حديقة الكنيسة المعلقة
صورة ترجع لعام 1911م ..... ابرام .......
جريدة وطنى بتاريخ 19/ 8 / 2007م السنة 49 العدد 2382 عن مقالة بعنوان [ كنائس حصن بابليون:جدران تحمل تاريخ مصر القبطية ] كتبت الكاتبة / إيفا رومانى
تضم منطقة حصن بابليون الأثرية خمس كنائس قديمة هي كنيسة العذراء الشهيرة بالمعلقة ,كنيسة أبو سرجة,القديسة بربارة,مارجرجس بقصر الشمع,العذراء الشهيرة باسم قصرية الريحان ويذكر الدكتور رؤوف حبيب مدير المتحف القبطي السبق في مؤلفه:الموجز التاريخي عن الكنائس القبطية القديمة بالقاهرةعرضا موجزا لتفاصيل هذه الكنائس وأهم الأحداث التاريخية التي شهدتها هذه الكنائس الأثرية خلال الأزمنة المختلفة.
********************************
كنيسة العذراء المعلقة
تعتبر أقدم كنائس المنطقة وأعظمها وسميت بالمعلقةلأنها بنيت علي أنقاض جدران برجين كبيرين من أبراج الحصن الروماني بابليون والوصول إليها بواسطة درجات سلالم مقامة علي مقربة من أحد هذه الأبراج وهو البرج الأوسط من الثلاثة الموجودة في الناحية الجنوبية للحصة وأمام السلالم المذكورة حوش مستطيل تنمو في أرضيته الطينية أشجار النخيل العالية داخل شيء أشبه بأصص حجري كبير,ويروي أن هذه الأشجار هي أول مارأته العائلة المقدسة عند حلولها لمصر وتغذت من ثمارها أيضا وهي بازيليكية الطراز كغيرها من كنائس مصر القديمة,وهي الوحيدة بين كنائس مصر القديمة كلها العديمة القباب وهذا واضح بسبب الطريقة التي اتبعت في إنشائها علي أنقاض الأبراج وليس علي الأرض حيث أن القباب تحتاج بطبيعة الحال إلي دعائم وجدران قوية وسميكة حتي ترتكز عليها.وأمام مداخل الكنيسة حوش أو رواق يستعمل كاستراحة للزائرين وأهم مايوجد في تلك الكنيسة الصغيرة المعمودية والطريف فيها أنها مثبتة في فجوة في الحائط أشبه بالقبلة ويعلوها عقد مزين بقطع من الرخام الملون المعروف بالفسيفساء وقطع الصدف أما أهم القطع الأثرية في الكنيسة فهي الأعمدة الرخامية الموجودة في صحن الكنيسة والتيجان ,المنبر الرخامي الرائع,الهياكل وأحجبتها والحشوات المنقوشة ,الفريسكالرسوم الجصيةمجموعة ضخمة من الأيقونات التي تزين الهياكل والأحجبة إلي جانب بقايا الصور والرسوم علي الجدار الشرقي في هيكل تكلا هيمانوتوكانت هذه الصور هي أول ما اتبعت في زخرفة الكنائس الأولي غالبا قبل استعمال الأيقونات ومن الجائز أن تكون تلك الرسوم قد رسمت فوق صور أقدم منها عهدا بدليل مايلاحظ من آثار ألوان ضعيفة تحت قطع الجص التي استعملت لتغطية بعض أجزاء القبلة..هذا ويجمع كثير من مؤرخي العرب أن هذه الكنيسة بالإضافة إلي كنيسة أبي سرجة من أقدم كنائس مصر التي أقيمت فيها الشعائر والمراسيم الدينية المسيحية كما أنها ظلت عهدا طويلا مقرا للكرسي البطريركي بعد انتقال البطريركية القبطية من الإسكندرية إلي مدينة بابليون وذلك إبان القرن الحادي عشر الميلادي وكان معبد اليهود كنيسة علي اسم الملاك ميخائيل تابعة للكنيسة المعلقة واضطر الأنبا خائيل البطريرك السادس والخمسون من سلسلة البطاركة لبيعها لليهود لدفع جزية كبيرة طلبها منه الوالي أحمد بن طولون غير أنه من الصعب تحديد تاريخ هذه الكنيسة بسبب سلسلة الترميمات التي حدثت فيها,ويمكن القول إن تاريخ بنائها الأصلي يرجع إلي القرن الخامس أو السادس,ويرجع تاريخ الكنيسة الصغري إلي القرن الرابع الميلادي ومما يحملنا علي تأييد التاريخ المذكور هو وجود عتبة الباب الخشبية المؤرخة في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس غالبا كما أن وجود النصوص اليونانية علي هذه العتبة وكذلك وجود الصلبان المنقوشة فوق ووسط تيجان الأعمدة كل هذا يؤكد فكرة قيام الكنيسة منذ القرن الرابع الميلادي.
الصورة الجانبية : الملك فؤاد يتقدم وفد رسمي لتهنئة الاقباط باعياد الميلاد في حفل الكنيسه المعلقه والمقر البابوي ...وكل سنه وانتم طيبيين ....... ودي كانت مصر الملكيه
وفي نبذة تاريخية عن الأحداث التي توالت عليها نجد أنه في عام 840 ميلادية قام الوالي علي بن يحيي بهدمها تماما في عهد البطريرك الثاني والخمسين البابا يوساب وفي أوائل القرن الحادي عشر بعد نقل الكرسي المرقسي من الإسكندرية إلي القاهرة علي يد الأنبا خرستوذلوس البطريرك السادس والستين وهو أول من أقام بها صلاة القداس بعد أن لاقي معارضة شديدة من كهنة كنيسة أبي سرجة.وفي عهده عمرت الكنائس والأديرة وفي عام 1000 ميلادية قام الحاكم ببناء سور لها ثم حولها هي وكنيسة الأنبا شنودة إلي مسجدين,ومما يذكر أن الكنيسة كانت تحوي نفائس من الأقمشة المذهبة والملابس الحريرية الخاصة بالكهنة وكثيرا من الأواني الثمينة والمباخر بعضها من الفضة والبعض من الذهب وقد نهبت هذه الكنوز وفي عام 1094م أقام فيها الأنبا مقار البطريرك التاسع والستون بعد سيامته في دير أبي مقار بوادي النطرون وفيها أيضا تمت رسامة البطريرك مكاريوس واستمرت هذه العادة منذ القرن الثاني عشر للميلاد كما كانت تقام فيها المجامع الإكليريكية برئاسة البطاركة لمحاكمة من يحيدون عن تقاليد الكنيسة من رجال الدين ففي أواخر القرن الثاني عشر تجمع فيها رجال الدين لمحاكمة مطران الحبشة لقسوته في ضرب أحد رجال الدين مما أقضي إلي موته وقرر المجمع وقتها تجريده من رتبته الكهنوتية وفي عام 1239 م اجتمع فيها مجمع إكليريكي لمحاكمة أحد البطاركة لاتهامه ببيع الرتب الكهنوتية كما رسم فيها البطريرك الأنبا أثناسيوس عام 1251م وفي عام 1259 نهبت الكنيسة وفي زمن سلطان المماليك الأشرف خليل عام 1280م نهبت كنوزها أيضا ضمن كنائس أخري عديدة وأمر بإغلاقها لمدة عامين وظلت مقر الكرسي البابوي منذ نقله من الإسكندرية حتي القرن الرابع عشر حيث نقل إلي كنيسة أبي سيفين بفم الخليج,وفي عام 1671 م أوفد لويس الرابع عشر ملك فرنسا العام الأب فانسليب لدراسة كنائس وأديرة القطر المصري فأثبت ما شاهد علي جدرانها من كتابة قيل إنها بخط عمرو بن العاص وهي عبارة عن وصية منه بعدم التعرض للكنيسة بأي أذي ولما بدأ التصدع في جدرانها قام المعلم عبيد بن خزام عام 1775 ميلادية بترميمها..
********************************
كنيسة أبي سرجة:
تقع هذه الكنيسة في وسط قصر الشمع أو الحصن الروماني وقد ذكر العالم الفرنسي الأبفانسليبفي مذكراته أديرة وكنائس القطر المصريأنها بنيت علي يد أحد كتاب القبط في عهد الخليفة عبد العزيز بن مروان واختلف المؤرخون حول زمن بنائها فمنهم من أرجعها إلي القرن الخامس أو السادس للميلاد والبعض الآخر يؤيد القرن الثامن الميلادي والتكوين البنائي لها بازيليكي الطراز وتشبه في نموذجها كنائس السوريان في القرنين السادس والسابع وفي القسطنطينية وروما أيضا كنائس تشابهها إلي حد كبير,ومن الأجزاء الأثرية بها الأعمدة والهيكل الأوسط الرئيسي وحجابه والمنبر والأيقونات والكهف الذي تحتفل فيه الكنيسة أول يونيه من كل عام بذكري مجيء العائلة المقدسة إلي مصر الذي ينخفض عن أرضية الكنيسة الأساسية بما لايقل عن 21 قدما أما أرضية الكنيسة نفسها فتنخفض عن مستوي الشارع بحوالي 13 قدما,ويجمع الرواة أن هذا الكهف اتخذته العائلة المقدسة عند هروبها من وجه الملك هيرودس إلي مصر ملجأ لها وهو ما يمنحه أهمية فنية وتاريخية خاصة كما كانت في مقدمة الكنائس المصرية حيث كانت التقاليد تحتم علي البطاركة بعد تكريسهم في الإسكندرية أن يقيموا فيها أول قداس لهم,وفي عام 768م أقام فيها البطريرك ميخائيل السادس والأربعون صلاة شكر بعد أن أفرج عنه الخليفة مروان بن محمد,وفي عام 859 ميلادية انتخب فيها البطريرك الخامس والخمسون الأنبا شنودة وهو أول البطاركة الذين رسموا فيها وفي عام 977م اجتمع فيها الأساقفة وأعيان القبط لانتخاب بطريرك من بينهم فاستقروا علي اختيار تاجر سوري عرف بتقواه وتوجوه بطريركا باسم إبرآم السرياني الذي قيل إن اسطورة نقل جبل المقطم تمت في عهده وكان هناك تنافس ونزاع بين هذه الكنيسة وكنيسة المعلقة في عهد البطريرك فرستوذلوس عند نقله للكرسي المرقسي إلي كنيسة المعلقة وامتناعه عن التقديس في كنيسة أبي سرجة بخلاف من سبقه من البطاركة.هذا ويحتفظ المتحف القبطي ببعض آثار للكنيسة مثل أقدم مذبح خشبي من الجوز عرف في تاريخ الكنائس القديمة يرجع إلي القرن السادس الميلادي.
********************************
كنيسة القديسة بربارة:
تقع في الجانب الشرقي لحصن بابليون وتأسست في القرن الخامس الميلادي وذكر المؤرخ تقي الدين المقريزي في خططه أنها كانت تقع جنوب مدينة الفسطاط في القرن الخامس عشر للميلاد وقد تعرضت في القرن العاشر الميلادي لعوامل الهدم والتخريب وفي عصر الدولة الفاطمية قام يوحنا بن الأبح الوزير القبطي بإعادة بنائها فيروي أنه كان لهذا الوزير مكانة مرموقة لدي الخليفة حسده عليها كبار رجال الدولة من أهل زمانه فاتهموه بالرشوة والخيانة لدي الخليفة,ولما تبينت براءته أجاب الخليفة طلبه بإعادة بناء كنيسة أبي سرجة ولما تبقي لديه من المؤونة والأدوات ما يكفي لبناء كنيسة أخري أعاد بناء كنيسة القديسة بربارة بدون تصريح فشكاه حساده للخليفة ولما تحقق الأمر لديه حكم عليه بهدم إحدي الكنيستين فظل الوزير حائرا بينهما ولما أعياه التعب سقط بينهما ميتا ولما وصل خبر موته المفاجيء إلي مسامع الخليفة عدل عن الهدم قائلا:إنني أمرت ببناء الواحدة وقد وهبت الثانية دية لهما.أما أروع ما عثر عليه من بقايا آثار الكنيسة فهو باب خشبي ثمين ضخم يرجع للقرن الرابع/الخامس الميلادي اكتشفه المرحوم مرقس سميكة باشا مؤسس المتحف القبطي إذ وجده محفوظا بين جدران صحن الكنيسة حية كان يباشر عملية ترميمها وأغلب الظن أنه أقيم خصيصا لحفظ الكنيسة من العبث والضياع أثناء فترات الفوضي والاضطهاد وحيث اضطر الأقباط إلي إغلاق أبواب الكنائس الرئيسية والاستعاضة عنها بأبواب جانبية صغيرة أما تصميمها فهو علي الطراز الأرثوذكسي الأصلي وخلف الكنيسة توجد مقابر قبطية ترجع إلي 1500 عام يتخللها هياكل كثيرة مبعثرة في كل جانب .
********************************
كنيسة مارجرجس بقصر الشمع:
يذكر البطريرك يوطاخي في مؤلفه وثائق مصر أنها أنشئت في القرن السابع الميلادي بواسطة أثناسيوس أحد أثرياء القبط الذين أسسوا كذلك كنيسة باسم أباكير بداخل الحصن ولم يبق من اثارها سوي قاعة أو حجرة كبيرة تسمي الفرسانوهي تقع في حوش الكنيسة.
كنيسة العذراء الشهيرةبقصرية الريحان
لايعرف الوقت الذي بنيت فيه الكنيسة أما سبب تسميتها بهذا الاسم فهو تشبيهها ككنيسة للعذراء مريم بأصص ترعرع فيها زهر الريحان ذو الرائحة الذكية والدخول إليها من خلال باب منخفض كما كانت العادة في جميع الكنائس القديمة عامة هي كنيسة صغيرة مربعة الشكل يبدو من شكلها أنها عانت كثيرا من الترميمات والتعديلات وإعادة البناء فيها وبالرغم من ذلك فمازالت تحتفظ ببعض آثارها القديمة ويذكر أن الأنبا خائيل البطريرك السادس والخمسون حضر إليها عام 865 ميلادية واستقر فيها زمنا للتشاور مع أحمد بن طولون والي مصر وقتئذ في موضوع دخل الكنيسة وأموالها وأسفر عن ذلك طلب الوالي المذكور من البطريرك دفع جزية كبيرة فاضطر إلي بيع الكنيسة وأوقاف أخري لتسديدها وفي زمن الحاكم بأمر الله الفاطمي استولي عليها الأروام بمساعي والدة الخليفة المذكور الذي قيل عنها إنها كانت يونانية الأصل وكان اليونان وقتئذ يطمعون في الحصول علي أخذ كنيسة المعلقة لولا معارضة أعيان القبط لذلك معارضة شديدة فأعطاهم الخليفة هذه الكنيسة إلا أن القبط تمكنوا من استردادها بعد وفاة الحاكم,هذا وقد لحق بها النهب والسلب والهدم مثل باقي الكنائس.وآخر مرة أعيد بنائها في القرن الثامن عشر للميلاد ويشاهد بعد دخول الكنيسة من أول وهلة آثار التعديلات والتغييرات أما جدران الكنيسة فهي مزينة بمجموعة كبيرة من الأيقونات القديمة معظمها من عمل يوحنا الأرمني أحد مشاهير المصورين للأيقونات من القرن الثامن عشر الميلادي,ويبدو أنه قام بعمل صور الكنيسة كلها إذا أن أغلبها يحمل اسمه وتاريخ تصويرها.