علم الشيعة الأخضر الفاطمى

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

ولاية الخليفة المستنصر بالله على مصر - 149

 +إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك فاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الخليفة المستنصر بالله

ولاية الخليفة المستنصر بالله على مصر -الخليفة رقم 149 من الخلفاء الذين حكموا مصر والخليفة رقم 5 فى سلسلة عائلة الفاطميين

****************************************************************************************

 الجزء التالى من مرجع عن الخلفاء الذين حكموا مصر وهى تحت إستعمار الأسرة الفاطمية الشيعية الإسلامية - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة

**************************************************************************************** 

 

ولاية الخليفة المستنصر بالله على مصر
خلافة المستنصر بالله على مصر هو أبو تميم معد الملقب بالمستنصر بالله بن الظاهر لإعزاز دين الله علي بن الحاكم بأمر الله منصور بن العزيز بالله بن المعز لدين الله معد أول خلفاء الفاطميين بمصر ابن المنصور بالله إسماعيل بن القائم بالله محمد بن المهدي عبيد الله العبيدي الفاطمي المغربي الأصل المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة وهو الخامس من خلفاء مصر من بني عبيد والثامن من المهدي عبيد الله‏.‏
ولي الخلافة بعد موت أبيه الظاهر لإعزاز دين الله في يوم الأحد منتصف شعبان سنة سبع وعشرين وأربعمائة‏.‏
وكان عمره يوم ولي الخلافة سبع سنين وسبعة وعشرين يومًا وختن وهو ابن ست سنين‏.‏
قال الذهبي رحمه الله‏:‏ هو معد أبو تميم الملقب بأمير المؤمنين المستنصر بالله بن الظاهر بن الحاكم بأمر الله - وساق بقية نسبه بنحو ما سقناه إلى أن قال -‏:‏ بقي في الخلافة ستين سنة وأربعة أشهر وهو الذي خطب له بإمرة المؤمنين على منابر العراق في نوبة الأمير أبي الحارث أرسلان المعروف بالبساسير في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة‏.‏
ولا أعلم أحدًا في الإسلام لا خليفة ولا سلطانًا طالت مدته مثل المستنصر هذا‏.‏
وولي وهو ابن سبع سنين‏.‏

قحط وجوع وغلاء
وحدث في أيام المستنصر بمصر الغلاء الذي ما عهد بمثله منذ زمان يوسف عليه السلام ودام سبع سنين حتى أكل الناس بعضهم بعضًا حتى قيل‏:‏ إنه بيع رغيف واحد بخمسين دينارًا - فإنا لله وإنا إليه راجعون - وحتى إن المستنصر هذا بقي يركب وحده وخواصه ليس لهم دواب يركبونها وإذا مشوا سقطوا من الجوع وآل الأمر إلى أن استعار المستنصر بغلة يركبها من صاحب ديوان الإنشاء‏.‏
وآخر شيء نزحت أم المستنصر وبناته إلى بغداد خوفًا من أن يمتن جوعًا‏.‏
وكان ذلك في سنة ستين وأربعمائة‏.‏
ولم يزل هذا الغلاء حتى تحرك الأمير بدر الجمالي والد الأفضل أمير الجيوش من عكا وركب في البحر وجاء إلى مصر وتولى تدبير الأمور وشرع في إصلاح الأمر‏.‏
وتوفي المستنصر في ذي الحجة سنة 487 هـ‏.‏
وفي دولته كان الرفض والسب فاشيًا مجهرًا والسنة والإسلام غريبًا‏!‏ فسبحان الحليم الخبير الذي يفعل في ملكه ما يريد‏.‏
وقام بعده ابنه المستعلي أحمد أقامه أمير الجيوش الأفضل‏.‏
واستقامت الأحوال فخرج أخوه نزار من مصر خفية فسار إلى ناصر الدولة أمير الإسكندرية فأعانه ودعا إليه فتمت بين أمير الجيوش وبينهم حروب وأمور إلى أن ظفر بهم‏.‏
انتهى كلام الذهبي في أمر المستنصر‏.‏
ونشرع الآن في ذكر المستنصر وأمر الغلاء بأوسع مما ذكره الذهبي من أقوال جماعة من المؤرخين وغيرهم‏.‏
قال العلامة أبو المظفر في تاريخه‏:‏ ولم يل أحد من الخلفاء الأمويين ولا العباسيين ولا المصريين مثل هذه المدة يعني مدة إقامة المستنصر في الخلافة ستين سنة قال‏:‏ وعاش المستنصر سبعًا وستين سنة وخمسة أشهر في الهزاهز والشدائد والوباء والغلاء والجلاء والفتن‏.‏
وكان القحط في أيامه سبع سنين مثل سني يوسف الصديق صلوات الله وسلامه عليه من سنة سبع وخمسين إلى سنة أربع وستين وأربعمائة‏.‏
أقامت البلاد سبع سنين يطلع النيل فيها وينزل ولا يوجد من يزرع لموت الناس واختلاف الولاة والرعية فاستولى الخراب على كل البلاد ومات أهلها وانقطعت السبل برًا وبحرًا‏.‏
وكان معظم الغلاء سنة اثنتين وستين‏.‏
وقال أبو يعلى بن القلانسي‏:‏ في أيامه يعني المستنصر ثارت الفتن في بني حمدان وأكابر القواد وغلت الأسعار واضطربت الأحوال واختلت الأعمال وحصر في قصره وطمع فيه‏.‏
ولم يزل على ذلك حتى استدعى أمير الجيوش بدرًا الجمالي من عكا إلى مصر فاستولى على التدبير وقتل جماعة ممن يطلب الفساد فتمهدت الأمور ولم يبق للمستنصر أمر ولا نهي إلا الركوب في العيدين‏.‏
ولم يزل كذلك حتى مات بدر الجمالي وقام بعده ولده الأفضل‏.‏
ولما مات المستنصر وقام المستعلي مقامه وتقررت الأمور خرج عبد الله ونزار ابنا المستنصر خفية وقصد نزار الإسكندرية إلى ناصر الدولة واليها وجرت بينه وبين الأفضل حروب بسبب ذلك إلى أن ثبت أمر المستعلي‏.‏
انتهى كلام أبي يعلى باختصار‏.‏
قلت‏:‏ وأما ما ذكره الذهبي رحمه الله - من الخطبة للمستنصر على منابر بغداد وبالعراق كله وخلع القائم بأمر الله العباسي من الدعوة فكان من قصته أن السلطان طغرلبك اشتغل بحصار تلك النواحي ونازل الموصل ثم توجه إلى نصيبين لفتح الجزيرة وتمهيدها‏.‏
 ثم بعث البساسيري البشائر إلى مصر وكان وزير المستنصر هناك أبا الفرج ابن أخي أبي القاسم المغربي وكان أبو الفرج ممن هرب من البساسيري فذم للمستنصر فعله وخوفه من سوء عاقبته فتركت أجوبته مدة ثم عادت على البساسيري بغير الذي أمله فسار البساسيري إلى البصرة وواسط وخطب بهما أيضًا للمستنصر‏.‏
وفي الجملة أن الذي حصل للمستنصر في هذه الواقعة من الخطبة باسمه في العراق وبغداد لم يحصل ذلك لأحد من آبائه وأجداده‏.‏
ولولا تخوف المستنصر من البساسيري أو تحريضه على ما هو بصدده لكانت دعوته تتم بالعراق زمانًا طويلا فإنه كان أولا أمد البساسيري بجمل مستكثرة‏.‏
فلو دام المستنصر على ذلك لكان البساسيري يفتتح له عدة بلاد‏.‏
قال الحسن بن محمد العلوي‏:‏ ‏"‏ إن الذي وصل إلى البساسيري من المستنصر من مال خمسمائة ألف دينار ومن الثياب ما قيمته مثل ذلك وخمسمائة فرس وعشرة آلاف قوس ومن السيوف ألوف ومن الرماح والنشاب شيء كثير‏.‏
يعني قبل هذه الواقعة ولهذا قلنا‏:‏ لو دام المستنصر على عطائه للبساسيري لكان افتتح له عدة بلاد‏.‏
قلت‏:‏ ولله الحمد على ما فعله المستنصر من التقصير في حق البساسيري وإلا لكانت السنة تذهب بالعراق وتملكها الرافضة بأجمعها كما كان وقع بمصر ولما خطب البساسيري في بغداد باسم المستنصر معد هذا غنته مغنية بقولها‏:‏ الرمل - مجزوء يا بني العباس صدوا ملك الأمر معد ملككم كان معارًا والعواري تسترد فطرب المستنصر لذلك ووهبها أرضًا بمصر رزقة لها جائزة لإنشادها هذا الشعر وتلك الأرض الآن تعرف بأرض الطبالة بالقرب من بركة الرطلي لكونها غنته بهذه الأبيات وهي تطبل بدف كان في يدها فعرفت بأرض الطبالة وحكرت الأرض المذكورة وبنيت‏.‏
وكان ما وقع للمستنصر هذا تمام سعده‏.‏
ومن حينئذ أخذ أمره في إدبار من وقوع الغلاء والوباء بالديار المصرية‏.‏
وقاسى الناس شدائد واختل أمر مصر - على ما سنذكره إن شاء الله تعالى في وقته من هذه الترجمة - من استيلاء ناصر الدولة بن حمدان على ممالك الديار المصرية وزاد ابن حمدان في عطاء الجند حتى نفدت الخزائن وقلت الارتفاعات‏.‏

الحرب بين المستنصر وابن حمدان
واتفق ابن حمدان مع الشريف أبي طاهر حيدرة بن الحسن الحسيني وكان قد نفاه بدر الجمالي من دمشق وكان محببًا للناس وتلقبه العامة بأمير المؤمنين وكان لما نفاه بدر الجمالي من دمشق دخل إلى مصر شاكيًا إلى ابن حمدان من بدر الجمالي - فاتفق ابن حمدان والشريف وحازم وحميد ابنا جراح وهما من أمراء عرب الشام وكان لهما في حبس المستنصر نيف وعشرون سنة فأخرجهما ابن حمدان واتفقوا على الفتك ببدر الجمالي فأعطاهم ابن حمدان أربعين ألف دينار ينفقونها في هذا الوجه‏.‏
وتحدث ابن حمدان بأن يرتب الشريف إذا عاد مكان المستنصر في الخلافة لنسبه الصحيح‏.‏
وانقسم عسكر مصر قسمين‏:‏ قسمًا مع ابن حمدان وقسمًا عليه وزادت مطالبة ابن حمدان بالأموال حتى استوعبها وأخرج جميع ما في القصر من ثياب وأثاث وباعها بالثمن البخس وحالف الأتراك سرًا على المستنصر‏.‏
وعلم المستنصر بما فعله مضافا لما سمع عنه من أمر الشريف فقلق وأرسل لابن حمدان ويقول بأنك قدمت علينا زائرًا وجئتنا ضيفًا فقابلناك بالإحسان وأكرمناك فقابلتنا بما لا نستحقه منك ونحن عليك صابرون وعنك مغضون‏.‏
وقد انتهت بك الحال إلى محالفة العسكر علينا والسعي في إتلافنا وما ذاك مما يهمك ونحب أن تنصرف عنا موفورًا في نفسك ومالك وإلا قابلناك على قبيح أفعالك‏.‏
فأغلظ ابن حمدان في الجواب واستهزأ بالرسول‏.‏
فبعث المستنصر إلى إلدكز الملقب بأسد الدولة وكان شيخ الأتراك والمقدم عليهم وكان من المخالفين على ابن حمدان فاستحضره واستحلفه وتوثق منه ومن جماعة ممن جرى مجراه وجمع الأتراك الذين معه والمغاربة وكتامة إلى باب القصر‏.‏
وعرف ابن حمدان بذلك فبرز بخيمة إلى بركة الحبش وأخرج المستنصر خيمته الحمراء وتسمى خيمة الدم فضربها بين القصرين من القاهرة‏.‏
واجتمع الناس على المستنصر وركب وسار إلى حرب ابن حمدان‏.‏
والتقوا بمكان يعرف بالباب الجديد فورد أكثر من كان مع ابن حمدان بالأمان إلى المستنصر‏.‏
وكان في جملة من ورد الأمير أبو علي ابن الملك أبي طاهر بن بويه ثم قتل المذكور بعد ذلك بمدة‏.‏
ووقع القتال فانكسر ابن حمدان وهرب بنفسه إلى الإسكندرية ونهبت دوره وأمواله ودور أصحابه‏.‏
ومضى ابن حمدان إلى حي من العرب وتزوج منهم وقوي بهم فصار يشن الغارات على أعمال مصر ويبعث إليه المستنصر في كل وقت جيشًا فيهزمه ابن حمدان‏.‏
ولا زال على ذلك حتى جمع ابن حمدان جمعًا كبيرًا ونزل الصالحية فخرج إليه من كان يهواه من المشارقة وامتدت عسكره نحو عشرة فراسخ وحاصر مصر فضعف المستنصر عن مقاومته وانحصر بالقاهرة‏.‏
وطال الحصار وغلت الأسعار حتى بلغت الراوية الماء ثلاثة عشر قيراطًا وكل ثلاثة عشر رطلا من الخبز دينارًا وعدمت الأقوات فضج العوام فخاف المستنصر أن يسلموه إليه فراسله وصالحه‏.‏
واقترح عليه ابن حمدان إبعاد إلدكز ومن يعاديه من المشارقة وأن ينفرد ابن حمدان بالبلاد وتدبير الأمور والعساكر فرضي المستنصر بذلك كله ورفع الحصار عن مصر وعادت الأمور إلى ما كانت عليه‏.‏
فهرب غالب من كان مع المستنصر إلى الشام ووفدوا على صاحبها بدر الجمالي‏.‏
وكان بدر الجمالي يكره ابن حمدان والشريف المذكور‏.‏
ثم ظفر الجمالي بالشريف المذكور وقتله خنقًا‏.‏
على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏
وصار المستنصر في قصره كالمحجور عليه ولا حكم له‏.‏

وقيل‏:‏ إن سبب ما حصل لمصر من الخلل في أول الأمر الفتنة التي كانت بمصر في أيام المستنصر هذا بين الأتراك والعبيد وهو أن المستنصر كان من عادته في كل سنة أن يركب على النجب مع النساء والحشم إلى جب عميرة وهو موضع نزهة فيخرج إليه بهيئة أنه خارج إلى الحج على سبيل الهزء والمجانة ومعه الخمر في الروايا عوضًا عن الماء ويسقيه الناس كما يفعل بالماء في طريق مكة‏.‏
فلما كان في جمادى الآخرة خرج على عادته المذكورة فاتفق أن بعض الأتراك جرد سيفًا في سكرته على بعض عبيد الشراء فاجتمع عليه طائفة من العبيد فقتلوه فاجتمع الأتراك بالمستنصر هذا وقالوا له‏:‏ إن كان هذا عن رضاك فالسمع والطاعة وإن كان عن غير رضاك فلا ترضى بذلك فأنكر المستنصر ذلك فاجتمع جماعة من الأتراك وقتلوا جماعة من العبيد بعد أن حصل بينهم وبين العبيد قتال شديد على كوم شريك وانهزم العبيد من الأتراك‏.‏
وكانت أم المستنصر تعين العبيد بالأموال والسلاح فظفر بعض الأيام أحد الأتراك بذلك فجمع طائفة الأتراك ودخلوا على المستنصر وقاموا عليه وأغلظوا له في القول فحلف لهم أنه لم يكن عنده خبر‏.‏  وصار السيف قائمًا بينهم‏.‏  ثم دخل المستنصر على والدته وأنكر عليها‏.‏
ودامت الفتنة بين الأتراك والعبيد إلى أن سعى وزير الجماعة أبو الفرج بن المغربي - وأبو الفرج هذا هو أول من ولي كتابة الإنشاء بمصر - ولا زال الوزير أبو الفرج هذا يسعى بينهم حتى اصطلحوا صلحًا يسيرًا فاجتمع العبيد وخرجوا إلى شبرى دمنهور‏.‏
فكانت هذه الواقعة أول الاختلاف بديار مصر فإنه قتل من الأتراك والعبيد خلائق كثيرة وفسدت الأمور فطمع كل أحد‏.‏
وكان سبب كثرة السودان ميل أم المستنصر إليهم فإنها كانت جارية سوداء لأبي سعد التستري اليهودي‏.‏
فلما ولي المستنصر الخلافة ومات الوزير صفي الدين الجرجرائي في سنة ست وثلاثين حكمت والدة المستنصر على الدولة واستوزرت سيدها أبا سعد المذكور ووزر لابنها المستنصر الفلاحي فلم يمش له مع أبي سعد حال فاستمال الأتراك وزاد في واجباتهم حتى قتلوا أبا سعد المذكورة فغضبت لذلك أم المستنصر وقتلت أبا منصور الفلاحي وشرعت في شراء العبيد السود وجعلتهم طائفة واستكثرت منهم‏.‏
فلما وقع بينهم وبين الأتراك قامت في نصرهم‏.‏
وقال الشيخ شمس الدين بن قزأوغلي في المرآة‏:‏ وكل هذه الأشياء كان ابن حمدان سببها ووافق ذلك انقطاع النيل وضاقت يد أبي هاشم محمد أمير مكة بانقطاع ما كان يأتيه من مصر فأخذ قناديل الكعبة وستورها وصفائح الباب والميزاب وصادر أهل مكة فهربوا‏.‏
وكذا فعل أمير المدينة مهنأ وقطعا الخطبة للمستنصر وخطبا لبني العباس الخليفة القائم بأمر الله وبعثا إلى السلطان ألب أرسلان السلجوقي حاكم بغداد بذلك وأنهما أذنا بمكة والمدينة الأذان المعتاد وتركا الأذان ب حي على خير العمل فأرسل ألب أرسلان إلى صاحب مكة أبي هاشم المذكور بثلاثين ألف دينار وإلى صاحب المدينة بعشرين ألف دينار‏.‏
وبلغ الخبر بذلك المستنصر فلم يلتفت إليه لشغله بنفسه ورعيته من عظم الغلاء‏.‏
وقد كاد الخراب أن يستولي على سائر الإقليم‏.‏

******************************

المقريزى يذكر الحروب التى دارت بين الأتراك والعبيد (السودانيين)

ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني  ( 66 من 167 )  : " الفتنة العظيمة التي خرب بسببها إقليم مصر كله وذلك أن المستنصر لما خرج على عادته في كل سنة على النجب مع النساء والحشم إلى أرض الجب خارج القاهرة وجرد بعض الأتراك سيفًا وهو سكران على أحد عبيد الشراء فاجتمع عليه كثير من العبيد وقتلوه فحنق لقتله الأتراك وساروا بجميعهم إلى المستنصر‏.‏

وقالوا‏:‏ إن كان هذا عن رضاك فالسمع والطاعة وإن كان من غير رضى أمير المؤمنين فلا نرضى بذلك فتبرأ المستنصر مما جرى وأنكره فتجمع الأتراك لمحاربة العبيد وكانت بينهما حروب شديدة بناحية كوم شريك قتل فيها عدة من العبيد‏.‏

وانهزم من بقي منهم فشق ذلك على أم المستنصر فإنها كانت السبب في كثرة العبيد السود بمصر وذلك أنها كانت جارية سوداء فأحبت الاستكثار من جنسها واشترتهم من كل مكان وعرفت رغبتها في هذا الجنس فجلبت الناس إلى مصر منهم حتى يقال‏:‏ إنه صار في مصر إذ ذاك على زيادة على خمسين ألف عبد أسود فلما كانت وقعة كوم شريك أمدت العبيد بالأموال والسلاح سرًا وكانت أم المستنصر قد تحكمت في الدولة وحقدت على الأتراك وحثت على قتلهم مولاها أبا سعد التستري فقويت العبيد لذلك حتى صار الواحد منهم يحكم بما يختار فكرهت الأتراك ذلك وكان ما ذكر فظفر بعض الأتراك يومًا بشيء من المال والسلاح قد بعثت به أم المستنصر إلى العبيد تمدهم به بعد انهزامهم من كوم الشريك فاجتمعوا بأسرهم ودخلوا على المستنصر وأغلظوا في القول فحلف أنه لم يكن عنده علم بما ذكر وصار إلى أمه فأنكرت ما فعلت وخرج الأتراك فصار السيف قائمًا ووقعت الفتنة ثانيًا فانتدب المستنصر‏:‏ أبا الفرج ابن المغربي ليصلح بين الطائفتين فاصطلحه على غل وخرج العبيد إلى شبرا دمنهور فكان هذا أول اختلال أحوال أهل مصر ودبت عقارب العداوة بين الفئتين إلى سنة تسع وخمسين فقويت شوكة الأتراك وضروا على المستنصر وزاد طمعهم فيه وطلبوا منه الزيادة في واجباتهم وضاقت أحوال العبيد واشتدت ضرورتهم وكثرت حاجتهم وقل مال السلطان واستضعف جانبه فبعثت أم المستنصر إلى قواد العبيد تغريهم بالأتراك فاجتمعوا بالجيزة وخرج إليهم الأتراك ومقدمهم ناصر الدين حسين بن حمدان فاقتتلا عدة مرار ظهر في آخرها الأتراك على العبيد وهزموهم إلى بلاد الصعيد فعاد ابن حمدان إلى القاهرة وقد عظم أمره وقوي جأشه وكبرت نفسه واستخف بالخليفة فجاءه الخبر‏:‏ أنه قد تجمع من العبيد ببلاد الصعيد نحو خمسة عشر ألف فارس فقلق وبعث بمقدمي الأتراك إلى المستنصر فأنكر ما كان من اجتماع العبيد وجفوا في خطابهم وقارقوه على غير رضى منهم فبعثت أم المستنصر إلى من بحضرتها من العبيد بأمرهم بالإيقاع على غفلة بالأتراك فهجموا عليهم وقتلوا منهم عدة فبادر ابن حمدان إلى الخروج طاهر القاهرة وتلاحق به الأتراك وبرز إليهم العبيد المقيمون بالقاهرة ومصر وحاربوهم عدة أيام فحلف ابن حمدان أنه لا ينزل عن فرسه حتى ينفصل الأمر إما له أو عليه وجد كل من الفريقين في القتال هرت الأتراك على العبيد وأثخنوا في قتلهم وأسرهم فعادوا إلى القاهرة وتتبع ابن حمدان من في البلد منهم حتى أفنى معظمهم هذا والعبيد ببلاد الصعيد على حالهم وباٌلإسكندرية أيضأ منهم جمع كثير فسار ابن حمدان إلى الإسكندرية وحاصرهم فيها مدة حتى سألوه الأمان فأخرجهم وأقام فيها من يثق به وانقضت هذه السنة كلها في قتال العبيد ودخلت سنة ستين وأربعمائة وقد خرق الأتراك ناموس المستنصر واستهانوا به واستخفوا بقدره وصار مقررهم في كل شهر أربعمائة ألف دينار بعدما كان ثمانية وعشرين ألف دينار ولم يبق في الخزائن مال فبعثوا يطالبونه بالمال وفاعتذر إليهم بعجزه عما طلبوه فلم يعذروه وقالوا‏:‏ بع ذخائرك فلم يجد بدًا من إجابتهم وأخرج ما كان في القصر من الذخائر فصاروا يقومون ما يخرج إليهم بأخس القيم وأقل الأثمان ويأخذون ذلك في واجباتهم‏.‏

وتجهز ابن حمدان وسار إلى الصعيد يريد قتال العبيد وكانت شرورهم قد كثرت وضررهم وفسادهم قد تزايدت فلقيهم وواقعهم غير مرة والأتراك تنكسر منهم وتعود إلى محاربتهم إلى أن حمل العبيد عليهم حملة انهزموا فيها إلى الجيزة فأفحشوا عند ذلك في أمر المستنصر ونسبوه إلى مباطنة العبيد وتقويتهم فأنكر ذلك وحلف عليه فأخذوا في إصلاح شأنهم ولم شعثهم وساروا لقتال العبيد وما زالوا يلحون في قتالهم حتى انكسرت العبيد كسرة شنيعة وقتل منهم خلق كثير وفر من بقي فذهبت شوكته وزالت دولتهم ورجع ابن حمدان وقد كشف قناع الحياء وجهر بالسوء للمستنصر واستبد بسلطنة البلاد ودخلت سنة إحدى وستين وابن حمدان مستبد بالأمر مجاف للمستنصر فنقل مكانه على الأتراك وتفرغوا من العبيد والتفتوا إليه وقد استبد بالأمور دونهم واستأثر بالأموال عليهم ففسد ما بينهم وبينه وشكوا منه إلى الوزير خطير الملك فأغراهم به ولامهم على ما كان تقويته وحسن لهم الثورة به فصاروا إلى المستنصر ووافقوه على ذلك فبعث إلى ابن حمدان يأمره بالخروج عن مصرن ويهدده إن امتنع فلم يقدر على المتناع منه لفساد الأتراك عليه وميلهم مع المستنصر فخرج إلى الجيزة وانتهب الناس دوره ودور حواشيه فلما جن عليه الليل عاد من الجيزة سرًا إلى دار القائد تاج الملوك شادي وترامى عليه وقبل رجليه وسأله النصرة على الذكر والوزير الخطير فإنهما قاما بهذه الفتنة فأجابه إلى ذلك ووعدهبقتل المذكورين وفارقه ابن حمدان فلما كان من الغد ركب شادي في أصحابه وأخذ يسير بين القصرين بالقاهرة وأقبل الوزير الخطير في موكبه فبادره شادي على حين غفلة وقتله ففر الذكر إلى القصر والتجأ بالمستنصر فلم يكن بأسرع من قدوم ابن حمدان وقد استعد للحرب فيمن معه فركب المستنصر بلأمة الحرب واجتمع إليه الأجناد والعامة وصار في عدد لا ينحصر وبرزت الفرسان فكانت بين الخليفة وابن حمدان حروب آلت إلى هزيمة ابن حمدان وقتل كثير من أصحابه فمضى في طائفة إلى البحيرة وترامى على بني سيس وتزوج منها فعظم الأمر بالقاهرة ومصر من شدة الغلاء وقلة الأقوات لما فسد من الأعمال بكثرة النهب وقطع الطريق حتى أكل الناس الجيف والميتات ووقف أرباب الفساد في الطريق فصاروا يقتلون من ظفروا به في أزقة مصر فهلك من أهل مصر في هذه الحروب والفتن ما لا يمكن حصره وامتد ذلك إلى أن دخلت سنة ثلاث وستين فجهز المستنصر عساكره لقتال ابن حمدان بالبحيرة فسارت إليه ولم يوفق في محاربته فكسرها كلها واحتوى على ما كان معها من سلاح وكراع ومال فتقوى به وقطع الميرة عن البلد ونهب أكثر الوجه البحري وقطع منه الخطبة للمستنصر ودعا للخليفة القائم بأمر الله العباسي بالأسكندرية ودمياط وعامة الوجه البحري فاشتد الجوع وتزايد الموتان بالقاهرة ومصر حتى أنه كان يموت الواحد من أهل البيت فلا يمضي يوم وليلة من موته حتى يموت سائر من في ذلك البيت ولا يوجد من يستولي عليه ومدت الأجناد ايديها إلى النهب فخرج الأمر عن الحد ونجا أهل القوة بأنفسهم من مصرن وساروا إلى الشام والعراق وخرج من خزائن القصر ما يجل وصفه وقد ذكر طرف من ذلك في أخبار القاهرة عند ذكر حزائن القصر فاضطر الأجناد ما هم فيه من شدة الجوع إلى مصالحة ابن حمدان بشرط أن يقيم في مكانه ويحمل إليه مال مقرر وينوب عنه شادي بالقاهرة فرضي بذلك وسير الغلال إلى القاهرة ومصر فسكن ما بالناس من شدة الجوع قليلًا ولم يكن ذلك إلا نحو شهر ووقع الاختلاف عليه فقدم من البحيرة إلى مصر وحاصرها وانتهبها وأحرق دورًا عديدة بالساحل ورجع إلى البحيرة فدخلت سنه أربع وستين والحال على ذلك وشادي قد استبد بأمر الدولة وفسد ما بينه وبين ابن حمدان ومنعه من المال الذي تقرر له وشح به عليه فلم يوصله إلى القليل فجرد من ذلك ابن حمدان وجمع العربان وسار إلى الجيزة وخادع شادي حتى صار إليه ليلًا في عدة من الأكابر فقبض عليه وعليهم وبعث أصحابه فنهبوا مصر وأطلقوا فيها النار فخرج إليهم عسكر المستنصر من القاهرة وهزموهم فعاد إلى البحيرة وبعث رسولًا إلى الخليفة القائم بأمر الله ببغداد بإقامة الخطبة له وسأله الخلع والتشاريف فاضمحل أمر المستنصر وتلاشى ذكره وتفاقم الأمر في الشدة من الغلاء حتى هلكوا فسار ابن حمدان إلى البلد وليس في أحد قوة يمنعه بها فملك القاهرة وامتنع المستنصر بالقصر فسير إليه رسولًا يطلب منه المال فوجده وقد ذهب سائر ما كان يعهده من أبهة الخلافة حتى جلس على حصير ولم يبق معه سوى ثلاثة من الخدم فبلغه رسالة ابن حمدان فقال المستنصر للرسول‏:‏ ما يكفي ناصر الدولة أن اجلس في مثل هذا البيت على هذا الحال فبكى الرسول رقة له وعاد إلى ابن حمدان فأخبره بما شاهد من اتضاع أمر المستنصر وسوء حاله فكف عنه وأطلق له في كل شهر مائة دينار وامتدت يده وتحكم وبالغ في إهانة المستنصر مبالغة عظيمة وقبض على أمه وعاقبها أشد العقوبة واستصفى أموالها فحاز منها شيئًا كثيرًا فتفرق حينئذ عن المستنصر جميع أقاربه وأولاده من الجوع فمنهم من سار إلى المغرب قال الشريف محمد بن أسعد الجواني النسابة في كتاب النقط‏:‏ حل بمصر غلاء شديد في خلافة المستنصر بالله في سنة سبع وخمسين وأربعمائة وأقام إلى سنة أربع وستين وأربعمائة وعم مع الغلاء وباء شديد فأقام ذلك سبع سنين والنيل يمد وينزل فلا يجد من يزرع وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد فانقطعت الطرقات برًا وبحرًا إلا بالخفارة الكثيرة مع ركوب الغرر ونزا المارقون بعضهم على بعض واستولى الجوع لعدم القوت وصار الحال إلى أن بيع رغيف من الخبز الذي وزنه رطل بزقاق القناديل‏:‏ كبيع الطرف في النداء بأربعة عشر درهمًا وبيع أردب من القمح بثمانين دينارًا ثم عدم ذلك وأكلت الكلاب والقطاط ثم تزايد الحال حتى أكل الناس بعضهم بعضًا وكان بمصر طوائف من أهل الفساد قد سكنوا بيوتًا قصيرة السقوف قريبة ممن يسعى في الطرقات ويطوف وقد أعدوا سلبًا وخطاطيف فإذا مر بهم أحد شالوه في أقرب وقت ثم ضربوه بالأخشاب وشرحوا لحمه وأكلوه‏.‏

ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني  ( 67 من 167 )  : "  قال‏:‏ وحدثني بعض نسائنا الصالحات قالت‏:‏ كانت لنا من الجارات امرأة ترينا أفخاذها وفيها كالحفر فكنا نسألها فتقول‏:‏ أنا ممن خطفني أكلة الناس في الشدة فأخذني إنسان وكنت ذات جسم وسمن فأدخلني إلى بيت فيه سكاكين وآثار الدماء وزفرة القتلى فأضجعني على وجهي وربط في يدي ورجلي سلبًا إلى أوتاد حديد عريانة ثم شرح من أفخاذي شرائح وأنا أستغيث ولا أحد يجيبني ثم أضرم الفحم وشوي من لحمي وأكل أكلًا كثيرًا ثم سكر حتى وقع على جنبه لايعرف أين هو فأخذت في الحركة إلى أن انحل أحد الأوتاط وأعان الله على الخلاص وتخلصت وحللت الرباط وأخذت خرقًا من داره ولففت بها أفخاذي وزحفت إلى باب الدار وخرجت أزحف إلى أن وقعت إلى المأمن وجئت إلى بيتي وعرفتهم بموضعه فمضوا إلى الوالي فكبس عليه وضرب عنقه وأقا الدواء في أفخاذي سنة إلى أن ختم الجرح وبقي كذا حفرًا وبسبب هذا الغلاء خرب الفسطاط وخلا موضع العسكر والقطائع وظاهر مصر مما يلي القرافة حيث الكيمان الآن إلى بركة الحبش فلما قدم أمير الجيوش بدر الجمالى إلى مصر وقام بتدبير أمرها نقلت أنقاض ظاهر مصر مما يلي القاهرة حيث كان العسكر والقطائع وصار قضاء وكيمانًا فيما بين مصر والقاهرة وفيما بين مصر والقرافة وتراجعت أحوال الفسطاط بعد ذلك حتى قارب ما كان عليه قبل الشدة‏

بدر الدين الجمالى يقضى على الفوضى فى مصر

ذكر المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني  ( 102 من 167 )  : " خط المحليين هذا الخط فيما بين الوزيرية والبندقانيين من وراء دار الديباج وتسميه العامة خط طواحين الملوحيين بواو بعد اللم وقبل الحاء المهملة وهو تحريف وإنما هو خط الملوحيين عرف بطائفة من طوائف العسكر في أيام الخليفة المستنصر بالله يقال لها الملحية وهم الذي قاموا بالفتنة في أيام المستنصر إلى أن كان من الغلاء ما أوجب خراب البلاد ونهب خزائن الخليفة المستنصر فلما قدم أمير الجيوش بدر الجمالي إلى القاهرة وتقلد وزارة المستنصر وتردد لإصلاح إقليم مصر وتتبع المفسدين وقتلهم وسار في سنة سبع وستين وأربعمائة إلى الوجه البحريّ وقتل لواته وقتل مقدّمهم سليمان اللواتي وولده واستصفى أموالهم ثم توجه إلى دمياط وقتل فيها عدّة من المفسدين فلما أصلح جميع البرج الشرقيّ عدّى إلى البرّ الغربيّ وقتل جماعة من الملحية وأتباعهم بثغر الإسكندرية بعدما أقام أيامًا محاصر البلد وهم يمتنعون عليه وقاتلونه إلى أن أخذها عنوة فقتل منهم عدّة كثيرة وكان بهذا الخط عدّة من الطواحين فسمي بخط طواحين الملحيين وبه إلى الآن يسير من الطواحين‏
*******************************************************************************
ودخل ابن الفضل على القائم بأمر الله العباسي ببغداد وأنشده في معنى الغلاء الذي شمل مصر قصيدة منها‏:‏ الطويل‏.‏
وقد علم المصري أن جنوده سنو يوسف منها وطاعون عمواس أحاطت به حتى استراب بنفسه وأوجس منها خيفة أي إيجاس قلت‏:‏ وهذا شأن أرباب المناصب إذا عزل أحدهم بآخر أراد هلاكه ولو هلك العالم معه‏.‏
وهذا البلاء من تلك الأيام إلى يومنا هذا‏

سنة ست وستين سار بدر الجمالي أمير الجيوش من عكا إلى مصر , ومعه عبد الله بن المستنصر باستدعاء المستنصر بعد قتل ابن حمدان بمدة‏ , واسم ابن حمدان الحسن بن الحسين بن حمدان أبو محمد التغلبي الأمير ناصر الدولة ذو المجدين‏.‏
سبب قتل ابن حمدان المذكور وسببه أنه كان ابن حمدان اتفق مع إلدكز التركي وكان إلدكز تزوج بابنته فاتفقا اتفاقا كليًا وتحالفا وأمن أحدهما للآخر‏.‏
ووصل ناصر الدولة إلى مصر - أعني بعد توجهه إلى الإسكندرية حسب ما ذكرناه - على طمأنينة مرتبًا للمواكب والعساكر فركب إلدكز يوم الجمعة مستهل شهر رمضان في خمسين فارسًا وكان له غلام يقال له‏:‏ أبو منصور كمشتكين ويلقب حسام الدولة وكان يثق به فقال له إلدكز‏:‏ أريد أن أطلعك على أمر لم أر له أهلا غيرك قال‏:‏ وما هو قال‏:‏ قد علمت ما فعل ابن حمدان بالمسلمين من سفك الدماء والغلاء والجلاء وقد عزمت على قتله فهل فيك موافقة ومشاركة وأريح الإسلام منه فقال نعم ولكن أخاف أن يفلت فتتبرأ مني قال لا‏.‏
وقصدوا ابن حمدان قبل أن يلحقه أصحابه واستأذنوا عليه فأذن لهم فدخلوا والفراشون ينفضون البسط ليقعد عليها ابن حمدان وهو يتمشى في صحن الدار ومشى إلدكز معه ثم تأخر عنه وضربه بيافروت كان معه وهو سكين مغربي في خاصرته وضربه كمشتكين فقطع رجليه فصاح‏:‏ فعلتموها‏!‏ فحزوا رأسه‏.‏
وكان محمود بن ذبيان أمير بني سنبس في خزانة الشراب فدخلوا عليه وقتلوه‏.‏
ثم خرجوا إلى دار كان فيها فخر العرب ابن حمدان وقد شرب دواء وعنده الأمير شاور فقتلوهما‏.‏
وخرجوا إلى خيمة الأمير تاج المعالي بن حمدان أخي ناصر الدولة وكان على عزم المسير إلى الصعيد فهرب إلى خراب مقابل خيمته فكمن فيه فرآه بعض العبيد فأعطاه معضدة فيها مائة دينار وقال له‏:‏ اكتم علي فأخذها العبد وجاء إلى إلدكز ونم عليه فدخل وقتله‏.‏
وانهزم ابن أخي ابن المدبر في زي المكدين فأخذ وكان قد تزوج بإحدى بنات نزار ابن المستنصر الخليفة فقطع ذكره وجعل في فمه ثم قتل‏.‏
وقطع ابن حمدان قطعًا وأنفذ كل قطعة إلى بلد‏.‏
وجاءوا إلى القصر إلى الخليفة المستنصر هذا ومعهم الرؤوس وأرسلوا إلى الخليفة وقالوا‏:‏ قد قتلنا عدوك وعدونا من أخرب البلاد وقتل العباد ونريد من المستنصر الأموال‏.‏
فقال المستنصر‏:‏ أما المال فما ترك ابن حمدان عندي مالا‏.‏
وأما ابن حمدان فما كان عدوي وإنما كانت الشحنة بينك وبينه يا إلدكز فهلكت الدنيا بينكما وإني ما اخترت ما فعلت من قتله ولا رضيته وستعلم غب الغدر ونقض العهد‏.‏
ووقع بينهما كلام كثير‏.‏
وآل الأمر إلى بيع المستنصر قطع مرجان وعروضًا وحمل إلى إلدكز ورفقته مالا من أثمان ذلك وغيره‏.‏
ثم علم المستنصر أن أمره يؤول مع إلدكز إلى شر حال فلذلك أرسل أحضر بدرًا الجمالي المقدم ذكره‏.‏
ولما حضر بدر الجمالي إلى مصر وجد إلدكز تغلب عليها‏.‏
وكان إلدكز قد وصل إلى دمياط وبها ابن المدبر وكان قد هرب منه فقتله وصلبه وعاد إلى مصر واتفق مع بدر الجمالي وتحالفا وتعاهدا‏.‏
فلم يكن إلا مدة يسيرة وقبض بدر الجمالي على إلدكز وأهانه وعذبه وطالبه بالمال فلم يظهر سوى اثني عشر ألف دينار وكان له من الأموال والجواهر شيء كثير إلا أنه لم يقر به فقتله بدر الجمالي وقيل‏:‏ هرب إلى الشام‏.‏
وأخذ بدر الجمالي في إصلاح أمور الديار المصرية‏:‏ انتزع الشرقية من أيدي عرب لواتة وقتل منهم مقتلة عظيمة وأسر أمراءهم وأخذ منهم أموالا جمة وعمر الريف فرخصت الأسعار ورجعت إلى عادتها القديمة‏.‏
ثم أخذ الإسكندرية وسلمها إلى القاضي ابن المحيرق‏.‏
وأصلح أموال الصعيد واستدعى أكابرهم إليه فجاءه منهم الكثير‏.‏  ورفعت الفتن وانفرد أمير الجيوش بدر الجمالي بالأمر إلى أن مات في خلافة المستنصر‏.‏
وتولى بعده ابنه الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي المذكور‏.‏
ويأتي ذكر ذلك وغيره مما ذكرنا من الغلاء والفناء والحروب في الحوادث المتعلقة بالمستنصر من سنين خلافته على سبيل الاختصار كما هو عادة هذا الكتاب إن شاء الله تعالى‏.‏
ودام المستنصر في الخلافة وهو كالمحجوز عليه مع بدر الجمالي ثم من بعده مع ولده الأفضل شاهنشاه إلى أن توفي بالقاهرة في يوم عيد الفطر وهو يوم الخميس سنة سبع وثمانين وأربعمائة‏.‏
وبايع الناس ابنه أحمد من بعده ولقب بالمستعلي بالله‏.‏

المجـــــــــــاعة والغلاء
هذا والغلاء بمصر يتزايد حتى إنه جلا من مصر خلق كثير لما حصل بها من الغلاء الزائد عن الحد والجوع الذي لم يعهد مثله في الدنيا فإنه مات أكثر أهل مصر وأكل بعضهم بعضًا‏.‏

ذبح البشر وأكلهم فى المجاعة
وظهروا على بعض الطباخين أنه ذبح عدة من الصبيان والنساء وأكل لحومهم وباعها بعد أن طبخها‏.‏
وأكلت الدواب بأسرها فلم يبق لصاحب مصر - أعني المستنصر - سوى ثلاثة أفراس بعد أن كانت عشرة آلاف ما بين فرس وجمل ودابة‏.‏
وبيع الكلب بخمسة دنانير والسنور بثلاثة دنانير‏.‏
ونزل الوزير أبو المكارم وزير المستنصر على باب القصر عن بغلته وليس معه إلا غلام واحد فجاء ثلاثة وأخذوا البغلة منه ولم يقدر الغلام على منعهم لضعفه من الجوع فذبحوها وأكلوها فأخذوا وصلبوا فأصبح الناس فلم يروا إلا عظامهم أكل الناس في تلك الليلة لحومهم‏.‏
ودخل رجل الحمام فقال له الحمامي‏:‏ من تريد أن يخدمك سعد الدولة أو عز الدولة أو فخر الدولة‏.‏
فقال له الرجل‏:‏ أتهزأ بي‏!‏ فقال‏:‏ لا والله انظر إليهم فنظر فإذا أعيان الدولة ورؤساؤها صاروا يخدمون الناس في الحمام لكونهم باعوا جميع موجودهم في الغلاء واحتاجوا إلى الخدمة‏.‏
وأعظم من هذا أن المستنصر الخليفة صاحب الترجمة باع جميع موجوده وجميع ما كان في قصره حتى أخرج ثيابًا كانت في القصر من زمن الطائع الخليفة العباسي لما نهب بهاء الدولة دار الخليفة في إحدى وثمانين وثلاثمائة وأشياء أخر أخذت في نوبة البساسيري وكانت هذه الثياب التي لخلفاء بني العباس عند خلفاء مصر يحتفظون بها لبغضهم لبني العباس فكانت هذه الثياب عندهم بمصر بسبب المعيرة لبني العباس‏.‏
فلما ضاق الأمر على المستنصر أخرجها وباعها بأبخس ثمن لشدق الحاجة‏.‏

المستنصر يبيع ثروته فى المجاعة
وكان القحط في أيام الخليفة المستنصر سبع سنين من سنة سبع وخمسين إلى سنة أربع وستين وأربعمائة‏.‏ وأخرج المستنصر أيضًا طستًا وإبريقًا بلورًا يسع الإبريق رطلين ماء والطست أربعة أرطال وأظنه بالبغدادي فبيعا باثني عشر درهما فلوسًا ثم باع المستنصر من هذا البلور ثمانين ألف قطعة‏.‏
وأما ما باع من الجواهر واليواقيت والخسرواني فشيء لا يحصى‏.‏
وأحصي من الثياب التي أبيعت في هذا الغلاء من قصر الخليفة ثمانون ألف ثوب وعشرون ألف درع وعشرون ألف سيف محلى وباع المستنصر حتى ثياب جواريه وتخوت المهود وكان الجند يأخذون ذلك بأقل ثمن‏.‏
وباع رجل دارًا بالقاهرة كان اشتراها قبل ذلك بتسعمائة دينار بعشرين رطل دقيق‏.‏
وبيعت البيضة بدينار والإردب القمح بمائة دينار في الأول ثم عدم وجود القمح أصلا‏.‏

السودانيين المسلمين يأكلون النساء  فى المجاعة
وكان السودان يقفون في الأزقة يخطفون النساء بالكلاليب ويشرحون لحومهن ويأكلونها‏.‏
واجتازت امرأة بزقاق القناديل بمصر وكانت سمينة فعفقها السودان بالكلاليب وقطعوا من عجزها قطعة وقعدوا يأكلونها وغفلوا عنها فخرجت من الدار واستغاثت فجاء الوالي وكبس الدار فأخرج منها ألوفًا من القتلى وقتل السودان‏.‏

واحتاج المستنصر في هذا الغلاء حتى إنه أرسل فأخذ قناديل الفضة والستور من مشهد إبراهيم الخليل عليه السلام‏.‏
وخرجت امرأة من القاهرة في هذا الغلاء ومعها مد جوهر فقالت‏:‏ من يأخذ هذا ويعطيني عوضه دقيقًا أو قمحًا فلم يلتفت إليها أحد فألقته في الطريق وقالت‏:‏ هذا ما ينفعني وقت حاجتي فلا حاجة لي به بعد اليوم فلم يلتفت إليه أحد وهو مبدد في الطريق فهذا أعجب من الأول‏.‏

وقام الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي بتدبير ملكه‏.‏
وقد تقدم مدة إقامة المستنصر في الخلافة وكم عاش من السنين في أول ترجمته فيطلب هناك‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وخمس أصابع‏.‏  مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏
السنة الثالثة من خلافة المستنصر وهي سنة ثلاثين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وعشر أصابع‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشر أصابع‏.‏
السنة الخامسة من خلافة المستنصر وهي سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة ,
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وعشر أصابع مثل الخالية , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏
السنة السادسة من خلافة المستنصر وهي سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وعشرون إصبعًا‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا‏.‏
وهي سنة أربع وثلاثين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وسبع عشرة إصبعًا‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وست عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الثامنة من الخلافة المستنصر وهي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع واثنتان وعشرون إصبعًا‏.‏
مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وست أصابع‏.‏  وهي سنة ست وثلاثين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثماني أذرع وسبع عشرة إصبعًا , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏
السنة العاشرة من خلافة المستنصر معد على مصر وهي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة‏.‏
فيها مات بواسط نصراني يقال له ابن سهل وأخرجت جنازته نهارًا فثارت العامة بالنصارى وجردوا الميت وأحرقوه ومضوا إلى الدير فنهبوه‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع وسبع أصابع‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏
وهي سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة‏.‏
الماء القديم ست أذرع وعشر أصابع‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الثانية عشرة من خلافة المستنصر  , وهي سنة تسع وثلاثين وأربعمائة‏.‏
 السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع وثلاث وعشرون إصبعًا‏.‏
مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وسبع أصابع‏ , وهي سنة أربعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وثلاث وعشرون إصبعًا‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الرابعة عشرة من خلافة المستنصر وهي سنة إحدى وأربعين وأربعمائة‏.‏
 أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء‏.‏
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وتسع أصابع‏, السنة الخامسة عشرة من خلافة المستنصر وهي سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وست عشرة إصبعًا‏ ,

السنة السادسة عشرة من خلافة المستنصر
أمر النيل ني هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء‏.‏
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏
السنة السابعة عشرة من خلافة المستنصر وهي سنة أربع وأربعين وأربعمائة‏.‏
فيها برز محضر من ديوان الخليفة القائم بأمر الله العباسي بالقدح في أنساب خلفاء مصر وأنهم ديصانية خارجون عن الإسلام من جنس المحضر الذي برز في أيام القادر بالله وقد ذكرناه في وقته وأخذ فيه خطوط القضاة والشهود والأشراف وغيرهم‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وأربع عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وخمس أصابع‏.‏
وهي سنة خمس وأربعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وأربع عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا سواء‏.‏
السنة التاسعة عشرة من خلافة المستنصر وهي سنة ست وأربعين وأربعمائة‏.‏
فيها استوحش الخليفة القائم بأمر الله من الأمير أبي الحارث أرسلان البساسيري واستوحش البساسيري منه‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء‏.‏  مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏
السنة العشرون من خلافة المستنصر وهي سنة سبع وأربعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وست عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏
السنة الحادية والعشرون من خلافة المستنصر وهي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وخمس عشرة إصبعًا‏ , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وثلاث عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الثانية والعشرون من خلافة المستنصر وهي سنة تسع وأربعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع سواء‏.‏
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وثلاث أصابع , وهي سنة خمسين وأربعمائة‏.‏
 أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وسبع أصابع‏.‏
مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا واثنتا عشرة إصبعًا‏ ,  السنة الرابعة والعشرون من خلافة المستنصر
وهي سنة إحدى وخمسين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وثلاث وعشرون إصبعًا‏.‏
السنة الخامسة والعشرون من خلافة المستنصر وهي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع واثنتان وعشرون إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وتسع أصابع‏.‏
السنة السادسة والعشرون من خلافة المستنصر وهي سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة‏.‏
الماء القديم ثلاث أذرع وأربع عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا‏.‏
السنة السابعة والعشرون من خلافة المستنصر وهي سنة أربع وخمسين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وست أصابع , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا سواء‏.‏
السنة الثامنة والعشرون من خلافة المستنصر وهي سنة خمس وخمسين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبع أذرع وخمس عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا واثنتا عشرة إصبعًا‏.‏
السنة التاسعة والعشرون من خلافة المستنصر وهي سنة ست وخمسين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع واثنتا عشرة إصبعًا‏ , مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وثلاث أصابع‏.‏
السنة الثلاثون من خلافة المستنصر وهي سنة سبع وخمسين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وأربع عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وعشر أصابع‏.‏
وهي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هده السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وأربع وعشرون إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الثانية والثلاثون من خلافة المستنصر وهي سنة تسع وخمسين وأربعمائة‏.‏
وقال ابن الصابئ‏:‏ حدثني علوي كان بالحجاز‏:‏ أن الزلزلة كانت عندهم في الوقت المذكور وهو يوم الثلاثاء حادي عشر جمادى الأولى فرمت شرفتين من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وانشقت الأرض فبان فيها كنوز ذهب وفضة وانفجرت فيها عين ماء وأنها أهلكت أيلة ومن فيها وذكر أشياء كثيرة من هذه المقولة‏.‏
وأما ابن الأثير فإنه قال‏:‏ وانشقت صخرة بيت المقدس وعادت بإذن الله وأبعد البحر عن ساحله مسيرة يوم فنزل الناس إلى أرضه يلتقطون السمك فرجع الماء عليهم فأهلكهم‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وعشرون إصبعًا‏ , مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الثالثة والثلاثون من خلافة المستنصر وهي سنة ستين وأربعمائة‏.‏
فيها ولى المستنصر دمشق للأمير بارزطغان قطب الدولة ووصل معه الشريف أبو طاهر حيدرة ونزل بدار العقيقي وانهزم بدر الجمالي أمير الجيوش من دمشق فنهب أهلها خزائنه لأنه كان مسيئًا إليهم ثم ظفر بدر الجمالي بالشريف حيدرة بعد أمور صدرت وسلخه‏.‏
وفيها جاء ناصر الدولة بالأتراك إلى باب المستنصر بالقاهرة - وقيل‏:‏ بالساحل - وزحف المذكورون إلى باب وزيره ابن كدينة‏:‏ فطالبوه بالمال فقال‏:‏ وأي مال بقي عندي بعد أخذكم الأموال واقتسامكم الإقطاعات‏!‏ فقالوا‏:‏ لا بد أن تكتب إلى المستنصر‏.‏
فكتب إليه بما جرى‏.‏  فكتب المستنصر الجواب على الرقعة بخطه يقول‏:‏ السريع‏.‏
أصبحت لا أرجو ولا أتقي إلا إلهي وله الفضل جدي نبيي وإمامي أبي وقولي التوحيد والعدل المال مال الله والعبد عبد الله والإعطاء خير من المنع ‏"‏ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ‏"‏‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ السنة الرابعة والثلاثون من خلافة المستنصر وهي سنة إحدى وستين وأربعمائة‏.‏
فيها خرج ناصر الدولة بن حمدان من عند الوزير أبي عبد الله الماشلي وزير المستنصر بمصر فوثب عليه رجل صيرفي وضربه بسكين فأمسك الصيرفي وشنق في الحال وحمل ناصر الدولة بن حمدان إلى داره جريحًا فعولج فبرئ بعد مدة‏.‏
وقيل‏:‏ إن المستنصر ووالدته كانا دسا الصيرفي عليه‏.‏
وفي هذه الأيام اضمحل أمر المستنصر بالديار المصرية لتشاغله باللهو والشرب والطرب‏.‏
فلما عوفي ابن حمدان اتفق مع مقدمي المشارقة مثل سنان الدولة وسلطان الجيوش وغيرهما فركبوا وحصروا القاهرة‏.‏
فاستنجد المستنصر وأمه بأهل مصر وأذكرهم حقوقه عليهم ووعدهم بالإحسان فقاموا معه ونهبوا دور أصحاب ابن حمدان وقاتلوهم‏.‏
فخاف ابن حمدان وأصحابه ودخلوا تحت طاعة المستنصر بعد أمور كثيرة صدرت بين الفريقين‏.‏
وفيها أبيع القمح بمصر بمائة دينار الإردب ثم عدم وجوده‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وأربع وعشرون إصبعًا , مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الخامسة والثلاثون من خلافة المستنصر
وهي سنة اثنتين وستين وأربعمائة‏.‏
فيها كان معظم الغلاء بالديار المصرية حتى خربت وخرب غالب أعمالها‏.‏
كان عالمًا قارئًا محدثا وكان عدوًا لبدر الجمالي فلفا دخل بدر الجمالي دمشق هرب منها حيدرة المذكور إلى عمان البلقاء فغدر به بدر بن حازم وبعث به إلى بدر الجمالي بعد أن أعطاه بدر الجمالي اثني عشر ألف دينار وخلعا كثيرة فقتله بدر الجمالي أقبح قتلة ثم سلخ جلده‏.‏  وقيل‏:‏ سلخه حيًا‏.‏
الماء القديم أربع أذرع وعشر أصابع , مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا سواء‏.‏
السنة السادسة والثلاثون من خلافة المستنصر وهذه سنة ثلاث وستين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ السنة السابعة والثلاثون من خلافة المستنصر وهي سنة أربع وستين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وعشر أصابع‏.‏  مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وعشر أصابع‏.‏
السنة الثامنة والثلاثون من خلافة المستنصر وهي سنة خمس وستين وأربعمائة‏.‏
وفيها توفي السلطان ألب أرسلان عضد الدولة أبو شجاع محمد الملقب بالملك العادل ابن جغري بك داود بن ميكائيل بن سلجوق السلجوقي التركي ثاني ملوك بني سلجوق كان اسمه بالعربي محمدًا وبالتركي ألب أرسلان‏.‏
وأصل هؤلاء السلجوقية من الأتراك فيما وراء النهر في موضع بينه وبين بخارى مسافة عشرين فرسخًا وكانوا لا يدخلون تحت طاعة سلطان حتى صار من أمرهم ما صار‏.‏
وهو ابن أخي السلطان طغرلبك محمد وبعده تولى السلطنة‏.‏
وألب أرسلان هذا هو أول من أسلم من أخوته وأول من لقب بالسلطان من بني سلجوق وذكر على منابر بغداد‏.‏
وكانت سلطنته بعد عمه طغرلبك في سنة سبع وخمسين وأربعمائة‏.‏ ونازعه أخوه قاورد بك فلم يتم له أمر‏.‏ وكان ملكًا مطاعًا شجاعًا‏.‏  مات وهو أجل ملوك بني سلجوق وأعدلهم في الرعية‏.‏  وهو الذي أنشأ وزيره نظام الملك‏.‏ وتولى السلطنة من بعده ولده ملكشاه‏.‏
ومات ألب أرسلان وعمره أربعون سنة قتيلا وكان سبب موته أنه سار في سنة خمس وستين وأربعمائة في مائتي ألف فارس إلى نحو بلاد الروم ثم عاد إلى ديار بكر ثم إلى جهة حلب وقصد شمس الملك تكين‏.‏
فلفا دخل إليه أتاه أعوانه بوالي قلعة من قلاع شمس الملك واسم الوالي يوسف الخوارزمي وقربوه إلى سرير السلطان ألب أرسلان فأمر ألب أرسلان أن يضرب له أربعة أوتاد وتشد أطرافه الأربعة إليها‏.‏
فقال يوسف المذكور للسلطان‏:‏ يا مخنث مثلي يقتل هذه القتلة‏!‏ فغضب السلطان وأخذ القوس والنشاب وقال‏:‏ خلوه فرماه فأخطأه ولم يكن يخطئ له سهم قبل ذلك فأسرع يوسف المذكور وهجم على السلطان على السرير فنهض السلطان ونزل فعثر وخر على وجهه فوصل يوسف إليه وبرك عليه وضربه بسكين في خاصرته وقتل يوسف في الحال وحمل السلطان فمات بعد أيام يسيرة - وقيل في يومه - وكان ذلك في جمادى الآخرة من السنة‏.‏
وألب أرسلان بفتح الهمزة وسكون اللام وبعدها باء موحدة وبقية الاسم معروف‏.‏
وفيها توفي قاورد بك بن داود بن ميكائيل السلجوقي أخو السلطان ألب أرسلان المقدم ذكره‏.‏
ولما مات أخوه ألب أرسلان نازع ابن أخيه ملكشاه وقاتله فظفر به ملكشاه بعد حروب وأسره وأمر بقتله فخنقه رجل أرمني بوتر قوس وتولى سعد الدولة كوهرائين على قتله وكان ذلك في شعبان بهمذان‏.‏
وأمر قاورد بك المذكور من العجائب فإنه كان يتمنى موت ألب أرسلان ويتصور أنه يملك الدنيا بعده فكان هلاكه مقرونًا بهلاكه‏.‏
قلت‏:‏ وكذلك كان أمر قتلمش مع أخيه طغرلبك عم ألب أرسلان وقاورد بك فإنه كان ينظر في النجوم ويتحقق أنه وكان هلاكه أيضًا مقرونًا بهلاكه‏.‏
الماء القديم خمس أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏  ولما كان ليلة النوروز نقص أصابع ثم زاد حتى أوفى‏.‏  ونودي عليه في سابع عشرين توت‏:‏ إصبع من سبع عشرة ذراعًا‏.‏  وانتهت زيادته في هذه السنة إلى ست عشرة ذراعًا وثلاث أصابع أعني أنه زاد بعد الوفاء إصبعين لا غير‏.‏
السنة الأربعون من خلافة المستنصر وهي سنة سبع وستين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وتسع عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وسبع أصابع‏.‏
وهي سنة ثمان وستين وأربعمائة‏.‏
وفيها لبس بدر الجمالي أمير الجيوش من المستنصر خلعة الوزارة بمصر وكانت منزلته قبل ذلك أجل من الوزارة ولكن لبسها حتى لا يترتب أحد في الوزارة فينازعه في الأمر‏.‏
وفيها أيضًا قبض بدر الجمالي على قاضي الإسكندرية ابن المحيرق وعلى جماعة من فقهائها وأعيانها وأخذ منهم أموالا عظيمة‏.‏
مر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وإصبعان‏.‏  مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا‏.‏ وأوفى يوم نصف توت‏.‏
السنة الثانية والأربعون من خلافة المستنصر وهي سنة تسع وستين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وسبع أصابع‏.‏  مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وثلاث عشرة إصبعًا‏.‏  وأوفى بأواخر توت‏.‏
السنة الثالثة والأربعون من خلافة المستنصر وهي سنة سبعين وأربعمائة
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع واثنتان وعشرون إصبعًا‏.‏  وفتح الخليج في سابع عشر مسرى والماء على اثنتي عشرة إصبعًا من ست عشرة ذراعًا‏.‏  وأوفى في رابع أيام النسيء وبلغ سبع عشرة ذراعًا

السنة الرابعة والأربعون من خلافة المستنصر وهي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة‏.‏
الماء القديم خمس أذرع وسبع وعشرون إصبعًا‏.‏  وفتح الخليج في سابع عشرين مسرى والماء على ثماني عشرة إصبعًا من ست عشرة ذراعًا‏.‏  وكان الوفاء في ثالث توت بعد ما توقف ولم يزد إلى عاشر مسرى‏.‏  وكان مبلغ الزيادة في هذه السنة سبع عشرة ذراعًا وعشرين إصبعًا ونقص في خامس بابة‏.‏
السنة الخامسة والأربعون من خلافة المستنصر وهي سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم لم يتحرر فإنه زاد في بؤونة خمس أذرع ثم نقص ثلاث أذرع ولم يزد إلى ثاني عشرين أبيب‏.‏  وفتح الخليج في عشرين مسرى والماء على تسع عشرة إصبعًا من ست عشرة ذراعًا‏.‏  وكثرت زيادته في توت وانتهى إلى خمس عشرة ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا ثم نقص في ثاني بابة‏.‏
السنة السادسة والأربعون من خلافة المستنصر وهي سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وإحدى وعشرون إصبعًا‏.‏  وفتح الخليج في خامس توت والماء على خمس عشرة إصبعًا من ست عشرة ذراعًا‏.‏  وكان الوفاء في خامس عشرين توت‏.‏  وكان مبلغ الزيادة في هذه السنة ست عشرة ذراعًا وخمس عشرة إصبعًا‏.‏  ونقص في ثالث بابة‏.‏

السنة السابعة والأربعون من خلافة المستنصر
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وثماني عشرة إصبعًا‏.‏  وفتح الخليج في خامس عشرين مسرى والماء على ثماني عشرة إصبعًا من ست عشرة ذراعًا‏.‏  وكان الوفاء أول أيام النسيء‏.‏  وبلغ ثماني عشرة ذراعًا وثلاث عشرة إصبعًا‏.‏  ونقص في ثالث بابه‏.‏
السنة الثامنة والأربعون من خلافة المستنصر وهي سنة خمس وسبعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثماني عشرة ذراعًا‏.‏  ثم زاد حنى كان مبلغ الزيادة في هذه السنة خمس عشرة ذراعًا وعشر أصابع‏.‏  ثم نقص في خامس بابه‏.‏
وهي سنة ست وسبعين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وسبع عشرة إصبعًا‏.‏  وفتح الخليج في ثاني النسيء‏.‏  وكان الوفاء في ثامن توت‏.‏  وكان مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وتسع أصابع‏.‏  ونقص في تاسع بابة‏.‏
السنة الخمسون من خلافة المستنصر وهي سنة سبع وسبعين وأربعمائة‏.‏
فيها بني أمير الجيوش بدر الجمالي جامع العطارين بالإسكندرية‏.‏ وسببه أن الأوحد ولد بدر الجمالي عصى عليه وتحصن بالإسكندرية‏.‏  فسار إليه أبوه بدر الجمالي حتى نزل على الإسكندرية وحاصرها شهرًا حتى طلب أهلها الأمان وفتحوا له الباب فدخلها وأخذ ابنه أسيرًا ثم بنى هذا الجامع‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وأربع عشرة إصبعًا‏.‏  وفتح الخليج في رابع عشرين مسرى والماء على اثنتي عشرة إصبعًا من ست عشرة ذراعًا‏.‏  وكان الوفاء آخر أيام النسيء‏.‏  ووقف مدة ثم نقص في العشرين من توت بعد ما بلغ سبع عشرة ذراعًا وثلاث عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الحادية والخمسون من خلافة المستنصر وهي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة‏.‏
وفيها اتفق جماعة بمصر مع ولده أمير الجيوش بدر الجمالي على قتل والده وينفرد الولد بالملك ففطن به أبوه فقتل الجماعة وعفى أثر ولده ويقال‏:‏ إنه دفنه حيًا وقيل‏:‏ غرقه وقيل‏:‏ جوعه حتى مات‏.‏

بدر الجمالى والآذان
وكان بدر الجمالي أرمني الجنس فاتكًا جبارًا قتل خلقا كثيرًا من العلماء وغيرهم وأقام الأذان ب حي على خير العمل وكبر على الجنائز خمسًا وكتب سب الصحابة على الحيطان‏.‏
قلت‏:‏ وبالجملة إنه كان من مساوئ الدنيا جزاه الله‏.‏
وغالب من كان بمصر في تلك الأيام كان رافضيًا خبيثًا بسبب ولاة مصر بني عبيد إلا من ثبته الله تعالى على السنة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وسبع عشرة إصبعًا‏.‏  مبلغ الزيادة يأتي ذكره لأن النيل لم يزد في هذه السنة إلى أول مسرى إلا ثلثي ذراع فقط ثم زاد في ثاني عشرين مسرى أذرعًا حتى صار في يوم النوروز على ثلاث عشرة ذراعًا وست عشرة إصبعًا‏.‏  ثم نقص إصبعين ثم ثمانيًا ثم زاد في خامس توت ست أصابع وخرج الناس إلى الجبل واستسقوا فزاد حتى بلغ ثلاث عشرة ذراعًا وتسع عشرة إصبعًا ثم نقص سبع أصابع - وقيل‏:‏ ثمانيًا - ثم زاد في عيد الصليب حتى صار على أربع عشرة ذراعًا وخمس عشرة إصبعًا‏.‏  ونقص تسع أصابع ثم زاد في أول بابة حتى بلغ خمس عشرة ذراعًا وخمس أصابع‏.‏
وكان ذلك منتهى زيادته في هذه السنة‏.‏
السنة الثانية والخمسون من خلافة المستنصر وهي سنة تسع وسبعين وأربعمائة‏.‏
فيها صاد السلطان ملكشاه أربعة آلاف غزال - وقيل‏:‏ عشرة آلاف وبنى بقرونها منارة سماها
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وتسع عشرة إصبعًا‏.‏  وزاد في نصف بشنس ثم نقص نصف ذراع ثم زاد في أوانه حتى أوفى في ثالث أيام النسيء‏.‏ وكان مبلغ الزيادة في هذه السنة سبع عشرة ذراعًا وخمس عشرة إصبعًا‏.‏
السنة الثالثة والخمسون من خلافة المستنصر وهي سنة ثمانين وأربعمائة‏.‏
فيها بعث تتش أخو السلطان ملكشاه يقول لأخيه‏:‏ قد استولى المصريون على الساحل وضايقوا دمشق وأسأل السلطان أن يأمر آق سنقر وبوزان أن ينجداني‏.‏
فكتب ملكشاه إليهما أن ينجداه‏.‏ وكان الأمير بوزان بالرهاء وآق سنقر بحلب‏.‏  وسبب ذلك أن أمير الجيوش بدرًا الجمالي لما قوي أمره بمصر وصار هو المتحدث عن المستنصر صاحب الترجمة بهذه البلاد واسترجع كثيرًا مما كان ذهب من ممالكهم جهز جيشًا إلى الساحل‏.‏  فعظم ذلك على تتش صاحب دمشق‏.‏
وفيها توفي محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ أبو الحسن الملقب بغرس النعمة صاحب التاريخ المسمى ب عيون التواريخ ذيله على تاريخ أبيه وأبوه ذيله على تاريخ ثابت بن سنان‏.‏
وثابت ذيل على تاريخ محمد بن جرير الطبري‏.‏
وكان تاريخ الطبري انتهى إلى سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثمائة‏.‏
وتاريخ ثابت انتهى إلى سنة ستين وثلاثمائة‏.‏
وتاريخ هلال انتهى إلى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة‏.‏
وتاريخ غرس النعمة هذا انتهى إلى سنة تسع وسبعين وأربعمائة‏.‏
وكان غرس النعمة هذا فاضلًا أديبًا مترسلًا وله صدقة ومعروف محترمًا عند الخلفاء والملوك والوزراء‏.‏
وجد أبيه إبراهيم الصابئ هو صاحب الرسائل في أيام عضد الدولة بن بويه‏.‏
وقد تقدم ذكره في محله من هذا الكتاب‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وخمس أصابع وكان الوفاء في آخر أيام النسيء‏.‏  وكان مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وسبع أصابع‏.‏  ونقص في رابع بابة‏.‏
وهي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وسبع عشرة إصبعًا‏.‏ مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏  السنة الخامسة والخمسون من خلافة المستنصر
وهي سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة
فيها جهز بدر الجمالي أمير الجيوش عسكرًا من مصر مع نصير الدولة الجيوشي فنزل على صور وبها القاضي عين الدولة بن أبي عقيل فسلمها إليه لما لم يكن له به طاقة‏.‏ وفتح نصير الدولة صيداء وعكا‏.‏
وكان لتتش بهذه البلاد ذخائر وأموال فأخذها نصير الدولة المذكور ثم نزل على بعلبك وجاءه ابن ملاعب وخطب للمستنصر صاحب الترجمة أعني أنه دخل تحت طاعة المصريين‏.‏
وبعث تتش إلى آق سنقر وبوزان وقال لهما‏:‏ هذه البلاد كان لي فيها ذخائر وقد أخذت وطلب منهما النجدة فبعثا له عسكرًا‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وثماني عشرة إصبعًا‏.مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وتسع أصابع‏.‏
وهي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وست وعشرون إصبعًا‏.‏ مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا سواء‏.‏
السنة السابعة والخمسون من خلافة المستنصر وهي سنة أربع وثمانين وأربعمائة‏.‏
فيها في صفر كتب الوزير أبو شجاع إلى الخليفة يعرفه باستطالة أهل الذمة على المسلمين وأن الواجب تمييزهم عنهم فأمره الخليفة أن يفعل مايراه‏.‏
فألزمهم الوزير لبس الغيار والزنانير وتعليق الدراهم الرصاص في أعناقهم مكتوب على المراهم ذمي وتجعل هذه الدراهم أيضًا في أعناق نسائهم في الحمامات ليعرفن بها وأن يلبسن الخفاف فردًا أسود وفردًا أحمر وجلجلًا في أرجلهن‏.‏ فذلوا وانقمعوا بذلك‏.‏
وأسلم حينئذ أبو سعد بن الموصلايا كاتب الإنشاء للخليفة وابن أخته أبو نصر هبة الله‏.‏
مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا واثنتان وعشرون إصبعًا‏.‏
السنة الثامنة والخمسون من خلافة المستنصر وهي سنة خمس وثمانين وأربعمائة‏.‏
وفيها في يوم الاثنين منتصف شهر ربيع الأول وقت الظهر وهو السادس من نيسان اقترن زحل والمريخ في برج السرطان وذكر أهل صناعة النجوم أن هذا القرآن لم يحدث مثله في هذا البرج منذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه السنة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وست أصابع‏.‏ مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وإحدى عشرة إصبعًا‏.‏ وأوفى في سابع توت ونقص فيه أيضًا‏.‏
السنة التاسعة والخمسون من خلافة المستنصر وهي سنة ست وثمانين وأربعمائة‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ السنة الستون من خلافة المستنصر وهي سنة سبع وثمانين وأربعمائة‏.‏
وهي التي مات فيها المستنصر معد صاحب الترجمة حسب ما تقدم ذكره‏.‏
وفيها أيضًا توفي الخليفة المقتدي بالله العباسي وبدر الجمالي أمير الجيوش بمصر وآق سنقر صاحب حلب قتيلًا وبوزان بالشام وأمير مكة‏.‏
وتسمى هذه السنة سنة موت الخلفاء والأمراء فعدة الناس هذا كله من القرآن المقدم ذكره في سنة خمس وثمانين وأربعمائة‏.‏
ويأتي كل واحد من هؤلاء على حدته في هذه السنة‏.‏
وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين أبو القاسم المقتدي بالله عبد الله ابن الأمير ذخيرة اللين أبي العباس محمد ابن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله ابن الخليفة القادر بأمر الله أحمد ابن الأمير إسحاق ابن الخليفة جعفر المقتدر ابن الخليفة المعتضد بالله أحمد ابن الأمير طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد بالله هارون ابن الخليفة المهدي بالله محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي الهاشمي‏.‏
بويع بالخلافة بعد موت جده القائم بأمر الله في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة وهو ابن تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر‏.‏
وكان توفي أبوه الذخيرة محمد والمقتدي هذا حمل في بطن أمه وكان اسم أمه أرجوان - وقيل قرة العين - وكانت أرمينية فولدته بعد موت أبيه بستة أشهر‏.‏
وكان المقتدي من رجال بني العباس له همة عالية وشجاعة وافرة وظهرت في أيامه خيرات وخطب له في الشرق بأسره وما وراء النهر والهند وغزنة والصين والجزيرة والشام واليمن وعمرت في أيامه بغداد واسترجع المسلمون الرهاء وإنطاكية‏.‏
ومات فجاة في ليلة السبت خامس عشر المحرم وكان عمره ثمانيًا وثلاثين سنة وثمانية أشهر ويومين‏.‏
وتخلف بعده ابنه أبو العباس أحمد‏.‏
وكانت خلافة المقتدي تسع عشرة سنة وثمانية أشهر‏.‏
ومات قبل المستنصر بأشهر‏.‏
ولما مات بدر الجمالي أقام المستنصر ابنه أبا القاسم شاهنشاه ولقبه الأفضل فأحسن الأفضل السيرة في الرعية لكنه عظم في الدولة أضعاف مكانة أبيه‏.‏
وخلف بدر الجمالي أموالا كثيرة يضرب بها المثل‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع وإصبعان‏.‏ مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وإحدى وعشرون إصبعًا‏.‏
**********************************

وقال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني ( 70 من 167 ) : " فلما مات والفتنة قائمة أقيم ابنه‏:‏ الظاهر بأمر الله أبو منصور إسماعيل ومولده للنصف من ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وخمسمائة فأقام في الخلافة أربع سنين وثمانية أشهر إلا خمسة أيام وكان محكومًا عليه من الوزارة وفي أيامه أخذت عسقلان فظهر الخلل في الدولة . أنتهى

وقال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني ( 80 من 167 ) : " وقال القاضي الفاضل في متجددات سنة سبع وستين وخمسمائة بعد وفاة العاضد‏:‏ وكشف حاصل الخزائن الخاصة بالقصر فقيل‏:‏ إن الموجود فيها‏:‏ مائة صندوق كسوة فاخرة من موشى ومرصع وعقود ثمينة وذخائر فخمة وجواهر نفيسة وغير ذلك من ذخائر عظيمة الخطر وكان الكاشف بها الدين قراقوش‏.‏
خزائن الجوهر والطيب والطرائف قال ابن المأمون‏:‏ وكان بها الأعلام والجوهر التي يركب بها الخليفة في الأعياد ويستدعى منها عند الحاجة ويعاد إليها عند الغني عنها وكذلك السيف الخاص والثلاثة رماح المعزية وقال في كتاب الذخائر والتحف‏:‏ وذكر بعض شيوخ دار الجوهر بمصر‏:‏ أنه استدعى يومًا هو وغيره من الجوهريين من أهل الخبرة بقيمة الجوهر إلى بعض خزائن القصر يعني في أيام الشدة زمن المستنصر فأخرج صندوق كيل منه‏:‏ سبعة أمداد زمرد قيمتها على الأقل‏:‏ ثلثمائة ألف دينار وكان هناك جالسًا فخر العرب بن حمدان وابن سنان وابن أبي كدينة وبعض المخالفين فقال بعض من حضر من الوزراء المعطلين للجوهريين‏:‏ كم قيمة هذا الزمرد فقالوا‏:‏ إنما نعرف قيمة الشيء إذا كان مثله موجودًا ومثل هذا لا قيمة له ولا مثل‏!‏ فاغتاظ وقال ابن أبي كدينة‏:‏ فخر العرب كثير المؤنة وعليه خرج فالتفت إلى كتاب الجيش وبيت المال فقال‏:‏ يحسب عليه فيه خمسمائة دينار فكتب ذلك وقبضه وأخرج عقد جوهر قيمته على الأقل‏:‏ من ثمانين ألف دينار فصاعدًا فتحريا فيه فقال‏:‏ يكتب بألف دينار وتشاغلوا بنظر ما سواه وانقطع سلكه فتناثر حبه فأخذوا واحد منهم واحدة فجعلها في جيبه وأخذ ابن أبي كدينة أخرى وأخذ فخر العرب بعض الحب وباقي المخالفين التقطوا ما بقي منه وغاض كأن لم يكن وأخذ ما كان أنفذه‏:‏ الصليحي من نفيس الدر الرفيع الرائع وكيله على ما ذكر سبع وبيات وأخذوا ألفًا ومائتي خاتم ذهبًا وفضة فصوصها من سائر أنواع الجوهر المختلف الألوان والقيم والأثمان والأنواع مما كان لأجداده وله وصار إليه من وجوه دولته منها ثلاثة خواتم ذهب مربعة عليها ثلاثة فصوص أحدها زمرذ والإثنان ياقوت سماقي ورماني بيعت باثني عشر ألف دينار بعد ذلك‏.‏
وأحضر خريطة فيها نحو ويبة جوهر وأحضر الخبراء من الجوهريين وتقدم إليهم بقيمتها فذكروا أن لا قيمة لها ولا يشتري مثلها إلا الملوك فقومت‏:‏ بعشرين ألف دينار فدخل جوهر الكاتب المعروف‏:‏ بالمختار عز الملك إلى المستنصر وأعلمه أن هذا الجوهر اشتراه جده‏:‏ بسبعمائة ألف دينار واسترخصه فتقدم بإنفاقه في الأتراك فقبض كل واحد منهم جزء بقيمة الوقت وفرق عليهم‏.‏
قال‏:‏ فأما ما أخذ مما في خزائن البلور والمحكم والمينا المجرى بالذهب والمجرود والبغدادي والخيار والمدهون والخلنج والعيني والدهيمي والآمدي وخزائن الفرش والبسط والستور والتعاليق فلا يحصى كثرة‏.‏
وحدثني من أثق به من المستخدمين في بيت المال‏:‏ أنه أخرج يومًا في جملة ما أخرج من خزائن القصر عدة صناديق وإن واحدًا منها فتح فوجد فيه على مثال كيزان الفقاع من صافي البلور المنقوش والمجرود شيء كثير وإن جميعها مملوء من ذلك وغيره وحدثني من أثق به أنه رأى‏:‏ قدح بلور مجرودًا بمائتين وعشرين دينارًا ورأى خردادي بلور بيع‏:‏ بثلثمائة وستين دينارًا وموز بلور بيع‏:‏ بمائتين وعشرة دنانير ورأى صحون مينا كثيرة تباع من‏:‏ المائة دينار إلى ما دونها‏.‏وحدثني من أثق بقوله أنه رأى بطرابلس قطعتين من البلور الساذج الغاية في النقاء وحسن الصنعة إحداهما خردادي والأخرى باطية مكتوب على جانب كل واحدة منهما‏:‏ اسم العزيز بالله تسع الباطية سبعة أرطال بالمصري ماء والخردادي تسعة وإنه عرضهما على جلال الملك أبي الحسن علي بن عمار فدفع فيهما‏:‏ ثمانمائة دينار فامتنع من بيعهما وكان اشتراهما من مصر من جملة ما أخرج من الخزائن وإن الذي تولى بيعه‏:‏ أبو سعيد النهاندي من مخرج القصر دون غيره من الأمناء في مديدة يسيرة ثمانية عشر ألف قطعة من بلور ويحكم منها ما يساوي‏:‏ وأخرج من صواني الذهب المجراة بالمينا وغير المجراة المنقوشة بسائر أنواع النقوش المملوء جميعها من سائر أنواعه وألوانه وأجناسه شيء كثير جدًا ووجد فيما وجد غلف خيار مبطنة بالحرير محلاة بالذهب مختلفة الأشكال خالية مما فيها من الأواني عدتها‏:‏ سبعة عشر ألف غلاف كان في كل قطعة إما بلور مجرود أو محكم أو ما يشاكله ووجد أكثر من مائة كأس باد زهر ونصب وأشباهها على أكثرها اسم هارون الرشيد وغيره‏.‏
ووجد في خزائن القصر عدة صناديق كثيرة مملوءة سكاكين مذهبة ومفضضة بنصب مختلفة من سائر الجواهر وصناديق كثيرة مملوءة من أنواع الدوى المربعة والمدورة والصغار والكبار المعمولة من الذهب والفضة والصندل والعود والأبنوس الزنجي والعاج وسائر أنواع الخشب المحلاة بالجوهر والذهب والفضة وسائر الأنواع الغريبة والصنعة المعجزة الدقيقة بجميع آلاتها فيها ما يساوي‏:‏ الألف دينار والأكثر والأقل سوى ما عليها من الجواهر وصناديق مملوءة مشارب ذهب وفضة مخرقة بالسواد صغار وكبار مصنوعة بأحسن ما يكون من الصنعة وعدة أزيار صيني كبار مختلفة الألوان مملوءة‏:‏ كافورًا قيصوريًا وعدة من جماجم العنبر الشحري ونوافج المسك التبتي وقواريره وشجر العود وقطعه‏.‏
ووجد للسيد رشيدة ابنة المعز حين ماتت في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة‏:‏ ما قيمته ألف ألف دينار وسبعمائة ألف دينار من جملته‏:‏ ثلاثون ثوب خز مقطوع واثنا عشر ألفًا من الثياب المصمت ألوانًا ومائة قاطرميز مملوءة كافورًا قيصوريًا ومما وجد لها معممات بجواهرها من أيام المعز وبيت هرون الرشيد الخز الأسود الذي مات فيه بطوس وكان من ولي من الخلفاء ينتظرون وفاتها فلم يقض ذلك إلا للمستنصر بالله فحازه في خزانته‏.‏
 

This site was last updated 10/15/12