القمص بيجول:

الكنيسة القبطية بنيت بمساعدة المسيحي والمسلم معاً .. الكويت فتحت قلبها قبل أبوابها للمسيحيين فأنشأت أول كنيسة عام 1931
جريدة القبس الكويتية 21/4/2011م أجرى الحوار جاسم عباس
أبناء الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، إلى أن حققوا الطموح أو بعضاً منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فإن قاسماً مشتركاً يجمعهم، هو الحنين إلى الأيام الخوالي.
القبس شاركت عددا من هؤلاء الأفاضل والفُضليات في هذه الاستكانة.
ترتبط الكنيسة بارتباط وجود مسيحيين منذ بداية العقيدة المسيحية، فمنذ أكثر من ألفي عام وفق التقويم الميلادي تأسست أول كنيسة في العالم في مدينة القدس، وهناك العديد من الطوائف المتفرعة عن المسيحية، الكاثوليكية والقبطية الأرثوذكسية والإنجيلية الوطنية وغيرها، وهذا دليل على انفتاح الكويت ونضجها الفكري مبكراً وسماحة حكامها وكرم أهلها، وأول كنيسة بنيت فيها في مدينة الأحمدي عام 1949م، وقبل ذلك التاريخ في عام 1931م، تم بناء وتدشين الكنيسة في موضع متوسط في مجمع الإرسالية الأميركية، وفي عام 1966 تغير اسم الكنيسة المشار اليها الى «الانجيلية الوطنية».
التقينا جانب القمص بيجول الانبا بيشوي راعي الكنيسة القبطية الارثوذكسية (كنيسة القديس مارمرقس بالكويت) الذي القى الضوء على الكنيسة والمسيحيين في الكويت والخليج، فقال: الكنيسة هي اجتماع المؤمنين معا من اجل العبادة، وهناك كنائس في الدول الخليجية ومدنها ابوظبي - العين - الشارقة - جبل علي - الفجيرة - رأس الخيمة، وفي عمان، ومن فضل الله تعالى ووعي الشعوب العربية والاسلامية لم نجد اي معوقات اثناء ممارستنا العبادة، وبل وجدنا كل التشجيع والترحيب، ولنا علاقات مميزة مع المسلمين والمسيحيين من كل الطوائف، بتبادل الزيارات والتهاني والمشاركات في المناسبات، وتصلنا اعداد هائلة من باقات الورود، ويشرفني ان اقول ان كثيرين من اخواني المسلمين تحدث مشكلة بينهم وبين اخ مسيحي يأتوننا او يتصلون، فنقوم بحل المشكلة بالمحبة والاخوة دون الرجوع الى المخافر او القضاء.
بدايتها
وتحدث القمص بيجول عن بداية الكنيسة القبطية عندما ارسل قداسة البابا كيرلس السادس الذي انتقل من هذا العالم عام 1971م اي الذي سبق قداسة البابا شنودة اطال الله حياته، ارسل قداسته خطابا للمغفور له سمو الشيخ السالم الصباح يطلب من سموه كنيسة للاقباط (اي المصريين) لكي يقيموا فيه الشعائر الدينية، وكعادة الكويت في كرمها وافق سموه على الطلب، وانتهت الاجراءات بسرعة وسهولة، وقد قلت مرارا، واكرر القول ان الكويت فتحت لنا قلبها قبل ابوابها وارضها لنقيم فيها شعائرنا الدينية وبكل حرية واريحية منذ عام 1961م، وكان ذلك قبل المسيحية اميركا وكندا واستراليا واوروبا، وكانت الكنيسة في محافظة العاصمة منطقة القبلة، خلف فندق «شيراتون»، اما الآن فقد انتقلت الى محافظة حولي شارع بيروت خلف المطافي، وقد تكرمت حكومة الكويت باعطائنا هذا المكان، وانتهينا من عملية البناء وجار حاليا اتمام التشطيب، وستفتتح الكنيسة رسميا عند قدوم قداسة البابا شنودة لافتتاحها، وهذا ما وعدنا به قداسته، وقال قداسته انه سيأتي ليقدم بنفسه الشكر الواجب لصاحب السمو امير البلاد وسمو ولي العهد وكل احبائه من القيادات الحكيمة وشعب الكويت الكريم.
مشاركات بالنصح والإرشاد
أضاف القمص بيجول: أن مشاركاتنا كثيرة أهمها النصح والإرشاد وشرح الأقوال الإلهية، وتوضيح ما يعسر عليهم معرفته أو فهمه، وأهم نصحنا لاخواننا عدم التدخل في الأمور السياسية بالمرة، ولكن عندما يؤخذ رأي الكنيسة في أمر يهم البلاد، فواجب عليها أن تعطي رأياً، ومن المشاركات مشاركة الجميع في بناء دور العبادة، وتأتي التبرعات من أهل الخير، وعندي هنا «سر» أقوله لسيادتكم، وهو أنه لأجل قلة هذه التبرعات وعدم كفاية الموارد المالية تأخرنا في بناء الكنيسة وتشطيبها الى هذا الوقت، وأول تبرع وصلنا من «القس عمانوئيل غريب» راعي الكنيسة الانجيلية الوطنية، تبعه في ذلك المطران «كاميللو باللين» ومن اخواننا المسلمين تبرع الكثيرون بأشياء عينية.
وقال: ومن تفضلت بتقديم تبرع مادي أيضاً الشيخة فريحة، فضلا عما قدمته من معنويات كثيرة جداً كان أولها وأهمها وساطتها الفعالة في تسهيل الحصول على هذه الأرض لبناء الكنيسة، وما زالت وستظل قلباً مفتوحاً للجميع، كاشفة عن الوجه الحقيقي للكويت المعطاءة.
ومن المشاركات أيضا ما يقوم المسيحي به من تبرع بأعضاء من جسمه للمسيحي المريض المحتاج أو غيره، خاصة المسلم، ولا أقصد أعضاء الموتى فقط، وإنما الأحياء أيضاً.
«ما قاله قداسة البابا شنودة ليس عن الأعضاء فقط، بل: أنا مستعد أفدي إخوتي المسلمين بحياتي».
أضاف أن الكنيسة كان لها دور أثناء الغزو العراقي الغاشم للكويت عندما وضعنا أنفسنا في خدمة الكويت وتجمعنا، وأرشدنا شعبنا بالالتزام بتعليمات أهل الكويت، والصلوات والتضرع لشعبنا بالكنيسة.
وهناك يتم تبادل الزيارات والتهاني في أعيادنا المشتركة مثل عيدي الفطر والأضحى والميلاد والقيامة، وأهل الكويت أهل كرم جُبلوا على الكرم والمودة والحب، وأنا شخصياً أحضر كل الأفراح التي أدعى إليها، كما أشارك أيضاً في الغبقات الرمضانية كل ليلة في شهر رمضان المبارك، ونحن نقيم غبقة أيضاً على شرف الشيخة فريحة الأحمد عرفاناً بمحبتها وسماحتها وسعة قلبها.
أضاف القمص بيجول: نحن لا نقبل تطرفاً في الفكر ولا العقل، التطرف غير موجود في قاموس حياتنا، واعترضنا مستنكرين الرسومات المسيئة لرسول الاسلام، وكذلك على القس الأميركي الذي أعلن أنه سيقوم بحرق نسخ من القرآن، وأي فكر متطرف لم ولن نوافق عليه.
مسؤول الأرثوذكسية
وقال: المسؤول الأول عن الكنيسة القبطية الارثوذكسية على مستوى العالم هو قداسة البابا شنودة الثالث، أما بالنسبة للكويت ومنطقة الخليج عموماً فالمسؤول هو نيافة الأنبا أبراهام مطران القدس، اما عن اختياره فيكون بما يتوسمه قداسة البابا في شخص معين يجد فيه الكفاءة للقيام بهذه المسؤولية وأيضاً تزكية الرعية التي سيقوم برعايتها، ويعاون نيافته من يكلفه من كهنة ليكونوا مساعدين له في خدمة الشعب المسيحي في كل البلدان المسؤول عن رعايتها روحياً.
أضاف: كلمة بابا تعني أو معناها «أب آباء» أي المسؤول عن كل الآباء. ابوهم ورئيسهم وهو لقب قديم منذ العصور الأولى.
وهناك درجات أخرى هي: رتبة الأسقف، القس، والأسقف يكون مسؤولاً عن المنطقة، القس أو المجموعة من القسوس يكونون مسؤولين عن الكنيسة.
الكاهن.. الراهب
وتحدث القمص عن الفرق بين الكاهن والراهب ولمن يجوز الزواج فقال: الراهب هو انسان نذر البتولية، ويعيش في احد الاديرة وليس في المدن الآهلة بالسكان، ويمكن ان يعيش راهباً طوال حياته ويبقى في الدير، كما يمكن ان يأخذ رتبة الكهنوت ويصلي القداسات الالهية داخل الدير، كما يمكن ان تستعين به الكنيسة في رعاية كنيسة من الكنائس أو بلد من البلدان (كما هي الحال في الكويت)، ومن طغمة الرهبان هذه تختار الكنيسة الآباء الأساقفة الذين يرعون منطقة كاملة فيها عدة كنائس.
أما تقصده يا جاسم بالكاهن هو إنسان تزوج، وقامت الكنيسة برسامته كاهناً لكي يرعى كنيسة من الكنائس التي في المدن حيث الرعية، على أن يكون زواجه قبل نواله رتبة الكهنوت وليس بعدها، وإذا حدث - لا قدر الله - وتوفيت زوجته، فلا يجوز له الزواج مرة أخرى، إذ إنه صار أباً لكل رعيته، وبالتالي فلا يجوز أن يقترن بإحدى بناته.
وذكر القمص خلال الحديث بعض الجمل والكلمات حرصت على تدوينها، منها: نحصد الشوك ونقطع الورد دوماً.
- لن يفلح دعاة الفتنة مهما فعلوا.
- الإسلام دين محبة وتسامح.
- ندعو العلي القدير أن يرتفع صوت العقل.
- الغبقة الرمضانية محبة ولياليها جميلة.
- الكويت نموذج يحتذى في احترام الأديان.
- الإساءة إلى الإسلام أمر خارج عن الإيمان والقيم.
- محبتنا كمسلمين ومسيحيين ترجع إلى ثلاثة عشر قرنا من الزمان.
- عسى الله تعالى أن يتقبل صيامنا وصلاتنا وأعمالنا جميعا.
- الشيخة فريحة رفعت شعار الحب والتسامح والتضحية من أجل الكويت.
- تعتبر القدس من أقدم مدن العالم، وقضيتها من أهم القضايا.
- اليهود لم يؤمنوا بالسيد المسيح، بل ناصبوه العداء وحاربوه.
- نعيش حرية ممارسة الشعائر الدينية في أمن وسلام.
- الكويت تقدر الأديان والمذاهب.
- نحن محتاجون للرب ليعطينا السلام والأمان للكويت الخيرة.
وأخير، ختم القمص بيجول: أنتم شعب كريم مضياف.. جُبلتم على الكرم.. فسيروا على بركة الله كما أنتم.. واثقين بأن الله سيكافئكم بكل الخير على عمل الخير.
وأما عن كويتنا، فأقول: إنك صرت مثالا لدول العالم في التسامح والتآخي والسلام الاجتماعي ونبذ الطائفية واطلاق حرية العبادة، وحرية الكلمة والفكر والقلم.
دامت الكويت ودام قادتها المستنيرون الأمناء ودام شعبها الطيب المضياف.