عصر الإسكندرية الذهبي قراءة في العقل المصري القديم تأليف: الدكتور نبيل راغب
وطنى 8/1/2011م قراءة تحليلية: ميرفت عياد
وشهد تاريخ الفكر المصري المعاصر تأكيدا لهذه العلاقة القديمة, ففي عام 1938 أصدر طه حسين كتاب مستقبل الثقافة في مصر الذي أكد فيه علي أن اليونان في عصورهم الراقبة يروون أنهم تلاميذ المصريين في الحضارة وفي فنونها الرفيقة, وأن العقل المصري كان أكبر العقول التي نشئت في هذه الرقعة معه الأرض وأبلغها أثرا, وقد سبق طه حسين مارتن برنال بنصف قرن حين أصدر كتابه الرائد أثينا السوداء من جزأين عام 1987 و1991 وأكد فيه أن الحاضرة اليونانية كلها من أصل فرعوني, وأن مصر الفرعونية هي أم حضارات البحر المتوسط وليست إحدي الحضارات وأنها كانت البوتقة التي انصهرت فيها الأجناس من كل لون, والقاعدة التي انطلقت منها كل العلوم والمعارف والفلسفات والأفكار والفنون والآداب.
مدرسة الإسكندرية
تعد مدرسة الإسكندرية آخر مرحلة من مراحل الحضارة الإنسانية قبل الميلاد, ولذلك فإن مصطلح مدرسة أكثر شمولا وأكثر دقة من الموسيون التي أطلقت علي ذلك المعهد العلمي التاريخي, أن هذه الكلمة تعني دار آل الموساي أي ربات المعرفة وهن بنات الإله زيوس والإلهة منيموسوني أي آلهة الذاكرة وهن راعيات العلوم الإنسانية وعددهن تسع وهن: كلايو ربة التاريخ ويو تربي ربة الشعر الغنائي وثالايا ربة الكوميديا والشعر الفكاهي وملبوميني ربة التراجيديا والشعر التراجيدي, وتربسيخوري ربة الرقص والموسيقي, وإيراتو ربة شعر الغزل, وبوليمينيا ربة الأناشيد, ويورانيا ربة الفلك, وكاليوبي ربة شعر الملاحم, وكان أبوللو إله الغناء زعيما لهن جميعا.
إن النموذج الأصلي لمدرسة الإسكندرية كان يتمثل في تلك الأكاديميات المنتشرة في اليونان بصفة عامة وأثينا بصفة خاصة مثل أكاديمية أرسطو وأكاديمية أفلاطون غير أن الصورة تفوقت علي الأصل, فلم تعد تلك الأكاديميات شيئا بالقياس إلي مدرسة الإسكندرية, التي أنشأها البطالمة, ولاشك أن بطليموس الأول في تأسيسه لمدرسة الإسكندرية كان متأثرا بالأكاديميات اليونانية, فمدرسة الإسكندرية من حيث مبانيها وحدائقها وقاعاتها كانت تشبه أكاديميات أثينا, وقد استعان بخيرة ديمتريوس الفاليري في تأسيسه لمدرسة الإسكندرية التي ازدهرت في عصر بطليموس الثاني حيث سرعان ما تحولت إلي مكان للدراسة والتعليم, حيث كان العلماءيلقون محاضراتهم في شتي فروع العلوم والإنسانيات والفنون والآداب, الأمر الذي لاشك فيه أن المدرسة قد حافظت علي التراث اليوناني ولولاها لاندثر الكثير من هذا التراث وضاع, وإذا كان بعض المؤرخين يعتبرون المدرسة مركزا للبحوث العلمية والمكتبة مركزا للدراسات الإنسانية إلا أنها كانت أيضا قسما ضروريا من أقسام المدرسة, ومن هنا يتضح أن العلاقة كانت وثيقة وعضوية بين المدرسة والمكتبة سواء في البقعة التي كانت تضمها سويا أو في خضوعهما لنفس الأوامر الملكية المباشرة الصادرة إليهما, فقد كانت المكتبة بمثابة العقل لأقسام المدرسة المختلفة - كما كان النشاط العلمي موزعا بين المدرسة والمكتبة, إنه من الصعب في كثير من الأحيان تحديد مكان أنشطة علمية كثيرة في المدرسة وحدها أو المكتبة وحدها.
علماء الإسكندرية
أفرزت مدرسة الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية علماء بارزين في شتي مجالات المعرفة العلمية والفكرية والفنية, ومن أشهر هؤلاء العلماء البارزين:
* هيرومتاليس الذي قام بتأسيس طب علمي يعتمد علي ممارسة تشريح الإنسان الحي.
* زينيدوتوس الذي ولد عام 325ق.م, وشغل منصب رئيس المكتبة, وكان يدرس مؤلفات هوميروس وحقق نص الأوديسا والإلياذة كما قام بتصنيف الملاحم اليونانية والأشعار الغنائية.
* أيولونيس عام (295 - 125ق.م) فهو شاعر ملحمي يوناني ولد بالإسكندرية وكان رئيسا لمكتبة الإسكندرية (260 0 247ق.م).
* أراتوسثنيس (273 - 192ق.م) أكثر علماءا لقرن الثالث تميزا حيث قام بعمل مراجعة شاملة للخريطة الجغرافية.
* ديمتريوس الفاليري الذي ولد عام 350ق.م, وهو مؤسس فكرة مكتبة الإسكندرية الذي قام بجمع النواة الأولي للكتب بها.
* كاليماخوس (310 - 240ق.م) من أبرز كتاب الشعر السكندري, وكان أمينا لمكتبة الإسكندرية, وبنسب له أهم عمل بيلوجراف وهو تجميع سجلات المكتبة في 12 مجلدا لجمع الكتب الموجودة بها.
* إراز ستراتوس (300 - 250ق.م) تزعم حركة الطب الجديد مع هيروفيليس.
* إرستاخوس (127 - 43ق.م) كتب 1800 مؤلف في شرح كتب القدماء وشملت الأعمال الكلاسيكية اليونانية كلها.
* أرستوفاينس (257 - 180ق.م) وهو من الشخصيات المهمة في مجال النقد الأدبي وقام منفردا بتحقيق كامل لنصوص الملاحم والشعر الغنائي والشعر التمثيلي اليوناني من العصر الكلاسيكي وله بعض الأعمال السياسية.
هذه هي الإسكندرية وعلماؤها في عصرها الذهبي.. فهل من عودة لهذا الزمن الجميل؟!
***************************
مراجع
(1)