Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 ة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أوغسطس قيصر
أربع أباطرة من 68  - 69م
الأمبراطور دوماتيانوس
مصر ولأمبراطور فسباسيانوس
هيكل أونياس اليهودى
الأمبراطور كلوديوس
ثورة اليهود بالأسكندرية
تيتوس قيصر 79- 81م
دوميتان قيصر ٨١–٩٦م
تاريخ اليهود 63 ق.م - 135 ب.م
Untitled 7932
Untitled 7933
نيرون الطاغية

- 314 -


تحت الولاية المباشرة للحكم الروماني. وبقيت هكذا حتى قيام الحرب اليهودية الكبرى (70 م). وقد توالى في هذه الفترة سبعة ولاة:( 66
  ﺗ - 1

1 - كاسبيوس فادوس ( 44 -  46 م):
وهو أول حاكم روماني تعين على اليهودية بعد وفاة هيرودس أغريباس الأول وذلك في سنة 44 م. وبعد وصوله مباشرة واجه جماعة اللصوص والمتشردين من اليهود الذين استشروا في البلاد
متذرِّعين في أعمالهم التخريبية بدوافع الحقد الديني والتعصبي ضد الرومان والأمميين
عامة، مما جعل كاسبيوس - رغبة منه في حفظ النظام والأمن - أن يضرب بشدة، غير مفرِّق بين الطيب والشرير أو بين الشريف والصعلوك. وبذلك بدت المشكلة لا تُحل من وجهة نظر اليهود ومن وجهة نظر الحكَّام الرومان، فالشغب والإضراب مستمر في أنحاء البلاد، وهو مدفوع بدوافع دينية غير واضحة، ويعتبره اليهود أمراً شرعياً، بينما كان في نفس الوقت يعتبره الحكام الرومان تحدياً للامبراطور وللحكم كله .
وفي نفس الوقت كانت تجتاح البلاد حركة تعصُّب ديني ضد الرومان والأمميين عموماً يغذيها “الفريسيون” من ناحيتهم بضيق خلقهم وفكيرهم من جهة تعارض الناموس والوصايا مع كافة تحركات وسكنات الحكَّام الرومان ومنْ يتبعهم. ويغذِّيها “الغيورون” من ناحيتهم بضيق فكيرهم من جهة أن اليهودية ديانة لا يمكن أن تعيش إلاَّ في ظل الحرية السياسية، وطالما يوجد مستعمر أُممي في البلاد فالديانة اليهودية تصبح فاقدة لجوهرها وقيمتها. ولذلك كانت من أهم مبادئهم هو المناداة بالحرية السياسية وتطهير الأرض استعداداً للمسيَّا، لأن مجيء المسيَّا وحكمه وملكوﺗه الأ رضي يستلزم حتماً حرية سياسية كاملة!!
ومن هنا يتضح خطورة ومأزق أي حاكم روماني مهما كان لطيفاً أو حكيماً أو متزناً،  واستحالة نجاح أي حاكم روماني تجاه هذه التعصبات
- 315 -


الضيقة المغلَّفة بالدين، والمتحصنة وراء اللاهوت، مع خضوع الشعب لها خضوعا كاملاً أعمى.
وبوصول الحاكم كاسبيوس فادوس سنة 44 م وجد اليهود في مناوشات واحتكاكات مستمرة مع الأُمميين، وخصوصاً في إقليم السامرة وفي مدينة فيلادلفيا شرق الأُردن. وفي نفس الوقت واجه حركة وسلب يتزعمها رئيس للصوص يُسمَّى طولُمي وذلك في أدومية جنوب اليهودية(54)
وقد واج كاسبيوس فادوس فوق كل هذه الظروف ما هو أشدّها صعوبة، وهو قيام مسيح كاذب يُدعى “ثوداس” مع أتبباعه . ويوسيفوس يعطي وصفاً مقتضباً للحادث كالآتي:
[لماَّ كان “فادوس” والياً على اليهودية، قام رجل دجَّال يُدعى ثوداس أقنع جماعة كبيرة من الشعب أن يتأهبوا للنضال ويتبعوه إلى الأُردن، مدّعياً أن نبي، وسوف يشق لهم الأُردن بكلمة ليعبروا؛ ولكن فادوس لم يمهلهم ليتمِّموا أفكارهم وحماقتهم، فأرسل لهم فرقة من الفرسان ووقعت عليهم فجأة وهم بلا أي سلاح أو معونة وذبحوهم، وأسروا الباقين أحياءً، وقبضوا على ثوداس وقطعوا رقبته وحملوا رأسه إلى أورشليم(55 ).
ولكن هذه الحوادث عامة كانت تفصح عن مدى قلق الشعب، واضطراب النفوس، وعدم استقرار الأُمة اليهودية كلها بسبب التعاليم الضيقة والإثارات
المتوالية التي كان بضع مئات من الرؤساء  يبثونها في الشعب الساذج الأمي 
البسيط.
(54) Josephus, Antiq. XX, I, 1.
(55) Josephus, Antiq. XX, V, 1.
- 316 -


 2 - طيباريوس اسكندر ( 46 - 48 م):
عندئذ استُدعي كاسبيوس فادوس - إلى روما وحل بدلاً منه على اليهودية طيباريوس اسكندر، وهو يهودي اسكندري موالي لروما وابن اسكندر ألابارك أخي فيلو الفيلسوف اليهودي الإسكندري المشهور.
وفى أثناء حكم هذا الوالى حدثت المجاعة الكبيرة المشهورة والمذكور عنها في سفر الأعمال:
+ "وفي تلك الأيام انحدر أنبياء من أُورشليم إلى أنطاكية. وقام واحد منهم اسمه أغابوس، وأشار بالروح أن جوعاً عظيماً كان عتيداً أن يصير على جميع المسكونة، الذي صار أيضاً في أيام كلوديوس قيصر. ( أع 11 : 27 و 28)
وقد قامت أيضاً أثناء حكم طيباريوس اسكندر مشاغبات كثيرة أُخمدت بالعنف، وحوكم وأُعدم فيها ولدا يهوذا الثائر الجليلي زعيم حزب الغيورين هناك (56)

 3 - كومانوس ( 48 -   52 م):
وبعد طيباريوس اسكندر حكم اليهودية الوالي -الروماني كومانوس سنة 48 م، الذي عانى من حدة البغضة والتحفُّز واحتكاك اليهود به ، الذي انتهى بثورة مصطنعه قام بها اليهود في أثناء عيد الفصح احتجاجاً على أعمال بعض الجند، مما اضطر الوالي كومانوس إلى استدعاء الجيش من قيصرية لتهديد اليهود الثائرين ضد الحكم، ونزل الجيش في قلعة أنطونيا فخاف اليهود وهربوا وداسوا بعضهم بعضاً عند أبواب المدينة
(56) Josephus, Antiq. XX, V, 2.
- 317 -


 حتى مات منهم عشرون ألفاً حسب رواية يوسيفوس(57). ولم يكن كومانوس متعسِّفاً في سلوك العام ضد اليهود، فيوسيفوس نفسه يشهد له أن بمجرَّد أن علم أن أحد الجنود تعدَّى على مشاعر اليهود ومزق أحد الأسفار التي كانت في أيديهم، في الحال قام بمحاكمته وأمر بإعدامه .
وفي أيام كومانوس حدث أن السامريين تعدُّوا على بعض اليهود الجليليين أثناء عبورهم على السامرة في طريقهم إلى أُورشليم، كما حد للمسيح نفسه أيضا كما هو مذكور في (لو 9 52- 54)
 وزاد السامريون بأن قتلوا بعضاً من اليهود، فذهب اليهود إلى الوالي الروماني وقدَّموا شكوى رسمية، إلاَّ أن كومانوس كان قد لقَّى رشوة من السامريين فغض النظر عن شكاية اليهود وحفظها، فما كان من اليهود إلاَّ أن هجموا على السامرة وأحرقوا بعض القرى وقتلوا كثيراً من الأهالي. فتحرَّك كومانوس بجيش من قيصرية وحاصر اليهود وقتل كثيراً منهم وقبض على الباقين الذين لم يستطيعوا الفرار.
ولكن لم ننته حواثد الشغب والاعتداءات، فاضطر السامريون للذهاب إلى الحاكم العام في سوريا، وكان يُدعى أوميديوس كوادرا تس، وقدَّموا شكواهم، واليهود أيضاً أرسلوا مندوبين عنهم ليقدِّموا شكواهم ضد السامريين بصفتهم المعتدين وبصفتهم أيضاً مقدِّمي رشوة. كما قدَّموا شكوى ضد كومانوس كطاغٍ ومرتشٍ. فقدُم حاكم سوريا إلى السامرة وقام بالتحقيق الذي انتهى من بأن أرسل  المندوبين من كلا الجانبين السامري واليهودي وكذلك كومانوس نفس إلى روما للتحقيق أمام محكمة قيصر نفسه . وكان أغريباس الثاني موجوداً في روما فوقف في صف اليهود الذين حُكم لصالحهم
(57) Josephus, Antiq. XX, V, 3.
- 318 -


بالبراءة، هذا بالإضافة إلى نفوذ زوجة الإمبراطور "نيرون" أغريبينا وهي يهودية الأصل أمَّا السامريون فأُعدموا، وأمَّا كومانوس فأُرس إلى المنفى.(58)، وكان ذلك سنة 52 م.  ولكن للأسف فإن هذا الإجراء قوَّى روح الانتقام والتشفِّي من حكام الرومان المحليين وزاد من روح احتقار الضباط والشعور بالتعالي والثورة.


 4 - فيلكس الوالي ( 52 -  60 م):

يخبرنا المؤرِّخ اسيتوس أن فيلكس كان عبداً معتوقاً، وإنما كان من أخصاء كلوديوس المحبوبين (59 ). وبينما يختلف المؤرِّخ اسيتوس عن يوسيفوس في تقرير أخلاق فيلكس وسلوكه ، نجد أن سفر الأعمال يقف شاهداً على صحة أقوال يوسيفوس بلا شك في وصف فيلكس بأنه كان معتدلاً وكثير التعاطف مع اليهود.
وسفر الأعمال يصف موقف فيلكس من كلا الطرفين، اليهود الشاكين والمسيحيين المشكو في حقهم. فاليهود يقررون على فم برُلُّس الخطيب:

+  إننا حاصلون بواسطتك على سلام جزيل وقد صارت لهذه الأُمة مصالح بتدبيرك، فتقبَّل ذلك أيها العزيز فيلكس بكل شكر في كل زمان وكل  مكان" ( أع 2:24 )

والمسيحيون يقررون بفم ق. بولس الرسول : "إني إذ قد علمت أنك منذ  سنين كثيرة قاضٍ لهذه الأُمة أحتج عمَّا في أمري بأكثر سرور".( أع 10:24 )
ويُلاحظ أن سرور ق. بولس كون يُحاكم لدى فيلكس يعبِّر عن ثقة ق. بولس  بفيلكس كقاضٍ عادل متزن. ولا يمكن أن يؤخذ كلام بولس الرسول على محمل الرياء أو المداهنة لحاكم، لأن ق. بولس بعد ذلك لمَّا وا تته الفرصة ليتكلَّم معه
(58) Josephus, Antiq. XX, VI, 1-3, Bell. Jud. II, XII, 3-7.
(59) Tacitus, Hist., V, 9.
- 319 -


فيلكس لم يعجز عن وعظه ووبيخه على سلوكه غير المتعفِّف مع زوجته دورسلاَّ، التي كانت زوجة للملك عزيزوس ملك حمص وهجرته  لتتزوج بفيلكس فصارت زوجته الثالثة(60)، وهي يهودية وأخت أغريباس الثاني، لذلك فهي بحكم الناموس زانية، وكذلك فيلكس الذي لماَّ سمع وعظ ق. بولس ارتعب
ثم بعد أيام جاء فيلكس مع دورسلاَّ امرأ ته وهي يهودية فاستحضر بولس وسمع منه عن الإيمان بالمسيح، وبينما كان يتكلَّم عن البر والتعفُّف والدينونة العتيدة أن كون، ارعب فيلكس (أع 24: 24 و 25)
وقد تميَّزت فترة حكم فيلكس بكثرة الاضطرابات وذلك بسبب قيام جماعات ، كثيرة يهودية مشاغبة للسلب والنهب واللصوصية حسب رواية يوسيفوس(61)
ﻛان معظمهم من الغيورين وكان محور دعوتهم الدينية   وإلهامهم الكاذب هو   التحرر من روما بالقوة وبالسلاح. وقد ظل زعيمهم الأكبر أليعازر يقود هذه الحركة السرية ما يقرب من عشرين سنة، وقد سبب في الإخلال بالأمن وإيقاع الرعب في البلاد كلها(62)
وقد قام بعض هؤلاء الغيورين المدعوين سيكاريين أو سكينيين أي “حاملي  السكاكين” (63 ) بإغتيال رئيس الكهنة يوناثان ، وإتهموا فيلكس  فيلكس بتدبير المؤامرة (64 ) بسبب العداوة الكامنة بين الاثنين، ولم يكن لفيلكس يدٌ في ذلك.
ولكن يوسيفوس يكشف هذه المؤامرة من جانب الغيورين حاملي السكاكين
(60) Josephus, Antiq. XX, VIII, 1-2.
(61) Josephus, Antiq. XX, XX, VIII, 5.
(62) Bell. Jud. II, XIII, 2,4,5.
(63) Bell. Jud. II, XIII, 3.
(64) Josephus, Antiq. XX, VIII, 5.
- 320 -


بقصد قلب نظام الحكم الداخلي استعداداً للقيام بثورة مسلَّحة.
وقد تزعم إحدى الحركات الطائشة في أُورشليم يهودي مصري مدَّع للنبوة، كأنه مسيح، وهذا أضل جمعاً غفيراً وأخذهم إلى جبل الزيتون مدَّعياً أن سيُسقط  أسوار أُورشليم بكلمة، ولكن فيلكس تعقبه وشتت شمل جماعته وذبح .معظمهم( 65 ) ، وقد ذكر سفر الأعمال هذه الحادثة (أع 38:21 )
ومنذ ذلك الوقت والبلاد تجتاحها الثورات المحلية في كل ركن، وقد ساعد على ازدياد هذه الفوضى ضعف الجيش الروماني المرابض في سوريا، والذي لم يكن يزيد عن كتيبتين من اثني عشر ألف جندي مع حامية صغيرة في قيصرية وثلة جند في أُورشليم.
وبدأت المنازعات بين اليهود والأمميين وخصوصاً في قيصرية، وقد حسم فيلكس النزاع بعنف إذ قتل كل الثائرين اليهود مما أدَّى إلى دعوة فيلكس إلى روما وإنهاء حكمه، وحل محله فستوس.


  5 - فستوس ( 60 - 62 م):
هو بوركيوس فستوس، وقد واجه نفس -الصعوبات التي خلَّفها له فيلكس من اضطراب في الأمن إلى انزعاج عام في الشعور الديني إلى حساسية مرهفة ضد أي تصرُّف من جهة الحكم الروماني. كما قام في زمانه مسيح دجَّال كبير، وقد قاد جماعة الغيورين السيكاريين وأحدث حركة شديدة في البلاد ضد الحكم الروماني (66 )، ولكن فستوس تصدَّى لها ومزَّق شملها بقوة ونجاح كبير.
ويذكر سفر الأعمال شخصية فستوس بكثير من التزكية وبدمغها بدامغ اليقظة والهمة والعدل
(65) Josephus, Antiq. XX, VIII, 6, Bell. Jud. II, XIII, 5.
(66) Josephus, Antiq. XX, VIII, 10.
- 321 -

وقد جرت بين أغريباس الثاني وفستوس ا تصالات بخصوص مقاومة رئيس الكهنة لأغريباس في موضوع قصره الذي يطل على الهيكل ، وإقامة الكهنة لسور داخلى يحجز رؤية الهيكل من القصر ومراقبة ما يجرى فيه وأمر فستوس بهدمه بالقوة، ولكن الكهنة  لجأوا إلى نيرون الذي حكم ببقاء السور وعدم هدمه . وقد ُتوفِّي فستوس في السنة الثانية من تسلُّمه لمهام منصب .
وفي الفترة بين موت فستوس وبين حضور خليفته (ألبينوس) شكَّل رئيس الكهنة حنَّان بن حنَّان (قاتل المسيح) مجمع السنهدريم لمحاكمة بعض الناس من مخالفى الناموس  ويقصد بذلك المسيحيين وحكم المجمع  بقتلهم رجماً يعقوب أخو يسوع المدعو المسيح (67 ). ويقول يوسيفوس إن اليهود الحكماء والأتقياء استنكروا هذا العمل الوحشي. ولكن يُلاحظ جداً أن عنف جماعة الصدوقيين وعلى رأسهم حنَّان رئيس الكهنة ضد المسيحيين واستصدارهم الحكم بالرجم والقتل في غياب الحاكم الروماني يُعتبر ضد القانون، كل ذلك كان يعتمد على وجود منْ يدافع عنهم عند نيرون وهي زوجته بوبيا اليهودية الأصل ، والتي انتصرت لليهود ضد أغريباس الثاني أيام الخلاف على السور.

 


 6 - ألبينوس ( 62 - 64 م):
 كل ما كان يهمه وكل ما يعرفه أن يحصل على المال بكل وسيلة حتى ولو ضد القانون، لذلك قتوَّت في أيامه الجماعات التي ستخدم هذه الوسائل (68 )، وفي مدة حكمه التي لم تزد عن سنتين إزدادت حالة البلاد اضطراب اً وفوضى، وأسرعت إلى حافة مصيرها المحتوم.
(67) Josephus, Antiq. XX, IX, 1.
(68) Josephus, Antiq. XX, IX, 5, Bell. Jud. II, XIV, 1.
- 322 -


 7 - جسيوس فلوروس ( 64 - 66 م):
آخر حكام اليهودية، أرسله نيرون، وقد عيَّنته بوبيا التي كانت صديقة لزوجة فلوروس، وإذ يقارن يوسيفوس بين وبين ألبينوس وسلوك الرديء الشنيع، فإنه يفضِّل ألبينوس على فلوروس ويعتبره ممتازاً  بالنسبة لسوء أخلاق وسلوك فلوروس، إذ كانت مساوئ علنية (69 ). وكان
مستهتراً بأوامر الإمبراطور اعتماداً على بوبيا، وفي نفس الوقت مستهتراً باليهود إعتمادا على الرشوة أيا كان مصدرها   وقد شجَّع الأُمميين السوريين في قيصرية ً ضد اليهود، فأهاج حقدهم، وقد انحدرت البلاد إلى أسوأ ما يمكن أن نحدر إليه في أيامه . وإن كان لا يمكن أن يُقال إن فلورس كان السبب المباشر لقيام حرب اليهود العلنية ضد الرومان، فهو على الأقل قد ساعد على سرعة ظهورها:
أولاً: بمناصرة السوريين في قيصرية وإعطائهم كل الحقوق المدنية التي كفُل لهم السيادة على المدينة وأطاح بنفوذ اليهود خارج المدينة.

ثانياً: مطالبته الهيكل بسبع عشرة وزنة (70 )  التي وإن كانت مبلغاً زهيداً وفي نطاق حقوقه كحاكم  ، إلا أن إختياره لزمن المطالبة بها بعد خذلانه ليهود قيصرية أهاج شعور يهود أُورشليم بدرجة لا تطاق. فاندلعت الشرارة الأُولى للحرب اليهودية.
(69) Josephus, Antiq. XX, XI, 1, Bell. Jud. II, XIV, 2.
70 ) الوزنة كانت ساوي حوالي 20 ك يلوجرام. أي أن المبلغ حوالي 340 ك يلوجرام ذهب. ﺗ )
- 323 -


رابعاً: الحرب اليهودية (66-70 م)
عندما رفض رؤساء اليهود دفع مبلغ 17 وزنه فإعتبرها الوالى اليهودى جسيوس فلوروس ( 64 - 66 م) تحديا لسلطانه فى الأراضى المقدسة فإنطلق بجيشه من قيصرية قاصدا أورشليم   لكن الشعب سد الطرق في  وجهه. فللحال سلك الجنود م سلكاً خشناً  فذبحوا كثيرن مما رفع درجه هياج الشعب إلى الدرجة  القصوى. فلما رأى الصدوقيون والفريسيين أن الأمر ينذر بالخطر حاولوا التدخُّل لتهدئة الشعب وأخرجوا الكهنة بملابسهم الرسمية من الهيكل  أخر واظهار الود نحو  فلوروس ففشلوا لأنهم أول من أشعل الفتيل
وإذ رأى فلورس أن جيشه لا يستطيع أن يواجه الشعب الذى بدأ بالإعتداء علي الجيس بالطوب والحجارة من على أسطح المنازل إنسحب إلى قيصرية  (1).
عندما استلم قائد الجيش في سوريا سستيوس جالوس إشارة أن أُ ورشليم في ثورة أرسل ضابطاً لاستطلاع الأمر كما أرسل رساله إلى أغريباس  الثاني الذي كان فى الأسكندرية فحضر فى الحال وقد حاول الفريسييون تهدئة الموقف ولكن تغلب عليهم الغيورين الذين ملكوا زمام الموقف معتقدين أنهم بثورتهم وإعتدائهم على الرومان سينالون تأييدا من الله ، وأن هدفهم لطرد الرومان هو جوهر الإيمان نفسه ،  فبالضرورة يكون وفق إرادة الله وبالتالى  يكون توطئة لمجئ المسيا وإقامة مملكة إسرائيل الإلهية 
(1) Bell. Jud. II, XV, 6.
- 324 -


قد زاد من لهب الثورة حماس الأ نبياء الكذبة والمسحاء الكذبة الذين كانوا يتمسكون ببعض أقوال الأنبياء الخاصة بإنكسار الأعداء وإنهزامهم لإقناع الشعب بإتخاذ موقف العنف والمبادرة
كما زاد من خطورة جموح الأعمال التخربي اوالإنتقامية إندساس جماعة اللصوص والمتشردين والمجرمين والمنتهزيين للنهب والسلب
ولماَّ حاول أغريباس الثاني مع رؤساء الفريسييين إقناع زعماء الغيورن بأ نه من العبث الوقوف فى وجة روما كانت الإجابة الوحيدة المتكررة أنهم يعتمدون على القوة الإلهية وأخيرا هددوا أغريباس قإضطر للإنسحاب (2) .
وكانت هناك تقدمة  باسم قيصر والشعب الروماني يومياً في الهيكل عبارة عن عجل وحملين وكانت هدية موقوفة  على الهيكل من قيصر هذه أوقفت تحديا لروما ولقيصر (3)

وبدأت  عمليات الغدر الداخلي فقتل اليهود ببعضا من زعمائهم غير الراغبين فى الحرب فقتلوا رئيس الكهنة وأخاه وغيرهم (4)

وبإنتشار خبر الثورة قام السوريون على اليهود فى المدن التى لهم أغلبية فيها وذبحوا عددا كبيرا منهم (5)
(2) Bell. Jud. II, XVIII, 1.
(3) Bell. Jud. II, X, 4; XVII, 2,3; Philo, Legatio ad Gaium, ch. 40;
Shlatter, op. cit., p. 444.
(4) Bell. Jud. II, XVII, 9.
(5) Bell. Jud. II, XVIII, 1.
- 325 -

هزيمة الحملة الأولى للرومان
بمجيء خريف سن 66 م تجهز القائد سستيوس جالوس بجيش كبير وتقدَّم من أنطاكية وأخضع كافة البلاد التى إعترضته  في الجليل أراد أن يهاجم أورشليم ولكنه عجز وتقهقر , وإنقض عليه اليهود فإضطر إلى الإنسحاب المهين بعد أن قتل من جيشة 4300 جندى و 380 فارس وكانت رخسارة اليهود طفيفة حسب رواية يوسيفوس ، وكان ذلك فى نوفمبر سنة 66م (6) وقد فسر ذلك اليهود أنها قوة يهوه قد واتتهم !!
ولكنهم أدركوا أن إزاء الخسارة التى منى بها الرومان سوف تكون حرب القادمة ضارية ، فإبتدأوا يستعدون لها ، وقد تعين يوسيفوس المؤرخ نفسه مشرفا حرييا على أقليم الجليل (7) وقد نافسه فى ذلك يوحنا الذى من دستالا ، أما الذين فى أورشليم فرمموا أسوارها وعبأوا كافة الشباب (8) وجمعوا المؤن إستعدادا لحصار طويل



الحملة الثانية و غزو الجليل:

فى شتاء سنة 66- 67  م أرسل نيرون القائد الكبير فسبسيان الذى أعاد تقوية الجيش فى أنطاكية وفى ربيع سنة 67م زحف إلى مدينة بطولمايس (عكا حاليا) وإنضم إليه إبنه تيطس على رأس جبشه من قيصرية فبلغ جيش الرومان ستين ألف جندى (9)
توقد أدرك اليهود أنه من العبث ملاقاة جيش الرومان ، فتحصنوا وكمنوا فى كافة المواقع وأستعدوا للإنقضاض فى حرب عصبات معتمدين على القوة
(6) Bell. Jud. II, XIX, 9.
(7) Bell. Jud. II, XX, 4; Vita, 30.
(8) Bell. Jud. II, XXII, 1.
(9) Bell. Jud. III, IV, 2.
- 326 -


لكن في كاف المواقع لم  يستطيعوا أن يصمدوا أمام هجمات الرومان ، وحامية يوسيفوس نفسها سلمت بعد حصار قليل ، وقبض على يوسيفوس المؤرخ وقدم إلى غسبسيان ، وقد أظهر يوسيفوس كثير من الإحترام للقائد وأنبأه بأنه سيكون الإمبراطور القادم بعد نيرون ، فعاملة فسبسيان بلطف وأستبقاه عنده كأسير (10)
ثم سقطت حامية طبرية اليهودية وسلمت ، وإنهزمت حامية ماجدلا ثم توالت إنهزامات اليهود حتى سلمت الضفة الغربية لنهر الأردن بلأستثناء حامية جسثالا التى أستبسل فيها القائد يوحنا إستبشسسالا رائعا وكذلك حامية جبل طابور (11) وبعد أن طهر فسبسيان الأجزاء الغربية من شرق بحر الجليبل عاد وأرسل أبنه تيطس إلى جسثالا وضيق عليها الخناق حتى جاء يوم السبت ، فطلب يوحنا مهلة حربية إكراما ليوم السبت ، فإستجاب تيطس ، ولكن يوحنا ترك الحامية وهرب ليلا وتحصن فى أورشليم (12) فسقطت الحامبة

وحاصر الرومان قلعة جبل تابور وبحيلة أستطاعوا أن يقتحموها ويذبحوا كافة اليهود الذين كانوا فيها (13) وقبل إنتهاء سنة 67م كانت كل الجليل قد سلمت وذهب فسبسيان إلى قيصرية وأمضى الشتاء هناك

اخضاع اليهودية:
في أوائل ربيع سنة 68 م تحرك فسبسيان ليكمل عمله ، وكان رأى الضباط الإستشارى أن يهجموا على أورشليم مباشرة منتفعين بالنزاع الداخلى
(10) Bell. Jud. III, VIII, 9.
(11) Bell. Jud. IV, I, 1.
(12) Bell. Jud. IV, II, 4,5.
(13) Bell. Jud. IV, I, 8.
- 327 -


القائم  بن أحزابها ولكن راى فسبسيان أن يترك أورشليم حت تضعف ويلتفت أولا إلى اليهودية (14)

وكانت وجهته الأولى نحو جدارا عاصمة إقليم بيريه فسقطت فى الحال فى أيدى الرومان بالرغمن من بأس المدينة وشدة تحصينها ، وقد قابل اهلها فسبسيان بسرور وود وإعجاب / وكان ذلك فى مارس سنة 68م

 

وبعد أن خضع شرق الأردن ما عدا قلعة "ماخيروس " عاد إلى قيصرية بعد أن ترك فى بيريه قائدة "بلاسيد" مع حامية صغيرة ، وبعد قليل بدأ فسبسيان الزحف جنوبا ، وبمجئ شهر ي يونيو كان كل أقليم اليهودية الجنوبى قد أخضع فيما عد بعض الحاميات القوية وأورشليم

وقد وصف يوسيفوس سقوط أنتباتريس إذ لم تأخذ أكثر من يومين وكذلك مدينة تمنا التى صارت مقرا لليهود الذين لجأوا إلى فسبسيان هربا من المقاومة ، ثم سقطت مدينة عمواس ومن بعدها كل أقليم أدومية ، ثم إرتحل شمالا فأخضع أقليم السامرة وأريحا وأديدا ، اللتين صارتا مقرا للجيش للراحة (15)

وبذلك تطهرت البلاد تقريبا وإستعد فسبسيان للضربة ألخيرة التى يوجهها  نحو أورشليم وأثناء راحته فى قيصرية وصله خبر موت نيرون ، فإضطر أن يكون على حذر ، وبذلك أوقف الحرب كلها سنة 68م

(14) Bell. Jud. IV, VI, 2.
(15) Bell. Jud. IV, IX, 1.
- 328 -


 الموقف في أُورشليم(16)
كان فسبسيان حكيماً في تفديره لظروف أُ ورشليم وتركها لمهاترات اليهود ونزاعهم الداخلى حتى تضعف وإهتمامه بإخضاع اليهود أولا  
وكان داخل أُورشليم قائد الغيورن وحنا ﺟ ﺟسشالا الذى هرب من يد تيطس القائد الرومانى بخدعة ، ولكن الغيوريين بوجه عام كانوا قلة ، فقد واجهوا مفاومة من الأحزاب المعتدلة ، مما أضطر الغيوريين بالإستعانة بالأدوميين الذين تسللوا إلى اورشليم ووقعوا على الحزب المعتدل بقيادة حنان وذبحوهم وقتلوا حنان رئيس الكهنة نفسه وتسللوا فى الفجر وهربوا

لكن قام ضد يوحنا جسشالا  غريم آخر يقاوم آراؤه وخططه ، ولكى بنتقم الحزب المعتدل من العيوريين أستدعوا غيورا ىخر أسمه سمعان بارجيور وهو عدو ليوحنا جسشالا ، وهكذا كان فى داخل أورشليم ثلاثة احزاب من الغيورين المتطرفين يناطحون بعضهم بعضا والعدو محيط بالمدينة :ألعازر متحصن داخل الهيكل ، ويوحنا جسشالا فى المناطق النتاخمة للهيكل ،وبارجيورا فى المدينة نفسها ، وقد تطورت المنازعات بين الأحزاب الثلاثة إلى حرب داخلية وأخيرا أستطاع يوحنا جسشمالا أن يستولى على الهيكل وإنضم غلأيه فريق ألعازر (17) وأخيرا وقع الحزب امعتدل فى مأزق إذ وجد امامه إلا أن ينضم إلى الحزب الغيورى الذى تقوى / وإما يعرضوا أنفسهم للقتل ، فإضطر أن ينضم إلى حزب الغيورين
ا
(16) Dio Cassius, LXVI, 4.
(17) Bell. Jud. V, III, 1.
- 329 -


حصار أُورشليم وسقوطها:
فى مستهل سنة 96 م أرسل فسبسيان إبنه تيطس إلى روما لتهنئة جلبا ، أما هو فتقدم إلى اورشليم لحصار الأخير (18) ولكن كان فكرة مشغولا بالحوادث الجارية فى روما ، والأمل الذى يلح عليه بأنه سيعتلى عرش الأمبراطورية حتما .

فبالكاد إستطاع أن يثبت عساكره حول المدينة لبداية الحصار ختى أستدعى القيصرة على هجل بسبب أن كافة القوات الموالية له إنتخبته أمبراطورا (19)

 وعلى هذا المنوال تكون قد بقيت أورشليم محاصرة من بعيد بقوات رومانية وفى نفس الوقت بدون قائد وبدون حرب ، مدة لا تقل عن ثلاث سنين وفى  كل مرة يقترب منها فسبسيان للحصار وإذ بالظروف الجارية تضطره للتوقف  والعودة ، كل هذل فى روح اليهود أن أورشليم أعظم من أمن سيقترب منها هؤلاء الأمم الغلف الأنجاس ، وأن يد الله هى فوق اورشليم تحميها وتدافع عنها وتكسر اعدائها (20) وبهذا إستطاع الغيوريين أن يقنعوا كافة اليهود بمبادئهم التعصبية الضيقة وأن يستغلوا الظروف للسيطرة على عقول الشعب لقيادته لحتفه فى معارك ضارية لا يمكن أن توصف إلا بالجنون الخارق

.

(18) Tacitus, Hist., ii. 1.
(19) Bell. Jud. IV, X, 4; Tacitus, op. cit., ii, 22.
(20) Shlatter, op. cit., 332.
تمثال للإمبراطور فسبسيان
- 330 -

 

لم يتخذ تيطس موقفة الحاسم ويقترب من أسوار اورشليم إلا فى ربيع سنة 70م وقد عانى من مخاطر هددته هو وجيشة بالسقوط فى أيدى اليهود لولا شجاعته النادرة (21)

ولم تكف المنازعات بين أحزاب اليهود والرومان يتقدمون صوب أبواب المدينة ، ولكن بإتحاد جيش جسئالا مع جيش بارجيور شكلوا قوة شديدة بدأت بالهجوم على الرومان (22) وأستمرت الموقعة خمسة عشر يوما ، أنتهت بأن إقتحم الرومان أول الأسوار الثلاثة (23) وإندفع الجيش الرومانى بأكمله داخل المدينة ، وايضا الغزو من الداخل ، ودخل المجاعة فى صورتها الرهيبة .

وإبتدأت معركة هائلة أستمرت تسعة أيام تبادلت فيها قوات الرومان مع قوات اليهود السور الثانى ما بين باب يافا وقلعة أنطونيا ثلاث مرات ، وأخيرا أقتحمه الرومان وهدموه (24) ووصلت المجاعة حالتها القصوى

وقد حاول يوسيفوس المرافق لتيطس كأسير ومترجم أن يتوسط لدى شعبه وأمته من أجل انقاذ أرواحهم والمدينة والهيكل  .. ولكن عبثا ضاعت كل جهوده وأتهموه بالخيانة / وكادوا يقتلونه بحجر ألقوه عليه من فوق أسوار الهيكل (25)
(21) Bell. Jud. V, II, 2.
(22) Bell. Jud. V, II, 5, V, VI, 4.
(23) Bell. Jud., V, VII, 2.
أربعة أسوار تحيط بأورشليم السور  المحيط بمدينة أورشليم الذذى يطل من الناحية البحرية على سهل بينما يطل فى الثلاث نواحى الأخرى على جرف وادى هنوم من الصعب عبوره ، ولذلك ففى الناحية البحرية بالذات بنى اليهود لحماية المدينة ثلاثة أسوار الواحد وراء الآخر هذه الأسوار الثلاثة هدمها تيطس أثناء هجومه على أورشليم فى سنة 70م   

(24) Bell. Jud. V, VII, 3,4; V, VIII, 1,2.
(25) Bell. Jud. V, IX, 3,4.
- 331 -
بقي السور الثالث الأخير. فأمر تيطس بغقامة أ{بعة متاريس (وهى التى تنبأ عنها المسيح فى (لو 19: 43) لإقتحامه وأخيرا أستطاع الرومان أن يصعدوا فوق السور الثالث وأن يقتحموا المدينة

وتقدموا جنوب الهيكل الذى ظلت الذبائح اليومية تقدم فيه وكافة الصلوات بتضرعات وصراخ إلى ان كغت بسبب المجاعة المريعة وعدم وجود ما يقدم ذبيحة فضلا عن عدم وجود من يقدمها (26) 
وأستمرت المعركة على أشدها حتى أشعل الرومان النار فى الهيكل (27) فإنهارت كل مبانيه وأبوابه وغرفع وأساسه حتى مذبحه ولكن هذا لم يقنع بارجيورا وجسئالا بالتسليم إذ إغتصما فى الجزء الغربى المسمى بالمدينة العليا مع جماعة من الغيوريين لمتابعة القتال حتى سقطوا قتلى وبعضهم هربوا لأن الرومان كانوا قد عانوا الأمرين خمسة أشهر كاملة من اليهود ، فإنهم صبوا نقمتهم على الهيكل وعلى المدبنة فأشعلوا النيران فى كل شئ فيها وقتلوا كل من صادفهم / وخرج تيطس يجر وراؤه جيشا ضخما من الأسرى والزعماء الغيورين متجها شمالا وقد ألقى نظرته الأخيرة على ما كان يسمى أورشليم .. إذ لم يبق منها سوى ثلاث قلاع مطلة وسط الخراب الشامل ، وجزء صغير من السور الغربى جعله اليهود مبكى لهم (28) ويسجل يوسيفوس منظر المدينة كما رآها بنفسه قائلا إن من ينظر إليها لا يمكن لأن يصدق أنها كانت آهلة بالسكان

26 ) انقطعت الذبائح في 17 تموز سنة 70 م صار هذا اليوم يوم حزن وصوم لليهود إلى وإلى يومنا هذا )
ﻫ (Bell. Jud. VI, II, 1; Schürer, op. cit., I, p. 505n. cf. m Taan ذا. ( 4:6
(27) Bell. Jud. VI, IV, 1-7.
(28) Bell. Jud. VII, I, 1.
- 332 -
29 ). ﺴ F بال كان(28


حمل تيطس معه إلى ر وما المائدة الذهب - مائدة الوجوه - التي كانيقدم عليها خبز الوجوه ، مع المنارة الذهبية ذات السبع شعب وقد أستودعها فسبسيان هيكل السلام ,, أما درج السفار المقدسة وستر الهيكل القرمزى فإحتفظ بهمتا فسبسيان فى قصرة (30)


جزء من قوس بناه تيطس ( 39 - 81 م) تخليداً لذكرى انتصاره على اليهود عام 70 م. -
لا يزال هذا القوس موجوداً في روما وهو يبيِّن ما سلبه الجنود الرومان من هيكل أُورشليم
سقوط أُ ورشليم خراب الهيكل سن 70 م على يد تيطس هو من جهة  التاريخ الشعبى والأثر الدينى والإجتماعى يساوى تماما سقوط أورشليم
(29) Bell. Jud. VII, I, 1.
(30) Bell. Jud. VII, V, 5,7.
- 333 -


خراب الهيكل على يد نبوخذنصر  سن 586 ق.م. أمَّا عدد مَنْ ذُبح من اليهود ومن سبى ومن مات جوعا خلال هذه السنوات الأربع والتى سبق وأنبأ عنها المسيح بقوله "  ويقعون بالسيف ويسبون الى جميع الامم وتكون اورشليم مدوسة من الامم حتى تكمل ازمنة الامم." (لو21: 24)
 فهو فوق أن صدِّقه العقل .
- 334 -


خامساً: فلسطين بعد الحرب اليهودية
70- 135 م) )
ظلَّ يداعب عقول المتعصبين من الغيورين الذين بقوا على قيد الحياة أملٌ أنه ربما يصنع يهوه شيئاً في أحلك الساعات، فاستمروا في المقاومة في أركان متعددة من الأراض المقدسة . فقام جماعة من الغيورين في قلعة هيروديون شمال أُورشليم بحركة مقاومة، وكذلك جماعة أخرى من الغيورين تحصَّنوا في قلعة ماخيروس بمقاطعة بيريه شرق الأُردن(1). ولكنهم لم يقووا وسلَّموا ... أمَّا قلعة ماسادا على الطرف الشمالي الغربي  للبحر الميت فقد تحصَّن فيها جماعة السيكاريين، وهم أعنف الغيورين تطرفاً وميلاً للحرب وظلوا يقاومون بشدة هم وعائلاتهم من الداخل وفى اللحظة الأخيرة التى شعروا فيها أن الرومان تغلبوا عليهم قتلوا زوجاتهم وذبحوا أطفالهم وقتلوا أنفسهم .. فدخل الرومان ولم يجدوا أحدا منهم حيا (2) وبسقوط قلعة ماسادا فى ابريل 74م) أنتهت حرب اليهود وأوقفت جميع العمليات الحربية داخل ارض اليهود

وإزاء هذا العنف والمقاومة العنيدة التي أبداها اليهود في تمرُّدهم على الرومان، ابتدأت تنتبه الحكومة الرومانية إلى ضرورة القضاء على اليهود. فوضعت أقليم اليهود  بالذات تحت إشراف وإدارة مجلس السيناتو نفسه، و جعُل الوالي الروماني منفصلا في مسئولياته عن إقليم سوريا لأول مرَّة.
1) مقاطعة بيريه تشمل الجزء الشرقي من الأُردن من قلعة ماخيروس شمال شرق البحر الميت إلى بللا جنوب بحر طبرية.
(2) Bell. Jud. VII, VIII, 1-7; VII, IX, 1,2.
- 335 -


وتعينت حامية كبيرة مستقلة ترابض في أُورشليم بالإضافة إلى الجيش الرئيسي المرابض في قيصرية على الساحل. كما جعُلت حامية فرعية أخرى في مدينة عمواس.
وانتهت الصداقة التقليدية التي كانت تكنّها روما لليهود، وتحوَّلت مشاعر الود والعطف والتكريم التي ظلَّت تربط روما باليهود منذ أيام أن وطأت أقدام بومبي أقدام أرض اليهود حتى أيام تيطس ، وأنتهى بالضرورة تبعا لذلك كل التقدير لعبادتهم وكل تسامح وحرية تمتعةا بها دون كافة الشعوب وديانات الأرض ، وإنقلبت هذه الإحترامات والمجاملات إلى إحتقار وإزدراء ومقاومة من جانب روما
وتبعاً لذلك أمر فسبسيان أن كافة الضراب التي كانت مفروضة على اليهود الذين في كافة أنحاء العالم (الشتات) التي كانت تجمع لحساب الهيكل للصرف على خدماته، تجُمع وتُحول للصرف على هيكل جوبيتر كابيتولينا في روما(3)
وكان وقع هذا عند اليهود فوق التصوُّر وفوق الإحتمال، أن يقدِّموا الضريبة المفروضة لذبائح هيكل يهوه العظبم ، أن يقدموا الضريبة لذبائح هيكل وثنى نجس
هذا بالإضافة إلى أن كافة الضرائب اليهودية المفروضة عليهم من الدولة الرومانية زادها الإمبراطور دوميتيان وألزم كل دخيل على اليهودية أيضا ، حتى ولو كان مواطنا لبلد آخر غير يهودى ، أما الرومان الذين تهودوا حتى
(3) Suetonius, Dom., XII, 2; Dio Cas., LXVII, 15.
عملة فضية سُكَّت في قيصرية عام
70 م تكريماً للإمبراطور فسبسيان
- 336 -

ولو بتاريخ سابق وقديم فأُلقي القبض عليهم وحُوكِمُوا وعُوقبوا (4). وازداد التضييق على اليهود جدا وحل بهم إضطهاد مقصود فى أيام حكم فسبسيان ودوميتيان وتراجان ، وبالأحص بسبب ذيوع خبر آمالهم وإنتظارهم لملك لهم خاص أى المسيا (5) 


تصفية الأحزاب اليهودية:
بتصفية مملكة إسرائيل وضياعها كدولة تأثرت بالضرورة الأحزاب التي كانت تتهافت على الحكم والرآسة واإتتصالات الخارجية بروما مثل الصدوقيين المنتمين لحزب رؤساء الكهنة. فبانتهاء الحكم وخراب الهيكل وتوقف العبادة الريسية توقفاً مؤبَّداً ذاب حزب الصدوقيين، إذ أصبح لا مجال لوجوده أو نشاطه، ولم يعد يُسمع عنهم حسٌّ و خبرٌ.
أمَّا حزب الغيورين وبقية الأحزاب الوطنية المتطرفة التي كانت تعيش على المناداة بمقاومة روما وتنادى بطرد الأُمم وسحقهم وقيام مملكة عظمى لإسرائيل وتحرر اليهود  السياسي، فإزاء هذه الهزيمة القاضية وتخريب الهيكل وقتل الزعماء ونهب كل خيرات البلاد وثروتها وهدم أُورشليم وحرق الهيكل وسبي كافة الأقوياء من اليهود، ذهبت كل آمالهم أدراج الرياح، وتحطَّمت قواهم وتلاشت نظرياتهم التى كانت تقوم على تفسير النبوات والؤى والمواعيد بصورة مادية حلافية خاطئة 

وهنا تتم نبوَّة كريا ( 13: 2- 5) التي يصف فيها كيف أصبح الشعب اليهود  باعضا لهؤلاء الأنبياء والرائين الذين أضلوا الشعب وأغروه وإنتهى بهم المطاف
(4) Eusebius after Hegesippus, Hist. Ecc. iii, 12,19,20,32.
(5) Eusebius after Hegesippus, Hist. Ecc. iii, 12,19,20,32.
- 337 -


خراب شامل ساحق ماحق، حتى أصبح اسم النبي أو الرجل الغيور مخوفاً ومرعباً، بل وأصبح كل مَنْ يمت بصلة لهؤلاء الأنبياء والغيورين يحاول أن ينفي احترافه بحرفتهم ويتخلَّص من اسمهم وشكلهم ومبادئهم.ولم يتبقَّ من كافة الأحزاب اليهودية سوى الفريسيين المعتدلين الذين كانوا أعداءً للصدوقيين بسبب تطرفهم السياسي واحترافهم للشئون المالية والدنيوية بصورة تهافتة، كما كانوا يقاومونهم باستمرار بسبب عدم أمانتهم للناموس والشريعة وميلهم  للثقافات اليونانية حتى صاروا في نظرهم كأنهم غير يهود. كذلك فإن الفريسيين كانوا مبغضين للغيورين أشد البغضة بسبب ادعائهم تمسكهم بالشريعة والناموس، وهم جهلة متعصبون ضيقو التفكير من جهة، ومن جهة أخرى بسبب رؤاهم الكاذبة المضلِّلة بخصوص مجيء المسيَّا وبسبب حبهم للقتال وسفك الدماء وحمل السلاح بدون تعقُّل.
قد أثبت الفريسيون أنهم الحزب الوحيد ليس فقط الذى يستحق الحياة، بل والوحيد الذى يستطيع الحياة، وذلك بسبب مبادئهم المتوسطة، وحبهم للسلام، وإمكانية تقبُّلهم الطاعة والخضوع للرومان كحكام، والتفاهم معهم على أساس احترام  القوانين الرومانية وفهمها بدون حقد أو رياء أو سياسة ملتوية. كما أنهم الحزب الوحيد الذ كان يحمل أفضل ما في الديانة اليهودية وأحقها بالفهم والعمل كما شهد لهم المسيح
على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون، فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه  فاحفظوه وافعلوه، ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا» : ا(مت 23 : 2و 3)
ﻟلذلك إعتبرتهم الحكومة الرومانية حزباً مسالماً يمكن التعاون معه. والفريسيون لم ينظروا قط للمستقبل بعين طامحة للسيطرة على الأُمم، أو
- 338 -


استرداد الملك لإسرائيل كما كان يفعل الغيورون. ولا كانوا ينظرون إلى الحاضر كأنه ﻻفرصة ينبغى إنتهازها للربح والتوسع والإستعمار والمتاجرة بل كانت نظرتهم دائما مربوطة بالماضي كمصدر للإلهام، معتبرين أن شريعة جبل سيناء هي الأساس الوحيد الذ ينبغي التمسُّك به والحياة بمقتضاه بالتأمُّل المستمر في أحكامه والتنفيذ الدقيق حسب شرائعه.
لذلك بدأ حزب الفريسيين يتقوَّى ويسود بعد خراب أُورشليم والهيكل وانهزام قوة الغيورين، وأصبج تأثيرهم الديني شاملاً لكل الشعب الذى بدأ يعيش في الواقع بعد أن تحطَّمت كل آماله الكاذبة التي كانت تعتمد على القوة والمناضلة والمقاومة والثورة والحرب. وبدأ الرجاء بالمسيَّا وخلاص إسرائيل ونصرة الله والقيامة من الأموات تأخذ حسب الصبغة الفريسية صورتها الروحية الأكثر تعقلا على أساس أن يهوه هو الذى يؤتيها لشعبه إسرائيل وليست بذراع الأقوياء أو بقوس الفرسان، وذلك عندما يشاء الله وليس كما يحدِّد الإنسان. وليس على الشعب إلا انتظار هذه المواعيد برجاء إذا كانوا أُمناءَ في تنفيذ وصايا وشرا ع ونواميس الله.
ومن أئمة الفريسيين المعتدلين بعد خراب أُورشليم الذين قاموا وعلَّموا الشعب وبثُّوا
الرجاء والإيمان والشجاعة الروحية “يوحنا بن زكاى”، الذى يقول عنه كتاب المدراش إنه بسبب يأسه من الأحزاب المتصارعة أثناء حصار أُورشليم لفَّ نفسه في كفن
6 و جعل أتباعه يحملونه إلى خارج الأسوار، وذهب للرومان ليتفاوض معهم بنفسه(6)
وقد جمع يوحنا بن زكاى جماعة من تلاميذه واستقر في مدينة يامنه أو يمنيا
(6) Midrash Ekhah, 3. i 5.
- 339 -


وكوَّن مركزاً هاماً لدراسة الأسفار والشريعة. وقد صارت هذه المدرسة قوة روحية معنرفاً
بها في البلاد كلِّها على مستوى السنهدريم قبل خراب أُورشليم.


 ثورة باركوكبا والقضاء على بقية آمال اليهود في معونة الله ( 132 - 135 م): -
كانت النكبة التى منى بها الوطنيون المتطلعون لتحرير بلادهم سنة 70م كفيلة أن تجعلهم بلا قوة وبلا حراك؛ بل وبلا أ تفكير أو أمل في القيام بمحاولة من نفس النوع مدة لا تقل عن خمسين سنة. وبالرغم من أن يهود الشتات قد قاموا بنصيبهم الكافي بالثورات والمذابح تنفيساً عن طبيعتهم الثورية، وتعبيراً عن بغضهم لأجناس أخرى والديني والإنساني لكافة الأُمم، إلا أن يهود فلسطين ظلوا غير قادرين على التشبه بهم
ولكن لم يستطع الشعب اليهود أن يعيش في هذه السكينة إزاء بعض تصرفات أباطرة الرومان، مثل هادريان، الذ أصدر منشوراً عاماً في المسكونة كلها يحرِّم  الإخصاء والختان(7) تحريماً قاطعاً، ومَنْ يخالف يُعاقب بالموت. فأصاب هذا المنشور كوامن اليهود مرَّة أخرى ورفع غضبهم إلى درجة الإشتعال، باعتبار أن الختان هو الإجراء الديني الوحيد الذى يجعل اليهود يهودياً، ولا بديل له على الإطلاق. فاعتبروا أن هذا المنشور يعني إبادة اليهودية نفسها.
هذا بالإضافة إلى محاولة هادريان مسخ يهودية مدينة أُورشليم بأن أسماها “ يلا كابيتولينا” وقام بمشروع بناء هيكلٍ كبير فيها لزيوس ولتعمير المدينة المخرَّبة(8) وقد كان قيام اليهود بثورتهم  الجديدة والأخيرة أمراً مفاجئاً ومدهشاً، إذ في
(7) E. Schürer, op. cit., I, 536-540.
(8) Dio Cassius., LXIX, 12, 1,2.
- 340 -


لحظات قليلة كانت اليهودية كلها تحمل السلاح بطريقة غير مترقَّبة. لأن نداء الواجب
العنصرى والديني عند اليهود كان في الواقع شديداً وقوياً وكفيلاً أن يؤدِّى إلى أى ثورة في أى وقت. وكان اعتمادهم دائماً أبداً ليس على كمية السلاح ولا عدد المحاربين، بل على رجاء معونة يهوه وإيماناً بمجيء المسيَّا في لحظة الحرب الحاسمة ليقود ويعطي النصرة.
وفي هذه الثورة بالذات برز عنصر الإعتقاد بمجيء المسيَّا وظهوره في شخص كان يدعى سمعان باركويبا أى ابن الكذب، ودُعِي من اليهود المسيَّا رئيس اليهود، فكان
سببا فى تحمس كافة اليهود بجميع طبقاتهم وأحزابهم مما زاد تضليل الشعب ورفع  حماستهم إلى درجة الجنون أن رابِّي عُقيبة أكبر المعلمين الدينيين في اليهودية تولى إعلان وتقديم باركويبا للشعب بصفته هو المسيَّا المنتظر رجاء إسرائيل، ودعاه باركوكبا تطبيقاً لنبوَّة بلعام بن بعور(عد 17:24 ). « ويبرز كوكب من يعقوب »
وزاد على ذلك أن أعلنوا بدء ملكوت المسيَّا وصكوا نقوداً عليها: “سمعان رئيس اليهود، لأ جل تحرير إسرائيل، لأجل تحرير أُورشليم”. أمَّا حاكم اليهودية وكان يُدعى تينينوس روفوس فقد وجد نفسه في لحظة في موقف حرج، لأن قواته المرابطة في مواقعها كانت أضعف من أن تواده هذه الثورة العارمة المنتشرة في البلاد كلها. فاستغاث بالإمبراطور هدريان وجاءت النجدة تلو لنجدة، ولكن لم يستطع أن يحكم الموقف أو يتصدَّى للثا رين(9)، لأن اليهود طبَّقوا
نظام حرب المكابيين، حرب العصابات في الجبال والأماكن المختارة والتحصينات في كل ركن من كل مدينة (10)، بحيث أن كل يهودى كان مجنَّداً ي F (9) E. Schürer, op. cit., I, 547-557.
(10) Dio Cassius., LXIX, 13, Euseb., Hist. Eccl. IV, 6.
- 341 -


. للهجوم والدفاع، ومَنْ يتخلَّى كان يُقتل(11)
وقد اضطُرَّ هدريان إلى إرسال أكفأ قواده المشهورين يوليوس ساويرس الذ ظلَّ ي
يطوِّق العصابات المنتشرة عصابة عصابة، ويطهِّر المدن مدينة مدينة. فاستغرقت منه
 هذه العمليات الحربية الشاقة والخطرة ثلاث سنوات ونصف حتى سلَّم اليهود نهائيا وذلك في السنة الثامنة عشر لهدريان ( 134 - 135 م).
 وقد وقع من كلا الطرفين قتلى وخسائر فادحة فوق الوصف. فقد قُتل أكثر من نصف مليون يهودى ، هذا بخلاف من مات بالجوع والوبأ، حتى صارت اليهودية كلها خَرِبَة كبريَّة قاحلة. أمَّا الجيش الروماني فقد أضناه التعب والخسائر، حتى أن هدريان عندما وقف ليعلن خبر انتصار جيشه أمام السناتو لم يستطع أن يذكر الجملة التقليدية التي كان يبدأ بها الإمبراطور عادة الخبر، وهي “إن الأمور كانت مواتية له ولجيشه” لأن الخسا ر كانت فوق العادة (12 ).
وقام هدريان بمسح أُورشليم وإعادة بنائها باسم "أيلا كابيتولينا"  وأسكن فيها مواطنين من الأُمم، ولم يسمح لأى يهودى أن يعيش في أُورشليم أو حتى يدخل المدينة وإلا كان الموت جزاءه
11 ) ي ) Dio Cassius., LXIX, انظر مخطوطات واد قمران: “قانون حرب المسيَّا” . 12
(12) Dio Cassius., LXIX, 14.


 
 
 

 

This site was last updated 08/25/17