Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ا 

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل 

Home
Up
عودة لأحتلال آل عثمان
New Page 1789
New Page 1790
New Page 1791
New Page 1792
أتاتورك ونهاية العثمانيين
منزل عمر الملطى وأخوه
معاهدة لوزان
‏سبيل‏ ‏الأمير‏ ‏عبد‏ ‏الله‏ ‏العثماني
كتابة تاريخ الإحتلال العثمانى
آخر ورثة الإمبراطورية العثمانية
New Page 3146
New Page 3147
New Page 3148
New Page 3149
New Page 3150

Hit Counter

 

فى يوم الاثنين 1 محرم سنة 1217 هـ - 4 مايو 1802 م  استهل ب فيه تواترت الأخبار بحصول الصلح العمومي بين القرانات جميعًا ورفع الحروب فيما بينهم‏.‏
وفيه ترادفت الأخبار بأمر عبد الوهاب وظهور شأنه من مدة ثلاث سنوات من ناحية نجد ودخل في عقيدته قبائل من العرب كثيرة وبث دعاته في أقاليم الأرض ويزعم أنه يدعو الى كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله ويأمر بترك البدع التي ارتكبها الناس ومشوا عليها الى غير ذلك‏.‏
وفيه سافر عثمان كتخدا الدولة الى الديار الرومية ونزل الى بولاق وضربوا له عدة مدافع وفي هذه الأيام حصلت أمطار متتابعة وغيام ورعود وبروق عدة أيام وذلك في أواسط نيسان الرومي‏.‏
وفي ذلك اليوم نبهوا على الوجاقات والعساكر بالحضور من الغد الى الديوان لقبض الجامكية فلما كان في صبحها يوم الثلاثاء نصبوا صيوانًا كبيرًا ببركة الأزبكية وحضر العساكر والجاقلية بترتيبهم ونزل الباشا بموكبه الى ذلك الصيوان وهو لابس على رأسه الطلخان والقفطان الأطلس وهو شعار الوزارة ووضعوا الأكياس وخطفوها على العادة القديمة فكان وقتًا مشهودًا‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 9 محرم سنة 1217 هـ - 4 مايو 1802 م  وحضر كبير الانكليز من الاسكندرية ونصبوا وطاقهم ببر انبابة

فلما كان يوم الأربعاء يوم عاشوراء 10 محرم سنة 1217 هـ - 12 مايو 1802 م عدى كبير الانكليز ومعه عدة من أكابرهم فتهيأ لملاقاته الباشا واصطفت العساكر عند بيت الباشا ووصل الانكليز الى الأزبكية وطلعوا الى عند الباشا وقابلوه فخلع عليهم وقدم لهم خيلًا وهدية ثم نزلوا وركبوا ورجعوا الى وطاقهم وعند ركوبهم ضربوا لهم عدة مدافع فلم يعجب الباشا ضربها فأمر الطبجية لكونهم لم يضربوها على نسق واحد‏.‏
وفيه وردت الأخبار بأن الانكليز أخلوا القلاع بالاسكندرية وسلموها لأحمد بك خورشيد وذلك يوم الاثنين ثامنه وأبطلوا الكرنتيبه أيضًا وحصل الفرج للناس وانطلق سبيل المسافرين برًا وبحرًا وأخذ الباشا في الاهتمام بتشهيل الانكليز المسافرين الى السويس والقصير وما يحتاجون إليه من الجمال والأدوات وجميع ما يلزم ولما حضر الانكليز الى عند الباشا فدعوه الى الحضور الى عندهم فوعدهم على يوم الجمعة فلما كان يوم الجمعة ثالث عشره ركب الباشا وصحبته طاهر باشا في نحو الخمسين وعدى الى الجيزة بعد الظهر ووقفت عساكر الانكليز صفوفًا رجالًا وركبانًا وبأيديهم البنادق والسيوف وأظهروا زينتهم وأبهتهم وذلك عندهم من التعظيم للقادم فنزل الباشا ودخل القصر فوجدهم كذلك صفوفًا بدهليز القصر ومحل الجلوس فجلس عندهم ساعة زمانية وأهدوا له هدايا وتقادم وعند قيامه ورجوعه ضربوا له عدة مدافع على قدر ما ضرب لهم هو عند حضورهم إليه فلقد أخبرني بعض خواصهم أن الباشا ضرب لهم سبعة عشر مدفعًا ولقد عددت ما ضربه الانكليز للباشا فكان كذلك وأخبرني حسين بك وكيل قبطان باشا وكان بصحبة الباشا عند ذهابه الى الانكليز قال كنا في نحو الخمسين والانكليز في نحو الخمسة آلاف فلو قبضوا علينا في ذلك الوقت لملكوا الإقليم من غير ممانع فسبحان المنجي من المهالك وإذا تأمل العاقل في هذه القضية يرى فيها أعظم الاعتبارات والكرامة لدين الإسلام حيث سخر الطائفة الذين هم أعداء للملة هذه لدفع تلك الطائفة ومساعدة المسلمين عليهم وذلك مصداق الحديث الشريف وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر فسبحان القادر الفعال واستمرت طائفة كبيرة بالاسكندرية من الانكليز حتى يريد الله‏.‏
وفي ذلك اليوم سافرت الملاقاة للحجاج بالوش‏.‏
وفيه وصلت مكاتبات من أهل القدس ويافا والخليل يشكون ظلم محمد باشا أبي مرق وأنه أحدث عليهم مظالم وتفاريد ويستغيثون برجال الدولة وكذلك عرضوا أمرهم لأحمد باشا الجزار وحضر الكثير من أهل غزة ويافا والخليل والرملة هروبًا من المذكور وفي ضمن المكاتبات أنه حفر قبور المسلمين والأشراف والشهداء بيافا ونبشهم ورمى عظامهم وشرع يبقى في تلك الجبانة سورًا يتحصن به وأذن للنصارى ببناء دير عظيم لهم ومكنهم أيضًا من مغارة السيدة مريم بالقدس وأخذ منهم مالًا عظيمًا على ذلك وفعل من أمثال هذه الفعال أشياء كثيرة‏.‏
وفيه حضر جماعة من العسكر القبالي وصحبتهم أربعة رؤوس من المصرلية وفيهم رأس علي كاشف أبي دياب وتواترت الأخبار بوقوع معركة بين العثمانية والمصرلية وكانت الغلبة على العثمانية وقتل منهم الكثير وذلك عند أرمنت ورأس عصبة المصرلية الألفي وصحبته طائفة من الفرنسيس وتجمع عليهم عدة من عسكر الفرنساوية والعثمانية طمعًا في بذلهم وأن عثمان بك حسن انفرد عنهم وأرسل يطلب أمانًا ليحضر فأرسلوا له أمانًا فحضر الى باشة الصعيد وخلع وفيه ورد الخبر بموت محمد باشا توسون والي جدة وكذلك خازنداره‏.‏
وفي يوم السبت 14 محرم سنة 1217 هـ - 17 مايو 1802 م  شرع الانكليز المتوجهون الى جهة السويس في تعدية البر الشرقي ونصبوا وطاقهم عند جزيرة بدران وبعضهم جهة العادلية وذهبت طائفة منهم جهة البر الغربي متوجهين الى القصير واستمروا يعدون عدة أيام ويحضر أكابرهم عند الباشا ويركبون فيرمون لهم مدافع حال ركوبهم الى أماكنهم‏.‏
وفي يوم الاثنين 22 محرم سنة 1217 هـ - 25 مايو 1802 م  عدى حسين بك وكيل القبطان الى الجيزة وتسلمها من الانكليز وأقام بها وسكن بالقصر‏.‏
وفي 25 محرم سنة 1217 هـ - 28 مايو 1802 م  وصل الى ساحل بولاق آغا وعلى يده مثالات وأوامر وحضر أيضًا عساكر رومية فأرسلوا عدة منهم الى الجيزة فركب ذلك الآغا في موكب من بولاق الى بيت الباشا فخلع عليه وقدم له تقدمة وضربوا له عدة مدافع‏.‏
وفيه حضر ططري من ناحية قبلي بالأخبار بما حصل بين العثمانية والمصرلية وطلب جبخانة ولوازمها‏.‏
وفيه وصلت الأخبار بأن أحمد باشا أرسل عسكر الى أبي مرق من البر والبحر فأحاطوا بيافا وقطعوا عنها الجالب واستمروا على حصاره‏.‏
وفيه اتخذ الباشا عسكرًا من طائفة التكرور الذين يأتون الى مصر بقصد الحج فعرضهم واختار منهم جملة وطلبوا الخياطين ففصلوا لهم قناطيش قصارًا من جوخ أحمر وألبسة من جوخ أزرق وصدريات وجميعها ضيقة مقطمة مثل ملابس الفرنسيس وعلى رؤوسهم طراطير حمر وأعطوهم سلاحًا وبنادق وأسكنوهم بقلعة الجامع الظاهري خارج الحسينية وجعلوا عليهم كبيرًا يركب فرسًا ويلبس فروة سمور وجمع الباشا أيضًا العبيد السود وأخذهم من أسيادهم بالقهر وجعلهم طائفة مستقلة وألبسهم شبه ما تقدم وأركبهم خيلًا وجعلهم فرقتين صغارًا وكبارًا واختارهم للركوب إذا خرج الى الخلاء وعليهم كبير يعلمهم هيئة اصطفاف الفرنسيس وكيفية أوضاعهم والإشارات بمرش وأردبوش وكذلك طلب المماليك وغصب ما وجده منهم من أسيادهم واختص بهم وألبسهم شبه لبس المماليك المصرلية وعمائم شبه البحرية الأروام وبلكات وشراويل وأدخل فيهم ما وجده من الفرنسيس وجعل لهم كبيرًا أيضًا من الفرنسيس يعلمهم الكر والفر والرمي بالبنادق وفي بعض الأحيان يلبسون زرديات وخودًا وبأيديهم السيوف المسلولة وسموا ذلك كله النظام الجديد‏.‏
واستهل شهر صفر الخير بيوم الأربعاء سنة 1217

في 2 شهر صفر سنة 1217 هـ - 4 يونية 1802 م  وصل سعيد آغا وكيل دار السعادة وهو فحل أسمر فحضر عند الباشا فقابله وخلع عليه وقدم له تقدمة وضربوا له عدة مدافع أيضًا‏.‏
وفي يوم الخميس9 صفر سنة 1217 هـ - 11 يونية 1802 م عمل الباشا ديوانًا وحضر القاضي والعلماء والأعيان وقرأوا خطًا شريفًا حضر بصحبة وكيل دار السعادة بأنه ناظر أوقاف الحرمين‏.‏
قتل المسيحين الأقباط للأستيلاء على أموالهم
وفي يوم الاثنين 13 صفر سنة 1217 هـ - 15 يونية 1802 م  قتل الباشا ثلاثة أشخاص من النصارى المشاهير وهم ألطون أبو طاقية وابراهيم زيدان وبركات معلم الديوان سابقًا وفي الحال أرسل الدفتردار فختم على دورهم وأملاكهم وشرعوا في نقل ذلك الى بيت الدفتردار على الجمال ليباع في المزاد فبدأوا بإحضار تركة ألطون أبي طاقية فوجد له موجود كثير من ثياب وأمتعة ومصاغ وجواهر وغيرها وجوار سود وحبوش وساعات واستمر سوق المزاد في ذلك عدة أيام‏.‏
وفيه تواترت الأخبار بأن بونابارته خرج بعمارة كبيرة ليحارب الجزائر وأنه انضم الى طائفة الفرنسيس الاسبانيول والنامرطان وتفرقوا في البحر وكثر اللغط بسبب ذلك وامتنع سفر المراكب ورجع الانكليز الى قلاع الاسكندرية واستمرت هذه الإشاعة مدة أيام ثم ظهر عدم صحة هذه الأخبار وأن ذلك من اختلافات الانكليز‏.‏
وفي يوم الخميس 17 صفر سنة 1217 هـ - 19 يونية 1802 م  حضر جاويش الحاج وصحبته مكاتبات الحجاج من العقبة وضربوا لحضوره مدافع وأخبروا بالأمن والرخاء والراحة ذهابًا وإيابًا ومشوا من الطريق السلطاني وتلقتهم العربان وفرحوا بهم

فلما كان يوم الاثنين  وصل الحجاج ودخلوا الى مصر‏.‏ وفي صبحها دخل أمير الحاج وصحبته المحمل‏.‏
وفي يوم الخميس 23 صفر سنة 1217 هـ - 25 يونية 1802 م  سافر حسين آغا شنن وزين الفقار كتخدا وصحبتهما علي كاشف لملاقاة عثمان بك حسن وأخلوا له دار عبد الرحمن كتخدا بحارة عابدين‏.‏

وفي يوم الثلاثاء28 صفر سنة 1217 هـ - 30 يونية 1802 م حضر عثمان بك حسن فأرسل إليه الباشا أعيان أتباعه من الأغوات وغيرهم والجنائب فحضر بصحبتهم وقابل حضرة الباشا وخلع عليه خلعة وقدم له تقدمة وذهب الى الدار التي أعدت له حضر صحبته صالح بك غيطاس وخلافه من الأمراء البطالين ومعهم نحو المائتين من الغز والمماليك سكن كل من الأمراء والكشاف في مساكن أزواجهم فكانوا يركبون في كل يوم الى بيت عثمان بك ويذهبون صحبته الى ديوان الباشا‏.‏ ورتب له خمسة وعشرين كيسًا في كل شهر‏.‏
وفى 1 شهر ربيع الأول سنة 1217 هـ - 30 يونية 1802 م فيه شرعوا في عمل المولد النبوي وعملوا صواري ووقدة قبالة بيت الباشا وبيت الدفتردار والشيخ البكري ونصبوا خيامًا في وسط البركة ونودي

في يوم الخميس 8 شهر ربيع الأول سنة 1217 هـ - 30 يونية 1802 م بتزيين البلد وفتح الأسواق والحوانيت والسهر بالليل ثلاث ليال أولها صبح يوم الجمعة وآخرها الأحد ليلة المولد الشريف فكان كذلك‏.‏
وفي ليلة المولد حضر الباشا الى بيت الدفتردار باستدعاء وتعشى هناك واحتفل لذلك الدفتردار وعمل له حراقة نفوط وسواريخ حصة من الليل( ‏.‏
وفيه وصلت الأخبار بكثرة عربدة الأمراء القبالي وتجمع عليهم الكثير من غوغاء الخوف والهوارة والعربان ووصلوا الى غربي أسيوط وخافتهم العساكر العثمانية وداخلهم الرعب منهم وتحصن كل فريق في الجهة التي هو فيها وانكمشوا عن الإقدام عليهم وهابوا لقاءهم مع ما هم عليه من الظلم والفجور والفسق بأهل الريف والعسف بهم وطلبهم الكلف الشاقة والقتل والحرق وذلك هو السبب الداعي لنفور أهل الريف منهم وانضمامهم الى المصرلية ومن جملة أفاعيلهم التي ضيقت المنافس وأحرجت الصدور حتى أعاظم الدولة حجزهم المراكب ومنعهم السفار حتى تعطلت الأسباب وامتنع حضور الغلال من الجهة القبلية وخلت عرصات الغلة والسواحل من الغلال مع كثرتها في بلاد الصعيد ولولا تشديد الباشا في عدم زيادة سعر الغلة لغلت أسعارها وأمر بأن لا يدخلوا الى الشون والحواصل شيئًا من الغلة بل يباع ما يرد على الفقراء حتى يكتفوا وفي كل وقت يرسلون أوراقًا وفرمانات الى العساكر بإطلاق المراكب فلا يمتثلون ويحجز الواحد منهم أو الإثنان المركب التي تحمل الألف أردب‏.‏
ويربطونها بساحل الجهة التي هم بها وتستمر كذلك من غير منفعة وربما مرت بهم شرعوا في تسفير عساكر أيضًا وساري عسكرهم طاهر باشا وأخذ في المراكب الحشونة بالغلة فيأخذون منها النواتية والريس يستخدمونهم في مركبهم ويأخذ غيرهم المركب فيرمي ما بها من الغلال على بعض السواحل إن لم يجدوا من يشتريه ويأخذون المراكب فيربطونها عندهم وأمثال ذلك مما تقصر عنه العبارة ولما تواترت هذه الأخبار عن الأمراء القبالي التشهيل والسفر فلما كان يوم الخميس خامس عشره عدى الى البر الغربي وتبعته العساكر‏.‏
وفي ذلك اليوم حضرت مكاتبة من الأمراء القبالي ملخصها أن الأرض ضاقت عليهم واضطرهم الحال والضيق وفراق الوطن الى ما كان منهم وأنهم في طاعة الله والسلطان ولم يقع منهم ما يوجب إبعادهم وطردهم وقتلهم فإنهم خدموا وجاهدوا وقاتلوا مع العثمانية وأبلوا مع الفرنساوية فجوزوا بضد الجزاء ولا يهون بالنفس الذل والإقبال على الموت فإما أن تعطونا جهة نتعيش فيها أو ترسلوا لنا أهلنا وعيالنا وتشهلوا لنا مراكب على ساحل القصير فنسافر فيها الى جهة الحجاز أو تعينوا لنا جهة نقيم بها نحن خمسة أشهر مسافة ما نخاطب الدولة في أمرنا ويرجع لنا الجواب ونعمل في رقابكم لأرقابنا وورد الخبر عنهم أنهم رجعوا القهقرى الى قبلي فلما حضرت تلك المكاتبة فاشتوروا في ذلك وكتبوا لهم جوابًا بإمضاء الباشا والدفتردار والمشايخ حاصله الأمان لما عدا ابراهيم بك والألفي والبرديسي وأبا دياب‏.‏
فلا يمكن أن يؤذن لهم بشيء حتى يرسلوا الى الدولة ويأتي الإذن بما تقتضيه الآراء وأما بقيتهم فلهم الأمان والإذن بالحضور الى مصر ولهم الإعزاز والإكرام ويسكنون فيما أحبوا من البيوت ويرتب لهم ما يكفيهم من التراتيب والالتزام وغير ذلك مثل ما وقع لعثمان بك حسن فإنهم رتبوا له خمسة وعشرين كيسًا في كل شهر ومكنوه مما طلبه من خصوص الالتزام‏.‏
ورفعوها عمن كان أخذها بالحلوان وهذه أول قضية شنيعة ظهرت بقدومهم واستمر طاهر باشا مقيمًا بالبر الغربي‏.‏
وفي هذا الشهر كمل تتميم عمارة المقايس على ما كان عمره الفرنسيس على طرف الميري وأنشأ به الباشا طيارة في علوه عوضًا عن الطيارة القديمة التي هدمها الفرنسيس وأنشأ أيضًا مصطبة في مرمى النشاب بالناصرية وجعل فيها كشكًا لطيفًا مزينًا بالأصباغ ودرابزين حول المصطبة المذكورة‏.‏
ومن الحوادث بسكندرية حضر قليون وفيه تجار وبزرجانية يقال له قليون مهر دار الدولة فأرسلوا بالمينة الغربية‏.‏
وطلع منه قبطان وبعض التجار الى البلدة وأقام نحو يومين أو ثلاثة فطلع رجل نصراني وأخبر الانكليز أنه مات به رجل بالطاعون ومات قبله ثلاثة أيضًا فطلبوا القبطان فهرب‏.‏
فأرسلوا الى المركب وأحضروا اليازجي وتحققوا القضية وأحرقوا المراكب بما فيها وأشهروا اليازجي وعروه من ثيابه وسحبوه بينهم في الأسواق وكلما مروا به على جماعة من العثمانية مجتمعين على مصاطب القهاوي بطحوه بين أيديهم وضربوه ضربًا شديدًا ولم يزالوا يفعلون به ذلك حتى قتلوه‏.‏
ووقع أيضًا أن خورشيد حاكم الاسكندرية أحدث مظالم ومكوسًا على الباعة والمحترفين‏.‏
فذهب بعض الانكليز يشتري سمكًا فطلب السماك منه زيادة في الثمن عن المعتاد فقال له الانكليز لأي شيء تطلب زيادة عن العادة فعرفه بما أحدث عليهم من المكس فرجع الانكليزي وأخبر كبراءه فتحققوا القضية وأحضروا المنادي وأمروه بالمناداة بإبطال ما أحدثه العثمانية من المكوس والمظالم فخرج المنادي وقال حسبما رسم الوزير محمد باشا وخورشيد آغا بأن جميع الحوادث المحدثة بطالة فسمعوه يقول ذلك فأحضروه وضربوه ضربًا شديدًا وعزروه على ذلك القول وقالوا له قل في مناداتك حسبما رسم ساري عسكر الانكليز‏.‏
ووقع أيضًا أن جماعة من العسكر أرادوا القبض على امرأة من النساء اللاتي يصاحبن الانكليز فمنعها منهم عسكر الانكليز فتضاربوا معهم فقتل من الانكليز إثنان فاجتمع الانكليز وأرسلوا الى خورشيد بأن يخرج الى خارج البلدة ويحاربهم فامتنع من ذلك فأمروه بالنزول من القلعة وأسكنوه في دار بالبلد ومنعوا عسكره من حمل السلاح مطلقًا مثل الانكليزية‏.‏ واستمروا على ذلك‏.‏
وفى يوم الأحد 1 شهر ربيع الثاني سنة 1217 هـ - 1 أغسطس 1802 م  فيه حضر أحمد آغا شويكار من عند القبالي ومحمد كاشف صحبته من جماعة الألفي ومعهم مكاتبات وأشيع طلبهم الصلح فأقاموا عدة أيام محجوبين عن الاجتماع بالناس ثم سافروا في أواسطه ولم يظهر كيفية ما حصل وبطل سفر طاهر باشا الى الجهة القبلية ورجع الى داره بعد أيام من رجوعه‏.‏
وفيه عمل مولد المشهد الحسيني ودعا شيخ السادات الباشا في 5 شهر ربيع الثاني سنة 1217 هـ - 5 أغسطس 1802 م وتعشى هناك ورجع الى داره‏.‏
وفيه تقلد السيد أحمد المحروقي أمين الضربخانة وفرق ذهبًا كثيرًا في ذلك اليوم ببيت الباشا وعمل له ليلة بالمشهد الحسيني ودعا الباشا والدفتردار وأعيان الدولة والعلماء وأولم لهم وليمة عظيمة وأوقد بالمسجد وقدة كبيرة وقدم للباشا تقدمة وفي صبحها أرسل مع ولده هدية وتعبية أقمشة نفيسة فخلع عليه الباشا فروة سمور‏.‏
وفي غرة هذا الشهر شرع الباشا في هدم الأماكن المجاورة لمنزله التي تهدمت واحترقت في واقعة الفرنسيس ليبنيها مساكن للعساكر المختصة به وتسمى عندهم بالقشلة وذلك قبالة منزله من المكان المعروف بالساكت الى جامع عثمان كتخدا حيث رصيف الخشاب واهتم لذلك اهتمامًا عظيمًا ورسم بعمل فردة على البلاد أعلى وأوسط وأدنى وأرسلوا المعينين لقبض ذلك من البلاد مع ما الفلاحون فيه من الظلم والجور من العساكر والمباشرين وحق الطرد وفرد الانكليز‏.‏

وفي 12 شهر ربيع الثاني سنة 1217 هـ - 12 أغسطس 1802 م - 6 مسرى القبطى 1518 ش كان وفاء النيل المبارك وكسر السد فى صبحها يوم الخميس بحضرة الباشا والقاضى , والشنك المعتاد , وجرى الماء فى الخليج , ولم يطف مثل العادة , ومنعوا دخول السفن والمراكب المعدة للنزهة , وذلك بسبب أذية العساكر العثمانية .

وفى 15 شهر ربيع الثاني سنة 1217 هـ - 15 أغسطس 1802 م كملت عمارة مشهد السيدة زينب بقناطر السباع وكان من خبره أن هذا المشهد كان أنشأه وعمره عبد الرحمن كتخدا القازدغلي في جملة عمائره وذلك في سنة 1174 فلم يزل على ذلك الى أن ظهر به خلل ومال شقه فانتدب لعمارته عثمان بك المعروف بالطنبرجي المرادي في سنة اثنتي عشرة ومائتين وألف فهدمه وكشف أنقاضه وشرع في بنائه وأقام جدرانه ونصبوا أعمدته وأرادوا عقد قناطره فحصلت حادثة الفرنسيس وجرى ما جرى فبقي على حالته الى أن خرج الفرنسيس من أرض مصر وحضرت الدولة العثمانية فعرض خدمة الضريح الى الوزير يوسف باشا فأمر بإتمامه وإماله على طرف الميري ثم وقع التراخي في ذلك الى أن استقر قدم محمد باشا في ولاية مصر فاهتم لذلك فشرعوا في إكماله وتتميمه وتسقيفه وتقيد لمباشرة ذلك ذو الفقار كتخدا فتم على أحسن ما كان وأحدثوا به حنفية وفسحة وزخرفوه بالنقوشات والأصباغ ولما كان يوم الجمعة رابع عشره حصلت به الجمعية وحضر الباشا والدفتردار والمشايخ وصلوا به الجمعة وبعد انقضاء الصلاة عقد الشيخ محمد الأمير المالكي درس وظيفته وأملى إنما يعمر مساجد الله الآية والأحاديث المتعلقة بذلك وثم المجلس وخلع عليه الباشا بعد ذلك خلعة وكذا الإمام‏.‏
وفيه نصب الباشا خيمة عند بيته بقرب الهدم يجلس بها حصة كل يوم لمباشرة العمل وربما باشر بنفسه ونقل بعض الأنقاض فلما عاينه الأغوات والجوخدارية بادروا الى الشيل ونقل التراب بالغلقان فلما أشيع ذلك حضر طاهر باشا وأعيان العساكر فنقلوا أيضًا وطلبوا المساعدة وحضر طائفة من ناحية الرميلة وعرب اليسار ومعهم طبول وزمور فسأل عن ذلك فقال له المحتسب ذو الفقار‏:‏ هؤلاء طائفة من طوائفي حضروا لأجل المساعدة فشكرهم على ذلك وأمرهم بالذهاب فبقي منهم طائفة وأخذوا في شيل التراب بالأغلاق ساعة والطبول تضرب لهم فانسر الباشا من ذلك وحسن القرناء للباشا المساعدة وأن الناس تحب ذلك فرتبوا ذلك وأحضروا قوائم أرباب الحرف التي كتبت أيام فرد الفرنسيس ونبهوا عليهم بالحضور‏.‏
فأول ما بدأوا بالنصارى الأقباط فحضروا ويقدمهم رؤساؤهم جرجس لجوهري وواصف وفلتيوس ومعهم طبول وزمور وأحضر لهم أيضًا مهتار باشا النوبة التركية وأنواع الآلات والمغنين حتى البرامكة بالرباب فاشتغلوا نحو ثلاث ساعات وفي ثاني يوم حضر منهم أيضًا كذلك طائفة‏.‏ ولما انقضت طوائف الأقباط حضر النصارى الشوام والأروام ثم طلبوا أرباب الحرف من المسلمين فكان يجتمع الطائفتان والثلاثة ويحضرون معهم عدة من الفعلة يستأجرونهم ويحضرون الى العمل ويقدمهم الطبول والزمور والمجرية وذلك خلاف ما رتبه مهتار باشا‏.
فيصير بذلك ضجة عظيمة مختلطة من نوبات تركية وطبول شامية ونقاقير كشوفية ودبادب حربية وآلات موسيقية وطبلات بلدية وربابات برامكية كل ذلك في الشمس والغبار والعفار‏.‏
وزادوا في الطنبور نغمة وهي أنهم بعد أن يفرغوا من الشغل ويأذنوا لهم بالذهاب يلزمونهم بدارهم يقبضها مهتار باشا برسم البقشيش على أولئك الطبالين والزمارين فيعطيهم النزر اليسير ويأخذ لنفسه الباقي وذلك بحسب رسمه واختياره فيأتي على الطائفة المائة قرش والخمسون قرشًا ونحو ذلك فيركب في ثاني يوم وبذهب الى خطتهم ويلزمهم بإحضار الذي قرره عليهم فيجمعونه من بعضهم ويدفعونه وإذا حضرت طائفة ولم تقدم بين يديها هدية أو جعالة طولوا عليهم المدة وأتعبوهم ونهروهم واستحثوهم في الشغل ولو كانوا من ذوي الحرف المعتبرة كما وقع لتجار الغورية والحريرة وإذا قدموا بين أيديهم شيئًا خففوا عليهم وأكرموهم ومنعوا أعيانهم وشيوخهم من الشغل وأجلسوهم بخيمة مهتار باشا وأحضر لهم الآلات والمغاني فضربت بين أيديهم كما وقع ذلك لليهود واستمر هذا العمل بقية الشهر الماضي الى وقتنا هذا فاجتمع على الناس عشرة أشياء من الرذالة وهي السخرة والمعونة وأجرة الفعلة والذل ومهنة العمل وتقطيع الثياب ودفع الدراهم وشماتة الأعداء من النصارى وتعطيل معاشهم وعاشرها أجرة الحمام‏.‏
وفي منتصفه حضر قصاد من الططر وعلى يدهم مكاتبات من الدولة بوقوع الصلح العام من الدولة والقرانات وعثمان باشا ومن معه من المخالفين على الدولة من جهة الروملي فعملوا شنكًا ومدافع ثلاثة أيام تضرب في كل وقت من الأوقات الخمسة وكتبوا أوراقًا وألصقوها في مفارق الطرق بالأسواق وقد تقدم مثل ذلك وأظنه من المختلقات‏.‏
وفي أواخر شهر ربيع الثاني سنة 1217 هـ - وفى أواخر أغسطس 1802 م حضر حريم الباشا من الجهة الرومية وهما اثنتان إحداهما معتوقة أم السلطان والأخرى معتوقة أخته زوجة قبطان باشا وصحبتهما عدة سراري فأسكنهن ببيت الشيخ خليل البكري وقد كان عمره قبل حضورهن وزخرفه ودهنوه بأنواع الصباغات والنقوش وفرشوه بالفرش الفاخرة وفرش المحروقي مكانًا وكذلك جرجس الجوهري فرش مكانًا وأحمد بن محمد واعتنوا بذلك اعتناءً زائدًا حتى أن جرجس فرش بساطًا من الكشمير وغير ذلك وعمل وليمة العقد وعقد على الثنتين في آن واحد بحضرة القاضي والمشايخ وأهدوا لكل من الحاضرين بقجة من ظرائف الأقشمة الهندية والرومية وعملوا شنكًا وحراقة بالأزبكية عدة ليال‏.‏
وفى يوم الاثنين شهر جمادى الأولى سنة 1217 هـ - وفى 6 سبتمبر 1802 م في يوم الاثنين ثامنه شنقوا ثلاثة من عساكر الأروام أحدهم بباب زويلة والثاني بباب الخرق والثالث بالأزبكية بالقرب من جامع عثمان كتخدا وقتلوا أيضًا شخصًا بالنحاسين‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 9 شهر جمادى الأولى سنة 1217 هـ - وفى 7 سبتمبر 1802 م عمل الباشا ديوانًا وفرق الجامكية على الوجاقلية‏.‏ وفيه
وردت الأخبار بوقوع حادثة بين الأمراء القبالي والعثمانية  وذلك أن شخصًا من العثمانية يقال له أجدر موصوفًا بالشجاعة والإقدام أراد أن يكبس عليهم على حين غفلة ليكون له ذكر ومنقبة في أقرانه فركب في نحو الألف من العسكر المعدودين وكانوا في طرف الجبل بالقرب من الهو فسبق العين الى الى الأمراء وأخبرهم بذلك فلما توسطوا سطح الجبل وإذا بالمصرلية أقبلت عليهم في ثلاثة طوابير فأحاطوا بهم فضرب العثمانية بنادقهم طلقًا واحدًا لا غير ونظروا وإذا بهم في وسطهم وتحت سيوفهم ففتكوا فيهم وحصدوهم ولم ينج منهم إلا القليل وأخذ كبيرهم أجدر المذكور أسيرًا وانجلت الحرب بينهم وأحضروا أجدر بين يدي الألفي فقال له لأي شيء سموك أجدر فقال الأجدر معناه الأفعى العظيم وقد صرت من أتباعك فقال لكن يحتاج الى تطريمك وإخراج سمك أولًا وأمر به فأخذوه وقلعوا أسنانه ثم قتلوه وأخذوا جميع ما كان معهم ومن جملة ذلك أربعة مدافع كبار‏.‏
وفيه قلدوا أحمد كاشف سليم إمارة أسيوط وعزل أميرها مقدار بك العثماني بسبب شكوى أهل النواحي من ظلمه‏.‏
وفي يوم ألأثنين شهر جمادى الأولى سنة 1217 هـ - وفى 12 سبتمبر 1802 م منتصفه تواترت الأخبار برجوع الأمراء القبالي الى بحري وأنهم وصلوا الى بني عدي فنهبوا غلالها ومواشيها وقبضوا أموالها وأعطوهم وصولات بختمهم وكذلك الحواوشة وما جاور ذلك من البلاد فشرع العثمانية بمصر في تشهيل جريدة وعساكر‏.‏
وفيه حضرت أيضًا عساكر كثيرة من هبود الأتراك والأرنؤد فأحضروا مشايخ الحارات وأمروهم بإخلاء البيوت لسكناهم فأزعجوا الكثير من الناس وأخرجوهم من دورهم بالقهر‏.‏
فحصل للناس غاية الضرر وضاق الحال بالناس وكلما سكنت منهم طائفة بدار أخربوها وأحرقوا أخشابها وطيقانها وأبوابها وانتقلوا الى غيرها فيفعلون بها كذلك ومن تكلم أو دافع عن دار وبخ بالكلام وقيل له عجب كنتم تسكنون الفرنسيس وتخلون لهم الدور وأمثال ذلك من الكلام القبيح الذي لا أصل له ولما شرعوا في تشهيل التجريدة حصلت منهم أمور وأذية في الناس كثيرة فمنها أنهم طلبوا الحمّارة المكارية وأمروهم بإحضار ستمائة حمار وشددوا عليهم في ذلك فقيل إنهم لما جمعوها أعطوهم أثمانها في كل حمار خمسة ريالات بعدته ولجامه مع أن فيها ما قيمته خمسون ريالًا خلاف عدته ثم ما كفاهم ذلك بل صاروا يخطفون حمير الناس من أولاد البلد بالقهر وكذلك حمير السقائين التي تنقل الماء من الخليج حتى امتنعت السقاؤون بالكلية وبلغ ثمن القربة الكتافي من الخليج عشرة أنصاف فضة وتعدى بالخطف أيضًا من ليس بمسافر فكانوا ينزلون الناس من على حميرهم ويذهبون بها الى الساحة ويبيعونها والبعض تبعهم واشترى حماره بالثمن فخبى جميع الناس حميرهم في داخل الدور فكان يأتي الجماعة من العسكر وينصتون بآذانهم على باب الدار ويتبعون نهيق الحمير وبعض شياطينهم يقف على الدور ويقول رز ويكررها فينهق الحمار فيعلمون به ويطلبونه من البيت فإما أخذوه أو افتداه وفيه حضر قاضي سكندرية الى مصر وذلك أنه لما حضر من اسلامبول طلع الى داره وحضرت إليه الدعاوى فأخذ منهم المحصول على الرسم المعتاد فأرسل إليه الانجليز ولاموه على عدم حضوره إليهم وقت قدومه وقالوا له إن أقمت هنا بتقليدنا إياك فلا نأخذ من أحد شيئًا ونرتب لك ثلاثة قروش في كل يوم وإلا فاذهب حيث شئت فحضر الى مصر بذلك السبب‏.‏
فى يوم الأحد 5 شهر جمادى الثانية سنة 1217 هـ - وفى 3 أكتوبر 1802 م  في خامسه سافرت العساكر الى الأمراء القبالي وسافر أيضًا عثمان بك الحسني وباقي العساكر المعزولين وأمير العساكر العثمانية محمد علي سرششمه وكان الباشا أرسل ابراهيم كاشف الشرقية بجواب إليهم فرجع في ثامنه بجواب الرسالة وأعطاه الألفي ألفي ريال وقدم له حصانين وحاصل تلك الرسالة كما تقدم الأمان لجميع الأمراء المصرلية وأنهم يحضرون الى مصر ويقيمون بها ولهم ما يرضيهم من الفائظ وغيره ما عدا الأربعة الأمراء وهم ابراهيم بك والألفي والبرديسي وأبا دياب فإنهم مطلوبون الى حضرة السلطان يتوجهون إليه مع الأمن عليهم ويعطيهم مناصب وولايات كما يحبون فإن لم يرضوا بذلك فيأخذوا إقطاع أسنا ويقيمون بها فلما وصل ابراهيم آغا المذكور الى أسيوط وأرسل إليهم أرسلوا إليه أحمد آغا شويكار ومحمد كاشف الألفي فانتظروه خارج الجبانة فخرج إليهم ولاقوه وأخذوه وصحبتهم الى عرضيهم وأنزلوه بوطاق بات به فلما أصبح الصباح طلبوه الى ديوانهم فحضر ووقف عساكرهم صفوفًا ببنادقهم وفيهم كثير على هيئة اصطفاف الفرنسيس وعملوا له شنكًا ومدافع‏.‏
ثم أعطاهم المكاتبة بحضرة الجميع فقرؤوها ثم تكلم الألفي وقال‏:‏ أما قولكم نذهب الى اسلامبول ونقابل السلطان ينعم علينا فهذا مما لا يمكن وإن كان مراده أن ينعم علينا فإننا في بلاده وأنعامه لا يتقيد بحضورنا بين يديه وأما بقية إخواننا فهم بالخيار إن شاؤوا أقاموا معنا وإلا ذهبوا وكل إنسان أمير نفسه وأما كون حضرة الباشا يعطينا إقطاع أسنا فلا يكفينا هذا وإنما يكفينا من أسيوط الى آخر الصعيد ونقوم بدفع خراجه فإن لم يرضوا بذلك فإن الأرض لله ونحن خلق الله نذهب حيث شئنا ونأكل من رزق الله ما يكفينا ومن أتى إلينا حاربناه حتى يكون من أمرنا ما يكون ثم استقروا بنقطرة اللاهون وكسروا القنطرة وشرعوا في قبض الأموال من بلاد الفيوم فلما رجع ابراهيم كاشف بذلك الجواب ركب الباشا في صبحها الى الآثار واستعجل العسكر بالذهاب فعدوا الى البر الغربي وتأخر عنهم عثمان بك الحسني والغز المصرلية وباتوا بطرا‏.‏
وفيه شنق الباشا رجلا طبجيًا في المشنقة التي عند قنطرة الغربي ثم أن عثمان بك أرسل الى الباشا يطلب حسين آغا شنن ومصطفى آغا الوكيل ليتفاوض معهما في كلام فأرسل له ابراهيم آغا كاشف الشرقية فأعطاه الخلعة التي خلعها الفرنسيس وبلوت معهم ثم أني حضرت بأمان طائعًا فلم أجاز ولم يحصل ما كنت أؤمله ولم يوفوا معي وعدًا وأنا لا أقاتل إخواني المسلمين وأختم عملي بذلك ولا أقيم بمصر آكل الصدقة وإنما أذهب سانحًا في بلاد الله وكان في ظن عثمان بك أنه إذا أتى الى مصر على هذه الصورة يجعله الباشا أمير البلد أو أمير الحاج‏.‏
وفيه أمر الباشا محمد كتخدا المعروف بالزربة بالسفر الى جهة قبلي فاستعفى من ذلك فأمر بقتله فشفع فيه يوسف كتخدا الباشا وقال إن له حرمة وقد كان في السابق كتخدا لأفندينا ولا يناسب قتله على هذه الصورة فأمر بسفره الى جهة البحيرة محافظًا فسافر من يومه وأما عثمان بك فإنه ركب وذهب الى جهة قبلي مشرقًا على غير الرسم وأشيع ذلك في الناس ولغطوا به فلما تحقق العثمانية ذلك رسموا الطوائف العسكر أن يقيموا منهم طوائف بالقلاع التي على التلول ونصبوا عليها بيارق وأوقفوا حرسًا على أبواب المدينة يمنعون من يخرج من المدينة من الغز الخيالة المصرلية فمن خرج الى بولاق أو غيرها فلا يخرج إلا بورقة من كتخدا الباشا‏.‏
وفي ليلة الجمعة 10 شهر جمادى الثانية سنة 1217 هـ - وفى 8 أكتوبر 1802 م  أمر الباشا بكبس بيوت الأمراء الحسنية ونهب ما بها من الخيول والجمال والسلاح‏.‏
وفيه حضر أغات التبديل الى بيت الخربطلي بعطفة خشقدم وبه جماعة من عسكر المغاربة فكبس عليهم وقبض على جماعة منهم وكتفهم وكشف رؤوسهم وأحاطت بهم عساكره وسحبوهم وأخذوا ما وجدوه في جيوبهم على هيئة شنيعة ومروا بهم على الغورية ثم على النحاسين وباب الشعرية حتى انتهوا بهم الى الأزبكية على حارة النصارى ودخلوا بهم بيت الباشا وهم لا يعملون لهم ذنبًا فلما مثلوا بين يدي كتخدا الباشا ذكر لهم أن بجوارهم دير للنصارى وأنهم فتحوا طاقًا صغيرًا يطل على الدير فقالوا لا علم لنا بذلك وأخبروا أن جماعة من الأرنؤد ساكنون معهم بأعلى الدار فيحتمل أن ذلك من فعلهم فأرسلوا من كشف على ذلك فوجدوه كما قال المغاربة فأطلقوهم بعد هذه الجرسة الشنيعة ومرورهم بهم الى حارة النصارى وأخذ دراهمهم ومتاعهم والأمر لله وحده‏.‏
وفيه أشيع مرور جماعة من الغز القبالى على جهة الجيزة الى جهة سكندرية وكذلك جماعة من الانجليز من سكندرية الى قبلي‏.‏
وفيه تداعى مصطفى خادم مقام سيدي أحمد البدوي مع نسيبه سعد بسبب ميراث أخته فقال مصطفى أنا أحاسبه على خمسين ألف ريال فقال سعد أنا أستخرج منه مائتي ألف ريال بشرط أن تعوقوه هنا وتعطوني خادمه وجماعة من العسكر ففعلوا ذلك وعوقوه ببيت السيد عمر النقيب وتسلم سعد خادمه والعسكر ذهب بهم الى طندتا فعاقبوا الخادم فأقر على مكان أخرجوا منه ستة وثلاثين ألف ريال فرانسه ثم فتحوا بئرًا مردومة بالأتربة وأخرجوا منها ريالات فرانسه وأنصافًا وأرباعًا وفضة عددية كلها مخلوطة بالأتربة وقد ركبها الصدأ والسواد فأحضروها وجلوها في قاعة اليهود ولم يزالوا يستخرجون حتى غلقوا مائة وسبعة وثمانين ألف وسبعمائة وكسورًا وآخر الأمر أخرجوا خبيئة لا يعلم قدرها ثم حصل العفو ورجع العسكر وأخذوا كراء طريقهم وأخذوا من أولاد عمه عشرة أكياس‏.‏
وفي يوم السبت 11 شهر جمادى الثانية سنة 1217 هـ - وفى 9 أكتوبر 1802 م  كان آخر التسخير في نقل التراب من العمارة وكان آخر ذلك طائفة الخردة من الغياش والقرادتية وأرباب الملاعيب وبطل الزمر والطبل واستمر الفعلة في حفر الأساس ورشح عليهم الماء بأدنى حفر لكون أن ذلك في وقت النيل والبركة ملآنة بالماء حول ذلك‏.‏
وفي خامس عشره خرجت عساكر ودلاة أيضًا وسافروا الى قبلي‏.‏
وفي 22 شهر جمادى الثانية سنة 1217 هـ - 21 أكتوبر  1802 م  سافر عساكر في نحو الأربعين مركبًا الى جهة البحيرة بسبب عرب بني علي فإنهم عانوا بالبحيرة ودمنهور‏.‏
ومن الحوادث السماوية أن في تلك الليلة وهي ليلة الأربعاء 22 شهر جمادى الثانية سنة 1217 هـ - 21 أكتوبر  1802 م احمرت السماء بالسحاب عند غروب الشمس حمرة مشوبة بصفرة ثم انجلت وظهر في أثرها برق من ناحية الجنوب في سحاب قليل متقطع وازداد وتتابع من غير فاصل حتى كان مثل شعلة النفط المتوقدة المتوجة بالهواء واستمر ذلك الى ثالث ساعة من الليل ثم تحول الى جهة المغرب وتتابع لكن بفاصل على طريقة البرق المعتاد واستمر الى خامس ساعة ثم أخذ في الاضمحلال وبقي أثره غالب الليل وكان ذلك ليلة سادس عشرين درجة من برج الميزان وحادي عشر بابه القبطي وثامن تشرين أول الرومي ( 24 أكتوبر 1802 ) ولعل ذلك من الملاحم المنذرة بحادث من الحوادث‏.‏
وفيه ورد الخبر بورود مركب من فرانسا وبها الجي وقنصل وصحبتهما عدة فرنسيس فعمل لهم الانكليز شنكًا ومدافع بالاسكندرية

فلما كان ليلة الثلاثاء 28 شهر جمادى الثانية سنة 1217 هـ - 26 أكتوبر  1802 م وصل ذلك الألجي لملاقاتهم خازنداره وصحبته عدة عساكر خيالة وبأيديهم السيوف المسلولة فقابلوهم وضربوا لهم مدافع من بولاق والجيزة والأزبكية وركبوا الى دار أعدت لهم بحارة البنادقة وحضروا في صبحها الى عند الباشا وقابلوه وقدم لهم خيلًا معدة وأهدى لهم هدايا وصاروا يركبون في هيئة وأبهة معتبرة وكان فيهم جبير ترجمان بونابارته‏.‏
وفيه وردت الأخبار بأن الغز القبالي نهبوا بلاد الفيوم وقبضوا أموالها ونهبوا غلالها ومواشيها وحرقوا البلاد التي عصت عليهم وقتلوا ناسها حتى قتلوا من بلدة واحدة مائة وخمسين نفرًا وأما العثمانية الكائنون بالفيوم فإنهم تحصنوا بالبلدة وعملوا لهم متاريس بالمدينة وأقاموا داخلها‏.‏
فى 1 شهر رجب سنة 1217 هـ - 28 أكتوبر  1802 م استهل بيوم الجمعة فيه رموا أساس عمارة الباشا وكان طلب من الفلكيين أن يختاروا له وقتًا لوضع الأساس ففعلوا ذلك وكان بعد اثني عشر يومًا من يوم تاريخه فاستبعده وأمر برمي الأساس في اليوم المذكور‏.‏
ورب النجم يفعل ما يشاء‏.‏
وفيه أحضروا أربعة رؤوس فوضعت عند باب الباشا زعموا أنهم من قتلى الغز المصرلية‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 5 رجب سنة 1217 هـ - 1 نوفمبر  1802 م سافر الألجي الفرنساوي وأصحابه فنزلوا الى بولاق وأمامهم مماليك الباشا بزينتهم وهم لابسون الزروخ والخود وبأيديهم السيوف المسلولة وخلفهم العبيد المختصة بالباشا وعلى رؤوسهم طراطير حمر وبأيديهم البنادق على كواهلهم فلم يزالوا صحبتهم حتى نزلوا ببيت راشتو ببولاق ثم رجعوا ثم نزلوا المراكب الى دمياط وضربوا لهم مدافع عند تعويمهم السفن‏.‏
وفيه أشيع انتشار الأمراء القبالي الى جهة بحري وحضروا الى إقليم الجيزة وطلبوا منها الكلف حتى وصلوا الى وردان‏.‏
وفيه حضر محمد كتخدا المعروف بالزربة الذي كان كتخدا الباشا وتقدم أنه كان أمره بالسفر الى قبلي فامتنع وأذن له بالسفر الى البحيرة محافظًا فلما تقدم طوائف الأمراء الى بحري فمر منهم جماعة قليلة على محمد كتخدا الزربة المذكور فلم تيعرض لهم مع قدرته على تعويقم فبلغ الباشا ذلك فحقدها عليه وأرسل إليه وطلبه الى الحضور فحضر

فلما كان يوم السبت 9 رجب سنة 1217 هـ - 5 نوفمبر  1802 م طلبه الباشا في بكرة النهار فلما أحضر بقتله فنزل به العسكر ورموا رقبته عند باب الباشا ثم نقلوه الى بين المفارق قبالة حمام عثمان كتخدا فاستمر مرميًا عريانًا الى قبيل الظهر ثم شالوه الى بيته وغسلوه في حوش البيت سكنه ودفنوه وعند موته أرسل الدفتردار فختم على داره وأخرج حريمه وفي ثاني يوم أحضروا تركته ومتاعه وباعوا ذلك ببيت الدفتردار‏.‏
وفيه وردت مكاتبات من الديار الرومية وفيها الخبر بعزل شريف أفندي الدفتردار وولاية خليل أفندي الرجائي المنفصل عن الدفتردارية عام أول فحزن الناس لذلك حزنًا عظيمًا فإن أهل مصر لم يروا راحة من وقت دخول العثمانية الى مصر بل من نحو أربعين سنة سوى هذه السنة التي باشرها هو فإنه أرضى خواطر الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني وصرف الجامكية وغلال الأنبار عينًا وكيلًا وكان كثير الصدقات ويحب فعل الخير والمعروف وكان مهذبًا في نفسه بشوشًا متواضعًا وهو الذي أرسل يطلب الاستعفاء من الدفتردارية لما رأى من اختلال أحكام الباشا‏.‏
وفي يوم الاثنين 11 رجب سنة 1217 هـ - 7 نوفمبر  1802 م عدى يوسف كتخدا الباشا الى بر انبابة وعدى معه الكثير من العسكر ونصب العرضي ببر انبابة على ساحة البحر وأشيع وصول الأمراء الى ناحية الجسر الأسود وقطعوا الجسر لأجل تصفية المياه وانحدارها من الملق لأجل مشي الحافر ثم رجعوا الى ناحية المنصورية وبشتيل واستمر خروج العساكر العثمانية التي كانت جهة قبلي الى بر انبابة وهم كالجراد المنتشر ونصبوا وطاقهم ظاهر انبابة واستمر خروج العساكر والطلب ونقل البقسماط والجبخانة على الجمال والحمير ليلًا ونهارًا وأخذوا المراكب ووسقوها معهم في البحر وغصبوا ما وجدوه من السفن قهرًا وانتشرت عساكرهم وخيامهم ببر انبابة حتى ملأوا الفضاء بحيث يظن الرائي لهم أنهم متى تلاقوا مع الغز المصرلية أخذوهم تحت أقدامهم لكثرتهم واستعدادهم بحيث كان أوائل العرضي عند الوراريق وآخرهم بالقرب من بولاق التكر ورطولا ثم أن الأمراء رجعوا الى ناحية وردان والطرانة‏.‏
وفي يوم الجمعة 15 رجب سنة 1217 هـ - 11 نوفمبر  1802 م انتقل العرضي من بر انبابة وحلوا الخيام وفي ثاني يوم خرجت عساكر خلافهم ونصبت مكانهم وسافروا وخرج خلافهم وهكذا دأبهم في كل يوم تخرج طائفة بعد أخرى‏.‏
وفيه رسم الباشا بألف أردب فتح أنعام تفرق على طلبة العلم المجاورين والأروقة بالجامع الأزهر ففرقت بحسب الأغراض وأنعم أيضًا بعد أيام بألف أردب أخرى فعل بها كذلك‏.‏
وإنها خطرات من وساوسه يعطي ويمنع لا بخلًا ولا كرما وفي يوم الأحد سابع عشره وصلت جماعة ططر وأخبروا بتقليد شريف محمد أفندي الدفتردار ولاية جدة‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 19 رجب سنة 1217 هـ - 15 نوفمبر  1802 م خرج طاهر باشا ونصب وطاقه جهة انبابة للمحافظة وخرجت عساكره ونصبت وطاقاتهم ببر انبابة أيضًا متباعدين عن بعضهم البعض واستمروا على ذلك‏.‏
وفي يوم الجمعة 22 رجب سنة 1217 هـ - 18 نوفمبر  1802 م حضر رجل من طرف الدولة يقال له حجان وهو رجل عظيم من أرباب الأقلام وعلى يده فرمان فأرسل الباشا الى شريف أفندي الدفتردار والقاضي والمشايخ وجمعهم بعد صلاة الجمعة وقرئ عليهم ذلك الفرمان وهو خطاب الى حضرة الباشا وملخصه أننا اخترناك لولاية مصر لكونك ربيت بالسراية ولما نعلمه منك من العقل والسياسة والشجاعة وأرسلنا إليك عساكر كثيرة وأمرناك بتقال الخائنين وإخراج الأربعة أنفار من المناصب في غير إقليم مصر وإكرامهم غاية الإكرام إن امتثلوا الأوامر السلطانية وأطلقنا لك التصرف في الأموال الميرية لنفقة العسكر واللوازم وما عرفناه موجب تأخير أمرهم لهذا الوقت فإن كان لقلة العساكر أرسلنا إليك كذلك إن لم يمتثلوا وكل من انضم إليهم كان مثلهم ومن شذ عنهم وطلب الأمان فهو مقبول وعليه الأمان الى آخر ما ذكر من ذلك المعنى‏.‏
وفي يوم السبت 23 رجب سنة 1217 هـ - 19 نوفمبر  1802 م كتبت أوراق بمعنى ذلك وألصقت بالطرقات‏.‏
وفي يوم الأثنين 25 رجب سنة 1217 هـ - 21 نوفمبر  1802 م تواترت الأخبار بوقوع معركة بين العثمانيين والأمراء المصرلية بأراضي دمنهور وقتل من العساكر العثمانية مقتلة عظيمة وكانت الغلبة للمصرليين وانتصروا على العثمانيين وصورة ذلك أنه لما تراءى الجمعان واصطفت عساكر العثمانيين الرجالة ببنادقهم واصطفت الخيالة بخيولهم وكان الألفي بطائفة من الأجناد نحو الثلاثمائة قريبًا منهم وصحبتهم جماعة من الانكليز فلما رأوهم مجتمعين لحربهم قال لهم الانكليز ماذا تصنعون قالوا نصدمهم ونحاربهم قال الانكليز انظر واما تقولون إن عساركرهم الموجهين إليكم أربعة عشر ألفًا وأنتم قليلون قالوا النصر بيد الله فقالوا دونكم فساقوا إليهم خيولهم واقتحموا الى الخيالة فقتل منهم من قتل فانهزم الباقون وتركوا الرجالة خلفهم ثم كروا على الرجالة فلم يتحركوا بشيء وطلبوا الأمان فساقوا منهم نحو السبعمائة مثل الأغنام وأخذوا الجبخانة والمدافع وغالب الحملة والانكليز وقوف على علوة ينظرون الى الفريقين بالنظارات فلما تحقق الباشا ذلك اهتم في تشهيل عساكر ومدافع وعدوا الى بر انبابة ونصبوا وطاقهم هناك‏.‏ وانتقل طاهر باشا الى ناحية الجيزة‏.‏
وفى يوم السبت 1 شهر شعبان سنة 1217 هـ - 27 نوفمبر  1802 م فيه شرعوا في عمل متاريس جهة الجيزة وقبضوا على أناس كثيرة من ساحل مصر القديمة ليسخروهم في العمل‏.‏
وفيه حضر الكثير من العساكر المجاريح وجمع الباشا النجارين والحدادين وشرع في عمل شركفلك فاشتغلوا فيه ليلًا ونهارًا حتى تمموه في خمسة أيام وحملوه على الجمال وأنزلوه المراكب وسفروه الى دمنهور‏.‏
في سادسه وفي عاشره كتبوا عدة أوراق وختم عليها المشايخ ليرسلوها الى البلاد خطا بالمشايخ البلاد والعربان مضمونها معنى ما تقدم وكتبوا كذلك نسخًا وألصقت بالأسواق وذلك بإشارة بعض قرناء الباشا المصرلية وهي بمعنى التحذير والتخويف لمن يسالم الأمراء المصرلية وخصوصًا المغضوب عليهم مطرودين السلطنة العصاة الى آخر معنى ما تقدم‏.‏
وفي هذه الأيام كثرت الغلال حتى غصت بها السواحل والحواصل ورخص سعرها حتى بيع القمع بمائة وعشرين نصفًا الأردب واستمرت الغلال معرمة في السواحل ولا يوجد من يشتريها وكان شريف أفندي الدفتردار أنشأ أربعة مراكب كبار لغلال الميري ولما حصلت النصرة للمصرلية على العثمانية خصوصًا هذه المرة مع كثرتهم وقوتهم واستعدادهم ضبغوا فيها واحتكروها ووقفوا على سواحل النيل يمنعون الصادر والوارد منهم ومن غيرهم وأما الباشا فإنه سخط على العساكر وصار يلعنهم ويشتمهم في غيابهم وحضورهم‏.‏
وفيه حضرت جماعة من أشراف مكة وعلمائها هروبا من الوهابيين وقصدهم السفر الى اسلامبول يخبرون الدولة بقيام الوهابيين ويستنجدون بهم لينقذوهم منهم ويبادروا لنصرهم عليهم فذهبوا الى بيت الباشا والدفتردار وأكابر البلد وصاروا يحكون ويشكون وتنقل الناس أخبارهم وحكاياتهم‏.‏
وفى 1 شهر رمضان سنة 1217 هـ - 27 نوفمبر  1802 م عملت الرؤية ليلة الأحد وركب المحتسب ومشايخ الحرف على العادة ولم ير الهلال وكان غيمًا مطبقًا فلزم إتمام عدة شعبان ثلاثين يومًا فانتدب جماعة ليلة الأحد وشهدوا أنهم رأوا هلال شعبان ليلة الجمعة فقبله القاضي وحكم به تلك الليلة على أن ليلة الجمعة التي شهدوا برؤيته فيها لم يكن للهلال وجود البتة وكان الاجتماع في سادس ساعة من ليلة الجمعة المذكور بإجماع الحساب والدساتير المصرية والرومية على أنه لم ير الهلال ليلة السبت الأحد يد البصر في غاية العسر والعجب وشهر رجب كان أوله الجمعة وكان عسر الرؤية أيضًا وأن الشاهد بذلك لم يتفوه به إلا تلك الليلة فلو كانت شهادته صحية لأشاعها في أول الشهر ليوقع ليلة النصف التي هي من المواسم الإسلامية في محلها حيث كان حريصًا على إقامة شعائر الإسلام‏.‏
وفيه حضرت جماعة من أشراف مكة وغيرها‏.‏
وفي يوم الأربعاء  25 رمضان سنة 1217 هـ - 19 يناير 1802 م حضر خليل أفندي الرجائي الدفتردار في قلة من أتباعه وترك أثقاله بالمراكب وركب من مدينة فوة وحضر على البر وذلك بسبب وقوف جماعة من الأمراء المصرلية ناحية النجيلة يقطعون الطريق على المارين في المراكب ولما حضر نزل ببيت اسمعيل بك بالأزبكية‏.‏
وفي غايته - 24 يناير 1803 م وقع ما هو أشنع مما وقع في غرته وذلك أن ليلة الاثنين غايته كان بالسماء غيم مطبق ومطر ورعد وبرق متواتر وأوقدت قناديل المنارات والمساجد وصلى الناس التراويح واستمر الحال الى سابع ساعة من الليل وإذا بمدافع كثيرة وشنك من القلعة والأزبكية ولغط الناس بالعيد وذكروا أن جماعة حضروا من دمنهور البحيرة وشهدوا أنهم رأوا هلال رمضان ليلة السبت فذهبوا الى بيت الباشا فأرسلهم القاضي فتوقف القاضي في قبول شهادتهم فذهبوا الى الشيخ الشرقاوي فقبلهم وأيدهم وردهم الى القاضي وألزمه بقبول شهادتهم فكتبوا بذلك إعلامًا الى الباشا وقضوا بتمام عدة رمضان بيوم الأحد ويكون غرة شوال صبحها يوم الاثنين وأصبح الناس في أمر مريج منهم الصائم ومنهم الفاطر فلزم من ذلك أنهم جعلوا رجب ثمانية وعشرين يومًا وشعبان تسعة وعشرين وكذلك رمضان والأمر لله وحده‏.‏
فى 1 شهر شوال سنة 1217 هـ - 25 يناير 1803 م كان أوله الحقيقي يوم الثلاثاء وجزم غالب الناس المفطرين بقضاء يوم الاثنين‏.‏
وفي خامسه وصلت أثقال خليل أفندي الرجائي الدفتردار‏.‏ وفيه طلبوا ألف كيس سلعة من التجار وأرباب الحرف فوزعت وقبضت على يد السيد أحمد المحروقي وهي أول حادثة وقعت بقدوم الدفتردار‏.‏
وفي يوم 10 شهر شوال سنة 1217 هـ - 3 فبراير 1803 م  نصب جاليش شريف باشا المعبر عنه بالطوخ عند بيته بالأزبكية وضربت له النوبة التركية وأهدى له الباشا خيامًا كثيرة وطقمًا ولوازم‏.‏
وفي يوم الاثنين 22  شهر شوال سنة 1217 هـ - 15 فبراير 1803 م كان خروج أمير الحاج بالموكب والمحمل المعتاد الى الحصوة وكان ركب الحجاج في هذه السنة عالمًا عظيمًا وحضر الكثير من حجاج المغاربة من البحر وكذلك عالم كثير من الصعيد وقرى مصر البحرية والأروام وغير ذلك‏.‏
وفي يوم الخميس 25  شهر شوال سنة 1217 هـ - 18 فبراير 1803 م خرج شريف باشا في موكب جليل ونصب وطاقه عند بركة الشيخ قمر فأقام به الى أن يسافر الى جدة من القلزم وانتقل خليل أفندي الرجائي الدفتردار الى دار شريف باشا بالأزبكية‏.‏
وفي غايته حضر أولاد الشريف سرور شريف مكة هروبًا من الوهابيين ليستنجدوا بالدولة فنزلوا ببيت المحروقي بعدما قابلوا محمد باشا والي مصر وشريف باشا والي جدة‏.‏
فى 1 شهر ذي القعدة الحرام سنة 1217 هـ - 23 فبراير 1803 م استهل بيوم الأربعاء فيه تقدم الناس بطلب الجامكية فأمرهم الدفتردار بكتابة عرض حالات فثقل عليهم ذلك فقالوا إننا كتبنا عرضحالات في السنة الماضي وأخذنا سنداتنا من الدفتردار المنفصل ودفع لنا سنة ستة عشر فقيل لهم إنه دفع لكم سنة معجلة والحساب لا يكون إلا من يوم التوجيه فضجوا من ذلك وكثر لغط الناس بسبب ذلك وأكثروا من التشكي من الدفتردار‏.‏
وفي يوم الأثنين 6 شهر ذي القعدة الحرام سنة 1217 هـ - 28 فبراير 1803 م اجتمع الكثير من النساء بالجامع الأزهر وصاحوا بالمشايخ وأبطلوا دروسهم فاجتمعوا بقبلته ثم ركبوا الى الباشا فوعدهم بخير حتى ينظر في ذلك وبقي الأمر وهم في كل يوم يحضرون وكثر اجتماعهم بالأزهر وباب الباشا فلم يحصل لهم فائدة من ذلك سوى أن رسم لهم بمواجب آخر سنة تاريخه معجلة ولم يقبضوا منها إلا ما قل بسبب تتابع الشرور والحوادث‏.‏
وفي يوم السبت 11 شهر ذي القعدة الحرام سنة 1217 هـ - 5 مارس 1803 م ارتحل شريف باشا الى بركة الحج متوجهًا الى السويس‏.‏ وفيه ارتحل حجاج المغاربة وكانوا كثيرين فسافر أغنياؤهم والكثير من فقرائهم من طريق البر وآخرون من السويس على القلزم‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 14 شهر ذي القعدة الحرام سنة 1217 هـ - 5 مارس 1803 م حضر ططريات الى الباشا وعلى يدهم شالات شريفة وبشارة بتقريره على السنة الجديدة وزيد له تشريف تترخانية ومعناه مرتبة عالية في الوزارة فضربوا شنكًا ومدافع متوالية يومين‏.‏
وفيه أشيع انتقال الأمراء المصرلية من جهة البحيرة وقبلوا الى ناحية الجسر الأسود وأشيع أيضًا أن جماعة منهم نزلوا بصحبة جماعة من الانكليز الى البحر قاصدين التوجه الى اسلامبول وانتقل كتخدا بك خلفهم بعساكره ولكن لم يتجاسروا على الإقدام عليهم‏.‏
وفيه وصلت الأخبار من الجهات الشامية بهروب محمد باشا أبي مرق من يافا واستيلاء وفي رابع عشره حضر كتخدا الباشا وتقدم الأمراء المصرلية الى جهة قبلي حتى عدوا الجيزة وحصل منهم ومن العساكر العثمانية الضرر الكثير في مرورهم على البلاد من التفاريد والكلف ورعي الزروع وقطع الطرق برًا وبحرًا وكان أغات الجو الى القبلية وهو نجيب أفندي كتخدا الدفتردار وصحبته أرباب مناصب عدوا الى الجيزة متوجهين الى الصعيد ونصبوا خيامهم ببر الجيزة فصادفوهم وهجموا عليهم وقتلوا منهم من وجدوه وهرب الباقون‏.‏
فاستولوا على خيامهم ووطاقهم وكذلك كتخدا الدفتردار خرج الى مصر القديمة متوجهًا الصعيد لقبض الغلال والأموال فاستمر مكانه وتأخر لعدم المراكب وخوفًا من المذكورين‏.‏ وفيه ورد الخبر بنزول شريف باشا الى المراكب بالقلزم يوم الخميس سادس عشره‏.‏
وفي يوم الأربعاء 22 شهر ذي القعدة سنة 1217 هـ - 6 مارس 1803 م طلبوا أيضًا خمسة آلاف كيس سلفة من التجار ثلاثة آلاف كيس ومن الملتزمين ألفا كيس وشرعوا في توزيعها فانزعج الناس وأغلق أهل الغورية حوانيتهم وكذا خلافهم وهرب أهل وكالة الصابون الى الشام على الهجن واختفى أكثر الناس مثل السكرية وأهل مرجوش وخلافهم فطلبهم المعينون ولزموا بيوتهم وسمروا مطابخ السكر وكذلك عملوا فردة على البلاد أعلى وأوسط وأدنى الأعلى خمسمائة ريال والأوسط ثلثمائة والأدنى مائة وخمسون‏.‏
وفيه تحقق الخبر بنزول طائفة الانكليز وسفرهم من ثغر الاسكندرية في
ج2/ 79

This site was last updated 10/19/10