Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الجنرال يعقوب والمحاولة الأولى لاستقلال مصر

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
جنرال يعقوب وأستقلال مصر
إلياس وأول قاموس
محاولة الإستقلال بمصر
إنصاف الجنرال يعقوب
كتب عن الجنرال يعقوب

Hit Counter

 

فى مقالة بعنوان : " الجنرال يعقوب والمحاولة الأولى لاستقلال مصر " الجزء الأول: خلفية تاريخية لفترة ظهور الجنرال يعقوب على مسرح الأحداث بقلم الباحث نصرى جرجس نسر (*) ـ القاهرة نشرت فى جريدة وطنى بتاريخ  20/8/2006م السنة 48 العدد 2330 كتب :

الجنرال يعقوب وفى بعض المراجع يشار اليه بإسم المعلم يعقوب القبطى عاصر الحملة الفرنسية وكان له موقف وفكر مختلف عن السائد فى عصره سنحاول أن نتعرف عليه وتقييمه حتى يمكن الحكم له أو عليه. هل كان وطنيا مصريا يبغى الخير لمصر أم كان خائنا تعاون مع الحملة الفرنسية ضد مصلحة مصر؟ قبل أن نتعرض لسيرته لابد وأن نلقى بعض الضوء على الظروف وألأحداث التى ظهر فيها وهى وقت الحملة الفرنسية من1789الى1801م" وما قبلها.
ما هو وضع مصر قبل قدوم الحملة الفرنسية وما هى طبيعة وشكل الحياة فيها؟ .
باختصار كانت مصر محتلة عثمانيا يحكمها المماليك حكما جائرا متخلفة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا يرزح تحت نيره جميع المصريين وان كانت قسوته أشد وطأة على المسيحيين. وهنا يبرز سؤال هل ساعدت الحملة الفرنسية مسيحيى مصر؟ يجيب على هذا السؤال الدكتور شفيق غربال فى كتابه الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس ومشروع استقلال مصر سنة 1801م " قد كانت هذه الحملة فرصة للمصريين المسيحيين (الأقباط) والمسيحيين ألأجانب الذين كانوا يعيشون فى مصرأن يعملوا على تحريرأنفسهم من قيود مختلفة من المذلة التى كان المسلمون يعدونها أذ ذاك شرطا من شروط بقاء ألأسلام " والمعروف تاريخيا أنه كان يفرض عليهم لبس معين وبألوان معينة حتى لا يتشبهوا بالمسلمين ، ولكن ما هو موقف نابليون؟. ليس بغريبا عليه كمحتل لايبغى سوى مصلحته وقد ذكر فى مذكراته التأثير السلبى لمحاولات المسيحيين المصريين تغيير واقعهم على سياسته التى كان يحاول بها ظهور أحترامه العميق للأسلام وقال:
"أردت أن يكونوا (المسيحيين) أكثر خضوعا وأكثر أحتراما لكل ما يتعلق بالإسلام ". ونتيجة لتملقه للمسلمين يشير الجبرتى عن حوادث رمضان 1213 هجرية الى رجوع النصارى للبس العمائم السود والزرق والى ترك لبس العمائم البيض والشيلان الكشميرى الملونة والمشجرات بناءا على أوامر الفرنسيس كما نبهوا بالمناداة فى أول رمضان بأن نصارى البلد يمشون على عادتهم لا يجاهرون بالأكل والشرب.(لنا أن نتصور مقدار المذلة التى كان يعيشها ألأقباط فى مصر فى ذلك الوقت).
عمل الفرنسيون على تنظيم الحياة اليومية فى مصر بأدخال بعض نظم ألأدارة الحديثة الا أن المصريين لم يرحبوا فى ذلك الوقت (1798م) بالتدخل الحكومى فى حياتهم ولم يعتبروها- كما نعتبرها ألآن- تنظيما وضمانا للحقوق بل بالعكس أعتبروها تسلطا ولم يروا فى وسائل منع ألأمراض كتخطيط المدن وتنظيم وتحديد أماكن دفن الموتى حيث كانت حتى هذا الوقت متروكة دون أى تنظيم وتنظيف الطرقات وعزل المرضى الا أستبدادا وتدخلا فى حياتهم لا يطاق ، ولذلك كره المصريون الحكم الفرنسى وقاوموه وثار أهل القاهرة ثورتين عنيفتين يفسرها د.شفيق غربال بالرغبة فى العودة لما ألفه الناس ولا يمكن تفسيرها بأنها رغبة فى ألأستقلال حيث أنهم فقط يرغبون فى العودة لما ألفوه وهو حكم المماليك لهم تحت السيطرة العثمانية، وعلينا أن لا نغفل تأثير العامل الدينى فى موقفهم هذا.
وهذه الثورات كرهها العلماء والمشايخ الدينيين لأنهم حاولوا أن يقوا الناس أذى بطش الفرنسيين جهد استطاعتهم مثلما كانت مواقفهم السابقة حيال أى ثورة شعبية أيا كان من هو الحاكم ، دون أن يحبوا الحكم الفرنسى ، ومنهم من عمل على التخلص من الحكم الفرنسى والعودة الى الوضع الذى سبقه (حكم المماليك والعثمانيين) وكان أشهرهم السيد عمر مكرم الذى يمتلك الكثير من صفات الزعامة ، والسيد السادات الذى كان من أشدهم سعيا لأعادة الحكم العثمانى والسيد أحمد المحروقى ولكنه كان يفتقر الى صفات الزعامة التى يتمتع بها السيد عمر مكرم.

واذا أخذنا أشهرهم نفوذا وتأثيرا وهو السيد عمر مكرم ففى الحقيقة لا يمكن وصف جهوده لأخراج الفرنسيين من مصر سعيا للأستقلال بل كل ما كان يريده هو عودة مصر للحكم العثمانى ، والدليل على ذلك أنه ترك مصر عند ألأحتلال الفرنسى ، وأشترك فى ثورة القاهرة الثانية عند قدوم الجيش العثمانى لتسلم البلاد من الفرنسيين بحسب أتفاقية العريش ، كما كان له دور فى قيام العامة على خورشيد باشا الوالى العثمانى وتنصيب محمد على واليا على مصر. ولما حاول التحكم فى محمد على كطريقته التى أعتاد عليها فى تحقيق وضع متميز له عن طريق الضغط على الوالى العثمانى بالتلويح بأثارة الشعب نفاه محمد على عن القاهرة وأنتهت حياته السياسية.
وقد تبين لأهل القاهرة بعد خروج الجيش الفرنسى أنهم كانوا مخدوعين فى قيامهم بالثورة من أجل العثمانيين وأنهم كانوا ضحية (الدجاجلة) أى الدجالين كما أسماهم الجبرتى الذى ذكرأن رجلا مغربيا " يدعو للجهاد ويحرص على ألأبتعاد عن مواطن القتال يهدد من يتكلم فى الصلح برمى العنق ولا يأكل الا الدجاج ".اذن التقييم الصحيح لموقف الشعب وزعماؤه وأهل الرأى لا يرى فيه أى أثر لفكرة ألأستقلال الوطنى(مصر للمصريين).
ويقرر د. شفيق غربال " أن التاريخ لا يسجل الا لمصرى واحد من أهل هذا العصر فضل أعتبار الأحتلال الفرنسى لا فترة نحس يرجى زوالها وعودة ما سبقها بل بدء حياة جديدة لمصر والمصريين مهدت لها الحملة الفرنسية بقطع التبعية العثمانية وهدم قوة المماليك ذلك المصرى هو المعلم يعقوب حنا ".
ولد المعلم يعقوب فى ملوى سنة 1745م والتحق بخدمة سليمان بك الأغا الانكشارية فى الوجه القبلى وعمل كجاب من جباة ألأموال. أشترك فى بعض حروب المماليك ضد جنود القبطان باشا حسن الذى نزل بمصر سنة1786م لتثبيت الحكم العثمانى وأهتم بدراسة بعض تلك الحروب وأتقن أساليب المماليك فى ركوب الخيل وأستعمال السيف ، وقد ذكر هذا دينون فى كتابه
“Voyage dans la basse et la haute Egypte pendant les campagnes du generale Bonaparte”
نظم المعلم يعقوب جيشا من الأقباط على نفقته الخاصة يخدم فى صفوف الفرنسيين وقلده كليبر قيادة هذا الجيش وأعطاه لقب " أغا " ورقاه مينو جنرالا ومنحه براءة هذا اللقب وجعله مساعدا للجنرال بليار فى مارس 1801م.
رافق الجنرال ديسيه - الذى سماه أهل الصعيد السلطان العادل - فى فتح الصعيد حيث رفض أن يكون دوره مجرد تدبير المال والغذاء ونقل الرسائل ، بل راقب سير الحرب وحارب وأبلى بلاءا حسنا فقلده ديسيه سيفا.وفى رواية جاستون حمصى (فرنسى من أقارب الجنرال يعقوب) أنه نتيجة لعمل الجنرال يعقوب مع الجنرال ديزيه فى أسيوط نشأت صداقة بينهما وتشرب الجنرال يعقوب أفكار الثورة الفرنسية فالتهبت روحه بحب الحرية لبلاده مصر.
تأثر تأثرا كبيرا بأتصاله بالفرنسيين وكون رأيا خاصا عن حكمهم لمصر وما يمكن أن يؤدى اليه، ولا يشاركه فى هذا الرأى باقى زعماء ألأقباط الذين خدموا ألأحتلال الفرنسى كما خدموا الحكام السابقين، ويذكر الجبرتى عنه " تأييده للحكم الفرنسى أثناء ثورة القاهرة الثانية بينما رؤساء ألأقباط ألآخرون بما فيهم أكبرهم جميعا جرجس الجوهرى يدارون الثوار ويمدونهم بالمال صيانة لأرواحهم لا عطفا على حركتهم " ، فكان مسلكه مخالفا لأبناء طائفته ألأقباط من حيث هدؤهم وسكينتهم وصبرهم وأحتمالهم وفداء أرواحهم وأعراضهم فى بعض ألأحوال ببذل المال والعطايا وأحب أن يكون رجل حرب ، كما لم يشاركه الرأى غالبية الزعماء المسلمين لاسباب دينية .
ويجب أن لا ننساق وراء ما كتبه الجبرتى عنه ونأخذه كقضية مسلم بها حيث يصوره كخائن يساعد الحكم الأجنبى الذى هو فى ذهن الجبرتى الحكم الفرنسى ، لأن الجنرال يعقوب رأى أن الحكم الفرنسى لا يختلف عن حكم المماليك أو العثمانيين فكلاهما أجانب وليسوا مصريين بالأضافة الى ما يمثله الحكم المملوكى والعثمانى من تخلف شديد وقسوة واذلال للشعب المصرى عموما وألأقباط خصوصا. كما أن الجبرتى لم يشر الى سفر المعلم يعقوب سنة1801م الى أوربا بعد رحيل الحملة الفرنسية لتحقيق مشروع - هو الأول فى وقته - وهو الحصول على أعتراف الدول الأوربية بأستقلال مصر لعدم توفر معلومات عن هذا الموضوع لدى الجبرتى وقت تدوينه لهذه ألأحداث.
فاذا نظرنا الى الخدمات التى قدمها المعلم يعقوب للحكم الفرنسى نجد أنها نوعان:
الأولى خدمات مثلها ما كان يقوم بها للفرنسيين جرجس الجوهرى وملطى وأبو طاقية وغيرهم من كبار ألأقباط ، أساسها المنفعة الشخصية من جهة ومحاولة الخلاص مما كانوا يعانون منه من أمتهان لا يجدى معه ما يملكونه من مال وجاه أوحتى وظائف لدى الحكام ومهما زادت حاجة هؤلاء الحكام اليهم.
وهناك نوع آخر من الخدمات كان الهدف منها التمهيد لمستقبل البلاد السياسى بالتعاون المؤقت مع التدخل الفرنسى ، و كان هدفه النهائى هو تخليص وطنه من حكم لا هو عثمانى ولا هو مملوكى وانما هو مزيج من مساوىء الفوضى والعنف وألأسراف ولا خير فيه للمحكومين وقدر أن أى نوع من الحكم لا يمكن أن يكون أسوأ مما خضعت له مصر قبل قدوم بونابرت ، وكانت وسيلته لتحقيق ذلك (يمكن أعتبارها هدفه القريب) أنتهازالفرصة للأتصال بالغرب والتعلم منه وانشاء قوة حربية مصرية مدربة على النظم العسكرية الغربية (أصبحت فى غالبها قبطية لأن غالبية المسلمين رفضوا ألأنضمام اليها لأسباب دينية أقوى لديهم فى ذلك الوقت من ألأسباب الوطنية) ، ومع تقديره أنها كانت أداة من أدوات تثبيت ألأحتلال لكنه كان متأكدا أن هذا ألأحتلال لن يدوم. كما كان يقدرأن وجود قوة عسكرية تتكون من المصريين سيكون لها تأثيرا فى أحوال مصر بعد أن يتركها الفرنسيون ويتنازعها العثمانيون والمماليك ، وبغير هذه القوة يبقى المصريون كما كانوا ليس لهم الا الصبر على ظلم وأذلال وقسوة وأضطهاد سواء العثمانيون أو المماليك أو ألألتجاء الى وساطة المشايخ التى يستغلونها هؤلاء المشايخ لأعطاء أنفسهم وضعا متميزا عن باقى الشعب أو الهياج الشعبى والثورة ألأمر الذى لا يؤدى الى تغيير جوهرى والشعب هو الذى يدفع الثمن دون سواه.
المتيسر من المعلومات عن المعلم يعقوب محدود ولا يتناسب مع مكانته التى أرى أنه من الواجب أن يتبوأها كمصرى اجتهد فى محاولة حصول مصر على استقلالها وعلى أن يكون هذا ألأستقلال حقيقيا فى الوقت الذى كان ألآخرون لا يرون الا تبعية مصرللحكم العثمانى. فهناك كتاب جاستون حمصى:
”Le generale Jacob et l`expedition de Bonaparte en Egypt“ يحتوى معلومات جمعها من مؤلفات أهل الحملة الفرنسية كما نقل عن السجلات الرسمية فى مرسيليا وثائق مختلفة خاصة بأسرة المعلم يعقوب وتاريخ موته وموضع قبره فى مرسيليا والسيف الذى قلده اياه الجنرال ديزيهDesaix ، ولكنه لا يتضمن شيئا عن الوثائق السياسية الخاصة بمشروع أستقلال مصرسنة1801م.
وأيضا أخذ يعقوب بك نخلة رفيلة الكثير منه فى كتابه "تاريخ ألأمة القبطية" ، بألأضافة الى أخذه معلومات من الجبرتى لذا عكس صورةالمعلم يعقوب كما صورها الجبرتى كمتفانى فى خدمة ألأحتلال الفرنسى .
وهناك كتاب آخر "مشاهير ألأقباط" تأليف رمزى تادرس به أخطاء كثيرة عن موته ومحل دفنه وليس به أى معلومات عن آراءه السياسية وموقفه عند وبعد الجلاء الفرنسى.
طبقا للاتفاقية التى تمت بين الانجليز والعثمانيين والفرنسيين والتى سمحت لمن يرغب من المصريين بمغادرة مصر مع انسحاب الفرنسيين دون المساس بذويهم الذين يظلون بمصر وكذا عدم المساس بمن تعاون مع الفرنسيين ويظل فى مصر فقد غادر الجنرال يعقوب مصر مع الجنرال بليار على ظهر الفرقاطة الانجليزية " بالاس " يوم الأول من أغسطس 1801م ، ويجب علينا أن لا ننظر لخروجه كما لو كان للخلاص بنفسه فقد كان يمكنه البقاء فى مصر لحاجة العثمانيين لخدماته كما أنه أيضا كان يمكنه تصفية الحساب مع العثمانيين شأنه فى ذلك شأن كثير من المصريين الذين بقوا بعد رحيل الحملة.
وهذا أيضا ما يستشف من خطاب مؤرخ فى 18يوليو 1801م من قبطان باشا حسين الى الجنرال بليار وهو فى رشيد يستعد لمغادرة مصر يطلب منه اقناع الجنرال يعقوب بالبقاء فى مصر. كان من ضمن مرافقيه شاب صغير السن يدعى ألياس بقطر صاحب القاموس الفرنسى/العربى الشهير قاموس ألياس ، كما توجد صور من رافقوه فى هذه الرحلة فى متحف فرساى بالقرب من باريس .
كان ربان الفرقاطة يدعى أدموندس وكان على ظهرها الفارس لاسكاريس الذى عمل مترجما بين الجنرال يعقوب وأدموندس كما كان يعمل كسكرتير للجنرال يعقوب (ولد لاسكاريس فى بروفانس سنة 1774م وكان من فرسان القديس يوحنا فى مالطه وأعفاه بونابرت من النفى بسبب عواطفه الموالية لفرنسا) ، وسافرت معه زوجته وابنته وأخوه وأبنا أخته وبعض ألأقباط وبعض المسلمين منهم عبدالعال الأغا وكثير من نصارى الشام والأروام.
ــــــــــــــ
(*) الكاتب لواء مهندس بالمعاش

 

This site was last updated 10/22/10