Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

إبراهيم هلال زعيم جماعة الأمة القبطية يتحدث عن الصدام مع البابا يوساب

+ إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تضارب المعلومات القبطية
عودة الروح لجماعة الأمة القبطية
جماعة الأمة القبطية والدستور
نص مذكرة الأمة القبطية
صور نادرة لأبراهيم هلال
عودة البابا يوساب لمنصبة الروحى
إبراهيم هلال يتحدث
الأمة القبطية والإخوان المسلمين
أسباب حل حماعة الأمة القبطية
من هو إبراهيم فهمى هلال؟
المؤرخة أيريس والأمة القبطية
شكر للحكومة /وإمبراطور اثيوبيا
الجماعة تستعطف البابا

إبراهيم هلال يحكي ل"أموال الغد" قصة "الجماعة" التي خطفت البابا
مصرس   26 - 09 - 2010 عبد الله الطحاوي و سامح حنين
أسست جماعة "الأمة القبطية" بعد شهرين من ثورة يوليو لإعادة "ضبط الكنيسة"
رواية فريدة تكشف صفحات شبه مجهولة في تاريخ مصر. جماعة الأمة القبطية، التي ظهرت ل"اعادة ضبط أمور الكنيسة" في عهد البابا يوساب تطورت وأصبحت أول "تنظيم قبطي" يجرؤ على خطف البطريرك. في هذه الحلقات التي تنفرد بنشرها "أموال الغد"، حكايات عن هذه الجماعة، وظروف نشأتها وتطورها. يرويها إبراهيم هلال، الأب الروحي، والمؤسس الأول ل"الأمة القبطية".
في الحلقة الأولى يروي إبراهيم هلال حكايات الأيام الأولى للتنظيم الذي أسسه في 11سبتمبر 1952 بعد شهرين من قيام ثورة 23 يوليو، تم اختيار توقيت إعلان الجماعة بشكل مقصود حيث يصادف رأس السنة المصرية القبطية. تكشف الحلقة الأولى أن مسلمين شاركوا في التأسيس الذي وافقت عليه الحكومة بعد تعديل "طفيف" في اهداف الجماعة التي جعلت هدفها "الالتزام باخلاق الإنجيل والقرآن". في الحلقة أيضا يحكي هلال عن علاقته كفرد وكزعيم تنظيم بالكنيسة التي أعلن أن هدفه الرئيسي هو الارتقاء بشئونها. تفاصيل كثيرة تكشف عنها رواية مؤسس الجماعة، وملاحظات تربط الماضي بالحاضر والشخصي بالتنظيمي.
اقرأ الحلقه الأولي في تحقيقات وملفات

*********************************

إبراهيم هلال : خططت لعزل البابا بطلب من الآباء المطارنة وتحملت المسؤولية السياسية خوفاً عليهم من «بطش الدولة» (١-٢)
المصرى اليوم حوار خير راغب ٦/ ٥/ ٢٠١٠ [تصوير: إبراهيم زايد هلال يتحدث الى «المصرى اليوم»]


يقف تاريخ مصر الحديث طويلاً أمام واقعة إعفاء بابا الأقباط الأرثوذكس الأنبا يوساب الثانى عام ١٩٥٤ من منصبه، التى نفذها مجموعة من الشباب القبطى الغاضب من أحوال الكنيسة فى ذلك العهد يتزعمهم شاب يدعى إبراهيم فهمى هلال، فى واقعة اختلف المؤرخون طويلاً فى تصنيفها ما بين «انقلاب» و«حركة تطهير»، لكنهم اتفقوا على كونها خروجاً غير معهود على تقاليد سلمية راسخة اتبعها أقباط مصر فى التعامل مع كنيستهم.

وبعد ٥٦ عاماً على هذه الحركة تلتقى «المصرى اليوم» زعيم جماعة «الأمة القبطية» إبراهيم فهمى هلال، الذى يشغل حالياً منصب أستاذ «كرسى» فى جامعة باريس وأستاذ القانون المصرى القديم بها، ليحكى لنا روايته الخاصة بأحداث تلك الفترة الحافلة بالتغيرات الدرامية فى تاريخ مصر وثورة ٢٣ يوليو، خاصة أجواء عام ١٩٥٤ الذى وقفت مصر فى شهر مارس منه أمام اختيار مصيرى: إما عودة الجيش إلى الثكنات واستئناف الديمقراطية والحياة البرلمانية، أو استمرار الحكم العسكرى، وهو ما حدث.
 الكثير من الجدل يدور حول ظهور جماعة الأمة القبطية ودورها.. دعنا نلقِ نظرة سريعة فى البداية، متى أنشأتها وكيف تم حلها؟
- أُنشئت فى ١١ سبتمبر عام ١٩٥٢ الذى يوافق بداية السنة القبطية، وهذا أول تقويم للمصريين وضعه المصريون من ٦٢٥٠ عاماً أيام الملك مينا، وحلت الجماعة فى ٢٤ أبريل عام ١٩٥٤ ولم تستمر سوى عام ونصف العام.
 هل كان حل الجماعة ضمن قرارات الدولة بحل الأحزاب والجماعات الأخرى مثل جماعة الإخوان المسلمين؟
- لا.. تم حل الجماعة ودخلنا السجن قبل الإخوان وقبل إلغاء الأحزاب.
 وما سبب الحل إذن؟
- بسبب مذكرة الدستور التى كتبناها فى ١١ سبتمبر عام ١٩٥٣، بمناسبة مرور عام على تأسيس الجماعة ووزعنا منها نصف مليون نسخة على الشعب، وعبدالناصر قال إن «هذه الجماعة تريد أن تعمل دولة»، وبسبب النشاط الضخم الذى كنا نقوم به تم حلنا فى ٢٤ أبريل ١٩٥٤ بحجة أننا نثير الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وحصلت الدولة على خطاب من الأنبا يوساب بحل «جماعة الأمة القبطية» وتم تحديد إقامتنا فى بيوتنا لمدة أسبوعين.
وقد حصلت على نسخة من خطاب حل الجماعة من مكتب زكريا محيى الدين، وذهبت إلى البابا وقلت له: «هل هذا الخطاب صادر منك يا سيدنا؟»، فقال لى: «لأ.. ملك هو الذى أصدره»، وكان ملك هو الخادم الخاص للبابا الذى تمتع بسطوة كبيرة جداً فى إدارة شؤون الكنيسة، وكان يحمل ختم البابا، فقلت للبابا أصدر خطاباً آخر ضد هذا الخطاب، وتركته لمدة أسبوع بناء على اتفاقنا، وعدت إليه لأسأله عن الخطاب فقال: «ملك لم يوافق»، وقد وصل جبروت ملك إلى أنه كان يأخذ نقوداً مقابل رسم المطارنة ورجال الدين، ووصلت العلاقة بين البابا وجماعة الأمة القبطية إلى طريق مسدود.
 هل كانت جماعتكم حركة ثورية ضد البابا والكنيسة؟
- إطلاقاً، أعلنت الجماعة فى برنامجها أنها لا تعمل بالسياسة، وليس لها من غرض خارج الإطار الدينى الاجتماعى، سعياً منها لتحقيق ٣ أهداف هى: رفاهية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتطبيق حكم الإنجيل على أهل الإنجيل، وتكلم الأمة القبطية باللغة القبطية، وحددت الجماعة لتحقيق هذه الأهداف سبع وسائل من أهمها العمل على احترام الكرسى البابوى وتكريمه، بل الأهم من ذلك أن البابا يوساب نفسه تبرع بمبلغ ٢٠٠ جنيه لطبع مذكرة الدستور، التى قمت بإعدادها، وكتب خطاباً إلى جميع الكنائس يطالبها بالعمل معنا، ويقول نص الخطاب الصادر فى ٢٥ مارس ١٩٥٤، قبل شهر من حل الجماعة:
«من يوساب الثانى

بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية..

حضرة الابن المبارك الأستاذ إبراهيم هلال، الرائد العام لجماعة الأمة القبطية، باركه الرب..
بعد منحكم البركات وصالح الدعاء نتعشم أن تكونوا وحضرات الآباء المباركين إخوانكم أعضاء الجماعة فى خير وصحة، يسرنا ما علمنا عن جهودكم الطيبة فى خدمة الكنيسة وما تبذلونه من وقتكم فى العمل على نشر الفضيلة والآداب المسيحية التى تحض على عمل الخير ومحبة الناس لبعضهم والابتعاد عن كل ما يشين، ونتعشم أن تزدادوا أكثر فى الفضيلة وفى كل ما فيه خير للبلاد».
 إذا كانت العلاقة متميزة مع البابا، فلماذا خططت لعملية العزل التى أصبحت المعلم الأبرز فى تاريخ الجماعة؟
- الكنيسة كانت تمر بظروف صعبة جداً فى ظل سيطرة حاشية البابا وخادمه ملك عليها.
 إذن عزلتم البابا رداً على قرار حل الجماعة والفساد الذى انتشر فى الكنيسة؟
- لا..الآباء المطارنة والمجمع المقدس كانوا فى حالة غضب من الحالة المتردية فى الكنيسة، وبدأوا يخاطبون أعضاء الجماعة لعزل البابا، وتحجيم دوره وتعيين قائم مقام يباشر أعمال الكنيسة بدلاً منه، لأن عملية العزل لا تتم إلا فى حالة كفر البابا أو «هرطقته»، وبدأوا يكلموننى ويترددون علىّ، وكانت إقامتى محددة بأمر من الرئيس عبدالناصر فلم أهتم كثيراً بكلامهم إلا أنهم كانوا يخاطبون أيضاً أعضاء الجماعة، الذين تحدثوا معى بدورهم، فأعطيت الضوء الأخضر، خاصة أن الآباء المطارنة اختاروا بالقرعة الأنبا ساويرس أقدم المطارنة ليقوم بأعمال البابا، وتم وضع الخطة بأن يقوم الآباء المطارنة بعزل البابا ونتحمل نحن المسؤولية السياسية أمام الدولة، لإبعادهم عن بطشها، وكان عددنا ٣٣ عضواً بالجماعة و٣ مطارنة،
وفى تمام الساعة الحادية عشرة مساء يوم ٢٤ يوليو، قام الآباء المطارنة الثلاثة بالدخول على البابا، وقبلوا يده وطلبوا منه التنازل فوافق على الفور، وأنا كنت موجوداً بالبيت، لأن الأمر لابد أن يتم بمعرفة المجمع المقدس وفقاً لصلاحياته، وطلبوا من البابا أن يذهب إلى دير مارجرجس فى مصر القديمة، وأخذ المطارنة منه وثيقة التنازل لكى يقدموها لسكرتير المجمع المقدس.
 متى تدخلت الدولة؟
- الدولة لم تكن تعلم بعد، وكانت منشغلة بالذكرى الثانية بالثورة، وذهبت إلى البطرخانة، لأطلب من المطارنة أن يذهبوا إلى بيت الوقف، وقلت لهم إن الجماعة هى المسؤولة، ولا علاقة لهم بما جرى.
 كم استغرقت عملية العزل، وهل شهدت احتكاكاً من أى نوع؟
- كان مقرراً لها أن تتم فى ١١ دقيقة، ولكنها تمت فى ٩ دقائق وخرج البابا فى سيارة البطريرك، وفى الساعة العاشرة صباحاً جاء الوزير القبطى جندى عبدالملك ليتفاوض مع إخوتى حتى نخرج من القصر البطريركى بهدوء وكل شىء يعود لأصله، فقلنا له تفضل عندك المجمع المقدس وهو مجتمع فى بيت الوقف أمام البطريركية، ولكنه رفض الاجتماع معهم وعاد وقال لجمال عبد الناصر: «إنهم يرفضون الخروج من الكنيسة»، فأمر الجيش والشرطة بالهجوم على الكنيسة والقبض علينا، ونشرت الأهرام فى ذلك الوقت أن أكثر من نصف مليون قبطى فى ميدان باب الحديد كانوا يهتفون «إبراهيم..إبراهيم»، وتوافدت وكالات الأنباء والصحفيون عليّ فى سجن القلعة، ففوجئوا بأنى حديث السن بعدما كانوا يتخيلون أن عمرى ٥٠ عاماً.
 وإلام انتهت الأمور بعد تدخل الدولة؟
- قرر المجمع المقدس عزل الباب رسمياً، ولكن الدولة أعادته فى اليوم الرابع، فلم يعترف به المجمع المقدس، ورضخت الدولة بعد ذلك للمطارنة وعزلت البابا فى ديسمبر وذهب إلى دير المحرق فى أسيوط، ولكنها كانت تريد أن تساوم الكنيسة بإعادته.
 الأنبا يوساب قال فى النيابة إنه فوجئ بـ٨ أشخاص يحيطون به ويطلبون منه أن يوقع على قرار التنازل عن الكرسى البابوى؟
- الأنبا يوساب كان أستاذاً فى اللاهوت والذين ذهبوا له كانوا ٣ مطارنة تحدثوا معه باللغة القبطية وطلبوا منه فى خضوع ومحبة أن يستريح ويتنازل للأنبا ساويرس، فرد عليهم: «ليه ليه ليه؟»، فقالوا له إن الكنيسة تمر بظروف صعبة ولابد أن يمارس المجمع المقدس مهامه، فوافق ووقع وثيقة التنازل بثلاث لغات هى القبطية والعربية والفرنسية، وبعد أن تمت عملية العزل أذعت بياناً باللغة الفرنسية يعلن عن أن «جماعة الأمة القبطية» قامت بنقل البطريرك إلى مصر القديمة وتعيين الأنبا ساويرس بناء على القرعة الإلهية، واتصلت بالرئيس محمد نجيب فقال لى: «عملتم عملاً ليس لنا دخل فيه.. طالما ما فيش دم فأنتم أحرار».
 هل حدث تخريب أو احتكاك بين المسلمين والمسيحيين لحظة عزل البابا؟
- إطلاقا، ثقافة الفرق بين المسلمين والمسيحيين لم تكن موجودة والمسلمون كانوا بيهتفوا باسمى، وعصر يوم الاثنين نزل الجيش وألقى القبض على ألفى شخص منهم شقيقى وكمال الجداوى الصحفى بالأهرام، وذهبنا إلى معتقل القلعة وكان مخصصاً للضباط الإنجليز، فاعتبرناها مكاناً رائعاً لـ«التصييف» واستمر حبسنا فيه ١٥ يوماً، ثم بدأوا التحقيق، وصدر قرار الاتهام فى ٤ يناير يطالب بأقصى عقوبة ممكنة لى وهى الأشغال الشاقة ٥ سنوات، وقام المطارنة وأعلنت الكنيسة الحداد يوم ٧ يناير وتطورت الأمور بشكل خطير وصعب، وأصدر المجمع المقدس مجموعة من القرارات فى ٢٥ سبتمبر هى:
أولا: مطالبة البطريرك بالتنازل عن القضية المرفوعة أمام المحكمة العسكرية والصفح عن جميع المتهمين، وثانيا: إبعاد حاشية البطريرك وخادمه ملك جرجس الذين كانوا سبباً فى الإساءة لسمعة الكنيسة، وتشكيل هيئة من ثلاثة من حضرات الآباء المطارنة لمعونة غبطة البابا فى تدبير شؤون الكنيسة، وثالثا: تبليغ هذه القرارات لغبطة البابا والجهات الرسمية.
وحصل شىء غريب وأنا فى السجن، فقد نشرت الأهرام فى صفحتها الأولى أن السفير الأمريكى جيفرسون كافرى يريد مقابلتى، وأنا لا أعرف السفير الأمريكى ولم أقابله من قبل، وفوجئت فى اليوم الثانى بالعقيد أنور المشنب، عضو مجلس قيادة الثورة، يزرونى وقال لى: «هل هناك شىء ينقصك»، فقلت له: «لأ، سيادتك بتزورنى ليه؟»، فرد: «علشان أطمئن عليك»، وعرفت بعد ذلك أن السفير الأمريكى عندما قرأ لائحة الاتهام خشى أن تصدر بحقنا تلك الأحكام، فطلب مقابلتنا مما أدى إلى خشية الدولة، وفعلاً بعد الزيارة بدأت الدولة فى الإفراج عن أعضاء الجماعة، وكنت آخر واحد خرج يوم ١٢ فبراير ١٩٥٥.
 وماذا عن قصة حبسك مرة أخرى عام ١٩٥٥؟
- كانت الدولة تدرس تطبيق قانون جديد للأحوال الشخصية، من المنتظر أن تبدأ تطبيقه فى يناير ١٩٥٦ وتنوى إلغاء المحاكم الشرعية والملية وتريد تطبيق الشريعة الإسلامية، ولما عرفت اعترضنا وعملنا مظاهرة كبيرة بدأت من البطراخانة فى «كلوت بك» إلى مجلس الوزراء، فأصدر الرئيس عبد الناصر قرارا فى ٣ نوفمبر ١٩٥٥ بالقبض عليّ للمرة الثانية ومعى مطران الكاثوليك إلياس زغبى ولكن الدولة أفرجت عنه بعد ٤ أيام بسبب ثورة الفاتيكان على مصر.
 هل خرجت من السجن بعد وفاة البابا؟
- لا.. أكملت فترة عقوبتى والحقيقة كانت فترة السجن فى طرة أفضل فترة وكانت صلتى بالله قوية خلالها، وكان معى فى السجن ٢٠٠٠ مسجون من الإخوان المسلمين، و٨ من اليهود الذين شاركوا فى تفجيرات سينما مترو، و١٠٠ سجين من اليساريين، وكان معنا صالح الرقيق نائب المرشد، وأجرينا انتخابات داخلية فاختارونى لأكون نقيب السياسيين.
وفى السجن شاهدت بنفسى ألوان التعذيب والقتل التى قامت بها الدولة ضد السياسيين، وبالأخص الإخوان المسلمين، وكان أكثرها بشاعة المذبحة التى وقعت فى أول يونيو ٥٧، والتى أشرف عليها زكريا محيى الدين، وحدثت معجزة فى ذلك اليوم أنقذتنى من المذبحة، فقد فوجئت بكلاب كثيرة وكان يوجد ضابط يدعى «عبدالعال سالومة» قال لى: «اهرب يا إبراهيم» فدخلت غرفتى وكنت أسمع صوت صراخ المساجين وحالات الاستنجاد واختبأت فى مكان جانبى، وكانت عمليات القتل فى جميع العنابر،
وعندما وصلوا إلى غرفتى رشمت الصليب وقلت: «يارب فى يديك أستودع روحى»، فنظر السجان إلى الغرفة وقال يا فندم مفيش حد، وأعطى الأوامر للغرفة المجاورة وتم قتل المسجون الذى كان فيها، وقدر عدد القتلى فى هذا اليوم بـ ٥٢ منهم مستشارون وشخصيات جديرة بالاحترام، وفى فجر هذا اليوم شاهدت والدتى مناماً وأيقظت شقيقى الدكتور عادل، وقالت له إن إبراهيم فى ضيق، فاتصل بغنام باشا وكان صديق والدى وابنته زوجة مأمور أول السجن، فأخبرهم أن السجن حدث فيه شىء ولكن إبراهيم حى ولم يكن من بين القتلى.
 بعض الدراسات والكتب ربطت بين أهداف جماعة الأمة القبطية وجماعة الإخوان المسلمين.. هل كان الأمر كذلك؟
- قد يكون هذا واحداً من أهداف إنشاء الجماعة، أن تكون للأقباط جماعة رعوية واجتماعية، والحقيقة أن هناك مجموعة أخرى من الأسباب منها التوجه الغريب للدولة تجاه القومية العربية والإسلامية، وبالتالى بدا فى الأفق تضاؤل دور الأقباط، بالإضافة إلى تردى أوضاع الكنيسة والفساد الذى انتشر بها، حلمنا بالمشاركة فى بناء مجتمع جديد مع الدولة الجديدة حتى نحافظ على مكتسبات الأقباط، ونستطيع خدمة وطننا.
مصر فى تلك الفترة من عام ٥٣ إلى ٥٤ كانت تحتمل جميع الأفكار، ولكن الفكر الديكتاتورى الذى فرضه الرئيس عبدالناصر هو الذى سيطر وتم إغلاق الأحزاب والجمعيات والتيارات.
 بعد ٥٦ عاماً من حل جماعة الأمة القبطية.. ونصف قرن على خروجك من السجن هل أنت راضٍ عما فعلته، وما تقييمك لهذه الفترة؟
- ضميرى مستريح، وأريد أن أقول إن جماعة الأمة القبطية كان عددها ٩٢ ألف عضو عندما صدر قرار الحل، لكن هذا العدد قفز إلى مليون عضو عندما دخلنا السجن، لأن الناس آمنت أن المجموعة التى أسست الجماعة لم تكن تتكلم كلام «عيال»، والبابا يوساب نفسه قال إن الشعب يعقد على جماعة الأمة القبطية آمالاً عظيمة، والبابا كيرلس قال: «إننا هنا بفضل جماعة الأمة القبطية»، والرئيس محمد نجيب قال لى: «أرشحك للوزارة»، رغم أن الرئيس عبدالناصر كان له موقف آخر، والدكتور عبدالرازق السنهورى قال عن مذكرة الدستور إنها أعظم ما كتب فى الفقه القانونى،
وعندما خرجت من السجن فى الفترة الأولى قابلت السادات، وخاطبنى بشأن إعادة جماعة الأمة القبطية، وقال لى: «هنتكلم تانى، وعاوزينك معانا بس تهدا شوية وتكون مرن»، وعندما كنت فى السجن قامت والدتى ومعها أمهات عدد من المساجين بمقابلة السادات يوم ١٢ فبراير ١٩٥٤، فاقترب منها وقال لها: «أهلاً وسهلاً يا أم الزعيم، إنتى أنجبت لنا ولد ممتاز، ولكن لو يمشى معانا شوية هيبقى أعظم وأعظم».. بعد كل هذه الأحداث التى صنعتها أقول لك أنا راض تماماً.
*******************

إبراهيم هلال يحكي علاقة جماعة "الأمة القبطية" بالأخوان المسلمين
مصرس يوم 27 - 09 - 2010
قصة "الجماعة" التي خطفت البابا (2)
"الإخوان"كانت تسير على الطريق الصحيح وتربي الشباب على الفضائل

"جماعتنا" ليست ردا على جماعة البنا.. و92 ألف قبطي إنضم إلينا في العام الأول
مطارنة عرضوا علي منصب "أسقف" لكني رفضت لأن التدين لا يعني دخول الدير
كتبت مسودة للدستور تفصل الدين عن الدولة والبابا تبرع ب 200 لطباعتها ونشرها
قبطي ويهودي شاركا في وضع دستور 1923 .. ومادة "الإسلام دين الدولة" أقرت "بخناقة"
الاكليروس كان يدعمنا في كل مكان.. لأن مطارنة زمان كانوا قيمة "مش زي دلوقتي"
في الجزء الأول من شهادته، قدم إبراهيم هلال مؤسس جماعة الأمة القبطية التي خطفت البابا عرضا للمبادئ الرئيسية التي تأسست عليها جماعته، وبفضل المبادئ نفسها حضر حفل الافتتاح 1000 مشترك في جماعة كان رسم الاشتراك فيها خمسة قروش فقط. بعد أعوام كان هلال وجماعته على موعد مع الصعود السياسي والتنظيمي، فجماعته نجحت في ضم 92 الف قبطي خلال عام واحد، وحاول مؤسس جماعة الأمة القبطية الدخول في "مطحنة" السياسة التي كانت لا تزال لينة لم تتشكل بعد.
تحت حكم الرئيس محمد نجيب قدم إبراهيم هلال مسودة لمشروع دستور دائم لمصر، هذه المسودة نصت صراحة على الفصل ببين الدين والدولة، وهي المسودة التي باركها البابا، ومنح مؤسسها 200 جنيها كي يطبعها وينشرها على أوسع نطاق ممكن. في هذا الجزء من الشهادة يحكي إبراهيم هلال عن علاقته بالإخوان والسلطة وهل يرى جماعته رد فعل على إنشاء الإخوان المسلمين أم لا؟ في مرحلة تمثل قمة صعود جماعة الأمة القبطية.
مشروع الاخوان ومشروع الجماعة
دائماً عندما يثار الحديث عن جماعة الأمة القبطية ومشروعها لابد من ربط الحديث بجماعة الأخوان المسلمين ومشروعها وربط فكرة انشاء الجماعة بامكانية أن تكون تيار موازيا. وهذا الكلام غير صحيح فمع أن جماعة الاخوان المسلمين لهم مشروع من الظاهر فقط يشبه مشروعنا الا أن الجماعتين مختلفتين تمام الاختلاف فهم لهم أفكارهم في طريقة ادارة البلد بل عندهم رغبة في الوصول للحكم وهذة ليست لآأهدافنا ورغم ذلك فان الاخوان يضعون الامور في مكانها وحجمها الصحيح وأنا أعرف ان كلامي سيضايق البعض ولكن الاخوان كانوا يسيرون في طريق صحيح يربون الشباب علي الفضائل
وبالمناسبة أنا لم أهتم يوماً بجماعة الاخوان المسلمين ولم أستق منهم أي منهج بل كنا ننظر الي المسيح – كان يجول يصنع خيرا – ولكن لم نفكر في خلق كاهن كنا نفكر بشكل علماني والا كنت انضممت لسلك الرهبنة وكن أصبحت بطريرك اليوم الا أنني لا أريد ذلك كنت أففكر في مشروع علماني لم أفكر بالطريق الاخر علي الاطلاق لانه ليس شرطا أن أكون في الدير لكي أصبح متدين يمكنني أن أكون كذلك وأنا وسط المجتمع وللعلم هناك مطارنة طلبوا مني أن أنضم للرهبنة ووعدوني بأن يرسموني " ينصبوني " أسقفاً " ومنهم الانبا ميخائيل مطران أسيوط الحالي ورفضت
تقبل الشعب أفكارنا سريعاً لانه كان متعطش للتغيرر والاصلاح وكان يريد فقط من يدله علي الطريق ونحن وفرنا له هذا الوضع الذي يتيح له الحركة والتعبير بدليل أن عدد الأعضاء وصل الي 92 ألف خلال عام وكذلك فرح المطارنة والمجمع المقدس بالمشروع جدا ودعمونا كثيراً وكان كل الاكليروس في كل مكان يدعمنا وذلك لان المطارنة زمان كانوا قيمة وزينة " مش زي دلوقتي"
لم يعترض طريقنا الامن في مرة , والجماعة كانت مسجلة ومشهرة وكنا نعمل وسط الشارع وبالمناسبة حل الجماعة كان بسبب مذكرة الدستور
سنتحدث عن مذكرة الدستور في وقت لاحق ولكن الان سنحدث عن الفترة قبل الحل هل كان لكم مواقف من اي أحداث فتنة طائفبة تقع في البلد مثل حريق كنيسة السويس وغيرها ؟
كان اهتمامنا يسير في طريق ترتيب أمور الجماعة وفي طريق التعليم لم نصل لمرحلة واضحة المعالم حتي ندلي برأينا في كل في كل مايدور في البلد لم يتح لنا الوقت ولكن كنا بصدد تنظيم تلك الامور
وطبعا تحدثت الكنيسة وقياداتها في تلك الامور ولكنا نحن لم نقل شيء ً في هذة الفترة كتب نظير جيد في مجلة ىمدارس ىالأحدى ما معناه أن ماحدث هو هدية المسلمين للاقباط
مذكرة الدستور
كتبت مذكر ة الدستور بناء علي طلب من الرئيس محمد نجيب الذي طالب الشعب المصري كله المشاركة في وضع الدستور بعد قيام الثورة وفي هذا الوقت لم يكن هناك أحزاب فقد حُلت جميعها مع قييام الثورة والقيادات السياسية جميعها تم اعتقالها فكتبت مذكرة الدستور وطالبت فيها بفصل الدين عن الدولة لان الدين لله والوطن للجميع والوطن كيان اعتباري لا يجب أن يكون له دين وتقدمت بها الي الرئيس نجيب وفي المذكرة لم أتعرض للثورة مطلقاً لا بالمدح ولا بالذم لأننا لمنكن نريد أننصنف سياسياً كله ماذكرته في المذكرة عن الثورة كانت جملوواحدة " ده عهد جديد ونتمني أن يتم فصل الدين عن الدولة "
وطالبت في المذكرة بالغاء المادة الدستورية التي تقول بأن دين الدولة هو الاسلام وللعلم الغاء تلك المادة لصالح المسلمين والمسيحيين ولم أطالب بالغاءها بسبب أنني قبطي ولكن لمصلحة البلد وقد كان هناك مسلمون يؤيدون ذلك المطلب منهم السنهوري باشا
والوضع في دستور 23 كان مختلفاً الجميع كان يرغب في رضا الحاكم ولم يتحدث أحد بصراحة في تلك النقطة ودي طبيعة المصريين ومع أن 5 من كبار الأقباط شاركوا في وضع دستور 23 منهم النائب البابوي وكذلك كان هناك يهودياً الا أنه وضع المادة لم يكن يتفق عليها الجميع وكان هناك اعتراضات ولكنها قوبلت بعنف وً بسبب هذة المادة حدثت الكثير من الفتن الطائفية مثل حادث حريق كنيسة الزقازيق وكنيسة السويس وكان الاقباط في نظر المواطنين لمسلمين كافرين وكذلك لم يكن يعتد بشهادة مسيحي في المحاكم بسبب ديانته وتكررت تلك المأساة كثيراً
كثيرون كانوا يرفضون وضع تلك المادة فكان هناك توفيق باشا دوس الذي طالب بالغاءها في عام 22 وثابت في المحاضر الرسمية للأعمال التحضيرية للدستور هذة المطالبات
ولكن وافق ووافق معه الجميع بسبب الأغلبية بعد نشوب " خناقة " قوية جدا بين توفيق باشا دوس وعبد الحميد باشا بدوي بسبب تلك المادة وقصة تلك ال " خناقة " أن توفيق باشا دوس أصر علي أن تحذف تلك المادة ووقف أمام وضعها الا أن عبد الحميد باشا بدوي تمسك بوضعها وقال : مش ممكن نشيل المادة دي خالص ولا نغيرها " وكان يرأس وزارة العدل في هذا الوقت – ثم مندوب مصرلدي محكمة العدل الدولية – وحينما اشتد الأمر وكادت تحدث مشكلة كبيرة انسحب توفيق باشا ووافق باقي الأقباط علي مضض لانهم – يقصد الاقباط – وهذة طبيعتهم لا يحاربون من أجل مصلحتهم
كان الجميع متضرر من وجود تلك المادة ولكن الفرق أن الاقباط لم يعانوا من الاضطهاد مثلما يحدث اليوم قبل الثور ة " ايام الملكية " لم يكن بصورة رسمية ولكن بعد الثورة منذ 52 وحتي اليوم الاضطهاد يمارس فينا بشكل رسمي والشعب مسلمين ومسيحيين ليس لهم ذنب ولكن الدولة هي المسؤولة و الاقباط كانوا يمثلون 40 % في مجلس النواب فمن كان ينتخبهم مسيحيين فقط ؟ طبعاً لا كان ينتخبهم المسلمون
باعتباري هيئة تضم 92 الف عضو تقدمت بالمذكرة كاقتراح لمشروع الدستور ووزعنا هذة المذكرة علي الشعب فقد حصل عليها ربع مليون مواطن و البابا باركها وتبرع ب 200 جنيه – وهذا مبلغ كبير في ذلك الوقت -- لطباعتها وتوزيعها علي الناس كما أرسل لي خطاب شكر

***********************

 

This site was last updated 09/17/17