Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ياسين رائد صناعة الزجاج فى مصر

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ثروة الملك فاروق
ياسين رائد صناعة الزجاج

Hit Counter

 

«ياسين» رائد «الزجاج» اقتحم صناعة مهجورة و«طلعت حرب» تابع مشروعه.. والثورة أممت مصانعه
المصرى اليوم كتب شريف العتبانى ٢٩/ ٥/ ٢٠١٠
أصدرت وزارة الاستثمار، سلسلة كتب توثيقية استهدفت توثيق دور رواد الصناعة، وتشكل السلسلة فى مجملها موسوعة مهمة، ليس لرجال الأعمال فحسب، بل لجمهور القراء فى ظل موجة عامة تستدعى رموز مصر فى كل المجالات، كأنما المقصود بحركة الإحياء والاستدعاء هذه ضرب المثال والنموذج الذى يتعين على الشباب الاحتذاء والاقتداء به فى مصر، التى لا ينضب معينها من العباقرة والمبدعين والوطنيين فى كل مجالات العطاء الإنسانى والوطنى،
وأحدث إصدارات سلسلة وزارة الاستثمار كتاب تذكارى عن رائد صناعة الزجاج محمد سيد ياسين، وينتمى ياسين إلى أسرة تجارية وعلى حد تعبيره فى كتاب «عاشق النجاح»: «تفتحت عيناى على الحياة فوجدت المرحوم والدى سيد بك محمد ياسين يمارس الأعمال الحرة، وكان من كبار المقاولين وكان يعهد إليه بعمليات تقوية وتكسية جسور النيل، إلى مقاولات عامة أخرى، وكان له «رفاصات» فى النيل.
ورث ياسين عن أبيه العمل فى نقل المحاصيل على المراكب الشراعية فى النيل، ولم يكن الميراث الذى آل إليه عملاً تجارياً فحسب، لأنه ورث ديناً ثقيلاً بمقاييس السنوات الأولى من القرن العشرين، وكان عليه أن يتخلص من هذا العبء قبل أن يشق طريقه فى تاريخ الاقتصاد الوطنى وأدخل صناعة الزجاج بعد سنوات قضاها فى مشروع رائد لم يكتمل للنقل الداخلى بمدينة القاهرة.
وفى جريدة «أخبار اليوم» وفى عدد ١٩ أكتوبر ١٩٥٧ كتب الصحفى الكبير على أمين: «قال لى رجل الأعمال محمد ياسين، إنه بدأ من الصفر، وبدأ حياته العملية بدين عات قدره ٣٠٥ آلاف جنيه، وفضل أن يشقى ويجتهد ويعمل على سداده، وكانت كل هذه الديون «دين شرف» أى ضمانات لأصدقاء صهينو على الدفع، وتمثل هذه التجربة مفتاحاً لفهم شخصية الاقتصادى الكبير التى كانت تتميز بالجدية والالتزام وتحمل للمسؤولية، وتجنب كل ما يثير الشبهات».
عاش ياسين حياته شريفاً ملتزماً محباً للعمل الجاد المخلص متوافقاً مع نفسه حريصاً على العطاء بلا حدود، مترفعاً عن التماس الأعذار أو تبرير ما لا يرضاه الضمير الحى.
واقترن اسم «ياسين» بصناعة الزجاج باعتباره رائداً فى هذا المجال والذى انطلق بداية مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين، وبالتحديد ١٩٣١، وقبلها بأكثر من عشر سنوات، كان التوجه مختلفاً، فقد اقتحم مساحة أزعجت المحتكرين الأجانب، فوضعوا أمامه العراقيل وتفننوا فى مضايقته والتضييق عليه، أما بالنسبة لمشروعه «النقل الداخلى» ففى فبراير ١٩٢١ هبط ياسين إلى محطة قطار القاهرة، وكان قادماً من الإسكندرية يحمل حقيبة ثقيلة، يعانى بعد خروجه إلى الميدان من الغلاء والكتل الطينية التى تملأ الشوارع، أما عربات الترام فكانت متوقفة عن السير بسبب إضراب العمال.
ولم يكن أمامه سوى أن يشير إلى عربة «حنطور» وسيلة المواصلات الشعبية الأكثر شيوعاً وانتشاراً والأرخص سعراً، لكنه فوجئ بالحوذى يطلب منه سبعة أضعاف الأجر المستحق فى الأيام العادية، ذلك أن الاحتياج الملح إلى وسيلة النقل التقليدية فى ظل غياب الترام وسوء الأحوال الجوية يعنى الاستغلال والابتزاز، وكان الرضوخ حتمياً لما طلبه الحوذى، ولم يكن الأجر الباهظ يمثل مشكلة لـ«ياسين» على المستوى الشخصى، لكنه بدأ يفكر فى الناس الفقراء الذين لن يتمكنوا من ركوب الترام بسبب الإضراب، والذين لا تتسع ميزانياتهم المحدودة لاستخدام «الحنطور» بسعره الاستثنائى.
كان السؤال الذى يسيطر عليه، ما الذى يحول دون تكرار الإضرابات العمالية، واضطراب المناخ وتفاقم الاستغلال الجشع للحوذية، مثل هذا السؤال البسيط العابر وليد المصادفة، التى جمعت بين الإضراب والمطر، قاده إلى فكرة غير مطروقة، لماذا لا يدخل سيارة الأتوبيس للعمل فى القاهرة؟ وفى هذه الليلة فكر فى ابتكار وسيلة أخرى للمواصلات غير الترام، وفكر فى تسيير الأتوبيس، وسرعان ما شرع فى التنفيذ،
كانت البداية بعربتى «لورى» يحكى ياسين عن تجربته: كنت أكسب من كل أتوبيس ١٢٠ جنيهاً فى الشهر، ولم تكن كل أيامى حلوة ذقت مرارة الأيام ففى مرة اشتريت ٢٢ أتوبيساً جديداً، وسيرتها فى خط جديد، ومضت ٤٤ يوماً، ولم يركبها شخص واحد وبلغت خسارتى ألوف الجنيهات، وبعد إصرار على استمرار سيرها كلها، قلت: الناس لا يركبون الأتوبيس لعدم ثقتهم به، وأنا أريد أن أوجد هذه الثقة فى نفوسهم، ولذلك يجب أن تسير كل الأتوبيسات فى مواعيدها،
وبلا ركاب وفى اليوم الـ٤٥ هجم الجمهور على الأتوبيسات وجاءت الثقة ومعها الرزق ولم يقدر للمشروع أن يزدهر ويستمر ورغم نجاح الفكرة المبتكرة قررت الحكومة أن تسحب كل رخص الأتوبيسات وتمنحها إلى شركة إنجليزية ليتداخل السياسى والاقتصادى،
ولم يستسلم «ياسين» أو يتراجع فى مواجهة الضغوط والتهديدات، ولجأ إلى كبار المحامين، وأكدوا له أنه يستطيع أن يكسب قضية تعويض على الحكومة بـ١٥٠ ألف جنيه، ثم قالوا له إن القضية ستستغرق ١٠ سنوات، وخيروه بين أخذ ١٦ ألف جنيه فوراً من الحكومة، أو ينتظر ١٠ سنوات ليقبض ١٥٠ ألفاً فاختار الـ١٦ ألفاً وكانت نواة مصانع ياسين للزجاج،
والاتجاه إلى هذا المجال ليكون رائده بحق ليس على مستوى مصر، بل فى المنطقة العربية كلها، وبدأ هذه الصناعة بأموال التعويض التى حصل عليها من الحكومة المصرية، مضافاً إليها ما ادخره من أرباح فى سنوات عمله السابقة، منتقلاً بين النقل الداخلى إلى صناعة جديدة مهجورة وهى «الزجاج». تلك الساحة التى كان المصريين فيها فضل الريادة والسبق خلال العصور التاريخية القديمة،
ثم تدهور الحال حتى تحول الأمر إلى ما يشبه الذكرى الباهتة، قبل أن يعصف الاحتلال الإنجليزى بالبقية الباقية من آثار الصناعة المصرية بشكل عام، حتى إن اللورد كرومر، المندوب السامى لدولة الاحتلال، كتب فى تقرير له إلى لندن مفاخراً «اختفت الصناعة الوطنية من الأسواق، ولم يعد موجوداً إلا السلع الأجنبية».
ولم يبخل الاقتصادى الوطنى بكل ما يملك من إمكانات وكان يقينه الراسخ أن البداية القوية هى التى ستعطى دفعة مطلوبة لمشروعه الجديد، كى يتبوأ الصدارة سريعاً، ويحقق النجاح الذى يراهن عليه، أما عن الجانب العلمى، فتجسد بوضوح فى رحلته الأوروبية الطويلة التى اكتسب منها الخبرة عبر زيارته مراكز صناعة الزجاج الأكثر شهرة، وخاصة فى ألمانيا،
ثم بدأ إنتاج المصانع فى العمل بزجاج اللمبة، حسن لا توجد وسائل للإنارة غيرها والأكواب والأدوات المنزلية الأخرى ولم يستطع إنتاج المصنع أن يغطى تكاليفه، إلا بعد حوالى ٥ سنوات من إنشائه، وتطور المشروع فكان ياسين فى طليعة المتقدمين لطلب سلفة تعينه فى إنشاء مصنع الزجاج فى منطقة شبرا الخيمة،
وكان المبلغ الذى طلبه ٨٠ ألفاً من الجنيهات، كان كاتب المذكرة التى أوصت برفض طلب السلفة، محمد كامل أحمد، الذى شغل منصب سكرتير عام بنك مصر فى مرحلة تالية، وبعد أن قرأها طلعت حرب، استدعى كاتبها وقال له كما يروى فتحى رضوان فى كتابه «طلعت حرب ـ بحث فى العظمة»
يقول طلعت حرب: «يا أخويا ما هذا الذى تقولونه إن هذا الرجل باع كل ما يملك»، وكانت له قطعة أرض فى بلده باعها وسيارات ركاب فى القاهرة باعها، والمشروع مدروس وله مستقبل، ولست أدرى كيف تبدأ الصناعة إلا بمجازفة مدروسة، فكان طلعت حرب يتابع المشروع بطريقة غير تقليدية ويباشر العمل بطريقة لائقة واستطاع ياسين عبر سنوات من الجهد والإصرار أن يرتفع إلى القمة فى الاقتصاد المصرى قبل ثورة يوليو وبعدها، إلى أن أممت الثورة مصانع ياسين.

 

This site was last updated 05/30/10