د‏.‏ سعيد مغاوري محمد

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

أديرة وادى النطرون

+ إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا إذهب إلى صفحة الفهرس التى بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
دير الأنبا بيشوى
التطور التاريخى للاعتداءات على الأديرة1
محافظ البحيرة يزور الأديرة القبطية
دير القديس يوحنا القصير
دير العدرا والأنبا كراس
دير السريان
كتاب عن وادى النطرون
دير الأنبا موسى ألأسود الأثرى
دير العدرا البراموس
دير أبو مقار

لمحة عن أديرة وادي النطرون في القرن التاسع عشر

مساحة رأي بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل - 09/11/2009

وادي النطرون أحد المنخفضات التي تقع في الصحراء الغربية من مصر، والتي تضم الواحات: الخارجة والداخلة في الجنوب ثم الواحات البحرية والفرافرة في الوسط ثم منخفض وادي النطرون والقطارة وواحة سيوة في الشمال. وتقع هذه المنخفضات فوق مستوى سطح البحر، على خلاف وادي النطرون ومنخفض القطارة حيث يهبط الوادي عن سطح البحر بنحو ثلاثة وعشرين مترًا.
وقد اتخذ الوادي أكثر من اسم عبر التاريخ، فقد أطلق المصريون القدماء عليه اسم (سخت – حمات) أو سكة همام وتعني حقل الملح وذلك لتوفير ملح النطرون فيه وأطلق عليه اسم حقل البلح لوفرة أشجار النخيل، وكذلك باسم (بثت – بت) وتعني بحيرة السماء وقد ذكر هذا الاسم في فنون الأهرام كمكان لإنتاج البخور.
وأطلق على الوادي "سكيتس" Scetis وتعني مكان النسك وقد اشتق من هذا الاسم كلمة تنطق بالعربية باسم "إسقيط"، كما عرف باسم "برية ثيهات أو (شيهيت)" ويتكون من مقطعين، الأول ويعني يزن والثاني ويعني القلوب ومعناها ميزان القلوب أي المكان الذي يزين الله فيه قلوب ساكنيه ليعرف مقدار محبة كل واحد منهم له، وعرف بوادي الملوك نسبة إلى الأميرين "مكسيموس ودماديوس" ابنا الملك فالنتيانوس الذي صار إمبراطورًا لروما سنة 364 وعشقا الرهبنة في وادي النطرون، وعُرف بوادي" هبيب" نسبة إلى "هبيب بن حزام بن عفاف الغفاري أحد أصحاب رسول الله (ص)"، وهو أحد عرب فزارة، وأطلق على الوادي اسم "وادي النطرون" لاستخراج مادة النطرون من بحيراته، وكانت تُسمى "بالاطرون"، ومن ثم فقد سمي الوادي بوادي النطرون.
كما عُرف الوادي باسم "الطرانة" وهي ولاية تقع على فرع رشيد، كان ينقل إليها النطرون من الوادي، وهي التي ارتبطت مع الوادي بنشاط تجاري زاهر.
وكان أول ظهور للرهبنة الانفرادية في وادي النطرون، وللرهبنة قدسية خاصة في المسيحية بدأت مع ظهورها وذلك بمرور العائلة المقدسة في الوادي أثناء هروبها من وجه "هيرودس" ومباركة الطفل "يسوع" لأركان هذا الوادي، فهرع إليها العديد من المتوحدين منذ العصور الأولى للمسيحية.
ووادي النطرون يزخر بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالي، وقد بلغت نحو مائة دير، ويذكر الرحالة "روفينوس" الذي زار الوادي حوالي (351م) أنه في الوادي نحوامن خمسين ديرًا، ثم صارت عشرة أديرة، ممتدة غربًا على جانب برية شهيت بين مديرية البحيرة والفيوم، ولكن أحداث الزمان والغزوات المتلاحقة أبادت الكثير من أديرة الوادي ولم يبق الآن من الأعداد الكثيرة سوى أربعة وهي حسب تاريخ نشأتها: دير البراموس، ودير أبا مقار، ودير الأنبا بيشوى، ودير السريان. وهي التي قاومت الزمن، وعواصف الرمال، وهجمات البربر، وظلت قائمة بينما تهدمت أديرة أخرى أو اختفت تحت كثبان الرمال.
وقد ذكر "عمر طوسون" من الأديرة القديمة التي اختفت: دير يوحنا القصير، ودير الأرمن، ودير إيليا (للأحباش)، ودير أبانوب، وقد قامت منذ سنوات حفريات كشفت عن أجزاء من هذه الأديرة، وهي عرضة أيضًا لأن تردمها الرمال مرة أخرى إذا لم يتم الحفاظ عليها.

المصدر : جريدة الأهرام 26/12/2007م السنة 132 العدد 44214 [ وادي النطرون والتنمية سياحيا ] بقلم: د‏.‏ سعيد مغاوري محمد
كلية السياحة والفنادق ـ جامعة المنوفية
منطقة وادي النطرون من أبرز المناطق السياحية في مصر والشرق الاوسط لما تتمتع به من مميزات جغرافية وتاريخية وحضارية‏.‏ فهذه المنطقة تقع في وادي النطرون بالصحراء الغربية بين القاهرة والاسكندرية‏,‏ ولقد استخرج قدماء المصريين من هذا الوادي مادة‏(‏ النطرون‏)‏ زمن الفراعنة‏,‏ ولقد عثر بهذا الوادي علي اطلال معبد امنمحات الاول حوالي سنة‏(1970‏ ق‏.‏م‏),‏ وتتمتع هذه المنطقة ايضا بمناخ معتدل وطبيعة خلابة والعديد من آبار المياه واراض وحقول زراعية وبساتين‏.‏


ولقد لفت انتباهي ان هذه المنطقة تعج بالعديد من الشواهد التاريخية والحضارية القبطية ممثلة في عدد من الاديرة‏,‏  حيث زارها السيد المسيح والسيدة العذراء ـ فقد وصل السيد المسيح غربا حتي وصل مع السيدة العذراء الي منطقة تعرفها المخطوطات القبطية باسم‏(‏ شيهات‏)‏ وتعني باللغة القبطية‏(‏ ميزان القلوب‏)‏ وهي التي يطلق عليها حاليا‏(‏ وادي النطرون‏)‏ وكانت هذه المنطقة مليئة بالعديد من الاديرة فيما بين القرون‏4‏ ـ‏7‏ م كان بعضها مخصصا لإقامة الرهبان الأجانب مثل الروم والارمن والسريان والاحباش واغلب هذه الاديرة مندثر حاليا ولم يبق منها سوي اربعة فقط هي‏:‏ دير ابو مقار ـ او دير القديس مكاريوس ـ مؤسس الرهبنة في منطقة وادي النطرون‏,‏ ودير الانبا بيشوي‏,‏ ودير السيدة العذراء المعروف حاليا بدير السريان‏,‏ ودير البراموس‏.‏


جميع هذه الاديرة تضم بين جنباتها العديد من الشواهد المعمارية واللوحات الفنية والعناصر المعمارية التي قلما تجدها في عمائر دينية مسيحية أخري في العالم‏.‏ هذا بالاضافة لاحتواء بعضها علي مخطوطات ووثائق تاريخية قبطية بالغة الاهمية ـ أغلبها لم يدرس أو ينشر حتي اليوم‏,‏ كما ان دير ابو مقار ـ او دير القديس مكاريوس يضم كنيستين الاولي هي كنيسة ابو مقار وبها حجاب به حشوات من الخشب مزخرف بزخارف بديعة من الفن القبطي وكنيسة السيدة العذراء والتي تضم‏3‏ هياكل‏,‏ أما دير الانبابيشوي فيضم بين جنباته المعمودية الوحيدة في الأديرة المصرية جميعا ـ ايضا يوجد بالدير كنيسة القديس بيشوي ولها‏3‏ ابواب ـ باب في كل من جهاتها البحرية والقبلية والغربية ايضا بهذا الدير‏(‏ غرفة المائدة‏)‏ وهي عبارة عن حجرة مستطيلة في وسطها مائدة من حجر علي ارتفاع متر وعلي جانبيها مسطبتان لجلوس الرهبان وفي آخر المائدة يوجد كرسي في حجر ايضا للقراءة يوضع عليه الكتاب المقدس أثناء الطعام حيث يتلو منه احد الرهبان بعض فصول الكتاب المقدس أثناء تناول الرهبان الطعام علي المائدة‏.‏


أما دير السيدة العذراء والمعروف بدير السريان ـ ولقد سمي بذلك لانه كان يقيم بهذا الدير رهبان سريان في وقت من الأوقات اتحدوا مع الاقباط في العقيدة والطقوس الدينية المسيحية ـ يضم هذا الدير بين جنباته العديد من الشواهد الاثرية والتاريخية منها سور علي شكل قلعة بني بأعلاه كنيسة علي اسم الملاك ميخائيل وحجابها مطعم بالعاج‏,‏ ايضا يضم الدير كنيسة باسم السيدة العذراء يبلغ طولها‏30‏ مترا وعرضها‏12‏ مترا وارتفاع سقف صحنها‏25‏ مترا يغطي جدرانها كلها نقوش بارزة وبها باب كبير من الخشب منقوش بزخارف قبطية جميلة‏.‏ ايضا يضم هذا الدير كنيسة أخري صغيرة باسم السيدة العذراء ينزل اليها بثلاث درجات وبها منبر مطعم بالعاج وأيقونة جميلة للسيدة العذراء وابرز ما يضمه الدير مجموعة مهمة ونادرة من انفس المخطوطات القبطية النادرة التي لا تقدر بمال‏.‏


أما دير البراموس فيضم بين جنباته‏5‏ كنائس أثرية مهمة مع حجرة المائدة وهي عبارة عن حجرة مسقوفة بعقود من الطوب الاحمر‏.‏


جميع هذه العناصر المعمارية والفنية والتاريخية المهمة لم تستغل الاستغلال السياحي والثقافي المهم ـ وأري أنه من المناسب جدا ا
ن تعتني وزارات السياحة والحكم المحلي والثقافة والإعلام والخارجية بهذه المنطقة محليا ودوليا ووضعها علي خريطة السياحة العالمية ودعوة خبراء السياحة والدوليين لزيارتها وتنميتها سياحيا خاصة وانها قريبة جدا من مدينة صناعية عملاقة وهي مدينة السادات التي تضم فندقا متميزا ولو تمت دراسة مشروع تنمية وتطوير مدينتي السادات ووادي النطرون سياحيا لحظيتا بإقبال دولي وعربي كبير لتميز هاتين المدينتين بالموقع والتخطيط العمراني والمواقع التاريخية الفريدة ولمساهمتها في زيادة الدخل القومي من السياحة والتسويق‏.

****************************

الجذور التاريخية للاعتداءات على أديرة وادى النطرون"دراسة وثائقية"(ج1)

الأقباط متحدون الثلاثاء ١٥ يوليو ٢٠١٤ - بقلم : د.ماجد عزت إسرائيل

كان وادي النطرون يزخر بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالى، وقد بلغت نحو مائه دير، ثم صارت عشرة أديرة، ممتدة غرباً على جانب برية شيهيت بين مديرية البحيرة والفيوم، ولكن أحداث الزمان والغزوات المتلاحقة أبادت الكثير من أديرة الوادي ولم يبق به الآن من الأعداد الكثيرة سوى أربعة ويجدر بنا أن نتناول كل دير من هذه الأديرة بلمحة وجيزة عن تاريخه على النحو التالي: -

 دير الأنبا بيشوى

ويقع على بعد نصف كيلو متر إلى الجنوب الشرقي من دير السيدة العذراء السريان، ويبعد عن دير القديس مكاريوس " أبو مقار" غربا نحو عشرين كيلو مترًا وتبلغ مساحته فدانين وستة عشر قيراطً وينسب إلي القديس "الأنبا بيشوي" وكان تلميذ للقديس مكاريوس أحد زعماء النسك في الوادي. ويرجع إنشاؤه على أغلب الاحتمال إلى أواخر القرن الرابع الميلادي، كما أعيد بناؤه حوالي عام 840م ويعتقد أن المبنى الرئيسي للكنيسة يرجع إلى هذا التاريخ كما قام البابا بنيامين الثاني البطريرك 82 (1327- 1339م) بترميمه وأضاف تعديلات ما زالت باقية حتى الآن. -

دير القديس مقاريوس (أبو مقار):

ويقع في الجنوب الشرقي لدير الأنبا بيشوي ودير السريان وتبلغ مساحته نحو فدانين ،وينسب هذا الدير للقديس مقاريوس الكبير، وهو أغنى أديرة وادي النطرون بما يحويه من قدسية لدى الرهبان حيث يوجد التابوت الذي يحوي رفات ستة عشر من الآباء البطاركة، كما يوجد أجساد التسعة والأربعين شيخا الشهداء الذين قتلهم البربر مدفونين بكنيسة الشيوخ، كذلك التابوت الرخامي الذي يحمل رفات القديسة هيلاريا ابنة الملك زينون التي تنكرت في زي الرجال وترهبت بهذا الدير ودفنت في أرضية قصره القديم الذي بناه والدها فوق المكان الذي يحوي تابوتها كما كان البطاركة يجتمعون فيه عندما كانوا يقومون بعملية الميرون المقدس، وأحيانا يدشنون الكنائس والهياكل التي تكون قد شيدت في هذا الدير، وكان من العادات المتبعة عند انتخاب البطريرك للكرسي أن يتوجه بعدها مباشرة إلى دير الأنبا مقار حيث لابد من إتمام عملية الرسامة والتقديس بالدير المذكور، وهذا دليل على مقدار المكانة المرموقة التي تبوأها ذلك الدير خلال العصور التاريخية المختلفة في كافة أنحاء البلاد المصرية بل وفى جميع أقطار المسكونة وأسبغ هذا بلا شك صفة التقديس للمكان المذكور. -

 دير السيدة العذراء السريان:

ويقع في المنطقة الواقعة بين دير البراموس ودير الأنبا مقار إلى الجنوب الشرقي من دير البرموس، ويبعد عن دير أنبا بيشوي الواقع في نفس المنطقة بمسافة 500 متر وتبلغ مساحته نحو فدان وستة عشر قيراطًا وترجع نشأته إلى اواخر القرن الرابع الميلادي، وقد بورك بزيارة العائلة المقدسة في القرن الأول الميلادي. وأطلق عليه اسم السيدة العذراء والدة الأله في القرن الخامس الميلادي ولكنه اشتهر باسم "دير السريان" بسبب سكنى بعض الرهبان القادمين من سوريا وبلاد المشرق داخل الدير بجانب الأقباط- في الفترة من القرن الثامن حتى القرن السادس عشر الميلادي – وقد تميز بقدوم مجموعات من جنسيات مختلفة بهدف التلمذة على أيدي آباء الدير الأوائل كما أطلق عليه على مدى العصور اسم "دير السريان العامر" لأنه لم يخل من الرهبان ولم يخرب ولم يحدث أي اعتداء عليه في أي عصر من العصور تقريبا. وترجع شهرة دير السريان في الغالب إلى وجود القلاية الأصلية التي كان يعتكف فيها الأنبا بيشوي، كما أن بجوارها شجرة "الأنبا أفرام السرياني" وكانت عصا ثم تأصلت في التربة ونبتت ثم أورقت وما زالت حتى يومنا هذا. -

دير البراموس:

ويقع دير السيدة العذراء براموس في الطرف الغربي لبحيرات النطرون وتبلغ مساحته نحو فدانين وثلاثة عشر قيراطًا من الفدان ويعرف بدير الروم لوجود مغارة أولاد الملوك التي عاش بها الأميران مكسموس ودماديوس انبا الإمبراطور فالنتينان الأول الذي حكم في الفترة من (364-375م) وقد أطلق عليه بعض المؤرخين دير أبي موسى الأسود وذلك لأن الأنبا موسى كان رئيسا لذلك الدير ودفن به. ويرجع تاريخ تأسيس دير السيدة براموس إلى القرن السادس عشر الميلادي، وكان آنذاك عبارة عن كنيسة، وترجع شهرته إلى وجود رفات القديسين مكسيموس ودماديوس.


فى 4/11/2015م  مياه الامطار..أغرقت اديرة وادي النطرون البراموس والسريان والانبا بيشوي وعندهم مشكله كبيرة بسبب السيول..

منذ اوائل القرن الخامس الميلادي اي حتى قبل ظهور الاسلام وهذه الاعتداءات كانت تتم من العربان الذين كانوا يعيشون على النهب والسلب فكانوا يقومون بغارات على الاديرة ونهبها والتنكيل برهبانها.
وقد تعرّضت أديرة “وادي النطرون” لسلسلة من الغارات، كان أشدها في القرن الحادي عشر يصاحب هذه الاعتداءات عمليات سلب ونهب وقتل وأسر للرهبان لمدة تطول أو تقصر، ولكن عقب كل غارة كان الرهبان يعودون فيتجمعون في البرية من جديد، ليعيدوا بناء ما قد تخرّب، وجمع شتات تلاميذ الرهبنة.
ونتيجة لاعتداءات “العربان”، تناقصت أعداد أديرة وادي النطرون، فبعد أن كانت نحو خمسين ديرًا منذ القرن الخامس الميلادي، أصبحت نحو عشر أديرة فقط عند مجيء الفرنسيين إلى “مصر” سنة 1798م. واندثرت منها ستة أديرة، ولم يبق سوى أربعة عامرة.
على أية حال، لم تسلم هذه الأديرة من أيدي “العربان” المغيرين، ومن ذلك تعرُّض دير البراموس في أوائل القرن التاسع عشر لهجماتهم، فأعملوا السلب والنهب والقتل بين نساكه، وحل الخراب كالمعتاد؛ فهرب أغلب الرهبان وتشتتوا في جميع أنحاء البرية، ولم يتبق إلا راهب يدعى “عوض الإبراهيمي”.
وكان هجوم “العربان” على أديرة وادي النطرون لا ينقطع، خاصةً إذا ما ترامي إلى علمهم انتعاش الأديرة وازدهارها، فكانوا يعيدون الكرة والانقضاض على الأديرة ورهبانها، وسلب ونهب ما بها. مثلما تعرّض دير الأنبا “بيشوي” لهجوم من جانب مجموعة من “العربان” انتهى باستيلائهم على ما يمتلكه الدير من أدوات ومؤن غذائية. وكذلك تعرُّض دير الأنبا “مقار” لاعتداءات من عربان الوادي و”الواحات” و”الفيوم”، فنهبوا ما فيه من متاع وزاد، وجردوا من فيه مما عليهم بالقوة.
ولجأ بعض العربان خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى الاعتداء على القوافل والمترددين على الأديرة والعاملين فيها، ومن ذلك اعتداء بعض العربان على قافلة متجهة إلى دير السريان، قادمة من عزبة الدير بـ”أتريس” بـ”الجيزة” وسلبهم ما بها من بلاطة لفرن الدير ومؤن غذائية للرهبان. كما اعتدى آخرون من العربان على مجموعة من المترددين على الأديرة، وجردوهم من أموالهم وملابسهم، وعلى صراف عزبة دير السريان ونهبوا ما معه من أموال.
أما فيما يتعلق بموقف رهبان أديرة وادي النطرون من اعتداءات العربان، فقد عملوا على تحصين الدير أمامهم، بتعليته وترميم أسواره، ومراقبتها من غرفة الرقوابة (غرفة المراقبة)، أو ضرب الناقوس ضربًا مختلفًا كإشارات دالة على أن هناك خطرًا من غارات للعربان أو قطاع الطرق واللصوص الفرادى وعابري السبيل، فكان الناقوس لغة مفهومة من طرف واحد وهو الرهبان.
كما لجأ رهبان وادي النطرون إلى العربان أنفسهم لحراستهم في مقابل تقديم واجب الضيافة؛ لأن العربان كانوا يتنقلون من مكان إلى مكان ليلاً، ويمرون بالأديرة أثناء جولاتهم، ويتوقفون ليتناولوا طعامهم، ولكي يستريحوا ويريحوا خيولهم. وكانوا يقدمون إليهم واجب الضيافة من وراء الجدران، فلا يفتحون الأبواب ليلاً، وقد اضطروا إلى ذلك حتى لا يتعرضون لاعتداءاتهم خارج الأديرة نهبًا أو سـلبًا أو قــــتلاً.
وكان الأب “متي المسكين” على علاقة جيدة مع بدو “وادي النطرون”، وتمثل ذلك في تلبية مطالبهم واحتباجتهم. ومثال ذلك: جاء ذات يوم بعض مشايخ عربان قرية “بنس سلامة” المجاورة لحدود دير أنبا “مقار”، وطلبوا مساعدتهم في توسيع مدرسة “بني سلامة” الإبتدائية فصلين للدراسة، فطلب مهلة للرد علي طلبهم. فاجتمع مع الرهبان وعرض عليهم هذا الأمر، وقال لهم: ماذا تتصورون أن تكون احتياجات قريتكم من الفصول للمدرسة بعد عشرون عامًا؟ فتعجبوا وقالوا: عشرة فصول للإبتدائى والإعدادي بدلاً من سفر الأولاد بالسيارات لمدراس “وادي النطران”. فأمر الأب “متي المسكين” ببناء مدرسة للقرية تكون متكاملة في شتي النواحي من حجرات متعددة للدراسة ودورات للمياة ومكتبة وملاعب متنوعة لممارسة هوايتهم. ورفض أن يطلق عليها مدرسة دير “أنبا مقار”، وأصر علي تسميتها مدرسة “بني سلامة الإعدادية المشتركة”، وحضر محافظ “البحيرة” “محمد عادل إلهامي” افتتحها، كما ساهم في ترميم مدرسة ومسجد، وبناء دار للمناسبات.
وظل الأب “متي المسكين” يواصل عطائه للبدو، فبعد تأسيس استراحة الدير في الساحل الشمالي علي البحر المتوسط (الكيلو 70 غرب الإسكندرية)، أصدر أوامره بتقديم أي طلب للبدو سواء كان طلب غذاء أو دواء أو توصيل مريض بعربة الدير لمستشفي الإسكندرية، لدرجة أن وصل الأمر إلي علاجه ورعايته على نفقة الدير.
ومن الطريف إنه حدث ذات مرة أن واحدًا من العرب اسمه”محمود” لدغه ثعبان وانتفخ، فأرسله الأب “متي المسكين” مع أحد الرهبان إلي المستشفي بسرعة، ولأنهم ذاقوا محبة الرهبان وأمناتهم، قالوا للأب الراهب: “إذا مات محمود في الطريق لا تخف، أعده إلينا وليس عليك أية مسئولية”. وقد تم علاجه وعاد سليمًا. ولما كان بعض الرهبان يذهبون للقرية لقضاء بعض المناسبات، فكان بعض الأعراب يقولون لـ”محمود” تعال سلم علي الرهبان؛ لأنك كنت ميتًا والرهبان أقاموك!.
وكان من نتائج علاقات الحب والمودة التي أقامها الأب “متي المسكين” مع شيوخ عرب “بني سلامة”، بأن شهد شيخ مسجد “بني سلامة” شهادة حق عندما أدَّعي أحد الأشخاص أن أرض الدير هي ملك آبائه وأجداده، وطالب يتسليمها له. فقال في شهادته:”أن هذا الشخص المدَّعي لا يعرفه أهل وادي النطرون ولا بني سلامة، ولا يعرفون له أي أقارب، ولا وجود لهم أصلاً بمنطقة بني سلامة والدير”؛ فحكم القاضي برفض الدعوي شكلاً وموضوعًا.
ومنذ انتفاضة 25 يناير الاخوانية وتصاعد صوت الاخوان في فضائياتهم وصحفهم بان الاديرة تعتبر دولة داخل الدولة وأن الرهبان يعطلون خطط اصلاح مصر ويستولون على الاراضي بالقوة ويدمرون الطبيعة والبيئة ولأول مرة تصاعدت اصواتهم بكل قوة تدعي ان الاديرة بها اسلحة مكدسة وبها مسيحيات قبلن الاسلام وتم حبسهن قسرا ويجب تحريرهن من سطوة الكنيسة، كما ان سطو الرهبان على اماكن سياحية اضر باقتصاد مصر وسياحتها وخربت المحميات الطبيعية بل ووصل الاتهام الى حد ان اسرائيل هي التى تمول هذه الاديرة ومشاريعها.


This site was last updated 11/15/18