Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

وفي أول أيام

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
وفي أول أيام
بيت مار مرقس

 

 

 

هل أكل المسيح خروف الفصح الأخير؟
إن الخلط بين العشاء الأخير المعروف بخميس العهد (تأسيس سر الإفخارستيا) والفصح اليهودي التقليدي, والقول أن السيد المسيح أكل خروف الفصح مع تلاميذه في عيد الفصح مساء الخميس (ليلة صلبه) يرجع بالدرجة الأولى إلى الترجمة غير الدقيقة للعبارات التي وردت بالأناجيل الثلاثة الأولى (متى, مرقس ولوقا):

إنجيل متى:
"وفي أول أيام الفطير تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين له أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح" (مت26: 17).
إنجيل مرقس:
"وفي اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه أين تريد أن نمضي ونعد لنأكل الفصح " (مر14:12).
إنجيل لوقا:
"وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح" (لو22: 7).
أما إنجيل يوحنا فيذكر أمراً يبدو مخالفا لما كتبه الإنجيليون الثلاثة :
"أما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم... فحين كان العشاء..." (يو13: 1- 2).

فكيف إذن يمكننا أن نفهم الأناجيل الثلاثة، متى ومرقس ولوقا على ضوء إنجيل يوحنا؟

يوحنا كتب إنجيله في أواخر القرن الأول بعد أن كانت الأناجيل الثلاثة قد انتشرت في الأرض . ولم يكن هدف يوحنا من إنجيله هو تكرار ما كتبه الإنجيليون الثلاثة لكن كان الهدف أن يذكر الأحداث الهامة التي أغفلوها، مثل دعوة التلاميذ الأول، والتركيز على خدمة السيد المسيح في أورشليم، .. الخ. آما قصد أن يقوم بتوضيح ما غمض في الأناجيل الثلاثة ومنها موضوعنا عن وقت العشاء. لم يقصد القديس يوحنا أن يعارض الأناجيل الثلاثة أو يأتي برأي مغاير بل أن يوضح بعض الأمور التي كتبت بحسب المفهوم في موقع كتابتها لكنها صارت غامضة عندما انتشرت في كل الأرض لذلك فنص إنجيل يوحنا هو الذي يعول عليه علماء الكتاب، وتمسك به آباء الكنيسة ولا يعني ذلك أن باقي الأناجيل بها أي خطأ كما يتضح من الآتي:

في حديث إنجيل مرقس هنالك أمر يحتاج لتوضيح فاليوم الأول من الفطير بحسب ما جاء بسفري الخروج واللاويين لا يذبح فيه الفصح، بل يذبح الفصح في عيد الفصح وهو اليوم السابق على اليوم الأول للفطير. فبينما في عيد الفصح يوم ١٤ نيسان يتم ذبح الخروف ونزع الخمير بتنظيف البيوت تماماً. فيكون أول أيام الفطير هو يوم ١٥ نيسان (أبريل) يعتبر سبتا للرب ولا يجوز العمل فيه:

"ويكون لكم في اليوم الأول محفل مقدس وفي اليوم السابع محفل مقدس لا يعمل فيهما عمل ما إلا ما تأكله النفس فذلك وحده يعمل منكم" (خر12: 16).

وهذا الغموض الوارد في الأناجيل الثلاثة شرحه العالم اليهودي المتنصر (ألفريد إدرشيم Alfred (Edersheim :

[The cycle of Temple-festivals appropriately opens with 'the Passover' and 'Feast of Unleavened Bread.' For, properly speaking, these two are quite distinct (Lev. 23:5, 6; Num. 28:16,17; 2 Chron. 30:15, 21; Ezra 6:19, 22; Mark 14:1), the 'Passover' taking place on the 14th of Nisan, and the 'Feast of Unleavened Bread' commencing on the 15th, and lasting for seven days, to the 21st of the month (Exod. 12:15). But from their close connection they are generally treated as one, both in the Old and in the New Testament (Matt. 26:17; Mark 14:12; Luke 22:1); and Josephus, on one occasion, even describes it as 'a feast for eight days' (Antiq. 2.317; but comp. 3.249: 9.271).]

وبهذا الشرح الواضح فإن عبارة "أيام الفطير" في زمن السيد المسيح كانت تعني ثمانية أيام الاحتفال الفصحي، حيث اليوم الأول منها هو يوم الفصح ١٤ نيسان الذي يتم فيه ذبح الخروف ويتم فيه تنظيف وتطهير البيت من الخمير، أيضا تشمل سبعة أيام الفطير التالية التي تعتبر عيدا قائما بذاته غير عيد الفصح. وذلك يشرح عبارة إنجيل مرقس: "وفي اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح" هذه العبارة تتناقض مع مفهوم "أيام الفطير" كما ورد في العهد القديم حيث "أيام الفطير" تعني فقط السبعة أيام التي تبدأ يوم ١٥ نيسان, فأول أيام الفطير هو يوم العيد أو السبت أي يوم ١٥ نيسان الذي لا يعمل فيه عملا سوى أكل الفصح. فتبدأ وليمة الفصح عند غروب يوم ١٤ أي عشية يوم ١٥ علما بأن اليوم في التقليد الشرقي يبدأ عند الغروب, ففي العام الذي صلب فيه السيد المسيح بدأ يوم الفصح بغروب شمس يوم الخميس ١٣ نيسان واستمر حتى غروب شمس يوم الجمعة ١٤ نيسان أي يوم الصليب . أما عيد الفطير الذي هو سبت للرب -أي يعامل نفس معاملة يوم السبت ولا يجوز فيه العمل - فبدأ عند غروب شمس الجمعة واستمر طيلة يوم السبت حتى الغروب. معنى ذلك أنه في تلك السنة كان سبت أيام الفطير يوافق يوم السبت الأسبوعي، لذلك يلقب "بالسبت العظيم" آما ورد في إنجيل يوحنا (يو19: 31).

وبالمثل يمكن فهم ما قاله كل من متى ولوقا عن موعد العشاء الأخير على ضوء شرح العالم "الفرد إدرشيم"
"وفي أول أيام الفطير تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين له أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح" (مت26: 17).
"وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح" (لو22: 7).

فأول أيام الفطير أو "يوم الفطير "المذكورة في الأناجيل الثلاثة لا تعني المفهوم الكتابي لها لكنها تعني المفهوم المستخدم عند اليهود. وتوجد كثير من الكتابات اليهودية الأخرى (غير المرجع السابق) توضح أنه حتى اليوم عبارة "أيام الفطير" تعني الفصح وأيام الفطير الثمانية معا تحت عيد واحد له نفس الاسم سواء يسمى عيد الفصح أو أيام الفطير، دون تفرقة بينهما ولذلك نري أن هناك اسم آخر استخدم لعيد الفصح للتفرقة بينه وبين أيام الفطير وهو "الاستعداد" بينما عبارة أيام الفطير أصبحت تشمل الاستعداد وأيام الفطير السبعة الأساسية معا.
لذلك نجد أن إنجيل يوحنا الذي كتب في أواخر القرن الأول بعد كتابة كل الأناجيل وانتشار المسيحية، أدرك صعوبة فهم توقيتات العشاء الأخير وأحداث الصلب والقيامة في الأناجيل الثلاثة حيث ذكرت في عبارات حسب المفهوم السائد في الدائرة اليهودية. لذلك فإنجيل يوحنا الذي كتب في الآخر، قام بتوضيح ما غمض في الأناجيل الثلاثة.
لذلك فإنجيل يوحنا هو الأكثر وضوحا في ذكر توقيتات العشاء الأخير وأحداث الصلب والقيامة، فعند ذكر موعد عشاء الرب يقول: "أما يسوع قبل عيد الفصح..." (يو13: 1). لذلك فهذا التوقيت هو الذي يعول عليه كل علماء الكتاب المقدس، كما تعتبره كل الكنائس الأرثوذكسية الأساس التي تبنى عليه عقيدتها وطقوسها وتوقيتات أسبوع الفصح والقيامة والخماسين.
ليس معنى ذلك أن الأناجيل الثلاثة قصرت عن توضيح توقيتات الفصح والصليب والقيامة أو أنها تعارضت بأي شكل مع ما ذكره القديس يوحنا من توقيتات. فبمتابعة الأحداث في كل الأناجيل تظهر أن كل توقيتات أحداث الصليب والقيامة المذكورة في الأربعة أناجيل متماثلة. ولعل عبارة يوم الاستعداد والسبت التي ذكرت في الأناجيل الأربعة توجد حالة من التوافق الكامل بين الأناجيل الأربعة.
أجمعت الأناجيل الأربعة أن السيد المسيح قد صلب في يوم الاستعداد أي في يوم ذبح خروف الفصح. أنظر (27: 62, مر15: 42, لو23: 54, يو19: 31) كما أجمعت الأناجيل الأربعة أن السبت الذي هو أول أيام الفطير حيث يؤكل الفصح كان يلوح عند دفن المخلص "وكان يوم الاستعداد والسبت يلوح" (لو23: 54). معنى ذلك أن السيد المسيح قد عمل العشاء الأخير في الليلة السابقة على أكل الفصح كما يقول القديس يوحنا بوضوح "أما يسوع قبل عيد الفصح". وبذلك فالأناجيل الأربعة تتفق على موعد العشاء الأخير وأن المسيح قد صلب ساعة ذبح الخروف وآما يقول القديس بولس:

"إذا نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجينا جديدا كما أنتم فطير لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو5: 7).
فالثلاثة أناجيل عبرت عن نفس التوقيت لكن بأسلوب آخر مفهوم لليهود لكنه غير مفهوم لقارئ العهد القديم من غير اليهود.

ونرى في كل أحداث ليلة ويوم الصليب كما وردت بالأناجيل الثلاثة ما ينفي تماما أن أحداث الصلب قد تمت بعد أكل الفصح حين يبدأ سبت العيد وحيث لا ينبغي القيام بأي عمل حسب الناموس. فهل يمكن لمجمع السنهدريم أن يجتمع ويقوم بمحاكمة السيد المسيح في وقت أو بعد أكل الفصح؟ !!! ثم يستمر طوال ليلة الاحتفال بالعشاء الفصحي وحتى الصباح في محاكمة وتعذيب السيد المسيح؟ !!! وهل ممكن في صباح سبت العيد أن يتركوا العيد ليسلموا السيد المسيح لبيلاطس؟ !!! وهل من الممكن أن يتجمع الشعب أمام بيلاطس بهذه الأعداد الغفيرة في ذلك اليوم؟ !!! بل وإنجيل مرقس يذكر أمرا هاما ينفي كل ذلك:

"فسخروا رجلا مجتازا كان آتيا من الحقل وهو سمعان القيرواني أبو الكسندرس وروفس ليحمل صليبه" (مر15: 21).
فسمعان القيراواني كان آتيا من الحقل أي أن ذلك اليوم كان يوم عمل وليس يوم سبت العيد الذي يلي ليلة وليمة الفصح حيث ممنوع القيام بأي عمل حسب الناموس. وبذلك نرى الاتفاق الكامل بين الأناجيل في التوقيتات المختلفة بما في ذلك توقيت العشاء الأخير.

و السؤال الهام الذي يفرض نفسه فرضاً في هذا الموضوع هو:
إن كان العشاء الأخير للسيد المسيح لم يكن في وقت وليمة الفصح حسب الطقس اليهودي فلماذا يدعوه السيد المسيح فصحاً، بحسب ما ورد في الأناجيل؟ بل وأيضا وصف ذلك العشاء بحسب ما ورد في الأناجيل الأربعة يوضح أن فيه قد تم ممارسة كل طقوس الفصح التقليدية بكل تفاصيلها ما عدا الخروف الذي كان غائبا فلم يذكر عنه أي شيء.
"فقال اذهبوا إلى المدينة إلى فلان و قولوا له المعلم يقول إن وقتي قريب عندك أصنع الفصح مع تلاميذي" (مت26: 18).
"وفي اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح" (مر14: 12).
"وحيثما يدخل فقولا لرب البيت أن المعلم يقول أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي" (مر14: 14).
"فأرسل بطرس ويوحنا قائلاً اذهبا وأعدا لنا الفصح لنأكل" (لو22: 8).
"وقال لهم شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" (لو22: 15).

يلزم أولا أن نعرف أن هذا العشاء قد تم بعد غروب يوم الخميس ١٣ نيسان، وبحسب التقويم الشرقي يبدأ اليوم عند غروب الشمس وبذلك فالعشاء الأخير كان في عشية يوم ١٤ نيسان الذي يعتبر عيد الفصح . ولكن في مثل هذا العشاء يقدم الخبز المختمر حيث لم يكن قد رفع الخمير بعد من البيوت والذي يتم في صباح اليوم التالي.

أما كون العشاء هو فصحا، فعشاء الفصح الأصلي كان رمزا وظلا للحقيقة التي تحققت في هذا العشاء:
"وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا إليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو1: 29).
إذا كان المسيح قد دخل أورشليم ليوضع تحت الحفظ إلى اليوم الرابع عشر لأنه فصحنا الجديد فهل نتعجب عندما يقيم عشاء فصحه الخاص الذي يقدم فيه جسده فصحا ومأكلا حق ودمه للعهد الجديد لمغفرة الخطية. هل يمكن أن نتساءل عن طبيعة هذا العشاء إن كان فصحيا أم لا؟ !!! لقد كان السيد المسيح نفسه هو ذبيحة ذلك العشاء الذي كان موضوع كل النبوات فيقول زكريا:
"وأنت أيضا فأني بدم عهدك قد أطلقت أسراك من الجب الذي ليس فيه ماء" (زك9: 11).


نقاط جديرة بالملاحظة ينبغي الالتفات إليها وعدم إهمالها لأنها تنفي نفياً قاطعاً أن يكون عشاء الخميس هو نفسه عشاء الفصح التقليدي:
1- يتطلب طقس الفصح أن يؤكل الخروف بعجلة، والأشخاص وقوف، يؤكل رأسه مع أكارعه وجوفه، والباقي إلى الصباح يحرق بالنار، يأكلونه وقوفاً وأحقاؤهم مشدودة وأحذيتهم في أرجلهم وعصيهم في أيديهم، يأكلونه بعجلة، فهو فصح للرب.
2- لم يرد بتاتا بالأناجيل الأربعة ولا سفر الأعمال أو الرسائل المقدسة وخاصة ما رواه القديس بولس الرسول عن الإفخارستيا في رسالته الأُولى إلى كورنثوس، أية إشارة لخروف الفصح.
3- لو كان عشاء الرب الذي أسس فيه سر الإفخارستيا هو نفسه يوم الفصح الذي يذبح فيه الخروف مساءً، لأصبح من المحتم أن يكون الخبز المستعمل في تقديس الأسرار فطيراً، لأنه يستحيل أكل الفصح على خبز مختمر. ومرقس الرسول ذكرها صراحة في إنجيله: "أخذ يسوع خبزاً وبارك وكسر" (مر14: 22). ولم يقل " أخذ فطيراً".
والفطير جزء أساسي وطقس لازم لأكل ذبيحة الفصح مع الأشياء الأخرى مثل الأعشاب المرة وغيرها...
4- التقليد الأرثوذكسي الذي تسير عليه الكنيسة القبطية كسائر الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة منذ أيام الرسل، الذين استلموه من السيد المسيح، هو أن تقديس سر الإفخارستيا يكون بالخبز المختمر. وهذا على أساس أن السيد المسيح أسس سر الإفخارستيا في اليوم السابق للفصح، أي قبل أن يحل ميعاد أكل الفطير. من هذا يتضح جلياً أنه لو كان عشاء الرب الذي أسس فيه سر الإفخارستيا كان هو نفسه يوم الفصح الذي يذبح فيه الخروف مساءً، لأصبح من المحتم أن يكون الخبز المستعمل في تقديس الأسرار فطيراً، لأنه يستحيل أكل الفصح على خبز مختمر. فوليمة الفصح نفسها يلزم أن تكون خالية تماما من الخبز المختمر بحسب نص الكتاب المقدس:
"ويأكلون اللحم تلك الليلة مشويا بالنار مع فطير على أعشاب مرة يأكلونه... سبعة أيام تأكلون فطيرا اليوم الأول تعزلون الخمير من بيوتكم فإن كل من أكل خميراً من اليوم الأول إلى اليوم السابع تقطع تلك النفس من إسرائيل "(خر12: 8- 15).
فهل المسيح أكل الفصح في موعده؟!!! وهل أكل فيه خبزا مختمرا مخالفا للناموس؟ !!! لأن الناموس يحكم بقطع تلك النفس من إسرائيل، ولم يكن هناك مبررا ليكسر المسيح هذا القانون هو وتلاميذه والبيت الذي يقيمون فيه الفصح. هل السيد المسيح الذي احتفل بعيد الفصح في موعده الحقيقي تمسكاً بالناموس هو نفسه يخالف الناموس بأكل خبز مختمر في وليمة الفصح؟ !!!
5- ما جاء بإنجيل يوحنا من سرد لحوادث المحاكمة والصلب تنفي نفياً قاطعاً أن عيد الفصح كان بالليلة السابقة (مساء الخميس) والتي أسس الرب فيها سر الإفخارستيا وأن خروف الفصح لم يذبح بعد ولم يؤكل بعد!!! وأن الرب ذُبح على الصليب في نفس موعد ذبح خروف الفصح محققاً بذلك النبوات عنه:

"ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية وكان صبح ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فيأكلون الفصح" (يو ٢٨:١٨).
والمعنى واضح، فاليهود عندما أحضروا يسوع لبيلاطس لم يكونوا قد أكلوا الفصح بعد بل كانوا يستعدون لأكله في المساء بينما العشاء الأخير للسيد المسيح كان في الليلة السابقة !!!
فلو كان العشاء الأخير للمسيح في نفس وقت وساعة أكل الفصح اليهودي، لما أمكن لليهود أن يأتوا بالمسيح إلى دار الولاية بعد أكل الفصح لأن الناموس يحظر عليهم العمل أو التحرك لأنه سبت للرب:
"و في اليوم الخامس عشر من هذا الشهر عيد الفطير للرب سبعة أيام تأكلون فطيرا. في اليوم الأول يكون لكم محفل مقدس عملا ما من الشغل لا تعملوا" (لا23: 6, 7).
"ولكم عادة أن أطلق لكم واحدا في الفصح أفتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود" (يو18: 39).
كان بيلاطس يساومهم لكي يطلق المسيح بمناسبة الفصح الذي لم يكونوا قد احتفلوا به بعد. فكل الأدلة تشير بوضوح إلى أنهم لم يكونوا قد أكلوا الفصح حتى لحظة صلب المسيح.
"ثم إذ كان استعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لان يوم ذلك السبت كان عظيما سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويرفعوا" (يو19: 31).
يوم الاستعداد ذكر في الأربعة أناجيل وهو اليوم السابق علي السبت أي يوم الجمعة أو اليوم الذي يسبق أول أيام الفطير في ذلك العام كان عيد الفطير الذي هو سبت للرب يوافق يوم السبت الأسبوعي لذلك يقال "لأن يوم ذلك السبت كان عظيماً" لأنه جمع السبتين معاً أما يوم الاستعداد فيذبح فيه الخروف حين ذبح المسيح كفصح للرب. وفي ذلك اليوم يتم نزع الخمير من البيوت قبل الغروب وإعداد موائد الفصح، حتى إذا ما لاح المساء يسكن الجميع ولا يعملوا أي عمل سوي أكل الفصح الذي يمتد إلى ما بعد منتصف الليل. ومن التقاليد الهامة عدم بقاء الأجساد معلَّقة حتى لا تنجس يوم الفصح فجسد الميت نجاسة تمنع من أكل الفصح، وهناك تقاليد خاصة بتطهير المُنَجَّس بجسد ميت, لذلك طلب اليهود ألا تبقي الأجساد في ذلك السبت العظيم.
"فبعد اللقمة دخله الشيطان فقال له يسوع ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة ... فلم يفهم أحد من المتكئين ظنوا أن يسوع قال له اشتر ما نحتاج إليه للعيد. (يو13: 27- 29).
فالتلاميذ لم يفهموا حديث السيد المسيح ليهوذا أثناء العشاء الأخير وظنوا أنه يكلمه عن مشتريات واحتياجات العيد مما يدل على أن الحديث كان قبل العيد.
هذه التفاصيل الدقيقة تُجمِع على أن المسيح قد دفن قبل أن يأكل اليهود الفصح بينما العشاء الأخير كان في اليوم السابق, لهذا نري يوسف الرامي والمريمات كفنوا المسيح على عجل قبل السبت أي غروب يوم الاستعداد .

ولذلك تقول لنا الأناجيل:
"فرجعن وأعددن حنوطاً وأطياباً وفي السبت استرحن حسب الوصية " (لو23: 56).
لاحظ أن هذه الآية الأخيرة من إنجيل لوقا!!!! فالسبت بدأ بعد دفن المسيح.

*********************

المراجع

(1) تفسير إنجيل يوحنا للأب متى المسكين

(2) Alfred Edersheim : “  The Temple Its Ministry and Servicieses ”, Hendrickson Inc. Updated Fifth Edition,2002, Chapter 11, p.p. 162

This site was last updated 01/18/14