Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

خلفاء بنى الأموية - مخازى ومعائب بنى أمية 
خلفــاء الفرع السوفيانى الخليفة الثانى : يزيد ين معاوية

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الخليفة يزيد بن معاوية
هدم الكعبة بالمنجانيق
سنة ستين بيعة يزيد
مسير الحسين للكوفة
مقتل الحسين
بقية أحداث سنة61
سنة اثنتين وستين
سنة63 ووقعة الحرة
سنة 64 وحصار الكعبة
المراجع الإسلامية لحرق الكعبة

 

وقال شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : " سوف يأتي عمر بن عبد العزيز ، ولن يستمر أكثر من سنتين وثلاثة أشهر ، وسوف يموت دون الأربعين ، مسموماً في أرجح الأقوال مخلياً مكانه ليزيد بن عبد الملك ، شاعر المغاني والقيان ، عاشق سلامة وجبابة ، وأول شهداء العشق والغرام في تاريخ الخلفاء  " .

****************************************************************************************

 وفى السنة الثانية  سنة 64 هـ  من ولاية سعيد بن يزيد على مصر توفي الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان  مات في نصف شهر ربيع الأول‏

******************************************************************************

يزيد ين معاوية كان يشرب الخمر ويلعب بالقرود

 

الخليفة الثانى من بنى أمية : يزيد ين معاوية كان يشرب الخمر ويلعب بالقرود

وقد بويع  يزيد بن معاوية الخلافة بعد موت أبيه معاوية في شهر رجب سنة ستين فكانت خلافته ثلاث سنين وسبعة أشهر وأيامًا وكان فاسقًا قليل الدين مدمن الخمر وقد قال عن الخمر‏ :‏ الطويل أقول لصحبٍ ضمت الكأس شملهم وداعي صبابات الهوى يترنم خنوا بنصيبٍ من نعيم ولذةٍ فكل وإن طال المدى يتصرم

وقال ابن كثير:اشتهر يزيد بالمعازف وشرب الخمور, والغناء والصيد واتخاذ القيان والكلاب, والنطاح بين الأكباش والدباب والقرود, وما من يوم إلا ويصبح فيه مخمورا. وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به, ويلبس القرد قلانس الذهب وكذلك الغلمان, وكان يسابق بين الخيل وكان إذا مات القرد حزن عليه وقيل إن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته).

يقول ابن كثير ان الخليفة يزيدا هذا(كان فاسقا)؛ فهو القائل: لعـــبت هـــاشـــم بالملــــك ** ** فلا ملك جاء ولا وحي نزل
وقال ابن كثير عن يزيد أيضا:(وكان فيه أيضا إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات, في بعض الأوقات, وإماتتها في غالب الأوقات).

ويذكر اليعقوبي أنه لما أراد معاوية أن يأخذ البيعة ليزيد من الناس, طلب من زياد[بن أبيه] أن يأخذ بيعة المسلمين في البصرة, فكان جواب زياد: ما يقول الناس إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد وهو يلعب بالكلاب والقرود, ويلبس المصبغات, ويدمن الشراب, ويمشى على الدفوف.
ويذكر ابن الأثير أن معاوية أرسل يزيد إلى الحجل[أو أخذه معه] فجلس يزيد بالمدينة على شراب فاستأذن عليه عبد الله بن العباس والحسين بن علي فأمر بشرابه فرفع وقيل له: إن ابن عباس إن وجد ريح شرابك عرفه, فحجبه وأذن للحسين, فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب, فقال: ما هذا يا ابن معاوية؟ فقال: يا أبا عبد الله هذا طيب يصنع لنا بالشام, ثم دعا بقدح آخر, فقال: اسق أبا عبد الله يا غلام. فقال الحسين: عليك شرابك أيها المرء.
فقال يزيد: 
ألا يا صـــــاح للعجــب ** ** دعـــــوتك ثــم لم تجب
إلـــــى القيــنات واللذا ت ** **  والصهباء والطرب
وباطيـــــة مكلـــــلـــــة ** ** عليهـــــا سادة العرب
وفيهـــــن التـــي تبـلت ** **  فـــــؤادك ثــــم لم تتب

فوثب عليه الحسين, فقال: بل فؤادك يا ابن معاوية تبلت.
(وحج معاوية وحاول أن يأخذ البيعة[ليزيد] من أهل مكة والمدينة فأبى عبد الله بن عمر, وقال: نبايع من يلعب بالقرود والكلاب ويشرب الخمر ويظهر الفسوق, ما حجتنا عند الله؟

وقال ابن الزبير: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وقد أفسد علينا ديننا).
ويروى ابن قتيبة أن الحسين قال لمعاوية:(قد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه, فخذ ليزيد في ما أخذ من استقرائه الكلاب المهارش عند التحارش, والحمام السبق لاترابهن, والقينات ذوات المعازف, وضروب الملاهي, تجده ناصرا, ودع عنك ما تحاول).

ويقول البلاذري: (كان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد واتخاذ القيان والغلمان والتفكه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة).
ويحكي البلاذري عن قرد ليزيد يدعى أبا قيس فيقول:(كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين يديه ويكنيه أبا قيس, ويقول: هذا شيخ من بني اسرائيل أصاب خطيئة فمسخ وكان يسقيه النبيذ ويضحك مما يصنع, وكان يحمله على أتان وحشية ويرسلها مع الخيل فيسبقها, فحمله يوما وجعل يقول:
تمسك أبا قيس بفضل عنانها** **  فليس عليها إن سقطت ضمان
ألا من رأى القرد الذي سبقت به جياد أمير المؤمنين أتان)
وقد قال أحد الشعراء عن يزيد:
يزيد صديق القرد مل جوارنا ** ** فحن إلى أرض القرود يزيد
فتباً لمن أمسى علينا خليفـة ** ** صحـــابته الأدنون منه قرود

وقال البلاذري إن سبب وفاة يزيد أنه حمل قردة على الأتان وهو سكران ثم ركض خلفها فسقط فاندقت عنقه أو انقطع في جوفه شيء.
قرد آخر ليزيد, اسمه أبو خلف, قال عنه البلاذري:(خرج يزيد يتصيد بحوارين وهو سكران, فركب وبين يديه أتان وحشية قد حمل عليها قردا, وجعل يركض الأتان, ويقول:
أبا خلف احتل لنفسك حيلة فليس عليها إن هلكت ضمان).
لكن أبا سمير هو القرد الذي احتل أرفع مكانة في قلب (أمير المؤمنين) يزيد إلى درجة أنه حين مات (القرد طبعا) أمر الخليفة (أمير المؤمنين) بغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين.
وقد قيل‏:‏ إن رجلًا قال في مجلس عمر بن عبد العزيز عن يزيد هذا أمير المؤمنين فقال له عمر بن عبد العزيز‏:‏ تقول‏:‏ أمير المؤمنين‏!‏ وأمر به فضرب‏ عشرين سوطًا تعزيرًا له‏.‏

قال ابو بكر الخوارزمى : " ولقد كان فى بنى أمية مخازى تذكر ومعائب تؤثر .. كان معاوية قاتل الصحابة والتابعين , وأمه آكلة أكباد الشهداء .

وأبنه (الخليفة الأموى يزيد بن معاوية) يزيد القرود مربى الفهود وهادم الكعبة ومنهب المدينة وقاتل العترة وصاحب يوم الحرة , وبيان ذلك (ووصف ذلك) أنه أرسل جيشاً إلى المدينة فإنتشبت الحرب فى موضع يقال له الحرة فوقع من ذلك الجيش ما هو مشهور من القتل والفساد وإباحة المدينة , حتى فض ثلثمائة بكر وقتل من الصحابة نحو ذلك وممن قرأ القرآن نحو 700 نفس و 4000 غيرهم , وأبيحت المدينة أياماً وبطلت الجماعة من المسجد المحمدى أياماً وأختفت أهل المدينة فلم يمكن احد دخول مسجدها حتى دخلته الكلاب والذئاب وبالت على منبر محمد , ثم قصدوا الكعبة ورموها بالمنجنيق وأحرقوها بالنار "

وقال المسعودى : " كان يزيد (الخليفة الأموى يزيد بن معاوية) صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب والفسق , وأنه قتل أبن بنت محمد وأنصاره , وذمه أبنه معاوية بعد وفاته وغلب (أكثروا) على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق , وفى أيامه ظهر الغناء فى مكة والمدينة وأستعملت الملاهى وأظهر الناس شرب الشراب , وكان له قرد يكنى (أسمه) بأبى القيس يحضره مجلس منادمته وكان قرداً خبيثاً .. ألخ

ومروان بن عبد الحكم : قال فيه النبى : هو الوزغ أبن الوزغ الملعون أبن الملعون , وقال عنهم : يترفهون فى الدنيا ويضيعون فى الاخرة , ذو مكر وخديعة , يعطون فى الدنيا ومالهم فى ألآخرة من خلاق , وقتلته زوجته ,  وبيان ذلك (وصف ذلك) أن الخليفة مروان أخذ البيعة لنفسه ولخالد بن يزيد بعده ثم بدا له غير ذلك فجعلها لأبنه عبد العزيز فدخل عليه خالد ابن يزيد فكلمه وأغلظ له فغضب من ذلك وقال له : " أتكلمنى يا ابن الرطبة " وكان مروان قد تزوج بأمه فأخته ليذله بذلك ويضع منه فإشتكى لأمه فقتلته بالسم .

والخليفة عبد الملك بن مروان جاءته الخلافة وهو يقرأ فى المصحف فطبقة وقال : " سلام عليك هذا فراق بينى وبينك " وهو قتل أخاه .

الخليفة يزيد كما وصفه أبن كثير

ولما مات يزيد هذا ولي الخلافة من بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثالث خلفاء بني أمة وكان رجلًا صالحًا فلم يرد الخلافة وخلع نفسه منها ومات بعد قليل‏.‏

خلافة معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ثالث خلفاء بني أمية ووفاته كنيته أبو عبد الرحمن ويقال‏:‏ أبو يزيد‏.‏
بويع الخلافة بعد موت أبيه يزيد بعهد منه إليه وذلك في شهر ربيع الأول من سنة أربع وستين وكان مولده سنة ثلاث وأربعين فلم تطل مدته في الخلافة‏.‏
قال أبو حفص الفلاس‏:‏ ملك أربعين ليلة ثم خلع نفسه فإنه كان رجلًا صالحًا ولهذا يقال في حق أبيه‏:‏ يزيد شر بين خيرين يعنون بذلك بين أبيه معاوية بن أبي سفيان وابنه معاوية هذا‏.‏
وقيل‏:‏ إن معاوية هذا لما أراد خلع نفسه جمع الناس وقال‏:‏ أيها الناس ضعفت عن أمركم فاختاروا من أحببتم فقالوا‏:‏ ول أخاك خالدًا‏.‏
فقال‏:‏ والله ما ذقت حلاوة خلافتكم فلا أتقلد وزرها‏.‏
ثم صعد المنبر فقال‏:‏ أيها الناس إن جدي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحق به منه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو علي بن أبي طالب وركب بكم ما تعلمون حتى أتته منيته فصار في قبره رهينًا بذنوبه وأسيرًا بخطاياه ثم قلد أبي الأمر فكان غير أهل لذلك وركب هواه وأخلفه الأمل وقصر عنه الأجل وصار في قبره رهينًا بذنوبه وأسيرًا بجرمه ثم بكى حتى جرت دموعه على خديه ثم قال‏:‏ إن من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه وبؤس منقلبه وقد قتل عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأباح الحرم وخرب الكعبة وما أنا بالمتقفد ولا بالمتحمل تبعاتكم فشأنكم أمركم والله لئن كانت الدنيا خيرًا فلقد نلنا منها حظًا ولئن كانت شرًا فكفى ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها ألا فليصل بالناس حسان ابن مالك وشاوروا في خلافتكم رحمكم الله‏.‏
ثم دخل منزله وتغيب حتى مات في سنته بعد أيام‏.‏

موت يزيد بن معاوية‏.‏
وكان سبب موته أنه أصابه حجر منجنيق في جانب وجهه فمرض أيامًا ومات‏.‏

هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أمير المؤمنين أبو خالد الأموي‏.‏
ولد سنة خمس أو ست أو سبع وعشرين، وبويع له بالخلافة في حياة أبيه أن يكون ولي العهد من بعده، ثم أكد ذلك بعد موت أبيه في النصف من رجب سنة ستين، فاستمر متولياً إلى أن توفي في الرابع عشر من ربيع الأول سنة أربع وستين‏.‏
وأمه ميسون بنت مخول بن أنيف بن دلجة بن نفاثة بن عدي بن زهير بن حارثة الكلبي‏.‏
روى عن أبيه معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين‏)‏‏)‏‏.‏
وحديثاً آخر في الوضوء‏.‏
وعنه ابنه خالد، وعبد الملك بن مروان، وقد ذكره أبو زرعة الدمشقي في الطبقة التي تلي الصحابة، وهي العليا، وقال‏:‏ له أحاديث، وكان كثير اللحم، عظيم الجسم، كثير الشعر، جميلاً طويلاً، ضخم الهامة، محدد الأصابع غليظها مجدراً‏.‏
وكان أبوه قد طلق أمه وهي حامل به، فرأت أمه في المنام أنه خرج منها قمر من قُبلها، فقصّت رؤياها على أمها فقالت‏:‏ إن صدقت رؤياك لتلدن من يبايع له بالخلافة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/249‏)‏
وجلست أمه ميسون يوماً تمشطه وهو صبي صغير، وأبوه معاوية مع زوجته الحظية عنده في المنظرة، وهي فاختة بنت قرظة، فلما فرغت من مشطه نظرت أمه إليه فأعجبها فقبلته بين عينيه، فقال معاوية عند ذلك‏:‏
إذا مات لم تفلح مزينة بعده * فنوطي عليه يا مزين التمائما
وانطلق يزيد يمشي وفاختة تتبعه بصرها ثم قالت‏:‏ لعن الله سواد ساقي أمك‏.‏
فقال معاوية‏:‏ أما والله إنه لخير من ابنك عبد الله - وهو ولده منها وكان أحمق -‏.‏
فقالت فاختة‏:‏ لا والله لكنك تؤثر هذا عليه‏.‏
فقال‏:‏ سوف أبين لك ذلك حتى تعرفينه قبل أن تقومي من مجلسك هذا، ثم استدعى بابنها عبد الله فقال له‏:‏ إنه قد بدا لي أن أعطيك كل ما تسألني في مجلسي هذا‏.‏
فقال‏:‏ حاجتي أن تشتري لي كلباً فارهاً وحماراً فارهاً‏.‏
فقال‏:‏ يا بني أنت حمار وتشتري لك حماراً‏؟‏ قم فاخرج‏.‏
ثم قال لأمه‏:‏ كيف رأيت‏؟‏
ثم استدعى بيزيد فقال‏:‏ إني قد بدا لي أن أعطيك كل ما تسألني في مجلسي هذا، فسلني ما بدا لك‏.‏
فخر يزيد ساجداً ثم قال حين رفع رأسه‏:‏ الحمد لله الذي بلغ أمير المؤمنين هذه المدة، وأراه فيّ هذا الرأي‏.‏
حاجتي أن تعقد لي العهد من بعدك، وتوليني العام صائفة المسلمين، وتأذن لي في الحج إذا رجعت، وتوليني الموسم، وتزيد أهل الشام عشرة دنانير لكل رجل في عطائه، وتجعل ذلك بشفاعتي، وتعرض لأيتام بني جمح، وأيتام بني سهم، وأيتام بني عدي‏.‏
فقال‏:‏ مالك ولأيتام بني عدي‏؟‏
فقال‏:‏ لأنهم حالفوني وانتقلوا إلى داري‏.‏
فقال معاوية‏:‏ قد فعلت ذلك كله، وقبّل وجهه‏.‏
ثم قال لفاختة بنت قرظة‏:‏ كيف رأيت‏؟‏
فقالت‏:‏ يا أمير المؤمنين أوصه بي فأنت أعلم به مني، ففعل‏.‏
وفي رواية‏:‏ أن يزيد لما قال له أبوه‏:‏ سلني حاجتك‏.‏
قال له يزيد‏:‏ اعتقني من النار أعتق الله رقبتك منها‏.‏
قال‏:‏ وكيف‏؟‏
قال‏:‏ لأني وجدت في الآثار أنه من تقلد أمر الأمة ثلاثة أيام حرّمه الله على النار، فاعهد إليّ بالأمر من بعدك ففعل‏.‏
وقال العتبي‏:‏ رأى معاوية ابنه يزيد يضرب غلاماً له فقال له‏:‏ اعلم أن الله أقدر عليك منك عليه، سوأة لك ‏!‏‏!‏ أتضرب من لا يستطيع أن يمتنع عليك‏؟‏
والله لقد منعتني القدرة من الانتقام من ذوي الأحن، وإن أحسن من عفا لمن قدر‏.‏
قلت‏:‏ وقد ثبت في ‏(‏الصحيح‏)‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أبا مسعود يضرب غلاماً له فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك عليه‏)‏‏)‏‏.‏
قال العتبي‏:‏ وقدم زياد بأموال كثيرة وبسفط مملوء جواهر على معاوية فسرّ بذلك معاوية، فقام زياد فصعد المنبر ثم أفتخر بما يفعله بأرض العراق من تمهيد الممالك لمعاوية‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/250‏)‏
فقام يزيد فقال‏:‏ إن تفعل ذلك يا زياد فنحن نقلناك من ولاء ثقيف إلى قريش، ومن القلم إلى المنابر، ومن زياد بن عبيد إلى حرب بني أمية‏.‏
فقال له معاوية‏:‏ اجلس فداك أبي وأمي‏.‏
وعن عطاء بن السائب قال‏:‏ غضب معاوية على ابنه يزيد فهجره‏.‏
فقال له الأحنف بن قيس‏:‏ يا أمير المؤمنين إنما هم أولادنا، ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة، وأرض ذليلة، إن غضبوا فارضهم، وإن طلبوا فأعطهم، ولا تكن عليهم ثقلاً فيملوا حياتك ويتمنوا موتك‏.‏
فقال معاوية‏:‏ لله درك يا أبا بحر، يا غلام ائت يزيد فأقره مني السلام وقل له‏:‏ إن أمير المؤمنين قد أمر لك بمائة ألف درهم، ومائة ثوب‏.‏
فقال يزيد‏:‏ من عند أمير المؤمنين‏؟‏
فقال الأحنف، فقال يزيد‏:‏ لا جرم لأقاسمنه، فبعث إلى الأحنف بخمسين ألفاً وخمسين ثوباً‏.‏
وقال الطبراني‏:‏ حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، ثنا ابن عائشة، عن أبيه‏.‏
قال‏:‏ كان يزيد في حداثته صاحب شراب يأخذ مأخذ الأحداث، فأحس معاوية بذلك فأحب أن يعظه في رفق، فقال‏:‏ يا بني ما أقدرك على أن تصل إلى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك وقدرك، ويشمت بك عدوك، ويسيء بك صديقك، ثم قال‏:‏ يا بني إني منشدك أبياتاً فتأدب بها واحفظها، فأنشده‏:‏
أنصب نهاراً في طلاب العلا * واصبر على هجر الحبيب القريب
حتى إذا الليل أتى بالدجا * واكتحلت بالغمض عين الرقيب
فباشر الليل بما تشتهي * فإنما الليل نهار الأريب
كم فاسقٍ تحسبه ناسكاً * قد باشر الليل بأمرٍ عجيب
غطى عليه الليل أستاره * فبات في أمنٍ وعيشٍ خصيب
ولذة الأحمق مكشوفةٌ * يسعى بها كل عدوٍ مريب
قلت‏:‏ وهذا كما جاء في الحديث ‏(‏‏(‏من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله عز وجل‏)‏‏)‏‏.‏
وروى المدائني‏:‏ أن عبد الله بن عباس وفد إلى معاوية فأمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه فيعزيه في الحسن بن علي، فلما دخل على ابن عباس رحَّب به وأكرمه، وجلس عنده بين يديه، فأراد ابن عباس أن يرفع مجلسه فأبى وقال‏:‏ إنما أجلس مجلس المعزي لا المهني‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/251‏)‏
ثم ذكر الحسن فقال‏:‏ رحم الله أبا محمد أوسع الرحمة وأفسحها، وأعظم الله أجرك وأحسن عزاك، وعوضك من مصابك ما هو خيرٌ لك ثواباً وخير عقبى‏.‏
فلما نهض يزيد من عنده قال ابن عباس‏:‏ إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس، ثم أنشد متمثلاً‏:‏
مغاض عن العوراء لا ينطقوا بها * وأصل وراثات الحلوم الأوائل
وقد كان يزيد أول من غزى مدينة قسطنطينية في سنة و تسع وأربعين في قول يعقوب بن سفيان‏.‏
وقال خليفة بن خياط‏:‏ سنة خمسين‏.‏
ثم حج بالناس في تلك السنة بعد مرجعه من هذه الغزوة من أرض الروم‏.‏
وقد ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏أول جيش يغزو مدينة قيصر مغفور لهم‏)‏‏)‏‏.‏
وهو الجيش الثاني الذي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه عند أم حرام فقالت‏:‏ ادع الله أن يجعلني منهم‏.‏
فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏أنت من الأولين‏)‏‏)‏‏.‏
يعني‏:‏ جيش معاوية حين غزا قبرص، ففتحها في سنة سبع وعشرين أيام عثمان بن عفان، وكانت معهم أم حرام فماتت هنالك بقبرص، ثم كان أمير الجيش الثاني ابنه يزيد بن معاوية، ولم تدرك أم حرام جيش يزيد هذا‏.‏
وهذا من أعظم دلائل النبوة‏.‏
وقد أورد الحافظ ابن عساكر ههنا الحديث الذي رواه محاضر، عن الأعمش، عن إبراهيم بن عبيدة، عن عبد الله‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم‏)‏‏)‏‏.‏
وكذلك رواه عبد الله بن شفيق عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله‏.‏
ثم أورد من طريق حماد بن سلمة عن أبي محمد، عن زرارة بن أوفى قال‏:‏ القرن عشرون ومائة سنة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرن وكان آخره موت يزيد بن معاوية‏.‏
قال‏:‏ قال أبو بكر بن عياش‏:‏ حج بالناس يزيد بن معاوية في سنة إحدى وخمسين وثنتين وخمسين وثلاث خمسين‏.‏
وقال ابن أبي الدنيا‏:‏ حدثنا أبو كريب، ثنا رشد بن عمرو بن الحارث، عن أبي بكير بن الأشج أن معاوية قال ليزيد‏:‏ كيف تراك فاعلاً إن وليت‏؟‏
قال‏:‏ يمتع الله بك يا أمير المؤمنين‏.‏
قال‏:‏ لتخبرني‏.‏
قال‏:‏ كنت والله يا أبة عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب‏.‏
فقال معاوية‏:‏ سبحان الله يا بنيَّ والله لقد جهدت على سيرة عثمان بن عفان فما أطقتها فكيف بك وسيرة عمر‏؟‏
وقال الواقدي‏:‏ حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/252‏)‏
قال‏:‏ قال معاوية ليزيد وهو يوصيه عند الموت‏:‏ يا يزيد ‏!‏‏!‏ اتق الله فقد وطأت لك هذا الأمر، ووليتُ من ذلك ما وليت، فإن يك خيراً فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به‏.‏
فارفق بالناس وأغمض عما بلغك من قول تؤذي به وتنتقص به، وطأ عليه يهنك عيشك، وتصلح لك رعيتك، وإياك والمناقشة وحمل الغضب، فإنك تهلك نفسك ورعيتك، وإياك وخيرة أهل الشرف واستهانتهم والتكبر عليهم، ولنْ لهم ليناً بحيث لا يروا منك ضعفاً ولا خوراً، وأوطئهم فراشك وقربهم إليك وأدنهم منك فإنهم يعلموا لك حقك، ولا تهنهم ولا تستخف بحقهم فيهينوك ويستخفوا بحقك ويقعوا فيك‏.‏
فإذا أردت أمراً فادع أهل السن والتجربة من أهل الخير من المشايخ وأهل التقوى فشاورهم ولا تخالفهم، وإياك والاستبداد برأيك فإن الرأي ليس في صدر واحد، وصدق من أشار عليك إذا حملك على ما تعرف، واخزن ذلك عن نسائك وخدمك؛ وشمر إزارك، وتعاهد جندك، وأصلح نفسك تصلح لك الناس، لا تدع لهم فيك مقالاً فإن الناس سراع إلى الشر‏.‏
واحضر الصلاة، فإنك إذا فعلت ما أوصيك به عرف الناس لك حقك، وعظمت مملكتك، وعظمت في أعين الناس‏.‏
واعرف شرف أهل المدينة ومكة فإنهم أصلك وعشيرتك، واحفظ لأهل الشام شرفهم فإنهم أهل طاعتك، واكتب إلى أهل الأمصار بكتاب تعدهم فيه منك بالمعروف، فإن ذلك يبسط آمالهم، وإن وفد عليك وافد من الكور كلها فأحسن إليهم وأكرمهم فإنهم لمن ورائهم، ولا تسمعن قول قاذف ولا ما حل فإني رأيتهم وزراء سوء‏.‏
ومن وجه آخر أن معاوية قال ليزيد‏:‏ إن لي خليلاً من أهل المدينة فأكرمه‏.‏
قال‏:‏ ومن هو‏؟‏
قال‏:‏ عبد الله بن جعفر‏.‏
فلما وفد بعد موت معاوية على يزيد أضعف جائزته التي كان معاوية يعطيه إياها، وكانت جائزته على معاوية ستمائة ألف، فأعطاه يزيد ألف ألف‏.‏
فقال له‏:‏ بأبي أنت وأمي، فأعطاه ألف ألف أخرى‏.‏
فقال له ابن جعفر‏:‏ والله لا أجمع أبوي لأحد بعدك‏.‏
ولما خرج ابن جعفر من عند يزيد وقد أعطاه ألفي ألف، رأى على باب يزيد بخاتي مبركات قد قدم عليها هدية من خراسان، فرجع عبد الله بن جعفر إلى يزيد فسأله منها ثلاث بخاتي ليركب عليها إلى الحج والعمرة، وإذا وفد إلى الشام على يزيد‏.‏
فقال يزيد للحاجب‏:‏ ما هذه البخاتي التي على الباب‏؟‏ - ولم يكن شعر بها -‏.‏
فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين هذه أربعمائة بختية جاءتنا من خراسان تحمل أنواع الألطاف - وكان عليها أنواع من الأموال كلها -‏.‏
فقال‏:‏ اصرفها إلى أبي جعفر بما عليها‏.‏
فكان عبد الله بن جعفر يقول‏:‏ أتلومونني على حسن الرأي في هذا‏؟‏ - يعني‏:‏ يزيد -‏.‏
وقد كان يزيد فيه خصال محمودة من الكرم، والحلم، والفصاحة، والشعر، والشجاعة، وحسن الرأي في الملك‏.‏
وكان ذا جمال حسن المعاشرة، وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات، وإماتتها في غالب الأوقات‏.‏
وقد قال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا أبو عبد الرحمن، ثنا حيوة، حدثني بشير بن أبي عمرو الخولاني‏:‏ أن الوليد بن قيس حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏يكون خلفٌ من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، ثم يكون خلف يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ومنافق وفاجر‏)‏‏)‏‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/253‏)‏
فقلت للوليد‏:‏ ما هؤلاء الثلاثة‏؟‏
قال‏:‏ المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يؤمن به‏.‏ تفرد به أحمد‏.‏
وقال الحافظ أبو يعلى‏:‏ حدثنا زهير بن حرب، ثنا الفضل بن دكين، ثنا كامل أبو العلاء‏:‏ سمعت أبا صالح سمعت أبا هريرة يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏تعوذوا بالله من سنة سبعين، ومن إمارة الصبيان‏)‏‏)‏‏.‏
وروى الزبير بن بكار، عن عبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال في يزيد بن معاوية‏:‏
لست منا وليس خالك منا * يا مضيع الصلوات للشهوات
قال‏:‏ وزعم بعض الناس أن هذا الشعر لموسى بن يسار، ويعرف بموسى شهوات‏.‏
وروي عن عبد الله بن الزبير أنه سمع جارية له تغني بهذا البيت فضربها وقال قولي‏:‏
أنت منا وليس خالك منا * يا مضيع الصلوات للشهوات
وقال الحافظ أبو يعلى‏:‏ حدثنا الحكم بن موسى، ثنا يحيى بن حمزة، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد‏)‏‏)‏‏.‏
وهذا منقطع بين مكحول وأبي عبيدة بل معضل‏.‏
وقد رواه ابن عساكر من طريق صدقة بن عبد الله الدمشقي عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة‏.‏
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏لا يزال أمر هذه الأمة قائماً بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد‏)‏‏)‏‏.‏
ثم قال‏:‏ وهو منقطع أيضاً بين مكحول وأبي ثعلبة‏.‏
وقال أبو يعلى‏:‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عوف، عن خالد بن أبي المهاجر، عن أبي العالية‏.‏
قال‏:‏ كنا مع أبي ذر بالشام فقال أبو ذر‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏أول من يغير سنتي رجل من بني أمية‏)‏‏)‏‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/254‏)‏
ورواه ابن خزيمة‏:‏ عن بندار، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن عوف‏:‏ حدثنا مهاجر بن أبي مخلد، حدثني أبو العالية، حدثني أبو مسلم، عن أبي ذر فذكر نحوه‏.‏
وفيه قصة وهي‏:‏ أن أبا ذر كان في غزاة عليهم يزيد بن أبي سفيان فاغتصب يزيد من رجل جارية، فاستعان الرجل بأبي ذر على يزيد أن يردّها عليه، فأمره أبو ذر أن يردها عليه، فتلكأ فذكر أبو ذر له الحديث فردها‏.‏
وقال يزيد لأبي ذر‏:‏ نشدتك بالله أهو أنا‏؟‏
قال‏:‏ لا‏.‏
وكذا رواه البخاري في ‏(‏التاريخ‏)‏ وأبو يعلى عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب‏.‏
ثم قال البخاري‏:‏ والحديث معلول ولا نعرف أن أبا ذر قدم الشام زمن عمر بن الخطاب‏.‏
قال‏:‏ وقد مات يزيد بن أبي سفيان زمن عمر فولى مكانه أخاه معاوية‏.‏
وقال عباس الدوري‏:‏ سألت ابن معين‏:‏ أسمع أبو العالية من أبي ذر‏؟‏
قال‏:‏ لا إنما يروي عن أبي مسلم عنه‏.‏
قلت‏:‏ فمن أبو مسلم هذا‏؟‏
قال‏:‏ لا أدري‏.‏
وقد أورد ابن عساكر أحاديث في ذم يزيد بن معاوية كلها موضوعة لا يصح شيء منها، وأجود ما ورد ما ذكرناه على ضعف أسانيده وانقطاع بعضه والله أعلم‏.‏
قال الحارث بن مسكين‏:‏ عن سفيان، عن شبيب، عن عرقدة بن المستظل‏.‏
قال‏:‏ سمعت عمر بن الخطاب يقول‏:‏ قد علمت ورب الكعبة متى تهلك العرب، إذا ساسهم من لم يدرك الجاهلية ولم يكن له قدم في الإسلام‏.‏
قلت‏:‏ يزيد بن معاوية أكثر ما نقم عليه في عمله شرب الخمر، وإتيان بعض الفواحش، فأما قتل الحسين فإنه كما قال جده سفيان يوم أُحد لم يأمر بذلك ولم يسؤه‏.‏
وقد قدمنا أنه قال‏:‏ لو كنت أنا لم أفعل معه ما فعله ابن مرجانة - يعني‏:‏ عبيد الله بن زياد -‏.‏
وقال للرسل الذين جاؤوا برأسه‏:‏ قد كان يكفيكم من الطاعة دون هذا، ولم يعطهم شيئاً، وأكرم آل بيت الحسين، وردّ عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في محامل وأهبة عظيمة، وقد ناح أهله في منزله على الحسين حين كان أهل الحسين عندهم ثلاثة أيام‏.‏
وقيل‏:‏ إن يزيد فرح بقتل الحسين أول ما بلغه ثم ندم على ذلك‏.‏
فقال أبو عبيدة معمر بن المثنى‏:‏ إن يونس بن حبيب الجرمي حدثه قال‏:‏ لما قتل ابن زياد الحسين ومن معه بعث برؤوسهم إلى يزيد، فسرّ بقتله أولاً وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثم لم يلبث إلا قليلاً حتى ندم ‏!‏
فكان يقول‏:‏ وما كان عليّ لو احتملت الأذى وأنزلته في داري وحكمته فيما يريده، وإن كان عليّ في ذلك وكف ووهن في سلطاني، حفظاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورعاية لحقه وقرابته‏.‏
ثم يقول‏:‏ لعن الله ابن مرجانة فإنه أحرجه واضطره، وقد كان سأله أن يخلي سبيله أو يأتيني أو يكون بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله، فلم يفعل، بل أبى عليه وقتله، فبغّضني بقتله إلى المسلمين، وزرع لي في قلوبهم العداوة، فأبغضني البر والفاجر بما استعظم الناس من قتلي حسيناً، مالي ولابن مرجانة قبحه الله وغضب عليه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/255‏)‏
ولما خرج أهل المدينة عن طاعته وخلعوه وولوا عليهم ابن مطيع وابن حنظلة، لم يذكروا عنه - وهم أشد الناس عداوة له - إلا ما ذكروه عنه من شرب الخمر، وإتيانه بعض القاذورات، لم يتهموه بزندقة كما يقذفه بذلك بعض الروافض‏.‏
بل قد كان فاسقاً والفاسق لا يجوز خلعه لأجل ما يثور بسبب ذلك من الفتنة ووقوع الهرج، كما وقع زمن الحرة، فإنه بعث إليهم من يردّهم إلى الطاعة وأنظرهم ثلاثة أيام، فلما رجعوا قاتلهم وغير ذلك، وقد كان في قتال أهل الحرة كفاية، ولكن تجاوز الحد بإباحة المدينة ثلاثة أيام، فوقع بسبب ذلك شر عظيم كما قدمنا‏.‏
وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد، ولا بايع أحداً بعد بيعته ليزيد‏.‏
كما قال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا إسماعيل بن علية، حدثني صخر بن جويرية، عن نافع‏.‏
قال‏:‏ لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال‏:‏ أما بعد، فإنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان، وإن من أعظم الغدر إلا أن يكون الإشراك بالله، أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته‏)‏‏)‏‏.‏
فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون الفيصل بيني وبينه‏.‏
وقد رواه مسلم والترمذي من حديث صخر بن جويرية، وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏.‏
وقد رواه أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني‏:‏ عن صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله‏.‏
ولما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع‏:‏ إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب‏.‏
فقال لهم‏:‏ ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه، ملازماً للسنة‏.‏
قالوا‏:‏ فإن ذلك كان منه تصنعاً لك‏.‏
فقال‏:‏ وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع‏؟‏
أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر‏؟‏
فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا‏.‏
قالوا‏:‏ إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه‏.‏
فقال لهم‏:‏ أبى الله ذلك على أهل الشهادة‏.‏
فقال‏:‏ ‏{‏إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 86‏]‏، ولست من أمركم في شيء‏.‏
قالوا‏:‏ فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا‏.‏
قال‏:‏ ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/256‏)‏
قالوا‏:‏ فقد قاتلت مع أبيك‏.‏
قال‏:‏ جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه‏.‏
فقالوا‏:‏ فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا‏.‏
قال‏:‏ لو أمرتهما قاتلت‏.‏
قالوا‏:‏ فقم معنا مقاماً تحض الناس فيه على القتال‏.‏
قال‏:‏ سبحان الله ‏!‏‏!‏ آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذاً ما نصحت لله في عباده‏.‏
قالوا‏:‏ إذاً نكرهك‏.‏
قال‏:‏ إذاً آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة‏.‏
وقال أبو القاسم البغوي‏:‏ حدثنا مصعب الزبيري، ثنا ابن أبي حازم، عن هشام، عن زيد بن أسلم، عن أبيه‏:‏ أن ابن عمر دخل وهو معه على ابن مطيع، فلما دخل عليه‏.‏
قال‏:‏ مرحباً بأبي عبد الرحمن ضعوا له وسادة‏.‏
فقال‏:‏ إنما جئتك لأحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏من نزع يداً من طاعة فإنه يأتي يوم القيامة لا حجة له، ومن مات مفارق الجماعة فإنه يموت موتة جاهلية‏)‏‏)‏‏.‏
وهكذا رواه مسلم من حديث هشام بن سعد، عن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر به‏.‏
وتابعه إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه‏.‏
وقد رواه الليث عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر فذكره‏.‏
وقال أبو جعفر الباقر‏:‏لم يخرج أحد من آل أبي طالب ولا من بني عبد المطلب أيام الحرة، ولما قدم مسلم بن عقبة المدينة أكرمه وأدنى مجلسه وأعطاه كتاب أمان‏.‏
وروى المدائني أن مسلم بن عقبة بعث روح بن زنباع إلى يزيد ببشارة الحرة، فلما أخبره بما وقع قال‏:‏ وا قوماه، ثم دعا الضحاك بن قيس الفهري فقال له‏:‏ ترى ما لقي أهل المدينة‏؟‏ فما الذي يجبرهم‏؟‏
قال‏:‏ الطعام والأعطية‏.‏
فأمر بحمل الطعام إليهم وأفاض عليهم أعطيته‏.‏
وهذا خلاف ما ذكره كذبة الروافض عنه من أنه شمت بهم واشتفى بقتلهم، وأنه أنشد ذكراً وأثراً شعر ابن الزبعري المتقدم ذكره‏.‏
وقال أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام‏:‏ حدثني محمد بن القاسم، سمعت الأصمعي يقول‏:‏ سمعت هارون الرشيد ينشد ليزيد بن معاوية‏:‏
إنها بين عامر بن لؤيٍ * حين تمنى وبين عبد مناف
ولها في الطيبين جدودٌ * ثم نالت مكارم الأخلاف
بنت عم النبي أكرم من * يمشي بنعلٍ على التراب وحافي
لن تراها على التبدل والغلـ*ـظة إلا كدرة الأصداف
قال الزبير بن بكار‏:‏ أنشدني عمي مصعب ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان‏:‏
آب هذا الهم فاكتنفا * ثمَّ مر النوم فامتنعا
راعياً للنجم أرقبه * فإذا ما كوكبٌ طلعا
حام حتى أنني لأرى * أنه بالغور قد وقعا
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/257‏)‏
ولها بالمطارون إذا * أكل النمل الذي جمعا
نزهه حتى إذا بلغت * نزلت من خلّق تبعا
في قبابٍ وسط دسكرةٍ *حولها الزيتون قد ينعا
ومن شعره‏:‏
وقائلةٌ لي حين شبهت وجهها * ببدر الدجى يوماً وقد ضاق منهجي
تشبهني بالبدر هذا تناقصٌ * بقدري ولكن لست أول من هجي
ألم تر أنَّ البدر عند كماله * إذا بلغ التشبيه عاد كدملجي
فلا فخر إن شبهت بالبدر مبسمي * وبالسحر أجفاني وبالليل مدعجي
قد ذكره الزبير بن بكار، عن أبي محمد الجزري قال‏:‏ كانت بالمدينة جارية مغنية يقال لها‏:‏ سلامة، من أحسن النساء وجهاً، وأحسنهن عقلاً، وأحسنهن قداً، قد قرأت القرآن‏.‏
وروت الشعر وقالته، وكان عبد الرحمن بن حسان، والأحوص بن محمد يجلسان إليها‏.‏
فعلقت الأحوص فصدت عن عبد الرحمن، فرحل ابن حسان إلى يزيد بن معاوية إلى الشام فامتدحه ودله على سلامة وجمالها وحسنها وفصاحتها‏.‏
وقال‏:‏ لا تصلح إلا لك يا أمير المؤمنين، وأن تكون من سمارك، فأرسل يزيد فاشتريت له وحملت إليه، فوقعت منه موقعاً عظيماً، وفضلها على جميع من عنده، ورجع عبد الرحمن إلى المدينة فمر بالأحوص فوجده مهموماً، فأراد أن يزيده إلى ما به من الهم هماً فقال‏:‏
يا مبتلى بالحب مقروحا * لاقى من الحب تباريحا
أفحمه الحب فما ينثني * إلا بكاس الحب مصبوحا
وصار ما يعجبه مغلقاً * عنه وما يكره مفتوحا
قد حازها من أصبحت عنده * ينال منها الشمَّ والريحا
خليفة الله فسل الهوى * وعزَّ قلباً منك مجروحا
قال‏:‏ فأمسك الأحوص عن جوابه ثم غلبه وجدة عليها فسار إلى يزيد فامتدحه فأكرمه يزيد وحظي عنده، فدست إليه سلامة خادماً وأعطته مالاً على أن يدخله إليها، فأخبر الخادم يزيد بذلك‏.‏
فقال‏:‏ امض لرسالتها، ففعل وأدخل الأحوص عليها وجلس يزيد في مكان يراهما ولا يريانه، فلما بصرت الجارية بالأحوص بكت إليه وبكى إليها، وأمرت فأُلقي له كرسي فقعد عليه، وجعل كل واحد منهما يشكو إلى صاحبه شدة شوقه إليه فلم يزالا يتحدثان إلى السحر، ويزيد يسمع كلامهما من غير أن يكون بينهما ريبة، حتى إذا همَّ الأحوص بالخروج قال‏:‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 8/258‏)‏
أمسى فؤادي في همٍ وبلبال * من حب من لم أزل منه على بال
فقالت‏:‏
صحا المحبُّون بعد النأي إذ يئسوا * وقد يئست وما أضحوا على حال
فقال‏:‏
من كان يسلو بيأس عن أخي ثقةٍ * فعنك سلامٌ ما أمسيت بالسالي
فقالت‏:‏
والله والله لا أنساك يا شجني * حتى تفارق مني الروح أوصالي
فقال‏:‏
والله ما خاب من أمسى وأنت له * يا قرة العين في أهلٍ وفي مال
قال‏:‏ ثم ودعها وخرج، فأخذه يزيد ودعا بها فقال‏:‏ أخبراني عما كان في ليلتكما وأصدقاني، فأخبراه وأنشداه ما قالا، فلم يحرفا منه حرفاً ولا غّيرا شيئاً مما سمعه‏.‏
فقال لها يزيد‏:‏ أتحبينه‏؟‏
قالت‏:‏ إي والله يا أمير المؤمنين‏:‏
حباً شديداً جرى كالروح في جسدي * فهل يفرق بين الروح والجسد‏؟‏
فقال له‏:‏ أتحبها‏؟‏
فقال‏:‏ إي والله يا أمير المؤمنين‏:‏
حباً شديداً تليداً غير مطرفٍ * بين الجوانح مثل النار يضطرم
فقال يزيد‏:‏ إنكما لتصفان حباً شديداً خذها يا أحوص فهي لك، ووصله صلة سنية‏.‏
فرجع بها الأحوص إلى الحجاز وهو قرير العين‏.‏
وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف وشرب الخمر والغنا والصيد، واتخاذ الغلمان والقيان والكلاب والنطاح بين الكباش والدباب والقرود، وما من يوم إلا يصبح فيه مخموراً‏.‏
وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به، ويلبس القرد قلانس الذهب، وكذلك الغلمان، وكان يسابق بين الخيل، وكان إذا مات القرد حزن عليه‏.‏
وقيل‏:‏ إن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته‏.‏
وذكروا عنه غير ذلك والله أعلم بصحة ذلك‏.‏
وقال عبد الرحمن بن أبي مدعور‏:‏ حدثني بعض أهل العلم قال‏:‏ آخر ما تكلم به يزيد بن معاوية‏:‏ اللهم لا تؤاخذني بما لم أحبه، ولم أرده، واحكم بيني وبين عبيد الله بن زياد‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/259‏)‏
وكان نقش خاتمه آمنت بالله العظيم‏.‏
مات يزيد بحوارين من قرى دمشق في رابع عشر ربيع الأول‏.‏
وقيل‏:‏ يوم الخميس للنصف منه، سنة أربع وستين‏.‏
وكانت ولايته بعد موت أبيه في منتصف رجب سنة ستين، وكان مولده في سنة خمس‏.‏
وقيل‏:‏ سنة ست‏.‏
وقيل‏:‏ سبع وعشرين‏.‏
ومع هذا فقد اختلف في سنّه ومبلغ أيامه في الإمارة على أقوال كثيرة، وإذا تأملت ما ذكرته لك من هذه التحديدات انزاح عنك الإشكال من هذا الخلاف، فإن منهم من قال‏:‏ جاوز الأربعين حين مات فالله أعلم‏.‏
ثم حمل بعد موته إلى دمشق وصلى عليه ابنه معاوية بن يزيد أمير المؤمنين يومئذٍ، ودفن بمقابر باب الصغير‏.‏
وفي أيامه وسع النهر المسمى بيزيد في ذيل جبل قاسيون، وكان جدولاً صغيراً فوسعه أضعاف ما كان يجري فيه من الماء‏.‏
وقال ابن عساكر‏:‏ حدثنا أبو الفضل محمد بن محمد بن الفضل بن المظفر العبدي قاضي البحرين من لفظه وكتبه لي بخطه - قال‏:‏ رأيت يزيد بن معاوية في النوم فقلت له‏:‏ أنت قتلت الحسين‏؟‏
فقال‏:‏ لا ‏!‏
فقلت له‏:‏ هل غفر الله لك‏؟‏
قال‏:‏ نعم، وأدخلني الجنة‏.‏
قلت‏:‏ فالحديث الذي يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى معاوية يحمل يزيد‏.‏
فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏رجل من أهل الجنة يحمل رجلاً من أهل النار‏؟‏‏)‏‏)‏
فقال‏:‏ ليس بصحيح‏.‏
قال ابن عساكر‏:‏ وهو كما قال، فإن يزيد بن معاوية لم يولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وإنما ولد بعد العشرين من الهجرة‏.‏
وقال أبو جعفر بن جرير‏
*****************************************

من هو يزيد بن معاوية؟ 

ذكر و فاة يزيد بن معاوية
و في هذه السنة توفي يزيد بن معاوية بحوارين من أرض الشام لأربع عشرة خلت من شهر ربيع الأول ، و هو ابن ثمان و ثلاثين سنة في قول بعضهم ، و قيل : تسع و ثلاثين ، و كانت ولايته ثلاث سنين و ستة أشهر ، و قيل : ثمانية أشهر ، و قيل : توفي في ربيع الأول سنة ثلاث و ستين ، و كان عمره خمساً و ثلاثين سنة ، و كانت خلافته سنتين و ثمانية أشهر ، و الأول أصح .
و أمه ميسون بنت بحدل بن أنيف الكلبية .
و كان له من الولد معاوية ، و كنيته أبو عبد الرحمن و أبو ليلى ، و هو الذي ولي بعده ، و خالد و يكنى أبا هاشم ، و يقال إنه أصاب عمل الكيميا، و لا يصح ذلك لأحد ، و أبو سفيان ، و أمهم أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ، تزوجها بعده مروان بن الحكم ، و له أيضاً عبد الله بن يزيد ، كان أرمى العرب ، و أمه أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر ، و هو الأسوار ، و عبد الله الأصغر و عمرو و أبو بكر و عتبة و حرب و عبد الرحمن و محمد لأمهات شتى .
 
=======================================================================

عدد قتلى ابن زياد في الكوفة فهم أكثر من قتلى سمرة! ففي الإحتجاج:2/17: (وكتب زياد بن أبيه إليه في حق الحضرميين: إنهم على دين عليٍّ وعلى رأيه ! فكتب إليه معاوية: أقتل كل من كان على دين علي ورأيه ! فقتلهم ومثَّل بهم ! وكتب كتاباً آخر: أنظروا من قبلكم من شيعة علي واتهموه بحبه فاقتلوه. وإن لم تقم عليه البينة فاقتلوه على التهمة والظنة والشبهة ! فقتلوهم تحت كل حجر ، حتى لو كان الرجل تسقط منه كلمة ضربت عنقه ، حتى لو كان الرجل يُرمى بالزندقة والكفر كان يكرم ويعظم ولا يتعرض له بمكروه ، والرجل من الشيعة لا يأمن على نفسه في بلد من البلدان ، لا سيما الكوفة والبصرة ، حتى لو أن أحداً منهم أراد أن يلقي سراً إلى من يثق به لأتاه في بيته فيخاف خادمه ومملوكه ، فلا يحدثه إلا بعد أن يأخذ عليهم الأيمان المغلظة ليكتمنَّ عليه ، ثم لا يزداد الأمر إلا شدة ، حتى كثر وظهرت أحاديثهم الكاذبة ، ونشأ عليه الصبيان يتعلمون ذلك).

وقال محمد بن حبيب البغدادي في المحبر ص479: (وصلب زياد بن أبيه مسلم بن زيمر ، وعبد الله بن نجى الحضرميين على أبوابهما أياماً بالكوفة ، وكانا شيعيين وذلك بأمر معاوية ! وقد عدَّهما (أي اعترض بسببهما) الحسين بن علي رضي الله عنهما على معاوية ، في كتابه إليه: ألست صاحب حجر والحضرميين اللذين كتب إليك ابن سمية إنهما على دين عليٍّ ورأيه ، فكتبت إليه: من كان على دين على ورأيه فاقتله ومَثِّل به فقتلهما ومّثََل بأمرك بهما؟ ودينُ عليٍّ وابنُ عم عليٍّ ، الذي كان يضرب عليه أباك ويضربه عليه أبوك ، أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف أبيك تجشم الرحلتين اللتين بنا من الله عليك بوضعهما عنكم.... في كتاب طويل يوبخه فيه بادعائه زياداً ، وتوليته إياه العراقين).انتهى.

****************************************************************************************

من تاريخ كتاب البداية والنهاية لــ أبن كثير الجزء الثامن ( 123 من 239 ) 

أولاد معاوية بن يزيد بن معاوية

فمنهم معاوية بن يزيد بن معاوية يكنى أبا ليلى، وهو الذي يقول فيه الشاعر‏:‏

إني أرى فتنة قد حان أولها * والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا

وخالد بن يزيد يكنى أبا هاشم كان يقال‏:‏ إنه أصاب علم الكيمياء، وأبو سفيان، وأمهما أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس‏.‏

وقد تزوجها بعد يزيد بن مروان بن الحكم وهي التي يقول فيها الشاعر‏:‏

أنعمي أم خالدٍ * ربَّ ساعٍ كقاعد

وعبد العزيز بن يزيد ويقال له‏:‏ الأسوار، وكان من أرمى العرب، وأمه أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر وهو الذي يقول فيه الشاعر‏:‏

زعم الَّناس أنَّ خير قريشٍ * كلهم حين يذكرون الأساور

‏(‏ج/ص‏:‏ 8/60‏)‏

وعبد الله الأصغر، وأبو بكر، وعتبة، وعبد الرحمن، والربيع، ومحمد، لأمهات أولاد شتىَّ‏.‏

ويزيد، وحرب، وعمر، وعثمان‏.‏

فهؤلاء خمسة عشر ذكراً، وكان له من البنات‏:‏ عاتكة، ورملة، وأم عبد الرحمن، وأم يزيد، وأم محمد، فهؤلاء خمس بنات‏.‏

وقد انقرضوا كافة فلم يبق ليزيد عقب، والله سبحانه أعلم‏.‏

*****************************************************************************

الخليفة الثالث من بنى أمية : إمارة معاوية بن يزيد بن معاوية 683 م

أبي عبد الرحمن ويقال‏:‏ أبو يزيد‏.‏

ويقال‏:‏ أبو يعلى القرشي الأموي، وأمه أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة، بويع له بعد موت أبيه - وكان ولي عهده من بعده - في رابع عشر ربيع الأول سنة أربع وستين‏.‏

وكان رجلاً صالحاً ناسكاً، ولم تطل مدته‏.‏

قيل‏:‏ إنه مكث في الملك أربعين يوماً‏.‏

وقيل‏:‏ عشرين يوماً‏ , وقيل‏:‏ شهرين‏ , وقيل‏:‏ شهراً ونصف‏ , وقيل‏:‏ ثلاثة أشهر وعشرون يوماً‏ , وقيل‏:‏ أربعة أشهر فالله أعلم‏.‏

وكان في مدة ولايته مريضاً لم يخرج إلى الناس، وكان الضحاك بن قيس هو الذي يصلي بالناس ويسد الأمور، ثم مات معاوية بن يزيد هذا عن إحدى وعشرين‏.‏

وقيل‏:‏ ثلاث وعشرين سنة وثمانية عشر يوماً‏.‏ وقيل‏:‏ تسع عشرة سنة‏.‏ وقيل‏:‏ ثلاث وعشرون سنة‏.‏ وقيل‏:‏ إنما عاش ثماني عشرة سنة‏.‏ وقيل‏:‏ تسع عشرة سنة‏.‏ وقيل‏:‏ عشرون‏.‏ وقيل‏:‏ خمس وعشرون فالله أعلم‏.‏

وصلى عليه أخوه خالد‏.‏

وقيل‏:‏ عثمان بن عنبسة‏.‏

وقيل‏:‏ الوليد بن عتبة وهو الصحيح، فإنه أوصى إليه بذلك، وشهد دفنه مروان بن الحكم، وكان الضحاك بن قيس هو الذي يصلي بالناس بعده حتى استقر الأمر لمروان بالشام‏.‏

ودفن بمقابر باب الصغير بدمشق، ولما حضرته الوفاة، قيل له‏:‏ ألا توصي‏.‏

فقال‏:‏ لا أتزوّد مرارتها إلى آخرتي وأترك حلاوتها لبني أمية‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/261‏)‏

وكان رحمه الله أبيض شديد البياض، كثير الشعر، كبير العينين، جعد الرأس، أقنى الأنف، مدور الرأس، جميل الوجه، كثير شعر الوجه دقيقه، حسن الجسم‏.‏

قال أبو زرعة الدمشقي‏:‏ معاوية، وعبد الرحمن، وخالد أخوه، وكانوا من صالحي القوم، وقال فيه بعض الشعراء - وهو عبد الله بن همام البلوي -‏:‏

تلقاها يزيدٌ عن أبيه * فدونكها معاوي عن يزيدا

أديروها بني حربٍ عليكم * ولا ترموا بها الغرض البعيدا

ويروى أن معاوية بن يزيد هذا نادى في الناس‏:‏ الصلاة جامعة ذات يوم، فاجتمع الناس فقال لهم فيما قال‏:‏ يا أيها الناس ‏!‏ إني قد وليت أمركم وأنا ضعيف عنه، فإن أحببتم تركتها لرجل قوي كما تركها الصديق لعمر، وإن شئتم تركتها شورى في ستة منكم كما تركها عمر بن الخطاب، وليس فيكم من هو صالح لذلك، وقد تركت لكم أمركم فولوا عليكم من يصلح لكم‏.‏

ثم نزل ودخل منزله، فلم يخرج منه حتى مات رحمه الله تعالى‏.‏

ويقال‏:‏ إنه سقي‏.‏

ويقال‏:‏ إنه طعن‏.‏

ولما دفن حضر مروان دفنه، فلما فرغ منه قال مروان‏:‏ أتدرون من دفنتم‏؟‏

قالوا‏:‏ نعم معاوية بن يزيد‏.‏

فقال مروان‏:‏ هو أبو ليلى الذي قال فيه أرثم الفزاري‏:‏

إني أرى فتنة تغلي مراجلها * والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا

قالوا‏:‏ فكان الأمر كما قال، وذلك أن أبا ليلى توفي من غير عهد منه إلى أحد، فتغلب إلى الحجاز عبد الله بن الزبير، وعلى دمشق وأعمالها مروان بن الحكم، وبايع أهل خراسان سلم بن زياد حتى يتولى على الناس خليفة، وأحبوه محبة عظيمة، وسار فيهم سلم سيرة حسنة أحبوه عليها، ثم أخرجوه من بين أظهرهم‏.‏

وخرج القراء والخوارج بالبصرة وعليهم نافع بن الأزرق، وطردوا عنهم عبيد الله بن زياد بعدما كانوا بايعوه عليهم حتى يصير للناس إمام، فأخرجوه عنهم، فذهب إلى الشام بعد فصول يطول ذكرها‏.‏

وقد بايعوا بعده عبد الله بن الحارث بن نوفل المعروف ببَّة، وأمه هند بنت أبي سفيان، وقد جعل على شرطة البصرة هميان بن عدي السدوسي، فبايعه الناس في مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وستين‏.‏

وقد قال الفرزدق‏:‏

وبايعت أقواماً وفيت بعهدهم * وببة قد بايعته غير نادم

فأقام فيها أربعة أشهر ثم لزم بيته، فكتب أهل البصرة إلى ابن الزبير إلى أنس بن مالك يأمره أن يصلي بالناس، فصلى بهم شهرين، ثم كان ما سنذكره‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 8/262‏)‏

وخرج نجدة بن عامر الحنفي باليمامة، وخرج بنو ماحورا في الأهواز وفارس وغير ذلك على ما سيأتي تفصيله قريباً إن شاء الله تعالى‏.

****************************************************************************

 إمارة عبد الله بن الزبير فى مكـــــــه

وعند ابن حزم وطائفة أنه أمير المؤمنين آنذاك‏.‏

قد قدمنا أنه لما مات يزيد أقلع الجيش عن مكة ، وهم الذين كانوا يحاصرون ابن الزبير هو عائذ بالبيت، فلما رجع حصين بن نمير السكوني بالجيش إلى الشام، استفحل ابن الزبير بالحجاز وما والاها، وبايعه الناس بعد يزيد بيعة هناك‏.‏

واستناب على أهل المدينة أخاه عبيد الله بن الزبير، وأمره بإجلاء بني أمية عن المدينة فأجلاهم فرحلوا إلى الشام، وفيهم مروان بن الحكم وابنه عبد الملك‏.‏

ثم بعث أهل البصرة إلى ابن الزبير بعد حروب جرت بينهم وفتن كثيرة يطول استقصاؤها، غير أنهم في أقل من ستة أشهر أقاموا عليهم نحواً من أربعة أمراء من بينهم ثم تضطرب أمورهم‏.‏

ثم بعثوا إلى ابن الزبير وهو بمكة يخطبونه لأنفسهم، فكتب إلى أنس بن مالك ليصلي بهم‏.‏

ويقال‏:‏ إن أول من بايع الزبير مصعب بن عبد الرحمن‏.‏

فقال الناس‏:‏ هذا أمر فيه صعوبة، وبايعه عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن علي بن أبي طالب، وبعث إلى ابن عمر، وابن الحنفية، وابن عباس ليبايعوا فأبوا عليه‏.‏

وبويع في رجب بعد أن أقام الناس نحو ثلاثة أشهر بلا إمام‏.‏

وبعث ابن الزبير إلى أهل الكوفة عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري على الصلاة، وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله على الخراج، واستوثق له المصران جميعاً، وأرسل إلى مصر فبايعوه‏.‏

واستناب عليها عبد الرحمن بن جحدر، وأطاعت له الجزيرة، وبعث على البصرة الحارث بن عبد الله بن ربيعة، وبعث إلى اليمن فبايعوه، وإلى خراسان فبايعوه، وإلى الضحاك بن قيس بالشام فبايع‏.‏

وقيل‏:‏ إن أهل دمشق وأعمالها من بلاد الأردن لم يبايعوه، لأنهم بايعوا مروان بن الحكم لما رجع الحصين بن نمير من مكة إلى الشام‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/263‏)‏

وقد كان التف على عبد الله بن الزبير جماعة من الخوارج يدافعون عنه، منهم‏:‏ نافع بن الأزرق، وعبد الله بن أباض، وجماعة من رؤوسهم‏.‏

فلما استقر أمره في الخلافة قالوا فيما بينهم‏:‏ إنكم قد أخطأتم لأنكم قاتلتم مع هذا الرجل ولم تعلموا رأيه في عثمان بن عفان - وكانوا ينتقصون عثمان - فاجتمعوا إليه فسألوه عن عثمان فأجابهم فيه بما يسوؤهم، وذكر لهم ما كان متصفاً به من الإيمان والتصديق، والعدل والإحسان والسيرة الحسنة، والرجوع إلى الحق إذا تبين له‏.‏

فعند ذلك نفروا عنه وفارقوه وقصدوا بلاد العراق وخراسان، فتفرقوا فيها بأبدانهم وأديانهم ومذاهبهم، ومسالكهم المختلفة المنتشرة، التي لا تنضبط ولا تنحصر، لأنها مفرعة على الجهل وقوة النفوس، والاعتقاد الفاسد، ومع هذا استحوذوا على كثير من البلدان والكور، حتى انتزعت منهم على ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله‏.‏

ذكر هدم الكعبة وبنائها في أيام ابن الزبير

قال ابن جرير‏:‏ وفي هذه السنة هدم ابن الزبير الكعبة ، وذلك لأنه مال جدارها من رمي المنجنيق فهدم الجدار حتى وصل إلى أساس إبراهيم‏.‏

وكان الناس يطوفون ويصلون من وراء ذلك ، وجعل الحجر الأسود في تابوت في سرق من حرير، وادخر ما كان في الكعبة من حلي وثياب وطيب، عند الخزان، حتى أعاد ابن الزبير بناءها على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يبنيها عليه من الشكل‏.‏

وذلك كما ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏ وغيرهما من المسانيد والسنن، من طرق عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏لولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة ولأدخلت فيها الحجر، فإن قومك قصرت بهم النفقة، ولجعلت لها باباً شرقياً وباباً غربياً، يدخل الناس من أحدهما ويخرجون من الآخر، ولألصقت بابها بالأرض فإن قومك رفعوا بابها ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا‏)‏‏)‏‏.‏

فبناها ابن الزبير على ذلك كما أخبرته به خالته عائشة أم المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجزاه الله خيراً‏.‏

ثم لما غلبه الحجاج بن يوسف في سنة ثلاث وسبعين كما سيأتي، هدم الحائط الشمالي وأخرج الحجر كما كان أولاً، وأدخل الحجارة التي هدمها في جوف الكعبة فرصها فيه، فارتفع الباب وسد الغربي‏.‏

وتلك آثاره إلى الآن، وذلك بأمر عبد الملك بن مروان في ذلك، ولم يكن بلغه الحديث، فلما بلغه الحديث قال‏:‏ وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك‏.‏

وقد هم ابن المنصور المهدي أن يعيدها على ما بناها ابن الزبير، واستشار الإمام مالك بن أنس في ذلك، فقال‏:‏ إني أكره أن يتخذها الملوك لعبة، - يعني‏:‏ يتلاعبون في بنائها بحسب آرائهم - فهذا يرى رأي ابن الزبير، وهذا يرى رأي عبد الملك بن مروان، وهذا يرى رأياً آخر، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ وحج بالناس في هذه السنة عبد الله بن الزبير وكان عامله على المدينة أخوه عبيد الله، وعلى الكوفة عبد الله بن يزيد الخطمي، وعلى قضائها سعيد بن المرزبان، وامتنع شريح أن يحكم في زمان الفتنة‏.‏

وعلى البصرة عمر بن معمر التيمي، وعلى قضائها هشام بن هبيرة، وعلى خراسان عبد الله بن خازم، وكان في آواخر هذه السنة وقعة مرج راهط كما قدمنا‏.‏

وقد استقر ملك الشام لمروان بن الحكم، وذلك بعد ظفره بالضحاك بن قيس وقتله له في الوقعة‏.‏

وقيل‏:‏ إن فيها دخل مروان مصر وأخذها من نائبها الذي من جهة ابن الزبير، وهو عبد الرحمن بن جحدر‏.‏

واستقرت يد مروان على الشام ومصر وأعمالها والله أعلم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 8/276‏)‏

وقال الواقدي‏:‏ لما أراد ابن الزبير هدم البيت شاور الناس في هدمها، فأشار عليه جابر بن عبد الله، وعبيد بن عمير بذلك‏.‏

وقال ابن عباس‏:‏ أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها، فلا تزال تهدم حتى يتهاون الناس بحرمتها، ولكن أرى أن تصلح ما يتهدم من بنيانها‏.‏

ثم إن ابن الزبير استخار الله ثلاثة أيام، ثم غدا في اليوم الرابع فبدأ ينقض الركن إلى الأساس، فلما وصلوا إلى الأساس وجدوا أصلاً بالحجر مشبكاً كأصابع اليدين، فدعا ابن الزبير خمسين رجلاً فأمرهم أن يحفروا‏.‏

فلما ضربوا بالمعاول في تلك الأحجار المشبكة ارتجت مكة فتركه على حاله، ثم أسس عليه البناء، وجعل للكعبة بابين موضوعين بالأرض، باب يدخل منه وباب يخرج منه، ووضع الحجر الأسود بيده، وشده بفضة لأنه كان قد تصدع، وزاد في وسع الكعبة عشرة أذرع، ولطخ جدرانها بالمسك وسترها بالديباج‏.‏

ثم اعتمر من مساجد عائشة، وطاف بالبيت وصلى وسعى، وأزال ما كان حول الكعبة من الزبالة، وما كان حولها من الدماء، وكانت الكعبة قد وهت من أعلاها إلى أسفلها من حجارة المنجنيق، واسود الركن وانصدع الحجر الأسود من النار التي كانت حول الكعبة، وكان سبب تجديد ابن الزبير لها ما ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏ من حديث عائشة المتقدم ذكره والله أعلم‏.‏

 

This site was last updated 06/30/11