الخليفة الفاطمى الفائز بنصر الله على مصر - الخليفة رقم 154 فى سلسلة خلفاء المسلمين الذين حكموا مصر وأيضا الخليفة رقم 11 من سلسلة خلفاء الأسرة الفاطمية الشيعية الذين أحتلوا مصر
****************************************************************************************
الجزء التالى من مرجع عن الخلفاء الذين حكموا مصر وهى تحت إستعمار الأسرة الفاطمية الشيعية الإسلامية - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة
****************************************************************************************
خلافة الفائز بنصر الله على مصر
خلافة الفائز بنصر الله على مصر هو أبو القاسم عيسى ابن الخليفة الظافر بأمر الله أبي منصور إسماعيل ابن الخليفة الحافظ أبي الميمون عبد المجيد بن محمد - ومحمد هذا ليس بخليفة - ابن الخليفة المستنصر بالله معد ابن الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله علي ابن الخليفة الحاكم بأمر الله منصور ابن الخليفة العزيز بالله نزار ابن الخليفة المعز لدين الله معد أول خلفاء مصر ابن الخليفة المنصور إسماعيل ابن الخليفة القائم بأمر الله محمد ابن الخليفة المهدي عبيد الله العبيدي الفاطمي المغربي الأصل المصري العاشر من خلفاء مصر من بني عبيد والثالث عشر من أصلهم المهدي أحد خلفاء بني عبيد بالمغرب. وأم الفائز هذا أم ولد يقال لها زين الكمال.
قال أبو المظفر بن قز أوغلي في تاريخه مرآة الزمان: مولده في المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة وتوفي وهو ابن إحدى عشرة سنة وشهور.
وزاد ابن خلكان بأن قال: لتسع بقين من المحرم. قال: وكانت أيامه ست سنين وستة أشهر وسبعة عشر يومًا. وبين وفاته ووفاة المقتفي يعني خليفة بغداد العباسي. أربعة أشهر وأيام. قلت: وقوله وبين وفاته ووفاة المقتفي أربعة أشهر وأيام لا يعرف بذلك من السابق منهما بالوفاة. وأنا أقول: أما السابق فهو الخليفة المقتفي الآتي ذكره إن شاء الله فإن وفاة المقتفي في شهر ربيع الأول ووفاة الفائز هذا صاحب الترجمة في شهر رجب. قال صاحب المرآة: وقام بعده أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ. ولم يكن أبوه خليفة وأمه يعني عبد الله أم ولد تدعى ست المنى ولقب بالعاضد. انتهى كلام صاحب المرآة.
وقال صاحب كتاب المقلتين في أخبار الدولتين: ولما أصبح الوزير عباس يعني صبيحة قتل الخليفة الظافر بأمر الله ركب إلى القصر ودخل إلى مقطع الوزارة من غير استدعاء فأطال جلوسه ولم يجلس الخليفة له فاستدعى عباس زمام القصر وقال له: إن كان لمولانا ما يشغله عنا في هذا اليوم عدنا إليه في الغد. فمضى الأستاذ وهو حائر فيما يعمل وقد فقد الخليفة.
فدخل إلى أخوي الخليفة يوسف وجبريل وهما رجلان أحدهما مكتهل فأخبرهما بالقصة وما كان عندهما من خروج أخيهما البارحة إلى دار نصر بن عباس خبر ولا اطلعا عليه إلا في تلك الساعة فما شكا في قتل أخيهما الخليفة الظافر وقالا للزمام: إن اعتذرت اليوم هل يتم لك هذا مع الزمان فقال الزمام: ما تأمراني به قالا: تصدقه وتحققه.
وكان للخليفة ولد عمره خمس سنين اسمه عيسى. فعاد الزمام إلى عباس وقال له: ثم سر أقوله إليك بحضور الأمراء والأستاذين. فقال عباس: ما ثم إلا الجهر. قال: إن الخليفة خرج البارحة لزيارة ولدك نصر فلم يعد بغير العادة. فقال عباس: تكذب يا عبد السوء! إنما أنت مبايع أخويه يوسف وجبريل اللذين حسداه على الخلافة فاغتالاه واتفقتم على هذا القول.
فقال الزمام: معاذ الله! قال عباس: فأين هما. فخرجا إليه ومعهما ابن أخ لهما اسمه صالح بن حسن الذي قتل والده الخليفة الحافظ بالسم. وقد تقدم ذكر قتله في ترجمة أبيه الحافظ عبد المجيد. قال: فلما حضروا قال لهم عباس الوزير: أين الخليفة فقالوا: حيث يعلم ابنك ناصر الدين. قال لا. قالوا: بلى! وهذا بهتان منك لأن بيعة أخينا في أعناقنا وهؤلاء الأمراء الحاضرون يعلمون ذلك وإنا في طاعته بوصية والدنا وأقاما الحجة عليه. فكذبهما وأمر غلمانه بقتل الثلاثة في دارهم. ثم قال للزمام: أين ابن مولانا قال حاضر. فقال عباس: قدامي إلى مكانه. فدخل الوزير عباس بنفسه إليه وكان عند جدته لأمه فحمله على كتفه وأخرجه للناس قبل رفع المقتولين وبايع له بالخلافة ولقبه بالفائز بنصر الله. فرأى الصبي القتلى فتفزع واضطرب ودام مدة خلافته لا يطيب له عيش من تلك الرجفة. وثم أمر الفائز في الخلافة ووزر له عباس المذكور إلى أن وقع له مع طلائع بن رزيك ما سنذكره من أقوال جماعة من المؤرخين.
وقد ذكرنا منه أيضًا نبذة فيما مضى ولكن اختلاف النقود فيها فوائد.
وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في تاريخ الإسلام - بعد أن ساق نسب الفائز هذا حتى قال -: بويع بالقاهرة حين قتل والده الظافر وله خمس سنين وقيل: بل سنتان فحمله الوزير عباس على كتفه ووقف في صحن الدار به مظهرًا الحزن والكآبة وأمر أن يدخل الأمراء فدخلوا فقال لهم: هذا ولد مولاكم وقد قتل عماه مولاكم وقد قتلتهما كما ترون به وأشار إلى القتلى والواجب إخلاص الطاعة لهذا الولد الطفل. فقالوا كلهم: سمعنا وأطعنا وضخوا ضجة واحدة بذلك.
ففزع الطفل يعني الفائز ومال على كتف عباس من الفزع. وسموه الفائز ثم سيروه إلى أمه وقد اختل عقله من تلك الضجة فيما قيل فصار يتحرك في بعض الأوقات ويصرع - قلت: على كل قول كان الفائز قد اختل عقله -. قاله: ولم يبق على يد عباس الوزير يد ودانت له الممالك.
وأما أهل القصر فإنهم اطلعوا على باطن القصة فأخفوا في إعمال الحيلة في قتل عباس وابنه فكاتبوا طلائع بن رزيك الأرمني والي منية بني خصيب. ثم ساق الذهبي قصة طلائع مع الوزير عباس.
وقال ابن الأثير: اتفق أن أسامة بن منقذ قدم مصر فاتصل بعباس الوزير وحسن له قتل زوج أمه العادل بن سلار فقتله وولاه الظافر الوزارة من بعده فاستبد بالأمر وتم له ذلك. وعلم الأمراء والأجناد أن ذلك من فعل ابن منقذ فعزموا على قتله.
فخلا بعباس وقال له: كيف تصبر على ما أسمع من قبيح قول الناس إن الظافر يفعل بابنك نصر - وكان من أجمل الناس وكان ملازمًا للظافر - فانزعج لذلك وقال: كيف الحيلة قال: اقتله فيذهب عنك العار. فاتفق مع ابنه على قتله. وقيل: إن الظافر أقطع نصر بن عباس قرية قليوب كلها فدخل وقال: أقطعني مولانا قليوب. فقال ابن منقذ: ما هي في مهرك بكثير.
فجرى ما ذكرناه وهربوا وقصدوا الشام على ناحية أيلة في شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين.
وملك الصالح طلائع بن رزيك ديار مصر من غير قتال وأتى إلى دار عباس المعروفة بدار الوزير المأمون بن البطائحي التي هي اليوم المدرسة السيوفية الحنفية فاستحضر الخادم الصغير الذي كان مع الظافر لما نزل سرًا وسأله عن الموضع الذي دفن فيه فعرفه به.
فقلع البلاطة التي كانت على الظافر ومن معه من المقتولين وحملوا وقطعت عليهم الشعور وناحوا عليهم بمصر ومشى الأمراء قدام الجنازة إلى تربة آبائه. فتكفل الصالح طلائع بن رزيك بالصغير يعني الفائز هذا ودبر أحواله.
وأما عباس ومن معه فإن أخت الظافر كاتبت الفرنج الذين بعسقلان الذين استولوا عليها من مديدة يسيرة وشرطت لهم مالًا جزيلًا إذا خرجوا عليه وأخفوه فخرجوا عليه فواقعهم فقتل عباس وأخذت الفرنج أمواله وهرب ابن منقذ في طائفة إلى الشام وأرسلت الفرنج نصر بن عباس إلى مصر في قفص حديد.فلما وصل تسلم رسولهم المال وذلك في شهر ربيع الأول سنة خمسين وخمسمائة ثم خلعت أخت الظافر يد نصر وضرب ضربًا مهلكًا وقرض جسمه بالمقاريض ثم صلب على باب زويلة حيًا ثم مات وبقي مصلوبًا إلى يوم عاشوراء سنة إحدى وخمسين ثم أنزل وأحرقت عظامه.
وقيل: إن الصالح طلائع بن رزيك بعث إلى الفرنج بطلب نصر بن عباس وبذل إليهم أموالًا.
فلما وصل سلمه الملك الصالح إلى نساء الظافر فأقمن يضربنه بالقباقيب والزرابيل أيامًا وقطعن لحمه وأطعمنه إياه إلى أن مات ثم صلب.
وتكفل الصالح طلائع بن رزيك أمر الصبي أعني الفائز وساس الأمور وتلقب بالملك الصالح وسار في الناس أحسن سيرة وفخم أمره وكان طلائع أديبًا كاتبًا.
ولما ولي الوزر وتلقب بالملك الصالح خلع عليه مثل الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي من الطيلسان المقور وأنشئ له السجل فتناهى فيه كتاب الإنشاء.
فمما قيل فيه: واختصك أمير المؤمنين بطيلسان غدًا للسيف توأمًا ليكون كل ما أسند إليك من أمور الدولة معلمًا.
ولم يسمع بذلك إلا ما أكرم به الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين أمير الجيوش أبا النجم بحرًا وولده أبا القاسم شاهنشاه وأنت أيها السيد الأجل الملك الصالح. وأين سعيهما من سعيك ورعيهما الذمام من رعيك لأنك كشفت الغمة وانتصرت للأئمة وبيضت غياهب الظلمة وشفيت قلوب الأمة. وأشياء غير ذلك.
وعظم أمر الصالح طلائع إلى أن وقع له ما سنذكره. كل ذلك والفائز ليس له من الخلافة إلا مجرد الاسم فقط وذلك لصغر سنه.
ولما استفحل أمر الصالح طلائع أخذ في جمع المال فإنه كان شرهًا حريصًا على التحصيل.
وكان مائلًا إلى مذهب الإمامية أعني أنه كان متغاليًا في الرفض فمال على المستخدمين في الأموال وأخذ يعمل على الأمراء المقدمين في الدولة مثل ناصر الدولة ياقوت وكان صاحب الباب وناب عن الحافظ في مرضة مرضها مدة ثلاثة أشهر وطلب أن يوزره فأبى ياقوت المذكور. ومثل الأوحد بن تميم فإنه كان من أعيان الأمراء.
ولما سمع بقصة عباس من قتله الظافر وكان واليًا على دمياط وتنيس تحرك لطلب دم الظافر وقصد القاهرة فسبقه طلائع بن رزيك بيوم واحد فخاب قصده فرده طلائع بن رزيك إلى ولايته وأضاف إليه الدقهلية والمرتاحية.
وبقي تاج الملوك قايماز بالقاهرة وهو من كبار الأمراء وابن غالب لاحق به فحمل الأجناد عليهما يطلبونهما فخرجا في جماعتهما فتكاثر عليهما الأجناد فقتلا ونهبت دورهما بأطماع الصالح طلائع بن رزيك في ذلك.
ثم إن طلائع ما اتسع له قرب الأوحد بن تميم بدمياط فقلده أسيوط وإخميم. وكان ناصر الدولة بقوص من وزارة عباس وكان ابن رزيك لما استدعي لأخذ الثأر وهو بالاشمونين لم يجسر على الحركة إلا بعد مكاتبة ناصر الدولة بذلك واستدعاه ابن رزيك ليكون الأمر له.
فكاتبه ناصر الدولة بإزهاده في ذلك وأنه سئل به وتركه في أيام الحافظ عن قدرة واعتقد أنه لا يفلح لأنه لم يتحقق ما كان من عباس. فعند ذلك خلت القاهرة لطلائع بن رزيك من مماثل.
وأظهر مذهب الإمامية وباع الولايات للأمراء وجعل لها أسعارًا ومدتها ستة أشهر فتضرر الناس من تردد الولاة عليهم في كل ستة أشهر. وضايق القصر طمعًا في صغر سن الخليفة فتعب الناس معه.
وجعل له مجلسًا في أكثر الليالي يحضره أهل الأدب ونظم هو شعرًا ودونه وصار الناس يهرعون إلى نقل شعره وربما أصلحه له شاعر كان يصحبه يقال له ابن الزبير.
ومما نسب إليه من الشعر قوله: الكامل كم ذا يرينا الدهر من أحداثه عبرًا وفينا الصد والإعراض ننسى الممات وليس نجري ذكره فينا فتذكرنا به الأمراض وله من قصيدة: الوافر مشيبك قد رمى صبغ الشباب وحل الباز في وكر الغراب فكيف بقاء عمرك وهو كنز وقد أنفقت منه بلا حساب فلما ثقلت وطأته على القصر وكان الخليفة الفائز في تدبير عمته شرعت في قتل طلائع بن رزيك المذكور وفرقت في ذلك ما لا يقرب من خمسين ألف دينار.
فعلم ابن رزيك بذلك فأوقع بها وقتلها بالأستاذين والصقالبة سرًا والخليفة في واد آخر من الاضطراب. ثم نقل ابن رزيك كفالة الفائز إلى عمته الصغرى وطيب قلبها وراسلها. فما حماه ذلك منها بل رتبت قتله.
وسعى لها في ذلك أصحاب أختها المقتولة فرتبت قومًا من السودان الأقوياء في باب السرداب في الدهليز المظلم الذي يدخل منه إلى القاعة وقوم أخر في خزانة هناك وفيهم واحد من الأجناد يقال له ابن الراعي.
فدخل يوم خمسة من شهر رمضان سنة ست وخمسين وخمسمائة فلما انفصل من السلام على الخليفة وكان صاحب الباب في ذلك اليويم أميرًا يقال له ابن قوام الدولة وكان إماميًا فيقال: إنه أخلى الدهليز من الناس حتى لم يبق فيه أحد وإنه استوقفه أستاذ يقال له عنبر الربعي بحديث طويل.
وتقدم طلائع بن رزيك ومعه ولده رزيك فأرادت الجماعة المخبأة أن تخرج فوجدوا الباب مغلقًا وخافوا من خلعه التشغيب فخرجت عليه الجماعة الأخرى فضربوا رزيك بن الصالح طلائع ضربة أوقعت عضده الأيمن وجرح أبوه الصالح طلائع بن رزيك من ابن الراعي المذكور.
وقيل: إن طلائع كان متخومًا فاستفرغ بالدم فأكب على وجهه وأخذ منديله من على رأسه فعاد إليه رجل يقال له ابن الزبد فألبسه المنديل وخرج به محمولًا على الدابة لا يفيق. فقيل: إنه كان يقول إذا أفاق: رحمك الله يا عباس يعني بذلك عباسًا الوزير الذي قتل الخليفة الظافر. وكان الفائز قد مات وتولى الخلافة العاضد وهو أيضًا تحت حجر طلائع المذكور. فمات طلائع سحرًا.
وكان طلائع قد ولى شاور قوص وندم على ولايته فأراد استعادته من الطريق فسبقه شاور حتى حصل بها وطلب منه كل شهر أربعمائة دينار وقال: لا بد لقوص من وال وأنا ذلك والله لا أدخل القاهرة ومتى صرفني دخلت النوبة.
ولما مات الصالح طلائع بن رزيك وطاب ولده رزيك طلبت عمة الفائز رزيك وأحضرت له الذي ضربه في عضده الأيمن وأحضرت أيضًا سيف الدين حسين ابن أخي طلائع وحلفت لهما أنها لم تدر بما جرى على أبيه الصالح وأن فاعل ذلك أصحاب أختها المقتولة وخلعت على رزيك بالوزارة عوضًا عن أبيه طلائع بن رزيك وفسحت له في أخذ من ارتاب به في قتل أبيه.
فأخذ ابن قوام الدولة فقتله وولده والأستاذ الذي شغله. وأقام رزيك المذكور في الوزارة سنة وكسرًا فما رأى الناس أحسن من أيامه وسامح الناس بما عليهم من الأموال البواقي الثابتة في الدواوين ولم يسبق إلى ذلك.
ودام في الوزارة حتى قيل: اصرف شاور من قوص يتم الأمر لك. فأشار عليه سيف الدين حسين بإبقائه فقال رزيك: ما لي طمع فيما آخذه منه ولكن أريده يطأ بساطي. فقيل له: ما يدخل أبدًا فما قبل.
وخلع على أمير يقال له ابن الرفعة بولاية قوص عوضًا عن شاور فخرج شاور من قوص في جماعة قليلة إلى الواحات.
وأما رزيك الوزير فإنه رأى منامًا أخبر به ابن عمه سيف الدين حسين فقال له حسين: إن بمصر رجلا يقال له ابن الإيتاخي حاذقًا في التعبير فأحضره رزيك وقال له: رأيت كأن القمر قد أحاط به حنش وكأنني رواس في حانوت.
فغالطه المعبر في التفسير وظهر ذلك لسيف الدين حسين فأمسك إلى أن خرج المعبر فقال له: ما أعجبني كلامك والله لا بد أن تصدقني ولا بأس عليك.
فقال: يا مولاي القمر عندنا هو الوزير كما أن الشمس خليفة والحنش المستدير عليه هو جيش مصحف وكونه رواسًا اقلبها تجدها شاور مصحفًا أيضًا. فقال له حسين: اكتم هذا عن الناس.
واهتم حسين في أمره ووطأ له التوجه إلى مدينة النبي عليه السلام وكان أحسن إلى المقيمين بها وحمل إليها مالا وأودعه عند من يثق به.
وصار أمر شاور يزداد ويقوى حتى قرب من القاهرة وصاح الصائح في بني رزيك وكانوا أكثر من ثلاثة آلاف فارس.
فأول من نجا بنفسه حسين.فلما بلغ رزيك توجه حسين انقطع قلبه وأخذ أمواله على البغال وخرج في خاصته إلى إطفيح فأخذه مقدم إطفيح بعد أمور وكل من معه وأتى بهم إلى شاور في الحديد فاعتقله شاور وأخاه جلال الإسلام فطلب رزيك من بعض غلمان أبيه مبردًا فبرد قيده فعلم أخوه جلال الإسلام فأعلم شاور بذلك فقتل شاور رزيك وأبقى على أخيه جلال الإسلام لهذه النصيحة.
واستمر شاور في الوزر أشهرًا حتى وقع له مع الضرغام أحد أمراء بني رزيك ما وقع واستنجد عليه بتوجهه إلى دمشق إلى نور الدين محمود بن زنكي فأرسل معه نور الدين أسد الدين شيركوه بن شافي. وشاور هو صاحب القصة مع أسد الدين شيركوه وابن أخيه السلطان صلاح الدين.
يأتي ذكر ذلك في ترجمة العاضد مفصلا إن شاء الله. وكانت وفاة الفائز صاحب الترجمة في شهر رجب سنة خمس وخمسين وهو ابن عشر سنين أو نحوها.
وبايعوا العاضد لدين الله أبا محمد عبد الله بن يوسف ابن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر ابن عم الفائز هذا.
وأجلسه الملك الصالح طلائع بن رزيك على سرير الخلافة. وأزوجه ابنته.
ثم بعد ذلك استعمل طلائع شاور على بلاد الصعيد. وهو شاور البدري الذي استولى على ديار مصر في خلافة العاضد آخر خلفاء بني عبيد على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وكلاهما ليس له في الخلافة إلا مجرد الاسم فقط.
السنة الأولى : وهي سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرع وسبع أصابع. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشرون إصبعًا.
السنة الثانية من خلافة الفائز بنصر الله وهي سنة خمسين وخمسمائة.
ذكر المؤرخ المسلم المقريزى فى لمواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار البلاد التالية فى الجزء الأول 43 / 167 :وفي أيام الخليفة الفائز بنصر الله عيسى والوزير حينئذٍ الصالح طلائع بن رزيك نزل على دمياط نحو ستين مركبًا في جمادى الآخرة سنة خمسين وخمسمائة بعث بها لوجيز بن رجاو صاحب صقلية فعاثوا وقتلوا ونزلوا تنيس ورشيد والإسكندرية فأكثروا فيها الفساد.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرع وتسع عشرة إصبعًا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا.
السنة الثالثة من خلافة الفائز بنصر الله وهي سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ست أذرع وتسع عشرة إصبعًا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وثماني أصابع.
السنة الرابعة من خلافة الفائز بنصر الله وهي سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبع أذرع وثماني عشرة إصبعًا. مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وإصبع واحدة.
السنة السابعة من خلافة الفائز بنصر الله وهي سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
على أن الفائز مات فيها في شهر رجب وحكم في باقيها العاضد بالله عبد الله. وكانت وفاته بدمشق في يوم الجمعة سابع شهر ربيع الأول ودفن يوم السبت بقاسيون.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرع وعشر أصابع. مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وعشر أصابع.