدث حدثاً ، فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله ، وساقوا معه الشيماء ، بنت الحارث بن عبدالعزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، فعنفوا عليها في السياق ؛ فقالت للمسلمين : تعلموا والله أني لأخت صاحبكم من الرضاعة ؛ فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إكرامه عليه السلام أخته الشيماء :
قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن عبيد السعدي ، قال : فلما انتهى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : يا رسول الله ، إني أختك من الرضاعة ؛ قال : وما علامة ذلك ؟
قالت : عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك ؛ قال : فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة ، فبسط لها رداءه ، فأجلسها عليه ، وخيرها ، وقال : إن أحببت فعندي محبة مكرمة ، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت ؛ فقالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي .
فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وردها إلى قومها . فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما له يقال له مكحول ، وجارية ، فزوجت أحدهما الأخرى ، فلم يزل فيهم من نسلهما بقية .
شهداء حنين :
قال ابن إسحاق : وهذه تسمية من استشهد يوم حنين من المسلمين :
من قريش : ثم من بني هاشم : أيمن بن عبيد .
ومن بني أسد بني عبدالعزى : يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد ، جمح به فرس له يقال له الجناح ، فقتل .
ومن الأنصار : سراقة بن الحارث بن عدي ، من بني العجلان .
ومن الأشعريين : أبو عامر الأشعري .
سبايا حنين وأموالها :
ثم جمعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا حنين وأموالها ، وكان على المغانم مسعود بن عمرو الغفاري ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال إلى الجعرانة ، فحبست بها .