Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

مركز السيل أعلى جبل سانت كاترين

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
المقالة الأولى للأنبا غريغوريوس
المقالة الثانية للأنبا غريغوريوس
رهبان سانت كاترين والبدو
المقالة الثالثة للأنبا غريغوريوس
المقالة الرابعة للأنبا غريغوريوس
دير سانت كاترين والمعارض الدولية
كتاب عن سانتت كاترين
السيول ودير سانت كاترين
جامع الحاكم بأمر الله
سانت كاترين في العصور الإسلامية
الدير والسماحة
Untitled 2744
Untitled 2745

Hit Counter

 

«المصرى اليوم» فى مركز السيل أعلى جبل سانت كاترين (الحلقة الأخيرة)  

المصرى اليوم كتب   هيثم دبور    ٢٦/ ١/ ٢٠١٠

 قمة جبل سانت كاترين حيث تشرق الشمس ويبدأ السيل من هنا يبدأ السيل، تشرق الشمس على تلك القمم الجبلية التى ترتفع آلاف الأمتار عن سطح البحر، تصبح أرضاً خصبة لسقوط الأمطار الموسمية والكثيفة عليها، تندفع تلك المياه التى لا تتشبع بها الأرض دون أن تفكر فى أى اتجاه تسير، تنطلق عبر الوديان الكثيرة والمتشعبة أملا فى الوصول إلى منطقة تتسع لتلك الكميات من المياه، تدمر القرى وتشرد الأهالى وتكبد الدولة الكثير من الخسائر الاقتصادية.

 جوانب الحياة فى مجرى السيل وهى الحياة البيئية والمحميات الطبيعة الواقعة فى مجرى السيل. فى طريقنا عبر جبل «سانت كاترين» صعودا إلى أعلى قممه والتى يبلغ ارتفاعها ٢٦٤١ متراً فوق سطح البحر فى رحلة تطلبت ٥ ساعات متواصلة للصعود فقط والوصول إلى تلك القمة، عبر الطبيعة القاسية فى جبل سانت كاترين يخرج السيل الذى يضرب أغلب مناطق جنوب سيناء طوال العقود الماضية، يحاول أن يفر من عدم انبساط الأرض، ويكتسب من تلك الصخور قسوة تجعل الحياه فى مجراه غير ممكنة. ا

لسيول التى ضربت جنوب سيناء طوال الأسبوع الماضى أصابت محميتى «رأس محمد» و«نبق»، مثلما أصابت قرى سكنية مثل «أبوصويرة» وشردت الأهالى، ومثلما أثرت على حركة السياحة فى مدينتى «شرم الشيخ» و«دهب»، لكن الفارق الوحيد بين ما فعله السيل بالبشر والسياحة وما فعله بالمحميات هو أن الأخيرة هى المستفيد الوحيد من هذا السيل.

فى سيارة للدفع الرباعى تنطلق نحو محمية «رأس محمد» التى تقع فى مجرى السيل يبدو الطريق الأسفلتى وقد طمسه الطمى وما جرفه السيل أثناء وقوعه، تعمل ٣ جرارات كبرى طوال ٨ ساعات لليوم الثالث لإزالة آثار الطمى على الطريق وإعادة تأهيله مرة أخرى، يقول الدكتور محمد سالم رئيس محميات جنوب سيناء: «لا يوجد ضرر تقريبا على المحميات بسبب السيل، فالأمر لا يعدو تراكم الطمى والطين على الطريق وتدمير بعض النباتات، لكن الأمر بالنسبة لنا معروف، فنحن نعرف أنه لو قام سيل لمر من هذا المكان وقام بطمى هذا الطريق لذلك نعمل على تنظيفه حاليا، أما على المستوى البيئى فالمحميات هى المستفيد الوحيد من السيل الأخير، وذلك بسبب عملية رى أرض المحمية وإحياء عدد مهم من النباتات النادرة التى تقاوم سنوات بدون مياه، ووجود السيل يعيد إليها توازنها». ويكمل سالم: «بالإضافة إلى أن الإطماء الذى سببه الطمى مفيد لعدم تآكل الشواطى البحرية فى البحر الأحمر، والأهم من ذلك فهو يحافظ على الثروة السمكية فى البحر الأحمر، لأنه يعتبر من أكثر البحار ملوحة فى العالم بسبب عدم تجدد مياهه باستمرار، وهو ما يؤدى إلى وفاة عدد كبير من الأنواع السمكية واختفائها من البحر الأحمر، ووجود مياه تصب فى هذا البحر تخفض نسبة ملوحته قليلا».

على عربة جرار متوسطة الحجم يجلس «محمد حمدى ــ ١٣ سنة» يدير الجرار فى مهارة فائقة لا يكشفها بسهولة حجمه الضئيل، تغطى الأتربة والطمى جلبابه الأبيض، يعمل يوميا فى إزاحة الطمى عن طريق اللوادر، جاء من قنا مع والده حيث يعملان سويا، انتهى من امتحاناته فى وقت سابق، يقول إن العمل على الجرار ليس سهلا، وأنه احتاج إلى أسبوعين ليتعلم قيادته، ويرى أن الأسبوعين فترة طويلة جدا، ويقول: «أنا معرفش السيل بييجى ازاى، لكن لما بييجى بيخلى الشوارع مش باينة من الطمى والطين، ودى شغلتى إنى أرجع الطريق لحالته الأولانية».

رأس محمد كان أسمه أصلاً فى العصر المسيحى رأس الأربعين شهيداً

 لا أحد يعلم من هو «محمد» الذى تمت تسمية هذه الرأس باسمه، رسميا تسمى «رأس الأربعين»، ويروى العرب قصة عن المكان لا يمكن التوثق من صحتها عن ٤٠ رجلا صالحا عاشوا فى هذا المكان قديما، لكن روايات العرب لا يتم التعامل معها بكثير من الاهتمام خاصة أنهم يقصون روايات عن بوابة المحمية ذات الشكل الصخرى بأنها قادمة من الفضاء رغم أن لوحة «المقاولون العرب» تزين أحد أركانها. أمام أشجار «المنجروف» النادرة والتى تصعد جذروها إلى أعلى للحصول على الأكسجين الضرورى يقول سالم «وزارة الرى عندها مشروع لعمل سدود على المجرى المائى، لكننا كمحمية اعترضنا، لأن ذلك سيؤدى إلى كوارث بيئية بعيدة المدى واقترحنا عمل مشروع لترويض مجرى السيل وتغيير مساره، وهو ما سبق أن حدث فى مدينة طابا قبل أن يتوقف المشروع الذى تم دعمه بمنحة أوروبية».

نترك المحمية ونتجه صعودا فى الاتجاه إلى «سانت كاترين»، تبدو المدينة خالية تقريبا لأن طبيعة الطقس فى يناير لا تناسب غالبية السياح، كما أن الإجراءات الأمنية شديدة التعقيد تحول دون استمتاع المصريين برحلتهم إلى ذلك المكان السياحى على العكس من الأجانب. درجة الحرارة قبل صعود الجبل تقارب الصفر تنخفض إلى نحو ٧ درجات فى أعلى قمة «جبل موسى»، ثانى أعلى قمم جنوب سيناء، يقول محمد حميد، مساعد مدير محمية سانت كاترين، «منذ ٢٠ عاماً تقريبا لم تصب سيناء بسيل كهذا أو كما نقول نحن لم نصب بمطر مثل هذا، لأن مدينة سانت كاترين لا يصيبها السيل، فهى منبع الأمطار الموسمية، التى تسقط على قمة الجبل ومنها تنحدر عبر (المخرات) التى تتجمع فى الوديان بعد ذلك باندفاع شديد وتنطلق فى صورة سيول، ولو نزل قليل من المطر اليوم لتحول إلى سيول جديدة، لأن الأرض تشبعت بالمياه طوال الفترة السابقة، لذلك ستصبح مصدر طرد للمياه».

عند انتصاف الليل نبدأ فى رحلة الصعود إلى قمة جبل موسى والتى ترتفع نحو ٢٢٠٠ متر فوق سطح البحر، الطريق يتكون من جزءين، أولهما «مدق» طوله نحو ٧ كيلومترات، ثم نحو ٧٥٠ درجة صاعداً إلى القمة، يحتاج قطعهما إلى ٥ ساعات متواصلة، على جانبى الطريق يعرض بعض العرب توصيلة عبر طريق المدق من خلال الجمال، يسكن جبل سانت كاترين قبيلة «الجبلية»، ويعتبرون أقدم السكان المحليين فى المنطقة، ويمنعون القبائل الأخرى من التواجد والعمل داخل الجبل. يقودنا إسماعيل حطب، مرشد الرحلة، باحث بيئى فى المحمية، إلى الطريق الصاعد يقول: «البعض يعتقد أن السيول هى ثلوج ذائبة من قمة جبل سانت كاترين، وبرغم أن المياه بالفعل تتجمد عند القمة، لكن حجم الجليد الذائب لا يصل إلى تكوين السيل، لكن أغلب السيول سببها الأمطار الغزيرة، والتى نحاول أن نوفر جزءاً من مياهها من خلال ٦ سدود صغيرة تم إنشاؤها بتمويل من المحمية، لكن أى سد يتم بناؤه يتم من خلال قبيلة (الجبلية)، لأنهم يعرفون أنسب الطرق لبناء تلك السدود من خلال شكل السد نصف الدائرى الذى يتحمل اندفاع المياه بنهاية سمك هذا السد».

فى منتصف الرحلة يجلس «خالد مصطفى طه» فى بيته، الذى تحول جزء منه لكافتيريا لخدمة متسلقى الجبل، يحصل على إضاءته وتدفئته من خلال ضوء كلوب قديم وكوب شاى عربى، يبيع الشاى بيورو للسياح، يجيد عدة لغات لكنه يجيد أكثر معرفة الجبل، يقول: «الجبلية هم الناس الوحيدة اللى بيعرفوا يتعاملوا مع سانت كاترين، إحنا عارفين المطر لما ينزل فين هيروح لأى وادى، لأن دى حياتنا».. فى قمة الجبل تكشف خيوط الشمس الأولى المكان، فتظهر عدة قمم جبلية تحصر بينها وديان شديدة الانحدار، بعض القطع الجليدية لاتزال على القمة لتدل على مواقع أمطار خلال الأيام السابقة، يجلس «محمد عيد مساعد»، أحد المرشدين من قبيلة الجبلية، بجوار عدد من السائحات، يشاهد شروق الشمس فوق القمة ويقول: «الحياة فوق الجبل مستحيلة، لكن الحياة فى الوديان أصعب، فوق المطر بيبقى شديد لكن عمره مابيموت حد، وكل ما بننزل تحت السيل بيشد وبياخد فى وشه كل حاجة من غير تفكير، إحنا مبنحسش بأضرار فوق سانت كاترين، لكن قلبنا بياكلنا دايما على الناس اللى الأذية جايلهم من ناحيتنا، المشكلة الوحيدة إننا مبنبقاش عارفين دايما ميعاد المطر، وده بيؤثر على حركتنا لو كنا فوق الجبل وقتها أو معانا سياح». فى طريق الهبوط المسمى بطريق «الـ ٣٥٠٠ سلم»، نسمع خرير المياه بوضوح عبر الصخور الضخمة، ولاتزال مساحة كبيرة من المياه باقية من المطر محجوزة خلف سد «فرش إيليا» الصغير الموجود داخل الجبل، يقول إسماعيل حطب «أثر هذا السيل على الجبل مختلف وسيظهر بحلول الربيع من خلال عودة بعض النباتات للحياة مرة أخرى، وعودة ظهور الماعز الجبلى فى المكان مرة أخرى بسبب وجود المياه والنباتات الخضراء»، ويكمل «السدود اللى المحمية عملاها سدود صغيرة وغالبا بتبقى فى (المخرات) الصغيرة اللى بتصب فى الوديان، لكن عدد المخرات كبيراً جداً، وبالتالى كل اللى بنقدر نمنعه من مياه المطر لا يمثل جزءاً كبيراً من حجم أمطار السيل، لكننا نحاول تخفيف حدة السيل من ناحية والاستفادة من تلك المياه فى عمليات الإنبات بعد ذلك». نعود إلى سطح الأرض مرة أخرى، نقطع طريقا يبلغ ٦٠٠ كيلو متر عبر «وادى فيران» و«دهب» المهددتين بالسيل و«شرم الشيخ» الغارقة من الداخل، و«الطور» المدمرة جزئيا، و«أبوصويرة» التى تحتاج إلى إعادة بناء كامل، ثم إلى القاهرة، حيث توجد الحكومة المسـؤولة عن التعامل مع السيل فى مصر، ربما يتكرر هذا السيل، مثلما قال الأهالى، بعد ٢٠ عاما، وربما يتكرر فى مناطق أخرى بعد ١٠ سنوات، وربما يحدث ذلك غدا أو اليوم، لكن المشكلة ستجدد فى تلك الأوقات أيضا، ليس لأن السيل ظاهرة يصعب السيطرة عليها، لكن لأن الحكومة لم توفر لأهالى جنوب سيناء وسياحتها وطبيعتها مشروعات مناسبة للتعايش فى مجرى السيل. وجوه فى مياه غارقة يلبس جلباباً أبيض اللون، تحول تدريجيا إلى اللون الأصفر قليلا بفعل الطمى والعرق، يربط كوفية صعيدية فوق رأسه لتحميه من الشمس التى يعمل تحتها منذ التاسعة صباحاً وإلى الغروب، يمسك فى يده كيساً للقمامة أسود اللون، يواجه السيل بهذا الكيس الأسود، يقوم بيده الخشنة التى لا تمسك بالكيس بالتقاط الزجاجات البلاستيكية والأقمشة والمهملات التى ألقاها السيل عبر وادى خوشبى خلال محمية رأس محمد، «رشيد رمضان» من قبيلة المزينة يعمل عاملا للنظافة داخل المحمية، يقوم بهذا العمل منذ ٣ أيام، يعمل بمفرده بلا مساعدين. «رشيد» من السكان المحليين لـ«رأس محمد» ولا يعلم هو الآخر سبب تسمية المكان بذلك الاسم، يتضايق أن عربته صغيرة نسبياً ولا تستوعب جميع المهملات. كل ما يعرفه عن البيئة أن البلاستيك لا يتحلل بسهولة، هكذا يسمع دائما من دوريات المحمية، لذلك يولى الزجاجات البلاستيكية عناية خاصة، يحملها قبل غيرها من الأشجار الميتة وباقى المهملات. وبخلاف تلك المعلومة البيئية البسيطة فهو لا يعلم عدد السنوات التى قضاها فى تلك المهنة يجيب عندما تسأله «بشتغل من سنين»، ولا يعلم سنه على وجه التحديد ويجيب عندما تسأله عن شيبه «عايش من سنين»، لكن ما يحفظه عن ظهر قلب أن البلاستيك عدو له يحاربه يومياً بفطريته الشديدة من أجل الحفاظ على النظام البيئى فى مصر.

This site was last updated 01/27/10