Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة خمسين

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
ذكر مقتل ذي الثدية
مقتل أبن أبى بكر وحكم أبن العاص
إرسال الحضرمي إلى البصرة
معاوية يرسل جيوشا (سرايا) للشام
أحداث سنة تسع وثلاثين
أحداث سنة أربعين
مقتل على أبن أبى طالب
بيعة الحسن بن على
تحرك الخوارج
أحداث سنة ثلاث وأربعين
باقى سنة ثلاث وأربعين
سنة أربعه وأربعين
سنة خمسة وأربعين
سنة ست وأربعين
سنة سبع / وثمانية وأربعين
سنة تسع وأربعين
سنة خمسين
سنة واحد وخمسين
سنة اثنتين وثلاثة وخمسين
سنة أربع وخمسين
سنة خمس وستة وخمسين
سنة سبع وخمسين وستة وخمسين
سنة تسع وخمسين
سنة ستين

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة خمسين
فيها كانت غزوة بسر بن أبي أرطأة وسفيان بن عوف الأزدي أرض الروم، وغزوة فضالة بن عبيد الأنصاري في البحر.
ذكر وفاة المغيرة بن شعبة
وولاية زياد الكوفة

في هذه السنة في شعبان كانت وفاة المغيرة بن شعبة في قول بعضهم، وهو الصحيح، وكان الطاعون قد وقع بالكوفة، فهرب المغيرة منه، فلما ارتفع الطاعون عاد إلى الكوفة فطعن فمات.
وكان طوالاً أعور ذهبت عينه يوم اليرموك، وتوفي وهو ابن سبعين سنة، وقيل: كان موته سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة تسع وأربعين.
فلما مات المغيرة استعمل معاوية زياداً على الكوفة والبصرة، وهو أول من جمعتا له. فلما وليها سار إليها واستخلف على البصرة سمرة بن جندب، وكان زياد يقيم بالوفة ستة أشهر وبالبصرة ستة أشهر، فلما وصل الكوفة خطبهم فحصب وهو على المنبر، فجلس حتى أمسكوا ثم دعا قوماً من خاصته فأمرهم فأخذوا أبواب المسجد ثم قال: ليأخذ كل رجل منكم جليسه ولا يقولن لا أدري من جليسي، ثم أمر بكرسي فوضع له على باب المسجد، فدعاهم أربعةً أربعةً يحلفون: ما منا من حصبك، فمن حلف خلاه ومن لم يحلف حبسه، حتى صار إلى ثلاثين، وقيل: إلى ثمانين، فقطع أيديهم على المكان.
وكان أول قتيل قتله زياد بالكوفة أوفى بن حصن، وكان بلغه عنه شيء، فطلبه فهرب، فعرض الناس زياد، فمر به فقال: من هذا؟ قال: أوفى بن حسن. فقال زياد: أتتك بحائن رجلاه. وقال له: ما رأيك في عثمان؟ قال: ختن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ابنتيه. قال: فما تقول في معاوية؟ قال: جواد حليم. قال: فما تقول في؟ قال: بلغني أنك قلت بالبصرة والله لآخذن البريء بالسقيم، والمقبل بالمدبر. قال: قد قلت ذاك. قال: خبطتها عشواء! فقال زياد: ليس النفاخ بشر الزمرة! فقتله.
ولما قدم زيادٌ الكوفة قال له عمارة بن عقبة بن أبي معيط: إن عمرو ابن الحمق يجمع إليه شيعة أبي تراب. فأرسل إليه زياد: ما هذه الجماعات عندك؟ من أردت كلامه ففي المسجد. وقيل: الذي سعى بعمرو ويزيد بن رويم. فقال له زياد: قد أشطت بدمه، ولو علمت أن مخ ساقه قد سال من بغضي ما هجته حتى يخرج علي. فاتخذ زياد المقصورة حين حصب.
فلما استخلف زيادٌ سمرة على البصرة أكثر القتل فيها، فقال ابن سيرين: قتل سمرة في غيبة زياد هذه ثمانية آلاف. فقال له زياد: أتخاف أن تكون قتلت بريئاً؟ فقال: لو قتلت معهم مثلهم ما خشيت. وقال أبو السوار العدوي: قتل سمرة من قومي في غداة واحدة سبعة وأربعين كلهم قد جمع القرآن. وركب سمرة يوماً فلقي أوائل خيله رجلاً فقتلوه، فمر به سمرة وهو يتشحط في دمه فقال: ما هذا؟ فقيل: أصابه أوائل خيلك. فقال: إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنتنا.
ذكر خروج قريب
وفيها خرج قريب الأزدي وزحاف الطائي بالبصرة، وهما ابنا خالة، وزياد بالكوفة وسمرة على البصرة، فأتيا بني ضبيعة، وهم سبعون رجلاً، وقتلوا منهم شيخاً، وخرج على قريب وزحاف شباب من بني علي وبني راسب فرموهم بالنبل، وقتل عبد الله بن أوس الطاحي قريباً وجاء برأسه.
واشتد زياد في أمر الخوارج فقتلهم، وأمر سمرة بذلك فقتل منهم بشراً كثيراً. وخطب زياد على المنبر فقال: يا أهل البصرة والله لتكفنني هؤلاء أو لأبدأن بكم! والله لئن أفلت منهم رجل لا تأخذون العام من عطائكم درهماً! فثار الناس بهم فقتلوهم.
ذكر إرادة معاوية نقل منبر النبى من المدينة
وفي هذه السنة أمر معاوية بمنبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يحمل من المدينة إلى الشام، وقال: لا يترك هو وعصا النبي، صلى الله عليه وسلم، بالمدينة وهم قتلة عثمان، وطلب العصا، وهو عند سعد القرظ، فحرك المنبر فكسفت الشمس حتى رؤيت النجوم باديةً، فأعظم الناس ذلك، فتركه. وقيل: أتاه جابر وأبو هريرة وقالا له: يا أمير المؤمنين لا يصلح أن تخرج منبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من موضع وضعه، ولا تنقل عصاه إلى الشام، فانقل المسجد. فتركه وزاد فيه ست درجات واعتذر مما صنع.
فلما ولي عبد الملك بن مروان هم بالمنبر، فقال له قبيصة بن ذؤيب: أذكرك الله أن تفعل! إن معاوية حركه فكسفت الشمس، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من حلف على منبري آثماً فليتبوأ مقعده من النار)، فتخرجه من المدينة وهو مقطع الحقوق عندهم بالمدينة! فتركه عبد الملك.
فلما كان الوليد ابنه وحج هم بذلك، فأرسل سعيد بن المسيب إلى عمر ابن عبد العزيز فقال: كلم صاحبك لا يتعرض للمسجد ولا لله والسخط له. فكلمه عمر فتركه.
ولما حج سليمان بن عبد الملك أخبره عمر بما كان من الوليد، فقال سليمان: ما كنت أحب أن يذكر عن أمير المؤمنين عبد الملك هذا ولا عن الوليد، ما لنا ولهذا! أخذنا الدنيا فهي في أيدينا ونريد أن نعمد إلى علم من أعلام الإسلام يوفد إليه فنحمله إلى ما قبلنا! هذا ما لا يصلح!.

عزل معاوية بن حديج السكوني عن مصر ووليها مسلمة بن مخلد مع إفريقية
وفيها عزل معاوية بن حديج السكوني عن مصر ووليها مسلمة بن مخلد مع إفريقية، وكان معاوية بن أبي سفيان بعث قبل أن يولي مسلمة إفريقية ومصر عقبة بن نافع إلى إفريقية، وكان اختط قيروانها، وكان موضعه غيضة لا ترام من السباع والحيات وغيرها، فدعا الله عليها فلم يبق منها شيء إلا خرج هارباً حتى إن كانت السباع لتحمل أولادها هاربة بها، وبنى الجامع. فلما عزل معاوية بن أبي سفيان بن حديج السكوني عن مصر عزل عقبة عن إفريقية وجمعها لمسلمة بن مخلد، فهو أول من جمع له المغرب مع مصر، فولى مسلمة إفريقية مولى له يقال له أبو المهاجر، فلم يزل عليها حتى هلك معاوية بن أبي سفيان.

ذكر ولاية عقبة بن نافع إفريقية
وبناء مدينة القيروان

قد ذكر أبو جعفر الطبري أن في هذه السنة ولي مسلمة بن مخلد إفريقية، وأن عقبة ولي قبله إفريقية وبنى القيروان، والذي ذكره أهل التاريخ من المغاربة: أن ولاية عقبة بن نافع إفريقية كانت هذه السنة وبنى القيروان، ثم بقي إلى سنة خمس وخمسين ووليها مسلمة بن مخلد، وهم أخبر ببلادهم، وأنا أذكر ما أثبتوه في كتبهم: قالوا: إن معاوية بن أبي سفيان عزل معاوية بن حديج عن إفريقية حسب واستعمل عليها عقبة بن نافع الفهري، وكان مقيماً ببرقة وزويلة مذ فتحها أيام عمرو بن العاص، وله في تلك البلاد جهاد وفتوح. فلما استعمله معاوية سير إليه عشرة آلاف فارس، فدخل إفريقية وانضاف إليه من أسلم من البربر، فكثر جمعه، ووضع السيف في أهل البلاد لأنهم كانوا إذا دخل إليهم أمير أطاعوا وأظهر بعضهم الإسلام، فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا وارتد من أسلم، ثم رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة تكون من أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وكان أجمةً مشتبكة بها من أنواع الحيوان، من السباع والحيات وغير ذلك، فدعا الله، وكان مستجاب الدعوة، ثم نادى: أيتها الحيات والسباع إنا أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ارحلوا عنا فإنا نازلون ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه. فنظر الناس ذلك اليوم إلى الدواب تحمل أولادها وتنتقل، فرآه قبيلٌ كثير من البربر فأسلموا، وقطع الأشجار وأمر ببناء المدينة، فبنيت، وبنى المسجد الجامع، وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم، وكان دورها ثلاثة آلاف باع وستمائة باع، وتم أمرها سنة خمس وخمسين وسكنها الناس، وكان في أثناء عمارة المدينة يغزو ويرسل السرايا، فتغير وتنهب، ودخل كثير من البربر في الإسلام، واتسعت خطة المسلمين وقوي جنان من هناك من الجنود بمدينة القيروان وأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام فيها.
ذكر ولاية مسلمة بن مخلد إفريقية
ثم إن معاوية بن أبي سفيان استعمل على مصر وإفريقية مسلمة بن مخلد الأنصاري، فاستعمل مسلمة على إفريقية مولى له يقال له أبو المهاجر، فقدم إفريقية وأساء عزل عقبة واستخف به، وسار عقبة إلى الشام وعاتب معاوية على ما فعله به أبو المهاجر، فاعتذر إليه ووعده بإعادته إلى عمله، وتمادى الأمر فتوفي معاوية وولي بعده ابنه يزيد، فاستعمل عقبة بن نافع على البلاد سنة اثنتين وستين، فسار إليها.
وقد ذكر الواقدي أن عقبة بن نافع ولي إفريقية سنة ست وأربعين واختط القيروان، ولم يزل عقبة على إفريقية إلى سنة اثنتين وستين، فعزله يزيد بن معاوية واستعمل أبا المهاجر مولى الأنصار، فحبس عقبة وضيق عليه، فلما بلغ يزيد ابن معاوية ما فعل بعقبة كتب إليه يأمره بإطلاقه وإرساله إليه، ففعل ذلك، ووصل عقبة إلى يزيد فأعاده إلى إفريقية والياً عليها، فقبض على أبي المهاجر وأوثقه، وساق من خبر كسيلة مث ما نذكره إن شاء الله تعالى سنة اثنتين وستين.
ذكر هرب الفرزدق من زياد
وفيها طلب زيادٌ الفرزدق، استعدته عليه بنو نهشل وفقيم.
وسبب ذلك، قال الفرزدق: هاجيت الأشهب بن زميله والبعيث فسقطا، فاستعدى علي بنو نهشل وبنو فقيم زياد بن أبيه، واستعدى علي أيضاً يزيد ابن مسعود بن خالد بن مالك، قال: فلم يعرفني زياد حتى قيل له الغلام الأعرابي الذي أنهب ماله وثيابه، فعرفني.

قال الفرزدق: وكان أبي غالب قد أرسلني في جلب له أبيعه وأمتار له، فبعت الجلب بالبصرة وجعلت ثمنه في ثوبي، فعرض لي رجل فقال: لشد ما تستوثق منها، أما لو كان مكانك رجل أعرفه ما صر عليها. فقلت: ومن هو؟ قال: غالب بن صعصعة وهو أبو الفرزدق. فدعوت أهل المربد ونثرتها. فقال لي قائل: ألق رداءك. ففعلت. فقال آخر: ألق ثوبك. ففعلت. وقال آخر: ألق عمامتك. ففعلت. فقال آخر: ألق إزارك. فقلت: لا ألقيه وأمشي مجرداً، إني لست بمجنون. وبلغ الخبر زياداً فقال: هذا أحمق يضري الناس بالنهب، فأرسل خيلاً إلى المربد ليأتوه بي، فأتاني رجل من بني الهجيم على فرس له وقال: النجاء النجاء! وأردفني خلفه، ونجوت، فأخذ زياد عمين لي: ذهيلاً والزحاف ابني صعصعة، وكانا في الديوان، فحبسهما أياماً ثم كلم فيهما فأطلقهما، وأتيت أبي فأخبرته خبري، فحقدها عليه زياد.
ثم وفد الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة السعديان والجون بن قتادة العبشمي والحتات بن يزيد أبو منازل المجاشعي إلى معاوية بن أبي سفيان، فأعطى كل رجل منهم جائزة مائة ألف، وأعطى الحتان سبعين ألفاً. فلما كانوا في الطريق ذكر كل منهم جائزته.
فرجع الحتات إلى معاوية فقال: ما ردك؟ قال: فضحتني في بني تميم! أما حسبي صحيح؟ أولست ذا سن؟ ألست مطاعاً في عشيرتي؟ قال: بلى. قال: فما بالك خسست بي دون القوم وأعطيت من كان عليك أكثر ممن كان لك؟ وكان حضر الجمل مع عائشة، وكان الأحنف وجارية يريدان علياً، وإن كان الأحنف والجون اعتزلا القتال مع علي لكنهما كانا يريدانه. قال: إني اشتريت من القوم دينهم، ووكلتك إلى دينك ورأيك في عثمان، وكان عثمانياً. فقال: وأنا فاشتر مني ديني. فأمر له بإتمام جائزته، ثم مات الحتات فحبسها معاوية، فقال الفرزدق في ذلك؛ شعر:
أبوك وعمي يا معاوي أورثا ... تراثاً فيحتاز التراث أقاربه
فما بال ميراث الحتات أخذته ... وميراث صخر جامدٌ لك ذائبه
فلو كان هذا الأمر في جاهليةٍ ... علمت من المرء القليل حلائبه
ولو كان في دينٍ سوى ذا شنئتم ... لنا حقنا أو غص بالماء شاربه
وأنشد محمد بن علي
ألست أعز الناس قوماً وأسرةً ... وأمنعهم جاراً إذا ضيم جانبه
وما ولدت بعد النبي وآله ... كمثلي حصانٌ في الرجال يقاربه
وبيتي إلى جنب الثريا فناؤه ... ومن دونه البدر المضيء كواكبه
أنا ابن الجبال الشم في عدد الحصى ... وعرق الثرى عرقي فمن ذا يحاسبه
وكم من أبٍ لي يا معاوي لم يزل ... أغر يباري الريح ما ازور جانبه
نمته فروع المالكين ولم يكن ... أبوك الذي من عبد شمسٍ يقاربه
تراه كنصل السيف يهتز للندى ... كريماً يلاقي المجد ما طر شاربه
طويل نجاد السيف مذ كان لم يكن ... قصيٌّ وعبد الشمس ممن يخاطبه
يريد بالمالكين مالك بن حنظلة ومالك بن زيد مناة بن تميم، وهما جداه. لأن الفرزدق ابن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
فلما بلغ معاوية شعره رد على أهله ثلاثين ألفاً، فأغضبت أيضاً زياداً عليه، فلما استعدت عليه نهشل وفقيم ازداد عليه غضباً فطلبه فهرب وأتى عيسى ابن خصيلة السلمي ليلاً وقال له: إن هذا الرجل قد طلبني وقد لفظني الناس وقد أتيتك لتغيثني عندك. فقال: مرحباً بك. فكان عنده ثلاث ليال. ثم قال له: قد بدا لي أن آتي الشام، فسيره. وبلغ زياداً مسيره فأرسل في أثره، فلم يدرك، وأتى الروحاء فنزل في بكر بن وائل فأمن ومدحهم بقصائد.
ثم كان زياد إذا نزل البصرة نزل الفرزدق الكوفة، وإذا نزل الكوفة نزل الفرزدق البصرة، فبلغ ذلك زياداً فكتب إلى عامله على الكوفة، وهو عبد الرحمن بن عبيد، يأمره بطلب الفرزدق، ففارق الكوفة نحو الحجاز، فاستجار بسعيد بن العاص فأجاره فمدحه الفرزدق، ولم يزل بالمدينة مرة وبمكة مرة حتى هلك زياد.

وقد قيل: إن الفرزدق إنما قال هذا الشعر لأن الحتات لما أسمل آخى النبي، صلى الله عليه وسلم، بينه وبين معاوية، فلما مات الحتات بالشام ورثه معاوية بتلك الأخوة فقال الفرزدق هذا الشعر. وهذا القول ليس بشيء لأن معاوية لم يكن يجهل أن هذه الأخوة لا يرث بها أحد.
الحتات بضم الحاء وبتائين مثناتين من فوقهما بينهما ألف.
ذكر وفاة الحكم بن عمرو الغفاري
في هذه السنة توفي الحكم بن عمرو الغفاري بمرو بعد انصرافه من غزوة جبل الأشل في قول، وقد تقدم ذكر وفاته في قول آخر، وكان زياد قد كتب إليه: إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن أصطفي له الصفراء والبيضاء فلا تقسم بين الناس ذهباً ولا فضة. فكتب إليه الحكم: بلغني ما أمر به أمير المؤمنين، وإني وجدت كتاب الله قبل كتابه، وإنه والله لو أن السموات والأرض كانتا رتقاً على عبد ثم اتقى الله لجعل له فرجاً ومخرجاً، ثم قال للناس: اغدوا على أعطياتكم ومالكم، فقسمه بينهم، ثم قال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك. فتوفي بمرو. وله صحبة.
ذكر عدة حوادث
حج بالناس هذه السنة معاوية، وقيل: بل حج ابنه يزيد، وكان العمال على البلاد من تقدم ذكرهم.
وفيها توفي سعد بن أبي وقاص بالعقيق فحمل على الرقاب إلى المدينة فدفن بها، وقيل: توفي سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة خمس وخمسين، وعمره أربع وسبعون، وقيل: ثلاث وثمانون سنة، وهو أحد العشرة، وكان قصيراً دحداحاً. وفيها توفيت صفية بنت حيي زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، وقيل: توفيت أيام عمر. وفيها توفي عثمان بن أبي العاص الثقفي. وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس، توفي بالبصرة. وأبو موسى الأشعري، وقيل: توفي سنة اثنتين وخمسين. وفيها توفي زيد بن خالد الجهني، وقيل: توفي سنة ثمان وستين، وقيل: ثمان وسبعين. وفيها توفي مدلاج بن عمر السلمي، وكان قد شهد المشاهد كلها مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكلهم لهم صحبة.
(2/130)

 

This site was last updated 06/13/11