Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

المقريزى يصف الأقباط بصفات مسيئة ويرجعها إلى طعامهم

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
ستين عاما من العزلة
الأقباط المسلمين عبيد للعرب
حرف ومهن الأقباط وأعمالهم
المقريزى وصفات الأقباط
Untitled 5520
Untitled 5521

 

فيما يلى ما أورده كتاب صدر في القاهرة عام 1999م، بعنوان‏:‏ هوامش الفتح العربي لمصر، حكايات الدخول كتبته الباحثة سناء المصري - طبعة إشعاع للنشر

************************************************************************************************************************

صفات الأقباط نشأت نتيجة علاقة ظلم الحاكم العربى لقبط مصر

إلى جانب صفات الشر والنية السابقة نجد العقل العربى يلصق صفات المكر والكيد والخبث والدهاء بقبط مصر ، مع التأكيد مرة أخرى على أنها صفات طبيعية لا شك فيها .. وكثيراً ما تأتى على لسان الصحابة لهم شأن فى الفكر العربى مثل إبن عباس الذى ينسب إليه قوله : ( المكر عشرة أجزاء تسعة منها فى القبط وواحد فى سائر الناس) [ المقريزى : المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار ] 

وقول عبدالله بن عمرو بن العاص : ( لما هبط إبليس وضع قدمه بالبصرة وفرخ فى مصر) [ المقريزى : المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار ] 

والأحاديث السابقة  تلصق صفات الكيد والمكر على كاهل المصريين وكأنها قدرهم الأزلى الذى تقتضيه نواميس الطبيعة ، فكما تشرق الشمس كل صباح يولد المصرى ماكراً أو شبيهاً بالشيطان فى أخلاقه وصفاته.

ولكن عند دراسة صفات معينة إن وجدت فهى بالضرورة تنتج عن أوضاع إجتماعية معينة تضطر الإنسان إلى حماية نفسه بوسائل الضعفاء .. فنحن إذا أمام مرض إجتماعى نفسى نشأ عن علاقة العرب الحاكمين والقبط المحكومين ، ولسنا أمام صفات وراثية  ، فهى علاقة لا يمكن أن يكتنفها السلام ، ولا أن يكون الحب والرضى أساسا فيها .. وما حدث بين العرب والقبط فى حاجة إلى دراسة من أكثر من زاوية حيث أن هناك جانباً مسلحاً ومتفرغاً لشئون الحرب والقتال وجمع الأموال يأكل ويشرب من عرق القبط وكدهم ، والآخر أعزل ويدور فى ساقية عمل قاسية لينتج .

طرف يشرع القوانين المستنزفة ويفرضها بقوة السلاح ، والآخر ظهره للحائط ويضطر للدفع دائماً ، وفى تلك الثنائية لا يمكن أن يحب الأعزل قاتله.

وفى الأوقات التى لم تصل الأمور فيها إلى لحظات التمردات الكبرى ، إضطر القبط إلى تجريب كل الوسائل السلبية لحماية النفس ، فترددوا بين الصمت والتلطف والإسترضاء ، وحتى محاولات الفرار الجماعى من العمل فى الأرض وتركها إلى الأديرة البعيدة فطن الحكام إلى ذلك وسدوا تلك الثغرة بتشديد القوانين حول الرهبان والكنيسة .

وقد حدثت ثورات فى أوقات كثيرة طغى فيها الجانب العربى ، وظن العرب أن القبط خاضعين دائماً وخاضعين حتى الموت ، فأتت الأحداث على غير ما يتوقعون .

ويعود المقريزى إلى التأكد عدة مرات على أن كل صفات الرزيلة هى صفات طبيعية ، وإن تلطفوا فيها وحاولوا إخفائها تحت غلالة من النفاق والبشاشة ويستشهد فى ذلك بأبيات أبى نواس (1) الذى يوجه حديثه إلى أهل مصر قائلاً :

منحتكم يا أهل مصر نصيحتي & ألا فخذوا من ناصحٍ بنصيب
رماكم أمير المؤمنين بحية & أكولٍ لحيات البلاد شروب
فإن يك باقي سحر فرعون فيكم & فإن عصا موسى بكف خصيب
ثم يربط المقريزى بين نوع الطعام الذى يتناوله أهل مصر وبين أخلاقهم تبعاً للقاعدة التى تقول : إن ( كل قوم قد إبتنت أبدانهم من أشياء يعينها وألفتها ونشأت عليها ) فيكون طبعها وأخلاقها موافقاً لنوع الطعام الذى تأكل .
ولكن كيف تكون مصر بلد كثير الخيرات ، وفير المحاصيل ولا يأكل الشعب إلا الأغذية الرديئة (مما يؤكد أمرهم فى السخافة وسرعة الوقوع فى ألأمراض) كما يقول المقريزى.. !!
إن سوء غذاء الناس وسوء حالهم وغلظة طباعهم يدل على عدم إنتفاع أهل مصر بخيراتها ، وإقتصارهم على ما يتبقى من الفتات الخشنة ، فهى بلد ذات وجهين أو ذات نوعين من المعيشة ... وجه يرى ويحس أنها ( معدن الذهب والجواهر والزمرد والأموال وكغارس الغلان) أو كما وصفها عمرو بن العاص للخليفة بن الحطاب .
( فبينما مصر يا أمير المؤمنين لؤلؤة بيضاء ، إذا فهى عنبرة سوداء فإذا هى زمردة خضراء فإذا ديباجة رقشاء ، فتبارك الله الخالق لما يشاء ) [ إبن تغرى بردى الأتاكى : النجوم الزاهرة - الجزء ألأول ص 32]
ويصفها آخر بأن (
ووصف آخر مصر فقال : نيلها عجب، وأرضها ذهب، وخيرها جلب، وملكها سلب، ومالها رغب، وفي أهلها صخب، وطاعتهم رهب، وسلامهم شعب، وحربهم حرب، وهي لمن غلب(2)) [الحسين بت على المسعودى : مروج الذهب ومعادن الجوهر ، دار الأندلس ، تحقيق يوسف أسعد داغر ص 374]
وهناك مفارقة واضحة بين شدة الإعجاب بالأرض وشدة التحقير لسكان الأرض ، فمصر  التى يراها عمرو بن العاص شجرة خضراء ، أو لؤلؤة بيضاء ، أو عنبرة ، أو زمردة ، وجميعها تشبيهات مستمدة من الجواهر النفيسة الخلابة للعيون والساحرة النفوس ، ويكن أهلها من وجهة نظره : ( أهل ملة محقورة وذمة محفورة يحرثون بطون ألأرض ، ويبذرون بها الحب يرجون بذلك النماء من الرب ، لغيرهم ما سمعوا من كدهم) [ إبن تغرى بردى الأتاكى : النجوم الزاهرة - الجزء ألأول ص 32]
وأهلها المحتقرون فى هذا الوصف يحرثون الأرض ويمارسون شتى أعمال الفلاحة والزراعة من أجل غيرهم وليس لهم رأى فى شئون السياسة ، وهو فى وضع خسيس ، وفى نفس الرسالة يقرر عمرو بن العاص سياسة السيطرة على البلاد : ( ألا يقبل خسسها فى رئيسها ، وألا يستأدى خراج ثمرة إلا فى أوانها وأن يصرف الأتاكى فى عمل جسورها وترعها ، فإذا تقرر الحال مع العمال فى هذه الأحوال تضاعف إرتفاع المال) [ إبن تغرى بردى الأتاكى : النجوم الزاهرة - الجزء ألأول ]

زنجد ذات لافكرة فى الوصف الثانى الذى يمتدح أيضاً أرضها الذهب ، ويذم أهلها الذين تكون طاعتهم رهب ، أى خوفاً وجبناً ، فى ثنائية تبرر فعل السيداة نفسها لقوم يلهثون خلف الثروة ، ويجبرون أهل البلاد على إنتاجها بإستخدام شتى دروب العنف.

إنها الأرض التى يخرج نيلها من الجنة فى نظر العربى ، وتسير فيها المرأة فيها " والمكتمل فوق رأسها فيمتلئ ثماراً " دون أن تبذل جهداً فى جمعه.

وهى التى تمتد ضياعها أينما وقعت العين على طول الطريق من الفسطاط إلى الإسكندرية ، ومن الفسطاط إلى رشيد بطول الدلتا والنيل .. فكانت الغلات والكروم فى كل القرى ، حتى أن إبن ظهيرة يصف كورة أسيوط بقوله : " لما صورت الدنيا كلها للرشيد لم يستحسن منها إلا كورة أسيوط لأن مساحتها ثلاثون ألف فدان فى إستواء الأرض ، لو وقعت فيها قطرة ماء واحدة إنتشرت فى جميعها لا يظمأ منها زرع فيها يزرع الكتان والقمح " والقرطم" وسائر أنواع الغلان"  

ومنها بلد الأشمونيين : وما يعمل فيها من الأرز والكتان ، ومنها مناسج ألأرمنى والديبيقى ، والمثاث ، وبها الخس والسفرجل والليمون.

ومنها أخميم : بلد عظيم وفيه من العجائب والآثار والبرابى والطلسمات مالا يعرف ، وبه الإهليج الكابلى والصفر (صونبر) وبها يعمل الطراز الصوف الشفاف والطارف والمطرز والمقلم ألأبيض والملون .

وقوص : فيها سائر أصناف التمر والخل والحطب الكارى الذى لا رماد له والفحم الجافى وسائر أنواع الأرطاب والكروم ومعادن الذهب والجواهر .

أما دمياط وتنيس فهما :( بها الكثير من صيد البر والبحر من الحيتان ماليس فى هذا الزمان ، ويزرع فيها قصب السكر والموز بها شئ كثير وقد أخبرنى من أثق بها من أهلها أن الفدان منها من القصب يخرج من السكر أربعون قنطار بالقوى وهو مائة قنطار مصرى. )

ومنها  الفرما وبها البشر الفرماوى والرطب والتمر إذا فرغت أرطاب الدنيا وبسرها وجد هو .

وما بين عين شمس والفرما تربة واسعة يزرع فيها الأرز والأترنج الأحمر الجافى وبها الحصر السامانى والعبدانى ومنابته والكتان .

ويوصير وسمنود وفيها من الكتان الذى يحمل إلى بلاد الإسلام والكفر وأقاصى مالايحصر وبها الآترنج الجافى والأوز الذى لا يرى فى خلقته ولا وزنة مثيل له وربما كان وزن الطير الواحد أربعين رطلاً ) [إبن الظهيرة : الفضائل الباهرة فى محاسن مصر والقاهرة ص53 فصل فى ذكر كور مصر المشهور]

حتى العريش والجفار ، وصف السعودى ما فيه من الطير والجوارح (والمأكول والصيد والنمور) كل هذه الخيرات تركزت فى بلد واحد قال عنه العرب أنه يميز غيره ، أى يعطى البلاد الأخرى الطعام بينما اهل البلد لا يأكلون إلا الردئ والسيئ من الطعام فنجد (أهل الصعيد يغترون كثيراً بتمر النخل والحلاوة  المعمولة من القصب السكر ويحملونها إلى الفسطاط وغيرها فتباع هناك وتؤكل ، وأهل أسفل الأرض يغترون كثيراً بالقلقاس والجلبان ويحملون ذلك إلى مدينة الفسطاط وغيرها فتباع هناك وتؤكل ، وكثير من اهل مصر يكثرون من أكل السمك طرياً ومالحاً ويكثرون من أكل الألبان وما يعمل منها وعند فلاحيهم نوع من الخبز يدعى كعكاً يعمل من جريش الحنطة ويجفف وهو أكثر أكلهم السنة ككلها وبالجملة فكل قوم منهم قد إبتنت أبدانهم من أشياء بأعيانها وألفتها ونشأت عليها إلا الغالب من أهل مصر الأغذية الرديئة ولبست تغير مزاجهم ما دمت جارية على العادة ) [ المقريزى : المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ص44]

أما أهل البشمور الذين كانوا كالشوكة فى ظهر العرب والكثيرى من الثورات ، والمشهورين بالشدة والقوة : ( طباعهم أغلظ والبله عليهم أغلب وذلك أنهم يستعملون أغذية غليظة جداً ويشربون من الماء الردئ) [ المقريزى : المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ]

أما الإسكندرية وتنيس وأمثال هذه المدن فقربها من البحر والبرد عنهم وظهور الصبا فيهم مما يصلح أمرهم ويرق طباعهم ويرفع همهم ولا يعرض لهم ما يعرض لأهل البشمور من غلظ الطبع والجمادية وإحاطة البحر بمدينة تنيس توجب غلبة  الرطوبة عليها مما يسر أخلاق أهلها )  [ المقريزى : المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ] 

والقاهرة بين أخلاق البشموريين وأخلاق المدينتين إسكندرية وتنيس دون البشمور ، فبم إستحق أهل البشمور وصفات البله والغلظة وهم ثوار القبط الأشداء ، وإستحق أهل الإسكندرية وتنيس صفات رقة الطبع ورفع الهمة وليس فى تاريخهم تحت الحكم العربى ثورات تعادل ثورات البشموريين.

وسبب ثورات البشموريين التى جلب عليهم صفات الغلظة والبله من الحكم .. هى أسباب إجتماعية ومعيشية قاسية دفعتهم إلى الثورة ، ولا شأن هنا لما يهب عليهم من رياح البحر أو غيرها

سنجد الفقر المدقع فى بلد يسكنها مزارعون وصيادون وطحانون يعانون البلايا الشديدة من متولى الخراج : أحمد بن الأسبط وإبراهيم بن تميم فكانوا  [  ومع ما كان الناس عليه من البلايا كانا يطلبان الخراج بغير رحمة وكان الناس في ضيق زائد لا يحصى (..) ونزل غلاء عظيم علي كورة مصر حتي أن القمح بلغ خمس ويبات بدينار ومات بالجوع خلق كثير من النساء والأطفال والشيوخ والشبان ما لا يحصى عدده وكان متولي الخراج يؤذي الناس في كل مكان وأكثر النصارى البشموريين كانوا يعذبونهم بعذاب شديد إلي أن باعوا أولادهم (لسداد) الخراج وكانوا يربطونم في الطواحين بدلا من الدواب ويضربونهم حتى يطحنوا. وتمادت عليهم الأيام وانتهوا إلي الموت (وبدءوا في أعمال عصيان) [تاريخ الآباء البطاركة : ساويروس ابن المقفع فى زمن الأنبا يوساب (831م - 851م) ص 268] فسبب ثورة البشموريين لدى المؤرخ ساويروس  هو عسف جباة الخراج ، وإهانتهم لسكان البلاد وتحميلهم ما لا يطيقون وبالتالى لم يكن أمامهم بد من المقاومة.

أما المقريزى ومن خلفه العقل العربى : فيرى أن سر ثورات هؤلاء القوم يرجع إلى غلظتهم الناتجة من خشونة الطعام وخشونة المياة والبيئة الجافة ، وكلها عوامل طبيعية إنطبقت على أماكن أخرى ولم تؤد إلى تفجير الثورة .

وعلى أيه حال ، فإن خشونة اهل بشمور لا تعجب العرب ، فإن سهولة أهل تنيس لا تعجبهم أيضاً ، ولكن لأسباب عكسية ، والمقريزى يصف أهلها بالميوعة وإنتفاء الرجولة والتخنث حيث يقول : ( أخلاق أهلها سهلة منقادة وطباعهم مائلة للرطوبة والأنوثة قال ابو السرى الطبيب أنه كان يولد بها كل سنة مائتا مخنث)  [ المقريزى : المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ص177]

وإن شئنا الدقةسنجد أن ميوعة الخلق لا يقصرها المقريزى على أهل تنيس فقط ، بل أنه وصف أهل مصر جميعاً بقلة الغيرة على نسائهم فى محاولة لتصوير المصرى بارد الدم والأعصاب ، لا يحرك ساكناً للدفاع عن بيته ونسائه ضد الغرباء ، فى مقابل دماء العرب الحارة وغيرتهم الشديدة على النساء التى تصل إلى حد منعهن من الخروج والإختلاط بالرجال وتحجيبهن عن جميع الأنظار ، مما يعكس وجهة نظر السادة العرب - النافية الرجولة عن المصريين فى مقابل تأكيد رجولة وفحولة العربى الذى يضع نساءه فى مرتبة واحدة مع ممتلكاته السرية حيث تتعايش جميع ألأمراض السلوكية والنفسية خلف الستار ، وأى إخلال بهذا السد المنيع يقتضى الغضب وسوء الظن بالنساء.

ويحكى المقريزى حكاية عن هلاك جميع الرجال المصريين زمن قدماء المصريين مع فرعون أثناء عبور البحر ، حتى لم يعد إلا العبيد ، ولم تستطع النساء الصبر على الحياة دون علاقات مع الرجال (فطفقت المرأة تعتق عبدها وتتزوجه وتتزوج الأخرى أجيرها وشرطن على الرجال ألا يفعلوا شيئاً إلا بإذنهن فأجابوهن فى ذلك فكان أمر النساء على الرجال)  [ المقريزى : المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ص177]   

ومن يومها ونساء مصر يسيطرون على الرجال أو كما يقول يزيد بن حبيب ، أحد رواة الحديث : أن نساء القبط على شرطهن القديم حتى زمن كتابة تلك الحكاية فى أواخر القرن الرابع الهجرى / العاشر الميلادى فهن على سنة أسلافهن يقهرون الرجال ويخضعنهم حتى أن الرجل لا يبيع ولا يشترى إلا بأمر زوجته.

وبذلك نجد العقل العرب يقلب الأوضاع ويصور ألمر وكأن شخصية المرأة المصرية تطغى على الرجل فيكون هو الأضعف .. الأعجز لا يتخذ قراراً بغير أخذ رأى زوجته والرجوع إليها ، فى مقابل صورة العربى الفحل قاهر النساء كثير الزواج .. كثير الجوارى والحريم ، الذى يتفاخر بقدرته على كثرة الجماع ، وتمتلئ كتب التاريخ العربى بمثل هذه الحكايات التى تنافس حكايات الأدب المكشوف وتفوقها كما تحفل السير الشخصية للكثيرين منهم بكم هائل من وقائع التزوج والتسرى والتعامل مع النساء بإعتبارهن مجرد أدوات للذة جنسية حسيه

وهكذا كتب المؤرخون العرب تاريخ مصر من وجهة نظرهم ونعتوا فيه المصريين باشد الصفات سوءاً حينما تحدثوا عن أخلاق وعادات وصفات المصريين ففسروا سمرة المصريين (بأنهم أولاد العبيد السود الذين نكحوا نساء القبط بعد الغرق وأستولدوهن)  [ المقريزى : المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ص49] 

وذموا أخلاقهم بدعوى أنه : ( يغلب عليها الإستحالة والتنقل من شئ إلى شئ والدعة والجبن والقنوط والشح وقلة الصبر والرغبة فى العلم وسرعة الخوف والحسد والنميمة والكذب والسعى إلى السلطان وذم الناس ، وبالجملة فيغلب عليهم الشر والدنية التى تكون من دناءة النفس)  [ المقريزى : المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ] 

بينما يرى العرب أنفسهم أنهن : ( أتم الناس عقولاً وأحلاماً وأطلقهم ألسنة وأقرهم أفهاماً ، وإستتبع ذلك لهم كل فضيلة وأورثهم كل منقبة جليلة) [ الألوسى : بلوغ الإرب فى معرفة أحوال العرب الجزء ألأول ص 144] أما نسائهم فيقدمون صورهم الألوسى : ( أعف النساء ولباسهم افضل اللباس ) [ الألوسى : بلوغ الإرب فى معرفة أحوال العرب الجزء ألأول ]

وفى المسافة بين الصورتين صورة السادة الأشراف العرب الحاكمين وصورة الشعب المصرى المحكوم تراوحت اللغة العنصرية وصارت سجينة مشتقات "أفعل التفضيل" وبموجبها إحتكر العرب صفات أحسن وأشرف وأتم وأعقل وأبلغ وأحلم وغيرها من الصفات التى كانت يوميات الحرب والحكم تترجم وجهها العكسى

وإنحصر المصريون فى الوضع الدنيوى ، وإلصقت بهم صفات الشر والدنية ودناءة النفس

وبناء على هذا المنطق القائم على دعائم التفوق والصلاحية الطبيعية ، ورسخ العرب سلطتهم وهيمنتهم على الشعب القبطى ألأعزل .

وظل المصريون يعانون من هذا الوضع ، ويعلق ابن ظهيرة في كتابه "الفضائل الباهرة في محاسن مصر" علي هذا الوضع بقوله ( ولم تزل ملوك مصر ورؤساءها من عمرو بن العاص والي وقتنا هذا يجمع كل واحد منهم اموالا لاتدخل تحت الحصر. وكذا الامراء والوزراء والمباشرين علي اختلاف طبقاتهم كل منهم يأخذ أموالا لاتحصي في حياتهم)

***********************************

المراجع

(1) وكان أبو نواس قوي البديهة والارتجال، لا يكاد ينقطع ولا يروي إلا فلتة، روى أن الخصيب
قال له مرة يمازحه وهما بالمسجد الجامع: أنت غير مدافع في الشعر، ولكنك لا تخطب! فقام من فوره يقول مرتجلاً:
منحتكم يا أهل مصر نصيحتي & ألا فخذوا من ناصحٍ بنصيب
رماكم أمير المؤمنين بحية & أكولٍ لحيات البلاد شروب
فإن يك باقي سحر فرعون فيكم & فإن عصا موسى بكف خصيب
ثم التفت إليه وقال: والله لا يأتي بمثلها خطيب مصقع فكيف رأيت؟ فاعتذر إليه وحلف إن كنت إلا مازحاً.

(2) ذكرها المقريزي ايضاً المتوفي سنة 845هـ في خططه ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ) وتطورت في زمن المناوي المتوفي سنة 1031هـ ففي كتابه ( فيض القدير ) يذكر أن قائلها هو أحد الحكماء وإن لم يصرح من هو وإن كان يظهر أن هذا الحكيم مجهول الشخصية ! والأهم من ذلك أن المقولة تحورت في زمن المناوي لصيغة أخرى قريبة لما هو مشهور في زماننا قال في كتابه ( فيض القدير ) : (( قال بعض الحكماء : نيلها عجب وترابها ذهب ونساؤها لعب وصبيانها طرب وأمراؤها جلب وهي لمن غلب والداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. )) وذكر سليمان الجمل المتوفى سنة 1204هـ في حاشيته ( فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب ) نفس العبارة حيث يقول : ((وقال بعض الحكماء نيلها عجب وترابها ذهب ونساؤها لعب وصبيانها طرب وأمراؤها جلب وهي لمن غلب، والداخل فيها مفقود والخارج منها مولود ))

This site was last updated 10/09/11