Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الأنبا ساويرس ابن المقفع أسقف الأشمونين

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
ساويروس وتاريخ البطاركة

 (3) .. الأنبا ساويرس ابن المقفع أسقف الأشمونين :
من أكثر الكتب شهره فى تاريخ أقباط مصر هو ما كتبه ابن المقفع عن بطاركه الكنيسه المصريه ، وقد جمع هذا المؤلف العلامه كتابه من المخطوطات الموجوده فى الأديره المصريه وقد خصص كتابه على البطاركه ومعاناتهم مع العرب والمسلمين ، ومما كتبه ابن المقفع نستنتج أن الأقباط إندمجوا تحت رئاسه البابا كشعب وامه ووجدوا الحريه فى ممارسه الديمقراطيه من داخل الكنيسه القبطيه ، كما قام بتأليف العديد من الكتب الأخرى فقال ميخائيل أسقف تنيس : انه كتب ما يربوا على عشرين كتابا ما عدا الميامر وفسر الكثير من الكتب المقدسه وكتبها فى صوره سؤال وجواب ، اما العلامه الشيخ الأجل شمس الرياسه ابن الشيخ الأكمل الأسعد المسمى بأبى البركات المعروف بإبن كبر قسيس كنيسه المعلقه والمتوفى سنه 1040 ش 1323م قال ان كتبه وصلت 29 كتابا ، وبناء على ما ذكره الباحثان إستنتج المستشرق الألمانى جراف عندما لم يستطع أن يجد هذا العدد من المؤلفات قال ان بعضها ضاع أو انه ما زال مخبئا فى الأديره أو مع الناس تنتظر من يخرجها للبحث . وذكرت قائمه مؤلفاته فى كتاب مصباح الظلمه فى إيضاح الخدمه لإبى البركات ،
وقد ولد حوالى سنه 915 م من والد لقب بإبن المقفع ومعناه .. المنكس الرأس دائما أو من كانت يده متشنجه .
كان كاتبا ماهرا فى الدوله الإخشيديه وترك مركزه ليترهب ، ثم تم إختياره إسقفا لإيباريشيه الأشمونين ( وكان يسمى فى العصر اليونانى إقليم Hermopolis وتقع على بعد 8 كم شمال غرب ملوى بالصعيد )
كان البابا ابن زرعه يأخذه دائما فى مقابلاته مع المعز لدين الله الفاطمى ، خاصه فى المناظرات والمناقشات الشهيره مع الوزير اليهودى يعقوب بن كلس وصديقه موسى اليهودى التى دارت أمام المعز والتى أنتهت بمعجزة من المعجزات الخارقة للطبيعة وهى نقل جبل المقطم . 

كما تقابل أبن المقفع مع القديس الواضح بن الرجا وهو المسلم أبن الحجاج الذى أعتنق المسيحية وصار راهباً وقساً حيث وكان كثيراً ما يتناقشون فى أمور اللاهوت والعقائد المسيحية وأعلمه الواضح بما حدث مع الهاشمى من العراق الذى رأى الجسد فى شكل طفل صغير فى الصينيه فكف عن الهجوم على الكنائس وتدميرها .
وقد ذكر ابن المقفع انه جمع سير البطاركه من مخطوطات دير ابى مقار ودير نهيا وغيرهما , ومن الملاحظ انه كان يكتب أحداث السير الأخيره بالتفصيل لإنها تقاربت من العصر الذى يعيش فيه وقال فى ابن المقفع فى مقدمه كتابه ( بعد دراسه المؤلفات التى وضعت عن آباء الكنيسه الإسكندريه المتداوله بين الأيدى والمحفوضه فى أديره الأنبا مكارى ونهيا وغيرهما ، هيأت العنايه الإلهيه لى الفرصه لإن أجمعها فى كتاب واحد ، وقد شاء الآب السمائى أن يمد فى عمرى حتى بلغت التسعين فإستطعت بهذه النعمه أن أتمم وضع هذا الكتاب)

وتقول المؤرخة أيريس حبيب المصرى عن تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية لساويريس بن المقفع أسقف الأشمونيين  : " الظاهرة الغريبة أن الأسقف الأشمونى عاش فى القرن العاشر ولكنه سيطر على الفكر القبطى بكتابة  البطاركة .. إلى حد أن تاريخ الباباوات الذين عاشوا بعده بقرون يرجعونه إلأيه !!  راجع أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الكتاب الرابع حاشية اسفل صفحة 114
وتقول ا.ل. بوتشر فى مقدمه كتابها عن تاريخ الأمه القبطيه أن ساويرس بدأ بكتابه تاريخ الكنيسه فى النصف الثانى من القرن العاشر وكان اسقفا للأشمونين ( مركز ملوى بمديريه أسيوط) وأتم تاريخ ابن المقفع أسقف تانيس (طانيس) إلى أن وصل الى سنه 1243م وقد بقيت نسخه واحده من هذا التاريخ هى الان موجوده فى باريس ولم يعتنى أحد بترجمتها إلى أحدى اللغات الأوربيه .

وقد قام الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها بطبع كتاب الأنبا ساوريس ابن المقفع باللغه العربيه سنه 1999 فى ثلاثه أجزاء تحت إسم تاريخ البطاركه .
وذكر المؤرخين ان إسم ابن المقفع قد ورد فى مقدمه اسماء الآباء الموقعين على رساله الشركه التى وقعوها وأرسلت الى مار ديونيسيوس بطريرك أنطاكيه , أى انه كان معاصرا للبابا الإسكندرى مكارى رقم 59 , وإستنادا الى هذه المصادر التاريخيه الدقيقه يمكن القول من ان ابن المقفع رجل من رجال الكنيسه الذين عاشوا فى القرن العاشر الميلادى .

===========================================================

كتبت الجريدة الطيبية فى شهر أكتوبر 2006 م نقلاً عن مجلة روز إليوسف عن مخطوطة تاريخ مصر فقالت : القاهرة (رويترز) – ربما تؤدي مخطوطة (تاريخ البطاركة) للمؤرخ المصري ساويرس ابن المقفع التي تسجل أحداثا ووقائع تزامنت أو أعقبت دخول العرب مصر في القرن السابع الميلادي الى اهتزاز الصورة التي يحاول بعض المؤرخين المصريين والمسلمين تثبيتها حول سماحة المسلمين وتولي الاقباط مناصب عليا في ادارة الدولة.
والمخطوطة التي أعدها وشرحها الباحث المصري عبد العزيز جمال الدين في كتاب موسوعي عنوانه (تاريخ مصر) تضيء جوانب أخرى من الصورة عبر تتبع سياسات الولاة وتعاملهم مع المصريين الذين توالت ثوراتهم اعتراضا على المغالاة في الضرائب والجزية التي لم تكن تنتهي بعض أشكالها تماما حتى لو دخلوا الاسلام.
ويقع الكتاب الذي أصدرته مكتبة مدبولي بالقاهرة في 5970 صفحة كبيرة القطع توزعت على ستة مجلدات تحت عنوان فرعي شارح هو "من بدايات القرن الاول الميلادي حتى نهاية القرن العشرين من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس ابن المقفع".
واستعان جمال الدين في التعليق على مخطوطة ساويرس بهوامش استند فيها الى ما كتبه عرب وأجانب في التاريخ المصري منهم البريطاني ألفريد جي. بتلر مؤلف كتابي (فتح العرب لمصر) و/الكنائس القبطية القديمة في مصر/ ومحمد بن يوسف الكندي مؤلف كتاب (ولاة مصر) ويوحنا النقيوسي مؤلف كتاب (تاريخ العالم القديم) اضافة الى مؤلفات متنوعة لاخرين منهم ابن اياس وابن عبد الحكم والواقدي والطبري والمقريزي وأحمد أمين وجورجي زيدان.
وتساءل جمال الدين في مقدمة الجزء الاول.. من أين يبدأ التاريخ ومن الذي يصنعه وكيف حصلنا على اثاره ومدوناته.. مشيرا الى أن المصريين أول من أقاموا الدولة الواحدة في التاريخ حينها بدأ "تاريخ البشرية الذي صنعه المصريون منذ سبعة الاف سنة على ضفاف نيلهم وسجلوه كتابة على جدران المعابد والمسلات والاضرحة والاهرامات والتوابيت وأرواق البردي...التاريخ من الاعمال الادبية والفنية الرائعة التي أسسها المصريون."
وقال ان مخطوطة (تاريخ البطاركة) لابن المقفع تعد أكبر المخطوطات من حيث الفترة التاريخية التي تغطيها "فهي المخطوطة الوحيدة التي تغطي تاريخ مصر منذ الاحتلال الروماني...معظم مؤرخي مصر يتجاهلونها" لاسباب منها الظن بأنها تخص تاريخ الكنيسة المصرية معزولا عن التاريخ المصري.
وأضاف أن كاتب المخطوطة اسمه ساوري وولد عام 915 من أب لقب بالمقفع على غرار عبد الله بن المقفع مترجم كتاب (كليلة ودمنة) وأن حرف السين الذي ألحق باسم ساوري من اللواحق المقدونية وأنه كان كاتبا بارزا في الجهاز الاداري وترقى لاعلى المناصب ثم تخلى عن وظيفته ليترهبن في أحد الاديرة وأتقن في ظل الرهبنة علوم الكتاب المقدس وألف فيها كتبا بالعربية منها (الدر الثمين في ايضاح الاعتقاد في الدين) حيث "أحصى الناشر الالماني لهذا الكتاب 191 مرجعا لاباء الكنيسة سوى نصوص أخرى لم يعتبرها من التراث الابائي" مشيرا الى أنه كان يترجم من اللغة القبطية الى العربية

 وقال جمال الدين ان أهمية كتاب ساويرس أنه تعرض خلال تراجم البطاركة لتاريخ العصور الوسطى وركز على مصر وبين "كيف تم غزوها على يد العرب ثم كيف كانت معاملة العرب للمصريين من النواحي الدينية والمالية والاجتماعية والادارية كما يشيد بتسامح الخلفاء الفاطميين (اذ) أصبح جميع مقدمي المملكة والناظرين في دواوينها وتدبير أمورها كلهم نصارى."
وقال جمال الدين ان تراجم البطاركة بين عامي 611 و849 والتي صنفها وجمعها ساويرس كانت بمثابة تقويم أو يوميات للكنيسة اذ كانت تعتمد على المشاهدات والاتصال بأبطال الحوادث وأنه "منذ الغزو العربي لمصر يصبح تاريخ البطاركة أكثر اكتمالا وأعظم أهمية اذ يدون الاخبار ويكتب التراجم كتبة معاصرون... ويهدف ساويرس من تراجم البطاركة وسيرهم الى غرض ديني بحت وهو تمجيد الدين المسيحي والاشادة بالمذهب الارثوذكسي أو كما يسميه ساويرس الامانة المستقيمة."
ويقول ساويرس في المخطوطة انه بعد موت يزيد بن معاوية قام "ملك اسمه مروان (بن الحكم) ثار مثل الاسد اذا خرج من الغابة جايعا يأكل ويدوس الباقي برجليه. هذا ملك الشرق وفسطاط مصر وولى أولاده كل الكور. الكبير منهم اسمه عبد الملك دفع له دمشق والثاني عبد العزيز دفع له مصر. وكان خوف عظيم بين مروان وبين المصريين لانهم كانوا يترجون وصول انسان اخر اسمه ابن الزبير."
وتولى معاوية بن يزيد الخلافة بعد أبيه عام 683 ثم خلع نفسه بعد بضعة أشهر.
وقال جمال الدين ان الامويين رأوا تعيين مروان بن الحكم (683 - 685) الذي أرسل جيشا تحت قيادة ابنه عبد العزيز "لغزو مصر في العام التالي."
ويروي ساويرس كيف شن ملك دنقلة حملة عسكرية على مصر وصلت الى جنوب الفسطاط بسبب اعتقال أحد البطاركة على يد عبد الملك بن مروان وأن ملك النوبة سار "يريد ديار مصر في عسكر عظيم فيه ماية ألف فارس بماية ألف فرس وماية ألف جمل. ونزلوا في بركة الحبش (جنوبي القاهرة) نهبو وسبو المسلمين وقد كانو فعلوا ذلك بمسلمي الصعيد... وكانو المسلمون يسرقون أهالي النوبة ويبيعهم بمصر."
ويضيف أن "ديار مصر لم تجد طمأنينة ولا راحة في أيام مملكة عبد الملك لانه لم يكن من جنس ملوك الاسماعيليين (المسلمين) وصنع في الديارات ما لا يجوز لبغضته للنصارى."
كما يروي ساويرس واقعة اعتبرها جمال الدين نادرة في كتب التاريخ وهي أن "الشيخ أبو مسلم" الخراساني في صراعه شرقي العراق مع اخر الخلفاء الامويين مروان بن محمد طلب أن يصنع عسكره "صلبانا من كل نوع ويجعلوهم قدامهم وقال لهم.. ان هذا هو الذي أعطانا الله الغلبة به... أما مروان فكان يطرح النار في كل موضع يصله وهو منهزم" في اشارة الى حرقه البلاد التي ينسحب منها منهزما حتى لا يستفيد منها الخراساني.
وأشار جمال الدين الى مزج ساويرس بين الدين والتاريخ واعتقاده بالخرافات وكرامات بعض البطاركة مقارنا بينه وبين غيره من المؤرخين "ومما يزيد في قيمة كتاب ساويرس أنه يبين منذ غزو العرب لمصر وجهة نظر المصريين نحو الحكومات الاسلامية المتتالية."
وأضاف أن ساويرس سجل أن الاقباط شغلوا كثيرا من الوظائف المالية والادارية العليا وازداد نفوذهم في ظل السلطة الاسلامية حيث أصبح بعضهم وزراء "بسبب عدم كفاءة الجهاز الاداري الاسلامي وحاجته الى خبرات غير المسلمين في ادارته. وكان هذا يؤدي في بعض الاحيان الى احتجاج فقهاء الدين وثورة المسلمين."
وأضاف أن ولاية قرة بن شريك شهدت هروبا من الارض والفلاحة وأن ابن شريك حتى وفاته عام 714 كان "يتشدد في قمع تلك الحركة والقضاء عليها" وأنشأ هيئة خاصة مسلحة لاعادتهم وأن المصريين كانوا يهربون من الضرائب والجزية.
وقال ان ساويرس "هو المؤرخ الوحيد الذي كتب وفصل لنا الكلام عن حركة الهروب. تلك الحركة التي تنطوي علي مقاومة المصريين لسلطة العرب مقاومة سلبية بعدما أصبح الالتجاء الى الاديرة وسلوك سلك الرهبنة لا يعفيهم من الالتزامات المالية منذ خلافة عبد الملك بن مروان (685 - 705) وولاية أخيه عبد العزيز (684 - 705) على مصر."
وأضاف أن الخليفة العباسي الاول أبا العباس الملقب بالسفاح أعفى من الجزية من يعتنق الاسلام الذي دخله كثيرون "بسبب فداحة الجزية" لكنه في الوقت نفسه أضاف ما كان يدفعه الذين اعتنقوا الاسلام "على من لم يسلم مما زاد فداحة الاموال التي كان يدفعها المصريون القبط... يتضح لنا مما كتبه ساويرس أن العامل المالي من أهم العوامل التي حولت أغلبية الاقباط الى الدين الاسلامي."
وقال جمال الدين ان المسيحيين بدأوا منذ عام 725 في التخلي عن المقاومة السلبية "وأخذوا يقاومون سلطة العرب مقاومة ايجابية وذلك بالقيام بالثورات العلنية ضدهم. والمعروف أن العرب بعد احتلالهم مصر فرضوا على المصريين الجزية وعلى أراضيهم الخراج في الوقت الذي عاملوا فيه الاراضي التي نهبتها قبائلهم البدوية بنظام الزكاة أي تحصيل العشر... وأصبح المصري اذا اعتنق الاسلام لا تعفى أرضه من الخراج حتى لو أسقطت عنه الجزية. كأن الارض ظلت كافرة رغم اسلام صاحبها."
وأشار الى أن ثورة المصريين على سلطة العرب نتيجة المطالب المالية "المجحفة" مذكورة بتفصيل موسع في كتابات مؤرخي مصر المسلمين "فيما لا يفصل فيه مؤرخ البطاركة."
وأوضح أن الثورات كانت بسبب الضرائب والجزية واعتراضا على استخدام القوة في جبايتها ولم تكن بدافع وطني مرجحا أن يكون ضعف الشعور الوطني لدى المصريين قد أعان الحكام على القضاء على تلك الحركات.
وقال ان الحكومات كانت تواجه تلك الثورات بالقسوة والعنف واخرها "وأعظمها تلك التي انتهت عام 832 بمجيء المأمون وابادته للثائرين... كان يتبع اخماد تلك في العادة تحول عدد كبير من الاقباط الى الدين الاسلامي."

*****************************
أنيس منصور ومقالته التالية نشرت فى الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية بتاريخ السبـت 15 ربيـع الثانـى 1427 هـ 13 مايو 2006 العدد 10028

سفاح يجمع الضرائب لأسباب نبيلة؟!

آليت على نفسي أن أزيل هذه الإهانة، فوراء الشارع الذي أسكنه شارع يحمل اسم «قرة بن شريك»، وهو أحد الولاة على مصر، وقد عينه الوليد بن عبد الملك، وكانت عنده تعليمات واضحة بأن يجمع الضرائب من المصريين ثلاث سنوات مقدماً، لأن الوليد قرر أن يبني المسجد الأقصى، وبناه في سنة 91 هجرية، وبنى أيضاً مسجد الصخرة أو مسجد عمر بفلوس المصريين.

أما كيف جمع هذه الفلوس فمن الجزية التي فرضها على أقباط مصر، وقد استخدم الكرباج والطرد والسجن والتجويع، وكان الذي لا يدفع الجزية من الأقباط يكويه بالنار، وتظل علامات الكي دليلاً على أنه قبطي وعلى أنه رافض، أو رفض بعض الوقت أن يدفع الجزية، ثم دفعها صاغراً، وقد هرب الفلاحون من الأرض، تركوها حتى بارت، وتركوا حيواناتهم أيضاً، وأعادهم «قرة بن شريك» في السلاسل إلى أرضهم يعملون حتى الموت، ولا بد من دفع الضريبة أو الجزية، ومن هذه الأموال التي أكره المصريين على دفعها بنى المسجد الأقصى ومسجد عمر أيضاً.

وقد ظهر في الأسبوع الماضي كتاب ضخم اسمه «تاريخ مصر» أو على الأصح تاريخ أقباط مصر من تأليف «ساويرس ابن المقفع»، وفي هذا الكتاب تعرض المؤلف إلى مذابح «قرة بن شريك» وكيف أن هذا الوالي السفاح تفنن في تعذيب الفلاح المصري، وكيف خطف اللقمة من فمه والرداء من عليه وتركه في العراء، إلا إذا دفع المبلغ الخرافي، أما كيف يأتي بالمال فهذا شأنه، بأن يبيع أرضه وعرضه وأولاده وحيواناته، المهم أن يدفع، وأهم من ذلك يكنز «قرة بن شريك» هذه الأموال ويبعث بها للخليفة لعله يرضى، وقد رضي عنه الخليفة، وحاول المصريون أكثر من مرة اغتيال «قرة بن شريك»، وفشلوا في القضاء عليه، ولما أوفد المصريون من يتظلم، ووقف المندوب لا يطلب رد القضاء وإنما اللطف فيه، ولم يكمل عبارة واحدة حتى طار رأسه عبرة لكل من تحدثه نفسه أن يعترض.

ولا بد من إزالة اسم هذا السفاح من شوارع مصر مهما كانت صعوبة تغيير العقود والسجلات المدنية لكل العقارات والمحلات التجارية.

*********************************************************

 الفقرات التالية بعض ما جاء عن الأنبا ساويرس أبن المقفع فى مقالة بعنوان " مصر القديمة - ابن المقفع مؤرخ الكنيسة في العصر الإسلامي " بقلم الباحث التاريخى /  جمال بدوي فى جريدة الأخبار بتاريخ 15/11/2006 م السنة 55 العدد 17026

المؤرخ القبطي 'ساويرس بن المقفع' الذي عاصر الخليفة الفاطمي المعزلدين الله ، واشتهر بكتابة 'تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية، وكان أسقفا للاشمونيين التي تقع بين المنيا واسيوط، والف كثيرا في الشئون الدينية، مثل كتاب 'طب الحقن وشفا الحزن' وكتاب 'التبليغ' في الرد علي اليهود، وكتاب الرد علي سعيد بن البطريق المؤرخ الملكاني، وكتاب 'التوحيد' وكتاب 'الاتحاد'، وكتاب اختلاف الفرق وكتاب السير.
أما أشهر كتبه 'تاريخ الاباء البطاركة': فقد نشر المستشرق 'ايفتسي' عدة اجزاء منه في باريس سنة 1907 ثم تولت جمعية الاثار القبطية بمصر نشر الاجزاء الباقية من هذا الكتاب بمعاونة الاستاذ يسي عبدالمسيح، والاستاد برمستر، والدكتورعزيز سوريال عطية، وكان عنوانه: تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية المعروف بسير البيعة المقدسة. وهو يروي تاريخ البطاركة في مصر من ايام ظهور المسيحية علي عهد الامبراطور الروماني او كتافيوس أغسطس، الي عهد الخليفة الفاطمي الآمر باحكام الله سنة 1092م '496ه'

تاريخ العصر الاسلامي
في كتاب 'تراث القاهرة العلمي والفني في العصر الاسلامي' عقد الدكتور عبدالرحمن زكي فصلا عن كتاب ساويرس، وقال انه يتعرض من خلال سرد سير البطاركة لتاريخ العصر الاسلامي خلال فترة تقترب من خمسة قرون، وهي الفترة التي شهدت ميلاد امة، واتساع فتوحات، وتوحيد شعوب وقيام حضارة زاهرة خلفت للانسانية تراثا مجيدا، فهو بين لنا كيف تم فتح مصر علي يد العرب، ثم كيف كانت معاملتهم للاقباط من النواحي الدينية والاجتماعية والادارية والمالية، فيفصل الكلام علي الاحداث السياسية والدينية والاقتصادية الهامة التي حدثت في عصر الولاه العرب، وفي ايام الطولونيين والاخشيديين، ثم قيام الخلافة الفاطمية في مصر، كذلك يبين لنا علاقة هؤلاء البطاركة بولاة مصر وامرائها وخلفائها من ناحية، ثم علاقة هؤلاء البطاركة بالنوبة والحبشة وشمال افريقيا والشام من ناحية اخري.
الصليبيون اعداء وغزاة
وحين يحدثنا ساويرس عن الحملات الصليبية، فانه لا يعتبر هذه الحروب حربا بين الاسلام والمسيحية، وانما ينظر الي الصليبيين كغزاة اعداء، ويعلق علي امتلاكهم لبيت المقدس بان الاقباط لن يستطيعوا الحج، لاختلافهم عن مذهب الصليبيين.

مخطوطة ساويرس

وقد ظهرت حديثا دراسة عن مخطوطة الاسقف ساويرس بن المقفع، قام علي تحقيقها الاستاذ عبد العزيز جمال الدين.وقد مهد لها بفصل عن حكم البطالمة في مصر، ثم تبدأ المخطوطة بمقدمة تاريخية عن 'قصة السيد المسيح'، وسيرة القديس مرقص واستشهاده، وتراجم للبطاركة الاوائل حتي البطرك رقم '38' وهو بنيامين الذي عاصر الفتح الاسلامي لمصر، ويبدو من التراجم التي وضعها ساويرس انها كانت بمثابة حوليات للكنيسة المصرية، ودفاعا عنها ضد المذاهب المخالفة داخليا وخارجيا.
وقد اشار ساويرس الي الرخاء في مصر، كما فصل الكلام عن القحط والمجاعات والاوبئة في بعض السنين، وينفرد ساويرس عن غيره من المؤرخين بذكر بعض المجاعات التي لم يرد ذكرها عند غيره، ويشترك مع بقية المؤرخين في ذكر جميع الاحداث الهامة علي غرار المؤرخين المصريين مسلمين كانوا او مسيحيين. ويمتاز عنهم جميعا بان كتابه له قيمة الحوليات والمذكرات والمصادر المعاصرة، في وقت نتلمس فيه المصادر التي عاصرت الفتح العربي لمصر، وما بعده بحوالي قرنين ونصف، فلا نكاد نجدها الا في بعض البرديات، وكتاب التاريخ' لأسقف نقيوس المؤرخ يوحنا. وقد عرضنا هذا الكتاب منذ بضعة اسابيع.

ثورات المصريين
وتحدثت المخطوطة عن الثورات التي قام بها المصريون، واضخمها ثورة البشمور التي انتهت بحضور الخليفة المأمون واخماد الثورة، ونعرف مما كتبه ساويرس انه كانت هناك مساجلات دينية في بلاط الخليفة الفاطمي المعز لدين الله للمناظرة والتحدث في الاديان السماوية الثلاثة، والمفاضلة بينهما، وكان ساويرس نفسه ممن جادل شيوخ المسلمين واحبار اليهود في بلاد المعز.
ويصف عبدالعزيزجمال الدين مخطوطة ابن المقفع بانها اكبر المخطوطات من حيث الفترة التاريخية التي تغطيها، ومع ذلك فان معظم مؤرخي مصر يتجاهلونها بسبب ندرتها بين يدي الباحثين، وبسبب ظن من يسمعون عنها بانها تاريخ للكنيسة المصرية فقط­ غير مدركين للرصد التاريخي الهام لوقائع مصر العديدة التي تترصدهاهذه المخطوطة الهامة، كما يذكرانها صححت بعض المعلومات التي اوردها المؤرخون عن المجاعات التي تعرضت لها مصر، فقد ذكروا عن الشدة التي وقعت في عصرالخليفة الفاطمي المستنصر بالله ان سببها يرجع الي انخفاض النيل ، ولكن ساويرس يعزوها الي الفوضي التي اندلعت في القاهرة بين الجند السودانيين والاتراك والمغاربة، ونتج عنها خضوع الاسكندرية للجند التركي تساعدهم قبائل المغاربة حتي انهم ملكوا الدلتا واصبحوا يستولون علي خراج الارض وانفردوا بالزراعة بينما اهملت الترع والمصارف وامتنعوا عن بيع الغلات الي الناس، فحدثت المجاعة.

This site was last updated 03/08/12