Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الحلقة الاولي من مذكرات السرية لمؤسس جهاز مخابرات الاخوان

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
2 مذكرات مؤسس مخابرات الإخوان

 

الحلقة الاولي من مذكرات السرية لمؤسس جهاز مخابرات الاخوان
الدكتور «عساف» يكشف العلاقة السرية بين حسن البنا والأمريكان

الموجز الخميس, 13 سبتمبر 2012 -
محاكم التفتيش وكلهم من رجال الدين المسيحي الذين كانوا يحكمون علي كل من هو مسيحي غير كاثوليكي بالكفر ويعذبونه عذابا إليما إلي أن يعتنق الكثلكة، ورجال الدين في فرنسا الذين كانوا يمثلون طبقة تلي طبقة النبلاء في الجاه والنفوذ والحكم. ولو أن جوزيف ستالين كان يعرف شيئاً عن الإسلام لما قال إن الدين أفيون الشعوب لقد قالها لأن الإنجيل يأمر بالتسامح والغفران فإذا ضربك أحدهم علي خدك الأيمن فأدر له الأيسر منتهي التسامح الذي لا يفهمه ولا يعيه أهل عصرنا هذا لم يعرف جوزيف ستالين أن الإسلام كتب في التوراة أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص «المائدة 45» فذلك حكم الله وعلينا أن نتبعه. كان لي زميل في وزارة التجارة عام 1944 اسمه عمر أبوالفضل وكان قد سبقني في التخرج في كلية التجارة بسنة وكان العمل الموكل إلينا ضئيلاً حيث نقل اختصاصه إلي وزارة التموين ولم يعطونا بعده عملا آخر فكنا نقضي الوقت في المناقشات هو شيوعي وأنا من الإخوان وكان من المستحيل أن نلتقي علي فكر واحد وكان يتردد عليه بعض قادة الشيوعيين مثل أحمد الخشاب وعبدالمعبود الجبيلي «الذي صار في عهد عبدالناصر وزيراً للبحث العلمي» من زعماء «حدتو» وهي منظمة شيوعية اسمها الحركة الديمقراطية للتحرير الوطني، وما أكثر الحركات الشيوعية التي كانت قائمة في ذلك الوقت فبعضهم كان لينينيا والبعض تروتسكيا، وكانت العداوة شديدة بين الطرفين وأشد ما كان يميزهم جميعا في ذلك الوقت ويتفقون عليه هو أن محاربة اليهود في فلسطين أمر غير جائز وأن التقسيم ينبغي أن يكون ولا عجب في هذا فقد كان رأس الحركة كلها هنري كوربيل المليونير اليهودي. كان عمر أبوالفضل يقول: لنا برنامج إصلاحي اقتصادي فهل لكم برنامج؟ سألت الإمام الشهيد عن ذلك حيث كان الأمر يؤرقني كثيراً فقال: إن برنامجنا الاقتصادي هو ما يقضي به الإسلام وهو العدل والعدل يمكن أن يتحقق في الشيوعية وفي الرأسمالية علي السواء لذلك فإن المذاهب السياسية لاتعنينا ويمكن أن يطبق الإسلام في ظل نظام اشتراكي يقوم علي العدل كما يمكن أن يطبق في نظام رأسمالي يتوخي العدل ونحن لا نسبق الظروف وحينما يحين الوقت الملائم الذي لابد أن نقدم فيه برنامجنا فسنعمل. هناك مثلاً: الملكية الزراعية التي ينبغي تحديدها وهناك الفرص التي يجب أن تمنح للناس للعلم والتملك والعمل بحيث تكون متكافئة وهناك الألقاب التي ينبغي أن تلغي فالناس سواسية كأسنان المشط. ملحوظة: يقول خالد محيي الدين في مذكراته التي نشرت منذ أيام انه انضم للإخوان مع عبدالناصر ثم لم يجد عندهم برنامجا فانضم إلي الشيوعيين لذلك السبب. اشتد موقف الشيوعيين ضدنا وهاجمونا في نشراتهم الأمر الذي دفعنا في عام 1946 إلي أن نزرع عندهم أحد المتعاطفين مع الإخوان«هو الآن أستاذ جامعي» وكان يتقاضي مني خمسة جنيهات شهريا نظير أن يمدنا بأخبار الشيوعيين ما كان يصلح منها للنشر في مجلة الكشكول الجديد- التي كنت صاحبها- نشرناه ومثال ذلك المساخر التي كان تحدث في فيلا لهم بشارع قصر العيني ويجتمع فيها الأولاد والبنات يسكرون ويعرون أما الأخبار الأخري فكنا نعرض مايهم الدعوة منها علي الإمام الشهيد، والباقي كنا نخطر به مدير الأمن العام فوكيل الداخلية المرحوم أحمد مرتضي المراغي، الذي حاول أن يعرف مني مصدري في هذه الأخبار ولكن هيهات. مع رجال السياسة من أهم رجال السياسة الذين اجتمع بهم الإمام الشهيد قبيل حل الإخوان حافظ رمضان باشا وإسماعيل صدقي باشا. مع حافظ رمضان كان حافظ رمضان رئيساً للحزب الوطني خلفا لمحمد فريد وكان صديقا شخصياً للإمام شأنه في ذلك شأن صالح حرب «باشا» رئيس جمعية الشبان المسلمين وأعضاء الحزب الوطني وأعضاء الجمعية فقد كان الجميع وطنيين يعملون لصالح مصر. بعث إلي الإمام بورقة صغيرة مع رسول وأنا في شركة الإعلانات العربية يقول فيها إن حافظ باشا سيأتي إلي مكتبي في الساعة العاشرة والنصف للالتقاء به عندي. أعددت المكتب لهذا اللقاء وقبل الموعد بخمس دقائق حضر حافظ باشا، وجلس ينتظر الإمام، حيث كان الإمام دقيقا في مواعيده لا يتقدم عليها ولا يتأخر عنها. أخذ حافظ باشا يحكي لي نادرة حصلت له في صباح ذلك اليوم، فقال إنه توجه للنادي «نادي التحرير حاليا، وكان أعضاؤه قبل الثورة من أصحاب الألقاب والوزراء السابقين وكبار الأعيان» وطلب كوبا من الليمون قال له الخادم «الجرسون»: لا مؤاخذة يا باشا لقد صدر قرار بالأمس بأن يكون سداد المشروبات نقداً ثم علق علي ذلك قائلاً: أنا لا أحمل معي أي نقود وكان النادي معتاداً علي قيد المشروبات علي حساب كل عضو ثم يطالبه برصيده في نهاية كل شهر ثم قال أخرجت دفتر الشيكات من جيبي وكتبت لهم شيكا بثلاثين مليما ثم ضحك كثيراً. عندما حضر الأستاذ الإمام تركت لهما غرفة مكتبي وجلست في غرفة حسام لطفي سكرتيري الخاص وبعد نصف ساعة دققت الباب مستأذنا وفتحته لكي أسألهما إن كان يبغيان شيئاً، فوجدت حافظ باشا ممسكا رأس الإمام بيديه ويقول مخ كبير-- مخ كبير. علمت فيما بعد أن المقابلة كانت بشأن انسحاب الإخوان من اللجنة العليا للطلبة، التي بدأ الشيوعيون يتسللون إليها ويحاولون مع الوفديين السيطرة عليها. مع إسماعيل صدقي: عندما كلف إسماعيل صدقي بتشكيل الوزارة في عام 1946 أخذ يبحث عمن يؤيده شعبيا فلم يجد أحدا وكان رجلا ذكيا فحاول أن يطوي الإخوان المسلمين بما لهم من شعبية تحت جناحه.. زار إبراهيم رشيد زوج ابنة إسماعيل صدقي الأستاذ الإمام طالبا تحديد موعد في ذات اليوم، ليستقبل فيه الإمام إسماعيل صدقي، بمكتبه بالمركز العام وتم تحديد الموعد في الساعة الحادية عشرة صباحاً بعد أن استشار الإمام أعضاء مكتب الإرشاد تليفونيا. هاج الإخوان وماجوا لما علموا أن إسماعيل صدقي كان في زيارة الإمام ذلك بسبب ما هو معروف عنه من أنه لا شعبية له وأنه ديكتاتوري الطبع كاره للجماهير ويسميهم الغوغاء. قال الإمام لإسماعيل صدقي إن تاريخه السياسي لا يشجع للتعامل معه بيد أن الإخوان لا يفقدون الأمل وعد إسماعيل صدقي بتلبية مطالب الإخوان وكلها مطالب وطنية تتضمن مقاومة الاستعمار إلي أن يقضي عليه وتعديل الدستور بما يتفق مع الديمقراطية والسماح للإخوان بالنشاط بغير قيد وإقامة انتخابات نزيهة.. الخ. قال إسماعيل صدقي: تستطيع أن تتقدم بهذه المطالب من خلال مجلس الوزراء وأنت وزير للأوقاف. فهم الإمام من هذا أن صدقي يعرض عليه الوزارة فقال سنفكر في الأمر. في المساء وأثناء سيرنا من المركز العام إلي منزله سألت الإمام عن حقيقة ما يشاع حول قبولنا الوزارة فقال ما رأيك أنت؟ قلت: لا بأس فهي خطوة علي الطريق غير أن وزارة الأوقاف ليست من مقامنا ونحن القوة الشعبية الوحيدة التي يستند إليها إسماعيل صدقي فحبذا لو كانت وزارة المالية مثلا أو إحدي وزارات الدرجة الأولي أما الأوقاف فهي وزارة من الدرجة الثالثة «لكي ترفع درجة هذه الوزارة ضم إليها اختصاص شئون الأزهر بعد ذلك». ضحك الإمام وقال نحن رجال دعوة ولسنا رجال حكم ألا تعلم أن وزارة الأوقاف تسيطر علي ما يقرب من عشرة آلاف خطيب مسجد إن هؤلاء سوف يكونون لسانا للدعوة في كل مكان إذا تولينا وزارة الأوقاف لا للحكم من خلالها ولكن لنشر دعوتنا التي هي دعوة الإسلام، بعد أيام شكلت الوزارة ولم يكن الإمام من بين أعضائها وكانت تلك رحمة من الله حيث حفظت لنا الدعوة وتقاوة سمعة الإمام الذي كنا نخشي أن يستغرقه الحكم عن العمل لها، والله لطيف بعباده. الإخوان ومصر الفتاة اتخذت جمعية مصر الفتاة مقرا لها قريبا من دار الإخوان المسلمين وكانت هذه الجمعية تقلد جمعية إيطاليا الفتاة، واتخذت لها شعارا هو «مصر فوق الجميع» مثلما اتخذت الجمعية الإيطالية شعاراً هو «إيطاليا فوق الجميع». وكان أحمد حسين رئيس الجمعية رجلا وطنيا يتفجر حماسا وحبا لمصر، ولهذا كان تأثيره بالغا علي أتباعه. وكان هناك شبه تفاهم بين الإخوان ومصر الفتاة فالاثنان يعملان من أجل مصر والاثنان يعاديان الاستعمار والاثنان يشجبان تعاون معظم الباشوات المصريين مع السفارة البريطانية ويعملون علي كسب رضاها.. طبعا علي حساب مصلحة مصر. غير أن مصر الفتاة لم تتسم بوحدة القيادة- مثلما هو حالها الآن- وكان زعماؤها يعمل كل منهم منفرداً وفقا لما يراه صوابا من وجهة نظره. ونفاجأ في يوم من الأيام بمقال في مجلة مصر الفتاة يقول فيه محرره: حانت خاتمة الدجل والشعوذة.. الإخوان يتعاونون مع كل الأحزاب بلا مبدأ ويتحالفون مع الكل حتي الإنجليز الذين يسخرونهم لمحاربة الشيوعية والوطنية ويفتحون لهم الشعب في السودان وفلسطين.. الخ، ويبدو أن كاتب هذا المقال كان شيوعيا. طبعاً ذلك كله كان افتراء، وإن نم عن شيء فإنما ينم عن غيرة وحقد علي الإخوان لذيوع انتشارهم السريع وإقبال الشباب علي الانخراط بجوالة الإخوان وعزوفهم عن القمصان الخضر التابعين لمصر الفتاة ولست أدري إن كان ذلك المقال بإيعاز من أحمد حسين أم أن كاتبه كان نشازا علي سياسة الجمعية «لم تكن قد سميت بحزب حتي ذلك الوقت». وجدنا أنه من بعد النظر أن نعلم ماذا يدور في أدمغة قادة مصر الفتاة، فكلفنا أحد الإخوان بالانخراط في الجمعية هو المرحوم أسعد السيد الذي انضم إليها وبرز فيها سريعا لما كان له من نشاط. بعد انضمامه بحوالي ثلاثة شهور، جاءني علي استحياء وقال لي هؤلاء الناس وطنيون ويعملون لصالح مصر، ولا يتلقون تمويلا أو مساعدة من الخارج وأحس أن ضميري يؤنبني لأنهم قوم مسلمون فيهم فتحي رضوان وإبراهيم شكري ومحمد علي صبيح وحمادة الناحل وآخرون وإذا ما حاولت التعرف علي أخبارهم فإنني أكون قد خالفت أوامر الله التي تقول: «ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً». قلت: يا أسعد مادمت مقتنعا بهم فاذهب وأعمل معهم بإخلاص ويبدو أنه لا تعارض بينا للعمل معهم في النشاط الوطني وبين العمل علي نشر دعوة الإسلام من خلال الإخوان المسلمين ففرح أسعد وبدأ يزيد نشاطه في حزب مصر الفتاة إلي أن وصل لعضوية مجلس الإدارة بعد اعتقالات الإخوان في ديسمبر 1948، والتحقيق مع بعض أعضاء النظام الخاص جاء ذكر أسعد السيد أحمد في التحقيقات وعلم بذلك أعضاء مصر الفتاة فاعتدوا عليه بالضرب ظنا منهم أنه عين عليهم وأشهد الله أنه كان يعمل معهم مخلصا في ذلك الوقت وبخاصة بعد أن حضر مؤتمراً عقده أحمد حسين عند سفح الهرم الأكبر معاهدا تابعيه علي العمل علي نصرة مصر. الإخوان المسيحيون انتشر الإخوان في الأربعينيات وبلغ عددهم ما يزيد علي 600 ألف وذلك بشهادة السفارة البريطانية وانتشرت الدعوة في سوريا والعراق والمغرب العربي والسودان فكان رئيس الإخوان في سوريا الدكتور مصطفي السباعي وهو فقيه وداعية من الطراز الأول، وفي العراق الشيخ محمد محمود الصواف «عضو مجمع الفقة الإسلامي بمكة المكرمة وتوفي إلي رحمة الله حديثا» وفي المغرب الأستاذ الفضيل الورتلاني وفي السودان الأستاذ جمال السنهوري «وكان طالبا وقتذاك بحقوق القاهرة». وعرف عن الإخوان السماحة وعدم التعصب بل كان لي ولغيري أصدقاء من المسيحيين كنت ومازالت اعتز بصداقتهم حتي الآن. وبعد المحاضرة التي ألقاها الأستاذ الإمام ببني سويف والتي أطفأ بها الفتنة التي اشتعلت هناك بين المسلمين والمسيحيين والتي شرح فيها الإمام دعوة الإسلام وأوضح فيها ما تتصف به الدعوة من سماحة وأن المسيحيين إخوة لهم مالنا وعليهم ما علينا وأنهم باعتبارهم أهل الذمة فهم في ذمة المسلمين وعلي المسلمين رعايتهم والدفاع عنهم. وأشار إلي ما يكنه الإسلام للمسيحيين من مودة وذكر الآيات التي تمجد عيسي بن مريم وأمه العذراء أخذ الإمام يخطب ساعتين وكنت حاضراً معه لدرجة أن قسيسا انجيليا كان يجلس في مواجهته ودموعه تنساب من عينيه مالبث حين انتهي الأستاذ من حديثه أن قام له معانقا بشدة. بعد هذه المحاضرة التي رتب لها الأخ أحمد البساطي رئيس الإخوان وعقدها في نادي البلدية وحضرها سكان بني سويف جميعا علي وجه التقريب حضر لزيارة الأستاذ بالمركز العام عدد من قادة المسيحيين أذكر منهم توفيق «أو وهيب لا أذكر» دوش باشا ولويس فانوس ومريت بطرس غالي عضوا مجلس الشيوخ وطلبوا من الإمام أن ينشئ شعبة باسم «الإخوان المسيحيون» لكي يسهموا مع الإخوان المسلمين في نشر الإيمان بالله والحث علي الفضائل رد عليهم الإمام بأن الفكرة طيبة ولكن يحول دون تنفيذها أن دعوتنا عالمية ولا تقتصر علي مصر وحدها وأن نشاطنا في مصر لا يعدو أن يكون جزءاً من نشاط الإخوان المسلمين العالمي، فقد أرسل الله نبيه صلي الله عليه وسلم للناس كافة، وعلي هذا لا بأس من تكوين الإخوان المسيحيين وأؤكد لكم أنه سيكون هناك تعاون تام بيننا وبينكم في جميع مجالات عمل الخير والدعوة إلي مكارم الأخلاق ومقاومة الالحاد الذي بدأ ينتشر بين شباب المتعلمين. نشرت مجلة المصور في ذلك الوقت أن شخصيات غير إسلامية بارزة انضمت إلي الإخوان المسلمين ومن بينهم لويس فانوس ومريت بطرس غالي. بلغ هذا الموضوع مسامع الإنجليز فأرادوا أن يطوعوا هذه الفرصة لمصالحهم فأنشأوا جمعية باسم «إخوان الحرية» اتخذت مقرا لها في حي «السيدة زينب» ويرأسها المستر فاي- الذي كان مدرسا لي بكلية التجارة واختفي عند قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939 ثم شهر في عام 1942 ليقود هذه الجماعة المشبوهة التي حاولت تجنيد عدد من المسلمين والمسيحيين تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع» وطبعا لم يكن الإنجليز حريصين علي هذا الوطن بل كانوا يحاولون كسر شوكة حسن البنا وإخوانه ولكن هيهات، فقد فشلت جمعيتهم فشلا ذريعا لأنها لم تضم بين ظهرانيها إلا كل انتهازي وأفاق، وتلاشت كما يتلاشي الدخان في الهواء مع تلاشي المال الذي كان مخصصا لها. الجواسيس كان بعض الإخوان يغالون في التشدد- وهم قلة والحمد لله- غير أنني اكتشفت أن أمثال هؤلاء منحرفون عن الدعوة ويتظاهرون بالتشدد ليثق فيهم الآخرون. وكان الإمام إذا اكتشفت بعضا ممن يعملون مع القلم السياسي «هو أصل المباحث العامة الحالية»- وكانت له مصادره الخاصة- فإنه يبعث إليهم تباعا ويجلس مع كل منهم علي انفراد ثم يقول له عرفت أنك تعمل لحساب القلم السياسي فيرد الآخر طبعا منكرا بشدة فيقول الإمام له: أنا أعلم ذلك يقينا ولم أحضرك هنا للتحقيق معك بل لأحل لك المال الذي تأخذه من الحكومة فأنت تتجسس علينا وهذا حرام وتتفاضي أجرا نظير تجسسك فهذا الأجر حرام وأنت لا تعلم شيئاً ذا قيمة من أخبار الإخوان فتؤلف لرئاستك في القلم السياسي أي أخبار من عندك وهذا كذب وحرام أريد أن أبعدك عن هذا الحراك كله وأسمح لك بأن تتقاضي ماشئت من أجري من الحكومة بشرط أن تبلغهم الأخبار الصحيحة اذهب إلي محمود عساف مدير شركة الإعلانات العربية «وهي من شركات الإخوان» وهو سيعطيك الأخبار الصحيحة مرتين كل أسبوع. أبلغني الإمام بهذا الاتفاق وكان يبعث لي كل يوم بأهم الأخبار في ظرف مغلق أو يبلغها لي في آخر الليل حين أصحبه إلي داره وكنت أعد أوراقا أكتبها بنفسي علي الآلة الكاتبة كل منها يحتوي علي خمسة أو ستة أخبار بحيث يكون هناك خبر مكرر عند كل اثنين وذلك لكي يصادق كل منهما علي تقرير الآخر المرفوع للقلم السياسي. كانت تلك الأخبار تتعلق غالبا بالأشخاص الهامين الذين يزورون الأستاذ الإمام وما يدور معهم من أحاديث ومناقشات وبعض أخبار أقسام المركز العام كالجوالة وقسم الطلاب وقسم العمال مما كان يهتم به رجال القلم السياسي كثيراً ولم نكن نؤلف أي أخبار حيث إن الأخبار الحقيقية كانت كثيرة ومتوافرة ولم يكن هناك داع إليها لما يحتمل أن يكتشف بعد ذلك من كذب فيها وكان من المهم لنا أن ينال هؤلاء الجواسيس ثقة رجال القلم السياسي. كان الإمام يقول: لو أن هؤلاء الناس عرفوا حقيقة دعوتنا ماحاربونا هذه الحرب الضروس ولما عاملتنا الحكومة هذه المعاملة السيئة، ولما انقلبت علينا الأحزاب ولكن الشك يملأ قلوبهم لأنهم لم يعتادوا أن يتعاملوا مع أناس مخلصين لوطنهم ودينهم. كان عدد هؤلاء الجواسيس سبعة منهم ثلاثة يعملون موظفين بالمركز العام أحدهم كان بوابا وعامة الإخوان لا يعرفون أنه موظف فكانوا يقولون: إن أبوخضرة رجل منقطع للدعوة يجلس دائماً علي الأريكة الخشبية علي باب المركز العام وهم لم يكونوا يدرون أنه كان عينا علي الداخلين والخارجين وكان الثاني ملتحيا ووجهه يشبه وجه النمر وعيناه ضيقتان تلمعان كان يدق علي الأبواب المغلقة مناديا علي من بداخل الغرف: الصلاة، الصلاة، الصلاة كان متحمسا جدا ويدق الأبواب قبل حلول وقت الصلاة بربع ساعة لكي يذهب الناس للوضوء، وكان الإخوان يقولون: كم هو ملتزم هذا الأخ.. العشماوي «هو طبعا غير صالح عشماوي أو حسن العشماوي» أما الثالث فكان اسمه توفيق ولا أذكر لقبه كان موظفا بمكتب الأستاذ الإمام يحتفظ بصور الخطابات ويعد البريد للتصدير، وكانت تلك فرصة له لكي يطلع علي مكاتبات الإخوان قلت للإمام يوما: لماذا لا نتخلص من هؤلاء ونريح أنفسنا؟ فقال: ياعبيط هؤلاء نعرفهم وإذا تخلصنا منهم سيرسلون إلينا غيرهم ممن لا نعرفه.

This site was last updated 09/27/12