Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة أربع وتسعين ومائتين

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة289
سنة290 سنة291
سنة292 وسنة293
سنة294

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

حوادث سنة أربع وتسعين ومائتين
ذكر أخبار القرامطة وأخذهم الحاج
(3/369)
في هذه السنة، في المحرم، أرتحل زكرويه من نهر المثنية يريد الحاج، فبلغ السلمان، وأقام ينتظرهم، فبلغت القافلة الأولى واقصة سابع المحرم، فأنذرهم أهلها وأخبروهم بقرب القرامطة، فارتحلوا لساعتهم.
وسار القرامطة إلى واقصة، فسألوا أهلها عن الحاج، فأخبروهم أنهم ساروأن فاتهمهم زكرويه، فقتل العلافة، وأحرق العلف، وتحصن أهل واقصة في حصنهم، فحصرهم أياماً ثم ارتحل عنهم نحوزبالة، وأغار في طريقه على جماعة من بني أسد.
ووصلت العساكر المنفذة من بغداد إلى عيون الطف، فبلغهم مسير زكرويه من السلمان، فانصرفوأن وسار علان بن كشمرد جريدة، فنزل واقصة بعد أن جازت القافلة الأولى، ولقي زكرويه القرمطي قافلة الخراسانية بعقبة الشيطان راجعين من مكة، فحاربهم حرباً شديدة، فلما رأى شدة حربهم سألهم: هل فيكم نائب للسلطان؟ فقالوا: ما معنا أحد. قال: فلست أريدكم؛ فاطمأنوا وساروأن فلما ساروا أوقع بهم، وقتلهم عن آخرهم، ولم ينج إلا الشريد، وسبوا من الناس ما أرادوأن وقتلوا منهم.
ولقي بعض المنهزمين علان بن كشمرد، فأخبروه خبرهم، وقالوا له: ما بينك وبينهم إلا القليل، ولورأوك لقوزويت نفوسهم، فالله الله فيهم! فقال: لا أعرض أصحاب السلطان للقتل. ورجع هووأصحابه. وكتب من نجا من الحجاج من هذه القافلة الثانية إلى رؤساء القافلة الثالثة من الحجاج يعلمونهم ما جرى من القرامطة، ويأمرونهم بالتحذر، والعدول عن الجادة نحوواسط والبصرة، والرجوع إلى فيد والمدينة إلى أن تأتيهم جيوش السلطان، فلم يسمعوأن ولم يقيموا.
وسارت القرامطة من العقبة بعد اخذ الحاج، وقد طموا الآبار والبرك بالجيف، والأراب، والحجارة، بواقصة، والثعلبية، والعقبة، وغيرها من المناهل في جميع طريقهم، وأقام بالهيبر ينتظر القافلة الثالثة، فساروا فصادفوه هناك، فقاتلهم زكرويه ثلاثة أيام، وهم على غير ماء، فاستسلموا لشدة العطش، فوضع فيهم السيف وقتلهم عن آخرهم، وجمع القتلى كالتل، وأرسل خلف المنهزمين من يبذل لهم الأمان، فلما رجعوا قتلهم، وأن في القتلى مبارك القمي، وولده أبوالعشائر بن حمدان.
وكان نساء القرامطة يطفن بالماء بين القتلى يعرضن عليهم الماء، فمن كلمهن قتلنه، فقيل إن عدة القتلى بلغت عشرين ألفأن ولم ينج إلا من كان بين القتلى فلم يفطن له فنجا بعد ذلك، ومن هرب عند اشتغال القرامطة بالقتل والنهب، فكان من مات من هؤلاء أكثر ممن سلم ومن استعبدوه، وكان مبلغ ما أخذوه من هذه القافلة ألفي ألف دينار.
وكان في جملة ما أخذوا فيها أموال الطولونية وأسبابهم، فإنهم لما عزموا على الانتقال من مصر إلى بغداد خافوا أن يستصحبوها فتؤخذ منهم، فعملوا الذهب والنقرة سبائك، وجعلوها في حدائج الجمال، وجميع ما لهم من الحلي والجوهر، وسيروا الجميع إلى مكة سرأن وسار من مكة في هذه القافلة فأخذت.
وبث زكرويه الطلائع خوفاً من عسكر الذي كان بالقادسية، وأقام ينتظر وصول من كان في الحج من عسكر الخليفة وأصحابه، فكانوا بفيد ينتظرون هل تعرض القرامطة لحاج أم لأن فكان معهم جماعة من التجار أرباب الأموال، فلما بلغهم ما صنع القرامطة أقاموا ينتظرون وصول عسكر من عند الخليفة، فسار زكرويه إليهم، وغور الآبار، والمصانع، والمياه إلى فيد، فاحتمى أهل فيد ومن بها من الحجاج بالحصنين اللذين بفيد وحصرهم فيهما القرامطة، وأرسل زكرويه إلى أهل فيد يأمرهم بإخراجهم أوبتسليم الحصنين إليه، وبذل لهم الأمان على ذلك، فلم يجيبوه، فتهددهم بالنهب والقتل، فازداد امتناعهم، وأقام عليهم عدة أيام، ثم سار إلى الساج ثم إلى جعفر أبي موسى.
ذكر قتل زكرويه لعنه الله
لما فعل زكرويه بالحجاج ما ذكرناه عظم ذلك على الخليفة خاة، وعلى جميع المسلمين عامة، فجهز المكتفي الجيوش، فلما كان أول ربيع الأول سير وصيف بن صوارتكين مع جماعة من القواد والعساكر إلى القرامطة، فساروا على طريق حفان فلقيهم زكرويه، ومن معه من القرامطة، ثامن ربيع الأول، فاقتتلوا يومهم، ثم حجز الليل، وباتوا يتحارسون، ثم بكروا إلى القتال، فاقتتلوا قتالاً شديدأن فقتل من القرامطة مقتلة عظيمة. (3/370)
ووصل عسكر الخليفة إلى عدوالله زكرويه، فضربه بعض الجند وهومول بالسيف على رأسه، فبلغت الضربة دماغه، وأخذه أسيرأن وأخذ خليفته وجماعة من خواصه وأقربائه، وفيهم ابنه وكاتبه، وزوجته، واحتوى الجند على ما في العسكر.
وعاش زكرويه خمسة أيام ومات، فسيرت جيفته والأسرى إلى بغداد، وانهزم جماعة من أصحابه إلى الشام، فأوقع بهم الحسين بن حمدان، فتلوهم جميعأن وأخذوا جماعة من النساء والصبيان، وحمل رأس زكرويه إلى خراسان، لئلا ينقطع الحجاج، وأخذ الأعراب رجلين من أصحاب زكرويه يعرف أحدهما بالحداد، والآخر بالمنتقم، وهوأخوامرأة زكرويه، كانا قد سارا إليهم يدعوانهم إلى الخروج معهم، فلما أخذوهما سيروهما إلى بغداد، وتتبع الخليفة القرامطة بالعراق، فقتل بعضهم، وحبس بعضهم، وما ت بعضهم في الحبس.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة غزا ابن كيغلغ الروم من طرسوس، فأصاب من الروم أربعة آلاف رأس سبي ودواب ومتاعاً؛ ودخل بطريق من بطارقة الروم في الأمان واسلم.
وفيها غزا ابن كيغلغ فبلغ شكند، وافتتح الله عليه، وسار إلى الليس، فغمنوا نحواً من خمسين ألف رأس، وقتلوا مقتلة عظيمة من الروم، وانصرفوا سالمين.
وكاتب أندرونقس البطريق المكتفي بالله يطلب منه الأمان، وكان على حرب أهل الثغور من قبل ملك الروم، فأعطاه المكتفي ما طلب، فخرج ومعه مائتا أسير من المسلمين كانوا في حصنه، وكان ملك الروم قد أرسل لقبض عليه، فأعطى المسلمين سلاحاً وخرجوا معه، فقبضوا على الذي أرسله ملك الروم ليقبض عليه ليلأن فقتلوا ممن معه خلقاً كثيرأن وغمنوا ما في عسكرهم، فاجتمعت الروم على أندرونقس ليحاربوه، فسار إليهم جمع من المسلمين ليخلصوه ومن معه من أسرى المسلمين، فبلغوا قونية، فبلغ الخبر إلى الروم، فانصرفوا عنه، وسار جماعة من ذلك العسكر إلى أندرونقس، وهوبحصنه، فخرج ومعه أهله إليهم، وسار معهم إلى بغداد، واخرب المسلمون قونية، فأرسل ملك الروم إلى الخليفة المكتفي فطلب الفداء.
وفيها ظهر بالشام رجل يدعي أنه السفياني فأخذ وحمل إلى بغداد فقيل إنه موسوس.
وفيها كانت وقعة بين الحسين بن حمدان وبين أعراب من بني كلب، وطي، واليمن، وأسد، وغيرهم.
وفيها حاصر أعراب طي وصيف بن صوارتكين بفيد، وقد سيره المكتفي أميراً على الموسم، فحصروه ثلاثة أيام، ثم خرج فواقعهم، فقتل منهم قتلى، ثم انهزمت الأعراب ورحل وصيف بمن معه؛ وحج بالناس هذه السنة الفضل بن عبد الله الهاشمي.
وفيها توفي صالح بن محمد الحافظ الملقب بجزرة البغدادي، وأبوعبيد الله محمد بن نصر الروزي، الفقيه الشافعي، وكان موته بسمرقند، وله تصتنيف كثيرة.
وفيها قتل محمد بن إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه بطريق مكة؛ قتله القرامطة حين أخذوا الحاج.


حوادث سنة خمس وتسعين ومائتين
ذكر وفاة إسماعيل بن أحمد الساماني
وولاية ابنه أحمد

في هذه السنة، منتصف صفر، توفي إسماعيل بن أحمد أمير خراسان وما وراء النهر، ببخارى، وكان يلقب بعد موته بالماضي، وولي بعده ابنه أبونصر أحمد، وأرسل إليه المكتفي عهده بالولاية، وعقد لواءه بيده.
وكان إسماعيل عاقلأن عادلأن حسن السيرة في رعيته، حليماً؛ حكي عنه أنه كان لولده أحمد مؤدب يؤدبه، فمر به الأمير إسماعيل يومأن والمؤدي لا يعلم به، فسمعه وهويسب إبنه، ويقول له: لا بارك الله فيك، ولا فيمن ولدك! فدخل إليه، وقال له: يا هذأن نحن لم نذنب ذنباً لتسبّنا، فهل ترى أن تعفينا من سبك، وتخص المذنب بشتمك وذمك؟ فارتاع المؤدب، فخرج إسماعيل عنه، وأمر له بصلة جزء لخوفه منه.
وقيل: جرى بين يديه ذكر الأنساب والأخشاب فقال لبعض جلسائه: كن عصامياً ولا تكن عظامياً؛ فلم يفهم مراده، فذر له معنى ذلك. (3/371)
وسأل يوماً يحيى بن زكرياء النيسابوري فقال له: ما السبب في أن آل معاذ لما زلت دولتهم بقيت عليهم نعمتهم بخراسان، مع سوء سيرتهم وظلمتهم، وأن آل طاهر لما زالت دولتهم عن خراسان زالت معها نعمتهم مع عدلهم، وحسن سيرتهم، ونظرهم لرعيتهم؟ فقال له يحيى: السبب في ذلك أن آل معاذ لما تغير أمرهم كان الذي ولي البلاد بعدهم آل طاهر في عدلهم، وإنصافهم، واستعفافهم عن أموال الناس، ورغبتهم في اصطناع أهل البيوتات، فقدموا آل معاذ وأكرموهم، وأن آل طاهر لما زالت عنهم كان سلطان بلادهم آل الصفار في ظلمتهم، وغشمهم، ومعاداتهم لأهل البيوتات ومناصبتهم لأهل الشرف والنعم، فأتوا عليهم وأزالوا نعمتهم.
فقال إسماعيل: لله درك يا يحيى، فقد شفيت صدري! وأمر له لصلة.
ولما ولي بعد أخيه كان يكتب أصحابه وأصدقاءه بما كان يكاتبهم أولأن فقيل له في ذلك، فقال: يجب علينأن إذا زادنا الله رفعة، أن لا ننقص إخواننا بل نزيدهم رفعة، وعلى، وجاهأن ليزيدوا لنا إخلاصاً وشكراً.
ولما ولي بعده أبونصر أحمد، واستوثق أمره، أراد الخروج إلى الري، فاشرا عليه إبراهيم بن زيدويه بالخروج إلى سمرقند والقبض على عمه إسحاق ابن أحمد لئلا يخرج عليه ويشغله، ففعل ذلك، واستدعى عمه إلى بخارى، فحضر فاعتقله بهأن ثم عبر إلى خراسان، فلما ورد نيسابور هرب بارس الكبير من جرجان إلى بغداد، خوفاً منه.
وكان سبب خوفه أن الأمير إسماعيل كان قد استعمل ابنه أحمد على جرجان لما أخذها من محمد بن زيد، ثم عزله عنهأن واستعمل عليها بارس الكبير، على ما ذكرناه، فاجتمع عند بارس أموال جمة من خراج الري، وطبرستان، وجرجان، فبلغت ثمانين وقرأن فحملها إلى إسماعيل، فلما سارت عنه بلغه خبر موت إسماعيل، فردها واخذهأن فلما سار إليه أحمد خافه، وكتب إلى المكتفي يستأذنه في المصير إليه، فأذن له في ذلك، فسار إليه في رابعة آلاف فارس، فأرسل أحمد خلفه عسكرأن فلم يدركوه، واجتاز الري، فتحصن بها نائب أحمد بن إسماعيل، فسار إلى بغداد، فوصلها وقد مات المكتفي، وولي المقتدر بعده، فأعجبه المقتدر.
وكان وصوله بعد حادثة ابن المعتز، فسيره المقتدر في عسكره إلى بني حمدان، وولاه ديار ربيعة، فخافه أصحاب الخليفة أن يتقدم عليهم، فووضعوا عليه غلاماً فسمه فمات، واستولى غلامه على ماله، وتزوج امرأته، وكان موته بالموصل.
ذكر وفاة المكتفي
في هذه السنة في ذي القعدة توفي أمير المؤمنين المكتفي بالله أبومحمد علي ابن المعتضد بالله أبي العباس احمد بن الموفق بن المتوكل؛ وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوماً، وكان عمره ثلاثاً وثلاثين سنة، وقيل اثنتين وثلاثين سنة؛ وكان ربعاً جميلأن رقيق البشرة، حسن الشعر، وافر اللحية، وكنيته أبومحمد، وأمه أم ولد تركية، اسمها جيجك؛ وطال عليه مرضه عدة شهور، ولما مات دفن بدار محمد بن طاهر، رحمه الله.


This site was last updated 07/15/11